المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ النِّسْيَانِ، وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ عَنِ الْخَطِيبِ: أَنْ يُقَالَ: - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِيثِ]

- ‌[الحديث الصَّحِيحُ]

- ‌[شُرُوطِ الحديث الصَّحِيحِ]

- ‌[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[الصَّحِيحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ]

- ‌ الْمُسْتَخْرَجَاتِ

- ‌[مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ]

- ‌[نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ]

- ‌[الحديث الْحَسَنُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أقسام الحديث الحسن]

- ‌[الِاحْتِجَاجُ بالحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

- ‌[الكلام على سنن أبي داود]

- ‌[الكلام على كتب البغوي]

- ‌[اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى صِحَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الكلام على المسانيد]

- ‌[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ]

- ‌[الحديث الضَّعِيفُ]

- ‌[الْمَرْفُوعُ]

- ‌[الْمُسْنَدُ]

- ‌[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

- ‌[الْمَوْقُوفُ]

- ‌[الْمَقْطُوعُ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الفرع الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّالِثُ تفسير الصحابي]

- ‌[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ عَنْ تَابِعٍ مِنَ التَّابِعِينَ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّادِسُ مَا أَتَى عَنْ الصحابي مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]

- ‌[الْمُرْسَلُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]

- ‌[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

- ‌[ذكر المبهمات في المراسيل]

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُعْضَلِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْعَنْعَنَةُ]

- ‌[هَلِ الْمُعَنْعَنُ مُتَّصِلٌ]

- ‌[الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدِيثُ]

- ‌[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إِيرَادُ عَنْ لِغَيْرِ الرِّوَايَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ أَوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[التَّدْلِيسُ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]

- ‌[الشَّاذُّ]

- ‌[الْمُنْكَرُ]

- ‌[الِاعْتِبَارُ وَالْمُتَابِعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ]

- ‌[زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ]

- ‌[الْأَفْرَادُ]

- ‌[الْمُعَلَّلُ]

- ‌[الْمُضْطَرِبُ]

- ‌[الْمُدْرَجُ]

- ‌[مُدْرَجُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْإِدْرَاجِ]

- ‌[مُدَرْجُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ]

- ‌[مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[حُكْمُ بَيَانِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْمَوْضُوعِ]

- ‌[أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ]

- ‌[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ]

- ‌[الْمَقْلُوبُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ عَمْدًا وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ سَهْوًا وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[قَلْبُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

الفصل: عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ النِّسْيَانِ، وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ عَنِ الْخَطِيبِ: أَنْ يُقَالَ:

عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ النِّسْيَانِ، وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ عَنِ الْخَطِيبِ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَحْكِيَّ هُنَاكَ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً، وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا هُنَا فَعَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ، فَالْأَكْثَرِيَّةُ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِالْأَكْثَرِيَّةِ.

تَتِمَّةٌ: الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى صَحَابِيٍّ آخَرَ، إِذَا صَحَّ السَّنَدُ مَقْبُولَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.

[الْأَفْرَادُ]

186 -

الْفَرْدُ قِسْمَانِ فَفَرْدٌ مُطْلَقَا

وَحُكْمُهُ عِنْدَ الشُّذُوذِ سَبَقَا

187 -

وَالْفَرْدُ بِالنِّسْبَةِ مَا قَيَّدْتَهُ

بِثِقَةٍ أَوْ بَلَدٍ ذَكَرْتَهُ

188 -

أَوْ عَنْ فُلَانٍ نَحْوُ قَوْلِ الْقَائِلْ

لَمْ يَرْوِهِ عَنْ بَكْرٍ الَّا وَائِلْ

189 -

لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ إِلَّا ضَمْرَهْ

لَمْ يَرْوِ هَذَا غَيْرُ أَهْلِ الْبَصْرَهْ

190 -

فَإِنْ يُرِيدُوا وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا

تَجَوُّزًا فَاجْعَلْهُ مِنْ أَوَّلِهَا

191 -

وَلَيْسَ فِي أَفْرَادِهِ النِّسْبِيَّهْ

ضَعْفٌ لَهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّهْ

192 -

لَكِنْ إِذَا قَيَّدَ ذَاكَ بِالثِّقَهْ

فَحُكْمُهُ يَقْرُبُ مِمَّا أَطْلَقَهْ

[تَقْسِيمُ الْأَفْرَادِ إِلَى فَرْدٍ مُطْلَقٍ وَفَرْدٍ نِسْبِيٍّ] : وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ وَاضِحَةٌ، وَلَكِنْ لَوْ ضُمَّ إِلَى الْمُنْكَرِ وَالشَّاذِّ - كَمَا قَدَّمْنَا - كَانَ أَنْسَبَ.

(الْفَرْدُ قِسْمَانِ: فَفَرْدٌ) يَقَعُ (مُطْلَقَا) وَهُوَ أَوَّلُهُمَا بِأَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ الرَّاوِي الْوَاحِدُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ.

(وَحُكْمُهُ) مَعَ مِثَالِهِ (عِنْدَ) نَوْعِ (الشُّذُوذِ سَبَقَا، وَالْفَرْدُ بِالنِّسْبَةِ) إِلَى جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَهُوَ ثَانِيهِمَا وَهُوَ أَنْوَاعٌ (مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةٍ أَوْ بَلَدٍ) مُعَيَّنٍ ; كَمَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ (ذَكَرْتَهُ) صَرِيحًا كَمَا سَيَأْتِي التَّمْثِيلُ لَهُمَا (أَوْ) بِرَاوٍ مَخْصُوصٍ ; حَيْثُ لَمْ يَرْوِهِ (عَنْ فُلَانٍ) إِلَّا فُلَانٌ.

[أَمْثِلَةُ أَنْوَاعِ الْفَرْدِ النِّسْبِيِّ](نَحْوُ قَوْلِ الْقَائِلِ) أَبِي الْفَضْلِ بْنِ طَاهِرٍ فِي أَطْرَافِ الْغَرَائِبِ لَهُ عَقِبَ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ

ص: 268

بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ وَلَدِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» (لَمْ يَرْوِهِ عَنْ بَكْرٍ الَّا وَائِلْ) بِنَقْلِ الْهَمْزَةِ يَعْنِي أَبَاهُ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ وَائِلٍ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَهُوَ غَرِيبٌ، وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ عُيَيَنْةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ - يَعْنِي بِدُونِ وَائِلٍ وَوَلَدِهِ - قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رُبَّمَا دَلَّسَهُمَا.

قُلْتُ: مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ الْمُقْرِئِ، وَصَرَّحَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَيْنِهِمْ بِأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَسَمِعْتُهُ مِنْ آخَرَ، وَرَوَاهُ سَهْلُ بْنُ صُقَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِدُونِ بَكْرٍ وَحْدَهُ.

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ التَّوَّزِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَجَعَلَ الْوَاسِطَةَ بَدَلَهُمَا زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَالْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الْأَوَّلُ.

قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَغَيَّاثُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّحْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيِّ لَهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، وَالْبُخَارِيِّ بِنَحْوِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ،

ص: 269

وَنَحْوُهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ.

وَنَحْوُهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْكُدْيَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ جَابِرٍ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ قَوْلُ الْقَائِلِ فِي حَدِيثِ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِـ ((ق)) وَ ((اقْتَرَبَتْ)) (لَمْ يَرْوِهِ) أَيِ الْحَدِيثَ (ثِقَةٌ الَّا ضَمْرَهْ) بِنَقْلِ الْهَمْزَةِ أَيِ: ابْنُ سَعِيدٍ، فَقَدِ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ صَحَابِيِّهِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالثِّقَةِ لِرِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ مِنْ جِهَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ لِاحْتِرَاقِ كُتُبِهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ النَّوْعِ الثَّانِي: قَوْلُ الْقَائِلِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابَيْهِ (السُّنَنِ) وَ (التَّفَرُّدِ) عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ، قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ» -: (لَمْ يَرْوِ هَذَا) الْحَدِيثَ (غَيْرُ أَهْلِ الْبَصْرَهْ) ; فَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ: إِنَّهُمْ تَفَرَّدُوا بِذِكْرِ الْأَمْرِ فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَشْرَكْهُمْ فِي لَفْظِهِ سِوَاهُمْ.

وَكَذَا قَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ قَوْلَهُ: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ» سُنَّةٌ غَرِيبَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ مِصْرَ، وَلِمَ

ص: 270

يَشْرَكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ.

وَحَدِيثُ: " الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ "، تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَرْوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدِيثُ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ فِي اللُّقَطَةِ تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْهُ.

(فَإِنْ يُرِيدُوا) أَيِ: الْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ (وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَفَرِّدُ بِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ وَاحِدًا فَقَطْ وَهُوَ أَكْثَرُ صَنِيعِهِمْ، وَأَطْلَقُوا الْبَلَدَ (تَجَوُّزًا) كَمَا يُضَافُ فِعْلُ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ إِلَيْهَا مَجَازًا (فَاجْعَلْهُ مِنْ أَوَّلِهَا) أَيِ: الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ، وَهُوَ الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَّا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ، فَأَطْلَقَ الْحَاكِمُ أَهْلَ الْبَلَدِ وَأَرَادَ وَاحِدًا مِنْهُمْ.

(وَلَيْسَ فِي أَفْرَادِهِ) أَيْ: هَذَا الْبَابِ (النِّسْبِيَّهْ) وَهِيَ أَنْوَاعُ الْقِسْمِ الثَّانِي (ضَعْفٌ لَهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّهْ) أَيْ: جِهَةِ الْفَرْدِيَّةِ، إِلَّا إِنِ انْضَمَّ إِلَيْهَا مَا يَقْتَضِيهِ (لَكِنْ إِذَا قَيَّدَ) الْقَائِلُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْحُفَّاظِ (ذَاكَ) أَيِ التَّفَرُّدَ (بِالثِّقَةِ) كَقَوْلِهِمْ: لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ إِلَّا فُلَانٌ -.

(فَحُكْمُهُ) إِنْ كَانَ رَاوِيهِ الَّذِي لَيْسَ بِثِقَةٍ مِمَّنْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ (يَقْرُبُ مِمَّا أَطْلَقَهْ) أَيْ: مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْتَبَرُ بِهِ فَكَالْمُطْلَقِ ; لِأَنَّ رِوَايَتَهُ كُلًّا رِوَايَةٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ أَنْوَاعٌ، مِنْهَا مَا يَشْتَرِكُ الْأَوَّلُ مَعَهُ فِيهِ ; كَإِطْلَاقِ تَفَرُّدِ أَهْلِ بَلَدٍ بِمَا يَكُونُ رَاوِيهِ مِنْهَا وَاحِدًا فَقَطْ.

وَتَفَرُّدِ الثِّقَةِ بِمَا يَشْتَرِكُ مَعَهُ فِي رِوَايَتِهِ ضَعِيفٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَهِيَ تَفَرُّدُ شَخْصٍ عَنْ شَخْصٍ أَوْ عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ، أَوْ أَهْلِ بَلَدٍ عَنْ شَخْصٍ أَوْ عَنْ بَلَدٍ

ص: 271

أُخْرَى.

[مَظَانُّ الْأَفْرَادِ] وَصَنَّفَ فِي الْأَفْرَادِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ وَغَيْرُهُمَا، وَكِتَابُ الدَّرَاقُطْنِيِّ حَافِلٌ فِي مِائَةِ جُزْءٍ حَدِيثِيَّةٍ، سُمِعَتْ مِنْهُ عِدَّةُ أَجْزَاءٍ.

وَعَمِلَ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ (أَطْرَافَهُ) ، وَمِنْ مَظَانِّهَا (الْجَامِعُ) لِلتِّرْمِذِيِّ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِيهِ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي.

وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِتَصْرِيحِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ بِالتَّفَرُّدِ الْمُطْلَقِ، وَكَذَا مِنْ مَظَانِّهَا (مُسْنَدُ الْبَزَّارِ) وَالْمُعْجَمَانِ (الْأَوْسَطِ) وَ (الصَّغِيرِ) لِلطَّبَرَانِيِّ.

وَصَنَّفَ أَبُو دَاوُدَ (السُّنَنَ) الَّتِي تَفَرَّدَ لِكُلِّ سُنَّةٍ مِنْهَا أَهْلُ بَلَدٍ ; كَحَدِيثِ طَلْقٍ فِي مَسِ الذَّكَرِ، قَالَ: إِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْيَمَامَةِ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِهَذِهِ السُّنَّةِ.

وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَنْهَضُ بِهِ إِلَّا مُتَّسِعُ الْبَاعِ فِي الرِّوَايَةِ وَالْحِفْظِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ التَّعَقُّبُ فِي دَعْوَى الْفَرْدِيَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ يُوجَدُ عِنْدَ نَفْسِ مُدَّعِيهَا الْمُتَابِعِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَحْسُنُ الْجَزْمُ بِالتَّعَقُّبِ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفِ السِّيَاقُ، أَوْ يَكُونُ الْمُتَابِعُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ بِهِ ; لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: (إِنَّهُ إِذَا قِيلَ فِي حَدِيثٍ: تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَفَرُّدًا مُطْلَقًا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ هَذَا الْمُعَيَّنِ خَاصَّةً، وَيَكُونَ مَرْوِيًّا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِيهِ الْمُؤَاخَذَةُ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْأَحَادِيثِ، وَيَكُونُ لَهُ وَجْهٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ الْآنَ) . انْتَهَى.

ص: 272