الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرب المقاومة في الأماكن العامة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ما حكم الألغام التي تزرع في الشوارع العامة، بحجة احتمال مرور المحتلين من هذا الشارع، وبدلاً من أن يمروا يشاء الله ويمر إحدى الإخوة أو أحد العوائل فتنفجر فيهم وتودي بحياتهم؟ وقد تكررت كثيراً، وما حكم الذي يرمي قذيفة هاون أو قنبلة لعلها أن تصيب المحتلين الأمريكان، ثم تقع في سوق شعبي أو أناس آمنين في بيوتهم، أو يهاجم المحتلين الأمريكان في مكان عام فيؤدي مثلاً إلى مقتل جنديين وثلاثة من المارة العراقيين؟ فهل هذا الذي ذكرناه من الجهاد؟ وإذا كان لا، فما شروط الجهاد الحق؟ أجيبونا -بارك الله فيكم وفي علمكم-.
الجواب
هذا السؤال يتعلق بحرب العصابات داخل المدن، سواء كان العدو كافراً أو مسلماً باغياً أو مفسداً، وكانت حرب العصابات في الماضي القريب بدائية، تستخدم السلاح الأبيض والبندقية ونحوها، وفي مثل هذه الحالة يكاد الضرر يقتصر على الطرفين المتحاربين.
أما اليوم فقد تطورت وسائل وأساليب حروب المدن، فأصبحت يستخدم فيها الأسلحة المتطورة من أنواع القنابل والألغام المضادة للأفراد والدبابات والأسلاك المفخخة التي لا يقتصر ضررها على الطرفين المتحاربين، بل يتعدى حتماً وواقعاً إلى السكان الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، وإذا كان الأمر كذلك، - والحكم الشرعي فرع عن تصوره- فإن زرع الألغام في الشوارع والسكك والطرقات التي يطرقها المسلمون وغيرهم ممن يأخذ حكمهم أمر لا يجوز؛ لأنه يلحق عنها ضرر متيقن بالأبرياء، بل ربما تكون الضحايا منهم نتيجة هذه الألغام أكثر منها في العدو، فلا يجوز شرعاً تقصُّد قتل المسلمين ومعصومي الدماء والأبرياء من أجل أمر مظنون، وهو احتمال أن تقتل هذه الألغام عدواً كافراً لو مر عليها، وهذا الفعل من الإثم والعدوان والسعي بالفساد في الأرض؛ لأنه قتل للنفس المعصومة، وإفساد لأموال الناس وممتلكاتهم، وحروثهم، وترويع للأنفس.
وأخشى أن يدخل هذا الفعل في قتل العدوان، ولو حسنت نية صاحبه؛ لكونه يقصد في الأصل قتل العدو الأمريكي المحتل للعراق، ولا يدخل هذا الفعل (زرع الألغام في الشوارع العامة) ، في حكم (التترس) المعروف عند العلماء، والله يقول:"ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً"[النساء:93] ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" أخرجه البخاري (67، 1739) ، ومسلم (1218، 1679) . وفق الله الجميع إلى كل خير، وجنبنا الشر والأذى، آمين.