المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكلام على سنن أبي داود] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِيثِ]

- ‌[الحديث الصَّحِيحُ]

- ‌[شُرُوطِ الحديث الصَّحِيحِ]

- ‌[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[الصَّحِيحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ]

- ‌ الْمُسْتَخْرَجَاتِ

- ‌[مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ]

- ‌[نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ]

- ‌[الحديث الْحَسَنُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أقسام الحديث الحسن]

- ‌[الِاحْتِجَاجُ بالحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

- ‌[الكلام على سنن أبي داود]

- ‌[الكلام على كتب البغوي]

- ‌[اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى صِحَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الكلام على المسانيد]

- ‌[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ]

- ‌[الحديث الضَّعِيفُ]

- ‌[الْمَرْفُوعُ]

- ‌[الْمُسْنَدُ]

- ‌[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

- ‌[الْمَوْقُوفُ]

- ‌[الْمَقْطُوعُ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الفرع الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّالِثُ تفسير الصحابي]

- ‌[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ عَنْ تَابِعٍ مِنَ التَّابِعِينَ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّادِسُ مَا أَتَى عَنْ الصحابي مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]

- ‌[الْمُرْسَلُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]

- ‌[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

- ‌[ذكر المبهمات في المراسيل]

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُعْضَلِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْعَنْعَنَةُ]

- ‌[هَلِ الْمُعَنْعَنُ مُتَّصِلٌ]

- ‌[الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدِيثُ]

- ‌[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إِيرَادُ عَنْ لِغَيْرِ الرِّوَايَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ أَوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[التَّدْلِيسُ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]

- ‌[الشَّاذُّ]

- ‌[الْمُنْكَرُ]

- ‌[الِاعْتِبَارُ وَالْمُتَابِعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ]

- ‌[زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ]

- ‌[الْأَفْرَادُ]

- ‌[الْمُعَلَّلُ]

- ‌[الْمُضْطَرِبُ]

- ‌[الْمُدْرَجُ]

- ‌[مُدْرَجُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْإِدْرَاجِ]

- ‌[مُدَرْجُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ]

- ‌[مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[حُكْمُ بَيَانِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْمَوْضُوعِ]

- ‌[أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ]

- ‌[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ]

- ‌[الْمَقْلُوبُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ عَمْدًا وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ سَهْوًا وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[قَلْبُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

الفصل: ‌[الكلام على سنن أبي داود]

بِلَالٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَهُوَ مَعْلُولٌ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ شَوَاهِدُ أُخْرَى دُونَ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَرْتَبَةِ، وَبِمَجْمُوعِ ذَلِكَ حَكَمُوا عَلَى أَصْلِ الْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ. وَكُلُّ طَرِيقٍ مِنْهَا بِمُفْرَدِهَا لَا تَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ.

ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ قَدْ سَلَكَ فِي هَذَا الْقِسْمِ شَبِيهَ مَا سَلَكَهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ ; حَيْثُ بَيَّنَ هُنَاكَ أَنَّ الصَّحِيحَيْنِ أَصَحُّ كُتُبِهِ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِمَا تُؤْخَذُ مِنْ كَذَا، وَأَمَّا هُنَا فَبَعْدَ أَنْ أَفَادَ إِكْثَارَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ.

وَأَنَّ التِّرْمِذِيَّ هُوَ الْمُنَوِّهُ بِهِ وَالْمُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي جَامِعِهِ، مَعَ وُقُوعِهِ فِي كَلَامِ مَنْ قَبْلَهُ ; كَشَيْخِهِ الْبُخَارِيِّ، الَّذِي كَأَنَّهُ - كَمَا قَالَ شَيْخِي - اقْتَفَى فِيهِ شَيْخَهُ ابْنَ الْمَدِينِيِّ ; لِوُقُوعِهِ فِي كَلَامِهِ أَيْضًا.

[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

[الكلام على سنن أبي داود]

65 -

قَالَ وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلْحَسَنِ

جَمْعُ أَبِي دَاوُدَ أَيْ فِي السُّنَنِ

66 -

فَإِنَّهُ قَالَ ذَكَرْتُ فِيهِ

مَا صَحَّ أَوْ قَارَبَ أَوْ يَحْكِيهِ

67 -

وَمَا بِهِ وَهْنٌ شَدِيدٌ قُلْتُهُ

وَحَيْثُ لَا، فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ

68 -

فَمَا بِهِ وَلَمْ يُصَحَّحْ وَسَكَتْ

عَلَيْهِ عِنْدَهُ لَهُ الْحُسْنُ ثَبَتْ

69 -

وَابْنُ رُشَيْدٍ قَالَ وَهُوَ مُتَّجِهْ

قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ

70 -

وَلِلْإِمَامِ الْيَعْمَرِيِّ إِنَّمَا

قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ يَحْكِي مُسْلِمَا

71 -

حَيْثُ يَقُولُ جُمْلَةُ الصَّحِيحِ لَا

تُوجَدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالنُّبَلَا

72 -

فَاحْتَاجَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْإِسْنَادِ

إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادِ

73 -

وَنَحْوِهِ وَإِنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ

قَدْ فَاتَهُ أَدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ

74 -

هَلَّا قَضَى عَلَى كِتَابِ مُسْلِمِ

بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّمِ

75 -

وَالْبَغَوِي إِذْ قَسَّمَ الْمَصَابِحَا

إِلَى الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ جَانِحَا

76 -

أَنَّ الْحِسَانَ مَا رَوَوْهُ فِي السُّنَنْ

رُدَّ عَلَيْهِ إِذْ بِهَا غَيْرُ الْحَسَنْ

77 -

كَانَ أَبُو دَاوُدَ أَقْوَى مَا وُجِدْ

يَرْوِيهِ وَالضَّعِيفَ حَيْثُ لَا يَجِدْ

78 -

فِي الْبَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ

مِنْ رَأْيٍ أَقْوَى قَالَهُ ابْنُ مَنْدَهْ

ص: 100

79 -

وَالنَّسَّائِيُّ يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا

عَلَيْهِ تَرْكًا مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ

80 - وَمَنْ عَلَيْهَا أَطْلَقَ الصَّحِيحَا

فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلًا صَرِيحَا

81 - وَدُونَهَا فِي رُتْبَةٍ مَا جُعِلَا

عَلَى الْمَسَانِيدِ فَيُدْعَى الْجَفَلَا.

[مَظِنَّةُ الْحُسْنِ](قَالَ: وَمِنْ مَظِنَّةٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، مَفْعِلَةٌ مِنَ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، أَيْ مَوْضِعٍ وَمَعْدِنٍ (لِلْحُسْنِ) سِوَى مَا ذُكِرَ (جَمْعُ) الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْحُجَّةِ الْفَقِيهِ التَّالِي لِصَاحِبَيِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْمَقُولِ فِيهِ: إِنَّهُ أُلِينَ لَهُ الْحَدِيثُ كَمَا أُلِينَ لِدَاوُدَ عليه السلام الْحَدِيدُ (أَبِي دَاوُدَ) سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ الْآتِي فِي الْوَفَيَاتِ، (أَيْ فِي) كِتَابِهِ (السُّنَنِ) الشَّهِيرِ الَّذِي صَرَّحَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِاكْتِفَاءِ الْمُجْتَهِدِ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي خُطْبَةِ شَرْحِهِ: إِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُشْتَغِلِ بِالْفِقْهِ وَلِغَيْرِهِ الِاعْتِنَاءُ بِهِ، وَبِمَعْرِفَتِهِ الْمَعْرِفَةَ التَّامَّةَ ; فَإِنَّ مُعْظَمَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا فِيهِ، مَعَ سُهُولَةِ تَنَاوُلِهِ، وَتَلْخِيصِ أَحَادِيثِهِ، وَبَرَاعَةِ مُصَنِّفِهِ، وَاعْتِنَائِهِ بِتَهْذِيبِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى الْكِتَابِ وَمُؤَلِّفِهِ.

(فَإِنَّهُ قَالَ) مَا مَعْنَاهُ: (ذَكَرْتُ فِيهِ) أَيْ: فِي كِتَابِ (السُّنَنِ)(مَا صَحَّ أَوْ قَارَبَ) الصَّحِيحَ (أَوْ يَحْكِيهِ) أَيْ: يُشْبِهُهُ ; إِذْ لَفْظُهُ فِيمَا رُوِّينَاهُ فِي تَأْرِيخِ الْخَطِيبِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ دَاسَةَ عَنْهُ: ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ.

وَ " أَوْ " هُنَا لِلتَّقْسِيمِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلْمُغَايَرَةِ، وَلَا شَكَّ فِيهَا هُنَا، فَمَا يُشْبِهُ الشَّيْءَ وَمَا يُقَارِبُهُ لَيْسَ بِهِ، وَلِذَا قِيلَ: إِنَّ الَّذِي يُشْبِهُهُ هُوَ الْحَسَنُ، وَالَّذِي

ص: 101

يُقَارِبُهُ الصَّالِحُ، وَلَزِمَ مِنْهُ جَعْلُ الصَّالِحِ قِسْمًا آخَرَ.

وَقَوْلُ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ: " إِسْنَادٌ وَسَطٌ، لَيْسَ بِالثَّبْتِ وَلَا بِالسَّاقِطِ، هُوَ صَالِحٌ " قَدْ يُسَاعِدُهُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا فِيمَا رُوِّينَاهُ فِي رِسَالَتِهِ فِي وَصْفِ السُّنَنِ مَا مَعْنَاهُ: (وَمَا) كَانَ فِي كِتَابِي مِنْ حَدِيثٍ (بِهِ وَهْنٌ)، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ الرِّسَالَةِ:(وَهْيٌ)(شَدِيدٌ) فَقَدَ (قُلْتُهُ) أَيْ: بَيَّنْتُ وَهَنَهُ أَوْ وَهَاءَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا: وَإِذَا كَانَ فِيهِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، بَيَّنْتُهُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَلَيْسَ عَلَى نَحْوِهِ فِي الْبَابِ غَيْرُهُ.

وَتَرَدَّدَ شَيْخِي، رحمه الله، فِي مَحَلِّ هَذَا الْبَيَانِ ; أَهُوَ عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ عَلَى حِدَتِهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ الْإِسْنَادُ بِعَيْنِهِ مَثَلًا، أَوْ يَكْتَفِي بِالْكَلَامِ عَلَى وَهْنِ إِسْنَادٍ مَثَلًا، فَإِذَا عَادَ لَمْ يُبَيِّنْهُ اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ، وَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَهُ؟ وَقَالَ: هَذَا الثَّانِي أَقْرَبُ عِنْدِي.

قُلْتُ: عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ هُنَا لِوُجُودِ مُتَابِعٍ أَوْ شَاهِدٍ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ يَقَعُ الْبَيَانُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا سِيَّمَا رِوَايَةُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ ; فَإِنَّ فِيهَا مِنْ كَلَامِ أَبِي دَاوُدَ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ.

وَسَبَقَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، فَقَالَ: الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ لِكِتَابِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِهَا مِنَ الْكَلَامِ، بَلْ وَالَأَحَادِيثِ، مَا لَيْسَ فِي الْأُخْرَى.

قَالَ: وَلَأَبِي عُبَيْدٍ الْآجُرِّيِّ عَنْهُ أَسْئِلَةٌ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّعْلِيلِ كِتَابٌ مُفِيدٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَحَادِيثُ وَرِجَالٌ قَدْ ذَكَرَهَا فِي سُنَنِهِ [فَقَوْلُهُ: وَمَا سَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَمَا سَكَتَ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ] فَقَطْ أَوْ مُطْلَقًا، وَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَالتَّيَقُّظُ لَهُ. انْتَهَى.

ص: 102

وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ مُلَاحَظَةُ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِهَا مُصَرَّحًا فِيهِ بِالضَّعْفِ الشَّدِيدِ، مِمَّا سَكَتَ عَلَيْهِ فِي السُّنَنُ، لَا مُطْلَقِ الضَّعْفِ، وَكَذَا يَنْبَغِي عَدَمُ الْمُبَادَرَةِ لِنِسْبَةِ السُّكُوتِ، إِلَّا بَعْدَ جَمْعِ الرِّوَايَاتِ وَاعْتِمَادِ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ ; لِمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ مِمَّا تَبِعَهُ فِيهِ النَّوَوِيُّ بِذَلِكَ فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ ; حَيْثُ قَرَّرَ اخْتِلَافَهَا فِي التَّحْسِينِ وَالتَّصْحِيحِ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: (وَحُيْثُ لَا) وَهَنٌ أَيْ: شَدِيدٌ فِيهِ، وَلَمْ أَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا (فَ) هُوَ (صَالِحٌ)، وَفِي لَفْظٍ أَوْرَدَهُ ابْنُ كَثِيرٍ مُمَرَّضًا: فَهُوَ حَسَنٌ (خَرَّجْتُهُ) ، بَعْضُهُ أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَعَلَى هَذَا (مَا) وَجَدْنَاهُ مَذْكُورًا (بِهِ) أَيْ: بِالْكِتَابِ (وَلَمْ يُصَحَّحْ) عِنْدَ وَاحِدٍ مِنَ الشَّيْخَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ.

(وَسَكَتْ) أَيْ: أَبُو دَاوُدَ (عَلَيْهِ) فَهُوَ (عِنْدَهُ) أَيْ: أَبِي دَاوُدَ (لَهُ الْحُسْنُ ثَبَتَ) .

وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَا مُنْدَرِجٍ فِيمَا حَقَّقْنَاهُ ضَبْطُ الْحَسَنِ بِهِ عَلَى مَا سَبَقَ، لَا سِيَّمَا وَمَذْهَبُ أَبِي دَاوُدَ تَخْرِيجُ الضَّعِيفِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي. انْتَهَى.

وَيَتَأَيَّدُ تَسْمِيَتُهُ حَسَنًا بِالرِّوَايَةِ الْمَحْكِيَّةِ لِابْنِ كَثِيرٍ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ (وَ) لِذَلِكَ اعْتَرَضَ الْحَافِظُ الْمُتْقِنُ الثِّقَةُ الْمُصَنِّفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ (ابْنُ رُشَيْدٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْبُسْتِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ (722 هـ) بِـ " فَاسٍ " عَنْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ - عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ.

حَيْثُ (قَالَ) فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ (وَهُوَ مُتَّجِهْ) : لَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يُسْتَفَادَ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ بِضَعْفٍ، وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِصِحَّةٍ - أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَهُ حَسَنٌ، بَلْ (قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ

ص: 103

مُخْرِجِهِ) أَيْ: أَبِي دَاوُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ كَذَلِكَ، [وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ الْمُنْذِرِيِّ فِي خُطْبَةِ التَّرْغِيبُ: وَكُلُّ حَدِيثٍ عَزَوْتُهُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. انْتَهَى.

فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُودَ الصَّحِيحِ فِيهِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي آخِرِ الْفُصُولِ الَّتِي بِأَوَّلِ أَذْكَارِهِ: وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ضَعْفَهُ، فَهُوَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ] ، وَيُسَاعِدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَفْعَلَ فِي قَوْلِهِ:" أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ " يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ غَالِبًا.

فَالْمَسْكُوتُ عَلَيْهِ إِمَّا صَحِيحٌ أَوْ أَصَحُّ، إِلَّا أَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنَ اسْتِعْمَالِ " أَصَحَّ " بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، بَلْ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ كَذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ التِّرْمِذِيُّ ; فَإِنَّهُ يُورِدُ الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ الضَّعِيفِ، ثُمَّ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَيَقُولُ عَقِبَ الثَّانِي: إِنَّهُ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ فُلَانٍ الضَّعِيفِ.

وَصَنِيعُ أَبِي دَاوُدَ يَقْتَضِيهِ لِمَا فِي الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعِيفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ، وَكَذَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ حَصْرِهِ التَّبْيِينَ فِي الْوَهَنِ الشَّدِيدِ ; إِذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الشَّدِيدِ لَا يُبَيِّنُهُ.

وَحِينَئِذٍ فَالصَّلَاحِيَةُ فِي كَلَامِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلِاحْتِجَاجِ أَوِ الِاسْتِشْهَادِ، فَمَا ارْتَقَى إِلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ إِلَى الْحُسْنِ، فَهُوَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمَا عَدَاهُمَا فَهُوَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَمَا قَصُرَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ، وَقَدِ الْتَزَمَ بَيَانَهُ، وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاحِيَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا فِي الِاحْتِجَاجِ، وَلَا يُنَافِيهِ وُجُودُ الضَّعِيفِ ; لِأَنَّهُ - كَمَا سَيَأْتِي - يُخَرِّجُ الضَّعِيفَ إِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ، وَهُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ مِنْ رَأْيِ الرِّجَالِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ كُلَّ مَا سَكَتَ عَلَيْهِ صَحِيحٌ عِنْدَهُ، لَا سِيَّمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُهُ.

عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ عِنْدَ غَيْرِهِ - مَا يُومِئُ إِلَى التَّنْبِيهِ لِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ رُشَيْدٍ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ

ص: 104

ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ ; لِأَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يُخَالِفَ حُكْمُهُ حُكْمَ غَيْرِهِ فِي طَرَفٍ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَهُ فِي طَرَفٍ آخَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِاسْتِلْزَامِهِ نَقْضَ مَا قَرَّرَهُ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَقْسَامٌ، مِنْهُ مَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَوْ عَلَى شَرْطِ الصِّحَّةِ، أَوْ حَسَنٌ لِذَاتِهِ، أَوْ مَعَ الِاعْتِضَادِ، وَهُمَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِهِ جِدًّا، وَمِنْهُ مَا هُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَرْكِهِ.

وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: الْحَقُّ أَنَّ مَا وَجَدْنَاهُ مِمَّا لَمْ يُبَيِّنْهُ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ أَوْ حُسْنِهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ - فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى ضَعْفِهِ مَنْ يُعْتَمَدُ، أَوْ رَأَى الْعَارِفُ فِي سَنَدِهِ مَا يَقْتَضِي الضَّعْفَ، وَلَا جَابِرَ لَهُ - حُكِمَ بِضَعْفِهِ، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى سُكُوتِهِ. انْتَهَى.

وَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الضَّعِيفِ وَغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالتَّحْقِيقُ التَّمْيِيزُ لِمَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ، وَرَدُّ الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ إِلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ صِحَّةٍ وَحُسْنٍ وَغَيْرِهِمَا كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَرَجَّحَهُ هُوَ فِي بَابِهِ، وَإِنْ كَانَ رحمه الله قَدْ أَقَرَّ فِي مُخْتَصَرَيْهِ ابْنَ الصَّلَاحِ عَلَى دَعْوَاهُ هُنَا الَّتِي تَقْرُبُ مِنْ صَنِيعِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا أَلْجَأَهُ إِلَيْهَا مَذْهَبُهُ.

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا تَمْيِيزٍ، فَالَأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ: صَالِحٌ، كَمَا هِيَ عِبَارَتُهُ، خُصُوصًا وَقَدْ سَلَكَهُ جَمَاعَةٌ (وَكَذَا لِلْإِمَامِ) الْحَافِظِ الثِّقَةِ أَبِي الْفَتْحِ فَتْحِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ (الْيَعْمُرِيِّ) بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمِيمِ، حَسْبَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ نُقْطَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَبِضَمِّ الْمِيمِ أَيْضًا كَمَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ، الْأَنْدَلُسِيُّ الْأَصْلِ الْقَاهِرِيُّ الشَّافِعِيُّ، مُؤَلِّفُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَغَيْرِهَا، الْمُتَوَفَّى فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ (734 هـ) عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَالْمَدْفُونُ بِالْقَرَافَةِ، فِي

ص: 105

الْقِطْعَةِ الَّتِي شَرَحَهَا مِنَ التِّرْمِذِيِّ.

اعْتِرَاضٌ آخَرُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرْسُمْ أَبُو دَاوُدَ شَيْئًا بِالْحُسْنِ (إِنَّمَا قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ يَعْنِي: الْمَاضِي وَهُوَ " ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ " أَيْ: فِي الصِّحَّةِ " وَمَا يُقَارِبُهُ " أَيْ: فِيهَا أَيْضًا، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّ بَعْضَهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ ; فَإِنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لِمَا يَقْتَضِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلَ فِي الْأَكْثَرِ.

(يَحْكِي مُسْلِمًا) أَيْ: يُشْبِهُ قَوْلَ مُسْلِمٍ صَاحِبِ (الصَّحِيحِ حَيْثُ يَقُولُ) أَيْ: مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: (جُمْلَةُ الصَّحِيحِ لَا تُوجَدُ عِنْدَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ وَالنُّبَلَا) كَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَالثَّوْرِيِّ (فَاحْتَاجَ) أَيْ: مُسْلِمٌ (أَنْ يَنْزِلَ فِي الْإِسْنَادِ) عَنْ حَدِيثِ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ (إِلَى) حَدِيثِ (يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَنَحْوِهِ) ; كَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ مِمَّنْ يَلِيهِمْ فِي ذَلِكَ.

(وَإِنْ يَكُنْ ذُو) أَيْ: صَاحِبُ (السَّبْقِ) فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَهُوَ مَالِكٌ مَثَلًا (قَدْ فَاتَهُ) أَيْ: سَبَقَ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ يَزِيدَ مَثَلًا، فَقَدْ (أَدْرَكَ) أَيْ: لَحِقَ الْمَسْبُوقُ السَّابِقَ فِي الْجُمْلَةِ (بِاسْمِ) الْعَدَالَةِ وَ (الصِّدْقِ) .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي " فَاتَهُ " لِمُسْلِمٍ، وَيَكُونَ الْمَعْنَى: وَإِنْ يَكُنْ قَدْ فَاتَ مُسْلِمًا وُجُودُ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ ذِي السَّبْقِ، إِمَّا لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْمَعْهُ هُوَ أَوْ ذَاكَ السَّابِقُ، فَقَدْ أَدْرَكَ، أَيْ: بَلَغَ مَقْصُودَهُ مِنْ حَدِيثِ مَنْ يَشْتَرِكُ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ.

وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَاحِدٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ مُسْلِمًا شَرَطَ الصَّحِيحَ، فَاجْتَنَبَ حَدِيثَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ الضَّعِيفُ الْوَاهِي، وَأَتَى بِالْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَأَبَا دَاوُدَ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ; فَذَكَرَ مَا يَشْتَدُّ وَهَنُهُ عِنْدَهُ، وَالْتَزَمَ بَيَانَهُ فَـ (هَلَّا قَضَى) أَيِ: ابْنُ الصَّلَاحِ (عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ بِمَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَبِي دَاوُدَ أَوْ كِتَابِهِ (بِالتَّحَكُّمِ) الْمَذْكُورِ.

قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: (وَهُوَ تَعَقُّبٌ مُتَّجِهٌ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ: بَلْ هُوَ تَعَقُّبٌ وَاهٍ جِدًّا لَا يُسَاوِي سَمَاعَهُ) .

ص: 106