المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الْمُضْطَرِبُ] 209 - مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ مَا قَدْ وَرَدَا … مُخْتَلِفًا مِنْ - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِيثِ]

- ‌[الحديث الصَّحِيحُ]

- ‌[شُرُوطِ الحديث الصَّحِيحِ]

- ‌[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[الصَّحِيحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ]

- ‌ الْمُسْتَخْرَجَاتِ

- ‌[مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ]

- ‌[نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ]

- ‌[الحديث الْحَسَنُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أقسام الحديث الحسن]

- ‌[الِاحْتِجَاجُ بالحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

- ‌[الكلام على سنن أبي داود]

- ‌[الكلام على كتب البغوي]

- ‌[اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى صِحَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الكلام على المسانيد]

- ‌[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ]

- ‌[الحديث الضَّعِيفُ]

- ‌[الْمَرْفُوعُ]

- ‌[الْمُسْنَدُ]

- ‌[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

- ‌[الْمَوْقُوفُ]

- ‌[الْمَقْطُوعُ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الفرع الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّالِثُ تفسير الصحابي]

- ‌[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ عَنْ تَابِعٍ مِنَ التَّابِعِينَ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّادِسُ مَا أَتَى عَنْ الصحابي مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]

- ‌[الْمُرْسَلُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]

- ‌[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

- ‌[ذكر المبهمات في المراسيل]

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُعْضَلِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْعَنْعَنَةُ]

- ‌[هَلِ الْمُعَنْعَنُ مُتَّصِلٌ]

- ‌[الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدِيثُ]

- ‌[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إِيرَادُ عَنْ لِغَيْرِ الرِّوَايَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ أَوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[التَّدْلِيسُ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]

- ‌[الشَّاذُّ]

- ‌[الْمُنْكَرُ]

- ‌[الِاعْتِبَارُ وَالْمُتَابِعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ]

- ‌[زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ]

- ‌[الْأَفْرَادُ]

- ‌[الْمُعَلَّلُ]

- ‌[الْمُضْطَرِبُ]

- ‌[الْمُدْرَجُ]

- ‌[مُدْرَجُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْإِدْرَاجِ]

- ‌[مُدَرْجُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ]

- ‌[مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[حُكْمُ بَيَانِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْمَوْضُوعِ]

- ‌[أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ]

- ‌[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ]

- ‌[الْمَقْلُوبُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ عَمْدًا وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ سَهْوًا وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[قَلْبُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

الفصل: ‌ ‌[الْمُضْطَرِبُ] 209 - مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ مَا قَدْ وَرَدَا … مُخْتَلِفًا مِنْ

[الْمُضْطَرِبُ]

209 -

مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ مَا قَدْ وَرَدَا

مُخْتَلِفًا مِنْ وَاحِدٍ فَأَزْيَدَا

210 -

فِي مَتْنٍ أَوْ فِي سَنَدٍ إِنِ اتَّضَحْ فِيهِ

تَسَاوِي الْخُلْفِ أَمَّا إِنْ رَجَحْ

211 -

بَعْضُ الْوُجُوهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا

وَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا

212 -

كَالْخَطِّ لِلسُّتْرَةِ جَمُّ الْخُلْفِ

وَالِاضْطِرَابُ مُوجِبٌ لِلضَّعْفِ.

[التَّعْرِيفُ بِالْحَدِيثِ الْمُضْطَرِبِ] : لَمَّا انْتَهَى مِنَ الْمُعَلِّ الَّذِي شَرْطُهُ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْعِلَّةِ، نَاسَبَ إِرْدَافَهُ بِمَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ تَرْجِيحُ (مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ اضْطَرَبَ (مَا قَدْ وَرَدَا) حَالَ كَوْنِهِ (مُخْتَلِفًا مِنْ) رَاوٍ (وَاحِدٍ) بِأَنْ رَوَاهُ مَرَّةً عَلَى وَجْهٍ، وَأُخْرَى عَلَى آخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ (فَأَزْيَدَا) بِأَنْ يَضْطَرِبَ فِيهِ كَذَلِكَ رَاوِيَانِ فَأَكْثَرُ.

(فِي) لَفْظِ (مَتْنٍ أَوْ فِي) صُورَةِ (سَنَدٍ) رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، إِمَّا بِاخْتِلَافٍ فِي وَصْلٍ وَإِرْسَالٍ، أَوْ فِي إِثْبَاتِ رَاوٍ وَحَذْفِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ مَعًا، هَذَا كُلُّهُ (إِنِ اتَّضَحْ فِيهِ تَسَاوِي الْخُلْفِ) أَيِ: الِاخْتِلَافِ فِي الْجِهَتَيْنِ أَوِ الْجِهَاتِ ; بِحَيْثُ لَمْ يَتَرَجَّحْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ.

(أَمَّا إِنْ رَجَحَ بَعْضُ الْوُجُوهِ) أَوِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى غَيْرِهِ بِأَحْفَظِيَّةٍ أَوْ أَكْثَرِيَّةٍ مُلَازِمَةٍ لِلْمَرْوِيِّ عَنْهُ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ - (لَمْ يَكُنْ) حِينَئِذٍ (مُضْطَرِبًا وَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحِ مِنْهَا) أَيْ: مِنَ الْوُجُوهِ أَوْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ (وَجَبَا) ; إِذِ الْمَرْجُوحُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنَ التَّمَسُّكِ بِالرَّاجِحِ، وَكَذَا لَا اضْطِرَابَ إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ ; بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ مُعَبِّرًا بِاللَّفْظَيْنِ فَأَكْثَرَ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَوْ لَمْ يَتَرَجَّحْ شَيْءٌ.

وَلِمُضْطَرِبِي الْمَتْنِ وَالسَّنَدِ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ، فَالَّذِي فِي السَّنَدِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، يُؤْخَذُ مِنَ الْعِلَلِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ.

وَمِمَّا الْتَقَطَهُ شَيْخُنَا مِنْهَا مَعَ زَوَائِدَ، وَسَمَّاهُ الْمُقْتَرِبَ فِي بَيَانِ الْمُضْطَرِبِ.

[أَمْثِلَةٌ لِاضْطِرَابِ السَّنَدِ] : (كَـ) حَدِيثِ (الْخَطِّ) ، مِنَ الْمُصَلِّي (لِلسُّتْرَةِ) الَّذِي

ص: 290

لَفْظُهُ: «إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا يَنْصِبُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَخُطَّ خَطًّا» ; أَيْ يُدِيرُ دَارَةً مُنْعَطِفَةً كَالْهِلَالِ فِيمَا قَالَهُ أَحْمَدُ، أَوْ يَجْعَلُهُ بِالطُّولِ فِيمَا قَالَهُ مُسَدَّدٌ، فَإِنَّ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ (جَمُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: كَثِيرُ (الْخُلْفِ) أَيِ الِاخْتِلَافِ عَلَى رَاوِيهِ، وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ; فَإِنَّهُ قِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَلِذَا حَكَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ ; كَالنَّوَوِيِّ فِي الْخُلَاصَةِ، وَابْنِ عَبْدِ الْهَادِي وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِاضْطِرَابِ سَنَدِهِ، بَلْ عَزَاهُ النَّوَوِيُّ لِلْحُفَّاظِ.

ص: 291

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَا يَثْبُتُ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ. وَتَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ بَعْدَ أَنِ اعْتَمَدَهُ فِي الْقَدِيمِ ; لِأَنَّهُ مَعَ اضْطِرَابِ سَنَدِهِ، زَعَمَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَشُدُّهُ بِهِ.

لَكِنْ قَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمُ: ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَذَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعَمَدَ إِلَى التَّرْجِيحِ، فَرَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَنَحْوُهُ حِكَايَةُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَلَا يُنَافِيهِ الْقَوْلُ الثَّانِي ; لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ نُسِبَ الرَّاوِي فِيهِ إِلَى جَدِّهِ، وَسُمِّيَ أَبًا لِظَاهِرِ السِّيَاقِ، وَكَذَا لَا يُنَافِيهِ الثَّالِثُ وَالتَّاسِعُ وَالثَّامِنُ إِلَّا فِي سُلَيْمَانَ مَعَ سُلَيْمٍ، وَكَأَنَّ أَحَدَهُمَا تَصَحَّفَ، أَوْ سُلَيْمًا لَقَبٌ، كَمَا لَا يُنَافِيهِ الرَّابِعُ إِلَّا بِالْقَلْبِ.

بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: إِنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ كُلَّهَا قَابِلَةٌ لِتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَالرَّاجِحَةُ مِنْهَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَفِي الِاضْطِرَابُ عَنِ السَّنَدِ أَصْلًا وَرَأْسًا، وَلِذَلِكَ أَسْنَدَهُ الشَّافِعِيُّ مُحْتَجًّا بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ لِلْمُزَنِيِّ، وَمَا تَقَدَّمَ عَزْوُهُ إِلَيْهِ، فَفِيهِ نَظَرٌ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا بَأْسَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ، ثُمَّ إِنَّ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ رَجُلٍ، أَوْ نَسَبِهِ لَا يُؤَثِّرُ ; ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ ثِقَةً - كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ مَنْ صَحَّحَ هَذَا

ص: 292

الْحَدِيثَ - فَلَا ضَيْرَ ; كَمَا تَقَدَّمَ فِي كُلٍّ مِنَ الْمُعَلِّ وَالْمُنْكَرِ.

لَا سِيَّمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى رَاوِيهِ جُمْلَةُ أَحَادِيثَ، وَبِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الضَّبْطِ فِي الْجُمْلَةِ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ رُوَاتُهُ ثِقَاتٍ، إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الرَّاوِي الْمُخْتَلَفِ عَلَيْهِ عَنْهُمَا جَمِيعًا أَوْ بِالطَّرِيقَيْنِ جَمِيعًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، فَإِنَّهُ كَيْفَ مَا دَارَ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ.

وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجْهُولِ مِنْ تَقْرِيبِهِ: وَمَنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ وَعَدَالَتُهُ وَجُهِلَ اسْمُهُ، احْتُجَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، كَمَا هُوَ الْحَقُّ هُنَا ; لِجَزْمِ شَيْخِنَا فِي تَقْرِيبِهِ بِأَنَّ شَيْخَ إِسْمَاعِيلَ مَجْهُولٌ، فَضَعْفُ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ ضَعْفِهِ، لَا مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِ الثِّقَاتِ فِي اسْمِهِ.

هَذَا مَعَ أَنَّ دَعْوَى ابْنِ عُيَيْنَةَ الْفَرْدِيَّةَ فِي الْمَتْنِ مُنْتَقَضَةٌ بِمَا رَوَيْنَا فِي " فَوَائِدَ عَبْدَانَ الْجَوَالِيقِيِّ " قَالَ: ثَنَا دَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ إِلَى مَا يَسْتُرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا» .

وَكَذَا رُوِّينَا فِي أَوَّلِ جُزْءِ ابْنِ فِيلٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلَانِيُّ ثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى مَسْجِدٍ، أَوْ إِلَى شَجَرَةٍ، أَوْ إِلَى بَعِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَلْيَخُطَّ خَطًّا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ) .

وَرَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ عَنْ أَيُّوبَ، فَقَالَ: عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، بَدَلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَادَّعَى

ص: 293

الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ تَفَرُّدَ أَبِي مَالِكٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، بَلْ فِي الْبَابِ أَيْضًا، عَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

فَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ قِبَلِ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، حَتَّى جَاءَ إِلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَخَطَّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ خَطًّا عَرْضًا، ثُمَّ كَبَّرَ فَصَلَّى، وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بَيْنَ الْخَطِّ وَالْكَعْبَةِ» .

وَكَذَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، وَفِي سَنَدِهِمَا ضَعْفٌ، لَكِنَّهُمَا مَعَ طَرِيقَيْنِ: إِحْدَاهُمَا مُرْسَلَةٌ، وَالْأُخْرَى مَقْطُوعَةٌ، يَتَقَوَّى بِهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَإِذْ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الِاضْطِرَابَ الْوَاقِعَ فِي هَذَا السَّنَدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، فَلْنَذْكُرْ مِثَالًا لَا خَدْشَ فِيهِ، مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الثِّقَاتُ مَعَ تَسَاوِيهِمْ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا أَتَوْا بِهِ ; وَهُوَ حَدِيثُ:«شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا» فَإِنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ بَيْنَهُمَا ابْنَ عَبَّاسٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَبْسُوطًا.

ص: 294

[الْبَقَرَةِ: 177] فِي بَعْضِ طُرُقِهِ.

وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: إِذَا زَكَّى الرَّجُلُ مَالَهُ، أَيَطِيبُ لَهُ مَالُهُ؟ فَقَرَأَ: لَيْسَ الْبِرَّ. . . . الْآيَةَ. هَذَا مَعَ ضَعْفِهِ بِغَيْرِ الِاضْطِرَابِ ; فَإِنَّ أَبَا حَمْزَةَ شَيْخُ شَرِيكٍ فِيهِ ضَعِيفٌ، وَوَرَاءَ هَذَا نَفَى بَعْضُهُمُ الِاضْطِرَابَ عَنْهُ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ فِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ سَوَاءٌ، وَهُوَ الْإِثْبَاتُ، لَكِنَّهُ لَمْ يُصِبْ، وَإِنْ سَبَقَهُ لِنَحْوِهِ الْبَيْهَقِيُّ.

فَمِنْهَا الِاخْتِلَافُ فِي الصَّلَاةِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ: فَمَرَّةً شَكَّ الرَّاوِي أَهِيَ الظُّهْرُ،

ص: 295