المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يَقَعُ جَابِرًا لِمَا يُوجِبُ التَّفَرُّدَ وَالشُّذُوذَ - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِيثِ]

- ‌[الحديث الصَّحِيحُ]

- ‌[شُرُوطِ الحديث الصَّحِيحِ]

- ‌[أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[الصَّحِيحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ]

- ‌ الْمُسْتَخْرَجَاتِ

- ‌[مَرَاتِبُ الصَّحِيحِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّعْلِيقُ]

- ‌[نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ]

- ‌[الحديث الْحَسَنُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أقسام الحديث الحسن]

- ‌[الِاحْتِجَاجُ بالحديث الْحَسَنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحديث الْحَسَنِ]

- ‌[الكتب التي من مظنة الحديث الحسن]

- ‌[الكلام على سنن أبي داود]

- ‌[الكلام على كتب البغوي]

- ‌[اتِّفَاقَ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى صِحَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الكلام على المسانيد]

- ‌[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ]

- ‌[الحديث الضَّعِيفُ]

- ‌[الْمَرْفُوعُ]

- ‌[الْمُسْنَدُ]

- ‌[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

- ‌[الْمَوْقُوفُ]

- ‌[الْمَقْطُوعُ]

- ‌[فُرُوعٌ]

- ‌[الفرع الأول قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]

- ‌[الْفَرْعُ الثَّالِثُ تفسير الصحابي]

- ‌[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ عَنْ تَابِعٍ مِنَ التَّابِعِينَ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّادِسُ مَا أَتَى عَنْ الصحابي مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]

- ‌[الْمُرْسَلُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]

- ‌[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

- ‌[ذكر المبهمات في المراسيل]

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُعْضَلِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْعَنْعَنَةُ]

- ‌[هَلِ الْمُعَنْعَنُ مُتَّصِلٌ]

- ‌[الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدِيثُ]

- ‌[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إِيرَادُ عَنْ لِغَيْرِ الرِّوَايَةِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ أَوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[تَعَارُضُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ]

- ‌[التَّدْلِيسُ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِرْسَالِ]

- ‌[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]

- ‌[الشَّاذُّ]

- ‌[الْمُنْكَرُ]

- ‌[الِاعْتِبَارُ وَالْمُتَابِعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ]

- ‌[زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ]

- ‌[الْأَفْرَادُ]

- ‌[الْمُعَلَّلُ]

- ‌[الْمُضْطَرِبُ]

- ‌[الْمُدْرَجُ]

- ‌[مُدْرَجُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْإِدْرَاجِ]

- ‌[مُدَرْجُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ]

- ‌[مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[حُكْمُ بَيَانِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْمَوْضُوعِ]

- ‌[أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ]

- ‌[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]

- ‌[طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ]

- ‌[الْمَقْلُوبُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ عَمْدًا وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[قَلْبُ السَّنَدِ سَهْوًا وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[قَلْبُ الْمَتْنِ وَأَمْثِلَتُهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

الفصل: مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يَقَعُ جَابِرًا لِمَا يُوجِبُ التَّفَرُّدَ وَالشُّذُوذَ

مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يَقَعُ جَابِرًا لِمَا يُوجِبُ التَّفَرُّدَ وَالشُّذُوذَ مِنَ النَّكَارَةِ وَالضَّعْفِ. انْتَهَى.

وَتَسْمِيَةُ مَا انْفَرَدَ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ شَاذًّا كَتَسْمِيَةِ مَا كَانَ فِي رُوَاتِهِ ضَعِيفٌ أَوْ سَيِّئُ الْحِفْظِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ مُعَلَّلًا، وَذَلِكَ فِيهِمَا مُنَافٍ لِغُمُوضِهِمَا، فَالْأَلْيَقُ فِي حَدِّ الشَّاذِّ مَا عَرَّفَهُ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَلِذَا اقْتَصَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْأَلْيَقَ فِي الْحَسَنِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ.

[الْمُنْكَرُ]

167 -

وَالْمُنْكَرُ الْفَرْدُ كَذَا الْبَرْدِيجِي

أَطْلَقَ وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيجِ

168 -

إِجْرَاءُ تَفْصِيلٍ لَدَى الشُّذُوذِ مَرْ

فَهْوَ بِمَعْنَاهُ كَذَا الشَّيْخُ ذَكَرْ

169 -

نَحْوُ: " كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ " الْخَبَرْ

وَمَالِكٌ سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ عُمَرْ

170 -

قُلْتُ: فَمَاذَا بَلْ حَدِيثُ (نَزْعِهِ

خَاتَمَهُ عِنْدَ الْخَلَا وَوَضْعِهِ.

[تَعْرِيفُ الْمُنْكَرِ وَأَنْوَاعُهُ](وَالْمُنْكَرُ) الْحَدِيثُ (الْفَرْدُ) وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَتْنُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ رَاوِيهِ، فَلَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهِ، بَلْ وَلَا شَاهِدَ، (كَذَا) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ (الْبَرْدِيجِيُّ أَطْلَقَ، وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيجِ) يَعْنِي الْمَرْوِيَّ كَذَلِكَ (إِجْرَاءُ تَفْصِيلٍ لَدَى) أَيْ: عِنْدَ (الشُّذُوذِ مَرَّ) بِحَيْثُ يَكُونُ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ.

(فَهُوَ) أَيِ: الْمُنْكَرُ (بِمَعْنَاهُ) أَيِ: الشَّاذِّ (كَذَا الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ (ذَكَرَ) مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا جَمْعُ الذَّهَبِيِّ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِهِ عَلَى بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَقَّقَ شَيْخُنَا التَّمْيِيزَ بِجِهَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي مَرَاتِبِ الرُّوَاةِ، فَالصَّدُوقُ إِذَا تَفَرَّدَ بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهِ وَلَا شَاهِدَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ

ص: 249

مِنَ الضَّبْطِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَقْبُولِ، فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ الشَّاذِّ.

فَإِنْ خُولِفَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مَعَ ذَلِكَ، كَانَ أَشَدَّ فِي شُذُوذِهِ، وَرُبَّمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مُنْكَرًا، وَإِنْ بَلَغَ تِلْكَ الرُّتْبَةَ فِي الضَّبْطِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ.

فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الشَّاذِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَدَّمْنَا فِي تَسْمِيَتِهِ، وَأَمَّا إِذَا انْفَرَدَ الْمَسْتُورُ، أَوِ الْمَوْصُوفُ بِسُوءِ الْحِفْظِ، أَوِ الْمُضَعَّفُ فِي بَعْضِ مَشَايِخِهِ خَاصَّةً، أَوْ نَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يُحْكَمُ لِحَدِيثِهِمْ بِالْقَبُولِ بِغَيْرِ عَاضِدٍ يُعَضِّدُهُ، بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ وَلَا شَاهِدَ - فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي يُوجَدُ إِطْلَاقُ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ; كَأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ.

وَإِنْ خُولِفَ مَعَ ذَلِكَ، فَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِينَ فِي تَسْمِيَتِهِ، فَبَانَ بِهَذَا فَصْلُ الْمُنْكَرِ مِنَ الشَّاذِّ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قِسْمَانِ يَجْتَمِعَانِ فِي مُطْلَقِ التَّفَرُّدِ أَوْ مَعَ قَيْدِ الْمُخَالَفَةِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الشَّاذَّ رَاوِيهِ ثِقَةٌ أَوْ صَدُوقٌ غَيْرُ ضَابِطٍ، وَالْمُنْكَرَ رَاوِيهِ ضَعِيفٌ بِسُوءِ حِفْظِهِ أَوْ جَهَالَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَا فَرَّقَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ مُقْتَصِرًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى قِسْمِ الْمُخَالَفَةِ، فَقَالَ فِي الشَّاذِّ: إِنَّهُ مَا رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، وَفِي الْمُنْكَرِ: إِنَّهُ مَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا، وَالْمُقَابِلُ لِلْمُنْكَرِ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَلِلشَّاذِّ كَمَا تَقَدَّمَ، هُوَ الْمَحْفُوظُ.

قَالَ: قَدْ غَفَلَ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا، زَادَ فِي غَيْرِهِ: وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ (صَحِيحِهِ) مَا نَصُّهُ: وَعَلَامَةُ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَى، خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ، أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ، كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلَا مُسْتَعْمِلِهِ.

ص: 250

قَالَ شَيْخُنَا: فَالرُّوَاةُ الْمَوْصُوفُونَ بِهَذَا هُمُ الْمَتْرُوكُونَ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا رِوَايَةُ الْمَتْرُوكِ عِنْدَ مُسْلِمٍ تُسَمَّى مُنْكَرَةً، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلِكُلٍّ مِنْ قِسْمَيِ الْمُنْكَرِ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ، (نَحْوُ:«كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ» الْخَبَرَ) ، وَتَمَامُهُ:«فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا أَكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ» ، وَقَالَ:«عَاشَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى أَكَلَ الْجَدِيدَ بِالْخَلِقِ» فَقَدْ صَرَّحَ النَّسَائِيُّ بِأَنَّهُ مُنْكَرٌ.

[أَمْثِلَةُ نَوْعَيِ الْمُنْكَرِ] : وَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيْهِ، فَإِنَّ أَبَا زُكَيْرٍ - وَهُوَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْبَصْرِيُّ - رَاوِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، الْمُنْفَرِدَ بِهِ - كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا قَالَ الْعُقَيْلِيُّ -: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ.

وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْحَاكِمِ: هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَصْرِيِّينَ عَنِ الْمَدَنِيِّينَ ; إِذْ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ ضُعِّفَ لِخَطَئِهِ، وَهُوَ فِي عِدَادِ مَنْ يَنْجَبِرُ.

وَلِذَا قَالَ السَّاجِيُّ: إِنَّهُ صَدُوقٌ يَهِمُ، وَفِي حَدِيثِهِ لِينٌ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ: إِنَّهُ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ، وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.

ص: 251

وَقَوْلُ الْخَلِيلِيِّ فِيهِ: إِنَّهُ شَيْخٌ صَالِحٌ، فَإِنَّمَا أَرَادَ صَلَاحِيَتَهُ فِي دِينِهِ، جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِمْ فِي إِطْلَاقِ الصَّلَاحِيَةِ ; حَيْثُ يُرِيدُونَ بِهَا الدِّيَانَةَ، أَمَّا حَيْثُ أُرِيدَ فِي الْحَدِيثِ فَيُقَيِّدُونَهَا، وَيَتَأَيَّدُ بِبَاقِي كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ مَنْ يَحْتَمِلُ تَفَرُّدَهُ.

وَقَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، أَيْ: فِي الْمُتَابِعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، وَلِذَا خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَوْضِعًا وَاحِدًا مُتَابَعَةً، بَلْ تَوَسَّعَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَدْخَلَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ نَكَارَةُ مَعْنَاهُ أَيْضًا وَرِكَّةُ لَفْظِهِ، وَأَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِصِحَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا.

(وَ) نَحْوُ (مَالِكٍ) حَيْثُ (سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ) الَّذِي النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ عَمْرٌو بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (عُمَرَ) بِضَمِّهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ خِلَافُهُ ; وَذَلِكَ لَمَّا رَوَى حَدِيثَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا:«لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْهُ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ - كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ - أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ حَكَمَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ بِالْوَهْمِ فِيهِ، وَكَانَ مَالِكٌ يُشِيرُ بِيَدِهِ لِدَارِ عُمَرَ، فَكَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُ.

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو الْفَضْلِ السُّلَيْمَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ عِيسَى يَقُولُ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّكَ تُخْطِئُ فِي أَسَامِي الرِّجَالِ، تَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَتَقُولُ: عُمَرُ

ص: 252

بْنُ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو، وَتَقُولُ: عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَةُ.

فَقَالَ مَالِكٌ: هَكَذَا حَفِظْنَا، وَهَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِي، وَنَحْنُ نُخْطِئُ، وَمَنْ يَسْلَمُ مِنَ الْخَطَأِ؟ ! (قُلْتُ: فَمَاذَا) يَتَرَتَّبُ عَلَى تَفَرُّدِ مَالِكٍ مِنْ بَيْنَ الثِّقَاتِ بِاسْمِ هَذَا الرَّاوِي، مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثِقَةً ; إِذْ لَا يَلْزَمُ مِمَّا يَكُونُ كَذَلِكَ نَكَارَةُ الْمَتْنِ وَلَا شُذُوذُهُ.

بَلِ الْمَتْنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ تَمْثِيلَ ابْنِ الصَّلَاحِ بِهِ لِمُنْكَرِ السَّنَدِ خَاصَّةً، فَالنَّكَارَةُ تَقَعُ فِي كُلٍّ مِنْهَا، وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُعَلَّلِ مِثَالًا لِمَا يَكُونُ مَعْلُولَ السَّنَدِ مَعَ صِحَّةِ مَتْنِهِ.

وَهُوَ إِبْدَالُ يَعْلَى بْنَ عُبَيْدٍ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، عَلَى أَنَّ هُشَيْمًا قَدْ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَخَالَفَ فِيهِ مُخَالَفَةً أَشَدَّ مِمَّا وَقَعَ لِمَالِكٍ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْمَتْنِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَاهُ بِلَفْظِ:( «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» ) ، وَلِذَا حَكَمَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى هُشَيْمٍ فِيهِ بِالْخَطَأِ.

قَالَ شَيْخُنَا: (وَأَظُنُّهُ رَوَاهُ مِنْ حِفْظِهِ بِلَفْظِ ظَنَّ أَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَى مَا سَمِعَ، فَلَمْ يُصِبْ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَتَى بِهِ أَعَمُّ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَضْبُطْ عَنْهُ مَا سَمِعَ، فَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُ مِنْ حِفْظِهِ فِيهِمْ فِي الْمَتْنِ أَوْ فِي الْإِسْنَادِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ مَثَّلَ بِرِوَايَةِ هُشَيْمٍ كَانَ أَسْلَمَ) .

(بَلْ) مِنْ أَمْثِلَتِهِ كَمَا لِلنَّاظِمِ (حَدِيثُ نَزْعِهِ) صلى الله عليه وسلم (خَاتَمَهُ عِنْدَ) دُخُولِ (الْخَلَا) بِالْقَصْرِ لِلضَّرُورَةِ (وَوَضْعِهِ) ، الَّذِي رَوَاهُ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَقِبَهُ: إِنَّهُ مُنْكَرٌ.

قَالَ: (وَإِنَّمَا يُعْرَفُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «عَنِ

ص: 253

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَلْقَاهُ» .

قَالَ: وَالْوَهْمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ: إِنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ) . انْتَهَى.

وَهَمَّامٌ ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّهُ خَالَفَ النَّاسَ، قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَمْ يُوَافِقْ أَبُو دَاوُدَ عَلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالنَّكَارَةِ، فَقَدْ قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ: لَا أَدْفَعُ أَنْ يَكُونَا حَدِيثَيْنِ، وَمَالَ إِلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ، فَصَحَّحَهُمَا مَعًا.

وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ ابْنَ سَعْدٍ أَخْرَجَ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّ أَنَسًا نَقَشَ فِي خَاتَمِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَرَادَ الْخَلَاءَ وَضَعَهُ، لَا سِيَّمَا وَهَمَّامٌ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ ; فَإِنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَا لِهَمَّامٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِنْ أَخْرَجَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ.

وَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: إِنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، فِيهِ نَظَرٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا: إِنَّهُ لَا عِلَّةَ لَهُ عِنْدِي إِلَّا تَدْلِيسَ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَإِنْ وُجِدَ عَنْهُ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ، فَلَا مَانِعَ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ فِي نَقْدِي. انْتَهَى.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَيْشُونَ، ثَنَا أَبُو قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ، أَوْ قَالَ: كَانَ يَنْزِعُ خَاتَمَهُ إِذَا أَرَادَ الْجَنَابَةَ» .

وَلَكِنْ أَبُو قَتَادَةَ - وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ الْحَرَّانِيُّ -

ص: 254