الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقلت كلا والله، فخافني وقيدنى بالحديد، فبعثت إلى النصارى وأعلمتهم ما وافقني من أمرهم.
وقصته مذكورة في كتاب ((دلائل النبوة)) للإمام البيهقي وفي غيره.
سلمان الفارسي يبحث عن حقيقة العقيدة والدين الصحيح:
هذا سلمان الفارسي في رحلة زمانية ومكانية طويلة وشاقة محفوفة بالمخاطر والأهوال، وفي نهايتها يبلغ مراده، بعد أتعاب ومشاق وأهوال، قال سلمان وسألتهم - النصارى - إعلامي بمن يريد الشام ففعلوا، قال: فألقيت الحديد من رجلي وخرجت معهم إلى الشام، فسألتهم عن عالمهم؟ فقالوا: الأسقف فأتيته فأخبرته وقلت له أكون معك، أخدمك وأصلي معك، فقال: أقم، فمكثت مع رجل سوء في دينه وكان يأمرهم بالصدقة، فإذا أعطوه شيئا أمسكه لنفسه، حتى جمع سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا - فضة - فتوفي فأخبرتهم بخبره، فزبروني - زجروني - فدللتهم على ماله، فصلبوه ولم يغيبوه ورجموه، (فقد كان هذا الراهب يسرق الأموال باسم الدين، فجازوه جزاء الخائن للأمانة، فما أولى بهذا الحكم وما أحقه بالتطبيق على خونة هذا الزمان باسم الدين) قال سلمان، وأجلسوا مكانه رجلا فاضلا في دينه، زهدا ورغبة في الآخرة
وصلاحا، فألقى الله حبه في قلبي حتى إذا حضرته الوفاة قلت له: أوصني، فذكر رجلا بالموصل، كانا على أمر واحد، حتى هلك، فأتيت الموصل، فلقيت الرجل فأخبرته بخبري، وأن فلانا أمرني بالإتيان إليك، فقال لي: أقم، فوجدته على أمره وسبيله، حتى حضرته الوفاة، فقلت له: أوصني فقال ما أعرف أحدا على ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية - بلدة في أرض الروم - - الشام -، فأتيته بعمورية فأخبرته بخبري، فأمرني بالمقام عنده واكتسبت، فاتخذت غنيمة وبقرات فحضرته الوفاة فتلت له: إلى من توصي بي، وبم تأمرني؟؟ فقال أي بني، والله لا أعلم أحدا اليوم على مثل ما كنا عليه، ولكن قد أظلك زمان نبي يبعث بدين إبراهيم ((الحنيفية)) يخرج بأرض العرب، مهاجره بأرض بين حرتين، بينهما نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فإن استطعت أن تلحق بتلك الأرض فافعل.
ثم استمر سلمان في سرد قصته - العجيبة - وهداية الله له إلى الإسلام الحنيف، الذي رحل من أجله هذه الرحلة الطويلة في الزمان والمكان بحثا عن الحقيقة إلى أن ظفر بمبتغاه، قال سلمان: فتوفي ذلك الرجل الصالح - وهو الثالث ممن صحبهم سلمان - من أجل البحث عن الدين الحق، والعقيدة الصحيحة، ومر بي ركب من العرب من قبيلة (كلب) فقلت لهم، أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه وتحملوني إلى بلادكم
فحملوني إلى وادي القرى (1) قال سلمان: فظلموني وباعوني عبدا من رجل يهودي، فرأيت النخل فعلمت أنه البلد الذي وصف لي، فأقمت عند الذي اشتراني، وقدم عليه رجل من بني قريظة، فاشتراني منه وقدم بي إلى ((المدينة)) فعرفتها بصفتها، فأقمت في ((رقي)) معه أعمل في نخله، وبعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، فأقام بمكة ما أقام، وعقلت عن ذلك، حتى قدم المدينة، فنزل في بني عمرو بن عوف، فإني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لصاحبي فقال: أي فلان قاتل الله بني قيلة (2) مررت بهم آنفا وهم مجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة، يزعم أنه نبي فوالله ما هو إلا أن سمعتها فأخذني العرواء - الرعدة من الحمى والبرد - ورجفت بي النخلة حتى كدت أن أسقط، ونزلت سريعا فقلت: ما هذا الخبر؟ فلكمني صاحبي لكمة شديدة وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل على شأنك، فأقبلت على عملي حتى أمسيت، فجمعت شيئا فأتيته به وهو بقباء عند أصحابه، فقلت له: اجتمع عندي شيء أردت أن أتصدق به، فبلغني أنك رجل صالح ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحق به، فوضعته بين يديه، فكف يده وقال لأصحابه: كلوا، فأكلوا، فقلت هذه واحدة - يعني من أمارات
(1) وادي القرى قال فيه ياقوت: هو واد بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القرى.
(2)
بنو قيلة هم الأنصار، وقيلة اسم امرأة وهي أم الأوس والخزرج.