الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إشكال في معنى حديث
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 24/06/1426هـ
السؤال
في جامع الترمذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى امرأة في دبرها أو عرافاً فقد كفر بما أنزل على محمد" فكيف تم الربط بين العملين في الحديث، ونحن نعلم أن الجماع في الدبر ليس كفراً في الحقيقة، بينما إتيان العراف كفر حقيقةً؟ أرجو التوضيح.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه أحمد (9290) ، وأبو داود (3904) ، والترمذي (135) ، وابن ماجه (639) ، والنسائي في الكبرى (9017) من طرق عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم". واللفظ للترمذي.
وإسناد هذا الحديث ضعيف، أبو تميمة لا يعرف له سماع من أبي هريرة، وقد ذكر غير واحد من الأئمة أن حكيما الأثرم لا يتابع عليه. وهو مما أنكر عليه.
قال البخاري: "هذا حديث لا يتابع عليه، ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة في البصريين"، وقال البزار:"حدث عنه حماد بحديث منكر"، وضعف الحديث البخاري فيما نقله عنه الترمذي، قال الترمذي: "لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة
…
وضعف محمد - يعني البخاري- هذا الحديث من قبل إسناده "، ومن خلال ما سبق يتبين أن الحديث ضعيف، وقد تضمن الحديث ما يأتي:
1-
ما يتعلق بإتيان المرأة في دبرها أو في الحيض، وهذا محرم، وقد دلت أدلة على تحريم ذلك، وما جاء في الحديث المذكور من وصف من أتى امرأة في دبرها أو في الحيض بأنه كفر بما أنزل على محمد على تقدير ثبوته محمول على التغليظ والتشديد في النهي عن هذا العمل، قال الترمذي:" وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضاً فليتصدق بدينار فلو كان إتيان الحائض كفراً لم يؤمر فيه بالكفارة ".
2-
الجملة الثانية في الحديث دلَّت على أن من أتى كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد، وقد ورد في حديث آخر أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون كفر، وأما مجرد الإتيان ففيه أن صلاته لا تقبل أربعين يوماً، ففي صحيح مسلم (2230) من حديث صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. "، وفي المسند (9536) من طريق خِلَاس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم"، وهذا حديث رجاله ثقات، لكن خلاس - وهو ابن عمرو الهجري - لم يسمع من أبي هريرة، وفيه دليل على أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يدعونه من علم الغيب كفر بما أنزل على محمد، قال في تيسير العزيز الحميد:" وظاهر الحديث أنه يكفر متى اعتقد صدقه بأي وجه كان، لاعتقاده أنه يعلم الغيب، وسواء كان من قبل الشياطين، أو من قبل الإلهام لاسيما وغالب الكهان في وقت النبوة إنما كانوا يأخذون عن الشياطين".
وقول السائل - حفظه الله - إن إتيان الكهان كفر حقيقة ليس على إطلاقه، هذا وقد ذكرت في فتوى سابقة بعض الأحاديث الواردة في تحريم إتيان النساء في أدبارهن. والله أعلم.