المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التعامل بالتاريخ الميلادي مع الذين لا يعرفون التاريخ الهجري - فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى - جـ ٢٦

[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]

فهرس الكتاب

- ‌ تحذير الناس من رجل ظاهر الفسق

- ‌(البهتان)

- ‌ سماع الغيبة

- ‌«لا غيبة لفاسق»

- ‌ معنى التنابز بالألقاب

- ‌ الحسد

- ‌ آفات اللسان

- ‌ حسان بن ثابت رضي الله عنه

- ‌ خالد بن سنان

- ‌ العزة للمؤمنين

- ‌الكذب

- ‌لعن الناس

- ‌ اللعن عند الزعل

- ‌ لعن الشيطان

- ‌ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ

- ‌ رد السلام على النصراني وتشييع جنازته وتعزيته

- ‌ الجار ذو القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل

- ‌ المدح

- ‌ حسن الخلق

- ‌ الحب في الله

- ‌ الوفاء بالعهد

- ‌ النوم على البطن

- ‌ النوم بعد العصر

- ‌الرفق بالحيوان

- ‌ تربية الطيور

- ‌ ضرب البقرة لغير حاجة

- ‌ تحميل الحيوان ما لا يستطيع

- ‌ إيذاء الغنم

- ‌ وسم أذن الدابة أو خرقها

- ‌ وسم الدواب للتمييز

- ‌ الوسم على خد الناقة

- ‌ خصي الحيوان

- ‌ حكم الخنزير

- ‌ المقصود بالصرد

- ‌ صدم قطة بسيارته بدون قصد

- ‌ تعذيب الطيور لأجل اصطياد الصقور بها

- ‌دفع أذى النمل وغيره بالوسائل الممكنة

- ‌مكافحة القطط والكلاب الضالة والحمام والطيور والنمل المنزلي

- ‌ قتل الحشرات بالصعق الكهربائي

- ‌ قتل القطط بواسطة السم أو أي مبيدات أخرى

- ‌ تعذيب الحيوان

- ‌السبع الفواسق

- ‌ قتل الجرذان

- ‌ قتل الكلاب الضارة

- ‌حرق الجثث لأجل التخلص منها

- ‌ إحراق الميتة من الأنعام

- ‌ ما نسمعه من الغناء في الإذاعة والتلفزيون

- ‌ الرجل الذي يتفرغ للغناء ويتخذه مهنة

- ‌ حكم الغناء والموسيقى في الإسلام

- ‌ هل الغناء يبطل الصيام

- ‌ الابتهالات الدينية المصحوبة بالموسيقى

- ‌ الاستماع إلى الأغاني المشتملة على شيء من أنواع الطرب

- ‌ استماع الأغاني الخليعة

- ‌ سماع الأغاني والشعر

- ‌ الأغاني المصطحبة بالوتر أو المزمار

- ‌ الاستماع إلى الغناء والموسيقى

- ‌ الاستماع لآلات اللهو والموسيقى

- ‌ سماع الأغاني في السيارة

- ‌ حكم المعازف

- ‌ هل الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يستمعون إلى الموسيقى

- ‌ استعمال آلات العزف والطرب والاستماع إليها

- ‌ الموسيقى التي لا تهز المشاعر

- ‌ اقتناء آلات اللهو كالموسيقى والطبول

- ‌ إعطاء من طلب أرقام محلات الفيديو واستريو الأغاني

- ‌ حكم الإسلام في استعمال الطبل والدف

- ‌ تمثيل الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ الاشتغال بمهنة التمثيل

- ‌ النساء الممثلات

- ‌ التلفزيون والمذياع

- ‌ ارتياد دور السينما

- ‌ تسجيل المحاضرات والندوات في أشرطة الفيديو

- ‌ افتتاح محل فيديو بيع وتأجير الأشرطة

- ‌ حكم المسجل

- ‌ الأجراس المستعملة في البيوت والمدارس

- ‌ مقاهي الإنترنت

- ‌ لعب البنات بالعروسة البلاستيك

- ‌ خروج النساء إلى المصايف

- ‌ الفنادق الراقصة والمقاهي ودور السينما

- ‌ممارسات خاطئة

- ‌ قلب الحذاء على ظهرها

- ‌آداب الأكل

- ‌ الأكل على الطاولة

- ‌حقوق المال المحرم

- ‌ سرقة السجاير

- ‌استحلال أموال الكفار

- ‌العناية بوسائل السلامة

- ‌ قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف مباشرة من قبل ملاحي الطائرة

- ‌ تلاوة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل

- ‌ الإكثار من فعل الطاعات، ومجالسة الصالحين وأهل العلم

- ‌ السفر إلى البلاد العربية والإسلامية بهدف السياحة

- ‌ الأولاد الذين تربوا من كسب أبيهم الحرام

- ‌ اختلاط الأولاد بالبنات

- ‌ الاختلاط بالنساء في الحافلات

- ‌ التثاؤب في الصلاة دون وضع اليد على الفم

- ‌من العادات السائدة في الناس

- ‌ كلمة (دمتم) التي تكتب في الخطابات أو المعاريض

- ‌ قول بعض الناس: (يا أمي) في حال القيام أو الجلوس

- ‌ معاني الكلمات الآتية: العذار، العنفقة، موضع التحذيف، وما الفرق بين الفصد والصفد

- ‌ قولي لشخص: (أمد الله في عمرك)

- ‌ متى يطلق لفظ: (طاغية) على شخص بعينه

- ‌ قول: فلان فكره طيب، وفلان فكره ليس بطيب

- ‌ تسمية المبرات الخيرية والمستشفيات ودور القرآن وغيرها بأعلام المسلمين

- ‌ الجلوس بين الظل والشمس

- ‌ الأخذ والإعطاء بالشمال

- ‌علم البلدان

- ‌ كسوة الكعبة

- ‌ تغيير اسم البلدة

- ‌ التعامل بالتاريخ الميلادي مع الذين لا يعرفون التاريخ الهجري

- ‌ هل الأرض كروية

- ‌دوران الأرض

- ‌ هل تلمس السماوات السبع كما يلمس سقف الغرفة

- ‌ هل للشمس ملائكة موكلون بجرها

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ التعامل بالتاريخ الميلادي مع الذين لا يعرفون التاريخ الهجري

السؤال الثاني من الفتوى رقم (20722)

س 2: ما حكم‌

‌ التعامل بالتاريخ الميلادي مع الذين لا يعرفون التاريخ الهجري

؟ كالمسلمين الأعاجم، أو الكفار من زملاء العمل؟

ج 2: لا يجوز للمسلمين التأريخ بالميلادي؛ لأنه تشبه بالنصارى، ومن شعائر دينهم، وعند المسلمين والحمد لله تاريخ يغنيهم عنه، ويربطهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو شرف عظيم لهم، وإذا دعت الحاجة يجمع بينهما.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 399

الفتوى رقم (21040)

س: أفيد فضيلتكم أنه يوجد في واجهة مبنى إحدى المؤسسات بالرياض لوحة إلكترونية كبيرة ومضيئة بأرقام إنجليزية باللون الأحمر، بعرض أربعة أمتار وارتفاع مترين تقريبا، تشير إلى العدد التنازلي للمتبقي من أيام العام الميلادي تمام عام 2000 م، وإلى نهاية العام، والاحتفال بعيد الميلاد - رأس السنة - ودخول الألفية الميلادية الثالثة، وفي هذا اليوم الذي أفيدكم فيه بخطابي هذا 2 \ 7 \ 1420هـ وصل الرقم التنازلي إلى 81 يوما، واللوحة مهيأة بعد انقضاء الواحد وثمانون يوما إلى الإشارة إلى رقم عام ألفين بأربع خانات، وهذا إعلان لشعار النصارى وتاريخهم، ومشاركة

ص: 399

لهم في شعائرهم وأعيادهم، وهذا فيه هجر لتاريخ المسلمين وجرح لشعورهم، واستغفال للعلماء والمثقفين، ونشر لهذا المبدأ النصراني. نرجو أن يوفقكم الله ويوفق من بيده الأمر إلى إلغاء هذه اللوحة، وفي إلغائها بهجة للمسلمين حفظكم الله.

ج: لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يظهر الحرص والاهتمام بتاريخ الألفية المذكورة أو غيرها من المناسبات المتعلقة بدين النصارى أو غيرهم من الكفار، ومن ذلك التاريخ بالألفية المذكورة، أو تعليق بعض الأمور بها؛ كعقد الزواج أو بدء أعمال التجارة أو اعتبارها عيدا؛ لأن في ذلك نوع رضا بما هم عليه، ومداهنة لهم، وإعانة ودعاية للاحتفال بأعيادهم، التي ترفع فيها الصلبان، ويعظم فيها الباطل، وينتهك فيها ما حرمه الله ورسوله، والله عز وجل يقول:

{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1)

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم (2) » والمسلم الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا - يجب عليه اتباع صراط الله المستقيم الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، ومقتضى الاستقامة على هذا الصراط: أن يجتنب المسلم طريق المغضوب عليهم والضالين، من اليهود والنصارى وغرهم من

(1) سورة المائدة الآية 2

(2)

سنن أبو داود اللباس (4031) .

ص: 400

الكفار، فلا يتبعهم في ضلالهم ولا يتشبه بهم في أفعالهم وألبستهم، ولا يخالطهم في أعيادهم وكنائسهم ومعابدهم، ولا يظهر الفرح والسرور بمناسباتهم ولا يهنؤهم بها، بل يتبرأ من ذلك كله ويسلم وجهه لله ويسأله الهداية والثبات عليها حتى يلقاه.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

ص: 401

بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم الاحتفال بحلول عام 2000 الإفرنجي وما يتعلق به من أمور

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين، والمحالة استفتاءاتهم إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (3825) وتاريخ 21 \ 7 \ 1420 هـ، ورقم (3829) وتاريخ 21 \ 7 \ 1420 هـ، ورقم (3841) ، وتاريخ 22 \ 7 \ 1420 هـ، ورقم (3847) ، وتاريخ 22 \ 7 \ 1420 هـ، ورقم (3962) ، وتاريخ 28 \ 7 \ 1420 هـ ورقم (4028) وتاريخ 5 \ 8 \ 1420 هـ.

ص: 401

وقد سأل المستفتون أسئلة عن حكم الاهتمام بالألفية الإفرنجية والاحتفال بها وغير ذلك من الأمور المتعلقة بها، نكتفي بذكر سؤالين منها:

ففي أحدها يقول السائل: نرى هذه الأيام ما تبثه وسائل الإعلام من رصد الأحداث والإجراءات بمناسبة حلول عام 2000 الميلادي، وبداية الألف الثالثة، والكفار من اليهود والنصارى وغيرهم يبتهجون بذلك ويعلقون على هذه المناسبة آمالا. والسؤال يا سماحة الشيخ: إن بعض من ينتسب للإسلام صاروا يهتمون بذلك، ويعدونها مناسبة سعيدة، فيربطون زواجهم أو أعمالهم بها، أو يقومون بوضع دعاية لتلك المناسبة على محلاتهم أو شركاتهم، وغير ذلك مما يسوء المسلم، فما حكم الشرع في تعظيم هذه المناسبة، والاحتفاء بها، وتبادل التهاني من أجلها شفهيا أو بطبع البطاقات. . إلخ. وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

وجاء في سؤال آخر: يستعد اليهود والنصارى لحلول عام 2000 حسب تاريخهم بشكل غير عادي، لترويج خططهم ومعتقداتهم في العالم، وبالأخص بالدول الإسلامية، وقد تأثر بعض المسلمين بهذه الدعاية، فأخذوا يعدون لها العدة، ومنهم من أعلن عن تخفيض على بضاعته بهذه المناسبة، ويخشى أن يتطور الأمر إلى عقيدة المسلمين في موالاتهم لغير المسلمين. نأمل بيان حكم مجاراة المسلمين للكفار في مناسباتهم، والدعاية لها، والاحتفال بها، وحكم تعطيل الأعمال في بعض المؤسسات والشركات بهذه المناسبة.

ص: 402

وهل فعل شيء من هذه الأمور وما شابهها أو الرضى بها يؤثر على عقيدة المسلم؟

وبعد دراسة اللجنة للأسئلة المذكورة أجابت بما يلي:

إن أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده هي نعمة الإسلام والهداية إلى صراطه المستقيم، ومن رحمته سبحانه أن فرض على عباده المؤمنين أن يسألوه هدايته في صلواتهم، فيسألوه حصول الهداية للصراط المستقيم والثبات عليها، ووصف سبحانه هذا الصراط بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وليس صراط المنحرفين عنه من اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين.

إذا علم هذا، فالواجب على المسلم معرفة قدر نعمة الله عليه، فيقوم بشكر الله سبحانه، قولا وعملا واعتقادا، وعليه أن يحرس هذه النعمة ويحوطها ويعمل الأسباب التي تحفظها من الزوال.

وإن الناظر من أهل البصيرة في دين الله في عالم اليوم، الذي التبس فيه الحق بالباطل على كثير من الناس، ليرى بوضوح جهود أعداء الإسلام في طمس حقائقه، وإطفاء نوره، ومحاولة إبعاد المسلمين عنه، وقطع صلتهم به، بكل وسيلة ممكنة، فضلا عن تشويه صورته، وإلصاق التهم والأكاذيب به، لصد البشر جميعا عن سبيل

ص: 403

الله، والإيمان بما أنزله على رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومصداق ذلك في قول الله تعالى:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (1) وقوله سبحانه: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (2) وقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (3) وقوله عز وجل: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (4) وغيرها من الآيات.

ولكن - ومع ذلك كله - الله عز وجل وعد بحفظ دينه وكتابه فقال جل وعلا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (5) فالحمد لله كثيرا، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم

(1) سورة البقرة الآية 109

(2)

سورة آل عمران الآية 69

(3)

سورة آل عمران الآية 149

(4)

سورة آل عمران الآية 99

(5)

سورة الحجر الآية 9

ص: 404

الساعة، فالحمد لله كثيرا، ونسأله سبحانه وهو القريب المجيب أن يجعلنا وإخواننا المسلمين منهم، إنه جواد كريم.

هذا واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وهي تسمع وترى الاستعداد الكبير والاهتمام البالغ من طوائف اليهود والنصارى ومن تأثر بهم ممن ينتسب للإسلام بمناسبة تمام عام ألفين واستقبال الألفية الثالثة بالحساب الإفرنجي - لا يسعها إلا النصح والبيان لعموم المسلمين عن حقيقة هذه المناسبة، وحكم الشرع المطهر فيها، ليكون المسلمون على بصيرة من دينهم ويحذروا من الانحراف إلى ضلالات المغضوب عليهم والضالين.

فنقول:

أولا: إن اليهود والنصارى يعلقون على هذه الألفية أحداثا وآلاما وآمالا يجزمون بتحقيقها أو يكادون، لأنها ناتجة عن بحوث ودراسات كما زعموا، كما يربطون بعضا من قضايا عقائدهم بهذه الألفية، زاعمين أنها مما جاءت في كتبهم المحرفة، والواجب على المسلم ألا يلتفت إليها، ولا يركن إليها، بل يستغني بكتاب ربه سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عما سواهما، وأما النظريات والآراء المخالفة لهما فلا تعدو كونها وهما.

ثانيا: لا تخلو هذه المناسبة وأشباهها من لبس الحق بالباطل، والدعوة إلى الكفر والضلال والإباحية والإلحاد، وظهور ما هو منكر

ص: 405

شرعا، ومن ذلك: الدعوة إلى وحدة الأديان، وتسوية الإسلام بغيره من الملل والنحل الباطلة، والتبرك بالصليب، وإظهار شعائر الكفر النصرانية واليهودية، ونحو ذلك من الأفعال والأقوال التي تتضمن: إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المبدلتين المنسوختين موصلة إلى الله، وإما استحسان بعض ما فيهما مما يخالف دين الإسلام، أو غير ذلك مما هو كفر بالله وبرسوله وبالإسلام بإجماع الأمة. هذا فضلا عن كونه وسيلة من وسائل تغريب المسلمين عن دينهم.

ثالثا: استفاضت الأدلة من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة في النهي عن مشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم، ومن ذلك مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم بها، والعيد: اسم جنس، يدخل فيه كل يوم يعود ويتكرر يعظمه الكفار، أو مكان للكفار لهم فيه اجتماع ديني، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة فهو من أعيادهم، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك، وكذلك ما قبله وما بعده من الأيام التي هي كالحريم له، كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -.

ومما جاء في النهي عن خصوص المشابهة في الأعياد: قوله

ص: 406

تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} (1) في ذكر صفات عباد الله المؤمنين، فقد فسرها جماعة من السلف؛ كابن سيرين، ومجاهد، والربيع بن أنس: بأن الزور هو: أعياد الكفار، وثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال:«قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر (2) » خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.

وصح عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أنه قال: «نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم (3) » خرجه أبو داود بإسناد صحيح.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم "، وقال

(1) سورة الفرقان الآية 72

(2)

سنن النسائي صلاة العيدين (1556) ، سنن أبو داود الصلاة (1134) ، مسند أحمد بن حنبل (3/250) .

(3)

سنن أبو داود الأيمان والنذور (3313) .

ص: 407

أيضا: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.

رابعا: وينهى أيضا عن أعياد الكفار لاعتبارات كثيرة منها:

1 -

أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل.

2 -

المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة، من العقائد الفاسدة على وجه المسارقة والتدرج الخفي.

3 -

ومن أعظم المفاسد أيضا - الحاصلة من ذلك: أن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (1) وقال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (2)

(1) سورة المائدة الآية 51

(2)

سورة المجادلة الآية 22

ص: 408

خامسا: بناء على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام، ومنها الألفية المزعومة، ولا يجوز أيضا حضورها ولا المشاركة فيها، ولا الإعانة عليها بأي شيء كان؛ لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله، والله تعالى يقول:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1)

سادسا: لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم، ومن ذلك إشهار أعيادهم وإعلانها، ومنها الألفية المذكورة، ولا الدعوة إليها بأية وسيلة، سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام، أو نصب الساعات واللوحات الرقمية، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية، أو طبع البطاقات أو الكراسات المدرسية، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها، أو الأنشطة الرياضية، أو نشر شعار خاص بها.

سابعا: لا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار ومنها الألفية المذكورة ونحوها مناسبات سعيدة وأوقاتا مباركة، فتعطل فيها الأعمال وتجرى فيها عقود الزواج، أو ابتداء الأعمال التجارية، أو افتتاح المشاريع وغيرها، ولا يجوز أن يعتقد في هذه الأيام ميزة على

(1) سورة المائدة الآية 2

ص: 409

غيرها؛ لأن هذه الأيام كغيرها من الأيام، ولأن هذا من الاعتقاد الفاسد الذي لا يغير من حقيقتها شيئا، بل إن هذا الاعتقاد فيها هو إثم على إثم. نسأل الله العافية والسلامة.

ثامنا: لا يجوز لمسلم التهنئة بأعياد الكفار؛ لأن ذلك نوع رضى بما هم عليه من الباطل، وإدخال للسرور عليهم. قال ابن القيم رحمه الله:

وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: (عيد مبارك عليك) ، أو (تهنأ بهذا العيد) ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه. اهـ.

تاسعا: شرف للمسلمين التزامهم بتاريخ هجرة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم، وأرخوا به بدون احتفال، وتوارثه المسلمون من بعدهم منذ أربعة عشر قرنا إلى يومنا هذا؛ لذا فلا يجوز لمسلم التولي عن التاريخ الهجري والأخذ بغيره من تواريخ أمم الأرض، كالتاريخ الميلادي، فإنه من استبدال الذي هو

ص: 410

أدنى بالذي هو خير.

هذا ونوصي جميع إخواننا المسلمين بتقوى الله حق التقوى، وبالعمل بطاعته والبعد عن معاصيه، والتواصي بذلك والصبر عليه.

وليجتهد كل مؤمن ناصح لنفسه حريص على نجاتها من غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة في تحقيق العلم والإيمان، وليتخذ الله هاديا ونصيرا، وحاكما ووليا، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وكفى بربك هاديا ونصيرا، وليدع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (1) » والحمد لله رب العالمين.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد الله بن غديان

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (770) ، سنن الترمذي الدعوات (3420) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1625) ، سنن أبو داود الأدب (5085) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1357) ، مسند أحمد بن حنبل (6/156) .

ص: 411

السؤال الأول من الفتوى رقم (6951)

س 1: ما السبب الذي سمي به عاشر المحرم يوم عاشوراء حتى أطلق عليه هذا اللقب؟

ج1: لأنه اليوم العاشر، كما سمي التاسع تاسوعاء.

ص: 411

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 412

السؤال الثالث والرابع من الفتوى رقم (18648)

س 3: هل كان يسكن الأرض قبل خلق أبينا آدم عليه السلام -أحد، أم كان هو أول المخلوقات؟

ج 3: لا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يدل على أن الأرض كانت مسكونة قبل آدم عليه السلام، غير أنه جاء عن بعض السلف، أن الجن كانوا هم سكان الأرض، قبل خلق آدم عليه السلام، فلعل ذلك مأخوذ من أهل الكتاب. والله أعلم.

وقد بسط القول في ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) عند قوله تعالى من سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (1) فارجع إليه.

س 4: عندما وضع سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول حجر لبناء الكعبة، هل كانت معمورة من قبل وهدمت، أم هو أول بان لها؟

ج 4: لا نعلم دليلا صريحا من الكتاب أو السنة يدل على أن

(1) سورة البقرة الآية 30

ص: 412

الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم عليه السلام، لكن جاءت آثار عن بعض السلف متلقاة عن بني إسرائيل، أن الكعبة كانت مبنية منذ عهد آدم عليه السلام، ثم تهدمت بعد ذلك حتى بناها إبراهيم عليه السلام بأمر ربه تعالى. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه (البداية والنهاية) ما نصه:

ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام، ومن تمسك في هذا بقوله:{مَكَانَ الْبَيْتِ} (1) فليس بناهض ولا ظاهر؛ لأن المراد: مكانه المقدر في علم الله، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه، من لدن آدم إلى زمان إبراهيم.

وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة، وأن الملائكة قالوا له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يوما أو نحو ذلك، ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل، وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب، فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة. انتهى.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة الحج الآية 26

ص: 413