المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌18 - [الثامنة عشرة]

مع أني لم أر أحدًا استدل به، وقد استدل أحمد بحديث الطريق (1) وبالأمر بإخراجهم من جزيرة العرب (2).

‌18 - [الثامنة عشرة]

(3) الغنيمة؛ هل تملك بالاستيلاء المجرد، أم لا بد معه من نية التملك (4)؟

(1) لعله يريد حديث أبي هريرة؛ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا اختلفتم في الطُّرُقِ؛ فدعوا سبعةَ أذرُع".

أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب المظالم، باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء، رقم 2473)، ومسلم في "الصحيح"(كتاب المساقاة، باب قدر الطريق إذا اختلفوا، رقم 1613)، وغيرهما.

(2)

يشير المصف إلى ما أخرجه مسلم في "صحيحه"(كتاب الجهاد والسير، 4/ رقم 1767)، والنسائي في "الكبرى" -كما في "التحفة"(8/ 16) -، والترمذي في "الجامع"(أبواب السير، باب ما جاء في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، رقم 1606، 1607)، وأبو داود في "السنن"(كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب، رقم 3030)، وعبد الرزاق في "المصنف"(رقم 9985)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 345)، وأحمد في "المسند"(1/ 29، 32 و 3/ 345) -ومن طريقه الخلال في "الجامع"(1/ رقم 138) -، والطحاوي في "المشكل"(4/ 12)، وأبو عبيد في "الأموال"(270، 271)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 274)، والبيهقي في "الكبرى"(9/ 207)، والبغوي في "شرح السنة" (رقم 2756)؛ عن عمر: أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لأُخْرِجَنَّ اليهودَ والنَّصارى من جزيرة العرب؛ حتى لا أدَعَ إلا مُلسمًا". لفظ مسلم.

وانظر: "مسند الفاروق"(2/ 487) لابن كثير.

وانظر في المسألة وأقوال العلماء فيها: "أحكام أهل الذّمة"(2/ 291 وما بعدها).

(3)

ما بين المعقوفتين انفرد به المطبوع.

(4)

في المطبوع: "التمليك".

ص: 420

المنصوص عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب أنها تملك بمجرد الاستيلاء وإزالة أيدي الكفار عنها، وهل يشترط مع ذلك فعل الحيازة كالمباحات أم لا؟

[على وجهين، و](1) قال القاضي في "خلافه": لا يملك بدون احتياز التملك (2)، وتردد في الملك قبل القسمة؛ هل هو باقٍ للكفار، أوأن ملكهم انقطع عنها؟

وينبني على هذا الاختلاف (3) فوائد عديدة:

- (منها): جريانه في حول الزكاة، فإن كانت الغنيمة أجناسًا؛ لم ينعقد عليها حول بدون القسمة وجهًا واحدًا؛ لأن حق الواحد منهم [لم](4) يستقر في جنس معين، وإن كانت نجسًا واحدًا، فوجهان:

أحدهما: ينعقد الحول عليها (5) بالاستيلاء بناءً على حصول الملك به. قاله القاضي في "المجرد" وابن عقيل.

والثاني: لا ينعقد بدون القسمة، قاله القاضي في "خلافه"، وحكاه عن أبي بكر، وبناه على أن الملك لا يثبت فيها بدون اختيار التملك لفظا، وهذا بعيد؛ لأن أبا بكر يقول بنفوذ العتق قبل القسمة، ولأنه لو كان كذلك؛

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في المطبوع: "الملك".

(3)

في المطبوع: "الخلاف".

(4)

في (ج): "لا".

(5)

في (ج): "بدون".

ص: 421

لانعقد الحول عليها باحتياز التملك دون (1) القسمة؛ إذ القسمة [بمجردها لا تفيد](2) الملك عند القاضي، وإنما مأخذ أبي بكر أن استحقاق الغانمين ليس على وجه الشركة المحضة، ولذلك لا يتعين حق [أحدهم في شيء منها](3) بدون حصوله له بالقسمة؛ فلا ينعقد عليها الحول قبلها؛ كما لو كانت أصنافًا.

- (ومنها): لو أعتق أحد الغانمين رقيقًا من المغنم بعد ثبوت رقه، أو كان [فيهم](4) من يعتق عليه بالملك؛ عتق إن كان بقدر حقه، وإن كان حقه دونه؛ فهو كمن أعتق شقصًا [من عبد](5)، نص عليه [أحمد](6) في "رواية المروذي" و"ابن الحكم"، واختاره أبو بكر والقاضي في "المجرد"، وقال في "الخلاف": لا يعتق حتى يسبق تملكه لفظًا، ووافقه أبو الخطاب في "انتصاره"، لكنه (7) أثبت الملك بمجرد قصد التملك، واختار صاحب "المحرر" المنصوص فيما إذا كانت الغنيمة جنسًا واحدًا (8)، وقول القاضي فيما إذا كانت أجناسًا كما سبق في الزكاة.

وفي "الإرشاد" لابن أبي موسى: إن أعتق جارية معينة قبل القسمة؛

(1) في المطبوع: "عليهما".

(2)

في المطبوع: "مجردها لا يفيد"، وفي (أ) بدون تنقيط.

(3)

في المطبوع: "أحد منهم في شيء منهما".

(4)

في (أ): "لهم".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(6)

ما بين المعقوفتين انفرد به (أ).

(7)

في المطبوع: "ولكنه".

(8)

انظر: "المحرر"(2/ 178).

ص: 422

لم يعتق، فإن حصلت له بعد ذلك بالقسمة؛ عتقت. قال: وإن كان في السبي من يعتق عليه بالملك؛ عتق عليه إن كان بقدر حصته، وإلا؛ عتق منه بقدر حصته؛ فكأنه جعله عتقًا قهريًّا؛ كالإرث، وفرق بينه وبين العتق الاختياري.

- (ومنها): لو استولد أحد الغانمين جارية من السبي قبل القسمة؛ فالمنصوص أنها تصير أم ولد له، ويضمن لبقية الغانمين حقوقهم منها، وقال القاضي في "خلافه": لا تصير مستولدة [له](1)، وإنما يتعين حقه فيها؛ لأن حملها بحر يمنع بيعها [وقسمتها](2)، وفي تأخير قسمتها حتى تضع ضرر على أهل الغنيمة؛ فوجب تسليمها إليه من حقه، وهذا بعيد جدًّا.

ولأبي الخطاب في "انتصاره" طريقة أخرى: وهي أنه إنما نفذ استيلادها لشبهة الملك فيها؛ وإن لم ينفذ إعتاقها كما ينفذ استيلاد (3)[الأب في أمة ابنه](4) دون اعتاقها، وهو أيضًا ظاهر ما ذكره صاحب "المحرر"، وحكى في "تعليقه على الهداية" احتمالًا آخر بالفرق بين أن تكون الغنيمة جنسًا واحدًا أو أجناسًا كما ذكره في العتق.

- (ومنها): لو أتلف أحد الغانمين (5) شيئًا من الغنيمة قبل القسمة،

(1) ما بين المعقوفتين ليس في (ب) ولا (ج).

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

في (أ): "استيلاء"، وفي (ج) من المطبوع.

(4)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "الابن في أمة أبيه"!

(5)

في (ج): "أحد من الغانمين".

ص: 423

فإن قلنا: الملك ثابت فيها؛ فعليه ضمان نصيب شركائه خاصة، ونص عليه أحمد في الاستيلاد، وإن قلنا: لم يثبت الملك فيها؛ فعليه ضمان جميعها.

- (ومنها): لو أسقط الغانم حقه قبل القسمة؛ ففيه طريقان:

أحدهما: إنه مبني على الخلاف، فإن قلنا: ملكوها (1)؛ لم يسقط الحق بذلك، وإلا؛ سقط، وهو ظاهر ما ذكره القاضي في "خلافه".

والثاني: يسقط على القولين؛ لضعف الملك وعدم استقراره، وهو [ما ذكر صاحبا "الترغيب" و"المحرر"](2).

- (ومنها): لو مات أحدهم قبل القسمة والاحتياز (3)؛ فالمنصوص أن حقه ينتقل إلى ورثته، وظاهر كلام القاضي أنه وافق على ذلك، وجعل الموروث (4) هو الحق دون المال، وفي "الترغيب": إن قلنا: لا يملك بدون الاحتياز (3)، فمن مات قبله؛ فلا شيء له ولا يورث عنه؛ كحق الشفعة، ويحتمل أن يقال على هذا: يكتفي بالمطالبة في ميراث الحق؛ كالشفعة.

- (ومنها): لو شهد أحد الغانمين بشيء من المغنم قبل القسمة، فإن

(1) في المطبوع: "يملكونها".

(2)

في المطبوع: "ما ذكره صاحب "المحرر" و"الترغيب"، وفي (ج): "ما ذكره صاحب "الترغيب" و"المحرر"".

وانظر: "المحرر"(2/ 178).

(3)

في (ب) و (ج): "الاختيار".

(4)

في المطبوع: "المورث".

ص: 424