الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبول هدايا النصارى في أعيادهم
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
إذا كان لي جار نصراني، فهل يمكن لي قبول هداياه في المناسبات المختلفة الخاصة به كأعياد الميلاد؟ وهل لي أن أرسل له الهدايا في المناسبات المختلفة الخاصة بنا كمسلمين، كعيدي الفطر والأضحى وشهر رمضان أو عقيقة
…
إلخ؟
ملاحظة: أقصد بالهدية بأنها قد تكون طبقاً من طعام ترسل في مناسبة معينة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: نقول وبالله التوفيق.
الأصل في هدايا أهل الكتاب وغيرهم من المشركين جواز أخذها؛ لما روى الإمام أحمد في المسند (1/96) عن علي رضي الله عنه قال: "أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم" وهو عند الترمذي (1576)، وقد بوب لذلك البخاري في كتاب: الهبة من صحيحه بقوله: باب: قبول هدية المشركين، قال: وقال أبو حميد- رضي الله عنه: أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه برداً وكتب إليه ببحرهم. أي ببلدهم وهو في البخاري (1481) ، ومسلم (1392) ، وعن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم انظر حديث رقم (2616) من صحيح البخاري بشرحه الفتح ج 5/230، وهو في مسلم برقم (2469) .
وهذا يدل على جواز قبول هدية الكافر إن لم تكن عينها محرمة، وقبول الهدية منهم لم يخص بعيد ولا غيره، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مسألة قبول الهدية منهم يوم عيدهم ونقل أثراً عن علي رضي الله عنه، أنه أتي بهدية في النيروز فقبلها، ونقل عن ابن أبي شيبة في المصنف (24361) بسنده أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها قالت: إن لنا أطياراً من المجوس وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، فقالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم، وقال: حدثنا وكيع عن الحسن بن حكيم عن أمه عن أبي برزة رضي الله عنه أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه. في المصنف لابن أبي شيبة برقم (24362)، قال ابن تيمية بعد هذا:(فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء، لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مستقلة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد، فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة) انظر اقتضاء الصراط المستقيم / لابن تيمية / ج2/ 552 - 553.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاواه في العقيدة / جمع ناصر السليمان/ 3/33: (واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحد من غير المسلمين هدية بمناسبة أعيادهم هل يجوز لك قبولها أو لا يجوز"؟ فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يقبل هديتهم في أعيادهم، لأن ذلك عنوان الرضا بها، ومنهم من يقول: لا بأس به، وعلى كل حال: إذا لم يكن في ذلك محظور شرعي وهو أن يعتقد المهدي إليك أنك راض بما هم عليه فإنه لا بأس بالقبول وإلا فعدم القبول أولى) أ. هـ. بتصرف.
وأما إهداؤك أنت لهم فهذا جائز لا على سبيل الاحتفاء والرضا بأعيادهم، وعليك أن تحرص أن يكون ذلك من باب قصد تألفهم، وإنقاذهم مما هم عليه بدعوتهم إلى الإسلام، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.