الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزُّبَيْرُ لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِىَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِى غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مَعَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ فَلَقِىَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى، كَمْ عَلَى أَخِى مِنَ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ. فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِى. قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا. قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا. قَالَ قَالَ فَاقْطَعُوا لِى قِطْعَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكَ مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا. قَالَ فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِىَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَمْ قُوِّمَتِ الْغَابَةُ قَالَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ كَمْ بَقِىَ قَالَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ. قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِىَ فَقَالَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قَالَ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قَالَ لَا، وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِىَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قَالَ فَجَعَلَ كَلَّ سَنَةٍ يُنَادِى بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ. تحفة 3626 - 108/ 4
يعني أنَّ الزُّبيرَ كان رجلا كثيرَ الدُّيون، ولم تكن دارُه تَبلُغ وفاءَ دَيْنه، فلما استُشْهِد جعل اللهُ فيها بركَةً حتى قضت عنه ديونَه، وبقيت منه أموالٌ، قُسِمت بين وَرَثته، كما سيجيء.
قِصَّةُ شهادة الزُّبَيْر
(1)
واعلم أن طَلْحَة، والزُّبير بايعًا عَلِيًا، وشاع في الناس أن عليًا لم يُبال بدم عثمان، ولم يأخذ بثأره، وقامت عائشةُ لتأخذَ ثأره، قاصدةٌ نحو الكُوفة، خرج الزُّبير معها، فلما بلغت فِناءَ الكُوفة، وتراءت الفئتانِ، نادى عليٌّ: أيها الزُّبيرُ، أما تَذْكُر ما قال لك النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّك تُحِبُّ عليًا. وأنك تقاتِلُه يومًا، وتكون اليوم طالمًا، وهو مظلومًا؟ فقال الزُّبير: نعم، فلما تذكّر الزُّبيرُ
(1)
بسط العَيْني قِصَّة الجمل في "عمدة القاري" ومقتل الزبير.
نَكَص على عَقبه، وقال: ما أراني إلا شهيدًا مظلومًا، وإنَّ ما يهمني ديوني التي ركبتني، فاقْضِها عني. وكانت ديونُه مستغرقةً لجميع ماله، ومع ذلك أَوْصى لبني ابنه. لأنه كان يَعْلم أنهم ليس لهم في الإِرث نصيبٍ، لكون اينه حيًا، فجعل لهم ثُلْثَ ثُلُثِ الوصية، وتسع الكل. وكان الناسُ يستودِعون أموالَهم عنده، فيأبى أن يأخذها وديعةً مخافةَ الضياع، ويقول: ليست تلك وديعةً، ولكنها سَلَفٌ وقَرْضُ عليّ، وكان رَجُلا زاهِدًا أمينًا، لم يلِ الإِمارةَ، ولا شيئًا قطّ، فلما تُوفي، وقضى عنه ابنُه دَيْنه، وفَضَل مِن ماله فاضل، قال له أخوه أن يَقْسِمه بينهم، فأبى أن يفعله، إلا بعد أن يُنادي في الموسم. فإِنْ ظهر أنه لم يبق أحدٌ مِمَّن يكون له دينٌ عليه يَقسِمه بينهم، ففعل، ولما لم يَبْقَ من دَيْنه شيءٌ إلا وقد قضاه، أعطى الثَّمن لأزواجه، وذلك نصيبُهنَّ من التركة، وله يومئذٍ أربعُ نسوةٍ.
3129 -
قوله: (وكان بَعْضُ وَلَدِ عبدِ الله قَدْ وَازَى بَعْضَ بني الزُّبير)
…
الخ، "بهتيجى ججون كى برابر هو كئى".
قوله: (وما وَليَ إمارةً)
…
الخ، أي إنما كانت معيشتُه مما يَرِدُ عليه من الجهاد، والغنائم، فحسب.
قوله: (فجميعُ مالِه خمسونَ أَلْفَ أَلْفٍ، ومئتا ألف) أعلم أولا أنك إن أرَدْت تَحويلَ الحساب من الهندي إلى العربي، فاعلم أن أَصل في الحساب العربي في أربعُ أدوار، كلّ دورةٍ منها يتركَّبُ من أربعة أعمدة، وآخِر كلَّ دورة منها هي بعينها مبدأ لدورةٍ أُخْرى بعدها: فالأُولى: آحادٌ، وعشراتٌ، ومئاتٌ، وآلاف؛ والثانية: آحادُ ألف، وعشراتُ ألف، ومئاتُ ألف، وآلاف الفٍ، فحصلت ثمانيةُ أعمد، غير أن رابعةُ الأُولى هي بعينها أُولى الثانية، فهي مكررةٌ، فالألفاظْ ثمانيةً والمراتِبُ سَبْعُ، وهكذا فَلْيُقَس في الباقية؛ والثالثة: آحادُ أَلفَ ألف، عشراتُ ألف ألف، مئات ألف ألف، آلافُ ألف ألف؛ والرابعة: آحادُ ألف ألف ألف، عشراتُ ألف ألف ألف، مئاتُ ألف ألف ألف، آلافُ ألف ألف ألف.
ثُم اعلم أَنَّ المجموعَ المذكورَ لا يستقيمُ بالحساب المذكور في الصحيح، فإِنَّ نصيبَ كُلِّ امرأةٍ بعد رَفْع ثُلُثِ الوصيةِ أَلْفُ ألف، ومئتا إلف باره لا كه، وكان له أَربعُ نسوةٍ، فصار مجموَ نصيبيهن أربعة آلافِ ألف، وثمانمائة 4.800.000، وذلك ثُمُن الميراث، لانَّ نصيبَ الأزواج هو الثمن، فإِذا عَلِمنا أن المجموعَ المذكورَ ثمن التركةِ بعد رَفْع ثُلُث الوصيةِ، عَلِمنا أن التَّرِكةُ بجميع سهامها كانت ثمانية وثلاثينَ ألفَ ألف، وأربع مئة ألف من كروره جولا هي لاكيه وإذا عُلِمنا جميعَ سِهام التركة، وأنها ثُلُثا المال، علمنا مقدارَ ثُلُثِ الوصية أيضًا، وهو تسعةَ عشرَ ألف ألف، ومئتا ألف ايك كرور بانوى لا كهه وإذن مجموعُ السَّهام مع ثُلُث الوصية صار سَبْعةُ وخمسين ألف ألفٍ. وست مئة ألف، فإِنَّ ضَمَمْنا معه قَدْرَ الدَّيْن أيضًا حصعل ستونَ أَلْفَ ألف، إلا مئتا ألف؛ وهذا كما ترى، يزيدُ على المجموع المذكور بِقَدْرِ تسعة آلاف ألف، وست مئة ألف 9600.0000.
والجواب الصحيح على ما نقل إلينا عن الشيخ الجَنْجُوجي أن قوله: «وجميع ماله خَمْسون» ، مبتدأ وخبر، وليس قوله: «ألف ألف تمييزًا لخمسون، بال معناه جميعُ ماله خمسونَ