الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ فِي عَدَالَةِ مَنْ وَصَلَهُ وَأَهْلِيَّتِهِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَنْ أَسْنَدَ حَدِيثًا قَدْ أَرْسَلَهُ الْحُفَّاظُ، فَإِرْسَالُهُمْ لَهُ يَقْدَحُ فِي مُسْنَدِهِ وَعَدَالَتِهِ وَأَهْلِيَّتِهِ.
وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ فِي الْأَوَّلِ: لِأَنَّ إِرْسَالَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ لَيْسَ بِجَرْحٍ لِمَنْ وَصَلَهُ وَلَا تَكْذِيبٍ لَهُ، وَفِي الثَّانِي عَلَى لِسَانِ الْقَائِلِينَ بِهِ: لِأَنَّ إِرْسَالَهُمْ لَهُ يَقْدَحُ فِي مُسْنَدِهِ، فَيَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ.
[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]
[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ] : (وَرَأَوْا) أَيْ: أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي تَعَارُضِ الْوَقْفِ وَالرَّفْعِ، بِأَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ بَعْضُ الثِّقَاتِ مَرْفُوعًا، وَبَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ (أَنَّ الْأَصَحَّ) كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (الْحُكْمُ لِلرَّفْعِ) ; لِأَنَّ رَاوِيَهُ مُثْبِتٌ وَغَيْرَهُ سَاكِتٌ، وَلَوْ كَانَ نَافِيًا فَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَ لِمَنْ وَقَفَ، حَكَاهُ الْخَطِيبُ أَيْضًا عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَفِيهَا ثَالِثٌ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مَوْضُوعَاتِهِ ; حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا تَرَكَا أَشْيَاءَ تَرْكُهَا قَرِيبٌ، وَأَشْيَاءَ لَا وَجْهَ لِتَرْكِهَا، فَمِمَّا لَا وَجْهَ لِتَرْكِهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدِيثَ ثِقَةٌ فَيَقِفَهُ آخَرُ، فَتَرْكُ هَذَا لَا وَجْهَ لَهُ ; لِأَنَّ الرَّفْعَ زِيَادَةٌ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، إِلَّا أَنْ يَقِفَهُ الْأَكْثَرُونَ وَيَرْفَعَهُ وَاحِدٌ، فَالظَّاهِرُ غَلَطُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ حَفِظَ دُونَهُمْ. انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْحَاكِمِ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: فَخَلَّادُ بْنُ يَحْيَى؟ فَقَالَ: ثِقَةٌ، إِنَّمَا أَخْطَأَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ، فَرَفَعَهُ وَوَقَفَهُ النَّاسُ، وَقُلْتُ لَهُ: فَسَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
الثَّقَفِيُّ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ يُسْنِدُهَا وَغَيْرُهُ يَقِفُهَا، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ كَمَا تَقَدَّمَ أَصَحُّ.
(وَلَوْ) كَانَ الِاخْتِلَافُ (مِنْ) رَاوٍ (وَاحِدٍ فِي ذَا وَذَا) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ ; كَأَنْ يَرْوِيَهُ مَرَّةً مُتَّصِلًا أَوْ مَرْفُوعًا، وَمَرَّةً مُرْسَلًا أَوْ مَوْقُوفًا (كَمَا حَكَوْا) أَيِ: الْجُمْهُورُ، وَصَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِتَصْحِيحِهِ.
وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ فِي تَخْرِيجِهِ الْكَبِيرِ لِلْإِحْيَاءِ عَقِبَ حَدِيثٍ اخْتَلَفَ رَاوِيهِ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الرَّاوِيَ إِذَا رَوَى الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا فَالْحُكْمُ لِلرَّفْعِ ; لِأَنَّ مَعَهُ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ زِيَادَةً، هَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا الْأُصُولِيُّونَ فَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ - كَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَأَتْبَاعِهِ - أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ أَكْثَرُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ قَوْلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي كِلَيْهِمَا التَّعَارُضُ، عَلَى أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَدْ نَقَلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ يَحْمِلُ الْمَوْقُوفَ عَلَى مَذْهَبِ الرَّاوِي، وَالْمُسْنَدَ عَلَى أَنَّهُ رِوَايَتُهُ، يَعْنِي فَلَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْخَطِيبِ: اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَدِيثِ ضَعْفًا ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ يُسْنِدُ الْحَدِيثَ وَيَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً، وَيَذْكُرُ مَرَّةً عَلَى سَبِيلِ الْفَتْوَى بِدُونِ رَفْعٍ، فَيُحْفَظُ الْحَدِيثُ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.
لَكِنْ خَصَّ شَيْخُنَا هَذَا بِأَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ، أَمَّا مَا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ ; يَعْنِي فِي تَوْجِيهِ الْإِطْلَاقِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَهُ الرَّفْعُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ رَفَعَهُ أَيْضًا.
ثُمَّ إِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي إِذَا - اتَّحَدَ السَّنَدُ، أَمَّا إِذَا