المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌3 - [الثالثة]:

تجب في المال النامي، فيحسب (1) من نمائه.

ويمكن أن ينبني على هذا الأصل أيضًا الوجهان في جواز إخراج المضارب زكاة حصته من مال المضاربة، فإن (2) قلنا: الزكاة تتعلق بالعين؛ فله الإخراج منه، وإلا؛ فلا، وفي كلام بعضهم إيماء إلى ذلك، وأما حق رب المال؛ فليس للمضارب تزكيته بدون إذنه، نص عليه في رواية "المروذي"، اللهم إلا أن يصير المضارب شريكًا؛ فيكون حكمه حكم سائر الخلطاء، واللَّه أعلم.

‌3 - [الثالثة]:

المستفاد بعد النصاب في أثناء الحول؛ هل يضم إلى النصاب، أو يفرد عنه؟

إذا استفاد مالًا زكويًّا من جنس النصاب في أثناء حوله؛ فإنه يفرد بحول عندنا، ولكن هل يضمُّه (3) إلى النصاب في العدد، أو يخلطه (4) به ويزكيه زكاة خلطة، أو يفرده بالزكاة كما أفرده بالحول؟

فيه ثلاثة أوجه:

(أحدها): إنه يفرده بالزكاة؛ كما يفرده بالحول، وهذا الوجه مختص بما إذا كان المستفاد (5) نصابًا أو دون نصاب، ولا يغير (6) فرض النصاب،

(1) في المطبوع: "فيحتسب"، وفي (ج):"فتحسب".

(2)

في (ب): "وإن".

(3)

في المطبوع: "نضمه".

(4)

في المطبوع: "نخلطه".

(5)

في المطبوع: "المستفا" بسقوط (د).

(6)

في المطبوع: "ولا يعتبر".

ص: 293

أما إن كان دون نصاب وتغير فرض النصاب؛ لم يتأت فيه هذا الوجه، صرح به صاحب "شرح الهداية"؛ لأنه مضموم إلى النصاب في العدد؛ فيلزم (1) حينئذ جعل ما ليس بوقص في المال وقصًا، وهو ممتنع، ويختص هذا الوجه أيضًا بالحول الأول دون ما بعده؛ لأن [ما بعد الحول الأول يجتمع فيه مع](2) النصاب في الحول كله، بخلاف الحول الأول، صرح بذلك غير واحد، وكلام بعضهم مشعر (3) باطراده في كل الأحوال، [وصرح القاضي أبو يعلى](4) الصغير بحكاية ذلك وجهًا.

والوجه الثاني: إنه يزكي زكاة خلطة، وصححه صاحب "شرح الهداية"؛ كما لو اختلط نفسان في أثناء حول وقد ثبت لأحدهما حكم الانفراد فيه دون صاحبه، وزعم أن صاحب "المغني"[ضعفه (5)، وإنما](6) ضعف الأول (7).

والوجه الثالث: إنه يضم إلى النصاب؛ فيزكى زكاة ضم، وعلى هذا؛ فهل الزيادة كنصاب منفرد، أم الكل نصاب واحد؟

على وجهين:

(1) في المطبوع: "فيلزمه".

(2)

في المطبوع: "ما بعد الحول الأول تجتمع مع"، وفي (أ):"ما بعده الحول الأول ممتنع فيه مع"، وفي (ب):"ما بعد الحول الأول تجتمع فيه مع".

(3)

في المطبوع و (ج): "يشعر".

(4)

في (ج): "وكلام القاضي أبي يعلى".

(5)

في المطبوع: " ضعفه فيه".

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(7)

انظر: "المغني"(2/ 258 - 259/ 1744).

ص: 294

أحدهما: إنها كنصاب منفرد، ولولا ذلك؛ لزكى النصاب عقيب (1) تمام حوله بحصته من فرض المجموع؛ [كما في سائر الأحوال](2)، ولم يزك زكاة انفراد، وهذا قول أبي الخطاب في "انتصاره"(3) وصاحب "المحرر"(4).

والثاني: [أن الجميع](5) نصاب واحد، وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل وصاحب "المغني"(6)، وهو الأظهر، وإنما [زكى](7) النصاب زكاة انفراد؛ لانفراده في أول حوله الأول، بخلاف الحول الثاني وما بعده؛ فعلى هذا إذا تم حول المستفاد؛ وجب إخراج بقية [فرض](8) المجموع بكل حال لأنه بكمال حوله يتم حول الجميع؛ فيجب تتمة زكاته، ولا يكون ذلك عن المستفاد بخصوصه.

وعلي الأول إذا تم حول المستفاد؛ وجب فيه ما بقي من فرض الجميع بعد إسقاط ما أخرج عن الأول منه؛ إلا أن يزيد بقية الفرض على فرض المستفاد بانفراده، أو [يـ](8) نقص عنه، أو يكون من غير جنس فرض الأول؛ فإنه يتعذر ها هنا وجه الضم، ويتعين وجه الخلطة [أو الانفراد؛ إلا

(1) في (ج): "عقب".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

(3/ 214 - 215/ م 7)

(4)

انظر: "المحرر"(1/ 218 - 219).

(5)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "أنه".

(6)

انظر: "المغني"(2/ 258/ 1744).

(7)

في المطبوع: "زكاة"، وفي (أ):"زكى بـ".

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 295

أن يكون المستفاد دون نصاب مغيرًا للفرض؛ فيتعين وجه الخلطة] (1)، ويلغو وجه الانفراد أيضًا على ما سبق، وبهذا كله صرح صاحب "شرح الهداية"، وبناه على أن المخرج عن المستفاد بخصوصيته.

ويظهر (2) فائدة اختلاف هذين الوجهين في أنواع ثلاثة:

(النوع الأول): أن يكون تتمة فرض زكاة الجميع أكثر من فرض المستفاد بخصوصه (3)، مثل أن يملك خمسين من البقر ثم ثلاثين بعدها، فإذا تم حول الأولى؛ فعليه مسنة، فإذا تم حول الثانية؛ فعليه مسنة أخرى على الوجه الثاني، وهو الأظهر، وعلي الأول يمتنع الضم هنا؛ لئلا يؤدي (4) إلى إيجاب مسنة عن ثلاثين، ويجب إما تبيع على وجه الانفراد، أو ثلاثة أرباع مسنة على وجه الخلطة.

(النوع الثاني): أن تكون تتمة الواجب دون فرض المستفاد بانفراده، مثل أن يملك ستًّا وسبعين من الإبل ثم ستًّا وأربعين بعدها، فإذا تم حول الأولى؛ فعليه ابنتا لبون، فإذا تم حول الثانية؛ فعلى الوجه الثاني يلزمه (5) تمام فرض المجموع، وهو بنت لبون، وعلي الأول يمتنع (6) ذلك؛ لأن فرضه على الانفراد حقة؛ فيزكى [إ](1) ما على الخلطة أو الانفراد،

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في (ج): "وتظهر".

(3)

في المطبوع: "لخصوصية".

(4)

في المطبوع: "يؤول".

(5)

في المطبوع: "يلزم".

(6)

في المطبوع: "يمنع".

ص: 296

وهذا بعيد؛ فإن وجه الضم إذا اعتبر مع كون المستفاد يصير وقصًا محضًا يضمنه إلى النصاب، [و](1) إن كان فيه زكاة بانفراده (2)؛ فكيف لا يعتبر إذا كان فرضه دون فرضه بانفراده؟!

(النوع الثالث): أن يكون فرض النصاب الأول المخرج عند تمام حوله من غير جنس فرض المجموع أو نوعه، مثل أن يملك عشرين من الإبل ثم خمسًا بعد [ها](3)؛ فعلى الوجه الأول يمتنع الضم ها هنا؛ لتعذر طرح المخرج عن الأول من واجب الكل، وعلي الثاني -وهو الأظهر- يجب إخراج تتمة الزكاة؛ وإن كان من غير الجنس؛ لضرورة اختلاف الحولين، لا سيما ونحن على أحد الوجهين [نجبر تشقيص](4) الفرض لغير ضرورة؛ كإخراج نصفي شاة عن أربعين أو حقتين وبنتي لبون، ونصف (5) عن مئتين من الإبل؛ فها هنا أولى.

وعلي هذا؛ فقد يتفق وجه الخلطة ووجه الضم على هذا التقدير؛ حيث لم تكن زكاة الخلطة مفضية إلى زيادة الفرض أو نقصه، وقد يختلفان؛ حيث أدى الاتفاق إلى أحد الأمرين، وسبب ذلك أن هذا النوع على ضربين:

أحدهما: أن لا يكون في واحد منهما (أعني: النصاب

(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(2)

في (ج): "بالانفراد".

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(4)

في المطبوع: "نجبر بتشقيص"، وفي (أ):"نحتير تشقيص".

(5)

في المطبوع و (أ) و (ب): "ونصفا".

ص: 297

والمستفاد) (1) وقص، ولا حدث من اجتماعهما وقص؛ فيزكى كما تقدم، وهو [أنا نأخذ فرض](2) الجميع؛ فيخرج عند تمام حول المستفاد حصته منه، ويتفق [هنا](3) وجه الضم والخلطة؛ فيوجب (4) على الوجهين فيما إذا كان المستفاد خمسًا من الإِبل بعد عشرين خمس بنت مخاض، وهو مقارب لشاة؛ فإن الشارع أوجب أربع شياه في عشرين وبنت مخاض في خمس وعشرين (5)؛ فتكون مقدرة بخمس (6) شياه، وكذا (7) لو استفاد عشرة من البقر بعد ثلاثين؛ فإنه يجب للزيادة ربع مسنة؛ لأن التبيع مقابل لثلاثة أرباع [المسنة](8)، والمسنة تعدل تبيعًا وثلثًا أبدًا.

(الضرب الثاني): أن يكون في المال وقص؛ إما حالة اجتماعه أو

(1) في (ج): "الاستفادة".

(2)

في المطبوع: "أن يأخذ فرض".

(3)

في المطبوع: "منها"، وفي (ب):"ها هنا".

(4)

في (ج): "فتوجب"، وفي (أ) و (ب) بدون تنقيط الحرف الثاني.

(5)

جاء في كتاب عمرو بن حزم: "وفي كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين؛ ففيها ابنة مخاض".

وقد خرجته بإسهاب في تحقيقي لـ "الخلافيات"(1/ 502 - 508).

وأخرج البخاري في "صحيحه"(رقم 1454) وغيره عن أنس: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجَّهه إلى البحرين، وفيه:"في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين؛ ففيها بنت مخاض أنثي".

(6)

في المطبوع: "في خمس".

(7)

في (ج): "وكذلك".

(8)

في المطبوع: "مسنة" بدل "الـ".

ص: 298

حالة انفراده فقط؛ فيختلف ها هنا وجه الضم والخلطة، فإنا على وجه الضم نجمع من النصاب الأول ما تعلق به الفرض منه، ويضم إليه تتمة نصاب المجموع من الباقي، ثم يأخذ من فرض المجموع حصة هذه التتمة، وهي بقية ما يتعلق به الفرض من مجموع المال، ويجعل الباقي من المال إن بقي منه شيء كالمعدوم؛ فمثال ذلك والوقص موجود حالة الاجتماع: لو ملك عشرين من الإبل ثم تسعًا منها، فإذا تم حول الثانية؛ ضممت (1) إلى العشرين الأول (2) خمسًا تكن خمسة وعشرين فرضها بنت مخاض، وقد أخرجنا عن العشرين أربع شياه؛ فيخرج عن الباقي خمس بنت مخاض، [وعلى وجه الخلطة يخرج عنها تسعة أجزاء من أصل تسعة وعشرين جزءً من بنت مخاض] (3) و [مثاله. و] (4) الوقص موجود حالة الانفراد فقط: لو ملك أربعة عشر من الإبل ثم أحد عشر بعدها، فإذا تم حول الأولى؛ فعليه شاتان، فإذا تم حول الثانية؛ ضممنا (5) إلي عشرة من الأولى (6) تتمة النصاب، وهي [خمسة](7) عشر؛ فأوجبنا فيها ثلاثة أخماس بنت مخاض؛ لأن فيهما جميعًا وقصًا لم يؤد عنه، والمال عند الاجتماع لا وقص فيه؛ فيجب تأدية زكاته كله، فإذا كان قد أخرج عن بعضًا وجب

(1) في (ج): "ضمت".

(2)

في المطبوع و (ج): "الأولي".

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(4)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "مثال".

(5)

في المطبوع: "ضمها".

(6)

في المطبوع: "الإبل"!

(7)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 299

الإخراج عن جميع ما لم يخرج عنه [منه](1)، وعلي وجه الخلطة يجب في الزيادة وحدها [خمسان (2) بين بنت مخاض وخمس خمس](3) بنت مخاض، فإذا تقرر (4) هذا؛ فالمستفاد لا يخلو بين أربعة أقسام:

([القسم] (5) الأول): أن يكون نصابًا مغيرًا (6) للفرض، مثل أن يملك أربعين شاة ثم إحدى وثمانين بعدها؛ ففي الأربعين شاة عند حولها، فإذا تم حول الثانية؛ فوجهان:

أحدهما: فيها شاة أيضًا، وهو متخرج على وجهي الضم والانفراد.

والثاني: فيها شاة [واحدةٌ وأربعون](7) جزءً بين أصل مئة وأحد وعشرين جزءً بين شاة، وهو وجه الخلطة؛ [لأن ذلك حصة المستفاد بين الشاتين الواجبتين في الجميع.

وذكر القاضي وابن عقيل وجماعة أن وجه الخلطة] (8) هنا كوجه

(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(2)

في (ب): "خمسا".

(3)

بدل ما بين المعقوفتين في أصل (أ): "أحد عشر جزءً من خمسة وعشرين جزءً من"، وما أثبتناه هنا أثبته مصححها في الهامش.

(4)

في المطبوع: "تعذر".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(6)

في المطبوع: "معتبرًا".

(7)

كذا في نسخة (أ)، وفي (ب):"واحدًا وأربعون"، وفي (ج):"وإحدى وأربعين"، وفي المطبوع "واحد وأربعون".

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

ص: 300

الانفراد، يجب به (1) شاة أيضًا؛ لئلا يفضي إلى [إيجاب](2) زيادة على فرض الجميع، وهو مردود بأنهم أوجبوا بالخلطة زيادة على فرض الجميع في غير هذا الموضع.

(القسم الثاني): أن تكون الزيادة نصابًا لا يغير الفرض؛ كمن ملك أربعين شاة ثم أربعين بعدها؛ ففي الأولى (3) إذا تم حولها شاة، فإذا تم حول الثانية؛ فثلاثة أوجه:

أحدها: لا شيء فيها، وهو وجه الضم؛ لأن الزيادة بالضم تصير وقصًا.

والثاني: فيها شاة، وهو وجه الانفراد.

والثالث: فيها نصف شاة، وهو وجه الخلطة.

(القسم الثالث): أن تكون الزيادة لا تبلغ نصابًا (4) ولا تغير الفرض؛ كمن ملك أربعين من الغنم ثم ملك بعدها عشرين؛ ففي الأولى (3) إذا تم حولها شاة، فإذا تم حول الثانية؛ فوجهان:

أحدهما: لا شيء فيها (5)، وهو متوجه على وجهي الضم والانفراد.

والثاني: فيها ثلث شاة، وهو وجه الخلطة.

(1) في المطبوع: "فيه".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(3)

في المطبوع: "الأول".

(4)

في (أ): "نصابها".

(5)

في (ب): "فيهما".

ص: 301