الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السائل، وهل يسري عليه إلى حصة الآخر أم لا؟
إن قلنا: إن النقود تتعين بالتعيين؛ لم يسر لأن المسؤول ملكها عليه بالعقد، فلم يبق في ملك السائل شيء؛ فصار معسرًا، وإن قلنا: لا يتعين؛ سرى إلى حصة الشريك؛ كما لو اشترى ذلك النصيب بثمن في الذمة لأنه مالك لقيمة حصة الآخر، [وذكره السامري في "فروقه"](1)، ويفيد هذا أن الدين المستغرق لا يمنع السراية.
7 - [السابعة]
(2): العبد؛ هل يملك بالتمليك أم لا؟
في المسألة روايتان عن أحمد:
أشهرهما عند الأصحاب: إنه لا يملك، وهو اختيار الخرقي (3) وأبي بكر والقاضي والأكثرين.
والثانية: يملك، اختارها ابن شاقلا، وصححها ابن عقيل وصاحب "المغني"(4).
ولهذا الخلاف فوائد كثيرة [جدًّا](5):
- (فمنها): لو ملك السيد عبده مالًا زكويًّا، فإن قلنا: لا يملكه؛ فزكاته على السيد [لأنه ملكه، وإن قلنا: يملكه؛ فلا زكاة على السيد](5)
(1) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "وذكره السامري".
(2)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(3)
انظره في: "المغني"(4/ 125/ 3037).
(4)
انظر: "المغني"(4/ 126/ 3040).
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
لانتفاء ملكه [له](1)، ولا على العبد؛ لأن ملكه مزلزل، ولهذا لم يلزمه فيه نفقة الأقارب، ولا يعتق عليه رحمه بالشراء، هذا ما قال أكثر الأصحاب، منهم أبو بكر والقاضي، وهو ظاهر كلام الخرقي، وفي كلام أحمد إيماء إليه.
وحكى بعض الأصحاب رواية بوجوب زكاته على العبد على القول بأنه ملكه، ومنهم من اشترط مع ذلك إذن السيد؛ لقول أحمد: يزكيه (2) بإذن سيده، وإنما مراده أن المال للسيد وزكاته عليه، والعبد كالوكيل [والمودع](3)؛ فلا يزكى بدون إذنه.
وعن ابن حامد أنه ذكر احتمالًا بوجوب زكاته على السيد على كلا القولين؛ لأنه إما ملك له أو في حكم ملكه لتمكنه من التصرف فيه؛ كسائر أمواله.
- (ومنها): إذا ملكه سيده (4) عبدًا وأهلَّ عليه هلال الفطر، فإن قلنا: لا يملكه؛ ففطرته على السيد، وإن قلنا: يملكه؛ فوجهان:
أحدهما: لا فطرة له على أحد، قاله القاضي وابن عقيل اعتبارًا بزكاة المال؛ كما سبق.
والثاني: فطرته على السيد، صححه صاحب "المغني"(5)؛ لأن
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(2)
في المطبوع: "فيزكيه"، وفي (أ) و (ب):"تزكيه".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
(4)
في المطبوع: "السيد".
(5)
في "المغني"(2/ 361/ 1973)، وقال:"وهذا ظاهر كلام الخرقي، وقول أبي الزناد ومالك والشافعي وأصحاب الرأي".
نفقته على السيد؛ [فـ](1) كذلك فطرته.
- (ومنها): تكفيره بالمال في الحج والأيمان والظهار ونحوها، وفيه للأصحاب طرق:
أحدها: البناء على ملكه وعدمه، فإن قلنا: يملك (2)؛ فله التكفير بالمال في الجملة، وإلا؛ فلا، وهذه طريقة القاضي وأبي الخطاب وابن عقيل وأكثر المتأخرين؛ لأن التكفير بالمال يستدعي ملك المال، فإذا كان هذا غير قابل للملك بالكلية؛ ففرضه الصيام خاصة، وعلى القول بالملك؛ فإنه يكفر بالإِطعام، وهل يكفر بالعتق (3)؟ على روايتين؛ لأن العتق يقتضي الولاء والولاية والإِرث، وليس العبد من أهلها، وهل يلزمه التكفير بالمال، أم (4) يجوز له مع إجزاء (5) الصيام المتوجه؟
[إنه](6) إن كان في ملكه مال، فأذن له السيد بالتكفير منه؛ لزمه ذلك، وإن لم يكن في ملكه، بل أراد السيد أن يملكه ليكفر؛ لم يلزمه؛ كالحر المعسر إذا بذل له مال.
وعلى هذا يتنزل ما ذكره صاحب "المغني"(7) من لزوم التكفير بالمال
(1) في المطبوع: "و".
(2)
في (ج): "يملكه".
(3)
في المطبوع: "بالتعق"!
(4)
في المطبوع و (أ): "أو".
(5)
في (ب): "اجر"!
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(7)
في "المغني"(8/ 31 - 32/ 6221).
في الحج ونفي اللزوم في الظهار.
(الطريقة الثانية): إن في تكفيره بالمال بإذن السيد روايتين مطلقتين، سواء قلنا: يملك أولا يملك، حكاها القاضي في "المجرد" عن شيخه ابن حامد وغيره من الأصحاب، وهي طريقة أبي بكر؛ فوجه عدم تكفيره بالمال مع القول بالملك أن ملكه (1) ضعيف لا يحتمل المواساة، ولذلك (2) لم يجب فيه الزكاة ولا نفقة الأقارب؛ فكذلك الكفارات.
ولوجه (3) تكفيره بالمال مع القول بانتفاء ملكه مأخذان:
أحدهما: إن تكفيره بالمال إنما هو تبرع له من السيد وإباحة له أن يكفر من ماله، والتكفير عن الغير لا يشترط دخوله في ملك المكفر عنه، كما نقول (4) في رواية [في](5) كفارة المجامع في رمضان إذا عجز عنها، وقلنا:[لا يسقط، فكفر](6) غيره عنه بإذنه (7)؛ جاز أن يدفعها إليه، وكذلك في سائر الكفارات على (8) إحدى الروايتين، ولو كانت قد دخلت في ملكه؛ لم يجز أن يأخذها هو؛ لأنه لا يكون حينئذ إخراجًا للكفارة.
(1) في المطبوع: "يملكه".
(2)
في المطبوع: "ولهذا".
(3)
في المطبوع: "والوجه".
(4)
في المطبوع: "يقول"، وفي (أ) و (ب) بدون نقط.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(6)
في المطبوع: "لا يسقط تكفير"، وفي (ج):"لا تسقط؛ فكفر".
(7)
في المطبوع: "عنه إلا بإذنه".
(8)
في (ج): "في".
(والمأخذ الثاني): إن العبد [يـ](1) ثبت له ملك قاصر بحسب حاجته إليه، وإن لم يثبت له الملك المطلق التام؛ فيجوز أن يثبت له في المال المكفر به ملك يبيح (2) له التكفير بالمال دون بيعه وهبته؛ كما أثبتنا له في الأمة ملكًا قاصرًا [يبيح](3) التسري بها دون بيعها وهبتها على ما سنذكره، وهذا اختيار الشيخ تقي الدين.
ووجه (4) التفريق بين العتق والإِطعام: إن التكفير بالعتق محتاج إلى ملك، بخلاف الإِطعام، ذكره (5) ابن أبي موسى، ولهذا لو أمر من عليه الكفارة رجلًا أن يطعم عنه، ففعل؛ أجزأته، ولو أمر أن يعتق عنه؛ ففي إجزائه [عنه](6) روايتان، ولو تبرع الوارث بالإِطعام الواجب عن موروثه؛ صح، ولو تبرع عنه بالعتق؛ لم يصح، ولو أعتق الأجنبي عن [كفارة الميت](7)؛ لم يصح، ولو أطعم عنه؛ فوجهان.
الطريقة الثالثة): إنه لا يجزئه (8) التكفير بغير الصيام بحال على كلا
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(2)
في المطبوع: "ينتج"، وفي (أ) بدون تنقيط.
(3)
في المطبوع: "أبيح له".
(4)
في (أ): "ووجهه".
(5)
في (أ): "وذكره".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
(7)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "الموروث"، وفي (ب):"كفارة عن الميت"، وفي (ج):"كفارات الميت".
(8)
في المطبوع و (أ): "لا يجزئ".
الروايتين (1)، وهي ظاهر كلام أبي الخطاب في كتاب الظهار وصاحب "التلخيص" وغيرهما؛ لأن العبد وإن قلنا:[إنه](2) يملك؛ فإن ملكه ضعيف لا يحتمل المواساة كما سبق؛ فلا يكون مخاطبًا بالتكفير بالمال بالكلية؛ فلا يكون فرضه غير الصيام بالأصالة، بخلاف الحر العاجز؛ فإنه قابل للتملك (3)، ومن ها هنا -واللَّه أعلم- قال الخرقي [في] (4) العبد إذا حنث ثم عتق: إنه لا يجزئه التكفير بغير الصوم، بخلاف الحر المعسر إذا حنث ثم أيسر، وقال أيضًا في العبد إذا فاته الحج: إنه يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يومًا، وقال في الحر المعسر: إنه يصوم في الإِحصار صيام المتمتع (5)، والفرق بينهما أن العبد ليس من أهل الملك القابل لتعلق الواجبات به؛ [فيتعلق به](6) وجوب الصيام بالأصالة، وفدية الفوات والإِحصار لم يرد فيها نص بغير الهدي؛ فأوجبنا على العبد صيامًا يقوم مقام الهدي، [ويتعدل بقيمة](7) الشاة، كما وجب في جزاء الصيد؛ لأن هذا صيام واجب بالأصالة، ليس بدلًا عن الهدي، وهو [معدل بالهدي](8)
(1) في المطبوع و (أ): "الطريقين".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (أ).
(3)
في (ب): "للتمليك".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(5)
في المطبوع و (أ): "التمتع".
وانظر: "المغني"(10/ 17/ 8054).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(7)
في المطبوع: "ويعدل قيمة"، وفي (ج):"وينعدل بقيمة".
(8)
في المطبوع: "يعدل الهدي"، وفي (أ):"يعدل بالهدي".
[وشبيه به](1)؛ فيكون فرض العبد بالأصالة بخلاف [الحر](1) المعسر، فإن الواجب في ذمته بالأصالة هو الهدي، فإذا عجز عنه؛ انتقل إلى البدل الذي شرع للهدي، وهو صيام المتعة.
- (ومنها): إذا باع عبدًا وله مال، وفيه للأصحاب طرق:
(إحداها)(2): البناء على [ملك العبد](3) وعدمه، فإن قلنا: يملك؛ لم يشترط (4) معرفة المال ولا سائر شرائط البيع فيه لأنه غير داخل في العقد، وإنما اشترط [تبقيته](5) على ملك العبد ليكون عبدًا ذا مال، وذلك صفة في العبد لا يفرد (6) بالمعاوضة، وهو كبيع المكاتب الذي له مال، وإن قلنا: لا يملك؛ اشترط لماله (7) معرفته، وأن يبيعه (8) بغير جنس المال أو بجنسه، بشرط أن يكون الثمن أكثر على رواية، ويشترط التقابض؛ لأن المال (9) حينئذ داخل في عقد البيع، وهذه طريقة القاضي في "المجرد" وابن عقيل وأبي الخطاب في "انتصاره" وغيرهم.
(1) بين المعقوفتين سقط من (أ).
(2)
في (أ). "أحدها".
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "المالك".
(4)
في (ج): "لم تشترط".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(6)
في المطبوع: "لا تفرد"، وفي (ج):"ولا يفرد".
(7)
في المطبوع: "لمالكه".
(8)
في المطبوع: "ببعه".
(9)
في (ج): "الملك".
(والطريقة الثانية): اعتبار قصد المال و (1) عدمه لا غير، فإن كان المال مقصودًا للمشتري؛ اشترط علمه وسائر شروط البيع، وإن كان غير مقصود، بل قصد المشتري تركه للعبد لينتفع به وحده؛ لم يشترط ذلك لأنه تابع غير مقصود، وهذه الطريقة هي المنصوصة عن أحمد، و [اختيار](2) أكثر أصحابه؛ كالخرقي (3) وأبي بكر والقاضي في "خلافه"، وكلامه ظاهر في الصحة، وإن قلنا: إن العبد لا يملك، وترجع المسألة على هذه الطريقة إلى بيع ربوي بغير جنسه، ومعه من جنسه ما هو غير مقصود، وقد استوفينا الكلام عليها في القواعد، ورجح صاحب "المغني" هذه الطريقة (3).
(والطريقة الثالثة): الجمع بين الطريقتين، وهي طريقة القاضي في "الجامع الكبير" وصاحب "المحرر"(4)، ومضمونها أنا إن قلنا: العبد يملك؛ لم يشترط لماله شروط البيع بحال، وإن قلنا: لا يملك؛ فإن كان المال مقصودًا للمشتري؛ اشترط [له](5) شرائط البيع، وإن كان غير مقصود [له](6)؛ لم يشترط [له](7) ذلك.
- (ومنها): إذا أذن المسلم لعبده الذمي أن يشتري له بماله عبدًا
(1) في المطبوع: "أو".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(3)
انظره في: "المغني"(4/ 125/ 3037).
(4)
انظر: "المحرر"(1/ 348).
(5)
في (أ): "فيه".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب) و (ج).
مسلمًا، فاشتراه، فإن قلنا: يملك؛ لم يصح شراؤه له، وإن قلنا: لا يملك؛ صح وكان ملكًا (1) للسيد، قال الشيخ مجد الدين: هذا قياس المذهب عندي.
قلت: ويتخرج (2) فيه وجه آخر: لايصح على القولين بناءً على أحد الوجهين: إنه لا يصح شراء الذمي لمسلم بالوكالة، ولو كان بالعكس [بأن يأذن](3) الكافر لعبده المسلم الذي يثبت ملكه عليه أن يشتري بماله رقيقًا مسلمًا، فإن قلنا: يملك؛ صح وكان العبد له، [وإن قلنا: لا يملك] (4)؛ لم يصح.
- (ومنها): تسري العبد، وفيه طريقان:
أحدهما: بناؤه على الخلاف في ملكه، فإن قلنا: يملك؛ جاز تسريه، وإلا؛ فلا لأن الوطء بغير نكاح ولا ملك (5) يمين محرم بنص الكتاب (6) والسنة (7)، وهي طريقة القاضي والأصحاب بعده.
(1) في المطبوع و (أ): "مملوكًا".
(2)
في (ج): "ويتوجه".
(3)
في (ب): "فإن أذن"، وفي (ج):"بأن أذن".
(4)
بدل ما بين المعقوفتين في (أ): "وإلا".
(5)
في (ب): "ولا بملك".
(6)
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7].
(7)
الأدلة من السنة على تحريم الزنا كثيرة، انظر بعضًا منها في:"الكبائر"(الكبيرة الثانية عشرة، ص 57 - 60/ بتحقيقي).
والثانية: يجوز تسرية على كلا الروايتين، وهي طريقة الخرقي (1) وأبي بكر وابن أبي موسى، ورجحها صاحب "المغني"(2).
وهي أصح؛ فإن نصوص أحمد لا تختلف في إباحة التسري له؛ فتارة علل بأنه يملك، وتارة اعترف بأنه خلاف القياس وأنه [جاز](3) لإِجماع الصحابة عليه، وهذا يقتضي أنه أجاز له التسري، وإن قيل: إنه لا يملك اتباعًا للصحابة في ذلك، ووجهه أن العبد، وإنْ قيل: إنه لا يملك؛ فلا بد من أن يثبت له ملك ما يحتاج إلى الانتفاع به، ولذلك يملك عقد النكاح، وهو ملك لمنفعة البضع؛ فكذلك يملك التسري ويثبت له هذا الملك الخاص لحاجته إليه، ولا يجوز تسريه بدون إذن، نص عليه في رواية جماعة؛ كنكاحه، ولأنه لا يملك التصرف في ماله بما يتلف ماليته، [ويضرُّ به](4)؛ لتعلق حق السيد به، والتسري فيه إضرار (5) بالجارية، وتنقيص لماليتها بالوطء والحمل، وربما أدى إلى تلفها.
ونقل عنه أبو طالب وإبراهيم بن هانئ: يتسرى العبد في ماله، كان ابن عمر يتسرى عبيده في ماله؛ فلا يعيب عليهم (6). قال القاضي فيما علقه
(1) انظرها في: "المغني"(7/ 65/ 5308).
(2)
في "المغني"(7/ 65 - 66/ 5308)، وعزاها إلى ابن عمر وابن عباس، وقال:"ولا نعرف لهما في الصحابة مخالفًا" اهـ.
(3)
في (ب): "جائز".
(4)
في (أ): "وتصرفه".
(5)
في المطبوع: "فيه في إضرار".
(6)
في "مسائل ابن هانئ": " (1064) -سألت أبا عبد اللَّه: أيتسرى العبد في ماله؟ قال: نعم، هو ماله ما لم يأخذه سيده منه"، وفيه (1065) - سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل =
على حواشي "الجامع" للخلال: ظاهر هذا أنه يجوز تسريه من غير إذن؛ لأنه (1) مالك له. انتهى.
ويمكن أن يحمل [نصه باشتراط الإِذن](2) على التسري من مال سيده إذا كان مأذونًا له، ونصه [بعدم اشتراطه على](3) تسريه في مال نفسه الذي يملكه، وقد أومأ إلى هذا في رواية جماعة، وهو الأظهر.
ونقل [الأثرم عنه](4) في الرجل يهب لعبده جارية: لا يطأها، [و](5) لكنه يتسرى في ماله إذا أذن له سيده. وفسر ماله بمال العبد [الذي في يديه](6)، وهذا [نص باعتبار](7) الإِذن في التسري من مال نفسه، وتفريقه بين ذلك وبين الأمة التي يملكها السيد فيه إشكال، ولعله منع الوطء بدون إذن السيد؛ فيكون ذلك منه اشتراطًا لإِذن السيد بكل حال.
= عن العبد؛ هل له أن يتسرى؟ قال: إذا أذن له مولاه؟ فنعم، وإذا لم يأذن له؛ فلا" اهـ.
وأثر ابن عمر أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(رقم 2088 - ط الأعظمي)، وعبد الرزاق في "المصنف"(7/ رقم 12836)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 152)، وإسناده صحيح.
(1)
في المطبوع: "إذن له لأنه".
(2)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "نص اشتراطه".
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "يقدم على اشتراط".
(4)
في (ب) و (ج): "عنه الأثرم".
(5)
ما بين المعقوفتين ليس في (أ).
(6)
ما بين المعقوفتين ليس في (أ)، وفي (ج):"الذي في يده".
(7)
في المطبوع: "في اعتبار".
واعلم أن الإِمام أحمد [رحمه اللَّه تعالى](1) متردد في تسري العبد بأمة سيده ونكاحه؛ هل هما جنس واحد أم لا؟ فقال في "رواية حنبل": لا يبيع أمته المزوجة بعبده (2) حتى يطلقها العبد. فجعله تمليكًا لازمًا، ونقل عنه الأكثرون جوازه، واختلف عنه في بيع سرية عبده؛ فنقل عنه الميموني الجواز، ونقل عنه جعفر بن محمد المنع، معللًا بأن التسري بمنزلة الكاح، يريد أنه لازم لا يجوز [له](1) الرجوع فيه، وكذا نقل عنه ابن ماهان (3)[وغيره](4).
واختلف عنه في جواز تسري العبد بأكثر من أمتين؛ فنقل عنه الميموني الجواز، وأبو الحارث المنع؛ كالنكاح، ولم يختلف عنه في أن [عتق](5) العبد وسريته يوجب تحريمها (6) عليه؛ لزوال ملكه عنها، ونقله عن ابن عمر (7)، واختلف عنه في عتق العبد وزوجته؛ هل ينفسخ به
(1) ما بين المعقوفتين من (ج) فقط.
(2)
في المطبوع: "بعيده"!
(3)
في المطبوع: "ابن هانئ"!
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(6)
في المطبوع: "تحريمهما".
(7)
أخرج عبد الرزاق في "المصنف"(7/ رقم 12845) عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع:"أن ابن عمر كان لا يرى به -أي: بالتَّسرِّي- بأسًا، وأنه أعتق غلامًا له سُرّيتان، اعتقهما جميعًا، وقال: لا تقربهما إلا بنكاح".
وعبيد اللَّه توبع، قال عبد الرزاق عقبه:"وأخبرناه ابن جريج عن نافع"؛ فصحَّ الأثر، وللَّه الحمد.
النكاح؟
على روايتين بناءً على تغليب جهة التمليك فيه أو جهة النكاح.
وقد استشكل أكثر هذه النصوص القاضي، وربما أولها ونزلها على ما ذكر [هُ](1) الشيخ تقي الدين (2)، وهذه المسائل المذكورة منصوصة عن السلف حكمًا وتعليلًا كما ذكرنا، وكذلك قال الشيخ مجد الدين: ظاهر كلام أحمد إباحة التسري للعبد، وإن قلنا: لا يملك؛ فيكون نكاحًا عنده. وحمل قول أبي بكر على مثل ذلك، وعلى هذا؛ فهل يشترط [له](3) الإِشهاد؟ [و](4) كلام أحمد يقتضي استحبابه لا غير، وفي ثبوت المهر به خلاف معروف.
- (ومنها): لو باع السيد عبد [هُ](5) نفسه بمال في يده؛ فهل يعتق أم لا؟
المنصوص عن أحمد أنه يعتق بذلك، وذكره الخرقي مع قوله: إن العجد لا يملك، ونزله القاضي على القول بالملك؛ فيكون دخول السيد مع عبده في بيعه نفسه بماله إقرارًا له على ملكه؛ فيصح بيعه ويعتق، وإن قلنا: لا يملك؛ لم يصح بيعه؛ [فلا يعتق](5)، ويحتمل أن يقال: بيعه نفسه هنا
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع، وبدله في (أ) و (ب):"نا".
(2)
انظر: "الاختيارات الفقهية"(ص 223).
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في (ب): "لنكاحه".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب)، وفي (ج) بدلها:"ظاهر".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
كناية عن عتقه؛ فيعتق به بكل حال، ولهذا قال الأصحاب: إن (1) بيع السيد عبده [نفسه](2) بمال تعليق لعتقه على التزامه (3)؛ فيعتق على ملك السيد؛ فيكون ها هنا تعليقًا على [إيفاء](4) هذا المال؛ [فـ](5) يعتق به، أما إن دفع العبد مالًا إلى رجل ليشتريه به من سيده، ففعل وأعتقه المشتري؛ فهل يصح العقد ويعتق؟
إن اشتراه الرجل في الذمة ثم نقد المال؛ صح وعتق، وإن اشتراه بعين (6) المال؛ انبنى على الروايتين في تعيين النقود بالتعيين على ما سبق، والمنصوص عن أحمد في "رواية عبد اللَّه"(7) و"أبي الحارث" و"أبي داود"(8) البطلان، معللًا بما ذكرنا، وذكره الخرقي (9).
والفرق بين هذه والتي قبلها: إن السيد لم يعلم ها هنا أنها ماله؛ فلا يكون إقرارًا لها على ملك العبد، ونص في "رواية مُهَنَّأ" و"حنبل" على أنه يعتق ويغرم (10) المشتري الثمن، وهذا قد يتنزل (11) على القول بأن النقود لا
(1) في (أ): "بأن".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(3)
في (ج): "إلزامه".
(4)
في (ب) و (ج): "إيتاء".
(5)
ما بين المعقوفتين من (ب) و (ج).
(6)
في المطبوع: "بغير".
(7)
(398/ 1435).
(8)
(ص 208).
(9)
انظر: "المغني"(10/ 314/ 8650).
(10)
في (ج): "ويلزم".
(11)
في (ج): "تتنزل".
تتعين، وقد يتنزل مع القول بالتعيين على أنه عقد فاسد مختلف فيه؛ فينفذ فيه العتق؛ كما ينفذ (1) الطلاق في النكاح المختلف فيه، وهو أحد الوجهين للأصحاب [في العتق](2).
وكذلك نقل مهنأ عنه في عبد دفع إلى رجل ألف درهم من مال رجل آخر، فاشتراه بها من سيده وأعتقه: إنه يرجع صاحب المال بماله، فإن استهلك؛ كان دينًا على العبد، ويعتق العبد.
وحمل القاضي في موضع من "المجرد" وتبعه ابنُ عقيل [المسألةَ](3) على أن العبد وكَّل الرجلَ في شراء نفسه [من سيده](4)؛ فيكون المشتري وكيلًا للعبد، ويكون وكالة صحيحة، قال الشيخ مجد الدين: فعلى هذا يكون قد عتق في الباطن في الحال، ويلزم المشتري الثمن (5)، ويرجع به على العبد. وقال أيضًا في موضع آخر: هذا فيه إشكال؛ لأن العبد عندنا لا يصح أن يشتري من سيده شيئًا بنفسه؛ فكيف يصح توكيله فيه؟! ولهذا قال أحمد: لا رِبَا بين العبد وسيده. قال: ويحتمل أن يصح ذلك بناءً على أن العبد يملك ويلتزم (6) عليه جريان الربا بينهما. قال: ويحتمل أن تكون
(1) في (أ): "نفذ".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ب)، وفي (أ):"وهو أحد الوجهين في العتق للأصحاب".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب)، وفي المطبوع:"وتبعه ابن عقيل في المسألة".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
(5)
في (أ): "المثمن".
(6)
في (ج): "ويلزم".
هذه المسألة غلطًا في كتابيهما (يعني: القاضي وابن عقيل)، وأن الصواب في ذلك أن يقال: إذا وكل رجل العبد في شراء نفسه من سيده.
- (ومنها): إذا [أ](1) عتق السيد عبده وله مال؛ فهل يستقر ملكه للعبد، أم يكون للسيد؟
على روايتين؛ فمنهم من باهما على القول (2) بالملك وعدمه، فإن قلنا: يملكه؛ استقر [ملكه](3) عليه [بالعتق](4)، وإلا؛ فلا، وهي طريقة أبي بكر والقاضي في "خلافه" وصاحب "المحرر"، ومنهم من جعل الروايتين على القول بالملك.
- (ومنها): لو اشترى [العبد](5) زوجته الأمة بماله، فإن قلنا: يملك؛ انفسخ نكاحه، وإن قلنا: لا يملك؛ لم ينفسخ.
- (ومنها): لو ملكه سيده أمة، فاستولدها، فإن قلنا: لا يملك؛ فالولد ملك للسيد (6)، وإن قلنا: يملك؛ فالولد مملوك للعبد، لكنه لا يعتق عليه حتى يعتق، فإذا عتق ولم ينزعه [سيده](1) منه قبل عتقه؛ عتق عليه لتمام ملكه حينئذ، ذكره القاضي في "المجرد".
- (ومنها): هل ينفذ تصرف السيد في مال العبد دون استرجاعه؟
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(2)
في (أ) و (ج): "على أن القول".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(5)
في (ب): "المكاتب".
(6)
في المطبوع: "السيد".
إن قلنا: العبد لا يملك؛ صح بغير إشكال، وإن قلنا: يملك؛ فظاهر كلام أحمد أنه ينفذ عتق السيد لرقيق (1) عبده، قال القاضي في "الجامع الكبير": فيحتمل أن يكون رجع فيه قبل عتقه. قال: وإن حمل على ظاهره؛ فلأن عتقه يضمن الرجوع في التمليك.
- (ومنها): الوقف على العبد؛ فنص أحمد على أنه لا يصح؛ فقيل: إن ذلك يتفرع على القول بأنه لا يملك، فأما إن قيل: إنه يملك؛ صح الوقف عليه؛ كالمكاتب في أظهر الوجهين، والأكثرون على أنه لا يصح الوقف عليه على الروايتين؛ لضعف ملكه.
- (ومنها): وصية السيد لعبده بشيء من ماله، فإن كان بجزء مشاع [منه](2)؛ صح، وعتق من العبد بنسبة ذلك الجزء؛ لدخوله في عموم المال وكمل عتقه من بقية الوصية، نص عليه؛ فقيل: لأن الوصية إنما صحت لعتقه؛ فتقديم العتق أهم وأنفع له، وقيل: بل الجزء الشائع الموصى به غير متعين؛ فعين (3) في العبد تصحيحًا للوصية مهما أمكن، ويحتمل أن يقال: ملك بالوصية جزءً مشاعًا من نفسه؛ فعتق عليه وملك به بقية الوصية، فصار موسرًا (4)؛ فسرى العتق إلى الباقي مضمونًا بالسراية من بقية الوصية؛ إذ لا مال له سواها، كمن ملك بعض ذي رحم محرم منه بفعله، وأولى.
(1) في (ب): "كرقيق".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
(3)
في المطبوع: "فتعين".
(4)
في المطبوع: "معسرًا"!
وهذا المأخذ منقول عن ابن سيرين [صريحًا](1)، وهو حسن، وفي كلام أبي الحسن التميمي ما يشعر به أيضًا.
[وخرَّج (2) بعضهم أنه يعتق منه بنسبة الوصية من المال؛ فيسري العتق إلى جميعه إذا احتمله الثلث بناءً على القول بالسراية بالوصية بعد الموت، ويكمل له بقية الوصية من المال إن حمل (3) الثلث ذلك](4)، وإن كانت الوصية بجزء معين أو مقدر؛ ففي صحة الوصية روايتان، أشهرهما عدم الصحة؛ فمن الأصحاب من بناهما على أن العبد هل يملك أم لا، وأشار إلى ذلك أحمد في "رواية صالح"، وهذه طريقة ابن أبي موسى والشيرازي وابن عقيل وغيرهم، ومنهم من حمل الصحة على أن الوصية بقدر (5) المعين أو المقدر من التركة لا بعينه؛ فيعود إلى الجزء المشاع، وهو بعيد جدًّا.
- (ومنها): لو غزا العبد على فرس ملكه إياها سيده، فإن قلنا: يملكها؛ لم يسهم لها لأن الفرس تبع لمالكها، فإذا كان مالكها من أهل الرضخ؛ فكذلك فرسه، وإن قلنا: لا يملكها؛ أسهم لها لأنها لسيده، كذا قال الأصحاب، والمنصوص عن أحمد في "رواية ابن الحكم" أنه يسهم لفرس العبد، وتوقف مرة أخرى وقال: لا يسهم لها [بحال](6)، ونقل عنه
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(2)
في المطبوع: "وصرح".
(3)
في المطبوع: "احتمل".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(5)
في المطبوع: "كقدر"، وفي (ج):"بالقدر".
(6)
في المطبوع: "متحدًا"، وفي (أ):"تحقرًا"، وفي (ب):"بهذه".