المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌13 - [الثالثة عشرة]

فيها للورثة، ولا تنتقل إليهم بكل حال على الصحيح، وفي "المحرر": إن من عليه دين موصى (1) به لمعين؛ فهو مخير: إن شاء دفعه إلى الموصي، وإن شاء [دفعه](2) إلى الموصى له؛ بخلاف الوصية المطلقة؛ فإنه لا يبرأ بدون الدفع إلى الوارث والوصي جميعًا (3)؛ لأنها كالدين.

وقد نص أحمد أيضًا في رواية أبي طالب فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين؛ فقضاه (4) به عنه أنه يجوز في الباطن دون الظاهر، ووجهه القاضي بأن الورثة لا حق لهم في ذلك المال الذي في مقابلة الدين؛ فلا يكون متصرفًا في حقوقهم، وهذا متوجه على القول بأن التركة لا تنتقل إليهم مع الدين؛ فلا يكون القضاء من أموالهم، ويرجع ذلك إلى أن كل مال مستحق يجوز دفعه إلى مستحقه مع وجود من له ولاية القبض، وقد سبق ذكره في القواعد.

‌13 - [الثالثة عشرة]

(5): التدبير؛ هل هو وصية أو عتق بصفة؟

في المسألة روايتان، [و] (6) ينبني عليهما فوائد كثيرة:

- (منها): لو قتل المدبر سيده؛ هل يعتق؟

(1) في المطبوع و (أ): "يوصى".

(2)

ما بين المعقوفتين انفرد بها المطبوع.

(3)

نص كلامه في "المحرر"(1/ 393): "ومن عليه لميت دين موصى به لمعين؛ فله دفعه إليه، وإن شاء إلى وصي الميت، ولو كان ثمَّ وصية غير معينة في دين؛ لم يبرأ بدفعه إلا إلى الوارث والوصي جميعًا" اهـ.

(4)

في المطبوع: "فقضار"!

(5)

ما بين المعقوفتين من المطبوع.

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 391

وفيه طريقتان:

إحداهما (1): بناؤه على الروايتين إن قلنا: هو عتق بصفة عتق، وإن قلنا: وصية؛ لم يعتق لأن المذهب أن الموصى له إذا قتل الموصي بعد الوصية لم [يستحق الوصية](2)، وهي طريقة ابن عقيل وغيره.

والثانية: إنه لا يعتق على الروايتين، وهي طريقة القاضي؛ لأنه لم يعلقه على موته بقتله إياه.

- (ومنها): بيع المدبر وهبته، والمذهب الجواز؛ لأنه وصية أو تعليق بصفة، وكلاهما لا يمنع نقل الملك قبل الصفة.

وفيه رواية أخرى بالمنع بناءً على أنه عن بصفة؛ فيكون لازمًا؛ كالاستيلاد (3).

- (ومنها): اعتباره من الثلث على المذهب؛ لأنه وصية، ونقل حنبل أنه من رأس المال، وهو متخرج على أنه عتق لازم، كالاستيلاد (3).

- (ومنها): إبطال التدبير والرجوع عنه بالقول، وفي صحته روايتان بناهما الخرقي والأكثرون (4) على هذا الأصل (5)، فإن قلنا (6): هو وصية؛

(1) في المطبوع: "طريقان: أحدهما"، وفي (ب):"طريقان: إحداهما".

(2)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ب): "يعتق"

(3)

في المطبوع: "كالاستيلاء".

(4)

في المطبوع: "والأصحاب".

(5)

قال الخرقي في "المغني"(10/ 322/ 8666): "ولو دبَّره، ثم قال: قد رجعت في تدبيري أو قد أبطلته؛ لم يبطل لأنه علق العتق بصفة في أحدى الروايتين، والأخرى: يبطل التدبير".

(6)

في المطبوع: "قيل".

ص: 392

جاز الرجوع عنه، وإن قلنا: عتق؛ فلا.

وللقاضي وأبي الخطاب في "تعليقهما" طريقة أخرى: إن الروايتين هنا على قولنا: إنه وصية؛ لأنها وصية تتنجز (1) بالموت من غير قبول، بخلاف بقية الوصايا، وهو منتقض بالوصية لجهات البر.

ولأبي الخطاب في "الهداية" طريقة ثالثة، وهي بناء هاتين الروايتين على جواز الرجوع بالبيع، أما إن قلنا: يمتنع (2) الرجوع بالفعل؛ فبالقول (3) أولى.

- (ومنها): لو باع المدبر ثم اشتراه؛ فهل يكون بيعه رجوعًا فلا يعود تدبيره، أو لا يكون رجوعًا فيعود؟

فيه روايتان أيضًا بناهما القاضي والأكثرون على هذا الأصل، فإن قلنا: التدبير وصية؛ بطلت بخروجه عن ملكه، ولم [تعد بعوده](4)، وإن قلنا: هو تعليق (5) بصفة؛ عاد بعود الملك بناء على أصلنا في عود الصفة بعود الملك في العتق والطلاق، وطريقة الخرقي وطائفة من الأصحاب: إن التدبير يعود بعود الملك [ها](6) هنا رواية واحدة (7)، بخلاف ما إذا أبطل

(1) في المطبوع: "نتجت"، وفي (أ) بدون تنقيط، وفي (ب):"ينتجز".

(2)

في (أ): "يمنع".

(3)

في المطبوع: "فالقول".

(4)

في المطبوع: "يبعد نفوذه"، وفي (أ) بدون تنقيط.

(5)

في (أ): "تعلق".

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(7)

قال الخرقي في "مختصره"(10/ 321/ 8665 - مع "المغني"): "فإن =

ص: 393

تدبيره بالقول، وهو يتنزل (1) على أحد أمرين: إما أن الوصية لا تبطل بزوال الملك مطلقًا بل تعود بعوده، وإما أن هذا حكم الوصية بالعتق خاصة.

- (ومنها): لو قال: عبدي فلان حر بعد موتي بسنة؛ فهل يصح ويعتق بعد موته بسنة، أم يبطل ذلك؟

على روايتين بناهما طائفة من الأصحاب على هذا الأصل، فإن قلنا: التدبير وصية؛ صح تقييدها بصفة أخرى توجد بعد الموت، وإن قلنا: عتق بصفة؛ لم يصح ذلك، وهؤلاء قالوا: لو صرح بالتعليق، فقال: إن دخلت الدار بعد موتي بسنة؛ فأنت حر؛ لم يعتق رواية واحدة، وهي طريقة ابن عقيل في "إشاراته"، والصحيح أن هذا الخلاف ليس مبنيًّا على هذا الأصل؛ فإن التدبير والتعليق بالصفة إنما بطل (2) بالموت مع الإطلاق؛ لأن مقتضى الإطلاق وجود الصفة في حياة السيد، فأما مع التقييد (3) بما بعد (4) الموت؛ [فيتقيد به، ثم (5)] من الأصحاب من يجعل (6) هذا العقد تدبيرًا، ومنهم من ينفي ذلك، ولهم في حكاية الخلاف فيه أربعة طرق قد ذكرناها

= اشتراه [أي: عبده المدبر] بعد ذلك؛ رجع في التدبير"، قال ابن قدامة: "والصحيح ما قال الخرقي؛ لأن التدبير وجد فيه التعليق بصفة، فلا يزول حكم التعليق بوجود معنى الوصية يه، بل هو جامع للأمرين، وغير ممتنع وجود الحكم بسببين، فيثبت حكمها فيه" اهـ.

(1)

في (ب): "متنزل".

(2)

في المطبوع و (ج): "يبطل".

(3)

في المطبوع: "التنفيذ"!

(4)

في المطبوع: "بما يمنع بعد".

(5)

في المطبوع: "فتنفيذ به و"!

(6)

في المطبوع: "جعل".

ص: 394

في غير هذا الموضع.

- (ومنها): لو كاتب مدبرة؛ فهل يكون رجوعًا عن التدبير؟

إن قلنا: التدبير عتق بصفة؛ لم يكن رجوعًا، وإن قلنا: هو وصية؛ انبنى على أن كتابة الموصى به هل تكون رجوعًا؟

[و](1) فيه وجهان، أشهرهما أنه رجوع، والمشهور في المذهب أن كتابة المدبر ليست رجوعًا عن تدبيره، ونقل ابن الحكم عن أحمد ما يدل على أنه رجوع.

- (ومنها): لو وصى بعبد (2) ثم دبره؛ ففيه وجهان:

أشهرهما: إنه رجوع عن الوصية.

والثاني: ليس برجوع.

فعلى هذا فائدة الوصية به أنه لو أبطل تدبيره بالقول؛ لاستحقه (3) الموصى له، ذكرهُ في "المغني"(4)، وقال الشيخ تقي الدين: ينبني على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية؟

فإن قلنا: هو عتق بصفة؛ قدم على [الوصية](5)، وإن قلنا: هو وصية؛ فقد ازدحمت وصيتان في هذا العبد؛ فينبني على أن الوصايا

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في المطبوع: "بعبده".

(3)

في (أ): "لا يستحق"!

(4)

(10/ 322/ 8666).

(5)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "الموصى به".

ص: 395

المزدحمة إذا كان بعضها عتقًا؛ هل (1) يقدم أم (2) يتحاص العتق وغيره؟

على روايتين، فإن قلنا بالمحاصة؛ فهو (3) كما لو دبر نصفه ووصى بنصفه، ويصح ذلك على المنصوص. (انتهى).

وقد يقال: الموصى له إن قيل: لا يملك حتى يقبل؛ فقد سبق زمن العتق لزمن ملكه (4)؛ فينفذ، وإن قيل:[إنه](5) يملك من حين الموت؛ فقد تقارن زمن ملكه [و](5) زمن العتق؛ [فينبغي تقديم العتق](6)، كما نص عليه أحمد في مسألة من عتق عبده ببيعه.

- (ومنها): الوصية بالمدبر، والمذهب أنها لا تصح، ذكره القاضي وأبو الخطاب في "خلافيهما"(7)؛ لأن التدبير الطارئ إذا أبطل الوصية على المشهور؛ فكيف يصح طريان (8) الوصية على التدبير ومزاحمتها له؟!

وبنى الشيخ هذه المسألة (9) أيضًا على الأصول السابقة.

- (ومنها): ولد المدبرة، والمشهور أنه يتبعها في التدبير كما ولدته

(1) في (ج): "فهل".

(2)

في المطبوع و (ب): "أو".

(3)

في (ب): "فهما".

(4)

في (ج): "الملك".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(7)

في (أ)"خلافهما".

(8)

في (ج): "طرآن".

(9)

في المطبوع: "المسائل".

ص: 396

بعده، سواء كان موجودًا حال التعليق (1) أو العتق، أو حادثًا بينهما، وحكى القاضي في "كتاب الروايتين" في تبعية الولد روايتين، وبناهما على أن التدبير هل هو عتق لازم؛ كالاستيلاد، [أو وصية] (2)؟ ومن هنا قال أبو الخطاب في "انتصاره": تبعية الولد مبني (3) على لزوم التدبير.

وخرج أبو الخطاب [في "الهداية"](4) وجهًا: إنه لا يتبعها الحادث بينهما، وإنما يتبعها إذا كان موجودًا معها في أحدهما من حكم ولد المعلق عتقها بصفة، بناءً على أن التدبير تعليق بصفة، وينبغي (5) على هذا أن يخرج طريقة أخرى: إنه لا يتبعها الولد الحادث بينهما بغير خلاف، وإن (6) كان موجودًا في أحد الحالين؛ فهل يتبعها؟

على وجهين بناءً على أن التدبير (7) وصية، وحكم ولد الموصى بها كذلك عند (8) الأصحاب.

- (ومنها): لو جحد السيد التدبير؛ فالمنصوص عن أحمد أنه ليس برجوع، وقال الأصحاب: إن قلنا: هو عتق بصفة؛ لم يكن رجوعًا، وإن

(1) في (أ): "التعلق".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

وانظر: "المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين"(3/ 118 - 119).

(3)

في (ج): "تنبني".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(5)

في المطبوع: "فينيغي".

(6)

في المطبوع: "وإنما".

(7)

في المطبوع: "المدبر".

(8)

في المطبوع: "وعند".

ص: 397