الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونلاحظ هنا:
أن الرق - والعبودية بالمعنى القديم - قد زال من العالم الحاضر، لانعدام الجهاد الشرعي فقد خلفه رق من أنواع أخرى، وهو أخطر وأفظع وأشد على النفس البشرية من الرق القديم، والمعروف أن ذلك هو رق الأفكار والعقول والمشاعر، فقد استولى عليها رق الإلحاد الذي نشر سلطانه على ضعفاء العقيدة ووجد الوسائل الكفيلة ببلوغه إلى مراده ومنه اسرقاق الحكومات القوية - كأمريكا وروسيا - لبعض الشعوب وحكوماتها الضعيفة فجعلتها تابعة ومسخرة لها تسير في فلكها لا تملك لنفسها أمرا، ويضاف إلى ذلك نوع آخر كرق حب المال والشهوات، ومن المعروف أن الرق أو العبودية لا يوجم إلا في أوساط الضعفاء، فيتسلط عليهم بقوته، غير أن الضمير الإسلامي لازال يقظا - والحمد لله - فالإلحاد مثله مثل السارق الذي ينتهز فرصة غفلة رب البضاعة أو المتاع ليستحوذ عليها، ومن سوء طالعه التعيس أن تيقظ له هذا الضمير، فانتبه لما يريده0 هذا اللص الخبيث، فصاح به مستعملا كلمة كنا نسمعها من بعض الصبيان وقت اللعب في صغرهم مع بعضهم البعض أو عن بعض الرجال من محترفي - السياسة - في أيام مجدهم السياسي وارتفاع صيتهم في غفلة من الزمان، فإذا أرادوا الرجوع إلى كسب ما فقدوه من مناصب كانوا عبثوا فيها وداسوا بها الكرامة والمبادئ، صاح بهم أبناء الشعب الذي سخروا منه أولا مرددين هذه الكلمة،
وهي قولهم لهم (فاقوا بكم) - ومعناها انتبه الناس لما تريدون - هذا ما يقوله المسلم - اليوم - لدعاة الإلحاد، والشهوات، وعبيد المال.
إذن فليعن بعضنا البعض على التحرر من عبودية الشهوات، وعقائد الزيغ والضلال والإلحاد، إذ عبودية الرقاب قد انتهى زمنها، وذهب غير مأسوف عليه وخلفته عبودية الشهوات ورق المال اللذين صيرا الأحرار عبيدا.
إن سلمان الفارسي قد شارك المسلمين في حياة النضال والجهاد من أجل العقيدة الصحيحة بعد أن نال حريته بكتابته، فقد اندمج في حياة الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشارك في كل الغزوات معهم بعد التحرر، ولم يفته من تلك الغزوات إلا غزوتا بدر وأحد وبعض المناوشات لأنه كان عبدا رقيقا مملوكا لسيده والمملوك لا جهاد عليه، وأول غزوة شارك فيها هي غزوة (الخندق) لأنه تحرر من الرق، ولم يتخلف عن مشهد من المشاهد بعدها، وسميت بغزوة الخندق لأن سلمان الفارسي هو الذي أشار على الرسول صلى الله عليه وسلم بحفره إذ العرب كانت لا تعرفه فهو من تنظيمات الدول الحربية.