الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنفاذ جيش أسامة ودلالته على خلافة علي
المجيب د. أحمد بن محمد البناني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 15/04/1427هـ
السؤال
يرى البعض أن جيش أسامة تأخر عن الخروج، أو أنه خرج، ولكنه رجع لما عرف بمرض الرسول صلى الله عليه وسلم فما الصحيح في ذلك؟ وخاصة أن بعض ضعاف النفوس يدعون أن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ جيش أسامة ومعه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم وأبقى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليوليه الخلافة من بعده؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن استغلال التاريخ الإسلامي وحوادثه في الترويج لأفكار الفرق الضالة الحاقدة على الإسلام والمسلمين بعد أن شاهدوا انتصارات الجيوش الإسلامية على أضعاف أعدادهم من جيوش الفرس والروم على قلة ما كان معهم من عدة وسلاح، وما ذلك إلا بنصر الله لهم وتمكينه لههم في الأرض، لأنهم قاموا بما أوجب الله عليهم من حقوقه جل وعلا، وعلى رأسها المحافظة على التوحيد ونبذ الشرك، ومنه دعاء غير الله، والذبح والنذر لغيره من الأولياء والصالحين من آل البيت وغيرهم، فحقق الله لهم ما وعدهم به في قوله تعالى:"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"[النور:55] . وهكذا تمكنوا من إزالة السلاطين الظلمة الذين كانوا يمنعون الناس من عبادة الله وحده، ونبذ الأصنام والأوثان، فلم يرق للحاقدين ما حصل من نصر للمسلمين ودينهم القويم، فرأوا أن يشككوا في وحدة كلمتهم منذ البداية، وزعموا أنهم عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصية مزعومة لا أصل لها في الواقع، وهل يعقل أن أولئك الأبرار الذين أيدهم الله تعالى بتلك الفتوحات العظيمة كانوا سيعصون رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنه أوصى لواحد منهم بالخلافة من بعده كائنا من كان، وهم الذين بذلوا أموالهم وأرواحهم فداءاً لدينه، وطاعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم رب العزة والجلال في قرآن يتلى إلى قيام الساعة، قال تعالى:"لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"[الحشر:8-10] . فهل يكذب القرآن؟! ويصدق هؤلاء الحاقدون فيما زعمو من أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي، وأن هؤلاء الذين وصفهم الله بالصادقين، رجعوا إلى الكذب، وأنكروا الوصية، ومنهم المبشرون بالجنة وهم أحياء، ولولا علم الله تعالى بأنهم سيموتون على الإسلام لما بشرهم بها (ومن أصدق من الله حديثاً) [النساء:87] ؟
أما مسألة خروج جيش أسامة أو عدم خروجه قبل وفاته صلى الله عليه وسلم فلا تعني لهؤلاء شيئاً، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفي أمرا يزعمون أن الله كلفه بإبلاغه لعلي، عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم بل العقل والمنطق يستدعيان أن يعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضورهما، حتى لا ينازعا عليا بعد موته، إن كان يريد ذلك، ولأن الناس كلهم كانوا يعرفون فضل الشيخين ولا ينصاعون لأحدهما وإنما ينصاعون لهما معا وهذا ما حصل بالفعل عندما اجتمعوا مع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وتشاوروا فيمن يُخَلَّف على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرشح عمر أبا بكر رضي الله عنهما لسابقته في الإسلام ومواقفه العظيمة مع النبي صلى الله عليه وسلم، التي يعرفها القاصي والداني، فوافق الجميع على ذلك، وبايعوا أبا بكر، فلما رجعوا إلى المسجد بايعه كافة الناس ومنهم علي وأبناؤه -رضي الله تعالى عنهم جميعاً، وامتدت الفتوحات العظيمة في عهدهما حتى أطفأت نار المجوس، وحولت ديارهم إلى الإسلام دون إكراه أو تعنت، فحقد من حقد منهم على المسلمين، وظهروا في صورة شيعة لأهل البيت! وقلوبهم تتمزق غيظا على الإسلام وأهله، فلم يجدوا وسيلة يشقون بها عصا المسلمين إلا انتحال التشيع لأهل البيت، وهم منهم براء.
هذا ما عندي من جواب لهذا السؤال، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.