المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌14 - [الرابعة عشرة]

قلنا: هو وصية؛ فوجهان بناءً على أن جحد الموصي الوصية؛ هل هو رجوع أم لا.

‌14 - [الرابعة عشرة]

(1): نفقة الحامل؛ هل هي واجبة لها أو لحملها؟

في المسألة روايتان مشهورتان، أصحهما أنها للحمل، وهي اختيار الخرقي (2) وأبي بكر، وينبني عليهما فوائد:

- (منها): إذا كان أحد الزوجين رقيقًا، فإن قلنا: النفقة للزوجة؛ وجبت لها (3) على الزوج لأن نفقة زوجة العبد في كسبه أو تتعلق برقبته، حكاه ابن المنذر إجماعًا، وفي "الهداية": نفقة (4) زوجته على سيده، فتجب ها هنا على السيد، وإن قلنا: للحمل؛ لم تجب عليه لأنه إن كان هو الرقيق؛ فلا يجب عليه نفقة أقاربه، وإن كانت هي الرقيقة؛ فالولد مملوك لسيد الأمة؛ فنفقته على مالكه (5).

- (ومنها): إذا كان الزوج معسرًا، فإن قلنا: النفقة للزوجة (6)؛

(1) ما بين المعقوفتين انفرد به المطبوع.

(2)

انظر: "المغني"(8/ 185/ 6526).

(3)

في (أ): "لهما"!

(4)

في (أ): "نفقته".

(5)

علق في هامش (ب) قائلًا: "إذا كان ابنه مفقودًا بالقرب أو معسرًا، فإن قلنا: النفقة للحمل؛ وجب على الجد النفقة؛ كما لو كان منفصلًا، ذكره القاضي في "تعليقه"، قال الشيخ أبو البركات: وهذا يدل على أنها تجب على من يلزمه نفقته منفصلًا".

(6)

في (أ): "للمزوجة".

ص: 398

وجبت عليه، وإن قلنا: للحمل؛ لم تجب (1)؛ لأن نفقة الأقارب مشروطة باليسار دون نفقة الزوجة.

- (ومنها): لو مات الزوج؛ فهل يلزم أقاربه النفقة؟

إن قلنا: هي للحمل؛ لزمت الورثة، وإن قلنا: هي للزوجة؛ لم يلزمهم (2) بحال.

- (ومنها): لو غاب الزوج؛ فهل تثبت النفقة في ذمته؟

فيه طريقان:

أحدهما: إن قلنا: هي للزوجة؛ ثبتت في ذمته ولم تسقط بمضي الزمان على المشهور من المذهب، وإن قلنا: هي للحمل؛ سقطت لأن نفقة الأقارب لا تثبت في الذمة.

والثاني: لا تسقط بمضي الزمان على الروايتين، وهي طريقة "المغني"(3)، وعلل بأنها مصروفة إلى الزوجة (4)، ويتعلق حقها بها؛ فهي كنفقتها، ويشهد له قول الأصحاب: لو لم ينفق عليها يظنها حائلًا، [فبانت حاملًا؛ لزمه](5) نفقة الماضي.

(1) في المطبوع: "لم تجب عليه".

(2)

في (ج): "لم تلزمهم".

(3)

(8/ 187/ 6529).

(4)

في المطبوع: "الزوج".

(5)

في المطبوع: "ثم تبين أنها حامل؛ لزم"، وفي (ب):"ثم بانت حاملًا؛ لزمه"، وفي (ج):"ثم بانت حاملًا؛ لزمته"، وما أثبتناه؛ فهو من خط الحافظ ابن رجب.

ص: 399

-[(ومنها): إذا اختلعت الحامل بنفقتها؛ فهل يصح جعل النفقة عوضًا للخلع؟

قال الشيرازي: إن قلنا: النفقة لها؛ صحَّ (1)، وإن قلنا: للحمل؛ لم يصح (2) لأنها لا (3) تملكها، وقال القاضي والأكثرون: يصح على الروايتين؛ لأنها مصروفة إليها، وهي المنتفعة بها] (4).

- (ومنها): لو نشزت الزوجة حاملًا، فإن قلنا: نفقة الحامل (5) لها؛ سقطت بالنشوز، وإن قلنا: للحمل؛ لم تسقط به.

- (ومنها): الحامل من وطء الشبهة أو نكاح فاسد؛ هل تجب نفقتها على الواطئ؟

إن قلنا: النفقة لها؛ لم تجب لأن النفقة لا تجب للموطوءة بشبهة ولا نكاح (6) فاسد؛ [لأنه لا يتمكن (7) من الاستمتاع بها](8)؛ إلا أن يسكنها في منزل يليق بها تحصينًا لمائه؛ فيلزمها (9) ذلك، [ذكره في

(1) في المطبوع: "تصح".

(2)

في المطبوع: "لم يصح".

(3)

في المطبوع: "لم".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(5)

في المطبوع: "الحمل".

(6)

في المطبوع: "ولا في نكاح".

(7)

في (ب): "لا يمكن".

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من (أ).

(9)

في (ج): "فيلزمه".

ص: 400

"المحرر"] (1)، وتجب لها النفقة حينئذ، ذكره الشيخ تقي الدين (2)، وإن قلنا: النفقة للحمل؛ وجبت لأن النسب لاحق بهذا الواطئ (3)، ونص أحمد في رواية ابن الحكم على وجوب النفقة لها، وقال الشيخ تقي الدين: يتوجه وجوب النفقة لها مطلقًا من غير حمل؛ كما يجب لها المهر المسمى، ويتقرر بالخلوة على المنصوص؛ لأنها محبوسة عليه في العقد الفاسد، ولا تتزوج عندنا (4) بدون طلاقه (5)، وقاسه على العبد المقبوض بعقد فاسد، ولو ألزم حاكم بالنفقة في النكاح الفاسد المختلف فيه لاعتقاد صحته؛ فللزوج الرجوع بالنفقة عند من يرى فساده، ذكره القاضي في "المجرد"، وذكر صاحب "المغني" احتمالًا بعدم الرجوع لأنه نقض للحكم المختلف فيه، ولا يجوز ما لم يخالف كتابًا أو إجماعًا (6)، وذكر في "المغني" أيضًا أنه لو (7) أنفق في النكاح الفاسد من غير حاكم؛ لم يرجع لأنه إن علم فساده؛ كان متبرعًا، كان لم يعلم؛ [كان مفرطًا](8).

(1) ما بين المعقوفتين سقط من (أ).

وانظر: "المحرر"(2/ 117).

(2)

في "الاختيارات الفقهية"(ص 283).

(3)

في (أ): "الوطئ".

(4)

في (أ): "عندها".

(5)

انظر: "مجموع الفتاوى"(34/ 73 و 74).

(6)

انظر: "المغني"(8/ 187 - 188 - 6530).

(7)

في (أ): "إذا".

(8)

انظر: "المغني"(8/ 188/ 6531)، وفي المطبوع و (ب) و (ج):"فهو مفرط".

ص: 401

- (ومنها): لو كان الحمل موسرًا بأن يوصي له بشيء فيقبله الأب، فإن قلنا: النفقة له؛ سقطت نفقته عن أبيه، وإن قلنا: لأمه؛ لم تسقط، ذكره القاضي في "خلافه".

- (ومنها): لو دفع إليها النفقة، فتلفت بغير تفريط، فإن قلنا: النفقة لها؛ لم يلزم بدلها، وإن قلنا: للحمل؛ وجب إبدالها لأن ذلك حكم نفقة الأقارب.

- (ومنها): لو أعتق الحامل من ملك يمينه؛ فهل يلزمه (1) نفقتها؟

إن قلنا: النفقة لها؛ لم تجب إلا حيث تجب نفقة العتق (2)، وإن قلنا: النفقة للحمل؛ وجبت بكل حال.

- (ومنها): فطرة المطلقة الحامل، إن قلنا: النفقة لها؛ وجبت لها الفطرة، وإن قلنا: للحمل؛ ففطرة الحمل على أبيه غير واجبة على الصحيح.

- (ومنها): هل تجب السكنى للمطلقة الحامل؟

إن قلنا: النفقة لها، فلها السكنى أيضًا، وإن قلنا: للحمل؛ فلا سكنى لها، ذكره الحلواني في "التبصرة".

- (ومنها): نفقة المتوفى عنها إذا كانت حاملًا، وفي وجوبها روايتان بناهما ابن الزاغوني على هذا [الأصل] (3)؛ قال: فإن قلنا: النفقة للحمل؛

(1) في (ج): "تلزمه".

(2)

في (ج): "العتيق".

(3)

بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "إلا أنه".

ص: 402

وجبت من التركة، كما لو كان الأب حيًّا، وإن قلنا: للمرأة؛ لم تجب، وهذا لا يصح؛ لأن نفقة الأقارب لا تجب (1) بعد الموت، والأظهر أن الأمر بالعكس، وهو أنا إن قلنا: للحمل؛ لم يجب للمتوفى عنها لهذا المعنى، وإن قلنا: للمرأة؛ وجبت لأنها محبوسة على الميت لحقه، فتجب نفقتها من ماله (2)، وقد سبق ذكر ذلك في قاعدة الحمل: هل له حكم أم لا؟

- (ومنها): البائن في الحياة بفسخ أو طلاق إذا كانت حاملًا؛ فلها النفقة، وحكى الحلواني وابنه رواية: إنه لا نفقة لها؛ كالمتوفى عنها، وخصها ابنه بالمبتوتة بالثلاث، وبناها على أن النفقة للمرأة والمبتوتة لا تستحق نفقة، وإنما تستحق النفقة إذا قلنا: هي للحمل، وهذا متوجه في القياس؛ إلا أنه ضعيف مخالف للنص (3) والإجماع فيما أظن، ووجوب النفقة للمبتوتة العامل يرجح القول بأن النفقة للحمل (4).

(1) في (ج): "لم تجب".

(2)

قال ابن رجب في ترجمة ابن الزاغوني في "كتاب الذيل"(1/ 183): "وذكر [أي: ابن الزاغوني] فيه [أي: في "الإقناع"]،: "إن الحامل المتوفى عنها زوجها تجب لها النفقة والسكنى إن قد: إن النفقة للحمل؛ كما لو كان الأب حيًّا"، ثم تعقبه ابن رجب قائلًا: "ولم أعلم أحدًا من الأصحاب بنى رواية وجوب النفقة والسكنى لها على هذا الأصل، ولا جعلها من فوائد في أن النفقة: هل هي للحمل أو للحامل؟ فإن نفقة الأقارب تسقط بالموت؛ فكيف تجب نفقة الححل من التركة؟! " اهـ.

(3)

وهو قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]. وانظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(6/ 24).

(4)

في "كتاب الذيل"(1/ 183) حكى عن ابن الزاغرني أنه ذكر في كتابه "الإقناع": "إن البائن تجب لها الكنى والنفقة، وإن كانت حاملًا" اهـ.

قال المحقق في الحاشية: في المخطوطة التي بأيدينا: "حائلًا".

ص: 403

- (ومنها): لو تزوج امرأة على أنها حرة، فبانت أمة، وهو ممن يباح له نكاح الإماء، ففسخ بعد الدخول وهي حامل منه؛ ففي كتاب النكاح من "المجرد": هو كالنكاح (1) الفاسد، إن قلنا: النفقة للحمل؛ وجبت على الزوج، وإن قلنا: للحامل؛ لم تجب عليه، وذكر في النفقات ما يدل على وجوبها [عليه](2) على الروايتين، وهو الصحيح؛ لأن هذا نكاح صحيح؛ فيلزم فيه النفقة (3) وفي عدته.

- (ومنها): لو وطئت الرجعية بشبهة أو نكاح فاسد، ثم بان بها حمل يمكن أن يكون من الزوج [و](4) الواطئ؛ فيلزمها أن تعتد بعد وضعه عدة الواطئ، فأما نفقتها في مدة العدة (5)، فإن قلنا: النفقة للحمل؛ فعليهما النفقة عليها حتى تضع لأن الحمل لأحدهما يقينًا ولا نعلم عينه، ولا ترجع المرأة على الزوج بشيء من الماضي، وإن قلنا: النفقة للحامل؛ فلا نفقة لها على واحد منهما مدة الحمل لأنه يحتمل أنه من الزوج؛ فيلزمه النفقة، ويحتمل أنه من الآخر؛ فلا نفقة لها (6)؛ فلا تجب بالشك، فإذا وضعته، فقد علمنا أن النفقة على أحدهما، وهو غير معين؛ فيلزمهما جميعًا النفقة حتى ينكشف الأب منهما، وترجع المرأة على الزوج بعد الوضع بنفقة أقصر المدتين من مدة الحمل، أو قدر ما بقي من العدة بعد الوطء الفاسد؛ لأنها

(1) في المطبوع: "النكاح"!

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(3)

في المطبوع: "التفقه"!

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(5)

في المطبوع: "في مدة هذه العدة".

(6)

في المطبوع: "فلا نفقة لها عليه".

ص: 404

تعتد عنه بأحدهما قطعًا، ثم إذا زال الإشكال وألحقته القافة بأحدهما بعينه (1)؛ عمل بمقتضى ذلك، فإن كان معها وفق حقها من النفقة، وإلا؛ رجعت على الزوج بالفضل، ولو كان الطلاق بائنًا؛ فالحكم كما تقدم في جميع ما ذكرنا؛ إلا في مسألة واحدة، وهي أنه لا ترجع المرأة بعد الوضع بشيء على الزوج، سواء قلنا: النفقة للحمل أو للحامل؛ لأن النفقة لا تستحق مع البينونة إلا بالحمل، وهو غير متحقق هنا أنه منه، بخلاف الرجعية، ذكر ذلك [كله](2) القاضي في "المجرد".

ولو قيل في صورة الرجعية: إذا قلنا: النفقة للحمل: إنها تجب على من خرجت عليه القرعة من الزوج والواطئ، وكذا بعد الوضع وقبل ثبوت نسبه من أحدهما؛ لتوجه (3) إلا أن يقال: يحتمل أن يكون منهما جميعًا؛ فتمتنع القرعة على أحدهما لذلك، ومتى ثبت نسبه (4) من أحدهما؛ فقال القاضي في موضع من "المجرد": يرجع عليه (5) الآخر بما أنفق؛ لأنه لم ينفق متبرعًا، وقيده في موضع آخر منه [بأن يشرط](6) الرجوع وينفق بإذن الحاكم، فإن شرط الرجوع وأنفق [بغير إذن حاكم](7)؛ فعلى روايتين؛

(1) في المطبوع: "بعيثه".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (أ).

(3)

في المطبوع: "ليوجبه"، وفي (ب) بدون تنقيط.

(4)

في (أ): "نسبتها".

(5)

في (ب): "يرجع على".

(6)

في المطبوع: "بأنه يشترط"، وفي (ج):"بأن يشترط".

(7)

في المطبوع: "من غير إذن حاكم"، وفي (ج):"بغير إذن الحاكم".

ص: 405

كقضاء الدين (1)، وقد ذكرنا ذلك مستوفًى في القواعد، والصحيح هنا الرجوع مطلقًا؛ لأنه واجب عليه في الظاهر.

وقد ذكر صاحب "المغني"(2) أن الملاعنة لو أنفقت على الولد ثم استلحقه الملاعن؛ رجعت عليه لأنها إنما أنففت لظنها أنه لا أب له، وأما إذا قلنا: النفقة للحامل؛ [فإنها لم تجب](3) على واحد منهما؛ لأن الحامل لا نفقة لها على الواطئ بشبهة، أو [في](4) نكاح فاسد؛ كما سبق، والزوج ليس بمتمكن من الاستمتاع بها في حال (5) الحمل؛ لأن الرجعية إذا حملت في عدتها (6) من شبهة انقطعت عدة الزوج في (7) مدة الحمل، وحرم على الزوج الاستمتاع بها، وهل له رجعتها في هذه المدة [لبقاء بقية](8) عدته عليها؟

على وجهين، وجزم القاضي في "خلافه" بالمنع، ورجح صاحب "المغني" الجواز (9)، [و](10) على الوجهين لا نفقة لها لتحريم الاستمتاع بها

(1) في (ج): "الديون".

(2)

في "المغني"(8/ 186/ 6527).

(3)

في المطبوع: "فإنا لم نوجب لها النفقة"، وفي (ب):"فإنما لم تجب لها النفقة"، وفي (ج)"فإنما تجب لها النفقة".

(4)

ما بين المعقوفتين ليس في (أ).

(5)

في المطبوع: "حالة".

(6)

في المطبوع: "عدة".

(7)

في المطبوع: "من".

(8)

بدل ما بين المعقوفتين في (أ): "لبقية".

(9)

انظر: "المغني"(8/ 402/ 6082).

(10)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

ص: 406