الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف تكون مراجعة المطلقة
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
كتاب الصيام/مسائل متفرقة
التاريخ 09/08/1425هـ
السؤال
شيخي الفاضل: لدي أكثر من سؤال: السؤال الأول هو أنني عندما كنت صغيرة أفطرت يوماً في رمضان لشدة الحر، ولم أخبر أحداً بذلك، والسؤال الثاني هو أنني تزوجت برجل متزوج، ونظراً لرفض زوجته وجودي في حياته طلقني مرتين، وكان ذلك الطلاق في المحكمة، وكان بعد أسبوع من كل طلقة يعيدني إليه، ولقد سألت أكثر من شيخ ومفت في بلدي، لمعرفة شرعية تلك العلاقة التي بيننا، فإذا بي أفاجأ بعدم الشرعية، وأن ما كان بيننا هو زنا؛ وذلك نظراً لأن العودة لم تكن معلنة، ولا يوجد شهود حتى لا تعلم زوجته الأولى، الآن أنا قطعت كل علاقة مباشرة به، وفي هذه الأثناء تقدم خاطب على أساس أنني مطلقة، فما هو الحكم في ذلك؟ وأرجو أن يكون الرد واضحاً ومستوفياً؛ وذلك نظراً لخطورة الأمر، وهناك شيء آخر هو زوجة زوجي الأولى لديها وثيقة موقعة من اثنين من الشهود، وبها اعترف من زوجي أنه طلقني أمامهما، إلا أنه ينكر ذلك، ويقول إن ذلك حدث فقط تجنبًا للمشاكل، فهل تحتسب تلك طلقة ثالثة، وبذلك أكون قد حرمت على زوجي؟ أفيدوني أثابكم الله عني كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الجواب عن السؤال الأول: إذا كنت صغيرة لم تبلغي عندما أفطرت فلا بأس عليك، أما إن كنت بالغة فقد ارتكبت إثماً عظيماً يجب عليك التوبة منه، كما يجب عليك قضاء هذا اليوم؛ لأنك لما ابتدأت صيامه أصبح كالمنذور عليك، أما حديثك من أفطر متعمداً في نهار رمضان لم يقبل منه صيام الدهر كله، فهذا حديث ضعيف لا يصح، هذا أولاً.
ثانياً: أن من ترك صيام يوم من أوله ولم يعزم من الليل على صومه، فإن هذا لا يقبل منه قضاء هذا اليوم؛ لأن القاعدة من ترك عبادة متعمداً حتى خرج وقتها ثم قضاها فإنها لا تقبل منه، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عثيمين - يرحمهما الله-. أما الجواب عن السؤال الثاني: فلا بد من بيان ما يلي:
أولاً: أنه لا يشترط للعودة والرجعة بعد الطلاق أن يشهد شاهدان على ذلك، وهو مذهب الجمهور، وهو القول الصحيح، كما أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق، ولا رضا المرأة، ولا علمها بالإجماع؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة إلا في القسم للمبيت، ومسائل معدودة ذكرها الفقهاء في غير موضعها، وهذا ثانياً.
وبناءً عليه فإن كان زوجك قد أرجعك وأعادك بدون إشهاد أو إعلان فلا يؤثر ذلك على صحة الرجعة، وصحة النكاح، فإن قيل: قوله تعالى: "وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم"[الطلاق: من الآية2]، ألا يدل على اشتراط الإشهاد على الرجعة؟ فالجواب: لا: لا يدل على ذلك؛ لأن المقصود بذلك الإثبات والتوثيق، وحفظ حق الزوج، كما في البيع، فقد ورد الأمر بالإشهاد في القرآن، ومع ذلك فقد ثبت أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشهد على عقد البيع، وعلى كل حال فالإشهاد على عقد البيع والرجعة من السنة بالإجماع، لكن ليس بشرط فيهما. وهذا ثالثاً.
رابعاً: إن كان زوجك طلقك الطلقة الثالثة - والحال كما ذكر قريباً- واعترف بذلك فهذه تعتبر طلقة ثالثة ما لم يوجد مانع؛ لأنه يشترط أن يطلقك وأنت طاهرة من غير جماع، أو حاملاً قد تبين حملك، أما إن طلقك وأنت حائض أو في طهر جامعك فيه فلا يقع الطلاق، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلا إذا حكم به حاكم - أي القاضي-؛ لأن حكم القاضي ملزم ويرفع الخلاف في المسألة.
خامساً: أنه بالنسبة للورقة التي كُتبت على زوجك فإن كان ينكر الطلاق، وأنه لم يحصل، أو أنه أراد الطلاق السابق وصدقتيه على ذلك فلا يعتبر طلاقاً جديداً، هذا إذا لم يصل الأمر إلى القاضي؛ لأنه قد يعتمد على ظاهر ما في هذه الورقة.
سادساً: أن من شروط صحة النكاح أن يشهد على عقد النكاح شاهدان، كما هو مذهب الجمهور، وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط ذلك؛ لكون الحديث ضعيفاً، وذهب بعض العلماء إلى أنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان، وأنه إذا وجد الإعلان كفى عن الشهادة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو القول الصحيح.
وبناءً عليه إن كان زوجك عندما تزوجك في أول الأمر لم يشهد، أو لم يعلن النكاح فزواجكما غير صحيح، وما ترتب عليه من طلاق ونحوه يعتبر لاغياً؛ إذ لا زواج بينكما، وتعتبرين أجنبية منه لا تحلين له ولا لغيره، إلا بعقد جديد مستوفٍ للشروط، لكن إن أردت الزواج من غيره فعليك العدة، وهي حيضة واحدة؛ لأن النكاح غير صحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وعليك أن تراجعي المحكمة فيما يتعلق بالعقد الذي بينكما، هذا إذا لم يشهد على عقد النكاح. وهذا سابعاً.
ثامنًا: أن عدة الطلاق في النكاح الصحيح ثلاث حيض، أو بوضع الحمل إن كنت حاملاً، فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، أو وضعت الحمل تكون العدة قد انتهت، ولا يمكن لزوجك أن يراجعك إلا بعقد جديد ومهر جديد، أما إذا لم تنته العدة فللزوج أن يراجع زوجته بقوله: راجعتك أو نحوه، أو يجامعها بنية الرجعة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.