الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمته، وإلا فإِنْه لا يأتي بالأحاديث الضَّعاف مِثْله، ثم لم يعبِّر عنه بالحديث، على ما عرفت من دَأبه، فيما مرّ، وبَحَث فيه ابنُ القَطَّان أن الحديثَ الضعيف إذا انعقد عليه الإِجماع هل ينقلب صحيحًا أَم لا؟ والمشهور الآن عند المحدِّثين أنه يبقى على حاله، والعُمْدة عنده في هذا الباب هو حال الإِسناد فقط، فلا يَحْكُمون بالصِّحة على حديثٍ راوٍ ضعيفٌ، وذهب بعضُهم إلى أن الحديثَ إذا تأيَّد بالعملِ ارتقى من حال الضَّعْف إلى مرتبة القبول.
قلت
(1)
: وهو الأَوْجَهُ عندي، وإن كَبُر على المشغوفِين بالإِسناد. فإِني قد بلوت حالَهم في تَجَازُفِهم، وتسامحهم، وتماكُسِهم بهذا الباب أيضًا. واعتبارُ الواقع عندي أولى مِن المَشْي على القواعد. وإنَّما القواعدُ للفَصْل فيما لم يَنْكشِف أمرُه من الخارج على وَجْهِه، فاتِّباع الواقِع أَوْلى، والتمسُّك به أَحْرَى.
7 - باب الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ
2748 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ. تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» . طرفه 1419 - تحفة 14900
2748 -
قوله: (قُلت: لفُلانٍ كذا، ولفُلان كذا، وقد كانَ لِفُلان) يعني أنك تُوصِي المال لواحدٍ، والشَّرْع يعطِيه لآخر، أو معناه أنه صار لفُلانٍ قبل إيصائك له. وهذا الاختلافُ يُبني على أن النَّكِره إذا أُعِيدت نكرةً، فهل تكونُ غيَر الأُلى أَم عَيْنَها؟.
8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
(2)
: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]
وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ
(1)
قلت: ولا تكن كما قيل: حَفِظت شيئًا، وغابت عنك أشياء.
فإِنَّ الشيخَ قَرَّر مرادَه من تلك الكلمات فيما مرَّ. فلا يريدُ هَدْرَ باب الإِسناد. كيف! ولولاه لقال من شاء ما شاء، ولكنَّه يُريد أن الحديثَ إذا صحَّ من القرائن، وظهر به العمل، فَتَرْكُه وقَطعُ النَّظر عنه بمجرد راوٍ ضعيف ليس بسديد. كيف! وتَسَلسُل العمل به أَقْوى شاهدٍ على ثبوته عندهم، وقد قرَّرناه، وحققناه وشيدناه في مواضع، فلا نطيلُ الكلام بِذِكره، وإنَّما أردنا التنبيه فقط.
(2)
قال الحافظ العَيْني: وكأنَّ غَرَض البخاري بهذه الترجمةِ الاحتجاجُ على جوازِ إقرار المريض بالدِّين مطلقًا. سواء كان المقرُّ له وارِثًا، أو أجنبيًا. وقال بعضُهم: وَجْهُ الدّلالة أنه سبحانه وتعالى سَوَّى بين الوصيةِ والدَّين في تقديمهما على الميراث، ولم يفصل، فخرجت الوصيةُ للوارِث بالدليل، وبقي الإِقرارُ بالدِّين على حاله. اهـ. ثم تعقب عليه العَيْني.
الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ.
وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ. جَازَ.
وَقَالَ الشَّعْبِىُّ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا إِنَّ زَوْجِى قَضَانِى وَقَبَضْتُ مِنْهُ. جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» .
وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ.
فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم.
2749 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» . أطرافه 33، 2682، 6095 - تحفة 14341 - 6/ 4
فالدَّيْن يقدَّمُ في الأَداء، وإنْ تأخَّر ذِكْرًا.
قوله: (ويُذْكَرُ أن شُرَيحًا
…
) أجازوا إقرار المريض بدَيْن، وإقراره إنَّما يُعتبر عندنا إذا كان سَبَبُهُ معروفًا، وإلا لا. وراجع مسائله في «الهداية» .
قوله: وقال الحسنُ: أَحَقُّ ما يقصد به الرجل آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة) يعني إذا لم يُعتبر إقراره، وقد بلغت الروحُ فمتى يُعتبر به.
قوله: (وقال إبراهيم والحَكَمُ: إذا أَبْرأَ الوَارِثَ من الدَّيْنِ بَرِيءَ) وفيه تصيلٌ في فِقْهنا.
وعلم أن أصحابنا اختلفوا في الإِقرار أنه إِخْبَار، إو إنشاء؟ وثمرةُ الخِلاف تظهَرُ فيما (إِذا) عَلِم المُقَرُّ له، أَنَّ المِقرَّ لم يُقِرُّ له بشيءِ في الخارج، فإِنَّ كان إِخْبارًا لا يحِلُ له أَخْذُ المال المُقَرِّ به ديانةً وإنْ حَك2 القاضي، وإنْ كان إنشاءً جاز له أَخْذُه. وقال في «الدر المختار»: إنه إنشاءٌ مِن وَجْه، وإخبارٌ من وَجْه. وهذا التقسيمُ اعتبره الفقهاءُ ولا يعرِفه النُّحاةُ، إلا أَنَّ عبد القاهر، والزُّمخّشَرِي اختلفا في أن المتكلم إذا تكلم بالحمد لله، وأراد به إنشاء الحمد، فهل يخرج هذا الكلام من نوعه أم لا؟.