الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدورها. والقرآنُ لا يهتمُّ بأمرها، ولا يَذْكُرُهَا إلَاّ بالنور والاهتداء. أمَّا النُّحُوسَةُ والبركةُ، فإنها أهونُ على الله من ذلك. كيف وأنها مسخَّرةٌ تَصْعَدُ وتَغْرَب، تَغِيبُ وتُشْرِقُ، وتَدُورُ في كلِّ ساعةٍ كالخدَّام، فهي أصغرُ من أن تكونَ فيها النُّحُوسَةُ والبركةُ. نعم يُعْلمُ من القرآن أن في السموات دفاتر، وفيها تدابير أيضًا، وإليه أشار البخاريُّ من قوله: فمن تأوَّل فيها بغير ذلك أخطأ.
4 - باب صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
{بِحُسْبَانٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لَا يَعْدُوَانِهَا. حُسْبَانٌ جَمَاعَةُ حِسَابٍ، مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ.
{وَضُحَاهَا} [الشمس: 1]: ضَوْؤُهَا. {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40]: لَا يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ، {سَابِقُ النَّهَارِ}: يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَانِ. {نَسْلَخُ} [يس: 37]: نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ وَنُجْرِى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، {وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16]: وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا. {أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17]: مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا، فَهْيَ عَلَى حَافَتَيْهِ، كَقَوْلِكَ: عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ. {وَأَغْطَشَ} [النازعات: 29] وَ {جَنَّ} [الأنعام: 76]: أَظْلَمَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ {كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْؤُهَا. {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} [الانشقاق: 17]: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ {اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18]: اسْتَوَى. {بُرُوجًا} [الحجر: 16]: مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. {الْحَرُورُ} [فاطر: 21] بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ، يُقَالُ {يُولِجُ} [الحج: 61] يُكَوِّرُ، {وَلِيجَةً} [التوبة: 16]: كُلُّ شَىْءٍ أَدْخَلْتُهُ فِى شَىْءٍ.
3199 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِى ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ «تَدْرِى أَيْنَ تَذْهَبُ» . قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38]» . أطرافه 4802، 4803، 7424، 7433 تحفة 11993
3200 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . تحفة 14967
3201 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا» . طرفه 1042 تحفة 7373 - 132/ 4
3202 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» . أطرافه 29، 431، 748، 1052، 5197 تحفة 5977
3203 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» وَقَامَ كَمَا هُوَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» . أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 4624، 5221، 6631 تحفة 16549
3204 -
حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا» . طرفاه 1041، 1057 تحفة 10003
قوله: ({كُوِّرَتْ}) أي يُسْلَبُ نُورُها. وقد عَلِمْتَ أن العالمَ كلَّه في حَيِّزِ جهنَّم، من صَعَدَ منها إلى الجنة نَجَا، ومن بَقِيَ فيها بقي، فلا إشكالَ في إلقاء الشمس والقمر في جهنَّم، فإنهما فيها الآن أيضًا، وليس للتعذيب
(1)
.
3199 -
قوله: (فإنها تَذْهَبُ حتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ) واعلم أن القرآن أخْبَرَ بسجود ظلِّ الأشجار، وأَخْبَرَتْ الأَحاديثُ بسجود الشمس. وتحقيقُهُ على ما ذَكَرَهُ الشاه رفيع الدين في كتابه «تكميل الأذهان»: أن سجودَ كلِّ نوعٍ ما يَلِيقُ بشأنه، فسجودُ الظلِّ: وقوعُهُ على الأرض، فهو في السجود دائمًا. وسجود الشمس: ميلُها من الاستواء إلى الغروب، وهي عند الطلوع شبه القاعد، وعند الاستواء كالقائم، وعند الدُّلُوك كالرَّاكِعِ،
(1)
قال ابن قُتَيْبَة: إن إلقاءهما في النار تعذيبُ عابديهما ونحوه، ذكره الحافظُ عن الخطَّابيِّ، كما في "الفتح"، والشيخ في "عمدة القاري".