الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ]
83 -
وَالْحُكْمُ لِلْإِسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أَوْ
…
بِالْحُسْنِ دُونَ الْحُكْمِ لِلْمَتْنِ رَأَوْا
84 -
وَاقْبَلْهُ إِنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ
…
وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بِضَعْفٍ يُنْتَقَدْ
85 -
وَاسْتُشْكِلَ الْحُسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ فِي
…
مَتْنٍ فَإِنْ لَفْظًا يَرِدْ فَقُلْ صِفِ
86 -
بِهِ الضَّعِيفَ أَوْ يَرِدْ مَا يَخْتَلِفْ
…
سَنَدُهُ فَكَيْفَ إِنْ فَرْدٌ وُصِفْ
87 -
وَلَأَبِي الْفَتْحِ فِي الِاقْتِرَاحِ
…
إِنَّ انْفِرَادَ الْحُسْنِ ذُو اصْطِلَاحِ
88 -
وَإِنْ يَكُنْ صَحَّ فَلَيْسَ يَلْتَبِسْ
…
كُلُّ صَحِيحٍ حَسَنٌ لَا يَنْعَكِسْ
89 -
وَأَوْرَدُوا مَا صَحَّ مِنْ أَفْرَادِ
…
حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إِسْنَادِ.
[عَدَمُ التَّلَازُمِ بَيْنَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ] وَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ بِانْفِرَادِهِ، نَاسَبَ إِرْدَافَهُمَا بِمَسْأَلَتَيْنِ مُتَعَلِّقَتَيْنِ بِهِمَا ; فَلِذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَالْحُكْمُ) الصَّادِرُ مِنَ الْمُحَدِّثِ (لِلْإِسْنَادِ بِالصِّحَّةِ) كَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ (أَوْ بِالْحُسْنِ) كَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ (دُونَ الْحُكْمِ) مِنْهُ بِذَلِكَ (لِلْمَتْنِ) كَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ.
كَمَا (رَأَوْا) حَسَبَ مَا اقْتَضَاهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ ; إِذْ قَدْ يَصِحُّ السَّنَدُ أَوْ يَحْسُنُ ; لِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ مِنَ الِاتِّصَالِ، وَالْعَدَالَةِ، وَالضَّبْطِ دُونَ الْمَتْنِ ; لِشُذُوذٍ أَوْ عِلَّةٍ، وَلَا يَخْدِشُ فِي عَدَمِ التَّلَازُمِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُمْ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، مُرَادُهُمْ بِهِ اتِّصَالُ سَنَدِهِ مَعَ سَائِرِ الْأَوْصَافِ فِي الظَّاهِرِ لَا قَطْعًا ; لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ الْحُكْمَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَسَانِيدِ ذَاكَ الْحَدِيثِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِسْنَادِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي صِحَّةِ الْمَتْنِ وَلَا ضَعْفِهِ، بَلْ هُوَ عَلَى الِاحْتِمَالِ، إِنْ صَدَرَ مِمَّنْ لَمْ يَطَّرِدْ لَهُ عَمَلٌ فِيهِ، أَوِ اطَّرَدَ فِيمَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِحَّةُ مَتْنِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ مُنْحَطَّ الرُّتْبَةِ عَنِ الْحُكْمِ لِلْحَدِيثِ.
(وَاقْبَلْهُ) أَيِ: الْحُكْمَ لِلْإِسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أَوِ الْحُسْنِ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا (إِنْ أَطْلَقَهُ) أَيِ: الْحُكْمَ لِلْإِسْنَادِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (مَنْ يُعْتَمَدْ) أَيْ: مِمَّنْ عُرِفَ بِاطِّرَادِ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ وَالِاسْتِدْلَالِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الْحَامِلُ لِابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى التَّفْرِقَةِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: غَيْرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمْ. . .
إِلَى آخِرِهِ.
فَكَأَنَّهُ خَصَّ الْأَوَّلَ بِمَنْ لَمْ يُصَنِّفْ مِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ الْكَلَامُ عَلَى الْأَحَادِيثِ إِجَابَةً لِمَنْ سَأَلَهُ، أَوْ صَنَّفَ لَا عَلَى الْأَبْوَابِ، بَلْ عَلَى الْمَشْيَخَاتِ وَالْمَعَاجِمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ، فَقَدْ قِيلَ بِنَحْوِهِ فِي الْعَزْوِ لَأَصْلِ الْمُسْتَخْرَجَاتِ مِمَّا يُنْقَلُ مِنْهَا بِدُونِ مُقَابَلَةٍ عَلَيْهِ ; حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّصْنِيفِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَغَيْرِهَا.
وَلَمْ يُرِدِ ابْنُ الصَّلَاحِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهِ ; إِذْ غَيْرُ الْمُعْتَمَدِ لَا يُعْتَمَدُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: الْكُلُّ مُعْتَمَدُونَ ; غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَشَدُّ اعْتِمَادًا.
وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الْغَايَةِ فِي الْعُمْدَةِ بِالْجِهْبِذِ (وَ) ذَلِكَ حَيْثُ (لَمْ يُعَقِّبْهُ) أَيِ: الْحُكْمَ لِلْإِسْنَادِ (بِضَعْفٍ يُنْتَقَدْ) بِهِ الْمَتْنُ إِمَّا نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بِنَقْدِهِ هُوَ وَتَصَرُّفِهِ ; إِذِ الظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ الْمُصَنِّفِ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - الْحُكْمُ لَهُ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، أَيْ: فِي نَفْسِ الْمَتْنِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ وَالْقَادِحِ هُوَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ، أَيْ: فِي هَذَا الْمَتْنِ خَاصَّةً، نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ الْمُصَنِّفَ إِنَّمَا أَطْلَقَ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنِ انْتِقَاءِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَالْقَادِحِ هُوَ الْأَصْلُ مُطْلَقًا، مَا اشْتُرِطَ عَدَمُهُ فِي الصَّحِيحِ.
وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ الْحُكْمُ لِلْإِسْنَادِ بِالضَّعْفِ ; إِذْ قَدْ يَضْعُفُ لِسُوءِ حِفْظٍ وَانْقِطَاعٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلِلْمَتْنِ طَرِيقٌ آخَرُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ، كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ التَّنْبِيهَاتِ التَّالِيَةِ لِلْمَقْلُوبِ، وَلَكِنَّ الْمُحَدِّثَ الْمُعْتَمَدَ لَوْ لَمْ يَفْحَصْ عَنِ انْتِفَاءِ الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، مَا أَطْلَقَ.
ثُمَّ إِنَّهُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ قَدْ يَدِّعِي أَرْجَحِيَّةَ مَا نَصَّ فِيهِ عَلَى الْمَتْنِ ; لِمَا عُلِمَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ بِالْعِبَارَةِ وَالنَّصِّ عَلَى مَا هُوَ بِالظُّهُورِ وَاللُّزُومِ.
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِعَدَمِ التَّلَازُمِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ