الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
6 -
سمية
أما أمه ((سمية)) رضي الله عنها أول شهيد في الإسلام - فهي أيضا لم تنج من تعذيب المشركين، ولم يكف فيها التعذيب وحده، بل وصل بهم الأمر إلى قتلها، فقد قتلها عدو الله، أبو جهل عمرو بن هشام حيث وجأها - ضربها - بحربة من حديد في قبلها - وقيل في قلبها - والأول أشهر فماتت، فهي أول شهيد في الإسلام فكان هذا الشهيد امرأة، وهكذا ينال المسلمين ما ينالهم من أعدائهم بلا فرق وبلا تمييز بين الرجال والنساء فهم فيه سواء، كما حدث أيام ثورة التحرير الجزائرية، من الجيش الفرنسي الاستعماري.
وشهد عمار بن ياسر قتال المرتدين - في حرب اليمامة - التي قتل فيها مسليمة النبي الكذاب، كما تقدم فقد روى نافع عن ابن عمر قال: رأيت عمارا
يوم اليمامة على صخرة، وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون؟؟ أنا عمار بن ياسر هلموا إلي، قال: وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذب - تتحرك - وهو يقاتل أشد القتال.
وصحب عمار عليا رضي الله عنهما وشهد معه الجمل وصفين، فأبلى فيهما، قال أبو عبد الرحمن السلمي شهدنا ((صفين مع علي فرأيت عمار ابن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية ((صفين)) إلا رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لهم، قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم ابن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم تفر من الجنة؟ الجنة تحت البارقة - السيوف - اليوم ألقى الأحبة، محمدا وحزبه، والله لو قاتلونا حتى يبلغوا بنا شعاب هجر لعلمت أننا على حق وأنهم على الباطل، وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم ((صفين)) إيتوني بشربة، فأتى بشربة لبن، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لى: (آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن) فشربها، ثم قاتل حتى قتل، رحمه الله ورضي عنه، وكان عمره أربعا وتسعين سنة، وقيل ثلاثا وتسعين، وقيل إحدى وتسعين.
وفي المعذبين من ضعفاء الصحابة رضوان الله عنهم نزل قوله تعالى على ما قاله المفسرون: ((والذين هاجروا في سبيل الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة
ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون)) (1) وقوله ((ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم)) (2).
وقال بعض المفسرين، أنها نزلت في عمار بن ياسر خاصة، والمعذبون من الصحابة رضي الله عنهم هم عمار بن ياسر، وأمه سمية، وأبوه ياسر وبلال، وصهيب، وخباب.
قال ابن إسحاق وكانت ينو مخزوم يخرجون بعمار وأبيه ياسر، وبأمه سمية، وكانوا أهل بيت إسلام إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة، وهي شدة حرارة الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بأسرة عمار بن ياسر وهي تعذب فيقول لهم (صبرا آل ياسر، موعدكم الجنة).
وعن محمد بن كعب القرظي قال: أخبرني من رآى عمار بن ياسر متجردا في سراويل - سروال - قال فنظرت إلى ظهره فيه حبط كثير - أثر الضرب بالسياط - فقلت له، ما هذا؟ قال: هذا ما كانت تعذبني به قريش في رمضاء - حر - مكة، كما عذبوه بالإحراق بالنار.
(1) الآية 41 من سورة النحل.
(2)
الآية 110 من سورة النحل.