الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرب مع اليهود
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار
التاريخ 15/4/1423
السؤال
ما صحة القول إن حربنا مع اليهود ليست بحرب عقيدة؟
الجواب
إن كان قصد هذا القائل أنَّ قتال المسلمين لليهود في فلسطين اليوم ليس سببه ضلالهم، ولا كونهم يهوداً، فقوله هذا حقٌّ من هذا الوجه، فإننا متّفقون على أنّ قتالهم وإخراجهم من ديار المسلمين لا يختلف حكمُه لو كانوا نصارى أو مجوساً أو هندوساً؛ لأنهم معتدون وظالمون وباغون، فإنهم قد استباحوا دماء المسلمين واستطالوا على أعراضهم وأموالهم، وغصبوا ديارهم، ودنّسوا المسجد الأقصى، فقتالهم وإخراجهم من أعظم الجهاد في سبيل الله، لا نشك في هذا على أن هذه الحرب القائمة بيننا وبينهم ستؤول إلى ما نبَّأنا به الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلم أن المسلمين سيقاتلون اليهود في آخر الزمان
…
قتال بين جيش الإيمان يقدمه نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام، وجيش الكفر يقدمه الدجَّال، وفي جنده اليهود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" أخرجه البخاري (2709) ، ومسلم (5203) ، واللفظ له.
والمقصود: أنَّ هذه المقالة بمعناها هذا ليست بخاطئة ولا كاذبة، وإنما المقالة الخاطئة الكاذبة الخبيثة الباطلة ما تلوكه ألسنة بعض المنهزمين الجاهلين من أنَّ منابذتنا لليهود بالعداوة والبغضاء إنما هي وليدة عدوانهم واحتلالهم لأرض المسلمين، ليس إلَاّ!.
وهذا القول الخبيث يناقض عقيدة البراء بكل جلاء، إذ مفهومه أن هذه المعاداة والبغضاء لليهود يجب أن تزول متى خرجوا من أرض المسلمين، وكفّوا أيديهم عن بغيهم وعدوانهم،
ولكن عقيدة البراء تفرض علينا -نحن المسلمين- منابذة اليهود، بل وكل كافر بالعداوة والبغضاء -ولو لم يعتدوا علينا ويظلمونا- حتى يؤمنوا بالله وحده، متأسين بنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذين معه، كما قال -سبحانه-:"قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ"[الممتحنة:4] .
فليس لليهود في سويداء قلوبنا إلا الكره والبغض والعداوة حتى يؤمنوا بالله وحده ويدخلوا في الإسلام، وحتى يخرجوا من ديار المسلمين ومقدساتهم، ويكفُّوا أيديهم عن الظلم والعدوان، غير أن كُرهنا وبغضنا لهم لهو أشد من كرهنا لغيرهم من الكفّار؛ لأنهم أشدُّ الناس عداوةً لنا، وأظهرهم مكراً وكيداً بنا، وصدورهم قد مُلئت خبثاً ومكراً، وفساداً وغدراً، أمّا إن كان القائل يقصد بمقالته تلك أن حرب اليهود على المسلمين في فلسطين لم يكن الدافع لها عقيدتهم وما تتضمنه من النبوءات، وإنما يدفعهم إليها قصد الاستيطان لإقامة دولة مستقلة تضمن لهم حقوقهم وتؤويهم من التشرد والاضطهاد
…
إلخ، فحربهم على المسلمين في فلسطين متمحِّضةٌ لأغراض وأطماع دنيوية؛ فهذا قولٌ فيه سذاجة وغفلة وجهل بالواقع، وهو منقوضٌ باعترافات وتقريرات اليهود أنفسهم، فإنهم يسعون من خلال حربهم على المسلمين في فلسطين وغصب أراضيهم إلى تحقيق نبوءات الأسفار والتوراة المحرَّفة من إقامة دولة الأمة الموعودة والهيكل المزعوم، ومهما يكن فجهادهم واجب، بل هو من أعظم الجهاد في سبيل الله، وبغضهم ومعاداتهم دِينٌ نتقرب إلى الله به، وهو من مقتضى عقيدة البراء في الإسلام.
نسأل الله أن يجعلنا أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين، سلماً لأوليائه، حرباً على أعدائه، وهو وحده المستعان، وهو حسبنا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.