المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وبقى علينا أن نعرض لتلك الفروق الواضحة بين هذه المعجزات، - عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن

[على أحمد عبد العال الطهطاوى]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول التمهيد القرآن الكريم وظيفته الأصلية، وكيف يتخذه المسلمون

- ‌انتفاع الموتى بقراءة القرآن

- ‌بدع حول القرآن

- ‌الغاية من إنزال القرآن

- ‌وجوب طاعة الله وطاعة رسوله، ووعيد المخالفين

- ‌الأمر بتدبر وتفهم القرآن

- ‌وعيد المعرضين عن القرآن

- ‌فضائل قراءة القرآن وفضائل بعض سوره وآياته

- ‌تحزيب القرآن

- ‌لا تعرض عن قراءة القرآن

- ‌بدعية جمع القراءات فى سورة أو آية واحدة

- ‌بدع وضلالات متعلقة بالقرآن العظيم

- ‌ذكر أسباب إعراض الناس عن القرآن

- ‌حكم الجهر بقراءة سورة الكهف بالمسجد، وسماعها من المذياع فى المسجد

- ‌الفصل الثانى إلزام القرآن للماديين والمليّين

- ‌1 - معنى المادة والماديين

- ‌2 - إلزام القرآن للمليين

- ‌أما الأول: وهو التوحيد:

- ‌أما الثانى: وهو نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌كلمة للتاريخ

- ‌رجوع إلى الحق:

- ‌أ- الدين والفطرة

- ‌ب- من غير المنطق الإيمان بالوحى ثم الكفر بمحمد

- ‌رسالة إلى الرئيس الأمريكى كارتر:

- ‌الفصل الثالث الأمثال فى القرآن الكريم

- ‌المعجزات:

- ‌خصائص المعجزات العامة:

- ‌اختلاف المعجزات

- ‌معجزة القرآن الكريم:

- ‌الأسلوب القرآنى وتأثيره:

- ‌أوجه الإعجاز فى القرآن الكريم:

- ‌مظاهر التيسير فى القرآن:

- ‌دعوات هدامة:

- ‌الحاجة إلى علاج هذه الموضوعات:

- ‌التصوير فى الأسلوب القرآنى:

- ‌ الأمثال

- ‌رأى علماء البلاغة فى الأمثال:

- ‌رأى الفقهاء فى الأمثال:

- ‌الهدف من ضرب الأمثال:

- ‌أنواع الأمثال:

- ‌تمهيد:

- ‌1 - الدعوة إلى الإيمان بالله ووحدانيته:

- ‌2 - حقيقة التوحيد:

- ‌3 - البعث والنشور والحساب:

- ‌الترغيب والتحذير:

- ‌الإنفاق فى سبيل الله:

- ‌ما المقصود من الصدقة

- ‌النفس الإنسانية:

- ‌بناء الشخصية الإسلامية:

- ‌المنهج: مقدمة:

- ‌المقارنة بين الأمثال القرآنية:

- ‌الأمثال العربية:

- ‌1 - المنهج الذى قامت عليه الأمثال:

- ‌أ- بناء الإنسان:

- ‌1 - دع امرأ وما اختار:

- ‌2 - يداك أوكتا وفوك نفخ:

- ‌3 - تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها

- ‌4 - رب زارع لنفسه حاصد سواه:

- ‌5 - استعجلت قديرها فامتلت:

- ‌ب- الإنسان والمجتمع:

- ‌6 - أعط القوس باريها:

- ‌7 - قبل الرماء تملأ الكنائن:

- ‌8 - عند الصباح يحمد القوم السّرى:

- ‌ج- طريق التربية الناجحة:

- ‌كلمة أخيرة:

الفصل: وبقى علينا أن نعرض لتلك الفروق الواضحة بين هذه المعجزات،

وبقى علينا أن نعرض لتلك الفروق الواضحة بين هذه المعجزات، وهى فروق لا تدعو إلى المساس بما لها من مكانة وقيمة، فالله هو خالقها ومرسلها؛ لتكون هداية لمن وجهت إليهم، ومناسبة لأحوالهم، ولكن نعرضها لتوضيح حقائقها وما لها من حكمة جديرة بالتناول والتعريف.

و‌

‌اختلاف المعجزات

بين الأنبياء لا يشعر باختلاف فى العقيدة التى أرسل بها الرسل، فالعقيدة واحدة فى جوهرها، ولا اختلاف بين المؤمنين فى كل عصر حيالها، فالإسلام هو دين كل مؤمن من لدن إبراهيم، عليه السلام، حتى خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 79] فى دعاء إبراهيم، وفى قول عيسى، عليه السلام: ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ [المائدة: 117].

عقائد واحدة، عبادة الله وحده، إيمان بالأصول العامة من بعث، وحساب، وجنة، ونار

إلخ. أما الشرائع، فهى التى تختلف من عصر إلى عصر، ومن قوم إلى قوم، وهى تحكم العلاقة بين الخالق والمخلوق: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة:

48]، لذلك نجد ألوانا من الفروق والاختلاف تتضح فيما نعرضه من دراسة تقارنية قائمة على التحليل والموازنة بين مختلف الشرائع.

اختلاف المعجزات:

بالنظرة الفاحصة، والقراءة الواعية لتاريخ الأنبياء والرسل، وما ترك لنا من آثار وكتب سماوية، نستطيع أن نتبين أن اختلاف الشرائع أدى إلى اختلاف فى الوسائل والمعجزات التى أمد الله بها رسله، فقد كانت المعجزات السابقة على رسالة محمد بن عبد الله الخاتمة تبدو فى الآتى:

1 -

أن معجزات موسى وعيسى، عليهما السلام، معجزات أمدهما الله بها فى مجابهة أقوام كافرين لا يستنكفون أن يطلبوا من أنبيائهم أن يروا الله جهرة، وهم أولئك الذين آذوا رسل الله، وقتلوا من دعاهم إلى عبادة الله وحده، وهم بنو إسرائيل، جماعات صغيرة، لهم انتماءاتهم الأسرية والعصبية، ويشعرون بأنهم أفضل من بقية البشر، ويتميزون على من عداهم من بقية المخلوقات، لذلك كثر منهم العناد، والمحاجة، والكفر، فكان لا بدّ من معجزة خارقة للعادة تكون طريقا إلى الإقناع والتدليل على

ص: 151

صدق الرسول الذى أرسل إليهم، معجزة موائمة لأحوالهم وما اشتهر بينهم من أمور، فكانت العصا التى تلقف ما صنع السحرة، وتبطل ما وصل إليه العلماء من أسرار،

وسطوة على فرعون وآله، إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [طه: 69].

قال أيضا: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [الأعراف: 160].

وكذلك إذا نظرنا إلى آيات المسيح، عليه السلام، الذى أرسله الله إلى خراف بنى إسرائيل الضالة، وجدنا أن الله قد حباه بمعجزات مادية كثيرة مشاهدة بالأعين من تلك الجماعات الصغيرة التى أرسل إليها، فأجرى على يديه إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله.

وقال الله تعالى: وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 49].

وكذلك معجزات سليمان، عليه السلام، وغيره من الأنبياء والرسل الذين أرسلوا إلى أقوام سابقين محدودى العدد، محصورين فى جماعات صغيرة من قوم صالح، وقوم هود

إلخ، تأتيهم معجزة تتفق مع طبيعة الرسالة، ولكنها قليلة النتائج فما يلبث القوم إلا أن يرجعوا إلى تكذيب رسلهم كما حدث مع قوم موسى وعيسى، عليهما السلام.

2 -

كذلك نرى من خصائص هذه المعجزات أنها تقع فى مكان واحد، يراها فيه أهل ذلك المكان فقط، وهى لذلك وقف على المشاهدين لها فقط، تنقرض بانقراض مشاهديها، كما تشاهد أيضا فى لحظة من الزمن ثم تختفى، ولا يكون لها صفة الاستمرارية، وكلها معجزات مادية محسوسة قريبة من معارف ذلك العصر، وما اشتهر عند القوم من طب وعلوم.

ص: 152