المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَتَجَنُّبِهِ فِي ضِدِّهِ. (لَا) أَنَّهُمْ قَصَدُوا (الْقَطْعَ) بِصِحَّتِهِ أَوْ ضَعْفِهِ ; - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِيثِ]

- ‌[الحديث الصَّحِيحُ]

- ‌[شُرُوطِ الحديث الصَّحِيحِ]

- ‌[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[الصَّحِيحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ]

- ‌ الْمُسْتَخْرَجَاتِ

- ‌[مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ]

- ‌[نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ]

- ‌[الحديث الْحَسَنُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أقسام الحديث الحسن]

- ‌[الِاحْتِجَاجُ بالحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

- ‌[الكلام على سنن أبي داود]

- ‌[الكلام على كتب البغوي]

- ‌[اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى صِحَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الكلام على المسانيد]

- ‌[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ]

- ‌[الحديث الضَّعِيفُ]

- ‌[الْمَرْفُوعُ]

- ‌[الْمُسْنَدُ]

- ‌[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

- ‌[الْمَوْقُوفُ]

- ‌[الْمَقْطُوعُ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الفرع الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّالِثُ تفسير الصحابي]

- ‌[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ عَنْ تَابِعٍ مِنَ التَّابِعِينَ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّادِسُ مَا أَتَى عَنْ الصحابي مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]

- ‌[الْمُرْسَلُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]

- ‌[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

- ‌[ذكر المبهمات في المراسيل]

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُعْضَلِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْعَنْعَنَةُ]

- ‌[هَلِ الْمُعَنْعَنُ مُتَّصِلٌ]

- ‌[الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدِيثُ]

- ‌[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إِيرَادُ عَنْ لِغَيْرِ الرِّوَايَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ أَوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[التَّدْلِيسُ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]

- ‌[الشَّاذُّ]

- ‌[الْمُنْكَرُ]

- ‌[الِاعْتِبَارُ وَالْمُتَابِعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ]

- ‌[زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ]

- ‌[الْأَفْرَادُ]

- ‌[الْمُعَلَّلُ]

- ‌[الْمُضْطَرِبُ]

- ‌[الْمُدْرَجُ]

- ‌[مُدْرَجُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْإِدْرَاجِ]

- ‌[مُدَرْجُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ]

- ‌[مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[حُكْمُ بَيَانِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْمَوْضُوعِ]

- ‌[أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ]

- ‌[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ]

- ‌[الْمَقْلُوبُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ عَمْدًا وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ سَهْوًا وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[قَلْبُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

الفصل: وَتَجَنُّبِهِ فِي ضِدِّهِ. (لَا) أَنَّهُمْ قَصَدُوا (الْقَطْعَ) بِصِحَّتِهِ أَوْ ضَعْفِهِ ;

وَتَجَنُّبِهِ فِي ضِدِّهِ.

(لَا) أَنَّهُمْ قَصَدُوا (الْقَطْعَ) بِصِحَّتِهِ أَوْ ضَعْفِهِ ; إِذِ الْقَطْعُ إِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنَ التَّوَاتُرِ، أَوِ الْقَرَائِنِ الْمُحْتَفِّ بِهَا الْخَبَرُ، وَلَوْ كَانَ آحَادًا كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ عِنْدَ حُكْمِ الصَّحِيحَيْنِ.

وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ كَحُسَيْنٍ الْكَرَابِيسِيِّ وَغَيْرِهِ إِلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا - فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إِرَادَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَوِ التَّوَسُّعِ، لَا سِيَّمَا مَنْ قَدَّمَ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ عَلَى الْقِيَاسِ كَأَحْمَدَ، وَإِلَّا فَالْعِلْمُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لَا يَتَفَاوَتُ.

فَالْجَارُّ فِي الصَّحِيحِ يَتَعَلَّقُ بِـ " قَصَدُوا "، وَ " فِي ظَاهِرٍ " بِمَحْذُوفٍ، وَ " لَا الْقَطْعَ " مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ " فِي ظَاهِرٍ " أَوْ عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ: قَصَدُوا الصِّحَّةَ ظَاهِرًا لَا قَطْعًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّحَّةَ وَالضَّعْفَ مَرْجِعُهُمَا إِلَى وُجُودِ الشَّرَائِطِ وَعَدَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيَّ غَلَبَةِ الظَّنِّ، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ.

[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فِي سَنَدٍ خَاصٍّ الْحُكْمُ بِالْأَصَحِّيَّةِ لِفَرْدٍ مُطْلَقًا، بَلْ (الْمُعْتَمَدُ إِمْسَاكُنَا) أَيْ: كَفُّنَا (عَنْ حُكْمِنَا عَلَى سَنَدٍ) مُعَيَّنٍ (بِأَنَّهُ أَصَحُّ) الْأَسَانِيدِ (مُطْلَقًا) كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ الْمُخْتَارُ ; لِأَنَّ تَفَاوُتَ مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى تَمَكُّنِ الْإِسْنَادِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَيَعِزُّ وُجُودُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْقَبُولِ مِنَ الضَّبْطِ وَالْعَدَالَةِ وَنَحْوِهِمَا فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ رُوَاةِ الْإِسْنَادِ، مِنْ تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرِهِ ; إِذْ لَا يُعْلَمُ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ هَذَا الرَّاوِيَ حَازَ أَعْلَى

ص: 33

الصِّفَاتِ حَتَّى يُوَازَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ جَمِيعِ مَنْ عَاصَرَهُ.

(وَقَدْ خَاضَ) إِذِ اقْتَحَمَ الْغَمَرَاتِ (بِهِ) أَيْ: بِالْحُكْمِ بِالْأَصَحِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْمٌ) فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، وَاضْطَرَبَتْ أَقْوَالُهُمْ فِيهِ لِاخْتِلَافِ اجْتِهَادِهِمْ (فَقِيلَ) كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ إِمَامُ الصَّنْعَةِ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مَا رَوَاهُ (مَالِكٌ) نَجْمُ السُّنَنِ الْقَائِلُ فِيهِ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَحَدًا.

وَالشَّافِعِيُّ: إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْهُ فَاشْدُدْ يَدَكَ بِهِ، كَانَ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ التَّابِعِينَ (عَنْ) شَيْخِهِ (نَافِعٍ) الْقَائِلِ فِي حَقِّهِ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ: أَيُّ حَدِيثٍ أَوْثَقُ مِنْ حَدِيثِهِ؟ !

(بِمَا) أَيْ: بِالَّذِي (رَوَاهُ) لَهُ (النَّاسِكُ) أَيِ: الْعَابِدُ (مَوْلَاهُ) أَيْ: مَوْلَى نَافِعٍ، وَهُوَ سَيِّدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما وَالْمَوْلَى يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ، وَكَانَ جَدِيرًا بِالْوَصْفِ بِالنُّسُكِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ بِالسَّبِيلِ الْمَتِينِ.

وَقَالَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» ، فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا، وَقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه:(مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلَّا مَالَتْ بِهِ وَمَالَ بِهَا، إِلَّا هُوَ) .

(وَاخْتَرْ) إِذَا جَنَحْتَ لِهَذَا أَوْ زِدْتَ رَاوِيًا بَعْدَ مَالِكٍ (حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ) إِمَامُنَا (الشَّافِعِيُّ)[بِالسُّكُونِ أَيِ: اخْتَرْ هَذَا فَـ (حَيْثُ) وَمَا بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ]، فَقَدَ رُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ:(كُنْتُ سَمِعْتُ (الْمُوَطَّأَ) مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ

ص: 34

حُفَّاظِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، فَأَعَدْتُهُ عَلَى الشَّافِعِيِّ ; لِأَنِّي وَجَدْتُهُ أَقْوَمَهُمْ بِهِ) . انْتَهَى

بَلْ هُوَ أَجَلُّ مِنْ جَمِيعِ مَنْ أَخَذَهُ عَنْ مَالِكٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ: (إِنَّهُ - أَيْ: هَذَا الْإِسْنَادُ - أَجَلُّ الْأَسَانِيدِ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ) ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ أَجَلُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ (قُلْتُ وَ) اخْتَرْ كَمَا قَالَهُ الصَّلَاحُ الْعَلَائِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ، إِنْ زِدْتَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ أَحَدًا حَيْثُ (عَنْهُ) يُسْنِدُ (أَحْمَدُ) وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِلْحَاقِ.

فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ وَمَا خَلَّفَ بِهَا أَفْقَهَ وَلَا أَزْهَدَ وَلَا أَوْرَعَ وَلَا أَعْلَمَ مِنْهُ. وَلِاجْتِمَاعِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قِيلَ لَهَا: " سِلْسِلَةُ الذَّهَبِ ".

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَكْثَرَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَيْثُ أَوْرَدَ حَدِيثَ مَالِكٍ؟ وَلِمَ لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْأُصُولِ مَا أَوْرَدُوهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ؟

أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ عَنْ أَحْمَدَ بِخُصُوصِهِ: لَعَلَّ جَمْعَهُ الْمُسْنَدَ كَانَ قَبْلَ سَمَاعِهِ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ فَلِطَلَبِ الْعُلُوِّ، وَقَدْ أَوْرَدْتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ النُّكَتِ أَشْيَاءَ مُهِمَّةً.

مِنْهَا إِيرَادُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِإِسْنَادٍ كُنْتُ فِيهِ كَأَنِّي أَخَذْتُهُ عَنْهُ، فَأَحْبَبْتُ إِيرَادَهُ هُنَا تَبَرُّكًا.

ص: 35

أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَالْعِزُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ الْحَنَفِيُّ سَمَاعًا.

قَالَ الْأَوَّلُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفِدَاءِ بْنِ الْخِيَارِ إِذْنًا، أَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيٍّ الْقَيْسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.

وَقَالَ الثَّانِي: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُوخِيِّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ أَحْمَدَ زَيْنَبُ بِنْتُ مَكِّيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ كَامِلٍ الْحَرَّانِيَّةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّصَافِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَنَهَى عَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا» .

وَهُوَ مِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا الْجُمْلَةَ الثَّالِثَةَ، فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا لَهُمَا مُسَاوِيًا.

(وَجَزَمَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ (بْنُ

ص: 36

حَنْبَلٍ) نِسْبَةً لِجَدِّهِ، فَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدٌ، حِينَ تَذَاكَرَ فِي ذَلِكَ مَعَ جَمَاعَةٍ بِأَجْوَدِيَّةِ رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الْقُرَشِيِّ (الزُّهْرِيِّ) الْمَدَنِيِّ الْقَائِلِ فِيهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا أَجْمَعَ مِنْهُ، وَلَا أَكْثَرَ عِلْمًا.

لَوْ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ فِي التَّرْغِيبِ لَقُلْتَ: لَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا، أَوِ الْأَنْسَابِ فَكَذَلِكَ، أَوْ عَنِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَحَدِيثُهُ جَامِعٌ.

(عَنْ سَالِمٍ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ أَبِيهِ بِهِ، وَمَالِكٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ أَشْبَهُ بِمَنْ مَضَى مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الزُّهْدِ وَالْفَضْلِ وَالْعَيْشِ مِنْهُ (أَيْ) مِمَّا رَوَاهُ سَالِمٌ (عَنْ أَبِيهِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (الْبَرِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ دَأْبُهُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ.

وَوَافَقَ أَحْمَدَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ، لَكِنْ مُعَبِّرًا بِالْأَصَحِّيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ اصْطِلَاحًا، وَلِذَا قَرَنَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلشَّارِحِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي حِكَايَةِ الْأَصَحِّيَّةِ، نَعَمِ الْوَصْفُ بِجَيِّدٍ عِنْدَ الْجِهْبِذِ أَنْزَلُ رُتْبَةً مِنَ الْوَصْفِ بِصَحِيحٍ.

(وَقِيلَ) كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، إِنْ صَحَّ عَنْهُ، وَالنَّسَائِيُّ لَكِنَّهُ أَدْرَجَهُ مَعَ غَيْرِهِ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مَا رَوَاهُ (زَيْنُ الْعَابِدِينَ) وَاسْمُهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ حَتَّى

ص: 37

مَاتَ. (عَنْ أَبِهْ) بِحَذْفِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى لُغَةِ النَّقْصِ ; كَقَوْلِهِ:

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ فِي الْكَرَمْ.

وَهُوَ السَّيِّدُ الْحُسَيْنُ الشَّهِيدُ سِبْطُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَرَيْحَانَتُهُ مِنَ الدُّنْيَا (عَنْ) عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (جَدِّهِ) أَيْ: جَدِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (وَ) ذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ (ابْنُ شِهَابٍ) الزُّهْرِيُّ (عَنْهُ) أَيْ: عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (بِهِ) أَيْ: بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، فَهَذِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ.

وَلَأَجْلِ تَنْوِيعِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ يُقَالُ: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ إِمَّا مَا تَقَدَّمَ، (أَوْ فَـ) مَا رَوَاهُ (ابْنُ سِيرِينَ) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ الْأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ التَّابِعِيُّ الشَّهِيرُ بِكَثْرَةِ الْحِفْظِ وَالْعِلْمِ وَالْإِتْقَانِ وَتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، وَالَّذِي قَالَ فِيهِ مُؤَرَّقٌ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ، وَلَا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْهُ.

(عَنْ) أَبِي عَمْرٍو عَبِيدَةَ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - (السَّلْمَانِيِّ) - بِسُكُونِ اللَّامِ عَلَى الصَّحِيحِ، حَيٌّ مِنْ مُرَادٍ - الْكُوفِيِّ التَّابِعِيِّ الَّذِي كَادَ أَنْ يَكُونَ صَحَابِيًّا، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ فَقِيهًا يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْفَضَائِلِ، بَلْ كَانَ شُرَيْحٌ يُرَاسِلُهُ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: (إِنَّهُ ثِقَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ) .

(عَنْهُ) يَعْنِي عَنْ عَلِيٍّ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ، وَكَذَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ بِزِيَادَةِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ; حَيْثُ قَالَا: أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ: أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ إِلَى آخِرِهِ.

وَجَاءَ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ أَوَّلِهِمَا بِإِبْدَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ مِنَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَبأَجْوَدَ مِنْ

ص: 38

أَصَحَّ، وَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَصَحِّيَّةِ أَيُّوبَ مَعَ بَاقِي التَّرْجَمَةِ النَّسَائِيُّ، لَكِنْ مَعَ إِدْرَاجِ غَيْرِهِ.

(أَوْ) مَا رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْكُوفِيُّ (الْأَعْمَشُ) الْإِمَامُ الْحَافِظُ الثِّقَةُ الَّذِي كَانَ شُعْبَةُ يُسَمِّيهِ لِصِدْقِهِ (الْمُصْحَفَ)(عَنِ) الْفَقِيهِ الْمُتَوَفَّى الصَّالِحِ.

(ذِي الشَّأْنِ) أَبِي عِمْرَانَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ (النَّخَعِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُعْجَمَةِ، نِسْبَةً لِلنَّخَعِ، قَبِيلَةٌ مِنْ مَذْحِجٍ، الْكُوفِيِّ

(عَنْ) رَاهِبِ أَهْلِ الْكُوفَةِ عِبَادَةً وَعِلْمًا وَفَضْلًا وَفِقْهًا. (ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَةَ) أَيْ: عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ، وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ، لَكِنْ بِإِبْدَالِ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ مِنَ الْأَعْمَشِ.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: (حَدَّثَ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ، فَقَالَ: هَذَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ)، بَلْ سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي إِبْرَاهِيمَ: الْأَعْمَشُ أَوْ مَنْصُورٌ؟ ، فَقَالَ:(مَنْصُورٌ) .

وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُمَا -: الْأَعْمَشُ حَافِظٌ يُخَلِّطُ وَيُدَلِّسُ، وَمَنْصُورٌ أَتْقَنُ لَا يُخَلِّطُ وَلَا يُدَلِّسُ، لَكِنْ قَالَ وَكِيعٌ:(إِنَّ الْأَعْمَشَ أَحْفَظُ لِإِسْنَادِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ مَنْصُورٍ) .

وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ أَوْرَدْتُ مِنْهَا فِي النُّكَتِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هُنَا مَا يُزَاحِمُ عِشْرِينَ قَوْلًا، وَالِاعْتِنَاءُ بِتَتَبُّعِهَا يُفِيدُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا تَرْجِيحُ مَا عُورِضَ مِنْهَا بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ تَمَكُّنُ النَّاظِرِ الْمُتْقِنِ فِيهَا مِنْ تَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِالنَّظَرِ لِتَرْجِيحِ الْقَائِلِينَ إِنْ تَهَيَّأَ.

ص: 39

[كِتَابٌ عَنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ] وَقَدْ أَفْرَدَ النَّاظِمُ فِي الْأَحْكَامِ كِتَابًا لَطِيفًا جَمَعَهُ مِنْ تَرَاجِمِ سِتَّةَ عَشَرَ قِيلَ فِيهَا: إِنَّهَا أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ، إِمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا، وَهِيَ مَا عَدَا الثَّالِثَةِ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا، وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ، وَمَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كُلٌّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِمَّا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْهُ، كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْقَاسِمِ، وَالزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ عَائِشَةَ، وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ.

وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ أَصَحِّ الصَّحِيحِ.

(وَ) عَلَى كُلِّ حَالٍ (لُمْ) كَمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ، بِضَمِّ اللَّامِ أَيِ: اعْذِلْ وَاعْتِبْ (مَنْ عَمَّمَهْ) أَيِ: الَّذِي عَمَّمَ الْحُكْمَ بِالْأَصَحِّيَّةِ لِسَنَدٍ مُعَيَّنٍ ; لِأَنَّهُ حَصْرٌ فِي بَابٍ وَاسِعٍ جِدًّا شَدِيدِ الِانْتِشَارِ، وَالْحَاكِمُ فِيهِ عَلَى خَطَرٍ مِنَ الْخَطَأِ وَالِانْتِقَاضِ.

كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي قَوْلِهِمْ: لَيْسَ فِي الرُّوَاةِ مَنِ اسْمُهُ كَذَا سِوَى فُلَانٍ، بَلْ إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَتُقَيَّدُ كُلُّ تَرْجَمَةٍ بِصَحَابِيِّهَا، أَوْ بِالْبَلَدِ الَّتِي مِنْهَا أَصْحَابُ تِلْكَ التَّرْجَمَةِ، فَهُوَ أَقَلُّ انْتِشَارًا أَوْ أَقْرَبُ إِلَى حَصْرٍ، كَمَا قِيلَ فِي أَفْضَلِ التَّابِعِينَ، وَأَصَحِّ الْكُتُبِ، وَأَحَادِيثِ الْبَابِ، فَيَقُولُونَ: أَصَحُّ أَحَادِيثِ بَابِ كَذَا أَوْ مَسْأَلَةِ كَذَا حَدِيثُ كَذَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي أَصَحِ أَسَانِيدِ فُلَانٍ، مَشَوْا فِي أَوْهَى أَسَانِيدِ فُلَانٍ أَيْضًا، وَفَائِدَتُهُ تَرْجِيحُ بَعْضِ الْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضٍ، وَتَمْيِيزُ مَا يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ

ص: 40