الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة على الشهداء
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد
التاريخ 18/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإنني كثيرًا ما رأيت الفلسطينيين وهم يصلّون على جثمان شهدائهم صلاة جنازة، وأنا قرأت في كتاب ما بأن الصلاة على الشهيد حرام، ما حكم الصلاة على الشهيد؟ هل هي حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلا شك أن ما يفعله إخواننا في فلسطين من الصلاة على شهدائهم ممن قتلهم العدو قد ساروا فيه على قول علمائهم، وعملهم هذا جيد لا بأس به.
وأما ما ذكره السائل أنه قرأ في كتابٍ تحريمَ الصلاة على الشهيد، فهذا القول هو المشهور عند فقهاء الشافعية، وقد لخَّص الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806) أقوال العلماء في هذه المسألة مع التوجيه لكل مذهب في كتابه (طرح التثريب 3/ 295) فقال: (إن الشافعية اختلفوا في معنى قولهم: لا يصلى على الشهيد. فقال أكثرهم: معناه تحريم الصلاة عليه. وهو الصحيح عندهم، وقال آخرون منهم: معناه لا تجب الصلاة عليهم، لكن تجوز. وذكر ابن قدامة أن كلام الإمام أحمد في الرواية التي قال فيها: يصلى عليهم. يشير إلى أنها مستحبة غير واجبة
…
وقال ابن حزم الظاهري: إن صُلِّي على الشهيد فحسن، وإن لم يُصلَّ عليه فحسن، واستدل بحديثي جابر وعقبة، رضي الله عنهما، وقال: ليس يجوز أن يترك أحد الأثرين المذكورين للآخر، بل كلاهما حق مباح، وليس هذا مكان نسخ; لأن استعمالهما معًا ممكن في أحوال مختلفة. انتهى
…
قال أصحابنا (يعني فقهاء الشافعية) : والمراد بالشهيد هنا من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال.. إلخ)) اهـ.
فقوله: حال قيام القتال. قيد مهم يبين أنه إنما تحرم الصلاة على الشهيد، في مذهبهم، إذا قُتل المسلم في معركة ومات في مكان المعركة حال قيام القتال بين المسلمين والكفار، وما عدا ذلك فلا تحرم الصلاة عليه إنما تباح أو تستحب أو تجب.
وكذا ابن قدامة في المغني 2/ 205، قال: والشهيد إذا مات في موضعه، لم يغسَّل، ولم يُصلَّ عليه - يعني إذا مات في المعترك- فالصحيح أنه لا يصلى عليه. وهو قول مالك، والشافعي، وإسحاق. وعن أحمد رواية أخرى، أنه يصلى عليه. اختارها الخلال. وهو قول الثوري، وأبي حنيفة. إلا أن كلام أحمد في هذه الرواية يشير إلى أن الصلاة عليه مستحبة ، غير واجبة. قال في موضع: إن صُلي عليه فلا بأس به. وفي موضع آخر، قال: يصلى، وأهل الحجاز لا يصلون عليه، وما تضره الصلاة، لا بأس به. وصرح بذلك في رواية المروذي، فقال: الصلاة عليه أجود، وإن لم يصلوا عليه أجزأ. فكأن الروايتين في استحباب الصلاة، لا في وجوبها، إحداهما يستحب; لما روى عقبة، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر. أخرجه البخاري (1344) ومسلم (2296)
…
ولنا، ما روى جابر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصلِّ عليهم. أخرجه البخاري (1343) ومسلم (1036) .. وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد، فإنه صلى عليهم في القبور بعد ثماني سنين.. ونحن نحمله على الدعاء. انتهى.
وينظر أيضًا كتاب (نيل الأوطار للشوكاني ج4/ص 53) ففيه بحث موسع حول هذه المسألة.
والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.