الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تِلْوَهُ فِي رِوَايَةٍ: «فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبُ» .
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا: هَذَا دَالٌّ عَلَى سَمَاعِهِ لِلْفُرْجَةِ لَا لِلْحُجَّةِ، كَمَا بَسَطْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاضِحًا فِي كِتَابِي " الْأَصْلُ الْأَصِيلُ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّقْلِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ".
إِذْ عُلِمَ هَذَا، فَقَدْ أَلْحَقَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِالصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِيءُ عَنِ التَّابِعِينَ أَيْضًا، مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ ; فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَادَّعَى أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ، قَالَ: وَلِهَذَا أَدْخَلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: «صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ خَلْفَ الْمُصَلِّي» . انْتَهَى.
وَقَدْ يَكُونُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ اخْتَصَّ بِذَلِكَ عَنِ التَّابِعِينَ، كَمَا اخْتَصَّ دُونَهُمْ بِالْحُكْمِ فِي قَوْلِهِ:" مِنَ السُّنَّةِ وَأُمِرْنَا "، وَالِاحْتِجَاجِ بِمَرَاسِيلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أَمَاكِنِهِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ هُنَا التَّعْمِيمُ، وَبِهَذَا الْحُكْمِ أُجِيبَ مَنِ اعْتَرَضَ فِي إِدْخَالِ الْمَقْطُوعِ وَالْمَوْقُوفِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْمَقْطُوعِ.
[الْفَرْعُ السَّابِعُ تكرير القول بعد ذكر الصحابي قال قال]
[وَالْفَرْعُ السَّابِعُ](وَ) الْفَرْعُ السَّابِعُ (مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ) بِكَسْرِ تَاءِ التَّأْنِيثِ، رضي الله عنه (مُحَمَّدٌ) أَيِ: ابْنُ سِيرِينَ (وَ) رَوَاهُ (عَنْهُ) أَيْ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ (أَهْلُ الْبَصْرَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، (وَكَرَّرَ) أَيِ: ابْنُ سِيرِينَ أَوِ الرَّاوِي مِنَ الْبَصْرِيِّينَ عَنْهُ (قَالَ بَعْدَ) أَيْ: بَعْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ ; بِأَنْ قَالَ بَعْدَهُ: " قَالَ: قَالَ " بِحَذْفِ فَاعِلِ " قَالَ " الثَّانِي.
مِثَالُهُ مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ مِنْ طَرِيقِ دَعْلَجٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ هُوَ الْحَمَّالُ، بِحَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ» .
وَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ أَيُّوبَ، وَمِنْ
حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ (فَالْخَطِيبُ رَوَى) عَنْ مُوسَى الْمَذْكُورِ (بِهِ) أَيْ: فِي الْآتِي كَذَلِكَ (الرَّفْعَ)، فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْبَصْرِيُّونَ: قَالَ: قَالَ، فَهُوَ مَرْفُوعٌ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ عَقِبَهُ: قُلْتُ لِلْبَرْقَانِيِّ: أَحْسَبُ أَنَّ مُوسَى عَنَى بِهَذَا الْقَوْلِ أَحَادِيثَ ابْنِ سِيرِينَ خَاصَّةً، فَقَالَ: كَذَا يَجِبُ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَيُحَقِّقُهُ وَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ مَرْفُوعٌ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ (صَحِيحِهِ) ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادٌ بِهِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ. . . الْحَدِيثَ.
وَرَوَى غَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» .
(وَذَا) أَيِ: الْحُكْمُ بِالرَّفْعِ فِيمَا يَأْتِي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِتَكْرِيرِ " قَالَ " خَاصَّةً - (عَجِيبٌ) ; لِتَصْرِيحِهِ بِالتَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بَلْ لَوْلَا ثُبُوتُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْهُ، لَمْ يَسُغِ الْجَزْمُ بِالرَّفْعِ فِي ذَلِكَ ; إِذْ مُجَرَّدُ التَّكْرِيرِ مِنَ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ جَانِبُ الرَّفْعِ أَقْوَى.
فَقَدْ وَجَدْنَا الْكَثِيرَ مِمَّا جَاءَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ سِيرِينَ كَذَلِكَ جَاءَ بِصَرِيحِ الرَّفْعِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ; كَحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ يَجِدُ الْخَبَثَ» .
وَحَدِيثِ «زَيْدِ بْنِ الْحُبْابِ» عَنْ «أَبِي الْمُنِيبِ» عَنِ «ابْنِ بُرَيْدَةَ» عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ: الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا.