المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌19 - [التاسعة عشرة]

قلنا: قد ملكوا (1)؛ لم يقبل؛ كشهادة أحد الشريكين للآخر، وإن قلنا: لم يملكوا؛ قبلت، ذكره القاضي في "خلافه"، قال الشيخ تقي الدين: وفي قبولها نظر؛ وإن قلنا: لم يملكوا لأنها شهادة تجر نفعًا (2).

قلت: هذا ذكره القاضي في مسألة ما إذا وطئ أحد الغانمين جارية من المغنم، وذكر في مسألة السرقة من بيت المال والغنيمة أنه لا يقبل (3). شهادة أحد الغانمين بمال الغنيمة مطلقًا، وهو الأظهر، [واللَّه أعلم](4).

‌19 - [التاسعة عشرة]

(5) القسمة؛ هل هي إفراز أو بيع؟

المذهب أن [قسمة الاجبار -وهي ما لا يحصل فيه رد عوض من أحد الشريكين ولا ضرر عليه](6) - إفراز لا بيع، وذهب ابن بطة إلى أنها كالبيع في أحكامه، [وحكى الآمديُّ روايتين](7)، [فأما ما كان فيه رد عوض؛ فهي بيع، و](8) قال الشيخ مجد الدين: الذي يتحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد، وإفراز في الباقي؛ لأن أصحابنا قالوا في قسمة الطلق عن

(1) في المطبوع: "ملكوه".

(2)

وردت عدة أحاديث فيها عدم قبول شهادة مَنْ جَرّ إلى نفسه بشهادته نفعًا. سقتها وتخريجها في تعليقي على "الموافقات"(4/ 65 - 66) للشاطبي؛ فانظره غير مأمور.

(3)

في (أ) بدون نقط، وفي (ب):"لا نقبل"، وفي (ج):"لا تقبل".

(4)

ما بين المعقوفتين انفرد بها (أ).

(5)

ما بين المعقوفتين انفرد به المطبوع.

(6)

بدل ما بين المعقوفتين في (أ): "القسمة".

(7)

ما بين المعقوفتين سقط من (أ)، وفي (ب):"وحكى الآمديُّ روايتان".

(8)

ما بين المعقوفتين انفرد بها (ج).

ص: 425

الوقف: إذا كان فيها رد من جهة صاحب الوقف؛ جاز لأنه يشترى [به](1) الطلق، وإن كان من (2) جهة صاحب الطلق؛ لم يجز.

ويتفرع على الاختلاف في كونها إفرازًا أو بيعًا فوائد كثيرة:

- (منها): لو كان بينهما ماشية مشتركة، [فقسماها](3) في أثناء الحول، واستداما خلطة الأوصاف، فإن قلنا: القسمة إفراز؛ لم ينقطع الحول بغير خلاف، وإن قلنا: بيع؛ خرج على بيع الماشية بجنسها في أثناء الحول؛ هل يقطعه أم لا؟

- (ومنها): إذا تقاسما وصرحا بالتراضي واقتصرا على ذلك؛ فهل يصح؟

إن قلنا: هي إفراز؛ صحت، وإن قلنا:[هي](4) بيع؛ فوجهان ذكرهما (5) صاحب "الترغيب"، وكان مأخذهما الخلاف في اشتراط الإيجاب والقبول، وظاهر كلامه أنس تصح بلفظ القسمة على الوجهين، ويتخرج أن لا تصح (6) من الرواية التي حكاها في "التلخيص" باشتراط لفظ البيع والشراء في البيع.

(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(2)

في المطبوع: "في".

(3)

في المطبوع: "فاقتسماها"، وفي (ج):"فقسما".

(4)

ما بين المعقوفتين من (أ).

(5)

في المطبوع: "حكاهما".

(6)

في المطبوع: "لا يصح".

ص: 426

- (منها): لو تقاسموا ثمر النخل والعنب على الشجر، [أو](1) الزرع المشتد (2) في سنبله خرصًا، أو الربويات على ما يختارون من كيل أو وزن، فإن قلنا: هي إفراز؛ جاز، ونص عليه أحمد في رواية الأثرم في جواز القسمة بالخرص، وإن قلنا:[هي](3) بيع؛ لم يصح، وفي "الترغيب" إشارة إلى خلاف في الجواز مع القول بالإفراز (4)، وكذلك لو تقاسموا الثمر على الشجر قبل صلاحه بشرط التبقية؛ فيجوز على القول بالإفراز (4) دون البيع.

-[(ومنها): لو تقاسموا أموالًا ربويّة (5)؛ جاز أن يتفرقوا قبل القبض على القول بالإفراز (4)، ولم يجز على القول بالبيع](6).

- (ومنها): لو كان بعض العقار وقفًا وبعضه طلقًا، وطلب أحدهما القسمة؛ جازت إن قلنا: هي إفراز (7)، وإن قلنا: بيع؛ لم يجز لأنه بيع للوقف، فأما إن كان الكل وقفًا؛ فهل تجوز (8) قسمته؟

فيه طريقان:

(1) في (ب): "و".

(2)

في المطبوع: "المشتمل"!

(3)

ما بين المعقوفتين من (ج).

(4)

في (أ): "بالإقرار"!

(5)

في (ج): "أموال ربويات".

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(7)

في (أ): "إقرار"!

(8)

في المطبوع و (ب): "يجوز".

ص: 427

أحدهما: إنه كإفراز الطلق من الوقف سواء، وهو المجزوم به في "المحرر"(1).

والثاني: إنه [لا تصح القسمة](2) على الوجهين جميعًا على الأصح، وهي طريقة "الترغيب"، وعلى القول بالجواز؛ فهو مختص بما إذا كان [وقفًا](3) على جهتين (4) لا على جهة واحدة، صرح به الأصحاب، نقله الشيخ تقي الدين (5).

- (منها) قسمة المرهون كله أو بعضه (6) مشاعًا، إن قلنا: هي إفراز (7)، صحت (8)، وإن قلنا: بيع؛ لم تصح (9)، ولو استضر (10) بها المرتهن بأن (11) رهنه أحد الشريكين حصته (12) من بيت (13) معين من دار، ثم اقتسما

(1) انظر: "المحرر"(2/ 215).

(2)

في المطبوع: "لا يصح قسمته"، وفي (أ) و (ب):"لا يصح القسمة".

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(4)

في (ج): "وجهة"!

(5)

انظر: "الاختيارات الفقهية"(350 - 351).

(6)

في المطبوع: "أو نصفه".

(7)

في (أ): "إقرار".

(8)

في المطبوع: "صحة".

(9)

في (أ): "لم يصح".

(10)

في المطبوع: "استقر".

(11)

في المطبوع: "فإن".

(12)

في (أ): "حصة".

(13)

في المطبوع: "حق".

ص: 428

فحصل البيت في حصة شريكه؛ فظاهر كلام القاضي أنه لا يمنع منه على القول بالإفراز (1)، [و] (2) قال صاحب "المغني": يمنع منه (3).

- (ومنها): إذا اقتسما أرضًا، فبنى أحدهما في نصيبه وغرس، ثم استحقت الأرض، فقلع (4) غرسه وبناؤه، فإن قلنا: هي إفراز (5)؛ لم يرجع على شريكه، وإن قلنا: بيع؛ رجع عليه بقيمة النقص (6) إذا كان عالمًا بالحال دونه، ذكره في "المغني"(7)، وجزم القاضي بالرجوع عليه مع قوله: إن القسمة إفراز (5).

- (ومنها): ثبوت الخيار فيها، وفيه (8) طريقان:

أحدهما: ينبني على الخلاف، فإن (9) قلنا: إفراز (5)؛ لم يثبت فيها خيار، وإن قلنا: بيع؛ ثبت، وهو المذكور في "الفصول" و"التلخيص"، وفيه ما يوهم اختصاص الخلاف [بخيار](10) المجلس، فأما (11) خيار

(1) في (أ): "بالإقرار".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

انظر: "المغني"(4/ 261/ 3396).

(4)

في المطبوع: "يقلع".

(5)

في (أ): "إقرار".

(6)

في المطبوع: "القبض".

(7)

(10/ 151/ 8322).

(8)

في (ج): "وفيها".

(9)

في المطبوع و (ب): "وإن".

(10)

في المطبوع: "في خيار".

(11)

في (ب): "وأما".

ص: 429

الشرط (1)؛ فلا يثبت فيها على الوجهين.

والثاني: يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط على الوجهين [جميعًا](2)، قاله القاضي في "خلافه" معللًا بأن ذلك جعل للارتياء [فيما](3) فيه الحظ، وهذا المعنى موجود في القسمة.

قال (4) الشيخ تقي الدين: وهذا صريح في أن قسمة التراضي إفراز؛ لأن قسمة الإجبار لا معنى لثبوت الخيار فيها؛ إذ في كل لحظة يملك الإجبار؛ فلا ينفع (5) ثبوت الخيار في فسخها. وذكر أيضًا أنه حيث وجبت القسمة؛ فينبغي أن تكون لازمة؛ لأن أحدهما إذا (6) فسخها؛ كان للآخر مطالبته بإعادتها؛ فلا فائدة فيه، وقد يكون فيه ضرر على أحدهما؛ فإنه قد يتصرف (7) فيما حصل له ولغيره (8)، فإذا نقضت (9) القسمة؛ تضرر (10) بذلك ولم يحصل له الانتفاع، ولا سيما إن تكرر ذلك من شريكه [مضاررة](11).

(1) في المطبوع: "المجلس"!

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

في (ج): "بما".

(4)

في المطبوع: "وقال".

(5)

في المطبوع: "فلا يقع"، وفي (ب):"فلا يمنع".

(6)

في المطبوع: "لو".

(7)

في (ب): "يتصف".

(8)

في (أ): "وبغيره".

(9)

في المطبوع: "انقضت".

(10)

في المطبوع: "تقرر"!

(11)

ما بين المعقوفتين سقط من (أ)، وفي المطبوع و (ج):"مضارة".

ص: 430

قلت: ويشهد لهذا ما ذكره القاضي في "خلافه" في المعسر (1) بالنفقة إذا طلق الحاكم عليه رجعيًّا ثم ارتجع من غير يسار تجدد (2) له؛ أنه لا تصح (3) رجعته؛ لما فيه من اعادة الضرر الذي أزلناه بالطلاق، وقال ابن عقيل في "عمد الأدلة" وصاحب "المغني": له الرجعة، فإذا ارتجع؛ عادت المطالبة [له](4)، فإن [أبي](5)؛ طلق عليه حتى يستوفي الطلاق الثلاث (6)، وأخذه ابن عقيل من المولى (7) إذا طلق في أثناء المدة بعد طلب [الفيئة](8) طلاقًا رجعيًّا، فإن له الرجعة (9)، ويطالب بـ[الفيئة](8) ثانيًا، والقاضي يفرق بينهما بأن رجعة المولي أقرب إلى حصول مقصود المرأة من الفيئة من حال العدة (10) الجارية إلى البينونة، بخلاف رجعة المعسر (11)،

(1) في المطبوع: "المعنيين".

(2)

في المطبوع: "تحدد"، وفي (أ) بدون تنقيط.

(3)

في المطبوع: "لا يصح".

(4)

في (ب): "لها".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(6)

قال في "المغني"(8/ 165/ 6476): "فأما إن أجبره الحاكم على الطلاق، فطلق أقل من ثلاث، فله الرجعة عليها ما دامت في العدة، فإن راجعها وهو معسر، أو امتنع من الإنفاق عليها، ولم يمكن الأخذ من ماله؛ فطلبت المرأة الفسخ؛ فللحاكم الفسخ لأن المقتضي له باقٍ أشبه ما قبل الطلاق" اهـ.

(7)

في المطبوع: "من المولى عليه".

(8)

في (أ): "الغنيمة"، وفي (ب):"الفئة".

(9)

في المطبوع: "رجعتها".

(10)

في (ج): "حال العسرة".

(11)

في (ج): "رجعة الموسر".

ص: 431

ولكن لا يتوجه على قول ابن عقيل التمكين من فسخ قسمة الإجبار هنا؛ لأن الضرر في الطلاق لا يتأبد لأنه محدود بثلاث مرات، بخلاف ضرر الفسخ هنا؛ فإنه لا نهاية له (1).

وذكر الشيخ تقي الدين أن المولي إذا طلق؛ لم يمكن (2) من الرجعة إلا بشرط أن يفيء (3)؛ لأن أصل الرجعة إنما أباحها اللَّه لمن أراد الإصلاح؛ فكيف بالمولي الذي يظهر (4) منه قصد الإضرار؟! فلا يمكن من الرجعة بدون شرط الفيئة؛ [لئلا يكون](5) ارتجاعه زيادة في الإِضرار.

وذكر في "الكافي" في هذه المسألة أنهما إن اقتسما بأنفسهما؛ لم تلزم (6) القسمة إلا بتراضيهما وتفرقهما (7)؛ كالبيع، وإن قسم بينهما الحاكم أو قاسمه أو عدل (8) عالم نصباه (9) بينهما؛ لزمت قسمته بغير رضاهما؛ إلا

(1) في المطبوع: "فإنه يكون لا نهاية له".

(2)

في المطبوع: "لم يكن".

(3)

قال شيخ الإسلام في "الاختيارات الفقهية"(ص 275 - 276): "وإذا لم يفيء وطلق بعد المدة أو طلق الحاكم عليه؛ لم يقع إلا طلقة رجعية، وهو الذي يدل عليه القرآن، ورواية عن أحمد، فإذا راجع؛ فعليه أن يطأ عقب هذه الرجعة إذا طلبت ذلك منه، ولا يمكَّن من الرجعة إلا بهذا الشرط، ولأن اللَّه إنما جعل الرجعة ان أرادا إصلاحًا بقوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228] ".

(4)

في (ب): "ظهر".

(5)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "لأن"!

(6)

في المطبوع: "لم يلزم".

(7)

في (أ): "ومعرفتهما".

(8)

في (ج): "أو رجل".

(9)

في المطبوع: "نصفاه"!

ص: 432

أن يكون فيها رد؛ فوجهان نظرًا إلى أنها بيع، فيقف (1) على الرضا، وإلى أن [القاسم كالحاكم](2)، وقرعته كحكمه (3).

- (ومنها): ثبوت الشفعة بها (4)، وفيه طريقان:

أحدهما: بناؤه على الخلاف، فإن قلنا: إفراز (5)؛ لم يثبت، [وإن قلنا: بيع] (6)؛ ثبت، وهو ما ذكره السامري في باب الربا.

والثاني: لا يوجب الشفعة على الوجهين، قاله القاضي وصاحب "المحرر"؛ لأنه لو ثبت لأحدهما على الآخر؛ لثبت للآخر عليه، فيتنافيان، ومنها قسمة المتشاركين في الهدي والأضاحي اللحم، فإن قلنا: إفراز؛ جازت، وإن قلنا: بيع؛ لم تجز (7)، وهذا ظاهر كلام الأصحاب.

- (ومنها): لو حلف لا يبيع، فقاسم، فإن قلنا: القسمة بيع؛ حنث، وإلا؛ فلا، ذكره الأصحاب، وقد يقال: الأيمان محمولة على العرف، [ولا](8) نسمى القسمة بيعًا في العرف؛ فلا يحنث بها ولا بالحوالة ولا بالإقالة، وإن قبل (9): هي بيوع.

(1) في (ج): "فتقف".

(2)

في المطبوع: "المقاسم كالحاكم"، وفي (ب):"القاسم حاكم".

(3)

انظر: "الكافي"(4/ 475).

(4)

في المطبوع: "فيها".

(5)

في (أ): "إقرار".

(6)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "وإلا".

(7)

في المطبوع: "لم يجز"، وفي (أ) بدون تنقيط.

(8)

في (ج): "فلا".

(9)

في (ج): "وإن قلنا".

ص: 433

- (ومنها): لو اقتسم الورثة التركة (1)، ثم ظهر على الميت دين أو وصية، فإن قلنا: هي إفراز (2)؛ فالقسمة باقية على الصحة (3)، وإن قلنا: بيع؛ فوجهان بناءً على الخلاف في بيع التركة المستغرقة بالدين، وقد سبق.

- (منها): لو ظهر في القسمة غبن فاحش، فإن قلنا: هي افراز (2)؛ لم يصح لتبين فساد الإفراز، وإن قلنا: بيع؛ صحت وثبت فيها خيار الغبن [في البيع](4)، ذكره في "الترغيب"[والبلغة](5).

- (ومنها): لو اقتسما دارًا نصفين [ثم](4) ظهر بعضها مستحقًّا، فإن قلنا: القسمة افراز (6)؛ انتقضت القسمة لفساد الإفراز (7)، وإن قلنا: بيع؛ [لم تنتقض، ورجع](8) على شريكه بقدر حقه في المستحق إذا (9) قلنا بذلك في تفريق الصفقة؛ كما لو اشترى دارًا فبان بعضها مستحقًّا، ذكره الآمدي، وفي "المحرر": إن [كان](10) المستحق معينًا وهو في الحصتين؛

(1) في المطبوع: "العقار".

(2)

في (أ): "إقرار".

(3)

في (ب): "الصحيح".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(5)

بدل ما بين المعقوفتين في (أ): "وقيده بقسمة القراض".

(6)

في المطبوع: "فراز"، وفي (أ):"إقرار"!

(7)

في (أ): "الإقرار".

(8)

في المطبوع: "لم ينتقض ويرجع"، وفي (ج):"لم تنتقض ويرجع".

(9)

في المطبوع و (ج): "كما إذا".

(10)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

ص: 434

فالقسمة بحالها (1)، ولم يحك خلافًا، وذكر صاحب "الكافي" احتمالًا بالبطلان (2) بناءً على عدم تفريق الصفقة إذا قلنا: هي بيع، وإن كان المستحق معينًا في إحدى الحصتين، أو شائعًا فيهما (3)، أو في إحديهما (4)؛ فثلاثة أوجه في "المحرر":

أحدها: (5) تبطل.

والثاني: لا تبطل.

والثالث: تبطل بالاشاعة في إحديهما خاصة (6)، وهو ظاهر كلام [صاحب "المغني"](7).

والأول اختار القاضي وابن عقيل مع قولهما بتفريق الصفقة، [قال الشيخ مجد الدين: والوجهان الأولان فرع على قولنا بتفريق الصفقة في البيع] (8)، فأما إن قلنا: لا تتفرق (9) هناك، بطلت ها هنا وجهًا واحدًا،

(1) ولفظ "المحرر"(2/ 218): "وإذا تقاسما، ثم استحق من الحصتين شيء معين؛ فالقسمة بحالها في الباقي".

(2)

انظر: "الكافي"(3/ 476).

(3)

في (ب): "فيها".

(4)

في المطبوع: "أحدها"، وفي (ب) و (ج):"إحداهما".

(5)

في (ب): "إحداها".

(6)

في (ب): "في إحداهما خاصة".

وانظر: "المحرر"(2/ 218).

(7)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "القاضي".

وانظر: "المغني"(10/ 151/ 8322).

(8)

في المطبوع: "المبيع".

(9)

في المطبوع: "لا تفريق".

ص: 435

[وفي](1)"البلغة": إذا ظهر بعض حصة أحدهما مستحقًّا؛ انتقضت القسمة، وإن [ظهر في حصتهما] (2) على استواء النسبة [وكان معينًا] (3): لم ينتقض [إذا عللنا فساد](4) تفريق الصفقة بالجهالة، وإن عللناه باشتمالها على [ما لا](5) يجوز؛ بطلت، وإن كان المستحق مشاعًا؛ انقضت القسمة في الجميع على أصح الوجهين.

- (ومنها): إذا مات رجل وزوجته حامل، وقلنا: لها السكنى، فأراد الورثة قسمة المسكن قبل انقضاء العدة من غير إضرار بها بأن يعلموا الحدود بخط أو نحوه [من غير] (6) نقص ولا بناء؛ ففي "المغني": يجوز ذلك (7)، ولم ينبه على الخلاف في القسمة، مع أنه قال: لا يصح بيع المسكن في هذه الحال؛ لجهالة مدة الحمل المستثناة فيه حكمًا، وهذا يدل على أن [مثل](8) هذا يغتفر في القسمة على الوجهين، ويحتمل أن يقال متى قلنا: القسمة بيع، وإن بيع هذا المسكن [لا](8) يصح؛ لم تصح القسمة.

(1) في (ب): "أو في".

(2)

في المطبوع: "ظهرت حصتها".

(3)

في (أ): "فإن كان معينًا"، وفي (ج):"وكان معللًا".

(4)

في المطبوع: "وإذا عللنا بفساد".

(5)

في (أ): "ما" فقط.

(6)

في المطبوع: "بغير".

(7)

انظر: "المغني"(8/ 128/ 6394).

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 436

- (ومنها): قسمة الدين في ذمم الغرماء، فإن قلنا:[إن](1) القسمة إفراز (2)؛ صحت، وإن قلنا: بيع؛ لم تصح.

وقد حكى الأصحاب في المسألة روايتين، وهذا البناء يتوجه (3) على طريقة من طرد الخلاف في قسمة التراضي؛ كالشيخ تقي الدين [رحمه اللَّه تعالى](4) مع أنه يميل إلى دخول الإجبار في قسمة الديون (5) على الغرماء المتقاربين في الملاءة؛ لأن الذمم عندنا تتكافأ بدليل الإجبار على قبول الحوالة على المليء (6).

وخص القاضي وابن عقيل الروايتين بما إذا كان الدين في ذمتبن فصاعدًا، فإن كان في ذمة [واحدة](7)؛ لم تصح قسمته رواية واحدة، وأنكر ذلك الشيخ مجد الدين، ويشهد لقوله أن القاضي في "خلافه" قال: إذا قبض أحد الشريكين من الدين بإذن شريكه؛ اختص بما قبضه، وفرق [في موضع آخر](8) بين الدين الثابت بعقد؛ فيختص أحد الشريكين بما قبضه منه ولو بغير إذن [شريكه](9)، وبين الثابت بإرث ونحوه؛ فلا يختص، وقد

(1) ما بين المعقوفتين انفرد بها (ج).

(2)

في (أ): "إقرار"!

(3)

في المطبوع: "متوجه".

(4)

ما بين المعقوفتين انفرد بها (ج)، وفي (ب):"رحمه الله".

(5)

في المطبوع: "الدين".

(6)

انظر: "الاختيارات الفقهية"(ص 350).

(7)

في المطبوع: "واحد"!

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(9)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 437

نص أحمد في "رواية ابن منصور" على الاشتراك في ثمن الطعام المشترك، ونص في روايته [أيضًا](1) على جواز القسمة بالتراضي في الذمة الواحدة.

وسلك صاحب "المغني"(2) في توجيه الروايتين في المسألة طريقة ثانية، وهي أن قبض أحد الشريكين من الدين المشترك؛ هل هو قسمة للدين أو تعيين [لحقه](3) بالأخذ؛ كالإبراء؟

فإن قلنا: هو قسمة؛ لم يجز لأحدهما الانفراد بالقبض، فإن أذن الشريك فيه؛ فوجهان:

أحدهما: يصح، وينفرد به القابض؛ لأن الحق لشريكه، وقد أسقطه.

والثاني: لا يصح، وهو قول أبي بكر؛ لأن حق الشريك في الذمة [لا في عين المال؛ فلا ينفع إذنه في قبض الأعيان، وفيه ضعف؛ فإن الأعيان هي متعلق حقه، وكذلك (4) يتعلق حقوق غرماء المفلس بماله، وإن قلنا: ليس القبض قسمة؛ جاز لأن حق الشريك في الذمة](5)، [و](6) لا ينتقل إلى العين إلا بقبض الغريم أو وكيله، فقبض الشريك [لنفسه

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في "المغني"(5/ 48/ 3729).

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(4)

في (ب): "ولذلك".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(6)

ما بين المعقوفتين ليس في (أ).

ص: 438

تعيين] (1) لحقه لا غير؛ فيختص به دون شريكه، سواء كان بإذن الشريك أو بدونه (2).

[و] كذلك حكى صاحب "المغني" هذه الرواية (3)، وذكر عن أحمد ما يدل عليها، وقد أنكرها أبو بكر عبد العزيز، ويتوجه عندي في توجيه الروايتين طريقة ثالثة، وهي أن أحد الشريكين إذا قبض من الدين [المشترك](4)؛ فإنما قبض حقه المختص به، لكن ليس له القبض دون شريكه؛ لاشتراكهما في أصل الاستحقاق؛ كغرماء المفلس، فإذا قبض بدون إذن شريكه؛ فهل لشريكه مقاسمته [فيما قبضه](5) أم لا؟

على الروايتين؛ فوجه المحاصة القياس على قبض بعض الشركاء من الأعيان المشتركة بدون قسمة؛ كالمواريث (6)، أو من الأعيان المتعلق بها حقوقهم؛ كمال المفلس، ووجه عدم المحاصة أن المقبوض من الدين كله حق القابض (7)، ولهذا لو [تلف في يده؛ لتلف كله](8) من نصيه، ولم يضمن لشريكه شيئًا، بخلاف القبض من الأعيان؛ فعلى هذه الرواية لا

(1) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "تعين".

(2)

ما بين المعقوفتين ليس في (أ).

(3)

انظر: "المغني"(5/ 48/ 3729).

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من (أ).

(6)

في (ج): "كالوارث".

(7)

في المطبوع: "حق للقايض".

(8)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "أتلف في يده كان".

ص: 439

فرق [بين](1) أن يقبض بإذن الشريك أو بدونه، وعلى الأولى إن قبض بإذنه؛ فهل له محاصته (2) فيه؟

على وجهين؛ لأن حقه في المحاصة إنما ثبت (3) بعد القبض؛ فهو كإسقاط الشفعة قبل البيع، [واللَّه أعلم](4)، وقد يقال: التراضي بقبض كل واحد منهما بعض الدين قسمة له؛ لأن القسمة في الأعيان تقع بالمحاسبة (5) والأقوال في النصوص (6)، فكذا في الديون، وأما إن كان المشترك بعضه عينًا وبعضه دينًا؛ فأخذ بعض الشركاء العين وبعضهم الدين؛ فقد (7) نص أحمد على جوازه مع الكراهة، وحكاه عن ابن عباس (8)، وقال: لا يكون إلا في الميراث، وخرجه الشيخ مجد الدين على القول بجواز بيع الدين من غير الغريم؛ لأن هذه القسمة بيع بغير خلاف عنده، وعلى ما ذكره الشيخ تقي الدين قد يطرد فيها الخلاف (9)، واللَّه

(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(2)

في المطبوع: "محاصة".

(3)

في (ب) و (ج): "يثبت".

(4)

ما بين المعقوفتين انفرد بها المطبوع.

(5)

في المطبوع: "في المحاسبة".

(6)

في المطبوع و (ج): "المنصوص".

(7)

في المطبوع: "وقد".

(8)

انظر: "مصنف عبد الرزاق"(8/ رقم 14360، 14361، 14362، 14367)، و"السنن الكبرى"(6/ 28) للبيهقي، و"أحكام القرآن" (2/ 200 - ط دار إحياء التراث). وانظر:"كنز العمال"(4/ 201).

(9)

انظر: "مجموع الفتاوى"(29/ 468 - 474)، و"تفسير آيات أشكلت" (2 =

ص: 440

أعلم.

- (ومنها): قبض أحد الشريكين نصيبه من المال المشترك المثلي مع غيبة الآخر [أو](1) امتناعه من الإذن بدون إذن الحاكم، وفيه وجهان سبق ذكرهما في القواعد، والوجهان على قولنا: القسمة إفراز (2)، فإن قلنا: هي بيع؛ لم يجز وجهًا واحدًا، فأما (3) غير المثلي؛ فلا يقسم إلا مع الشريك أو من يقوم مقامه؛ كالوصي والولي والحاكم.

- (ومنها): لو اقتسما دارًا، فحصل الطريق في نصيب أحدهما ولم يكن للآخر منفذ بتطرق منه؛ فقال أبو الخطاب وصاحب "المغني" و "المحرر": تبطل القسمة (4).

وخرج صاحب "المغني" فيه وجهًا آخر: إنها تصح، ويشتركان في الطريق (5)؛ من نص أحمد على اشتراكهما في مسيل (6) الماء، وقد ذكرنا ذلك فيما سبق في القواعد، ويتوجه أن يقال: إن قلنا: القسمة إفراز؛ بطلت، وإن قلنا: بيع؛ صحت ولزم الشريك تمكينه من الاستطراق، بناءً على قول الأصحاب: إذا باعه بيتا من وسط داره ولم يذكر طريقا؛ صح البيع

= / 637)، كلاهما لابن تيمية، و"مسائل صالح"(2/ 196/ 761)، و"الإنصاف"(5/ 44)، وفي (ج):"الخلاف أيضًا".

(1)

في المطبوع: "و".

(2)

في (أ): "إقرار".

(3)

في (أ): "وأما".

(4)

انظر: "المغني"(10/ 152/ 8325)، و"المحرر"(2/ 218).

(5)

في (ب): "التطرق".

(6)

في (ب): "سيد".

ص: 441

واستتبع طريقه، ذكره (1) القاضي في "خلافه"، [و](2) لو اشترط عليه الاستطراق في القسمة؛ صح، قال الشيخ مجد الدين: هذا قياس مذهبنا [في جواز بيع الممر](3).

- (منها): لو حلف لا يأكل مما اشتراه زيد، فاشترى زيد وعمرو طعامًا مشاعًا، وقلنا: يحنث بالأكل منه، فتقاسماه، ثم أكل الحالف من نصيب عمرو؛ فذكر الآمدي أنه لا يحنث لأن القسمة إفراز [حق](4) لا بيع، وهذا يقتضي أنه يحنث إذا قلنا: هي بيع، وقال القاضي: قياس المذهب أنه يحنث مطلقًا لأن القسمة لا تخرجه عن أن يكون زيدًا اشتراه، ويحنث عند أصحابنا بأكل ما اشتراه زيد، ولو انتقل الملك عنه إلى غيره، وفي المعنى احتمال: لا يحنث [ها](5) هنا، وعليه يتخرج أنه لا يحنث إذا (6) قلنا: القسمة بيع، [واللَّه أعلم](7).

ونختم هذه الفوائد بذكر فائدتين، بل قاعدتين يكثر ذكرهما في مسائل الفقه، وتنتشر (8) فروعهما انتشارًا كثيرًا، ونذكر ضوابطهما

(1) في المطبوع: "كما ذكره".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(4)

ما بين المعقوفتين ليس في (أ).

(5)

ما بين المعقوفتين من (أ).

(6)

في (ج): "إن".

(7)

ما بين المعقوفتين انفرد به (أ).

(8)

في المطبوع: "وانتشر".

ص: 442