المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌12 - [الثانية عشرة]

- (ومنها): جريانه من حين الموت في حول الزكاة، فإن قلنا:[ملكه للموصى](1) له؛ جرى في حوله، وإن قلنا: للورثة؛ فهل يجري في حولهم حتى لو تأخر القبول سنة كانت زكاته عليهم، أم لا لضعف ملكهم فيه وتزلزله وتعلق حق الموصى له به فهو كمال المكاتب؟

فيه تردد.

‌12 - [الثانية عشرة]

(2): الدين؛ هل يمنع انتقال التركة إلى الورثة أم لا؟

في المسألة روايتان:

أشهرهما: الانتقال، وهو اختيار أبي بكر والقاضي وأصحابه، قال ابن عقيل: هي المذهب، وقد نص أحمد أن المفلس إذا مات؛ سقط حق البائع من عين ماله لأن الملك (3) انتقل إلى ورثته.

والرواية الثانية: لا ينتقل، نقلها ابن منصور في رجل مات وترك دارًا وعليه دين، فجاء الغرماء يبتغون المال، وقال أحد بنيه: أنا أعطي ربع الدين ودعوا في ربع الدار؛ قال أحمد: هذه الدار (4) للغرماء، لا يرثونها (يعني: الأولاد)، ولا فرق بين [ديون الآدميين وديون اللَّه عز وجل](5)، ولا

(1) في المطبوع: "يملكه الموصى".

(2)

ما بين المعقوفتين انفرد به المطبوع.

(3)

في المطبوع: "المال".

(4)

في (ج): "هذه الرواية".

(5)

فى المطبوع: "ديون اللَّه تعالى وديون الآدميين".

ص: 377

بين الديون الثابتة في الحياة والمتجددة بعد الموت [بسبب منه](1) يقتضي الضمان؛ كحفر بئر ونحوه، صرح به القاضي، وهل يعتبر كون الدين محيطًا بالتركة أم لا؟

ظاهر كلام طائفة اعتباره؛ حيث فرضوا المسألة في الدين المستغرق، وكلام أبي الخطاب في "انتصاره" كالصريح [فيه](2)، ومنهم من صرح بالمنع من الانتقال كان لم يكن مستغرقًا، ذكره في مسائل الشفعة، وعلى القول بالانتقال؛ [فيتعلق حق الغرماء بها](3) جميعًا؛ وإن لم يستغرقها الدين، صرح به صاحب "الترغيب"، وهل تعلق حقهم بها تعلق رهن أو جناية؟

فيه خلاف يتحرر بتحرير مسائل:

- (إحداها): هل يتعلق جميع الدين بالتركة وبكل جزء من أجزائها، [أم](4) يتقسط؟

صرح القاضي في "خلافه" بالأول إن كان الوارث واحدا، وإن كان متعددا؛ انقسم على قدر حقوقهم، وتعلق بحصة كل وارث منهم قسطها من الدين وبكل جزء منها؛ كالعبد المشترك إذا رهنه الشريكان بدين عليهما.

- (والثانية): هل يمنع هذا التعلق من نفوذ التصرف؟

(1) في المطبوع: "لسبب منه"، وفي (أ):"بسب فيه".

(2)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "في قيمته".

(3)

في (ج): "فيعلق الغرماء به".

(4)

فى المطبوع: "أو".

ص: 378

وسنذكره [إن شاء اللَّه تعالى](1).

- (والثالثة): هل يتعلق الدين بعين [التركة](2) مع الذمة؟

فيه للأصحاب ثلاثة أوجه:

أحدها: ينتقل إلى ذمم الورثة، قاله القاضي وأبو الخطاب في "خلافهما"(3) وابن عقيل، ومنهم من قيده بالمؤجل (4)، ومنهم من خصه بالقول بانتقال التركة إليهم.

والثاني: هو باقٍ في ذمة الميت، ذكره [القاضي أيضًا](5) والآمدي وابن عقيل في "فنونه" وصاحب "المغني"(6)، وهو ظاهر كلام الأصحاب في ضمان دين الميت.

والثالث: يتعلق بأعيان التركة فقط، قاله ابن أبي موسى، ورد بلزوم براءة ذمة الميت منها (7) بالتلف، وإذا عرف هذا؛ فلهذا الاختلاف فوائد:

- (منها): نفوذ تصرف الورثة فيها ببغ أو غيره من العقود، فإن قلنا بعدم الانتقال إليهم؛ فلا (8) إشكال في عدم النفوذ، وإن قلنا بالانتقال؛

(1) ما بين المعقوفتين انفرد به (ج).

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(3)

المطبوع و (ج): "خلافيهما".

(4)

في (أ) و (ج): "بالرجل".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(6)

انظر: "المغني"(5/ 121 - 122/ 3897).

(7)

في المطبوع: "فيها".

(8)

المطبوع: "ولا".

ص: 379

فوجهان:

أحدهما: لا ينفذ، قاله القاضي في "المجرد" وابن عقيل في باب الشركة من كتابيهما، وحمل القاضي في غير "المجرد" رواية ابن منصور على هذا.

والثاني: ينفذ، قاله القاضي وابن عقيل أيضًا في [باب](1) الرهن والقسمة، وجعلاه المذهب، وإنما يجوز لهم التصرف بشرط الضمان، قاله القاضي؛ قال: ومتى خلى الورثة بين التركة والغرماء (2)؛ سقطت مطالبتهم بالديون، ونصب الحاكم من يوفيهم منها، ولم يملكها الغرماء بذلك، وهذا يدل على أنهم إذا تصرفوا فيها طولبوا بالديون كلها (3)؛ كما نقول في سيد الجاني إذا فداه: إنه يفديه بارش الجناية بالغًا ما بلغ على رواية، وكلام أحمد في رواية البرزاطي ها هنا يدل عليه، وسنذكره، وفي "الكافي" (4):

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في المطبوع: "بين التركة وبين الغرماء".

(3)

في المطبوع: "طولبوا بايون كلها"! وفي هامش (ب) زيادة، وهي:"في دلالة كلام القاضي على هذا نظر، إنما يدل على أن الورثة يضمنون ما نفرقوا فيه، وكيف يضمنون ما زاد على ذلك، مع أنه لم يصدر منهم عدوان ولا تعد بقصي ضمانهم للزائد؟! وكذلك في رواية البرزاطي؛ فإنه ليس فيها أن الورثة تصرفوا في التركة، وإنما هي دالة على عدم انتقال التركة إلى الورثة، وأن حق الغرماء متعلق بعين التركة، وأين هذا من صحة نفوذ تصرف الورثة في التركة بباءً على أنها انتقلت إليهم؟! والمذهب أن السيد يفدي الجاني بأقل الأمرين، وكذلك الورثة إذا تصرفوا في التركة، ويؤيد هذا ما نقله عن "الكافي"، ونقلهم تعلق الدين بالتركة كتعلق أرش الجناية" اهـ.

(4)

(2/ 232).

ص: 380

إنما يضمنون أقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين.

وعلى الأول ينفذ العتق خاصة؛ كعتق الراهن، ذكره أبو الخطاب في "انتصاره"، وحكى القاضي في "المجرد" في باب العتق في نفوذ العتق مع عدم العلم بالدين وجهين، وأنه لا ينفذ مع العلم، وجعل صاحب "الكافي" مأخذهما أن حقوق الغرماء المتعلقة (1) بالتركة؛ هل يملك الورثة إسقاطها بالتزامهم الأداء من عندهم أم لا؟

ورواية ابن منصور السابقة تدل على أنهم لا يملكون ذلك، وفي "النظريات" لابن عقيل: إن عتق الورثة إنما ينفذ مع يسارهم دون إعسارهم اعتبارًا بعتق موروثهم في مرضه؛ لأن موروثهم كان ملكه ثابتًا فيها بغير خلف، ولم (2) ينفذ عتقه مع الإعسار، فلأن لا ينفذ عتقهم مع إعسارهم، والاختلاف في ملكهم أولى، وهل يصح رهن التركة عند الغرماء؟

قال القاضي في "المجرد": لا يصح، وعلل بأنها كالمرهونة عندهم بحقهم، والمرهون لا يصح رهنه، ويأن التركة ملك للورثة (3)؛ فلا يصح رهن ملك الغير بغير إذنه؛ فعلى التعليل الأول لا يصح رهن الورثة لها من الغرماء؛ وإن قلنا (4): هي ملكهم، وعلى الثاني (5) ينبغي أن يصح رهن

(1) هنا في هامش (ب) عبارة غير واضحة، ولعلها:"مع أنه قال في "الكافي": لم يحك غيره صح" اهـ.

(2)

في المطبوع: "ولا".

(3)

في (ب): "الورثة".

(4)

في المطبوع: "قيل".

(5)

في (ج): "وعلى الثانية".

ص: 381

الوصي (1) لها إذا قلنا: ليست ملكًا للورثة.

- (ومنها): نماء التركة، فإن قلنا: لا [ينتقل](2) إلى الورثة؛ تعلق حق الغرماء بالنماء؛ كالأصل، وإن قلنا: ينتقل (2) إليهم؛ فهل يتعلق حق الغرماء بالنماء؟

على وجهين، وقد سبق بسط هذه المسألة في قاعدة النماء.

- (ومنها): لو مات رجل عليه دين وله مال زكوي؛ فهل يبتدئ الوارث (3) حول زكاته من حين موت موروثه أم لا؟

إن قلنا: لا تنتقل التركة إليه مع الدين؛ فلا إشكال في [أنه لا يجري في](4) حوله حتى ينتقل إليه، وإن قلنا: ينتقل؛ انبنى على أن الدين هل هو مضمون في ذمة الوارث، أو هو في ذمة الميت خاصة؟

فإن قلنا: الدين في ذمة الوارث وكان مما يمنع الزكاة؛ انبنى على أن الدين المانع هل يمنع انعقاد الحول من ابتدائه، أو يمنع الوجوب في انتهائه خاصة؟

فيه روايتان محكيتان في "شرح الهداية"، والمذهب أنه يمنع الانعقاد، فيمتنع انعقاد الحول على مقدار الدين من المال، وإن قلنا: إنما يمنع وجوب الزكاة في آخر الحول؛ منع الوجوب ها هنا آخر الحول في قدره

(1) في المطبوع: "الموصى".

(2)

في (ج): "تنتقل".

(3)

في المطبوع: "الورثة".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

ص: 382

أيضًا، وإن قلنا: ليس في ذمة الوارث شيء؛ فظاهر كلام أصحابنا أن تعلق الدين [بالمال](1) مانع [أيضًا](2)، وسنذكره.

- (ومنها): لو كان له شجر، وعليه دين فمات؛ فها هنا صورتان:

إحداهما: أن يموت قبل أن [يثمر، ثم أثمر](3) قبل الوفاء؛ فينبني على أن الدين هل يتعلق بالنماء أم لا؟

فإن قلنا: يتعلق به؛ خرج على الخلاف في منع الدين الزكاة في الأموال الظاهرة، كان قلنا: لا يتعلق به؛ فالزكاة (4) على الوارث، وهذا كله بناءً على القول بانتقال الملك إليه، أما إن قلنا: لا ينتقل؛ فلا زكاة عليه [فيه](5) إلا أن ينفك التعلق قبل بدو صلاحه.

الصورة الثانية: أن يموت بعد ما أثمرت، فيتعلق الدين بالثمرة، [ثم] (6) إن كان موته بعد وقت الوجوب؛ فقد وجبت عليه الزكاة؛ إلا أن نقول: إن الدين يمنع الزكاة في المال الظاهر؛ وإن كان قبل وقت الوجوب، فإن قلنا: تنتقل التركة إلى الورثة مع الدين؛ فالحكم كذلك لأنه مال لهم تعلق به [دين](7)، ولا سيما إن قلنا: إنه في ذممهم (8)، وإن قلنا: لا تنتقل

(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ج)

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

في (ج): "تثمر ثم أثمرت"، وفي المطبوع:"يثمر ثم أثمرت".

(4)

في (ب): "كالزكاة".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(6)

ما بين المعقوفتين ليس في (ب).

(7)

ما بين المعقوفتين ليس في (أ).

(8)

في المطبوع: "في ذمتهم".

ص: 383

التركة إليهم؛ فلا زكاة عليهم.

وهذه المسألة تدل على أن النماء المنفصل (1) يتعلق به حق الغرماء بغير خلاف.

- (ومنها): لو مات وله عبيد وعليه دين، وأهل هلال الفطر، فإن قلنا: لا ينتقل الملك؛ فلا فطرة لهم على أحد، وإن قلنا: ينتقل؛ ففطرتهم على الورثة.

- (ومنها): لو كانت التركة حيوانًا، فإن قلنا بالانتقال إلى الورثة؛ فالنفقة عليهم، وإلا؛ فمن التركة، وكذلك (2) مؤنة المال كأجرة المخزن ونحوه.

- (ومنها): لو مات المدين وله شقص، فباع شريكه نصيبه قبل الوفاء؛ فهل للورثة الأخذ بالشفعة؟

إن قلنا بالانتقال إليهم؛ فلهم ذلك، وإلا؛ فلا، ولو كان الوارث شريك الموروث وبيع نصيب الموروث في دينه، فإن قلنا بالانتقال؛ فلا شفعة للوارث لأن البيع وقع في ملكه؛ فلا يملك استرجاعه، وإن قيل بعدمه (3)؛ فله الشفعة لأن المبيع لم يكن في ملكه بل في شركته.

- (ومنها): لو وطئ الوارث الجارية الموروثة والدين مستغرق (4)،

(1) في (أ): "المتصل".

(2)

في المطبوع: "التركة، كمؤنثه، وكذلك".

(3)

في المطبوع: "بعده".

(4)

في المطبوع و (ج): "يستغرق".

ص: 384

فأولدها، فإن قلنا: هي ملكه؛ فلا حد، ويلزمه قيمتها يوفي منها الدين؛ كما لو وطئ الراهن، وإن قلنا: ليست ملكله؛ فلا حد أيضًا لشبهة الملك، فإنه يملكها بالفكاك؛ فهي كالرهن، وعليه قيمتها ومهرها يوفي [بها](1) الدين، ذكره أبو الخطاب في "انتصاره"؛ ففائدة الخلاف حينئذ وجوب المهر.

- (ومنها): لو تزوج الابن أمة أبيه، ثم قال لها: إن مات أبي؛ فأنت طالق، وقال أبى: إن مت؛ فأنت حرة، ثم مات وعليه دين مستغرق؛ لم تعتق لاستغراق الدين للتركة (2)؛ فلا ثلث للميت لينفذ منه العتق، وهل يقع الطلاق؟

قال القاضي في "المجرد": نعم، وعلل بأنه لم يملكها؛ فهي باقية على نكاحه، وقال ابن عقيل: لا تطلق؛ لأن التركة تنتقل إلى الورثة؛ فيسبق الفسخ الطلاق؛ فالوجهان مبنبان على الانتقال وعدمه، وكذلك لو لم يدبرها الأب سواء.

وفي المذهب وجه آخر بالوقوع، وإن قيل بالانتقال حتى ولو لم يكن دين؛ بنى على [سبق زمن](3) الطلاق للفسخ، وقد ذكرناه في القواعد.

- (ومنها): لو أقر لشخص، فقال: له في ميراثي (4) ألف؛ فالمشهور أنه متناقض في إقراره، وفي "التلخيص": يحتمل أن يلزمه؛ إذ المشهور

(1) في (ج): "به".

(2)

في (ب): "التركة".

(3)

في المطبوع: "ما سبق من".

(4)

في المطبوع: "في ميراثه".

ص: 385

عندنا أن الدين لا يمنع الميراث؛ فهو كما لو قال: له في هذه التركة ألف؛ فإنه إقرار صحيح، وعلى هذا، فإذا قلنا: يمنع الدين الميراث؛ كان تناقضًا (1) بغير خلاف.

- (ومنها): لو مات وترك ابنين وألف درهم، وعليه ألف درهم دين، ثم مات أحد الابنين وترك ابنًا، ثم أبرأ الغريم الورثة؛ فذكر القاضي أنه يستحق ابن الابن نصف التركة بميراثه عن أبيه، وذكره في موضع إجماعًا، وعلله في موضع بأن التركة تنتقل مع الدين؛ فانتقل ميراث الابن إلى ابنه (2)، وهذا يفهم منه أنه على القول بمنع الانتقال يختص به ولد الصلب؛ لأنه هو الباقي من الورثة، وابن الابن ليس بوارث معه، والتركة لم تنتقل إلى أبيه، وإنما انتقلت بعد موته، ويشهد لهذا ما ذكره صاحب "المحرر"(3) في الوصية إذا مات الموصى له وقبل وارثه؛ فإنه يملكه هو دون موروثه على قولنا بملك الوصية من حين القبول.

- (ومنها): رجوع بائع المفلس في عين ماله بعد موت المفلس يحتمل (4) بناؤه على هذا الخلاف، فإن قلنا: ينتقل (5) إلى الورثة؛ امتنع رجوعه، وبه علل الإمام أحمد، وإن قلنا:[لا ينتقل؛ رجع](6) به، لا سيما

(1) في المطبوع: "مناقضًا".

(2)

في المطبوع: "أبيه"!

(3)

في "المحرر"(1/ 384).

(4)

في المطبوع: "ويحتمل".

(5)

في (ج): "تنتقل".

(6)

في المطبوع: "يرجع".

ص: 386

والحق هنا متعلق في الحياة تعلقًا متأكدًا (1).

ومن العجب أن عن أحمد رواية بسقوط حق المرتهن من الرهن بموته؛ فيكون أسوة الغرماء كغريم المفلس، حكاها القاضي وابن عقيل، وهذا عكس ما نحن فيه.

- (ومنها): ما نقل البرزاطي عن أحمد أنه سئل عن رجل مات وخلف ألف درهم، وعليه للغرماء [ألفا](2) درهم، وليس له وارث غير ابنه، فقال ابنه لغرمائه: اتركوا هذه (3) الألف في يدي، وأخروني في حقوقكم ثلاث سنين حتى أوفيكم جميع حقوقكم؛ قال: إذا كانوا [قد](4) استحقوا قبض هذه الألف وإنما يؤخرونه (5) ليوفيهم لأجل [تركها](6) في يديه؛ فهذا لا خير له فيه إلا أن يقبضوا الألف منه ويؤخرونه في الباقي ما شاؤوا. قال بعض شيوخنا: تخرج فذه الرواية على القول بأن التركة لا تنتقل. قال: وإن قلنا: تنتقل إليهم؛ جاز ذلك، وهو أقيس بالمذهب، وتوجيه ما قال: إن حق الغرماء في عين التركة دون ذمة الورثة، فإذا أسقطوا حقهم من التعلق (7) بشرط أن يوفيهم الورثة بقية حقوقهم؛ فهو إسقاط بعوض غير لازم للوارث، فإن قيل بانتقال التركة إلى الوارث؛ فقد أذن له في الانتفاع بماله

(1) في (ب): "متكادًا"!

(2)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "أكثر من ألف"، وفي (ج):"ألف".

(3)

في المطبوع: "هذا".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(5)

في (ج): "يؤخرونهم".

(6)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "أن يتركها".

(7)

علق عليها في هامش (ب) قائلًا: "يعني: بعين التركة".

ص: 387

بعوض يلتزمه (1) له في ذمته، كان قيل بعدم الانتقال؛ فهو شبيه بتمليكه ألفًا بألفين إلى أجل، وإن لم يكن تمليكًا [من الغريم لما يملكه، لكنه لما أسقط حقه ملكه الوارث حينئذ فصار تمليكًا](2)، مع أن قول أحمد "لا خير فيه" ليس تصريحًا بالتحريم، فيحتمل (3) الكراهة، [و] (2) قوله:"ويؤخرونه في الباقي ما شاؤوا" يدل على أن الورثة إذا تصرفوا في التركة؛ صاروا ضامنين جميع الدين في ذممهم (4)؛ فيطالبون به، ومتى كان الدين في ذمم الورثة؛ قوي الجواز لأن انتقاله إلى ذممهم فرع انتقال التركة إليهم؛ فيبقى كالمفلس إذا طلب من غرمائه الإِمهال وإسقاط حقوقهم من أعيان ماله ليوفيهم إياها كاملة إلى أجل (5).

(1) في المطبوع و (ج): "يلزمه".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

في (ب): "فتحتمل".

(4)

في المطبوع: "ذمتهم".

(5)

علق هنا في هامش (ب) قائلًا: "في دلالة قول الإمام: "ويؤخرونه في الباقي ما شاؤوا يدل على أن الورثة يصيرون ضامنين جميعَ الدَّين في ذممهم" نظر، لأنه ليس في النص ما يقتضي أن الورثة تصرفوا في التركة، بل قوله في النص: "إلا أن يقبضوا الألف" (يعني: الغرماء)، صريح في [. . .] الوارث لم يصرف في التركة، [مع] أن قول الإمام: "إذا كانوا قد استحقوا تجض هذه الألف"؛ يعني: الغرماء، يقتضي عدم انتقال التركة إلى الورثة؛ وأن حق الغرماء متعلق بمين التركة وصحة تصرف الورثة في التركة، إنما هو فرع انتقال التركة إلى الورثة؛ فأين هذا من ذاك؟! ثم إن قياس الوارث على المفلس في لزوم توفية جميع الدين إذا طلب [الإمام] قياس مع وجود الفارق؛ لأن المفلس قد ترتب في ذمته الدين ووجد، بخلاف [الوارث]؛ فإن ذمته بريئة من وطلبه الإمام على أن يوفي جميع الدين التزام بما لا يلزمه" اهـ. وما بين المعقوفات غير واضح في التصوير.

ص: 388

- (ومنها): ولاية المطالبة بالتركة إذا كانت دينًا ونحوه؛ [هل هو](1) للورثة خاصة أم للغرماء والورثة؟

قال أحمد في "رواية [عبد] (2) اللَّه" في رجل مات وخلف وديعة عند رجل ولم يوص إليه بشيء، وخلف عليه ديناة يجوز لهذا المودع أن يدفع إلى ولد الميت؛ فقال: إن كان أصحاب الدين [جميعا](3) يعلمون أنه مودع، ويخاف تبعتهم (4) أن يرجعوا عليه؛ [فيحلفوه جميع](5) أصحاب الدين والورثة يسلم (6) إليهم [جميعًا](7)، ونقل صالح نحو.

وهذا يدل على أن للغرماء ولاية المطالبة والرجوع على المودع إذا سلم الوديعة إلى الورثة، وحمله القاضي على الاحتياط؛ قال: لأن التركة ملك للورثة، ولهم الوفاء من غيرها؛ فظاهر (8) كلامه [أنا] (9) إن قلنا: التركة ملك لهم؛ فلهم ولاية الطلب والقبض، وإن قلنا: ليست ملكًا لهم؛ فليس له (10) الاستقلال بذلك، وقال الشيخ مجد الدين: عندي أن نص أحمد على

(1) في المطبوع: "هل" فقط، وفي (ج):"فهل هو".

(2)

في المطبوع: "عد"؛ بسقوط الباء.

(3)

ما بين المعقوفتين انفرد به المطبوع.

(4)

في (ب): "ويخاف منهم".

(5)

في المطبوع: "ليخلفوا جميع"، وفي (ج):"ليحلفوه جمع".

(6)

في (ب): "فسلم".

(7)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع، وقريب منها في "مسائل عبد اللَّه"(ص 312 - 313)

(8)

في المطبوع: "وظاهر".

(9)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(10)

في المطبوع و (ج): "لهم".

ص: 389

ظاهره، لأن الورثة والغرماء تتعلق حقوقهم بالتركة؛ كالرهن والجاني؛ فلا يجوز الدفع إلى بعضهم. قال: وإنما المشكل أن مفهوم كلامه جواز الدفع إلى الورثة بمفردهم، ولعله أراد إذا وثق بتوفيتهم الدين (1). (انتهى).

ولا ريب أن حقوق الورثة تتعلق بها أيضًا، وإن قلنا: لا تنتقل (2) إليهم وهم قائمون مقام الوصي [عند عدمه في إيفاء](3) الديون وغيرها عند طائفة من الأصحاب؛ فالمتوجه هو الدفع إلى الورثة والغرماء [جميعًا، ولا يملك](4) الدفع إلى الغرماء بانفرادهم بكل حال.

وقد نص أحمد في "رواية مهنأ" فيمن عنده وديعة وصى بها ربها لرجل ثم مات [أن](5) المودع لا يدفعها إلى الموصى له، فإن فعل؛ ضمن، ولكن يجمع الورثة [و](6) الموصى له، فإن أجازوا، وإلا، دفعه (7) إليهم جميعًا، ولعل هذا فيما إذا لم يثبت الوصية في الظاهر، وإنما المودع يدعي ذلك، أو أنها لا تخرج من الثلث، وكذلك قال: فإن (8) أجازوا (يعني (9): الورثة)، وإلا، فالعين الموصى بها إذا خرجت من الثلث لا حق

(1) في المطبوع: "الدين".

(2)

في المطبوع: "لا ينتقل"، وفي (أ) و (ب) بدون تنقيط الحرف الأول.

(3)

في المطبوع: "عند عدمه أيضًا في إيفائه".

(4)

في المطبوع: "جميعهم ولا يملكون".

(5)

ما بين المعقوفيتن ليس في (ج).

(6)

ما بين المعقوفيتن ليس في (أ).

(7)

في المطبوع: "وإلا؛ دفع".

(8)

في المطبوع: "إن" بسقوط الفاء.

(9)

تصحفت في المطبوع إلى "لغير".

ص: 390