الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعلَّ ترجمتَهُ ناظِرةٌ إلى ما قاله الحنفيةُ: إنَّ الرَّجُل إذا مَلَك ذا رَحِم منه عَتَق عليه؛ ولم يَخُصُّوه بقرابةِ الوَلاء. وغَرضُه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَلك عَبَّاسًا، ثُم لم يَعْتِق عليه؛ قلت: وأين المِلْكُ فيه قَبْل التقسيم، وليس هناك إلا حَقُّ المِلْك، والحريةُ تَعْقُبُ المِلْك نَفْسه، دون حَقِّه. أما المُفَاداتُ كما في الحديث، فجائزةٌ عندنا أيضًا، كما في «الدُّر المختار» .
12 - باب عِتْقِ الْمُشْرِكِ
2538 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِى أَبِى أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَعْتَقَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا، يَعْنِى أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ» . أطرافه 1436، 2220، 5992 - تحفة 3432
مِن باب إضافةِ المَصْدر إلى فَاعِله.
13 - باب مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَبِ رَقِيقًا، فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)} [النحل: 75].
ولا استرقاقَ عِنْدنا في بَالغِيهم، غيرِ النِّسوان، والذُّرِّية، وهي المسألةُ في المرتدِّ؛ والاختياراتُ المذكورةُ في الفِقْه في غيرِ مُشْرِكي العرب.
قوله: ({وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا})
…
الخ، أي جعلناه مولىً أعلى؛ قلت: ولا تَمسُّك له في الآية، إلا أن ينتفع من اطلاق قوله تعالى:{عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75] فيدلُّ على أنه لا فرق بين العجم، والعرب في الاسترقاق، وهو مذهب الشافعيِّ، وغيره. وهو الذي نسبه المُحشِّي إلى الكُوفيين، ولَعَلَّه سَهْوٌ من الكاتب، فإِنَّ مَذْهبهم عَدَمُ الاسترقاق في العرب، ولنا ما عن عمرَ، كما في «الهامش» ، فراجعه، وأَبْسط منه عند الدارمي، فراجع لفظه، فإِنَّه أَنْفع، وقد تَتَبْعت لذلك غزواتِ
(1)
النبيِّ صلى الله عليه وسلم لينكشِفَ الحالُ، أنه ماذا عامل مع بالغي العرب؟ فلم أجد فيها
(1)
(قلت) وقد أشار إليه الرَّازي في "أحكام القرآن"، فقال: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سَرِيةً، قال:"إذا لَقِيتم عَدُوَّكم من المشركين، فادعُوهم إلى شهادةِ أنْ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإِن أبوا فادعوهم إلى إعطاء الجِزية"، وذلك عامٌ في سائر المشركين، وخَصصَّنا منهم مُشركي العرب بالآية، وسيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيهم: فدلَّ على أنه لم يَثبت عنده مِن سيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم استرِقاقُ رجال العرب. وقال أبو عبيد في كتاب "الأموال": فهذه أحكامُ الأسرى: المَنُّ، والفِداء، والقتل؛ وكانت هذه في العرب خاصَّة، لأَنَّه لا رِق على رجالهم؛ وبذلك فُهِمت سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لم يسترق أحدًا مِن ذكورهم، وكذلك حَكم عمرُ فيهم أيضًا؛ ثم رُوي عن الشَّعبي، قال:"لما قام عمرُ، قال: ليس على عربيِّ مِلك" الخ. وراجع تفصيله منه.
شيئًا فاصِلا، نعم وَجَدْت في الصحابة أنهم كان لهم عبيدٌ بالغون من العرب، ولكنه ليس بفاصِلٍ أيضًا، لأنه لا يُدْرى أنهم استرقُّوهم صِبيانًا، أو كانوا بالغين حين استُرِقُوا، ولا نِزاع في الأَوَّل، والثاني غيرُ متعيَّن، فبقي الأَمْر في الإِبهام. أما إطلاقُ السِّبي على غنيمة هَوازن، فليس فيه أيضًا ما يَنْفِصلُ به المَرام، لأنها كانت مِنْ جِنْس الأموال والنِّسوان، وأما رِجالُهم، فلم
(1)
يُسْتَرَقُّوا، كما في «شَرْح المواهب» ؛ وبالجملة لم أجد غزوةً من الغزوات يَيْبت فيها استرقاقُ رجال العرب، ولو ثبت لكان فاصِلا في الباب.
2539 و 2540 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ
(1)
قلت: ويستأنس له بما أخرجه الحافظ عن مغازي موسى بن عُقبة"؛ قالوا: يا رسول الله، إنَّ فيمن أصبتُم الأمهاتِ والأخواتِ والعمَّاتِ والخالاتِ، وهنَّ مَخازي الأقوام، وفي رواية ابن إسحاق: قام خطيبُهُم زهير بن صَرَد، فقال: "يا رسول الله، إنَّ اللواتي في الحظائر من السَّبايا، خالاتُك، وعماتُك، وحواضِنُك اللاتي كن يَكْفُلْنَك، وأنت خيرُ مكفولٍ، ثم أنشد هذه الأبيات المشهورةِ، أولها:
أمنن علينا رسول الله في كرم
…
فإنك المرء نرجوه وندخر
ويقول فيها:
أمنُن على نِسوةٍ قد كنت ترضعها
…
إذ فوك تملؤه من مخضها الدرر
ولا بأس أَنْ نُتْحِفَك ببعضِ أبياته الأخرى، ذكرها ابنُ العربي في شَرْحه:
أمُنن علينا رسولَ الله في دَعَةٍ
…
فإِنَّك المرءُ نرجوه ونَنْتَظِر،
أمنن على بيضةٍ قد عاقها قدر
…
مفرَّقٌ شملها، في دهرها غير
أبقت لها الحرب هتانًاعلى حزن
…
على قلوبهم الغماء والغمر،
إن لم تداركهم نعمى تنشرها
…
يا أرجح الناس حلمًا حين يختبر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها
…
إذ فوك مملوءة من مخضها الدرر
إذ أنت طفلًا صغيرًا كنت ترضعها
…
وأن ربك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا، كمن شالت نعامته
…
واستبق منا، فإِنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعمى، وقد كفرت
…
وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فالبس العفو من قد كنت ترضعه
…
من أمهاتك، إن العفو يشتهر
إنا نؤمل عفوًا منك نسأله
…
هذي البرية أن تعفو وتنتصر
فاعف عفا الله عما أنت واهبه
…
يوم القيامة إذ يهوى لك الظفر
وبالجملة: لم نجد في هذه الروايات تَعَرُّضًا إلى حالِ الرِّجال؛ نعم في كتاب "الاموال" لأبي عبيد، قال: أخبرني سعيدُ بن المسيِّب، وعُرْوة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ ستة آلافٍ من سَبي هوازن، من النِّساء، والصِّبيان، والرجال إلى هوازن حين أَسلموا. اهـ.
ثم إنَّ الشيخَ حَقَّق فيما يأتي أنَّ هذا الردَّ كان إعتاقًا؛ وحينئذٍ تسقط تراجمُ المصنِّف في هبة المشاع.
قلت: وهو الذي ذهب إليه ابنُ العربي، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -بعد ما سمع الأبيات-: أما ما كان لي: ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقالت الأنصارُ: ما كان لنا فالله ولرسوله؛ فردت الأنصارُ ما كان في أيديها من الذَّراري، والأموال، واستنقذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا عِتقٌ منه صلى الله عليه وسلم لِمَن لم يرضعه في حرمةِ مَن أرضعه.
شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ «إِنَّ مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا الْمَالَ، وَإِمَّا السَّبْىَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ» . وَكَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَاّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ» . فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا ذَلِكَ. قَالَ «إِنَّا لَا نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» . فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. حديث 2539 أطرافه 2307، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176 - تحفة 11251 - 194/ 3 حديث 2540 أطرافه 2308، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271
2539، 2540 - قوله: (قال عبَّاسٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم قلت: وفيه ذِكْر الأَسْر والقيد؛ والكلامُ في الاسترقاق دون الأَسْر.
2541 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِى الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ. حَدَّثَنِى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِى ذَلِكَ الْجَيْشِ. تحفة 7744
2541 -
قوله: (فَقَتَل مقاتِلَتْهُم، وَسَى ذَرَارِيَّهُم)
…
الخ: قلت وفيه ما يدل على خلافِ ما رامه المصنِّف، فإِنَّ فيه قَتْلَ المقاتلين مكان الاسترقاق، نعم فيه استرقاقُ الذرية، ولا خلاف فيه.
2542 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَاّ وَهْىَ كَائِنَةٌ» . أطرافه 2229، 4138، 5210، 6603، 7409 - تحفة 4111
2543 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ. وَحَدَّثَنِى ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ