الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولويات مرحلة الحرب
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار
التاريخ 21/1/1424هـ
السؤال
في وسط ضجيج الحرب، والاجتهادات المتنوعة أرجو من المشايخ التكرم بشرح أولويات المرحلة القادمة.
الجواب
لا ريب أن الأمة تعيش هذه الأيام، واحدة من أعظم نوازل العصر، فالحرب الصليبية الظالمة قد استعرت نيرانها فوق أرض الرافَديْن، معلنة عن بدء فصل جديد من فصول الاحتلال، والقهر، والتسلط المزمن الذي ما زالت مسرحيته الدامية تعرض أمام العالم (الحر!!) على الهواء مباشرة!
وشعوبنا الإسلامية مقسومة أبداً إلى قسمين اثنين:
(1)
قسم فرض عليه دوماً أن يلعب دور الفريسة الممزقة الأوصال، النازفة الجراح.
(2)
وقسم قابع على مدرجات المسرح إياه، ينظر إلى قسيمه، ونصفه الثاني وهو يكتوي بسياط الجلاد الحارقة دون أن يحرك ساكناً، أو يسكن متحركاً، فقد أوصدت في وجهه الأبواب حتى باب القنوت!!.
وهنا يتساءل كلُّ دام القلب على أمته المعذبة، ما المخرج من هذا النفق المظلم، وما الواجب فعله؟!
هل نكتفي بالندب والشجب؟ وهل يرضينا لعن الكافر وسب الفاجر؟ أم لا بد من صنع شيء ما، أكثر إيجابياً، وأمضى أثراً؟
إنَّ حرب الخليج الثالثة هذه أثبتت أننا لم نستفد من الحربين السابقتين، أو إحداهما!!
فالحرب الثانية على سبيل المثال أظهرت نتائج مريرة، وأبانت أوجاعاً كثيرة منتشرة في جسد الأمة، لكننا لم نصنع شيئاً يُذكر لمعالجتها أو التخفيف من آلامها.
فالضعف العسكري، والاقتصاد المهزوز، والانفلات الأخلاقي، والإغراق في الشهوات، وحياة الدعة والترف كانت سمات بارزة وملامح واضحة في جبين أمتنا المترامية الأطراف.
وكان من المفترض المبادرة إلى تصحيح الأخطاء، واستكمال النواقص واستدراك الفوائت درءاً لفتنة وكارثة جديدة تهيجها جحافل الصليب الماكرة أو غيرها.
بيد أن إيثار حياة الدعة والخمول، وإبقاء الأوضاع كما هي ثقة بوعود المستعمر الغاشم، واتكاءً على مواثيق الأمم المتحدة التي تصدعت أركانها هذه الأيام هو الذي أوصل الأمة إلى ظروف أشد مرارة من ظروف الحرب الثانية.
لذا فإن أي مشروع لتحديد أولويات العمل المستقبلي لا ينبغي أن ينطلق دون قراءة متأنية لكل الأسباب والظروف التي ساهمت في صنع واقعنا الكئيب، وجعلتنا دائماً ضحايا مثاليين لكل باغٍ وعادٍ وظالم!
فالضعف العسكري -مثلاً- هو الذي أغرى العدو، وأسال لعابه ليغزو المسلمين في عقر دورهم. فما أسباب هذا الضعف وما علاجه؟ إنَّ ذلك أمر يطول سرده، لكن لا بد من بحثه إن كنا جادين في إنقاذ أمتنا من براثن أعدائها.
كما أن الضعف الاقتصادي والإسفاف الأخلاقي وغير ذلك كلها أمور يجب أن يتنادى من أجلها المصلحون، ويأتمر لها الباحثون الجادون سعياً وراء إيجاد حلول واقعية، وعملية لمصلحة الأمة ورفعتها.
ولذا يمكن تلخيص أهم المهمات في سُلّم أولويات المرحلة القادمة بما يلي:
(1)
العودة الصادقة إلى الله تعالى على مستوى الدول والشعوب، فقد جُرّبت جميع المذاهب والمناهج الأرضية فلم يفلح شيء منه في تحقيق إنجاز يذكر سواء في المجال العسكري، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، ويمكن أن تتحقق العودة إلى الله بإسهام الدول والشعوب والعلماء والدعاة في نشر الوعي الديني وبعث السُّنة المحمدية، وتخليص الدين مما علق به من الخرافة والبدعة.
(2)
تحقيق مبدأ الولاء والبراء تقعيداً وتأصيلاً، وعملاً وتفعيلاً، فيحدد العدو بوضوح، وتُبين حدود المعاملة مع الكافر والمنافق دون مزايدة أو تلبيس، ويُعرّف المسلم العادي وغيره ما يجب أن يعتقده تجاه مخالفيه في الديانة، والحدود الشرعية والأدبية تجاههم.
(3)
إحياء فريضة الجهاد بوصفها ذروة سنام الإسلام، وسبب رئيس لرفع الذلة والصغار عن الأمة، وبناء هاجس الرهبة في قلوب الأعداء لوأد كل مخطط ماكر لغزو ديار الإسلام.
وإننا لو تأملنا قوله تعالى:"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" لأدركنا حتمية الجهاد، وضرورة إعداد العدة لمواجهة هذه الحقيقة الأبدية، وذلك القدر المحتوم.
إنَّ من الضروري المُسلّم أننا -نحن المسلمين- مبغضون من كل كافر ومنافق وشاخص مثالي لكل من سهامهم الحاقدة الشائنة.
فمن الخطأ الفادح أن نتغافل عن هذه الحقيقة إيثاراً لحياة الدعة، والترف والخمول، وأعداؤنا لن يجاملونا أو يتركونا نهنأ في عيش مهما أظهرنا لهم حسن النوايا أو المهادنة والتسامح.
إنَّ السبيل الأقوم، واللغة الوحيدة التي لا تحتاج إلى ترجمة هي لغة (القوة والردع) .
أما الحوار والتفاهم، ودبلوماسية المصالح المشتركة، أو العلاقات التاريخية فقد أثبتت الأيام أنها قابلة للذوبان السريع متى تولّى زمام الأمور أمثال بوش وزمرته العسكرية المتدثرة بلباس مدني كديك تشيني وكولن باول!.
(4)
صياغة البرامج السياسية، والاقتصادية، والتربوية الفاعلة المرتكزة على شريعة الإسلام والكفيلة بتحقيق مصالح الأمة في هذه المجالات المهمة، ووأد كافة الخيارات المخالفة لأحكام الدين الحنيف.
(5)
الاهتمام بشؤون المرأة والطفل على وجه الخصوص، وصياغة السياسات والبرامج الكفيلة بصيانتها من الطرح العابث، والمساومة الفكرية والأخلاقيات الهدامة.
(6)
إيلاء الجبهة الداخلية مزيداً من الاهتمام سيما أوقات الحروب والأزمات، وضمان سلامتها من الاختراق الماكر على أيدي المنافقين المهزومين!
والله المسؤول أن يلطف بأمتنا ويأخذ بيدها لما فيه صلاحها وعزتها.