الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل هذا من نكاح التحليل
؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 21/03/1427هـ
السؤال
طلقت زوجتي ثلاث تطليقات متفرقات، فذهبت لها وذكرت لها أني سأتزوجها، إن تزوجت وطلقها زوجها. ثم لقيتها بعد ذلك، وعلمت منها أنها تزوجها زميلها في العمل، وطلبت منه الطلاق فطلقها.
أنا أعرف زميلها وهو يعرفني، ولكني لم أطلب منه أن يتزوجها، ولم أوسطه، ولم أقل له: إنني طلقتها، ولم يقل لي: إنه تزوجها أو طلقها.
فهل حلَّت لي بزواجها من هذا الرجل؟ وهل أراجعها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهنا مسألتان: الأولى: نية الزوج الثاني: هل نوى تحليلها لك أو قصد نكاحها نكاح رغبة؟
فإن قصد نكاحها نكاح رغبة، ثم بدا له طلاقها فطلقها وقد جامعها، فهذا النكاح نكاح صحيح بلا خلاف، ويحل لك العقد عليها عقداً جديداً مستوفيا الأركان والشروط، قال تعالى:"الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"[البقرة: 229-230] .
أما إن قصد الزوج الثاني التحليل -ولو من غير شرط- فالنكاح باطل.
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "فإن شُرط عليه التحليل قبل العقد، ولم يذكره في العقد ونواه في العقد، أو نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل أيضاً.
قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة، وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول، ولم تعلم المرأة بذلك. قال: هو محلل، إذا أراد بذلك الإحلال، فهو ملعون. وهذا ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم. وروى نافع، عن ابن عمر، أن رجلاً قال له: امرأة تزوجتها، أحلها لزوجها، لم يأمرني، ولم يعلم. قال: لا، إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكها، وإن كرهتها فارقها، قال: وإن كنا نعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحاً. وقال: لا يزالان زانيين، وإن مكثا عشرين سنة، إذا علم أنه يريد أن يحلها، وهذا قول عثمان رضي الله عنه. وجاء رجل إلى ابن عباس، فقال له: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً، أيحلها له رجل؟ قال: من يخادع الله يخدعه. وهذا قول الحسن، والنخعي، والشعبي، وقتادة، وبكر المزني، والليث، ومالك، والثوري، وإسحاق، وقال أبو حنيفة، والشافعي: العقد صحيح" أ. هـ المغني (7/139) ، الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/44) .
وعن عطاء في الرجل يطلق المرأة، فينطلق الرجل الذي يتحزن له فيتزوجها من غير مؤامرة منه؟ فقال: إن كان تزوجها ليحلها له لم تحل له، وإن كان تزوجها يريد إمساكها فقد حلت له.
وقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول، ولم يشعر بذلك زوجها الأول ولا المرأة. قال: إن كان إنما نكحها ليحلها فلا يصلح ذلك لهما ولا تحل له. إغاثة اللهفان (1/274) ، الفتاوى الكبرى (3/101) .
وقال مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-: "لا يحلها إلا نكاح رغبة، فإن قصد التحليل لم تحل له، وسواء علما أو لم يعلما لا تحل، وينفسخ نكاح من قصد إلى التحليل، ولا يقر على نكاحه قبل الدخول وبعده" أ. هـ الفتاوى الكبرى (3/102) .
المسألة الثانية: نية المطلقة، هل تزوجت لتحل لزوجها الأول، أم تزوجت زواج رغبة لا تحليل؟
فإن تزوجت زواج رغبة لا تحليل، فطلقها زوجها الثاني بعد جماعها فقد حل لمطلقها الأول نكاحها بعد انتهاء العدة.
أما إن قصدت المطلقة من النكاح التحليل ونوته فهذا محل خلاف بين العلماء.
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "إن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج، لم يؤثر ذلك في العقد. وقال الحسن، وإبراهيم: إذا هم أحد الثلاثة، فسد النكاح.
قال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك. قال أحمد: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ". ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لعن الله المحلل والمحلل له". ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج؛ لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء، وكذلك الزوج الأول لا يملك شيئاً من العقد، ولا من رفعه، فهو أجنبي كسائر الأجانب، فإن قيل: فكيف لعنه النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: إنما لعنه إذا رجع إليها بذلك التحليل؛ لأنها لم تحل له، فكان زانياً، فاستحق اللعنة لذلك" أ. هـ المغني (7/139) .
والخلاصة: أن المرأة إن لم تقصد من هذا النكاح التحليل، وكذا لم يقصده الزوج الثاني فلا حرج عليك في طلب نكاحها، أما إن قصد الزوج الثاني ذلك فلا يحل لك نكاحها، وإن قصدت المرأة ذلك فالأحوط الابتعاد عن ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.