المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول التمهيد القرآن الكريم وظيفته الأصلية، وكيف يتخذه المسلمون

- ‌انتفاع الموتى بقراءة القرآن

- ‌بدع حول القرآن

- ‌الغاية من إنزال القرآن

- ‌وجوب طاعة الله وطاعة رسوله، ووعيد المخالفين

- ‌الأمر بتدبر وتفهم القرآن

- ‌وعيد المعرضين عن القرآن

- ‌فضائل قراءة القرآن وفضائل بعض سوره وآياته

- ‌تحزيب القرآن

- ‌لا تعرض عن قراءة القرآن

- ‌بدعية جمع القراءات فى سورة أو آية واحدة

- ‌بدع وضلالات متعلقة بالقرآن العظيم

- ‌ذكر أسباب إعراض الناس عن القرآن

- ‌حكم الجهر بقراءة سورة الكهف بالمسجد، وسماعها من المذياع فى المسجد

- ‌الفصل الثانى إلزام القرآن للماديين والمليّين

- ‌1 - معنى المادة والماديين

- ‌2 - إلزام القرآن للمليين

- ‌أما الأول: وهو التوحيد:

- ‌أما الثانى: وهو نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌كلمة للتاريخ

- ‌رجوع إلى الحق:

- ‌أ- الدين والفطرة

- ‌ب- من غير المنطق الإيمان بالوحى ثم الكفر بمحمد

- ‌رسالة إلى الرئيس الأمريكى كارتر:

- ‌الفصل الثالث الأمثال فى القرآن الكريم

- ‌المعجزات:

- ‌خصائص المعجزات العامة:

- ‌اختلاف المعجزات

- ‌معجزة القرآن الكريم:

- ‌الأسلوب القرآنى وتأثيره:

- ‌أوجه الإعجاز فى القرآن الكريم:

- ‌مظاهر التيسير فى القرآن:

- ‌دعوات هدامة:

- ‌الحاجة إلى علاج هذه الموضوعات:

- ‌التصوير فى الأسلوب القرآنى:

- ‌ الأمثال

- ‌رأى علماء البلاغة فى الأمثال:

- ‌رأى الفقهاء فى الأمثال:

- ‌الهدف من ضرب الأمثال:

- ‌أنواع الأمثال:

- ‌تمهيد:

- ‌1 - الدعوة إلى الإيمان بالله ووحدانيته:

- ‌2 - حقيقة التوحيد:

- ‌3 - البعث والنشور والحساب:

- ‌الترغيب والتحذير:

- ‌الإنفاق فى سبيل الله:

- ‌ما المقصود من الصدقة

- ‌النفس الإنسانية:

- ‌بناء الشخصية الإسلامية:

- ‌المنهج: مقدمة:

- ‌المقارنة بين الأمثال القرآنية:

- ‌الأمثال العربية:

- ‌1 - المنهج الذى قامت عليه الأمثال:

- ‌أ- بناء الإنسان:

- ‌1 - دع امرأ وما اختار:

- ‌2 - يداك أوكتا وفوك نفخ:

- ‌3 - تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها

- ‌4 - رب زارع لنفسه حاصد سواه:

- ‌5 - استعجلت قديرها فامتلت:

- ‌ب- الإنسان والمجتمع:

- ‌6 - أعط القوس باريها:

- ‌7 - قبل الرماء تملأ الكنائن:

- ‌8 - عند الصباح يحمد القوم السّرى:

- ‌ج- طريق التربية الناجحة:

- ‌كلمة أخيرة:

الفصل: ‌بناء الشخصية الإسلامية:

أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133، 134].

صفات تلك النفوس المخلصة التى تستوجب التقدير، وتحظى بالاحترام، وتعطى مثالا للنفس السوية التى لم تشبها أمراض النفاق، ولم تدنسها أرجاس الشرك، وعرفت ذاتها، وصدقت فى حياتها، فكانت عماد الحياة، وأمل المستقبل، وحامل لواء النهضة والتقدم فى كل عصر.

‌بناء الشخصية الإسلامية:

تسعى جميع الهيئات والأجهزة التى تتولى أمر الإرشاد والتوجيه، والتربية والتعليم، فى كل زمان ومكان، إلى تحقيق هدف سام نبيل، وهو العمل على بناء الشخصية المتميزة للفرد والمجتمع.

وتختلف فلسفة بناء هذه الشخصية تبعا لما يحكم المجتمع من أنظمة اقتصادية، أو سياسية متباينة، وتظهر الفروق الكثيرة فيما نجده من وسائل التوجيه، أو طريقة التعليم والتربية فى ناتج هذه الفلسفات، أو المتمخض عن نزعاتها، وآرائها، وكلها آراء واتجاهات إذا كتب لبعضها التوفيق فى تحقيق هدف، أظهرت قصورا وفشلا فى آخر، وبذلك كانت سمة هذه الاتجاهات الحاجة الملحة إلى التغيير والتبديل فى كل خطواتها، وعلاج ما تجد من عثرات فى تطبيقاتها، وإصلاح القصور فى نظرياتها.

وكل هذا لأنها استمدت نورها وضوءها من إشعاعات فكر قاصر، وتقليد ممسوخ لنظريات وأفكار قديمة لا تراعى مصلحة الفرد، ولا مصلحة الجماعة، ولا ترضى جوانب الشخصية الكاملة من إنماء للشعور، وتوجيه للسلوك، وتربية للعقيدة والوجدان، وتنظيم للفكر.

ولماذا نطلق القول فى هذا وأمامنا ما يحدث فى تلك الدول العظمى، وبخاصة ما نراه فى الدول الاشتراكية فى وقتنا الحاضر، تحولات خطيرة تشهدها تلك المجتمعات التى قامت على فلسفة اشتراكية، عجزت عن إرضاء حاجة الإنسان الضرورية، وابتعدت عن الجوانب الروحية التى تميز الإنسان عن غيره من بقية المخلوقات، فإذا استطاعت أن ترضى حاجة الجسم الشهوانية من مطعم، ومأكل، وملبس، وقليلا ما يحدث هذا، بدليل ما نراه الآن من أحداث هروب جماعية من دولة اشتراكية إلى دولة غربية النظام، من

ص: 240

ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، وتغيير النظام فى بولندا على انقاض الحزب الشيوعى الذى أسقطته الجماهير، وكثير من الأمثلة على هذا الواقع المرير الذى تعانيه تلك الدول التى أهملت الجانب الإنسانى فى الإنسان، وما يجب أن يتميز به من حرية وإرادة وعقيدة.

تنذر هذه الأحداث بانهيارات متوقعة لتلك الأنظمة العفنة التى قامت على أسس خاطئة من التربية والتوجيه، وحضارات هذه الدول حضارات هشة تعمل على أن تهيئ للإنسان كل وسائل الترفيه والتقدم المادى، ولكنها ترهقه روحا ونفسا، وتحرمه من كل معانى الاستقرار النفسى، وتجرده من القيم الموروثة التى تصله بالحياة والناس.

وما يحدث فى هذه المجتمعات يحدث نظيره كذلك فى المجتمعات الرأسمالية التى تقوم على إعطاء الحرية المطلقة فى كل التصرفات، وطغيان رأس المال، والتفاوت بين طبقات الشعب تبعا للون والجنس والدين، وحضارات هذه الدول تقوم على مبدأ الصراع والتدافع فى سبيل الوصول إلى الغاية، وكل شىء يقيم بثمن وفائدة، وبذلك أصبح التعاون بين الناس ضربا من المساومة والخداع والمجاملة، ولا محل للتعاون والحب، وإنما يعيش الإنسان منقسما على نفسه، منفصما عن مجتمعه، لا يشعر نحوه بأية مسئولية، وساد التوتر والقلق، والإفراط فى المسكرات، وتناول المخدرات، كما كثر الانتحار والانحراف.

انحرافات فى اتجاهات متباينة ذات اليمين وذات الشمال، كان لها آثارها الضارة فيما يعانيه العالم الآن من أزمات اقتصادية، حيث تتحكم الدول الكبرى الغنية فى الدول الصغرى الفقيرة، بكثرة الديون، وازدياد الفقر، والمعاناة، والتخلف، وكذلك أزمات اجتماعية أدت إلى تفكك عرى المجتمعات، وتخلخل أنظمتها، وانحلال أخلاقها، وتفشى روح البطالة فى شبابها ورجالها.

ولم يكن حظ هذه الأنظمة الأخرى إلا مماثلا للأولى فى آثارها، وتوقعات أحداثها، وكثرة أضرارها، وأعانها على ذلك الترف المقيت الذى تعيش فيه شعوبها من جراء استعمارها لشعوب العالم القديم، وامتصاص خيرات هذه البلاد المستعمرة من قديم الزمان.

ولكن إذا نظرنا إلى الجانب الإسلامى من هذا المنطق المتجدد الذى ينطلق من

ص: 241

حاجيات النفس البشرية، ورغابتها، واتجاهاتها فى الحياة، وجدناه قد ربط بين هذه الجوانب التى تهيمن على الإنسان، ورغباته وانطلاقاته، برباط الوحدة، الوحدة فى المشاعر والسلوك، والعقيدة والعمل، الوحدة بين الإيمان القلبى والعملى، وقد ظهر هذا النموذج المثالى فى الإسلام، فكان الفرد والمجتمع وحدة واحدة فى التكاليف والمسئوليات، ومن مظاهر ذلك عبادة الله وحده، والاقتداء بفعل الله نحو عباده من رزق، ومغفرة، لأجل الفعل نفسه، لا لغرض نفعى.

وقد رسمت الآيات القرآنية المنهج القويم فى قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 111، 112].

إسلام الوجه واستسلامه المعنوى والعملى لله الذى أوجد له العقيدة التى تصنع الحياة، والأجر مضمون لا يضيع عند رب العباد فى الدنيا والآخرة، والإسلام دين يزرع فى قلب المؤمن الإيمان بالله سبحانه وتعالى ويجعله على بصيرة من أمر دنياه وأخراه، ومتى آمن الإنسان بربه، وعرف حقيقة هذا الإيمان، وذاق طعم الطاعة، ازداد تمسكا به، وفهما لمبادئه القويمة التى سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وطبقها فى حياته وبين صحابته، حتى ينال رضا الله، ورضا الناس.

ونحن إذا أردنا أن نخطط لبناء هذه الشخصية الإسلامية، فإننا نعرض نماذج من الآيات القرآنية تحدد لنا طريقة هذا البناء، وما يجب أن يكون عليه، والإنسان يعرف طريقه من التقابل والموازنة فى المواقف، ومن النماذج التى تصور تفكيرا معينا، وآراء فى العقيدة والفهم للأمور.

قال الله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [البقرة: 113].

هذه نماذج من التفكير السقيم، والآراء الفجة التى تدل على سفاهة وقصور، ومواقف لأناس اختلفت بينهم المشارب، وتباينت النزعات، فضلوا عن سواء السبيل.

نجد فى هذه الآيات أن كل فريق يطعن الآخر فى اعتقاده، وأنه ليس على شىء من

ص: 242

اليقين، وأن الدين الذى يعبده كل فريق ليس دينا حقيقيا يتعبد به، ويشترك فى هذا أهل الملل الأخرى، حتى مشركو قريش الذين وصفتهم الآية بأنهم لا يعلمون، فنفت عنهم العلم؛ لأن الأمية قد تفشت فيهم، وانتشرت الجهالة وسيطرت على أنفسهم وعقولهم، فلا يعلمون من حقائق الأمور شيئا، حتى عن الكتب السابقة والشرائع التى أنزلت.

لذلك فهو يشتركون فى هذا المعمعة، ويدفع الجميع تعصب لما يعتقد، وخرافات تتحكم فيهم، واعتقادات باطلة، وأنهم وحدهم الناجون من النار، ومن عذاب الله يوم القيامة.

يسجل الله سبحانه وتعالى على الجميع ما يقوله، ويحكم بينهم يوم القيامة، ويبطل ما لهم من دعاوى باطلة، فالدين واضح، والحق سبيله معلوم، لا يتعبد بأسماء ولا بألقاب، وإنما هو إيمان خالص، وعمل صالح، لا يدعو إلى تفرق فى دين، أو اختلاف فى أصول.

وإذا كانت الأهواء والنزعات قد طغت على أهل الكتاب فى تفكيرهم، فأعرضوا عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وطعنوا فى هذا الدين الذى أتى به، وإذا كان هذا الطعن لا ينهض حجة على بطلان الدين الذى جاء به، فإن الآية تصورهم بأنهم لا يرضون إلا بمن يتبع دينهم، وكل فريق يخالف فهو فى النار وعلى ضلال.

هذا تفكير طبعوا عليه من قديم، حتى فى أيام أنبيائهم، ورسلهم، وجدالهم معهم، ويبدو هذا واضحا فى قصة بنى إسرائيل مع موسى، عليه السلام، حينما قتل واحد منهم، وأرادوا معرفة قاتله، فذهبوا إلى موسى، وطلبوا منه أن يدلهم على القاتل، فأمرهم بذبح بقرة، وأن يأخذوا جلدها، ويضربوا به القتيل، فيحييه الله تعالى، ويدلهم على قاتله، أمور واضحة لا تحتاج إلى لجاجة ومراجعة، ولكنهم أخذوا يسألون: ما لونها؟ ما عمرها؟ ما صفاتها؟ أسئلة، ولجاجة، والتواء فى التفكير لا تدل إلا على سوء طوية، وخداع.

وهو لون من الفكر المارق، كما يسميه الأستاذ أحمد بهجت، تحت عنوان: الفكر البقرى، نسبة إلى قصة البقرة، فكر ضال أخذ عليهم حياتهم، وسيطر على نفوسهم؛ كراهة الاهتداء، وعدوانا على الحق وأهله، ومن سماته الفجاجة، والالتواء الذى لا يعرف طريق الحق، وينحرف عن الجادة.

ص: 243

والآيات المعروضة تدعونا إلى العلم الذى يقوم على البرهان، والدليل، والتحرى فى الحكم على الأشياء، وتنعى على أولئك المقلدين الذين ألغوا عقولهم، وتحكم فيهم التعصب للرأى، واتباع الهوى، كما تبث فينا روحا تسمو على أى لون من ألوان التفكير الضال، أو التعصب المقيت، فالدين الإسلامى جاء بشريعة مكملة لتلك الشرائع، ولا تتناقض معها فى الأصول، وللإنسانية جمعاء، لا لشعب بعينه كما فى تلك الديانات السابقة.

وهناك جانب عقلى يرجع إليه كل عاقل فى المقارنة بين الأشياء والموازنة بين فريقين أو اتجاهين، وهو أنه لا مجال لإعطاء الحق فى الحكم على الأشياء لمن سبق على ما سيأتى؛ لأن ذلك ليس فى مقدور البشر الذى لا يعلم الغيب، ولا يدرك المستقبل، فهؤلاء السابقون لم يعاصروا الأحداث، ولم يشهدوها، فليس من حقهم الحكم عليها بالصواب والخطأ، أو الصحة والخطل، ولذا فلا يقبل فى حكم العقل أن يأتى أصحاب الديانات السابقة بآيات أو أدلة تحكم على ما سيأتى من أحداث وديانة أخرى.

أما الصواب من الرأى، فهو أن يكون العكس صحيحا، وهو أن القرآن الكريم وخاتم الديانات ينطق بالحكم والحق فى حق السابقين؛ لأن هذا الحكم قائم على التجربة والواقع، والفهم، والتطبيق، باعتباره شاهدا على الأحداث، فما يقوله الإسلام وما ينطق به محمد، عليه الصلاة والسلام، هو الحق بالنسبة لمن سبقه فى تبيانه لنفوسهم، وشرائعهم، وأحداثهم، وحكمه على كل ما بأيديهم من آيات وكتب سماوية سليمة من التغيير والتبديل والتحريف.

وما زال موقف أولئك المعاندين لشريعة الله وقرآنه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى توضيح من آيات القرآن الكريم التى لم يدخلها تحريف أو تبديل: وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [البقرة: 116 - 118].

مواقف أيضا يشترك فيها أصحاب الكتب السابقة مع مشركى قريش، فالأولون ينسبون إلى الله الولد، وهم يعلمون تمام العلم من واقع دياناتهم وكتبهم أن الله برىء

ص: 244

من هذا الذى ادعوه، وأنه واحد أحد، وله ما فى السموات والأرض يخضع لمشيئته، وإذا أراد شيئا كان بقدرته الفاعلة.

أما مشركو قريش الذين تحكم فيهم الجهل، وسيطر على نفوسهم جانب الغفلة، فقد أبانوا عن هذه الجهالة بتلك الاقتراحات الباطلة من تكليم الله إياهم، أو إنزال آية، تشابهت مواقفهم مع مواقف الأمم السابقة من اليهود الذين طلبوا من موسى، عليه السلام، أن يروا الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة.

وهؤلاء الغافلون من أهل مكة أيضا يطلبون آية تشهد بنبوة محمد، أو يفجر الله لهم ينابيع الماء، إلى غير ذلك من تلك الخوارق المادية التى تدل على الجهل بالشرائع وبالكتاب، من هذه الاقتراحات ما يدل على إنكارهم لرسالة محمد واختصاصه بالوحى دونهم، ولم يكن ذلك إلا عن جهل وعدم معرفة بحقيقة أن الله سبحانه يختار لرسالته من يشاء، وأن الله أجرى على يديه آيات قرآنية، وعقلية، وكونية، عجز الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بمثلها، ولكن هذا دأب الكافرين فى معارضة الحق.

لذلك ختم الله هذا المثل بقوله: قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [البقرة: 118]، والذين يوقنون هم من خلصت نفوسهم من شوائب الشرك والتقليد، والآراء الفاسدة، وتوجهت إلى طلب الحق فى الأمور الاعتقادية بالبرهان والدليل.

وبالإضافة إلى هذا الجانب الاعتقادى والعقلى الذى يتميز به المؤمن لكى يمارس دوره البناء فى الحياة كما يجب أن تكون، عليه أن يستفيد أيضا من تجارب الآخرين، وأن يتحمل بأساء الحياة، وما بها من سنن تجرى بقضاء الله وقدره، ومن انتصار مرة، وهزيمة أخرى، حتى يكون كأولئك الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن الدين إبان ظهوره، يتعلم منهم، فلا يقنط من رحمة الله إذا ألم به مكروه، ولا يحزن إذا نزلت به كارثة، فتلك الأيام نداولها بين الناس.

1 -

قال الله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران: 140].

أتت هذه الآية عقب آية تنهى عن الجزع والحزن، والوهن الذى يصيب كل مهزوم، وذلك فى قوله تعالى: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 139].

ص: 245

فلا يليق بالمؤمن أن تتملكه هذه النزعات التى تتنافى مع كمال الإيمان، وروح الاعتقاد، بل هى من صفات أولئك الكافرين الذين تجردوا من الإيمان بالله، وتحكمت فيهم شهوات النفس وحب الدنيا، أما أولئك الأقوياء فى عقائدهم، فهم يستسلمون لقضاء الله وقدره إذا نزل بهم مكروه، ولا يجزعون من الأحداث التى تضعف النفس، فالله جلت قدرته قد حكم فى محكم قرآنه أن الغلبة والفوز لمن تمكن الإيمان من قبله، والذى يعمل من أجل الحق وإزهاق الباطل، فقال فى كتابه العزيز: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة: 21].

ثم جاءت الآية الثانية: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران:

140]، جاءت هذه الآية لتوجه البصائر إلى ما يقع فى الحياة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، هذه السنن تحدث فى الحياة ومع الإنسان فى عاداته، وسلوكياته، وحروبه، ومواقفه المتعددة، سنن تجرى من الله جل وعلا لتكون فى جانب الحق تارة، ولتكون فى جانب الباطل تارة أخرى، ينتصر الإيمان فى معركة، وقد ينتصر الشرك فى معركة، فقد انتصر المسلمون فى غزوة بدر الكبرى على الرغم من قلة عددهم وعدوهم، وانهزم المشركون وقوى الباطل، ثم هزم المسلمون فى معركة أحد أمام الكفار.

كل هذه السنن تجرى تبعا لحكمة إلهية أرادها الله، وجعل لكل شىء سببا، فما كان من هزيمة المسلمين، إنما لأسباب عديدة، لا لنقص فى الإيمان، ولا لضعف فى العزيمة، ولا لغرور أصاب القوم، وإنما كان لمخالفة الجند لأمر القائد، وترك أماكنهم التى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقاء فيها؛ لحماية جيش المسلمين والنّبل عنهم إذا تعرضوا لهجوم مباغت، وهكذا كانت النتيجة مترتبة على عمل من أعمال الإنسان، وليست بأمور خارجية عنه.

ولذلك جاءت الآيات القرآنية تعلم، وتظهر حكمة الله فى هذه الهزيمة التى لحقت بالمؤمنين فى هذه المعركة لتكون طريقا إلى العظة والاعتبار، ودرسا يستفيد منه كل من يبغى الفهم الحقيقى لجوهر الدين ومراميه، فإذا كان المسلمون قد هزموا فى معركة أحد، فقد هزم الكفار أيضا فى معركة سابقة، وأصابهم ما أصاب المسلمين من خسائر فادحة، وليس هذا الأمر صدفة وجزافا، وإنما لأسباب جديرة بالفهم والدرس، فالنصر يتحقق بالأعمال التى تحقق النجاح، والاستعداد، وجانب الحذر، والقيادة الحكيمة،

ص: 246

والارتباط العقدى بين الجنود

إلخ، كل هذه الأمور التى تحقق النجاح والانتصار فى كل معركة من معارك الحياة.

وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران: 140]، حكمة الله التى تحتاج إلى وقفة ودراسة، وفهم: نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ لا فرق بين مسلم وكافر، ولا فرح مستمر، ولا حزن

مستمر، وإنما هى أحوال متغيرة من حال إلى حال، يحدث هذا فى الحياة بالنسبة للأفراد والمجتمعات والدول، وتظهر آثار هذا فيما نلحظه فى حياتنا الحاضرة من تقلبات وأحداث متغايرة فى كل ما يتعلق بأنظمة الناس وعاداتهم. وكما ظهرت هذه الحكمة الإلهية والاستفادة بثمارها فى الغزوات اللاحقة لغزوة أحد وما حدث فيها، فقد تميزت صفوف الجند فى الاستبسال والقتال من أجل الدفاع عن العقيدة، وتم بذلك إعداد الجماعة الإسلامية ذلك الإعداد الذى وقف على أبواب التاريخ يقرع أبوابه، ويدك حصون الباطل، ويقضى على أنواع الفساد نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ بما تحمله هذه الكلمة من ابتلاءات وامتحانات لقوى الصبر على الشدائد، وهى ولا شك طريق إلى تحقيق التوازن بين الناس، واستقرار النظام، وتحقيق العدل بين الدول، ويعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ منهم شهداء فى ميدان الجهاد والقتال، أو شهداء يشهدون على الناس يوم القيامة بما عملوا.

هذا دور المؤمن، أما الكافرون فقد ظلموا أنفسهم وارتكبوا الموبقات، وساعدوا على الفساد فى الأرض، وانتشار البغى على الناس، وهضم الحقوق، فلا مكان لهم عند الله، حتى لو انتصروا فى معركة، فهو انتصار سريع الزوال.

وهكذا نتعلم من الحياة ومن سنن الله التى يجريها فى كونه وبين مخلوقاته، نتعلم الكثير من الدروس، فهذه الحياة تجمع الحلو والمر، والسعادة والشقاء، والعاقل من فهم هذا، وعاش أيامها، دون حزن وتنغيص، ويقبل ما بها من تناقضات، فلا يأسى على فقد إخلاص، ولا يحزن لضياع أمانة، ولا بدّ وأن يتحمل، فقد يجد من صديق طعنة، أو من يحسن الظن به غدرا، أو ممن يحب جفوة، فليس الجميع على خلق حميد، وطبع رضى، ففيهم العاقل والسفيه، والمخلص والعدو، وقديما قال المثل العربى: إن لم تغض عن القذى لم ترض أبدا.

وإذا كان هذا هو دور المؤمن فى استقبال الحياة والتغلب على مشقاتها، فإنه ولا

ص: 247

شك بحاجة ملحة إلى الحذر، والدهاء، والمكر، وكل ألوان الأسلحة التى تستخدم استخداما كريما فى مدافعة الحياة دون أذى أو إضرار بالآخرين، فهذه الصفات تكسب صاحبها تفوقا وتميزا على الآخرين، يكتسبها من ممارسة الحياة، ومخالطة الآخرين، وكثرة التجارب، مع يقظة فى العقل، ودقة ملاحظة للأمور، وبصر بالمواقف، بهذا يكون المؤمن عامل نفع فى الحياة لا معول هدم يلحق الأذى بالآخرين، ويضر نفسه ومجتمعه، كما كان يظهر سابقا فى أخلاق اليهود، وما لهم من كيد وتدبير جرّ عليهم الكثير من المتاعب، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [الأنفال: 30].

مكر، ومكر موازنة، ونتيجة واضحة، وغلبة لله سبحانه وتعالى فى هذا الموقف، وهكذا كل موقف مشابه.

ويحضرنا فى هذا الموقف كيف تستغل هذه الصفات استغلالا طيبا تؤدى إلى النفع لأصحابها ولغيرهم، من شخصيات لها دورها فى المكر والدهاء فى تاريخنا العربى، تذكر كتب الأدب أن داهية من دهاة العرب وهو معاوية بن أبى سفيان، صاحب المقولة الشهيرة: لو كان بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت؛ لأنهم إذا شدوا أرخيت، وإذا أرخوا شددت.

التقى وهو مؤسس دولة بنى أمية، مع قائده زياد بن أبيه، واليه على الكوفة، فى موقف فيه إرشاد وتعليم، فقد توفى المغيرة والى الكوفة، وخاف زياد أن يولى معاوية مكانه رجلا آخر يسمى عبد الله بن عامر، فأرسل إلى معاوية يخبره بوفاة المغيرة، ويشير عليه بتولية رجل آخر يسمى الضحاك بن قيس مكانه.

ففطن معاوية لما يدور فى خلد زياد، فكتب إليه: قد فهمت كتابك فليفرخ روعك (1) بالمغيرة، لسنا نستعمل ابن عامر على الكوفة، وقد ضممناها إليك مع البصرة. فلما ورد كتاب معاوية، قال زياد: النبغ (2) يقرع بعضه بعضا.

2 -

قال الله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ (3) فِيها

(1) يفرخ روعك: يهدأ بالك.

(2)

النبغ: من شجر الجبل، وهو من أكرم العيدان.

(3)

المشكاة: فتحة فى الحائط غير نافذة، والمراد الأنبوية التى تجعل فيها الفتيلة، ثم توضع فى القنديل.

ص: 248

مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ (1) يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ (2) يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ (3) يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:

35] جاءت الآية السابقة لهذا المثل ممهدة لتوضيح حقيقة أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل إلى المؤمنين آيات واضحات، مفصلات لكل حاجيات الإنسان فى حياته الدنيوية من شرائع، ومعاملات، وعقائد، ثم عرض الله سبحانه أمثلة لما حدث للسابقين فى مواقفهم من أحداث الحياة، ومن الرسل، وما حلّ بالمكذبين من عقاب، جزاء عنادهم وكفرهم وعدم استجابتهم للدعوات الصالحات التى دعو إليها، وما كان فى مقابل ذلك من مواقف لمؤمنين نعموا فى دنياهم بصفاء العقائد، والقلوب، والأرواح، وسعدوا بها فى معاملاتهم، كما سعدوا بها فى أخراهم بما حظوا به من رضا الله سبحانه وتعالى، عليهم، وما أعده لهم من جزاء وفضل عميم.

وكل هذا الذى عرض مجملا فى آية واحدة إنما سيق ليكون طريق عظة واعتبار يهتدى به كل من يعبد الله، ويتقيه، ويؤمن بكل ما جاء من مثله على أيدى رسله، فالمؤمن هو حصيلة هذه الدعوات التى نزلت على رسل الله، والتى خصه الله بها وكرمه، من الله نور السموات والأرض.

وسورة النور قد حوت الكثير من أوضاع هذه النفس البشرية، وبخاصة المتدنية التى ترتكب الموبقات من قذف، وشهوة، وفاحشة، ووضعت لها الضوابط التى تقيم من عوجها، وتردعها حتى تعود إلى صفائها ونقائها، وتستعد لاستقبال النور الإلهى الذى يفيض فى الكون الكبير، أرضه وسمائه، ويسبح فيه، فتلتقى هذه النفس بمشاعرها بهذا النور فى ألفة ومعرفة وفرح؛ لأنها من خلق الله، وقد هيأها الله سبحانه وتعالى لتكون نقطة اتصال بين السماء والأرض عن طريق وحى الله الذى كرمها به، وجعلها أهلا لتحمل أمانته من رسالة، وإرادة، واختيار، وبذلك كان تمييزها، وتقديرها بهذا التصوير الرائع الذى عرضته الآية القرآنية.

(1) درى: منسوب إلى الدر لفرط ضيائه وصفائه.

(2)

لا شرقية ولا غربية: لا يتمكن منها حر ولا برد.

(3)

نور على نور: يريد أن النور الذى شبه به الحق نور مضاعف قد تناصر فيه المشكاة، والزجاجة، والمصباح، والزيت، حتى لم تبق بقية مما يقوى النور.

ص: 249

فقد قال ابن كثير فى (ص 60)، المجلد السادس من تفسيره: شبه الله قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه، فى صفائه فى نفسه، بالقنديل من الزجاج الشفاف، وما يستهديه من القرآن والشرع، بالزيت الصافى الذى لا تكدره كدرة.

والضمير فى قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ يعود على الله عز وجل، أى مثل هداه فى قلب المؤمن كمشكاة، أو يعود إلى المؤمن الذى يدل عليه السياق، وتقدير الكلام: مثل نور المؤمن الذى فى قلبه كمشكاة.

ورأى صاحب الظلال: أن هذا النور، نور الله الذى لا ندرك كنهه، ولا حقيقته، ولا مداه، نور أشرقت به الظلمات، ويتجلى فى بيوت الله التى تتصل فيها القلوب بالله حين تذكره وتخشاه، فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ [النور: 36]، فتلتقى مع النور المتألق فى السماء والأرض، مع قلوب الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.

ويقول الأستاذ أحمد بدوى (1): المراد بالنور هنا هو النور الذى يغمر القلب، ويشرق على الضمير، فيهدى إلى سواء السبيل، أو لا ترى أن القلب ليس فى حاجة إلى أكثر من هذا المصباح يلقى عليه ضوءه فيهتدى إلى الحق، وأقوم السبل؟

ثم ألا ترى فى اختيار هذا التشبيه إيحاء بحالة القلب، وقد لفه الظلام والشك، فهو متردد، قلق، خائف، ثم لا يلبث نور اليقين أن يشرق عليه، فيجد الراحة والأمن والاستقرار؟ فهو كسارى الليل يخبط فى الظلام على غير هدى، حتى إذا أوى إلى بيته، فوجد هذا المصباح فى المشكاة، وجد الأمن سبيله إلى قلبه، واستقرت الطمأنينة فى نفسه، وشعر بالسرور يغمر فؤاده.

وهكذا كان النور فى القلب، والفهم، والعقل، والعقيدة، والشرع، طريقا إلى الإيمان الصحيح الذى لا ينحرف ولا يضل، ويجد سبيله إلى الهدى والتطبيق فى الحياة العملية والروحية، وحتى يقضى على عوامل الشك، والكفر، والزيغ، والإلحاد، وبهذا النور تتحقق تلك الشخصية السوية الإنسانية التى ميزها الله عز وجل، وجعل الملائكة تسجد لها، وقال: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30].

(1) انظر: بلاغة القرآن (ص 195) من الأمثال فى القرآن، د. محمود بن الشريف (ص 88، 89).

ص: 250