المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ذيع: الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يُقَالُ أَذَعْناه فَذَاعَ وأَذَعْت الأَمر - لسان العرب - جـ ٨

[ابن منظور]

الفصل: ذيع: الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يُقَالُ أَذَعْناه فَذَاعَ وأَذَعْت الأَمر

ذيع: الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يُقَالُ أَذَعْناه فَذَاعَ وأَذَعْت الأَمر وأَذَعْتُ بِهِ وأَذَعْتُ السِّرَّ إِذاعة إِذا أَفْشيْته وأَظهرته. وذاعَ الشيءُ وَالْخَبَرُ يَذِيع ذَيْعاً وذيَعاناً وذُيوعاً وذَيْعوعةً: فَشا وانتشَر. وأَذاعه وأَذاع بِهِ أَي أَفشاه. وأَذاعَ بِالشَّيْءِ: ذهَب بِهِ؛ وَمِنْهُ بَيْتُ الْكِتَابِ «2» :

رَبْع قِواء أَذاعَ المُعْصِراتُ بِهِ

أَي أَذْهَبته وطَمَسَتْ مَعالِمَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

نَوازِل أَعْوامٍ أَذاعَتْ بخَمْسةٍ،

وتَجْعَلُني، إِن لَمْ يَقِ اللهُ، سادِيا

وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ

، قَالَ أَبو إِسحاق: يَعْنِي بِهَذَا جَمَاعَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ وضَعَفةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: وَمَعْنَى أَذاعُوا بِهِ أَي أَظهروه ونادَوْا بِهِ فِي النَّاسِ؛ وأَنشد:

أَذاعَ بِهِ فِي الناسِ حَتَّى كأَنه،

بعَلْياء، نارٌ أُوقِدتْ بثَقُوبِ

وَكَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، إِذا أُعلم أَنه ظاهرٌ عَلَى قَوْمٍ أَمِنَ مِنْهُمْ، أَو أُعلم بتَجَمُّع قَوْمٍ يُخافُ مِنْ جَمْع مِثلهم، أَذاعَ الْمُنَافِقُونَ ذَلِكَ ليَحْذَر مَنْ يَبْتَغِي أَن يَحْذر مِنَ الْكُفَّارِ وليَقْوى قلبُ مَنْ يَبْتَغِي أَن يقْوى قلبُه عَلَى مَا أَذاع، وَكَانَ ضَعَفةُ الْمُسْلِمِينَ يشِيعون ذَلِكَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالضَّرَرِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: وَلَوْ رَدُّوا ذَلِكَ إِلى أَن يأْخذوه مِنْ قِبَلِ الرَّسُولِ وَمِنْ قِبَلِ أُولي الأَمر مِنْهُمْ لَعَلِمَ الَّذِينَ أَذاعوا بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا يَنْبَغِي أَن يُذاعَ أَو لَا يُذَاعَ. وَرَجُلٌ مِذياعٌ: لَا يَسْتَطِيعُ كَتْمَ خبَر. وأَذاع الناسُ والإِبلُ مَا وَبِمَا فِي الحَوْضِ إِذاعةً إِذا شَرِبُوا مَا فِيهِ. وأَذاعَتْ بِهِ الإِبل إِذاعة إِذا شَرِبَتْ. وتركْتُ مَتاعي فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فأَذاع الناسُ بِهِ إِذا ذَهَبُوا بِهِ. وكلُّ مَا ذُهب بَهِ، فَقَدْ أُذِيعَ بِهِ. والمِذْياع: الَّذِي لَا يكتمُ السِّرَّ، وَقَوْمٌ مَذايِيعُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ، ووصْف الأَولياء: لَيْسُوا بالمَذايِيع البُذُر

، هُوَ جَمْعُ مِذْياع مِنْ أَذاعَ الشيءَ إِذا أَفْشاه، وَقِيلَ: أَراد الَّذِينَ يُشِيعون الفواحِش وهو بِناءُ مبالغة.

‌فصل الراء

ربع: الأَربعة والأَربعون مِنَ الْعَدَدِ: مَعْرُوفٌ. والأَربعة فِي عَدَدِ الْمُذَكَّرِ والأَربع فِي عَدَدِ الْمُؤَنَّثِ، والأَربعون بَعْدَ الثَّلَاثِينَ، وَلَا يَجُوزُ فِي أَربعينَ أَربعينُ كَمَا جَازَ فِي فِلَسْطِينَ وَبَابِهِ لأَن مَذْهَبَ الْجَمْعِ فِي أَربعين وَعِشْرِينَ وَبَابِهِ أَقْوَى وأَغلب مِنْهُ فِي فِلَسْطين وَبَابِهَا؛ فأَما قَوْلُ سُحَيْم بْنُ وَثِيل الرِّياحيّ:

وَمَاذَا يَدَّري الشُّعراء مِنِّي،

وَقَدْ جاوَزْتُ حَدَّ الأَرْبَعِينِ؟ «3»

فَلَيْسَتِ النُّونُ فِيهِ حَرْفَ إِعراب وَلَا الْكَسْرَةُ فِيهَا عَلَامَةَ جرِّ الِاسْمِ، وإِنما هِيَ حَرَكَةٌ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ إِذا الْتَقَيَا وَلَمْ تُفْتَحْ كَمَا تُفْتَحُ نُونُ الْجَمْعِ لأَن الشَّاعِرَ اضطُرَّ إِلى ذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلِفَ حَرَكَةُ حَرْفِ الرَّوِيِّ فِي سَائِرِ الأَبيات؛ أَلا تَرَى أَن فِيهَا:

أَخُو خَمْسِينَ مُجتمِعٌ أَشُدِّي،

ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُونِ

ورُباعُ: مَعْدُولٌ مِنْ أَربعة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ*

؛ أَراد أَربعاً فعدَله وَلِذَلِكَ تُرِكَ صرْفه. ابْنُ جِنِّي: قرأَ الأَعمش مَثْنَى وثُلَثَ

(2). قوله: بيت الكتاب؛ هكذا في الأَصل، ولعله أراد كتاب سيبويه.

(3)

. وفي رواية أخرى: وماذا تبتغي الشعراء مني إلخ.

ص: 99

ورُبَعَ، عَلَى مِثَالِ عُمر، أَراد ورُباع فَحَذَفَ الأَلف. ورَبَعَ القومَ يَرْبَعُهم رَبْعاً: صَارَ رابِعَهم وَجَعَلَهُمْ أَربعة أَو أَربعين. وأَربَعُوا: صَارُوا أَربعة أَو أَربعين. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ عَبْسةَ: لَقَدْ رأَيْتُني وإِنِّي لرُبُعُ الإِسلام

أَي رابِعُ أَهل الإِسلام تقدَّمني ثلاثةٌ وَكُنْتُ رَابِعَهُمْ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:

كَنْتُ رابِعَ أَربعة

أَي وَاحِدًا مِنْ أَربعة. وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ فِي السَّقْط: إِذا نُكِس فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ

أَي إِذا صَارَ مُضْغة فِي الرَّحِم لأَن اللَّهَ عز وجل قَالَ: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

فَجَاءَتْ عَيْنَاهُ بأَربعة

أَي بدُموع جرَتْ مِنْ نَوَاحِي عَيْنَيْهِ الأَربع. والرِّبْعُ فِي الحُمَّى: إِتيانُها فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَذَلِكَ أَن يُحَمَّ يَوْمًا ويُتْرَك يَوْمَيْنِ لَا يُحَمّ ويُحَمّ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَهِيَ حُمَّى رِبْعٍ، وَقَدْ رُبِع الرَّجُلُ فَهُوَ مَرْبوع ومُرْبَع، وأُرْبِعَ؛ قَالَ أُسامةُ بْنُ حَبِيبٍ الْهُذَلِيُّ:

مِن المُرْبَعِينَ وَمِنْ آزِلٍ،

إِذا جَنَّه الليلُ كالناحِطِ

وأَرْبَعَت عَلَيْهِ الحُمَّى: لُغَةٌ فِي رُبِعَ، فَهُوَ مُرْبَع. وأَربَعَت الحُمّى زَيْدًا وأَرْبَعَت عَلَيْهِ: أَخذَته رِبعاً، وأَغَبَّتْه: أَخذته غِبًّا، وَرَجُلٌ مُرْبِعٌ ومُغِبٌّ، بِكَسْرِ الْبَاءِ. قَالَ الأَزهري: فَقِيلَ لَهُ لِمَ قُلْتَ أَرْبَعَتِ الحُمَّى زَيْدًا ثُمَّ قُلْتَ مِنَ المُرْبِعين فَجَعَلْتَهُ مَرَّةً مَفْعُولًا وَمَرَّةً فَاعِلًا؟ فَقَالَ: يُقَالُ أَرْبَعَ الرَّجُلُ أَيضاً. قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ أَربعت عَلَيْهِ الْحُمَّى وَالرَّجُلُ مُرْبَع، بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَرْبَعَتْه الْحُمَّى وَلَا يُقَالُ رَبَعَتْه. وَفِي الصِّحَاحِ: تَقُولُ رَبَعَتْ عَلَيْهِ الحُمّى. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَغِبُّوا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وأَرْبِعُوا إِلا أَن يَكُونَ مَغْلُوبًا

؛ قَوْلُهُ أَرْبِعُوا أَي دَعُوه يَوْمَيْنِ بَعْدَ الْعِيَادَةِ وأْتوه الْيَوْمَ الرَّابِعَ، وأَصله مِنَ الرِّبْع فِي أَورادِ الإِبل. والرِّبْعُ: الظِّمْء مِنْ أَظْماء الإِبل، وَهُوَ أَن تُحْبَس الإِبلُ عَنِ الْمَاءِ أَربعاً ثُمَّ تَرِدَ الْخَامِسَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَرِدَ الماءَ يَوْمًا وتَدَعَه يَوْمَيْنِ ثُمَّ تَرِدَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ، وَقِيلَ: هُوَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ وأَربعة أَيام. ورَبَعَت الإِبلُ: وَرَدتْ رِبعاً، وإِبلٌ رَوابِعُ؛ وَاسْتَعَارَهُ العَجَّاج لوِرْد الْقَطَا فَقَالَ:

وبَلْدةٍ تُمْسِي قَطاها نُسَّسا

رَوابِعاً، وقَدْرَ رِبْعٍ خُمَّسا

وأَرْبَعَ الإِبلَ: أَوردها رِبْعاً. وأَرْبعَ الرجلُ: جَاءَتْ إِبلُه رَوابعَ وخَوامِس، وَكَذَلِكَ إِلى العَشْر. والرَّبْعُ: مَصْدَرُ رَبَعَ الوَترَ وَنَحْوَهُ يَرْبَعه رَبْعاً، جَعَلَهُ مَفْتُولًا مِنْ أَربع قُوًى، وَالْقُوَّةُ الطاقةُ، وَيُقَالُ: وَتَرٌ مَرْبوعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٌ:

رابِطُ الجأْشِ عَلَى فَرْجِهِمُ،

أَعْطِفُ الجَوْنَ بمرْبوعٍ مِتَلِ

أَي بِعِنَانٍ شَدِيدٍ مِنْ أَربع قُوًى. وَيُقَالُ: أَراد رُمْحاً مَرْبوعاً لَا قَصِيرًا وَلَا طَوِيلًا، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَي ومعيَ رُمْح. وَرُمْحٌ مَرْبُوعٌ: طُولُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وربَّع الشيءَ: صَيَّرَهُ أَربعةَ أَجزاء وَصَيَّرَهُ عَلَى شَكْلٍ ذِي أَربع وَهُوَ التَّرْبِيعُ. أَبو عَمْرٍو: الرُّومِيُّ شِراعُ السَّفِينَةِ الْفَارِغَةِ، والمُرْبِعُ شِراعُ المَلأَى، والمُتَلَمِّظةُ مَقْعدُ الاشْتِيام وَهُوَ رَئيسُ الرُّكابِ. والتربيعُ فِي الزَّرْعِ: السَّقْية الَّتِي بَعْدَ التَّثْلِيثِ. وَنَاقَةٌ رَبوعٌ: تَحْلُبُ أَربعة أَقداح؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

ص: 100

وَرَجُلٌ مُرَبَّعُ الْحَاجِبَيْنِ: كَثِيرُ شِعْرِهِمَا كأَنَّ لَهُ أَربعة حَواجبَ؛ قَالَ الرَّاعِي:

مُرَبَّع أَعلى حاجبِ العينِ، أُمُّه

شَقيقةُ عَبْدٍ، مِنْ قَطينٍ، مُوَلَّدِ

والرُّبْع والرُّبُع والرَّبيعُ: جُزْءٌ مِنْ أَربعة يَطَّرد ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْكُسُورِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالْجَمْعُ أَرباعٌ ورُبوعٌ. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ: أَنه لَمَّا رُبِعَ يَوْمَ أُحُد وشَلَّت يدُه قَالَ لَهُ: باءَ طلحةُ بالجنةِ

؛ رُبِعَ أَي أُصِيبَت أَرباعُ رأْسه وَهِيَ نَوَاحِيهِ، وَقِيلَ: أَصابه حُمّى الرِّبْع، وَقِيلَ: أُصِيبَ جَبينُه؛ وأَما قَوْلُ الفَرزدق:

أَظُنُّك مَفْجوعاً بِرُبْعِ مُنافِقٍ،

تَلَبَّس أَثوابَ الخِيانةِ والغَدْرِ

فإِنه أَراد أَنَّ يَمِينَهُ تُقْطَع فيَذْهَب رُبْع أَطرافِه الأَربعة. ورَبَعَهم يَرْبَعُهم رَبْعاً: أَخذ رُبْع أَموالهم مِثْلُ عَشَرْتُهم أَعْشُرُهم. ورَبَعهم: أَخذ رُبع الْغَنِيمَةِ. والمِرْباع: مَا يأْخذه الرَّئِيسُ وَهُوَ رُبْعُ الْغَنِيمَةِ؛ قَالَ:

لكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصَّفايا،

وحُكْمُكَ والنَّشِيطةُ والفُضول

الصَّفايا: مَا يَصْطَفِيه الرَّئِيسُ، والنَّشِيطةُ: مَا أَصاب مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ إِلى مُجتَمع الْحَيِّ، والفُضول: مَا عُجِزَ أَن يُقْسَم لِقِلَّتِهِ وخُصَّ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:

أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ

أَي تأْخذ رُبع الْغَنِيمَةِ أَو تأْخذ المِرْباع؛ مَعْنَاهُ أَلم أَجْعَلْك رَئِيسًا مُطاعاً؟ قَالَ قُطْرُبٌ: المِرْباع الرُّبع والمِعْشار العُشر وَلَمْ يُسْمَعْ فِي غَيْرِهِمَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَبْلَ إِسلامه: إِنك لتأْكلُ المِرْباع وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ

؛ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا غَزا بَعْضُهُمْ بَعْضًا وغَنِموا أَخذ الرَّئِيسُ رُبْعَ الْغَنِيمَةِ خَالِصًا دُونَ أَصحابه، وَذَلِكَ الرُّبْعُ يُسَمَّى المِرْباع؛ وَمِنْهُ شِعْرُ وَفْدِ تَمِيم:

نَحْنُ الرُّؤُوس وَفِينَا يُقْسم الرُّبُعُ

وَقَالَ ابْنُ سِكِّيتٍ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ يَصِفُ الْغَيْثَ:

كأَنَّ فِيهِ، لمَّا ارْتَفَقْتُ لَهُ،

رَيْطاً ومِرْباعَ غانمٍ لَجَبا

قَالَ: ذَكَرَ السَّحاب، والارْتِفاقُ: الاتِّكاءُ عَلَى المِرْفَقِ؛ يَقُولُ: اتَّكأْت عَلَى مِرْفَقي أَشِيمُه وَلَا أَنام، شبَّه تبَوُّجَ الْبَرْقِ فِيهِ بالرَّيْط الأَبيض، والرَّيْطةُ: مُلاءة لَيْسَتْ بمُلَفَّقة، وأَراد بِمِرْبَاعِ غانمٍ صوْتَ رَعْدِهِ، شَبَّهَهُ بِمِرْبَاعِ صَاحِبِ الْجَيْشِ إِذا عُزل لَهُ رُبْعُ النَّهْب مِنَ الإِبل فتحانَّت عِنْدَ المُوالاة، فَشَبَّهَ صَوْتَ الرَّعْدِ فِيهِ بِحَنِينها؛ ورَبعَ الجَيْشَ يَرْبَعُهم رَبْعاً ورَباعةً: أَخذ ذَلِكَ مِنْهُمْ. ورَبَع الحَجرَ يَرْبَعُه رَبْعاً وَارْتَبَعَهُ: شالَه وَرَفَعَهُ، وَقِيلَ: حَمَلَهُ، وَقِيلَ: الرَّبْعُ أَن يُشال الْحَجَرُ بِالْيَدِ يُفْعَلُ ذَلِكَ لتُعْرَفَ بِهِ شدَّة الرَّجُلِ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْحَجَرِ خَاصَّةً. والمَرْبُوعُ والرَّبيعة: الْحَجَرُ المَرْفُوع، وَقِيلَ: الَّذِي يُشال. وَفِي الْحَدِيثِ:

مرَّ بِقَوْمٍ يَرْبَعُون حَجراً أَو يَرْتَبِعُون، فَقَالَ: عُمّالُ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ هؤُلاء

؛ الرَّبْعُ: إِشالةُ الْحَجَرِ ورَفْعُه لإِظْهار القوَّةِ. والمِرْبَعةُ: خُشَيْبة قَصِيرَةٌ يُرْفَع بِهَا العِدْل يأْخذ رَجُلَانِ بطَرَفَيْها فيَحْمِلان الحِمْل ويَضَعانه عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ عَصًا تُحْمَلُ بِهَا الأَثقال حَتَّى توضَع عَلَى ظَهْرِ الدَّوَابِّ، وَقِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ رُفع

ص: 101

بِهِ شَيْءٌ مِرْبَعة، وَقَدْ رابَعَه. تَقُولُ مِنْهُ: رَبَعْت الحِمْل إِذا أَدخَلتها تَحْتَهُ وأَخذت أَنت بطَرَفِها وصاحِبُك بطرَفِها الْآخَرِ ثُمَّ رَفَعْتَه عَلَى الْبَعِيرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَينَ الشِّظاظانِ وأَينَ المِرْبَعهْ؟

وأَينَ وَسْقُ الناقةِ الجَلَنْفَعَهْ؟

فإِن لَمْ تَكُنِ المِرْبَعةُ فالمُرابَعةُ، وَهِيَ أَن تأْخذ بِيَدِ الرَّجُلِ ويأْخذ بِيَدِكَ تَحْتَ الحِمْل حَتَّى تَرفعاه عَلَى الْبَعِيرِ؛ تَقُولُ: رابَعْت الرَّجل إِذا رَفَعْتَ مَعَهُ العِدْلَ بِالْعَصَا عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْر كانتْ صاحِبي،

مَكانَ مَنْ أَنْشا عَلَى الرَّكائبِ

ورابَعَتْني تحتَ لَيْلٍ ضارِبِ،

بساعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِبِ

ورَبَع بِالْمَكَانِ يَرْبَعُ رَبْعاً: اطمأَنَّ. والرَّبْع: الْمَنْزِلُ وَالدَّارُ بِعَيْنِهَا، والوَطَنُ مَتَى كَانَ وبأَيِّ مَكَانٍ كَانَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَمْعُهُ أَرْبُعٌ ورِباعٌ ورُبُوعٌ وأَرْباعٌ. وَفِي حَدِيثِ

أُسامة: قَالَ لَهُ، عليه السلام: وَهَلْ تَرَك لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ

؟ وَفِي رِوَايَةٍ:

مِنْ رِباعٍ

؛ الرَّبْعُ: المَنْزِلُ ودارُ الإِقامة. ورَبْعُ الْقَوْمِ: مَحَلَّتُهم. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: أَرَادَتْ بَيْعَ رِباعِها

أَي مَنازِلها. وَفِي الْحَدِيثِ:

الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ رَبْعةٍ أَو حَائِطٍ أَو أَرض

؛ الرَّبْعةُ: أَخصُّ مِنَ الرَّبع، والرَّبْعُ المَحَلَّة. يُقَالُ: مَا أَوسع رَبْعَ بَنِي فُلَانٍ والرَّبّاعُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ شراءِ الرِّباع، وَهِيَ المنازِل. ورَبَعَ بِالْمَكَانِ رَبْعاً: أَقام. والرَّبْعُ: جَماعةُ الناسِ. قَالَ شَمِرٌ: والرُّبُوع أَهل المَنازل أَيضاً؛ قَالَ الشَّمّاخ:

تُصِيبُهُمُ وتُخْطِئُني المَنايا،

وأَخْلُفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ

أَي فِي قَوْم بَعْدَ قَوْمٍ؛ وَقَالَ الأَصمعي: يُرِيدُ فِي رَبْعٍ مِنْ أَهلي أَي فِي مَسْكَنهم، بَعْدَ رَبْع. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الرَّبْعُ مِثْلُ السَّكن وَهُمَا أَهل البيتِ؛ وأَنشد:

فإِنْ يَكُ ربْعٌ مِنْ رِجالٍ، أَصابَهمْ،

مِنَ اللَّهِ والحَتْمِ المُطِلِّ، شَعُوبُ

وَقَالَ شَمِرٌ: الرَّبْعُ يَكُونُ المنزلَ وأَهل الْمَنْزِلِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والرَّبْعُ أَيضاً العَدَدُ الْكَثِيرُ؛ قَالَ الأَحوص:

وفِعْلُكَ مرضِيٌّ، وفِعْلُكَ جَحْفَلٌ،

وَلَا عَيْبَ فِي فِعْلٍ وَلَا فِي مُرَكَّبِ «1»

قال: وأَما قَوْلُ الرَّاعِي:

فَعُجْنا عَلَى رَبْعٍ برَبْعٍ، تَعُودُه،

مِنَ الصَّيْفِ، جَشّاء الحَنِينِ تُؤَرِّجُ

قَالَ: الرَّبْع الثَّانِي طَرَف الجَبل. والمَرْبُوع مِنَ الشِّعْرِ: الَّذِي ذهَب جُزْآنِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَجزاء مِنَ المَديد والبَسِيط؛ والمَثْلُوث: الَّذِي ذَهَبَ جُزْآنِ مِنْ سِتَّةِ أَجزاء. والرَّبِيعُ: جُزْءٌ مِنْ أَجزاء السَّنَةِ فَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُهُ الْفَصْلَ الَّذِي يُدْرِكُ فِيهِ الثِّمَارُ وَهُوَ الْخَرِيفُ ثُمَّ فَصْلُ الشِّتَاءِ بَعْدَهُ ثُمَّ فَصْلُ الصَّيْفِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَدْعُوه الْعَامَّةُ الرّبيعَ، ثُمَّ فَصْلُ القَيْظ بَعْدَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَدْعُوهُ العامةُ الصَّيْفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يسمي الفصل الذي

(1). قوله [وفعلك إلخ] كذا بالأصل ولا شاهد فيه ولعله وربعك جحفل.

ص: 102

تُدْرَكُ فِيهِ الثِّمَارُ، وَهُوَ الْخَرِيفُ، الربيعَ الأَول وَيُسَمَّى الْفَصْلَ الَّذِي يَتْلُو الشِّتَاءَ وتأْتي فِيهِ الكَمْأَة والنَّوْرُ الربيعَ الثَّانِيَ، وَكُلُّهُمْ مُجْمِعون عَلَى أَنّ الْخَرِيفَ هُوَ الرَّبِيعِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُسَمَّى قِسما الشِّتَاءِ رَبِيعَيْنِ: الأَوَّل مِنْهُمَا رَبِيعُ الْمَاءِ والأَمطار، وَالثَّانِي رَبِيعُ النَّبَاتِ لأَن فِيهِ يَنْتَهِي النَّبَاتُ مُنْتهاه، قَالَ: وَالشِّتَاءُ كُلُّهُ رَبِيعٌ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ أَجل النَّدى، قَالَ: وَالْمَطَرُ عِنْدَهُمْ رَبِيعٌ مَتَى جَاءَ، وَالْجَمْعُ أَرْبِعةٌ ورِباعٌ. وشَهْرا رَبِيعٍ سُمِّيَا بِذَلِكَ لأَنهما حُدّا فِي هَذَا الزَّمَنِ فلَزِمَهما فِي غَيْرِهِ وَهُمَا شهرانِ بَعْدَ صفَر، وَلَا يُقَالُ فِيهِمَا إِلا شهرُ رَبِيعٍ الأَوّل وشهرُ رَبِيعٍ الْآخِرِ. والربيعُ عِنْدَ الْعَرَبِ رَبيعانِ: رَبيعُ الشُّهُورِ وَرَبِيعُ الأَزمنة، فَرَبِيعُ الشُّهُورِ شَهْرَانِ بَعْدَ صَفَرَ، وأَما رَبِيعُ الأَزمنة فَرَبِيعَانِ: الربيعُ الأَول وَهُوَ الْفَصْلُ الَّذِي تأْتي فِيهِ الكمأَة والنَّوْر وَهُوَ ربيع الكَلإِ، والثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثِّمَارُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ الرَّبِيعَ الأَوّل؛ وَكَانَ أَبو الْغَوْثِ يَقُولُ: الْعَرَبَ تَجْعَلُ السَّنَةَ سِتَّةَ أَزمنة: شَهْرَانِ مِنْهَا الرَّبِيعُ الأَوّل، وَشَهْرَانِ صَيْف، وَشَهْرَانِ قَيظ، وَشَهْرَانِ الرَّبِيعُ الثَّانِي، وَشَهْرَانِ خَرِيفٌ، وَشَهْرَانِ شِتَاءٌ؛ وأَنشد لِسَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضُبَيْعةَ:

إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ،

أَفْلَحَ مَن كانتْ لَهُ رِبْعِيُّونْ

فَجَعَلَ الصَّيْفَ بَعْدَ الرَّبِيعِ الأَول. وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي يَحْيَى بْنِ كُنَاسَةَ فِي صِفَةِ أَزمنة السَّنَةِ وفُصولها وَكَانَ علَّامة بِهَا: أَن السَّنَةَ أَربعةُ أَزمنة: الرَّبِيعُ الأَول وَهُوَ عِنْدَ الْعَامَّةِ الْخَرِيفُ، ثُمَّ الشِّتَاءُ ثُمَّ الصَّيْفُ، وَهُوَ الرَّبِيعُ الْآخِرُ، ثُمَّ الْقَيْظُ؛ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الْبَادِيَةِ، قَالَ: وَالرَّبِيعُ الأَوّل الَّذِي هُوَ الْخَرِيفُ عِنْدَ الفُرْس يَدْخُلُ لِثَلَاثَةِ أَيام مِنْ أَيْلُول، قَالَ: وَيَدْخُلُ الشِّتَاءُ لِثَلَاثَةِ أَيام مِنْ كانُون الأَوّل، وَيَدْخُلُ الصَّيْفُ الَّذِي هُوَ الرَّبِيعُ عِنْدَ الْفُرْسِ لِخَمْسَةِ أَيام تَخْلُو مِنْ أَذار، وَيَدْخُلُ الْقَيْظُ الَّذِي هُوَ صَيْفٌ عِنْدَ الْفُرْسِ لأَربعة أَيام تَخْلُو مِنْ حَزِيران، قَالَ أَبو يَحْيَى: وَرَبِيعُ أَهل العِراق مُوَافِقٌ لِرَبِيعِ الْفُرْسِ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الشِّتَاءِ، وَهُوَ زَمَانُ الوَرْد وَهُوَ أَعدل الأَزمنة، وَفِيهِ تُقْطع الْعُرُوقُ ويُشرب الدَّوَاءُ؛ قَالَ: وأَهل الْعِرَاقِ يُمطَرون فِي الشِّتَاءِ كُلِّهِ ويُخْصِبون فِي الرَّبِيعِ الَّذِي يَتْلُو الشِّتَاءَ، فأَما أَهل الْيَمَنِ فإِنهم يُمْطَرون فِي الْقَيْظِ ويُخْصِبون فِي الْخَرِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الرَّبِيعَ الأَول. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ يَقُولُونَ لأَوّل مَطَرٍ يَقَعُ بالأَرض أَيام الْخَرِيفِ رَبِيعٌ، وَيَقُولُونَ إِذا وَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض: بَعَثْنا الرُّوّاد وانْتَجَعْنا مساقِط الغَيْثِ؛ وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِلنَّخِيلِ إِذا خُرِفت وصُرِمَت: قَدْ تَربَّعَت النَّخِيلُ، قَالَ: وإِنما سُمِّيَ فَصْلُ الْخَرِيفِ خَرِيفًا لأَن الثِّمَارَ تُخْتَرَف فِيهِ، وَسَمَّتْهُ الْعَرَبُ رَبِيعًا لِوُقُوعِ أَوّل الْمَطَرِ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تَذْكُر الشُّهُورَ كُلَّهَا مُجَرَّدَةً إِلا شَهْرَيْ رَبِيع وَشَهْرَ رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ يومٌ قائظٌ وصافٍ وشاتٍ، وَلَا يُقَالُ يومٌ رابِعٌ لأَنهم لَمْ يَبْنُوا مِنْهُ فِعْلًا عَلَى حَدِّ قاظَ يومُنا وَشَتَا فَيَقُولُوا رَبَعَ يومُنا لأَنه لَا مَعْنَى فِيهِ لحَرّ وَلَا بَرْد كَمَا فِي قاظَ وَشَتَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

اللَّهُمَّ اجْعلِ القرآنَ رَبِيعَ قَلْبي

؛ جَعَلَهُ رَبِيعًا لَهُ لأَن الإِنسان يَرْتَاحُ قَلْبُهُ فِي الرَّبِيعِ مِنَ الأَزمان ويَمِيل إِليه، وجمعُ الرَّبِيعِ أَرْبِعاء وأَرْبِعة مِثْلُ نَصِيب وأَنْصِباء وأَنْصِبة، قَالَ يَعْقُوبُ: وَيُجْمَعُ رَبِيع الكلإِ عَلَى أَربعة، ورَبِيعُ الجَداولِ أَرْبِعاء. والرَّبِيع: الجَدْوَلُ. وَفِي حَدِيثِ المُزارَعةِ:

ويَشْتَرِط مَا

ص: 103

سقَى الرَّبيعُ والأَرْبِعاء

؛ قَالَ: الربيعُ النَّهرُ الصَّغِيرُ، قَالَ: وَهُوَ السَّعِيدُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

فعدَلَ إِلى الرَّبِيعِ فَتَطَهَّر.

وَفِي الْحَدِيثِ:

بِمَا يَنْبُت عَلَى ربِيعِ السَّاقي

، هَذَا مِنْ إِضافة المَوْصُوف إِلى الصِّفَةِ أَي النَّهْرُ الَّذِي يَسْقِي الزَّرْع؛ وأَنشد الأَصمعي قَوْلَ الشَّاعِرِ:

فُوهُ رَبيعٌ وكَفُّه قَدَحٌ،

وبَطْنُه، حِينَ يَتَّكِي، شَرَبَهْ

يَسَّاقَطُ الناسُ حَوْلَهُ مَرَضاً،

وهْو صَحِيحٌ، مَا إِنْ بِهِ قَلَبَهْ

أَراد بِقَوْلِهِ فُوهُ رَبِيعٌ أَي نَهْرٌ لِكَثْرَةِ شُرْبه، وَالْجَمْعُ أَرْبِعاء؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنهم كَانُوا يُكْرُون الأَرض بِمَا يَنْبُت عَلَى الأَرْبِعاء

أَي كَانُوا يُكرون الأَرض بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَيَشْتَرِطُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُكْتريها مَا يَنْبُت عَلَى الأَنهار وَالسَّوَاقِي. وَفِي حَدِيثِ

سَهْل بْنِ سَعْدٍ، رضي الله عنه: كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تأْخذ مِنْ أُصُول سِلْقٍ كُنَّا نَغْرِسُه عَلَى أَرْبِعائنا.

ورَبِيعٌ رابِعٌ: مُخْصِبٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الكَلأُ والغَيْثُ رَبِيعاً. والرّبيعُ أَيضاً: الْمَطَرُ الَّذِي يَكُونُ فِي الرَّبِيعِ، وَقِيلَ: يَكُونُ بَعْدَ الوَسْمِيِّ وَبَعْدَهُ الصَّيْفُ ثُمَّ الحَمِيمُ. والرَّبيعُ: مَا تَعْتَلِفُه الدوابُّ مِنَ الخُضَر، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَرْبعةٌ. والرِّبعة، بِالْكَسْرِ: اجْتِماعُ الْمَاشِيَةِ فِي الرَّبِيع، يُقَالُ: بَلَدٌ مَيِّثٌ أَنيثٌ طَيِّبُ الرِّبْعةِ مَريء العُود. ورَبَع الرَّبِيعُ يَرْبَع رُبُوعاً: دخَل. وأَرْبَع القومُ: دَخَلُوا فِي الرَّبِيع، وَقِيلَ: أَرْبعوا صَارُوا إِلى الرِّيف وَالْمَاءِ. وتَرَبَّع القومُ الموضِع وَبِهِ وارْتَبَعوه: أَقاموا فِيهِ زمَن الرَّبِيعِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه جَمَّع فِي مُتَرَبَّعٍ لَهُ

؛ المَرْبَع والمُرْتَبَعُ والمُتَرَبَّعُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنْزَلُ فِيهِ أَيّام الرَّبِيعِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرى إِقامة الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ الأَمصار، وَقِيلَ: تَرَبَّعوا وارْتَبَعوا أَصابوا رَبِيعًا، وَقِيلَ: أَصابوه فأَقاموا فِيهِ. وتربَّعت الإِبل بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَي أَقامت بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشدني أَعرابي:

تَرَبَّعَتْ تَحْتَ السُّمِيِّ الغُيَّمِ،

فِي بَلَدٍ عَافِي الرِّياضِ مُبْهِمِ

عَافِي الرِّياضِ أَي رِياضُهُ عافِيةٌ وافِيةٌ لَمْ تُرْعَ. مُبْهِم: كَثِيرُ البُهْمى. والمَرْبَع: المَوضع الَّذِي يُقَامُ فِيهِ زَمَنَ الرَّبِيع خَاصَّةً، وَتَقُولُ: هَذِهِ مَرابعُنا ومَصايِفُنا أَي حَيْثُ نَرْتَبِع ونَصِيفُ، وَالنِّسْبَةُ إِلى الرَّبِيعِ رِبعيٌّ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَكَذَلِكَ رِبْعِيُّ ابن خِراش. وَقِيلَ: أَرْبَعُوا أَي أَقاموا فِي المَرْبَع عَنْ الارْتِياد والنُّجْعة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: غَيْثٌ مُرْبِعٌ مُرْتِع؛ المُرْتِعُ الَّذِي يُنْبِت مَا تَرْتَعُ فِيهِ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:

اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مَرِيعاً مُرْبِعاً

، فالمَرِيع: المُخْصِب الناجِعُ فِي الْمَالِ، والمُرْبِع: العامُّ المُغْني عَنْ الارْتِياد والنُّجعة لِعمومه، فَالنَّاسُ يَرْبَعُون حَيْثُ كَانُوا أَي يُقِيمون للخِصْب الْعَامِّ وَلَا يَحتاجُون إِلى الِانْتِقَالِ فِي طَلَب الكلإِ، وَقِيلَ: يَكُونُ مِنْ أَرْبَعَ الغَيْثُ إِذا أَنبت الرّبِيعَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

يَداكَ يَدٌ رَبيعُ النَّاسِ فِيهَا

وَفِي الأُخْرَى الشُّهورُ مِنَ الحَرام

أَراد أَنَّ خِصْب الناسِ فِي إِحدى يَدَيْهِ لأَنه يُنْعِش الناسَ بسَيْبِه، وَفِي يَدِهِ الأُخرى الأَمْنُ والحَيْطة ورَعْيُ الذِّمام. وارْتَبَعَ الفرَسُ والبعيرُ وترَبَّع:

ص: 104

أَكل الرَّبِيعَ. والمُرْتَبِعُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي رَعى الرَّبِيعَ فسَمِن ونَشِط. ورُبِعَ القومُ رَبْعاً: أَصابهم مَطَرُ الرَّبيع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:

حَتَّى إِذا مَا إِيالاتٌ جَرَتْ بُرُحاً،

وَقَدْ رَبَعْن الشَّوَى مِنْ ماطِرٍ ماجِ

فإِنّ مَعْنَى رَبَعْن أَمْطَرْن مِنْ قَوْلِكَ رُبِعْنا أَي أَصابَنا مَطَرُ الرَّبِيعِ، وأَراد بِقَوْلِهِ مِنْ مَاطِرٍ أَي عَرَق مأْجٍ ملْحٍ؛ يَقُولُ: أَمْطَرْن قَوائمَهن مِنْ عَرَقِهن. ورُبِعَت الأَرضُ، فَهِيَ مَرْبُوعة إِذا أَصابها مَطَرُ الرَّبِيعِ. ومُرْبِعةٌ ومِرْباعٌ: كَثِيرَةُ الرَّبِيع؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بأَوَّلَ مَا هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ

بِأَجْرَعَ مِرْباعٍ مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ

وأَرْبَع إِبله بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا: رَعَاهَا فِي الرَّبِيعِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَرْبَعُ عِنْدَ الوُرُودِ فِي سُدُمٍ،

أَنْقَعُ مِنْ غُلَّتي وأُجْزِئُها

قِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَغُ فِي ماءٍ سُدُمٍ وأَلهَجُ فِيهِ. وَيُقَالُ: ترَبَّعْنا الحَزْن والصَّمّانَ أَي رَعَينا بُقولها فِي الشِّتاء. وعامَله مُرابَعة ورِباعاً: مِنَ الرَّبيع؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واستأْجره مُرابعةً ورِباعاً؛ عَنْهُ أَيضاً، كَمَا يُقَالُ مُصايَفة ومشاهَرة. وَقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ هُبَعٌ وَلَا رُبَعٌ، فالرُّبَع: الفَصيل الَّذِي يُنْتَج فِي الرَّبِيعِ وَهُوَ أَوّل النِّتاج، سُمِّيَ رُبَعاً لأَنه إِذا مَشَى ارتَبَع ورَبَع أَي وسَّع خطْوه وعَدا، وَالْجَمْعُ رِباع وأَرْباع مِثْلُ رُطَب ورِطاب وأَرْطاب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وعُلْبة نازَعْتها رِباعي،

وعُلْبة عِنْدَ مَقِيل الرّاعِي

والأُنثى رُبَعةٌ، وَالْجَمْعُ رُبَعات، فإِذا نُتِج فِي آخِرِ النِّتاج فَهُوَ هُبَع، والأُنثى هُبَعة، وإِذا نُسِبَ إِليه فَهُوَ رُبَعِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مُرِي بَنِيك أَن يُحْسِنوا غِذَاءَ رِباعهم

؛ الرِّباع، بِكَسْرِ الرَّاءِ: جَمْعُ رُبَع وَهُوَ مَا وُلد مِنَ الإِبل فِي الرَّبِيعِ، وَقِيلَ: مَا وُلِدَ فِي أَوّل النِّتاج؛ وإِحْسان غِذائها أَن لَا يُستَقْصى حلَب أُمهاتها إِبقاء عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: كأَنه أَخْفاف الرِّباع.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: سأَله رَجُلٌ مِنَ الصَّدقة فأَعْطاه رُبَعة يَتْبَعُها ظِئراها

؛ هُوَ تأْنيث الرُّبَع؛ وَفِي حَدِيثِ

سليْمَان بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:

إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ،

أَفْلَحَ مَن كَانَ لَهُ رِبْعِيُّونْ

الرِّبْعي: الَّذِي وُلِدَ فِي الرَّبِيعِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَهُوَ مَثَلٌ لِلْعَرَبِ قَدِيمٌ. وَقِيلَ للقمَر: مَا أَنت ابنُ أَربع، فَقَالَ: عَتَمة رُبَعْ لَا جَائِعٌ وَلَا مُرْضَع؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي جَمْعِ رِباع:

سَوْفَ تَكْفِي مِنْ حُبِّهِنَّ فتاةٌ

تَرْبُقُ البَهْمَ، أَو تَخُلُّ الرِّباعا

يَعْنِي جَمْعَ رُبَع أَي تَخُلّ أَلسِنةَ الفِصال تَشُقُّها وَتَجْعَلُ فِيهَا عُودًا لِئَلَّا تَرْضَع، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: أَو تحُلّ الرِّباعا أَي تَحُلُّ الرَّبيع مَعَنَا حَيْثُ حَلَلْنا، يَعْنِي أَنها مُتَبَدِّية، وَالرِّوَايَةُ الأُولى أَولى لأَنه أَشبه بِقَوْلِهِ تربق البَهْم أَي تَشُدُّ البَهم عَنْ أُمّهاتها لِئَلَّا تَرْضَع وَلِئَلَّا تُفَرَّقَ، فكأَنّ هَذِهِ الفَتاة تَخْدم

ص: 105

البَهْم والفِصال، وأَرْباعٌ ورِباع شَاذٌّ لأَن سِيبَوَيْهِ قَالَ: إِنّ حُكْم فُعَل أَن يُكَسَّر عَلَى فِعْلان فِي غَالِبِ الأَمر، والأُنثى رُبَعة. وَنَاقَةٌ مُرْبِعٌ: ذَاتُ رُبَع، ومِرْباعٌ: عادتُها أَن تُنْتَج الرِّباع، وفرَّق الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: نَاقَةٌ مُرْبِع تُنْتَج فِي الرَّبِيعِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهَا فَهِيَ مِرْباع. وَقَالَ الأَصمعي: المِرْباع مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَلِدُ فِي أَوّل النِّتاج. والمِرْباعُ: الَّتِي وَلَدُهَا مَعَهَا وَهُوَ رُبَع. وَفِي حَدِيثِ

هِشَامٍ فِي وَصْفِ نَاقَةٍ: إِنها لمِرْباعٌ مِسْياعٌ

؛ قَالَ: هِيَ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَلِدُ فِي أَول النِّتَاجِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُبَكِّر فِي الحَمْل، وَيُرْوَى بِالْيَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ورِبْعِيّة الْقَوْمِ: ميرَتُهم فِي أَول الشِّتَاءِ، وَقِيلَ: الرِّبْعِية مِيرَةُ الرَّبيع وَهِيَ أَوَّل المِيَر ثُمَّ الصَّيْفِيَّةُ ثُمَّ الدَّفَئية ثُمَّ الرَّمَضِيَّة، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ. والرِّبْعية أَيضاً: الْعِيرُ الممْتارة فِي الرَّبِيعِ، وَقِيلَ: أَوّلَ السَّنَةِ، وإِنما يَذْهَبُونَ بأَوّل السَّنَةِ إِلى الرَّبِيعِ، وَالْجَمْعُ رَباعيّ. والرِّبْعِيَّة: الغَزوة فِي الرَّبيع؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

وكانَتْ لَهُمْ رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونَها،

إِذا خَضْخَضَتْ ماءَ السَّمَاءِ القَنابِل «2»

يَعْنِي أَنه كَانَتْ لَهُمْ غَزْوَةٌ يَغْزُونها فِي الرَّبِيعِ. وأَرْبَعَ الرجلُ، فَهُوَ مُرْبِعٌ: وُلِدَ لَهُ فِي شَبَابِهِ، عَلَى الْمِثْلِ بِالرَّبِيعِ، وَوَلَدُهُ رِبْعِيّون؛ وأَورد:

إِنَّ بَنِيَّ غِلْمةٌ صَيْفِيُّونْ،

أَفْلَحَ مَن كَانَتْ لَهُ رِبْعِيُّونْ «3»

وَفَصِيلٌ رِبْعِيٌّ: نُتِجَ فِي الرَّبِيعِ نَسَبٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ورِبْعِيّة النِّتاج والقَيْظ: أَوَّله. ورِبْعيّ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّله. رِبْعيّ النِّتَاجِ ورِبْعيّ الشَّبَابِ: أَوَّله؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

جَزِعْت فَلَمْ تَجْزَعْ مِنَ الشَّيْبِ مَجْزَعا،

وَقَدْ فاتَ رِبْعيُّ الشبابِ فَوَدَّعا

وَكَذَلِكَ رِبْعِيّ المَجْد والطعْنِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ أَيضاً:

عَلَيْكُمْ بِرِبْعِيِّ الطِّعان، فإِنه

أَشَقُّ عَلَى ذِي الرَّثْيةِ المُتَصَعِّبِ «4»

رِبْعِيُّ الطِّعان: أَوَّله وأَحَدُّهُ. وسَقْب رِبْعي وسِقاب رِبْعية: وُلِدت فِي أَوَّل النِّتاج؛ قَالَ الأَعشى:

ولكِنَّها كَانَتْ نَوًى أَجْنَبيَّةً،

تَواليَ رِبْعيِّ السِّقابِ فأَصْحَبا

قَالَ الأَزهري: هَكَذَا سَمِعْتُ الْعَرَبَ تُنْشِده وَفَسَّرُوا لِي تَوالي رِبْعِي السِّقَابِ أَنه مِنَ المُوالاة، وَهُوَ تَمْيِيزُ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ. يُقَالُ: والَيْنا الفُصْلان عَنْ أُمهاتها فتَوالَتْ أَي فَصَلْناها عَنْهَا عِنْدَ تَمام الحَوْل، ويَشْتَدّ عَلَيْهَا المُوالاة ويَكْثُر حَنِينها فِي إِثْر أُمهاتها ويُتَّخَذ لَهَا خَنْدق تُحْبَس فِيهِ، وتُسَرَّح الأُمهات فِي وَجْه مِنْ مراتِعها فإِذا تَباعَدت عَنْ أَولادها سُرِّحت الأَولاد فِي جِهة غَيْرِ جِهَةِ الأُمهات فَتَرْعَى وَحْدَهَا فَتَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ، وتُصْحب بَعْدَ أَيام؛ أَخبر الأَعشى أَنّ نَوَى صاحِبته اشْتدَّت عَلَيْهِ فَحنّ إِليها حَنِين رِبْعيِّ السِّقاب إِذا وُوليَ عَنْ أُمه، وأَخبر أَنَّ هَذَا الْفَصِيلَ «5» يَسْتَمِرُّ عَلَى المُوالاة وَلَمْ يُصْحِب إِصْحاب السَّقْب. قَالَ الأَزهري: وإِنما فَسَّرْتُ هَذَا البيت لأَن

(2). في ديوان النابغة: القبائل بدل القنابل.

(3)

. سابقاً كانت: صبية بدل غلمة.

(4)

. قوله [المتصعب] أَورده المؤلف في مادة ضعف المتضعف.

(5)

. قوله [أن هذا الفصيل إلخ] كذا بالأصل ولعله أنه كالفصيل.

ص: 106

الرُّوَاةَ لَمَّا أَشكل عَلَيْهِمْ مَعْنَاهُ تخَبَّطُوا فِي اسْتِخْراجه وخَلَّطوا، وَلَمْ يَعْرِفوا مِنْهُ مَا يَعْرِفه مَن شاهَد الْقَوْمَ فِي بَادِيَتِهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَوْ ذهبْت تُرِيدُ وَلَاءَ ضَبَّةَ مِنْ تَميم لتعَذَّر عَلَيْكَ مُوالاتُهم مِنْهُمْ لِاخْتِلَاطِ أَنسابهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وكُنَّا خُلَيْطَى فِي الجِمالِ، فَأَصْبَحَتْ

جِمالي تُوالى وُلَّهاً مِنْ جِمالِك

تُوالى أَي تُمَيَّز مِنْهَا. والسِّبْطُ الرِّبْعِي: نَخْلة تُدْرك آخِرَ الْقَيْظِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سَمَّى رِبعِيّاً لأَن آخِرَ الْقَيْظِ وَقْتُ الوَسْمِيّ. وَنَاقَةٌ رِبْعِية: مُتَقَدِّمة النِّتاج، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: صَرَفانةٌ رِبْعِيّة تُصْرَم بِالصَّيْفِ وَتُؤْكَلُ بالشَّتِيّة؛ رِبعِية: مُتقدِّمة. وارْتَبَعتِ الناقةُ وأَرْبَعَتْ وَهِيَ مُرْبِعٌ: اسْتَغْلَقَت رَحِمُها فَلَمْ تَقبل الْمَاءَ. وَرَجُلٌ مَرْبوع ومُرْتَبَع ومُرْتَبِع ورَبْعٌ ورَبْعة ورَبَعة أَي مَرْبُوعُ الخَلْق لَا بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، وُصِف المذَكَّر بِهَذَا الِاسْمِ المؤَنّث كَمَا وُصِفَ الْمُذَكَّرُ بخَمْسة وَنَحْوِهَا حِينَ قَالُوا: رِجَالٌ خَمْسَةٌ، وَالْمُؤَنَّثُ رَبْعة وربَعة كَالْمُذَكَّرِ، وأَصله لَهُ، وجَمْعُهما جَمِيعًا رَبَعات، حَرَّكُوا الثَّانِيَ وإِن كَانَ صِفَةً لأَن أَصل رَبْعة اسمٌ مُؤَنَّثٌ وَقَعَ عَلَى الْمُذَكَّرِ والمؤنثِ فَوُصِفَ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ رَبْعات، بِسُكُونِ الْبَاءِ، فَيُجْمَعُ عَلَى مَا يُجْمَعُ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الصِّفَةِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما حُرِّكَ رَبَعات لأَنه جَاءَ نَعْتًا لِلْمُذَكَّرِ والمؤَنث فكأَنه اسْمٌ نُعت بِهِ. قَالَ الأَزهري: خُولِفَ بِهِ طَرِيقُ ضَخْمة وضَخْمات لِاسْتِوَاءِ نَعْتِ الرَّجُلِ والمرأَة فِي قَوْلِهِ رَجُلٌ رَبْعة وامرأَة رَبْعَةٌ فَصَارَ كَالِاسْمِ، والأَصل فِي بَابِ فَعْلة مِنَ الأَسماء مِثْلِ تَمْرة وجَفْنة أَن يُجْمَعَ عَلَى فَعَلات مِثْلِ تَمَرات وجَفَنات، وَمَا كَانَ مِنَ النُّعُوتِ عَلَى فَعْلة مِثْلِ شَاةٍ لَجْبة وامرأَة عَبْلة أَن يُجْمَعَ عَلَى فَعْلات بِسُكُونِ الْعَيْنِ وإِنما جُمِعَ رَبْعة عَلَى رَبَعات وَهُوَ نَعْتٌ لأَنه أَشبه الأَسماء لِاسْتِوَاءِ لَفْظِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ فِي وَاحِدِهِ؛ قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ امرأَة رَبْعة وَنِسْوَةٌ رَبْعات، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ رَبْعة وَرِجَالٌ رَبْعون فَيَجْعَلُهُ كَسَائِرِ النُّعُوتِ. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:

أَطول مِنَ المَرْبوع وأَقْصَر مِنَ المُشَذَّب

؛ فالمشذَّب: الطَّوِيلُ الْبَائِنُ، والمَرْبوعُ: الَّذِي لَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ، فَالْمَعْنَى أَنه لَمْ يَكُنْ مُفرط الطُّولِ وَلَكِنْ كَانَ بَيْنَ الرَّبْعة والمُشَذَّب. والمَرابيعُ مِنَ الْخَيْلِ: المُجْتَمِعةُ الخَلْق. والرَّبْعة، بِالتَّسْكِينِ: الجُونة جُونة العَطَّار. وَفِي حَدِيثِ

هِرَقْل: ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كالرَّبْعة الْعَظِيمَةِ

؛ الرَّبْعة: إِناء مُربَّع كالجُونة. والربَعَة: الْمَسَافَةُ بَيْنَ قَوَائِمِ الأَثافي والخِوان. وحملْت رَبْعَه أَي نَعْشَه. والربيعُ: الجَدْوَلُ. والرَّبيعُ: الحَظُّ مِنَ الْمَاءِ مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ الحَظّ مِنْهُ رُبْع يَوْمٍ أَو لَيْلَةٍ؛ وَلَيْسَ بالقَوِيّ. وَالرَّبِيعُ: السَّاقِيَةُ الصَّغِيرَةُ تَجْرِي إِلى النَّخْلِ، حِجَازِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَرْبِعاء ورُبْعان. وَتَرَكْنَاهُمْ عَلَى رَباعاتِهم «1» ورِباعَتِهم، بِكَسْرِ الرَّاءِ، ورَبَعاتهم ورَبِعاتِهم، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، أَي حالةٍ حسَنةٍ مِنَ اسْتقامتهم وأَمْرِهم الأَوَّل، لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ حُسْنِ الْحَالِ، وَقِيلَ: رِباعَتُهم شَأْنُهم، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رَبَعاتُهم ورَبِعاتُهم مَنازِلُهم. وَفِي كِتَابِهِ لِلْمُهَاجِرِينَ والأَنصار:

إِنهم أُمَّة وَاحِدَةٌ عَلَى رِباعتهم

أَي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ؛ يُرِيدُ أَنهم عَلَى أَمرهم الَّذِي كَانُوا عليه.

(1). قوله [رباعاتهم إلخ] ليست هذه اللغة في القاموس وعبارته: هم على رباعتهم ويكسر ورباعهم وربعاتهم محركة وربعاتهم ككتف وربعتهم كعنبة.

ص: 107

ورِباعةُ الرَّجُلِ: شأْنه وحالهُ الَّتِي هُوَ رابِعٌ عَلَيْهَا أَي ثَابِتٌ مُقيمٌ. الْفَرَّاءُ: النَّاسُ عَلَى سَكَناتهم ونَزلاتهم ورَباعتهم ورَبَعاتهم يَعْنِي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ. وَوَقَعَ فِي كِتَابِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لِيَهُودَ عَلَى رِبْعَتهم؛ هَكَذَا وُجِدَ فِي سِيَر ابْنِ إِسحاقَ وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ هِشَامٍ. وَفِي حَدِيثِ

المُغيرة: أَن فُلَانًا قَدِ ارْتَبَعَ أَمْرَ الْقَوْمِ

أَي يَنْتَظِرُ أَن يُؤَمَّر عَلَيْهِمْ؛ وَمِنْهُ المُسْتَرْبِعُ المُطيقُ لِلشَّيْءِ. وَهُوَ عَلَى رِبَاعَةِ قَوْمِهِ أَي هُوَ سَيِّدهم. وَيُقَالُ: مَا فِي بَنِي فُلَانٍ مَنْ يَضْبِطُ رِباعَته غَيْرُ فُلَانٍ أَي أَمْرَه وشأْنه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا فِي بَنِي فُلَانٍ أَحد تُغْني رِباعَتُه؛ قَالَ الأَخطل:

مَا فِي مَعَدٍّ فَتًى تُغْنِي رِباعَتُه،

إِذا يَهُمُّ بأَمْرٍ صالِحٍ فَعَلا

والرِّباعةُ أَيضاً: نَحْوٌ مِنَ الحَمالة. والرَّباعةُ والرِّباعة: الْقَبِيلَةُ. والرَّباعِيةُ مِثْلُ الثَّمَانِيَةِ: إِحدى الأَسنان الأَربع الَّتِي تَلِي الثَّنايا بَيْنَ الثَّنِيّة وَالنَّابِ تَكُونُ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ رَباعِياتٌ؛ قَالَ الأَصمعي: للإِنسان مِنْ فَوْقُ ثَنِيّتان ورَباعِيتان بَعْدَهُمَا، ونابانِ وضاحِكان وستةُ أَرْحاء مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وناجِذان، وَكَذَلِكَ مِنْ أَسفل. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِكُلِّ خُفّ وظِلْف ثَنِيّتان مِنْ أَسفل فَقَطْ، وأَما الحافرُ والسِّباع كلُّها فَلَهَا أَربع ثَنايا، وَلِلْحَافِرِ بَعْدَ الثَّنَايَا أَربعُ رَباعِيات وأَربعة قَوارِحَ وأَربعة أَنْياب وَثَمَانِيَةُ أَضراس. وأَرْبَعَ الفرسُ وَالْبَعِيرُ: أَلقى رَباعِيته، وَقِيلَ: طَلَعَتْ رَباعِيتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَمْ أَجد إِلا جَمَلًا خِياراً رَباعِياً

، يُقَالُ لِلذَّكَرِ مِنَ الإِبل إِذا طلَعت رَباعِيتُه: رَباعٌ ورَباعٍ، وللأُنثى رَباعِيةٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وَذَلِكَ إِذا دَخَلَا فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ. وَفَرَسٌ رَباعٍ مِثْلُ ثَمان وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ وَالْبَعِيرُ، وَالْجَمْعُ رُبَع، بِفَتْحِ الْبَاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورُبْع، بِسُكُونِ الْبَاءِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَرباع ورِباع، والأُنثى رَباعية؛ كُلُّ ذَلِكَ لِلَّذِي يُلقِي رَباعيته، فإِذا نَصَبْتَ أَتممت فَقُلْتَ: رَكِبْتُ بِرْذَوْناً رَباعياً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ حِمَارًا وحْشيّاً:

رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبَا

وَالْجَمْعُ رُبُعٌ مِثْلُ قَذال وقُذُل، ورِبْعان مِثْلُ غَزال وغِزْلان؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْغَنَمِ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ، وَلِلْبَقَرِ وَالْحَافِرِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وللخُفّ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، أَرْبَعَ يُرْبِع إِرْباعاً، وَهُوَ فَرَسٌ رَباع وَهِيَ فَرَسٌ رَباعِية. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الْخَيْلُ تُثْنِي وتُرْبِع وتُقْرِح، والإِبل تُثْنِي وتُرْبِع وتُسْدِسُ وتَبْزُلُ، وَالْغَنَمُ تُثْنِي وتُرْبِع وتُسدس وتَصْلَغُ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا اسْتَتَمَّ سَنَتَيْنِ جَذَع، فإِذا اسْتَتَمَّ الثَّالِثَةَ فَهُوَ ثَنيّ، وَذَلِكَ عِنْدَ إِلقائه رَواضِعَه، فإِذا اسْتَتَمَّ الرَّابِعَةَ فَهُوَ رَباع، قَالَ: وإِذا سَقَطَتْ رَواضِعه وَنَبَتَ مَكَانَهَا سِنّ فَنَبَاتُ تِلْكَ السِّنِّ هُوَ الإِثْناء، ثُمَّ تَسْقُط الَّتِي تَلِيهَا عِنْدَ إِرباعه فَهِيَ رَباعِيته، فيَنْبُت مَكَانَهُ سِنٌّ فَهُوَ رَباع، وَجَمْعُهُ رُبُعٌ وأَكثر الْكَلَامِ رُبُعٌ وأَرْباع. فإِذا حَانَ قُرُوحه سَقَطَ الَّذِي يَلِي رَباعيته، فَيَنْبُتُ مَكَانَهُ قارِحُه وَهُوَ نابُه، وَلَيْسَ بَعْدَ الْقُرُوحِ سقُوط سِنّ وَلَا نَبَاتُ سِنٍّ؛ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ إِذا طعَن البعيرُ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ فَهُوَ جذَع، فإِذا طَعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَهُوَ ثَنِيّ، فإِذا طَعَنَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ فَهُوَ رَباع، والأُنثى رَباعِية، فإِذا طَعَنَ فِي الثَّامِنَةِ فَهُوَ سَدَسٌ وسَدِيس، فإِذا طَعَنَ فِي التَّاسِعَةِ فَهُوَ بازِل،

ص: 108

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تُجْذِع العَناق لِسَنَةٍ، وتُثْنِي لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ، وَهِيَ رَباعِية لِتَمَامِ ثَلَاثِ سِنِينَ، وسَدَسٌ لِتَمَامِ أَربع سِنِينَ، وصالِغٌ لِتَمَامِ خَمْسِ سِنِينَ. وَقَالَ أَبو فَقْعَسٍ الأَسدي: وَلَدُ الْبَقَرَةِ أَوّل سَنَةٍ تَبِيعٌ ثُمَّ جذَع ثُمَّ ثَنِيّ ثُمَّ رَباع ثُمَّ سَدَس ثُمَّ صالغٌ، وَهُوَ أَقصى أَسنانه. والرَّبيعة: الرَّوْضة. والرَّبيعة: المَزادَة. والرَّبيعة: العَتِيدة. وحَرْب رَباعِية: شَدِيدَةٌ فَتِيَّة، وَذَلِكَ لأَن الإِرْباع أَول شِدَّةِ الْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ، فَهِيَ كَالْفَرَسِ الرَّباعي وَالْجَمَلِ الرَّباعي وَلَيْسَتْ كَالْبَازِلِ الذي هو في إِدبار وَلَا كالثَنيِّ فَتَكُونُ ضَعِيفَةً؛ وأَنشد:

لأُصْبِحَنْ ظَالِمًا حَرْباً رَباعِيةً

فاقْعُدْ لَهَا، ودَعَنْ عنكَ الأَظانِينا

قَوْلُهُ فاقْعُد لها أَي هيِء لَهَا أَقْرانَها. يُقَالُ: قَعَدَ بَنُو فُلَانٍ لِبَنِي فُلَانٍ إِذا أَطاقوهم وَجَاؤُوهُمْ بأَعْدادهم، وَكَذَلِكَ قَعد فُلَانٌ بِفُلَانٍ، وَلَمْ يُفَسِّرِ الأَظانين، وجملٌ رباعٍ: كرباعٌ «2» وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا ثمانٍ وشَناحٍ فِي ثمانٌ وشناحٌ؛ والشناحُ: الطَّوِيلُ. والرَّبِيعةُ: بَيْضَةُ السِّلَاحِ الْحَدِيدِ. وأَرْبَعَت الإِبل بالوِرْد: أَسْرَعت الْكَرَّ إِليه فَوَرَدَتْ بِلَا وَقْتٍ، وَحَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ. والمُرْبِعُ: الَّذِي يُورِد كلَّ وَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ. وأَرْبَع بالمرأَة: كَرَّ إِلى مُجامَعتها مِنْ غَيْرِ فَتْرة، وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عذَم قَالَ: والمرأَة تَعْذَم الرجلَ إِذا أَرْبَع لَهَا بِالْكَلَامِ أَي تَشْتُمه إِذا سأَلها المَكْروه، وَهُوَ الإِرْباعُ. والأَرْبِعاء والأَرْبَعاء والأَرْبُعاء: الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الأُسْبوع لأَن أَوّل الأَيام عِنْدَهُمُ الأَحد بِدَلِيلِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ ثُمَّ الِاثْنَانِ ثُمَّ الثُّلَاثَاءُ ثُمَّ الأَربعاء، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَصُّوهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ كَمَا اخْتَصُّوا الدَّبَرانَ والسِّماك لِما ذَهَبُوا إِليه مِنَ الفَرْق. قَالَ الأَزهري: مَنْ قَالَ أَربعاء حَمَلَهُ عَلَى أَسْعِداء. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَسَد فَتْحُ الْبَاءِ فِي الأَربعاء، وَالتَّثْنِيَةُ أَرْبعاوان وَالْجَمْعُ أَربعاوات، حُمِل عَلَى قِيَاسِ قَصْباء وَمَا أَشبهها. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كَانَ أَبو زِيَادٍ يَقُولُ مَضَى الأَربعاء بِمَا فِيهِ فيُفْرده وَيُذَكِّرُهُ، وَكَانَ أَبو الْجَرَّاحِ يَقُولُ مَضَتِ الأَربعاء بِمَا فِيهِنَّ فَيُؤَنِّثُ وَيَجْمَعُ يُخْرِجُهُ مَخْرَجَ الْعَدَدِ، وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِي جَمْعِهِ أَرابيع؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْ هَذَا عَلَى ثِقَةٍ. وَحُكِيَ أَيضاً عَنْهُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: لَا تَك أَرْبعاوِيّاً أَي مِمَّنْ يَصُومُ الأَربعاء وَحْدَهُ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: بَنَى بَيْته عَلَى الأَرْبُعاء وَعَلَى الأَرْبُعاوَى، وَلَمْ يَأْتِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ غَيْرُهُ، إِذا بَنَاهُ عَلَى أَربعة أَعْمِدة. والأَرْبُعاء والأَرْبُعاوَى: عَمُودٌ مِنْ أَعْمِدة الخِباء. وَبَيْتٌ أَرْبُعاوَى: عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى طَرِيقَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وأَربع. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ بَيْتٌ أُرْبُعاواء عَلَى أُفْعُلاواء، وَهُوَ الْبَيْتُ عَلَى طَرِيقَتَيْنِ، قَالَ: وَالْبُيُوتُ عَلَى طَرِيقَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وأَربع وَطَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ خِبَاءٌ، وَمَا زَادَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَهُوَ بَيْتٌ، والطريقةُ: العَمَدُ الْوَاحِدُ، وكلُّ عَمُودٍ طريقةٌ، وَمَا كَانَ بَيْنَ عَمُودَيْنِ فَهُوَ مَتْنٌ. ومَشت الأَرْنَبُ الأُرْبَعا، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَالْقَصْرِ: وَهِيَ ضَرْبٌ مِنَ المَشْي. وتَرَبَّع فِي جُلُوسِهِ وَجَلَسَ الأُرْبَعا عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ «3» : وَهِيَ ضَرْبٌ مِنَ الجِلَس، يَعْنِي جَمْعَ جِلْسة. وَحَكَى كُرَاعٌ: جلَس الأُربُعَاوى أَي مُتَرَبِّعًا، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ. أَبو زَيْدٍ: اسْتَرْبَع الرَّملُ إِذا تراكم

(2). في القاموس: جملٌ رباعٍ ورباعٌ.

(3)

. قوله [عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ] الذي حكاه المجد ضم الهمزة والباء مع المد.

ص: 109

فَارْتَفَعَ؛ وأَنشد:

مُسْتَرْبِع مِنْ عَجاجِ الصَّيْف مَنْخُول

واستربَعَ البعيرُ لِلسَّيْرِ إِذا قَوِي عَلَيْهِ. وارْتَبَعَ البَعيرُ يَرْتَبِعُ ارْتباعاً: أَسرع ومَرَّ يَضْرِبُ بِقَوَائِمِهِ كُلِّهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

كأَنَّ تَحْتي أَخْدرِيًّا أَحْقَبا،

رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبا،

عَرْدَ التَّرَاقِي حَشْوَراً مُعَرْقَبا «1»

وَالِاسْمُ الرَّبَعةُ وَهِيَ أَشدّ عَدْو الإِبل؛ وأَنشد الأَصمعي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأَبي دُوَادَ الرُّؤَاسي:

واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه

أُمُّ الفَوارِس بالدِّئْداء والرَّبَعهْ

وَهَذَا الْبَيْتُ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي شدَّة الأَمر؛ يَقُولُ: ركِبَت هَذِهِ المرأَة الَّتِي لَهَا بَنُونَ فوارِسُ بَعِيرًا مِنْ عُرْض الإِبل لَا مِنْ خِيَارِهَا وَهِيَ أَرْبَعُهن لَقاحاً أَي أَسْرَعُهنّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. ورَبَع عَلَيْهِ وَعَنْهُ يَرْبَعُ رَبْعاً: كَفَّ. وربَعَ يَرْبَعُ إِذا وقَفَ وتَحَبَّس. وَفِي حَدِيثِ

شُرَيْح: حَدِّثِ امرأَةً حَدِيثين، فإِن أَبت فارْبَعْ

؛ قِيلَ فِيهِ: بِمَعْنَى قِفْ واقْتَصِر، يَقُولُ: حَدّثها حَدِيثَيْنِ فإِن أَبت فأَمْسِك وَلَا تُتْعِب نَفْسَكَ، وَمَنْ قَطْعَ الْهَمْزَةَ قَالَ: فأَرْبَعْ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلْبَلِيدِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ أَي كرِّر الْقَوْلَ عَلَيْهَا أَرْبَع مَرَّاتٍ وارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ رَبْعاً أَي كُفَّ وارْفُق، وارْبَع عَلَيْكَ وارْبَع عَلَى ظَلْعك كَذَلِكَ مَعْنَاهُ: انْتَظِرْ؛ قَالَ الأَحوص:

مَا ضَرَّ جِيرانَنا إِذ انْتَجَعوا،

لَوْ أَنهم قَبْلَ بَيْنِهم رَبَعُوا؟

وَفِي حَدِيثِ

سُبَيْعةَ الأَسْلَمِية: لَمَّا تَعَلَّت مِنْ نِفاسها تَشَوَّفَت للخُطَّاب، فَقِيلَ لَهَا: لَا يَحِلّ لكِ، فسأَلت النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا: ارْبَعي عَلَى نَفْسك

؛ قِيلَ لَهُ تأْويلان: أَحدهما أَن يَكُونَ بِمَعْنَى التَّوقُّف وَالِانْتِظَارِ فَيَكُونُ قَدْ أَمرها أَن تَكُفّ عَنِ التَّزَوُّجِ وأَن تَنْتَظِر تَمام عدَّة الوَفاة عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إِن عِدَّتَهَا أَبْعدُ الأَجَلَيْن، وَهُوَ مِنْ رَبَعَ يَرْبَع إِذا وَقَفَ وَانْتَظَرَ، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ مِنْ رَبَع الرَّجُلُ إِذا أَخْصَب، وأَرْبَعَ إِذا دَخَلَ فِي الرَّبيع، أَي نَفِّسي عَنْ نَفْسِكِ وأَخْرِجيها مِنْ بُؤْس العِدَّة وسُوء الْحَالِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ عِدَّتَهَا أَدْنى الأَجلين، وَلِهَذَا قَالَ

عُمَرُ، رضي الله عنه: إِذا وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيره يَعْنِي لَمْ يُدْفَن جَازَ لَهَا أَن تَتزوَّج.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فإِنه لَا يَرْبَع عَلَى ظَلْعِك مَنْ لَا يَحْزُنُه أَمْرُك

أَي لَا يَحْتَبِس عَلَيْكَ ويَصْبِر إِلا مَنْ يَهُمُّه أَمرُك. وَفِي حَدِيثِ

حَلِيمة السَّعْدية: اربَعِي عَلَيْنَا

أَي ارْفُقِي وَاقْتَصِرِي. وَفِي حَدِيثِ

صِلةَ بْنِ أَشْيَم قُلْتُ لَهَا: أَي نَفْسِ جُعِل رزْقُكِ كَفافاً فارْبَعي، فَرَبعت وَلَمْ تَكَد

، أَي اقْتصِري عَلَى هَذَا وارْضَيْ بِهِ. ورَبَعَ عَلَيْهِ رَبْعاً: عطَفَ، وَقِيلَ: رَفَق. واسْتَرْبَع الشيءَ: أَطاقه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

لَعَمْري، لَقَدْ ناطَتْ هَوازِنُ أَمْرَها

بمُسْتَرْبِعِينَ الحَرْبَ شُمِّ المَناخِرِ

أَي بمُطِيقين الْحَرْبَ. وَرَجُلٌ مُسْتَرْبِع بِعَمَلِهِ أَي مُسْتَقِلٌّ بِهِ قَوِيٌّ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو وجزةَ:

(1). قوله [معرقبا] نقله المؤلف في مادة عرد معقربا.

ص: 110

لاعٍ يَكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،

مُسْتَرْبِعٌ بسُرى المَوْماةِ هَيّاج

اللَّاعِي: الَّذِي يُفْزِعه أَدنى شَيْءٍ. ويُفْرِطُه: يَمْلَؤُه رَوعاً حَتَّى يَذْهَبَ بِهِ؛ وأَما قَوْلُ صَخْرٍ:

كَرِيمُ الثَّنا مُسْتَرْبِع كُلَّ حاسِد

فَمَعْنَاهُ أَنه يَحْتَمِلُ حسَده ويَقْدِر؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا كُلُّهُ مِنْ رَبْع الْحَجَرِ وإِشالَته. وتَرَبَّعَت الناقةُ سَناماً طَوِيلًا أَي حَمَلَتْهُ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:

وَحَائِلٍ بازِل ترَبَّعت، الصَّيفَ،

طَويلَ العِفاء، كالأُطُم

فإِنه نَصَبَ الصَّيْفَ لأَنه جَعَلَهُ ظَرْفًا أَي تَرَبَّعَتْ فِي الصَّيْفِ سَناماً طَوِيلَ العِفاء أَي حَمَلَتْهُ، فكأَنه قَالَ: تربَّعت سَناماً طَوِيلًا كَثِيرَ الشَّحْمِ. والرُّبُوعُ: الأَحْياء. والرَّوْبَع والرَّوْبعةُ: دَاءٌ يأْخذ الْفِصَالَ. يُقَالُ: أَخَذه رَوْبَعٌ ورَوْبَعةٌ أَي سُقوط مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

كَانَتْ قُفَيْرةُ باللِّقاحِ مُرِبَّةً

تَبْكي إِذا أَخَذَ الفَصيلَ الرَّوْبَعُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ رُؤْبَةُ:

ومَنْ هَمَزْنا عِزَّه تبَرْكَعا،

عَلَى اسْتِه، رَوْبعةً أَو رَوْبَعا

قال: ذَكَرَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْجَوْهَرِيُّ بِالزَّايِ، وَصَوَابُهُ بِالرَّاءِ رَوْبَعَةً أَو رَوْبَعًا؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِ رؤْبة وَفُسِّرَ بأَنه القصِير الْحَقِيرُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ العُرْقوبِ، وَقِيلَ: النَّاقِصُ الخَلْقِ، وأَصله فِي وَلَدِ النَّاقَةِ إِذا خَرَجَ نَاقِصَ الْخَلْقِ؛ قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وأَنشد الرجز بِالرَّاءِ، وَقِيلَ: الرَّوْبع والرَّوبعة الضَّعِيفُ. واليَرْبُوع: دَابَّةٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ. وأَرض مَرْبَعةٌ: ذاتُ يَرابِيعَ. الأَزهري: واليَرْبُوعُ دُوَيْبَّة فَوْقَ الجُرَذِ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ. ويَرابيعُ المَتْن: لَحْمُهُ عَلَى التَّشْبِيهِ باليَرابيع؛ قَالَهُ كُرَاعٌ، وَاحِدُهَا يَرْبوع فِي التَّقْدِيرِ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ لأَنهم لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَعْلول، وَقَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ. أَحمد بْنُ يَحْيَى: إِن جَعَلْتَ وَاوَ يَرْبُوعٍ أَصلية أَجْريت الِاسْمَ الْمُسَمَّى بِهِ، وإِن جَعَلْتَهَا غَيْرَ أَصلية لَمْ تُجْرِه وأَلحقته بأَحمد، وَكَذَلِكَ وَاوُ يَكْسُوم. وَالْيَرَابِيعُ: دوابٌّ كالأَوْزاغ تَكُونُ فِي الرأْس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

فقَأْن بالصَّقْع يَرابيعَ الصادْ

أَراد الصَّيدَ فأَعلَّ عَلَى الْقِيَاسِ الْمَتْرُوكِ. وَفِي حَدِيثِ صَيْد الْمُحْرِمِ:

وَفِي اليَرْبوع جَفْرة

؛ قِيلَ: اليَرْبوع نَوْعٌ مِنَ الفأْر؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ زَائِدَتَانِ. ويَرْبُوع: أَبو حَيّ مِنْ تَميم، وَهُوَ يَرْبُوعُ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. وَيَرْبُوعٌ أَيضاً: أَبو بَطن مِنْ مُرَّةَ، وَهُوَ يَرْبُوعِ بْنِ غَيْظ بْنِ مرَّة بْنِ عَوْف بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبيان، مِنْهُمُ الحرث بْنُ ظَالِمٍ الْيَرْبُوعِيُّ المُرِّي. والرَّبْعةُ: حَيّ مِنَ الأَزْد؛ وأَما قولُ ذِي الرُّمَّة:

إِذا ذابَتِ الشمْسُ، اتَّقَى صَقَراتِها

بأَفْنانِ مَرْبُوع الصَّرِيمةِ مُعْبِل

فإِنما عَنَى بِهِ شَجَرًا أَصابه مَطَرُ الرَّبِيعِ أَي جَعَلَهُ شَجَرًا مَرْبُوعاً فَجَعَلَهُ خَلَفاً مِنْهُ. والمَرابِيعُ: الأَمطار الَّتِي تجيءُ فِي أَوَّل الرَّبِيعِ؛

ص: 111

قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الدِّيَارَ:

رُزِقَتْ مَرابِيعَ [مَرابَيعَ] النُّجومِ، وَصَابَهَا

وَدْقُ الرَّواعِد: جَوْدُها فرِهامُها

وَعَنَى بِالنُّجُومِ الأَنْواء. قَالَ الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي مَرابِيعُ النُّجُومِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْمَطَرُ فِي أَوَّل الأَنْواء. والأَرْبَعاء: مَوْضِعٌ «1» ورَبِيعةُ: اسْمٌ. والرَّبائع: بُطون مِنْ تَمِيمٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَفِي تَميم رَبِيعتانِ: الْكُبْرَى وَهُوَ رَبِيعة بْنُ مَالِكِ بْنِ زَيْد مَناةَ بْنِ تَمِيمٍ وَهُوَ رَبِيعَةُ الجُوع، وَالْوُسْطَى وَهُوَ رَبيعة بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ. ورَبِيعةُ: أَبو حَيّ مِنْ هَوازِن، وَهُوَ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعةَ وَهُمْ بَنُو مَجْدٍ، ومجدٌ اسْمُ أُمهم نُسِبوا إِليها. وَفِي عُقَيْل رَبيعتان: رَبِيعة بن عُقَيل وهو أَبو الخُلَعاء، وَرَبِيعَةُ بْنُ عَامِرِ بن عُقيل وهو أَبو الأَبْرص وقُحافةَ وعَرْعرةَ وقُرّةَ وَهُمَا يُنْسَبَانِ للرَّبيعتين. ورَبِيعةُ الفرَس: أَبو قَبِيلة رَجُلٌ من طيّء وأَضافوه كَمَا تُضَافُ الأَجناس، وَهُوَ رَبِيعة بْنِ نِزار بْنِ مَعدّ بْنِ عَدْنان، وإِنما سُمِّيَ رَبِيعَةَ الفَرَس لأَنه أُعطي مِنْ مَالِ أَبيه الْخَيْلَ وأُعطي أَخوه الذهَب فَسُمِّيَ مُضَر الحَمْراء، وَالنِّسْبَةُ إِليهم رَبَعي، بِالتَّحْرِيكِ. ومِرْبَع: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَن سَيَقْتُل مِرْبعاً،

أَبْشِرْ بِطُول سَلامةٍ يَا مِرْبَع

وَسَمَّتِ الْعَرَبُ رَبِيعاً ورُبَيْعاً ومِرْبَعاً ومِرْباعاً؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

صَخِبُ الشَّوارِبِ لَا يَزالُ، كأَنه

عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبِيعةَ مُسْبَعُ

أَراد آلَ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ لأَنهم كَثِيرُو الأَموال وَالْعَبِيدِ وأَكثر مَكَّةَ لَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ مِرْبع، بِكَسْرِ الميم: هو مالُ مِرْبَعٍ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي حارِثةَ، فأَمّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ جَبَلٌ قُرْبَ مَكَّةَ. والهُدْهُد يُكنَّى أَبا الرَّبِيع. والرَّبائعُ: مَواضِعُ؛ قَالَ:

جَبَلٌ يَزِيدُ عَلَى الجِبال إِذا بَدا،

بَيْنَ الرَّبائعِ والجُثومِ مُقِيمُ

والتِّرْباعُ أَيضاً: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ:

لِمَنِ الدِّيارُ عَفَوْنَ بالرَّضمِ،

فَمَدافِعِ التِّرْباعِ فالرَّجمِ «2»

ورِبْع: اسْمُ رَجُلٍ من هُذَيْل.

رتع: الرَّتْعُ: الأَكل وَالشُّرْبُ رَغَداً فِي الرِّيف، رَتَعَ يَرْتَعُ رَتْعاً ورُتوعاً ورِتاعاً، وَالِاسْمُ الرَّتْعةُ والرَّتَعةُ. يُقَالُ: خَرَجْنَا نَرْتَعُ ونَلْعب أَي نَنْعَم ونَلْهُو. وَفِي حَدِيثِ

أُمّ زَرْع: فِي شِبَعٍ ورِيٍّ ورَتْعٍ

أَي تَنَعُّمٍ. وَقَوْمٌ مُرْتِعُون: راتِعُون إِذا كَانُوا مَخاصِيبَ، وَالْمَوْضِعُ مَرْتَعٌ، وكلُّ مُخْصِب مُرْتِع. ابْنُ الأَعرابي: الرَّتْع الأَكل بشَرَهٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا مَرَرْتُم بِرياضِ الْجَنَّةِ فارْتَعُوا

؛ أَراد بِرياض الْجَنَّةِ ذِكر اللَّهِ، وشبَّه الخَوْضَ فِيهِ بالرَّتْع فِي الخِصْب. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِخوة يُوسُفَ: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ

؛ أَي يَلْهُو ويَنْعَم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَسْعَى وينْبَسِط، وَقِيلَ: مَعْنَى يَرتَع يأْكل؛ واحتج بقوله:

(1). قوله [والأَربعاء موضع] حكي فيه أيضاً ضم أوله وثالثه، انظر معجم ياقوت.

(2)

. قوله [الرضم والرجم] ضبطا في الأصل بفتح فسكون، وبمراجعة ياقوت تعلم أن الرجم بالتحريك وهما موضعان.

ص: 112

وحَبِيبٌ لِي إِذا لاقَيْتُه،

وإِذا يَخْلو لَهُ لَحْمِي رَتَعْ «1»

مَعْنَاهُ أَكله، وَمَنْ قرأَ نَرتع، بِالنُّونِ «2» ، أَراد نَرْتَعْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَرْتَعْ، الْعَيْنُ مَجْزُومَةٌ لَا غَيْرَ، لأَن الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ أَرسله معرفة وغَداً مَعْرِفَةٌ وَلَيْسَ فِي جَوَابِ الأَمر وَهُوَ يَرْتَعْ إِلَّا الْجَزْمُ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ بدل المعرفة نكرة كقولك أَرسل رَجُلًا يَرتع جَازَ فِيهِ الرَّفْعُ وَالْجَزْمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ويقاتلُ، الْجَزْمُ لأَنه جَوَابُ الشَّرْطِ، وَالرَّفْعُ عَلَى أَنها صِلَةٌ لِلْمَلِكِ كأَنه قَالَ ابْعَثْ لَنَا الَّذِي يُقَاتِلُ. والرتْعُ: الرَّعيُ فِي الخِصْبِ. قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ

الغَضْبان الشَّيْباني مَعَ الحَجّاج أَنه قَالَ لَهُ: سَمِنْتَ يَا غَضْبان فَقَالَ: الخَفْضُ والدَّعَةُ، والقَيْدُ والرَّتَعَة، وقِلّة التَّعْتَعة، وَمَنْ يَكُنْ ضَيْفَ الأَمير يَسْمَن

؛ الرَّتَعَة: الِاتِّسَاعُ فِي الْخِصْبِ. قَالَ أَبو طَالِبٍ: سَمَاعِيٌّ مِنْ أَبي عَنِ الِفَرَّاءِ والرَّتَعةُ مُثَقّل؛ قَالَ: وَهُمَا لُغَتَانِ: الرتَعة والرتْعة؛ بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هُوَ يَرْتَع أَي أَنه فِي شَيْءٍ كَثِيرٍ لَا يُمْنع مِنْهُ فَهُوَ مُخْصِب. قَالَ أَبو طَالِبٍ: وأَوّل مَنْ قَالَ القَيْدُ والرتعةُ عَمْرُو بْنُ الصَّعِق بْنِ خُوَيْلد بْنِ نُفَيْل بْنِ عَمْرِو بْنِ كِلاب، وَكَانَتْ شاكرٌ مِنْ هَمْدان أَسَرُوه فأَحسنوا إِليه ورَوَّحُوا عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ يومَ فارَق قومَه نَحِيفًا فهرَب مِنْ شَاكِرٍ فَلَمَّا وَصَلَ إِلى قَوْمِهِ قَالُوا: أَيْ عَمرُو خَرجت مِنْ عِنْدِنَا نَحِيفاً وأَنت الْيَوْمَ بادِنٌ فَقَالَ: القيدُ والرَّتعةُ، فأَرسلها مَثَلًا. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَرْتع، مَعْنَاهُ هُوَ مُخْصِب لَا يَعْدَم شَيْئًا يُرِيدُهُ. ورتَعَت الماشِيَةُ تَرْتَع رَتْعاً ورُتُوعاً: أَكلت مَا شَاءَتْ وَجَاءَتْ وَذَهَبَتْ فِي المَرْعَى نَهَارًا، وأَرْتَعْتُها أَنا فَرَتَعت. قَالَ: والرَّتْع لَا يَكُونُ إِلا فِي الخِصْب وَالسَّعَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ: إِني وَاللَّهِ أُرْتِعُ فأُشْبِعُ

؛ يُرِيدُ حُسْن رِعايَتِه للرَّعِيَّة وأَنه يَدَعُهم حَتَّى يَشْبَعُوا فِي المَرْتع. وماشِيةٌ رُتَّعٌ ورُتُوع ورَواتِعُ وَرِتاعٌ، وأَرْتَعَها: أَسامها. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ زِمْلٍ: فَمِنْهُمُ المُرْتِع

أَي الَّذِي يُخَلِّي رِكابَه تَرْتَع. وأَرْتَع الغيْثُ أَي أَنْبت مَا تَرْتَع فِيهِ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُرْبِعاً مُرْتِعاً

أَي يُنْبِت مِنَ الكَلإِ مَا تَرْتع فِيهِ المَواشِي وتَرعاه، وَقَدْ أَرْتَعَ المالَ وأَرْتَعَتِ الأَرضُ. وغَيث مُرْتِع: ذُو خِصب. ورَتَع فُلَانٌ فِي مَالِ فُلَانٍ: تَقلَّب فِيهِ أَكلًا وَشُرْبًا، وإِبل رِتاع. وأَرْتَعَ القومُ: وَقَعُوا فِي خِصب ورَعَوْا. وَقَوْمٌ رَتِعُون مُرْتِعُون، وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ كَطَعِم، وَكَذَلِكَ كَلأٌ رَتِع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي فَقْعس الأَعرابي فِي صِفَةِ كلإٍ: خَضِعٌ مَضِعٌ ضَافٍ رَتِعٌ، أَراد خَضِع مَضِغ، فَصَيَّرَ الْغَيْنَ عَيْنًا مُهْمَلَةً لأَن قَبْلَهُ خَضِع وَبَعْدَهُ رتِع، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرًا. وأَرْتعتِ الأَرضُ: كَثُرَ كَلَؤها. وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ المَراتِع فِي النَّعم. والرَّتَّاعُ: الَّذِي يَتَتَبَّعُ بإِبله المَراتِع المخْصِبة. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ أَتَيْت عَلَى أَرض مُرْتِعة وَهِيَ الَّتِي قَدْ طَمِعَ مالُها فِي الشِّبع. وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَنْ يَرْتَع حَوْل الحِمى يُوشِك أَن يُخالِطه

أَي يَطُوفُ به ويَدُور حولَه.

(1). قوله [وحبيب لي إذا إلخ] في هامش الأصل بدل وحبيب لي ويحييني إذا إلخ.

(2)

. قوله [وَمَنْ قَرَأَ نَرْتَعْ بِالنُّونِ إلخ] كذا بالأصل، وقال المجد وشرحه: وقرئ نرتع، بضم النون وكسر التاء، ويلعب بالياء، أي نرتع نحن دوابنا ومواشينا ويلعب هو. وقرئ بالعكس أي يرتع هو دوابنا ونلعب جميعاً، وقرئ بالنون فيهما.

ص: 113

رثع: الرَّثَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الطَّمَعُ والحِرْص الشَّدِيدُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَصِفُ الْقَاضِيَ: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ مُلْقِياً للرَّثَع مُتَحَمِّلًا للَّائِمة

؛ الرثَع، بِفَتْحِ الثَّاءِ: الدَّناءةُ والشَّرَهُ والحِرْص ومَيْلُ النَّفْسِ إِلى دَنيء المَطامِع؛ وَقَالَ:

وأَرْقَعُ الجَفْنةَ بالهَيْهِ الرَّثِعْ

والهَيْهُ: الَّذِي يُنَحَّى ويُطْرد، يُقَالُ لَهُ: هِيهِ هِيهِ، يُطْرَدُ لدَنَسِ ثِيابه. وَقَدْ رَثِعَ رَثَعاً، فَهُوَ رَثِعٌ: شرِه ورَضِي الدَّناءة، وَفِي الصِّحَاحِ: فَهُوَ راثِعٌ. وَرَجُلٌ رَثِعٌ: حَرِيص ذُو طَمَع. وَالرَّاثِعُ: الَّذِي يَرْضَى مِنَ الْعَطِيَّةِ بِالْيَسِيرِ ويُخادِن أَخْدانَ السُّوء، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ.

رجع: رَجَع يَرْجِع رَجْعاً ورُجُوعاً ورُجْعَى ورُجْعاناً ومَرْجِعاً ومَرْجِعةً: انْصَرَفَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى

، أَي الرُّجوعَ والمَرجِعَ، مَصْدَرٌ عَلَى فُعْلى؛ وَفِيهِ: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً*

، أَي رُجُوعكم؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِيمَا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي مِنْ فَعَلَ يَفْعِل عَلَى مَفْعِل، بِالْكَسْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاهُنَا اسمَ الْمَكَانِ لأَنه قَدْ تعدَّى بإِلى، وَانْتَصَبَتْ عَنْهُ الحالُ، وَاسْمُ الْمَكَانِ لَا يتعدَّى بِحَرْفٍ وَلَا تَنْتَصِبُ عَنْهُ الْحَالُ إِلا أَنّ جُملة الْبَابِ فِي فَعَلَ يَفْعِل أَن يَكُونَ الْمَصْدَرُ عَلَى مَفْعَل، بِفَتْحِ الْعَيْنِ. وراجَع الشيءَ ورَجع إِليه؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، ورَجَعْته أَرْجِعه رَجْعاً ومَرْجِعاً ومَرْجَعاً وأَرْجَعْتُه، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ، قَالَ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ عَنِ

الضَّبِّيين أَنهم قرؤُوا: أَفلا يرون أَن لا يُرْجِع إِليهم قَوْلًا

، وَقَوْلُهُ عز وجل: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً

؛ يَعْنِي الْعَبْدَ إِذا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَبصر وَعَرَفَ مَا كَانَ يُنْكِرُهُ فِي الدُّنْيَا يَقُولُ لِرَبِّهِ: ارْجِعونِ أَي رُدُّوني إِلى الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ ارْجِعُونِ

وَاقِعٌ هَاهُنَا وَيَكُونُ لَازِمًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ

؛ وَمَصْدَرُهُ لَازِمًا الرُّجُوعُ، وَمَصْدَرُهُ وَاقِعًا الرَّجْع. يُقَالُ: رَجَعْته رَجْعاً فرجَع رُجُوعاً يَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ اللَّازِمِ وَالْوَاقِعِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُبَلِّغه حَجَّ بيتِ اللَّهِ أَو تَجِب عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَلَمْ يَفْعَلْ سأَل الرَّجعةَ عِنْدَ الْمَوْتِ

أَي سأَل أَن يُرَدّ إِلى الدُّنْيَا ليُحْسن الْعَمَلَ ويَسْتَدْرِك مَا فَاتَ. والرَّجْعةُ: مَذْهَبُ قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ، وَمَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ فِرَق الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُولي البِدَع والأَهْواء، يَقُولُونَ: إِن الْمَيِّتَ يَرْجِعُ إِلى الدُّنْيَا وَيَكُونُ فِيهَا حَيًّا كَمَا كَانَ، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّافضة يَقُولُونَ: إِنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، مُسْتتِر فِي السَّحَابِ فَلَا يَخْرُجُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ وَلَدِهِ حَتَّى ينادِيَ مُنادٍ مِنَ السَّمَاءِ: اخْرُجْ مَعَ فُلَانٍ، قَالَ: وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَذْهَبِ السُّوءِ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ

؛ يُرِيدُ الْكُفَّارَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

، قَالَ: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أَي يَرُدُّون البِضاعةَ لأَنها ثَمَنُ مَا اكْتَالُوا وأَنهم لَا يأْخذون شَيْئًا إِلا بِثَمَنِهِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُونَ إِلينا إِذا عَلِموا أَنّ مَا كِيلَ لَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ ثَمَنُهُ يَعْنِي رُدّ إِليهم ثَمَنُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ: ولما رَجَعُوا إِلى أَبيهم قالُوا يَا أَبانا مَا نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَفَّل فِي البَدْأَة الرُّبع وَفِي الرَّجْعة الثُّلُثَ

؛ أَراد بالرَّجعة عَوْدَ طائفةٍ مِنَ الغُزاة إِلى الغَزْو بَعْدَ قُفُولهم فَيُنَفِّلهم الثُّلُثَ مِنَ الْغَنِيمَةِ لأَنّ نُهُوضَهُمْ بَعْدَ الْقُفُولِ أَشق وَالْخَطَرُ فِيهِ أَعظم. والرَّجْعة: الْمَرَّةُ مِنَ الرُّجُوعِ. وَفِي حَدِيثِ السّحُور:

فإِنه يُؤذِّن بِلَيْلٍ ليَرْجِعَ قائمَكم ويُوقِظَ نَائِمَكُمْ

؛ الْقَائِمُ: هُوَ

ص: 114

الَّذِي يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ. ورُجُوعُه عَوْدُه إِلى نَوْمِهِ أَو قُعُوده عَنْ صَلَاتِهِ إِذا سَمِعَ الأَذان، ورَجع فِعْلٌ قَاصِرٌ ومتَعَد، تَقُولُ: رَجَعَ زَيْدٌ ورَجَعْته أَنا، وَهُوَ هَاهُنَا مُتَعَدٍّ ليُزاوج يُوقِظ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ

؛ قِيلَ: إِنه عَلَى رَجْع الْمَاءِ إِلى الإِحْليل، وَقِيلَ إِلى الصُّلْب، وَقِيلَ إِلى صُلْبِ الرَّجُلِ وتَرِيبةِ المرأَة، وَقِيلَ عَلَى إِعادته حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَبِلَاهُ لأَنه الْمُبْدِئُ المُعيد سبحانه وتعالى، وَقِيلَ عَلَى بَعْث الإِنسان يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا يُقوّيه: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ؛ أَي قَادِرٌ عَلَى بَعْثِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَيُقَالُ: أَرجع اللهُ همَّه سُروراً أَي أَبدل هَمَّهُ سُرُورًا. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: رَجَّعه وأَرْجَعه نَاقَتَهُ بَاعَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَعطاه إِياها لِيَرْجِعَ عَلَيْهَا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَراجَع القومُ: رَجعُوا إِلى مَحَلِّهم. وَرَجَعَ الرجلُ وتَرجَّع: رَدَّدَ صَوْتَهُ فِي قِرَاءَةٍ أَو أَذان أَو غِناء أَو زَمْر أَو غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُتَرَنَّمُ بِهِ. والترْجيع فِي الأَذان: أَن يُكَرِّرَ قَوْلَهُ أَشهد أَن لَا إِله إِلَّا اللَّهُ، أَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وتَرْجيعُ الصَّوْتِ: تَرْدِيده فِي الحَلق كَقِرَاءَةِ أَصحاب الأَلحان. وَفِي صِفَةِ قِرَاءَتِهِ، صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الْفَتْحِ:

أَنه كَانَ يُرَجِّع

؛ الترجِيعُ: تَرْدِيدُ الْقِرَاءَةِ، وَمِنْهُ تَرْجِيعُ الأَذان، وَقِيلَ: هُوَ تَقارُب ضُروب الْحَرَكَاتِ فِي الصَّوْتِ، وَقَدْ حَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّل تَرْجِيعَهُ بِمَدِّ الصَّوْتِ فِي الْقِرَاءَةِ نَحْوُ آءْ آءْ آءْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا إِنما حَصَلَ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعلم، يَوْمَ الْفَتْحِ لأَنه كَانَ رَاكِبًا فَجَعَلَتِ النَّاقَةُ تُحرِّكه وتُنَزِّيه فحدَثَ الترجِيعُ فِي صَوْتِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

غَيْرَ أَنه كَانَ لَا يُرَجِّع

، وَوَجْهُهُ أَنه لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ رَاكِبًا فَلَمْ يَحْدُث فِي قِرَاءَتِهِ التَّرْجِيعُ. ورجَّع البعيرُ فِي شِقْشِقَته: هَدَر. ورجَّعت الناقةُ فِي حَنِينِها: قَطَّعَته، ورجَّع الحمَام فِي غِنائه وَاسْتَرْجَعَ كَذَلِكَ. وَرَجَّعَتِ القَوْسُ: صوَّتت؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ورجَّع النقْشَ والوَشْم وَالْكِتَابَةَ: ردَّد خُطُوطها، وترْجيعها أَن يُعاد عَلَيْهَا السَّوَادُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. يُقَالُ: رجَّع النقْشَ والوَشْم ردَّد خُطوطَهما. ورَجْعُ الواشِمة: خَطُّها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

أَو رَجْع واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورها

كِفَفاً، تعرَّضَ فَوْقهُنَّ وِشامُها

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

كتَرْجيعِ وَشْمٍ فِي يَدَيْ حارِثِيّةٍ،

يَمانِية الأَسْدافِ، باقٍ نَؤُورُها

وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:

مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نَواشِرِ مِعْصَمِ

هُوَ جَمْعُ المَرْجُوع وَهُوَ الَّذِي أُعِيد سَوَادُهُ. ورَجَع إِليه: كَرَّ. ورَجَعَ عَلَيْهِ وارْتَجَع: كرَجَعَ. وارْتَجَع عَلَى الغَرِيم والمُتَّهم: طَالَبَهُ. وَارْتَجَعَ إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

أَمُرْتَجِعٌ لِي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ،

وأَيامِ ذِي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟

وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نَفْسِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَالِاسْمُ الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يُقَالُ: طلَّق فُلَانٌ فُلَانَةً طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعة والرِّجْعةَ، وَالْفَتْحُ أَفصح؛ وأَما قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ نِسَاءً تَجَلَّلْنَ بجَلابيبهن:

كأَنَّ الرِّقاقَ المُلْحَماتِ ارْتَجَعْنَها

عَلَى حَنْوَةِ القُرْيانِ ذاتِ الهَمَائِم

ص: 115

أَراد أَنهن ردَدْنها عَلَى وجُوه ناضِرة ناعِمة كالرِّياض. والرُّجْعَى والرَّجِيعُ مِنَ الدَّوَابِّ، وَقِيلَ مِنَ الدَّوَابِّ وَمِنَ الإِبل: مَا رَجَعْتَه مِنْ سَفَرٍ إِلى سَفَرٍ وَهُوَ الكالُّ، والأُنثى رَجِيعٌ ورَجِيعة؛ قَالَ جَرِيرٌ:

إِذا بَلَّغَت رَحْلي رَجِيعٌ، أَمَلَّها

نُزُوليَ بالموماةِ، ثُمَّ ارْتِحالِيا

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَةً:

رجِيعة أَسْفارٍ، كأَنَّ زِمامَها

شُجاعٌ لَدَى يُسْرَى الذِّراعَينِ مُطْرِق

وجمعُهما مَعًا رَجائع؛ قَالَ مَعْنِ بْنِ أَوْس المُزَني:

عَلَى حينَ مَا بِي مِنْ رِياضٍ لصَعْبةٍ،

وبَرَّحَ بِي أَنْقاضُهُن الرَّجائعُ

كنَى بِذَلِكَ عَنِ النِّسَاءِ أَي أَنهن لَا يُواصِلْنه لِكِبَره، وَاسْتَشْهَدَ الأَزهري بِعَجُزِ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّجِيعةُ بَعِيرٌ ارْتَجعْتَه أَي اشترَيْتَه مِنْ أَجْلاب النَّاسِ لَيْسَ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ، وَهِيَ الرَّجائع؛ وأَنشد:

وبَرَّحَ بِي أَنقاضُهن الرَّجائع

وراجَعت النَّاقَةُ رِجاعاً إِذا كَانَتْ فِي ضَرْبٍ مِنَ السَّيْرِ فرَجعت إِلى سَير سِواه؛ قَالَ البَعِيث يَصِفُ نَاقَتَهُ:

وطُول ارْتِماء البِيدِ بالبِيدِ تَعْتَلي

بِهَا نَاقَتِي، تَخْتَبُّ ثُمَّ تُراجِعُ

وسَفَر رَجيعٌ: مَرْجُوع فِيهِ مِرَارًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ للإِياب من السفَر: سفَر رَجِيع؛ قَالَ القُحَيْف:

وأَسْقِي فِتْيةً ومُنَفَّهاتٍ،

أَضَرَّ بِنِقْيِها سَفَرٌ رَجِيعُ

وَفُلَانٌ رِجْعُ سفَر ورَجِيعُ سفَر. وَيُقَالُ: جَعَلَهَا اللَّهُ سَفْرة مُرْجِعةً. والمُرْجِعةُ: الَّتِي لَهَا ثَوابٌ وَعَاقِبَةٌ حَسَنة. والرَّجْع: الغِرْس يَكُونُ فِي بَطْنِ المرأَة يَخْرُجُ عَلَى رأْس الصَّبِيِّ. والرِّجاع: مَا وَقَعَ عَلَى أَنف الْبَعِيرِ مِنْ خِطامه. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ عَلَى أَنف بَعِيرِهِ إِذا انْفَسَخَ خَطْمُه فرَدَّه عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَمَّى الخِطامُ رِجاعاً. وراجَعه الكلامَ مُراجَعةً ورِجاعاً: حاوَرَه إِيَّاه. وَمَا أَرْجَعَ إِليه كَلَامًا أَي مَا أَجابَه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ

؛ أَي يَتَلاوَمُونَ. والمُراجَعَة: المُعاوَدَةُ. والرَّجِيعُ مِنَ الْكَلَامِ: المَرْدُودُ إِلى صَاحِبِهِ. والرَّجْعُ والرَّجِيعُ: النَّجْوُ والرَّوْثُ وَذُو البَطن لأَنه رَجَع عَنْ حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا. وَقَدْ أَرْجَعَ الرجلُ. وَهَذَا رَجِيعُ السَّبُع ورَجْعُه أَيضاً يَعْنِي نَجْوَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى أَن يُسْتَنْجَى بِرَجِيعٍ أَو عَظْم

؛ الرَّجِيعُ يَكُونُ الرَّوْثَ والعَذِرةَ جَميعاً، وإِنما سُمِّيَ رَجِيعاً لأَنه رَجَع عَنْ حَالِهِ الأُولى بَعْدَ أَن كَانَ طَعَامًا أَو علَفاً أَو غَيْرَ ذَلِكَ. وأَرْجَع مِنَ الرَّجِيع إِذا أَنْجَى. والرَّجِيعُ: الجِرَّةُ لِرَجْعِه لَهَا إِلى الأَكل؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر الهِلالي يَصِف إِبلًا تُرَدِّد جِرَّتها:

رَدَدْنَ رَجِيعَ الفَرْثِ حَتَّى كأَنه

حَصى إِثْمِدٍ، بَيْنَ الصَّلاءِ، سَحِيقُ

وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ الرَّاجِزِ:

ص: 116

يَمْشِينَ بالأَحْمال مَشْيَ الغِيلانْ،

فاسْتَقْبَلَتْ ليلةَ خِمْسٍ حَنّانْ،

تَعْتَلُّ فِيهِ بِرَجِيعِ العِيدانْ

وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ، فَهُوَ رَجِيع؛ لأَن مَعْنَاهُ مَرْجُوع أَي مَرْدُودٌ، وَمِنْهَا سَمَّوُا الجِرَّة رَجِيعاً؛ قَالَ الأَعشى:

وفَلاةٍ كأَنَّها ظَهْر تُرْسٍ،

لَيْسَ إِلّا الرَّجِيعَ فِيهَا عَلاقُ

يَقُولُ لَا تَجِد الإِبل فِيهَا عُلَقاً إِلَّا مَا تُرَدِّدُه مِنْ جِرَّتها. الْكِسَائِيُّ: أَرْجَعَتِ الإِبلُ إِذا هُزِلَت ثُمَّ سَمِنت. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ الْكِسَائِيُّ إِذا هُزِلَت النَّاقَةُ قِيلَ أَرْجَعت. وأَرجَعَت النَّاقَةُ، فَهِيَ مُرْجِع: حَسُنت بَعْدَ الهُزال. وَتَقُولُ: أَرْجَعْتُك نَاقَةً إِرْجاعاً أَي أَعطيْتُكَها لتَرْجِع عَلَيْهَا كَمَا تَقُولُ أَسْقَيْتُك إِهاباً. والرَّجيعُ: الشِّواء يُسَخَّن ثَانِيَةً؛ عَنِ الأَصمعي، وَقِيلَ: كلُّ مَا رُدِّد فَهُوَ رَجِيع، وكلُّ طَعَامٍ بَرَد فأُعِيد عَلَى النَّارِ فَهُوَ رَجِيع. وحبْل رَجِيع: نُقض ثُمَّ أُعِيد فَتْلُه، وَقِيلَ: كلُّ مَا ثَنَيْتَه فَهُوَ رَجِيع. ورَجِيعُ الْقَوْلِ: الْمَكْرُوهُ. وتَرَجَّع الرَّجُلُ عِنْدَ المُصِيبة واسْتَرْجَع: قَالَ إِنّا لِلَّهِ وإِنا إِليه رَاجِعُونَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: أَنه حِينَ نُعي لَهُ قُثَم اسْتَرْجَعَ

أَي قَالَ إِنا لِلَّهِ وإِنا إِليه رَاجِعُونَ، وَكَذَلِكَ التَّرْجِيعُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

ورَجَّعْت مِنْ عِرْفانِ دَارٍ، كأَنَّها

بَقِيّةُ وَشْمٍ فِي مُتُون الأَشاجِعِ «3»

واسْتَرْجَعْت مِنْهُ الشيءَ إِذا أَخذْت مِنْهُ مَا دَفَعْته إِليه، والرَّجْع: رَدّ الدَّابَّةِ يَدَيْهَا فِي السَّيْرِ ونَحْوُه خَطْوُهَا. والرَّجْع: الْخَطْوُ. وتَرْجِيعُ الدَّابَّةِ يدَيْها فِي السَّيْرِ: رَجْعُها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:

يَعْدُو بِهِ نَهْشُ المُشاشِ، كأَنّه

صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لَا يَظْلَعُ «4»

نَهْشُ المُشاشِ: خَفيفُ الْقَوَائِمِ، وصفَه بِالْمَصْدَرِ، وأَراد نَهِش الْقَوَائِمِ أَو مَنْهُوش الْقَوَائِمِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: أَنه قَالَ للجَلَّاد: اضْرِب وارجِعْ يَدَكَ

؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن لَا يَرْفَعَ يَدَهُ إِذا أَراد الضَّرْبَ كأَنه كَانَ قَدْ رفَع يَدَهُ عِنْدَ الضَّرْبِ فَقَالَ: ارْجِعْها إِلى مَوْضِعِهَا. ورَجْعُ الجَوابِ ورَجْع الرَّشْقِ فِي الرَّمْي: مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ. والرَّواجِعُ: الرِّياح المُخْتلِفَةُ لمَجِيئها وذَهابها. والرَّجْعُ والرُّجْعَى والرُّجْعان والمَرْجُوعَةُ والمَرْجُوعُ: جَوَابُ الرِّسَالَةِ؛ قَالَ يَصِفُ الدَّارَ:

سأَلْتُها عَنْ ذَاكَ فاسْتَعْجَمَتْ،

لَمْ تَدْرِ مَا مَرْجُوعةُ السَّائلِ

ورُجْعان الْكِتَابِ: جَوابه. يُقَالُ: رجَع إِليَّ الجوابُ يَرْجِعُ رَجْعاً ورُجْعاناً. وَتَقُولُ: أَرسلت إِليك فَمَا جَاءَنِي رُجْعَى رِسالتي أَي مَرْجُوعها، وَقَوْلُهُمْ: هَلْ جَاءَ رُجْعةُ كِتَابِكَ ورُجْعانُه أَي جَوَابُهُ، وَيَجُوزُ رَجْعة، بِالْفَتْحِ. وَيُقَالُ: مَا كَانَ مِنْ مَرْجُوعِ أَمر فُلَانٍ عَلَيْكَ أَي مِنْ مَردُوده وجَوابه. ورجَع إِلى فُلَانٍ مِنْ مَرْجوعِه كَذَا: يَعْنِي رَدّه الْجَوَابَ. وَلَيْسَ لِهَذَا الْبَيْعِ مَرْجُوع أَي لَا يُرْجَع فِيهِ. وَمَتَاعٌ مُرْجِعٌ: لَهُ مَرْجُوع. وَيُقَالُ: أَرْجَع اللَّهُ بَيْعة فُلَانٍ كَمَا يُقَالُ أَرْبَح اللَّهُ بَيْعَته. ويقال:

(3). في ديوان جرير: من عِرفانِ رَبْع كأنّه، مكانَ: مِنْ عِرفانِ دارٍ كَأَنَّهَا.

(4)

. قوله [نهش المشاش] تقدم ضبطه في مادتي مشش ونهش: نهش ككتف.

ص: 117

هَذَا أَرْجَعُ فِي يَدِي مِنْ هَذَا أَي أَنْفَع، قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: قَدْ رجَع كَلَامِي فِي الرَّجُلِ ونَجَع فِيهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ: ورَجَع فِي الدَّابَّةِ العَلَفُ ونَجَع إِذا تَبيّن أَثَرُه. وَيُقَالُ: الشَّيْخُ يَمْرض يَوْمَيْنِ فَلَا يَرْجِع شَهراً أَي لَا يَثُوب إِليه جِسْمُهُ وَقُوَّتُهُ شَهْرًا. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ طَعام يُسْتَرْجَعُ عَنْهُ، وتَفْسِير هَذَا فِي رِعْي الْمَالِ وطَعام النَّاسِ مَا نَفَع مِنْهُ واسْتُمْرِئَ فسَمِنُوا عَنْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ارْتَجَع فُلَانٌ مَالًا وَهُوَ أَن يَبِيعَ إِبله المُسِنة وَالصِّغَارَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الفَتِيّة والبِكار، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَبِيعَ الذُّكُورَ وَيَشْتَرِيَ الإِناث؛ وعمَّ مَرَّةً بِهِ فَقَالَ: هُوَ أَن يَبِيعَ الشَّيْءَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مَكَانَهُ مَا يُخَيَّل إِليه أَنه أَفْتى وأَصلح. وَجَاءَ فُلَانٌ بِرِجْعةٍ حَسَنةٍ أَي بِشَيْءٍ صَالِحٍ اشْتَرَاهُ مَكَانَ شَيْءٍ طَالِحٍ، أَو مَكان شَيْءٍ قَدْ كَانَ دُونَهُ، وَبَاعَ إِبله فارْتَجع مِنْهَا رِجْعة صَالِحَةً ورَجْعةً: رَدّها. والرِّجْعةُ والرَّجْعة: إِبل تَشْتَرِيهَا الأَعراب لَيْسَتْ مِنْ نِتَاجِهِمْ وَلَيْسَتْ عَلَيْهَا سِماتُهم. وارْتَجَعها: اشْتَرَاهَا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

لَا تَرْتَجِعْ شَارِفًا تَبْغِي فَواضِلَها،

بدَفِّها مِنْ عُرى الأَنْساعِ تَنْدِيبُ

وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: بَاعَ إِبله فَارْتَجَعَ مِنْهَا رِجْعة صَالِحَةً، بِالْكَسْرِ، إِذا صَرَفَ أَثْمانها فِيمَا تَعود عَلَيْهِ بِالْعَائِدَةِ الصَّالِحَةِ، وَكَذَلِكَ الرِّجْعة فِي الصَّدَقَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه رأَى فِي إِبل الصَّدَقَةِ نَاقَةً كَوْماء فسأَل عَنْهَا المُصَدِّق فَقَالَ: إِني ارْتَجَعْتها بإِبل، فَسَكَتَ

؛ الارْتِجاعُ: أَن يَقدُم الرَّجُلُ الْمِصْرَ بإِبله فَيَبِيعُهَا ثُمَّ يَشْتَرِي بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا أَو غَيْرَهَا، فَتِلْكَ الرِّجعة، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصَّدَقَةِ إِذا وَجَبَ عَلَى رَبّ الْمَالِ سِنّ مِنَ الإِبل فأَخذ المُصَدِّقُ مَكَانَهَا سِنًّا أُخرى فَوْقَهَا أَو دُونَهَا، فَتِلْكَ الَّتِي أَخَذ رِجْعةٌ لأَنه ارْتَجَعَهَا مِنَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مُعَاوِيَةَ: شَكَتْ بَنُو تَغْلِبَ إِليه السَّنَةَ فَقَالَ: كَيْفَ تَشْكُون الحاجةَ مَعَ اجْتِلاب المِهارة وارْتجاعِ البِكارة

؟ أَي تَجْلُبون أَولاد الْخَيْلِ فتَبِيعُونها وَتَرْجِعُونَ بأَثمانها؛ الْبَكَارَةُ للقِنْية يَعْنِي الإِبل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الأَثافي:

جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفاتٌ عَلَى الأَوْرَقِ،

لَا رِجْعةٌ وَلَا جَلَبُ

قَالَ: وإِن ردَّ أَثمانها إِلى مَنْزِلِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْتَرِيَ بِهَا شَيْئًا فَلَيْسَتْ برِجْعة. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

فإِنهما يَتراجَعانِ بَيْنَهُمَا بالسَّويّة

؛ التَّراجُع بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ أَن يَكُونَ لأَحَدهما مَثَلًا أَربعون بَقَرَةً وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ، ومالُهما مُشتَرَك، فيأْخذ الْعَامِلُ عَنِ الأَربعين مُسنة، وَعَنِ الثَّلَاثِينَ تَبيعاً، فَيَرْجِعُ باذِلُ الْمُسِنَّةِ بِثَلَاثَةِ أَسْباعها عَلَى خَليطه، وباذلُ التَّبِيع بأَربعة أَسْباعِه عَلَى خَلِيطه، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السنَّين وَاجِبٌ عَلَى الشُّيوعِ كأَن الْمَالَ مِلْكُ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ بِالسَّوِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَن السَّاعِيَ إِذا ظَلَمَ أَحدهما فأَخذ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى فرْضه فإِنه لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى شَرِيكِهِ، وإِنما يَغْرم لَهُ قِيمَةَ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ دُونَ الزِّيَادَةِ؛ وَمِنْ أَنواع التَّرَاجُعِ أَن يَكُونَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَربعون شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ عِشْرُونَ، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْرِفُ عَيْنَ مَالِهِ فيأْخذ العاملُ مِنْ غَنَمِ أَحدهما شَاةً فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الخُلْطة تَصِحُّ مَعَ تَمْيِيزِ أَعيان الأَموال عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ. والرِّجَع أَيضاً: أَن يَبِيعَ الذُّكُورَ وَيَشْتَرِيَ الإِناث كأَنه مَصْدَرٌ وإِن لَمْ يَصِحَّ تَغْييرُه، وَقِيلَ: هُوَ

ص: 118

أَن يَبِيعَ الهَرْمى وَيَشْتَرِيَ البِكارة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَمْعُ رِجْعةٍ رِجَعٌ، وَقِيلَ لحَيّ مِنَ الْعَرَبِ: بمَ كَثُرَتْ أَموالكم؟ فَقَالُوا: أَوصانا أَبونا بالنُّجَع والرُّجَع، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بالرِّجَع والنِّجَع، وَفَسَّرَهُ بأَنه بَيْع الهَرْمى وَشِرَاءُ البِكارة الفَتِيَّة، وَقَدْ فُسِّرَ بأَنه بَيْعُ الذُّكُورِ وَشِرَاءُ الإِناث، وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَنْمي عَلَيْهِ الْمَالَ. وأَرجع إِبلًا: شَراها وباعَها عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. والرّاجعةُ: النَّاقَةُ تُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا، فَالثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ ورَجِيعة، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: الرَّجيعة أَن يباع الذكور وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ الأُنثى، فالأُنثى هِيَ الرَّجيعة، وَقَدِ ارْتَجَعْتُهَا وترَجَّعْتها ورَجَعْتها. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: جَاءَتْ رِجْعةُ الضِّياع، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَعِنْدِي أَنه مَا تَعُود بِهِ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ غلَّة. وأَرْجَع يَدَهُ إِلى سَيْفِهِ ليستَلّه أَو إِلى كِنانته ليأْخذَ سَهْمًا: أَهْوى بِهَا إِليها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فبَدا لَهُ أَقْرابُ هَذَا رَائِغًا

عَنْهُ، فعَيَّثَ فِي الكِنانةِ يُرْجِعُ

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْجَع الرجلُ يَدَيْهِ إِذا رَدّهما إِلى خَلْفِهِ ليتناوَل شَيْئًا، فَعَمَّ بِهِ. وَيُقَالُ: سَيْفٌ نَجِيحُ الرَّجْعِ إِذا كَانَ ماضِياً فِي الضَّريبة؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ السَّيْفَ:

بأَخْلَقَ مَحْمودٍ نَجِيحٍ رَجِيعُه

وَفِي الْحَدِيثِ:

رَجْعةُ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ

، تُفْتَحُ رَاؤُهُ وَتُكْسَرُ، عَلَى الْمَرَّةِ وَالْحَالَةِ، وَهُوَ ارْتِجاع الزَّوْجَةِ المطلَّقة غَيْرِ الْبَائِنَةِ إِلى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ. والرَّاجِعُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَرَجَعَتْ إِلى أَهلها، وأَمّا الْمُطَلَّقَةُ فَهِيَ الْمَرْدُودَةُ. قَالَ الأَزهري: والمُراجِعُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي يَمُوتُ زَوْجُهَا أَو يُطَلِّقُهَا فتَرجِع إِلى أَهلها، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً رَاجِعٌ. وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ إِذا ثابَتْ إِليه نفْسه بَعْدَ نُهوك مِنَ العِلَّة: رَاجِعٌ. وَرَجُلٌ رَاجِعٌ إِذا رَجَعَتْ إِليه نَفْسُهُ بَعْدَ شدَّة ضَنىً. ومَرْجِعُ الْكَتِفِ ورَجْعها: أَسْفَلُها، وَهُوَ مَا يَلِي الإِبط مِنْهَا مِنْ جِهَةِ مَنْبِضِ الْقَلْبِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

ونَطْعَن الأَعْناق والمَراجِعا

يُقَالُ: طعَنه فِي مَرْجِع كَتِفَيْهِ. ورَجَع الْكَلْبُ فِي قَيْئه: عَادَ فِيهِ. وَهُوَ يُؤمِن بالرِّجْعة، وَقَالَهَا الأَزهري بِالْفَتْحِ، أَي بأَنّ الْمَيِّتَ يَرْجع إِلى الدُّنْيَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وراجَع الرجلُ: رجَع إِلى خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وتَراجعَ الشَّيْءُ إِلى خَلْفٍ. والرِّجاعُ: رُجوع الطَّيْرِ بَعْدَ قِطاعها. ورَجَعَت الطَّيْرُ رُجوعاً ورِجاعاً: قَطعت مِنَ الْمَوَاضِعِ الحارَّة إِلى البارِدة. وأَتانٌ راجِعٌ وَنَاقَةٌ راجِع إِذا كَانَتْ تَشُول بِذَنَبِهَا وَتَجْمَعُ قُطْرَيْها وتُوَزِّع بِبَوْلِهَا فَتَظُنُّ أَنّ بِهَا حَمْلًا ثُمَّ تُخْلِف. ورجَعت الناقةُ تَرْجع رِجاعاً ورُجوعاً، وَهِيَ راجِع: لَقِحت ثُمَّ أَخْلَفت لأَنها رجَعت عَمَّا رُجِيَ مِنْهَا، وَنُوقٌ رَواجِعُ، وَقِيلَ: إِذا ضَرَبَهَا الفَحل وَلَمْ تَلْقَح، وَقِيلَ: هِيَ إِذا أَلقت وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامِ، وَقِيلَ: إِذا نَالَتْ مَاءَ الْفَحْلِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَطْرَحَهُ مَاءً. الأَصمعي: إِذا ضُربت النَّاقَةُ مِرَارًا فَلَمْ تَلْقَح فَهِيَ مُمارِنٌ، فإِن ظَهَرَ لَهُمْ أَنها قَدْ لَقِحت ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمل فَهِيَ راجِع ومُخْلِفة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا أَلقت النَّاقَةُ حَمْلَهَا قَبْلَ أَن يَستبِين خَلْقُهُ قِيلَ رَجَعَت تَرْجِعُ رِجاعاً؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ للقُطامي يَصِفُ نجِيبة لنَجِيبَتَين «1» :

(1). قوله: نجيبة لنجيبتين، هكذا في الأَصل.

ص: 119

وَمِنْ عيْرانةٍ عَقَدَتْ عَلَيْهَا

لَقاحاً ثُمَّ مَا كَسَرَتْ رِجاعا

قَالَ: أَراد أَن النَّاقَةَ عقدَت عَلَيْهَا لَقاحاً ثُمَّ رَمَتْ بِمَاءِ الْفَحْلِ وكسرت ذنبها بعد ما شالَت بِهِ؛ وَقَوْلُ الْمَرَّارِ يَصِف إِبلًا:

مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،

كَمَا رَجَعَتْ فِي لَيْلها أُمّ حائلِ

بُسْطٌ: مُخَلَّاةٌ عَلَى أَولادها بُسِطَت عَلَيْهَا لَا تُقْبَض عَنْهَا. مُتْئمات: مَعَهَا ابْنُ مَخاض. وحُوار رَواجِعُ: رَجَعَتْ عَلَى أَولادها. وَيُقَالُ: رواجِعُ نُزَّعٌ. أُم حَائِلٍ: أُمُّ ولدِها الأُنثى. والرَّجِيعُ: نباتُ الرَّبِيعِ. والرَّجْعُ والرجيعُ والراجعةُ: الْغَدِيرُ يتردَّد فِيهِ الْمَاءُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهُذلي يَصِفُ السَّيْفَ:

أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ، إِذا

مَا ثاخَ فِي مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ مَا ارْتَدّ فِيهِ السَّيْل ثُمَّ نَفَذَ، وَالْجَمْعُ رُجْعان ورِجاع؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وعارَضَ أَطْرافَ الصَّبا وكأَنه

رِجاعُ غَدِيرٍ، هَزَّه الريحُ، رائِعُ

وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّجاع جَمْعٌ وَلَكِنَّهُ نَعَتَهُ بِالْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ رَائِعٌ لأَنه عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى،

رَقَدْنَ عليهِن السِّجالُ المُسَدَّفُ «1»

وإِنما قَالَ رِجاعُ غَدِيرٍ ليَفْصِله مِنَ الرِّجاع الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْغَدِيرِ، إِذ الرِّجَاعُ مِنَ الأَسماء الْمُشْتَرَكَةِ؛ قَالَ الْآخَرُ:

وَلَوْ أَنّي أَشاء، لكُنْتُ مِنْهَا

مَكانَ الفَرْقَدَيْن مِنَ النُّجومِ

فَقَالَ مِنَ النُّجُومِ ليُخَلِّص مَعْنَى الفَرقدين لأَن الْفَرْقَدَيْنِ مِنَ الأَسماء الْمُشْتَرَكَةِ؛ أَلا تَرَى أَنَّ ابْنَ أَحمر لَمَّا قَالَ:

يُهِلُّ بالفَرقدِ رُكْبانُها،

كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ

وَلَمْ يُخَلِّص الفَرْقَد هَاهُنَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ: إِنه الفَرْقَد الفَلَكي، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنما هُوَ فَرْقَدُ الْبَقَرَةِ وَهُوَ وَلَدُهَا. وَقَدْ يَكُونُ الرِّجاعُ الغَدير الْوَاحِدُ كَمَا قَالُوا فِيهِ الإِخاذ، وأَضافه إِلى نَفْسِهِ ليُبَيِّنه أَيضاً بِذَلِكَ لأَن الرِّجاع كَانَ وَاحِدًا أَو جَمْعًا، فَهُوَ مِنَ الأَسماء الْمُشْتَرَكَةِ، وَقِيلَ: الرَّجْع مَحْبِس الْمَاءِ وأَما الْغَدِيرُ فَلَيْسَ بِمِحْبَسٍ لِلْمَاءِ إِنما هُوَ القِطعة مِنَ الْمَاءِ يُغادِرها السَّيْلُ أَي يَتْرُكُهَا. والرَّجْع: الْمَطَرُ لأَنه يَرْجِعُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ

، وَيُقَالُ: ذَاتِ النفْع، والأَرض ذَاتِ الصَّدْع؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: تَرْجع بِالْمَطَرِ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لأَنها تَرْجِعُ بِالْغَيْثِ فَلَمْ يَذْكُرْ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَبْتَدِئُ بِالْمَطَرِ ثُمَّ تَرْجِعُ بِهِ كُلَّ عَامٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ذاتِ الرَّجْعِ ذَاتِ الْمَطَرِ لأَنه يَجِيءُ وَيَرْجِعُ وَيَتَكَرَّرُ. والراجِعةُ: الناشِغةُ مِنْ نَواشِغ الْوَادِي. والرُّجْعان: أَعالي التِّلاع قَبْلَ أَن يَجْتَمِعَ مَاءُ التَّلْعة، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ الحُجْرانِ، والرَّجْع عَامَّةُ الْمَاءِ، وَقِيلَ: مَاءٌ لِهُذَيْلٍ

(1). قوله [السجال المسدف] كذا بالأصل هنا، والذي في غير موضع وكذا الصحاح: الحجال المسجف.

ص: 120

غَلَبَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَزوة الرَّجيعِ؛ هُوَ مَاءٌ لهُذَيْل. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الرَّجْع فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَاءُ، وأَنشد قَوْلَ المُتَنَخِّل: أَبيض كالرَّجْع، وَقَدْ تَقَدَّمَ: الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ حَكَاهُ عَنِ الأَسدي قَالَ: يَقُولُونَ لِلرَّعْدِ رَجْع. والرَّجِيعُ: العَرَق، سُمِّيَ رَجيعاً لأَنه كَانَ مَاءً فَعَادَ عرَقاً؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ

رَجِيعاً، فِي المَغَابنِ، كالعَصِيمِ

أَراد العَرَقَ الأَصفر شبَّهه بِعَصِيمِ الحِنَّاء وَهُوَ أَثره. ورَجِيعُ: اسْمُ نَاقَةِ جَرِيرٍ؛ قَالَ:

إِذا بلَّغتْ رَحْلي رَجِيعُ، أَمَلَّها

نُزُوليَ بالمَوْماةِ ثُمَّ ارْتحاليا «1»

ورَجْعٌ ومَرْجَعةُ: اسمان.

ردع: الرَّدْعُ: الكَفُّ عَنِ الشَّيْءِ. رَدَعَه يَرْدَعه رَدْعاً فارْتَدَع: كفَّه فكفَّ؛ قَالَ:

أَهْلُ الأَمانةِ إِن مالُوا ومَسَّهمُ

طَيْفُ العَدُوِّ، إِذا مَا ذُوكِرُوا، ارْتَدَعُوا

وتَرادَع القومُ: ردَعَ بعضُهم بَعْضًا. والرَّدْعُ: اللطْخ بِالزَّعْفَرَانِ. وَفِي حَدِيثِ

حُذيفةَ: ورُدِعَ لَهَا رَدْعةً

أَي وَجَم لَهَا حَتَّى تغيَّرَ لَوْنُهُ إِلى الصُّفرة. وَبِالثَّوْبِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفران أَي شَيْءٌ يَسير فِي مَواضِعَ شتَّى، وَقِيلَ: الرَّدْع أَثَر الخَلُوق والطِّيب فِي الْجَسَدِ. وَقَمِيصٌ رادِعٌ ومَرْدُوعٌ ومُرَدَّعٌ: فِيهِ أَثَر الطِّيب وَالزَّعْفَرَانِ أَو الدَّمِ، وَجَمْعُ الرّادِع رُدُعٌ؛ قَالَ:

بَني نُمَيْرٍ تَرَكْتُ سَيِّدَكم،

أَثْوابُه مِن دِمائكم رُدُعُ

وغِلالةٌ رادِعٌ ومُرَدَّعة: مُلَمَّعةٌ بِالطِّيبِ وَالزَّعْفَرَانِ فِي مَوَاضِعَ. والرَّدْعُ: أَن تَرْدَع ثَوْبًا بِطِيب أَو زَعْفَرَانٍ كَمَا تَردَع الجارِيةُ صَدْرَها ومَقادِيمَ جَيْبها بِالزَّعْفَرَانِ مِلْءَ كفِّها تُلَمِّعُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

حُوراً يُعَلَّلْنَ العَبِيرَ رَوادِعاً،

كَمَها الشَّقائقِ أَو ظِباء سَلامِ

السَّلام: الشَّجَرُ؛ وأَنشد الأَزهري قَوْلَ الأَعشى فِي رَدْع الزَّعْفَرَانِ وَهُوَ لطْخُه:

ورادِعة بالطِّيب صَفْراء عِنْدَنَا،

لجَسّ النَّدامَى فِي يَدِ الدِّرْع مَفْتَقُ «2»

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: لَمْ يُنْه عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَرْدِيةِ إِلا عَنِ المُزعْفرة الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ

أَي تَنْفُض صِبْغَها عَلَيْهِ. وَثَوْبٌ رَدِيع: مَصْبُوغٌ بِالزَّعْفَرَانِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كُفِّن أَبو بَكْرٍ، رضي الله عنه، فِي ثَلَاثَةِ أَثواب، أَحدها بِهِ رَدْع مِنْ زَعْفَرَانٍ

أَي لَطْخٌ لَمْ يَعُمّه كُلُّهُ. وردَعَه بِالشَّيْءِ يَرْدَعُه رَدْعاً فارْتَدَعَ: لَطَخَه بِهِ فتلطَّخ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

يَخْدِي بِهَا بازِلٌ فُتْلٌ مَرافِقُه،

يَجْرِي بِدِيباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ

وَقَالَ الأَزهري: فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: قَالَ بَعْضُهُمْ مُتَصَبِّغ بالعرَق الأَسود كَمَا يُرْدَع الثَّوْبُ بِالزَّعْفَرَانِ، قَالَ: وَقَالَ خَالِدٌ مُرْتَدِع قَدِ انتهَتْ سِنُّه. يُقَالُ: قَدِ ارْتَدَعَ إِذا انْتَهَتْ سِنه، وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:

فَمَرَرْنَا بِقَوْمٍ رُدْعٍ

؛ الرُّدْعُ: جَمْعُ أَرْدَعَ وَهُوَ مِنَ الْغَنَمِ الَّذِي صَدْرُهُ أَسود وَبَاقِيهِ أَبيض. يُقَالُ: تَيْسٌ أَرْدَعُ وَشَاةٌ رَدْعاء. وَيُقَالُ: رَكِب فُلَانٌ رَدْع المَنِيّةِ إِذا كانت في

(1). ورد هذا البيت سابقاً في هذه المادة، وقد صُرفت فيه رجيع فنُوّنت، أما هنا فقد منعت من الصرف.

(2)

. في قصيدة الأَعشى: المسك مكان الطيب.

ص: 121

ذَلِكَ مَنِيَّتُه. وَيُقَالُ لِلْقَتِيلِ: رَكِبَ رَدْعه إِذا خَرّ لِوَجْهِهِ عَلَى دَمِه. وطَعَنَه فَركِبَ رَدْعَه أَي مقادِيمَه وَعَلَى مَا سالَ مِنْ دَمِهِ، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَهُ أَي خَرَّ صَريعاً لِوَجْهِهِ عَلَى دَمِهِ وَعَلَى رأْسه وإِن لَمْ يَمُت بَعْدُ غَيْرُ أَنه كُلَّمَا هَمّ بالنُّهوض رَكِبَ مَقادِيمه فَخَرَّ لِوَجْهِهِ، وَقِيلَ: رَدْعُه دَمُهُ، وَرُكُوبُهُ إِياه أَنّ الدَّمَ يَسِيل ثُمَّ يَخِرّ عَلَيْهِ صَرِيعًا، وَقِيلَ: رَدَعَهُ عُنُقه؛ حَكَى هَذِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الأَرض رَدَعَتْه أَي كفَّتْه عَنْ أَن يَهْوِي إِلى مَا تَحْتَهَا، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَه أَي لَمْ يَرْدَعه شَيْءٌ فَيَمْنَعَهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَكِنَّهُ رَكِبَ ذَلِكَ فَمَضَى لِوَجْهِهِ ورُدِعَ فَلَمْ يَرْتَدِع كَمَا يُقَالُ: رَكِبَ النَّهْي وخرَّ فِي بِئْرٍ فَرَكِبَ رَدْعَه وهَوَى فِيهَا، وَقِيلَ: فَمَاتَ وَرَكِبَ ردعَ المَنِيّةِ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ لَهُ: إِني رَمَيْتُ ظَبْياً وأَنا مُحْرِمٌ فأَصبْتُ خُشَشاءَه فَرَكِبَ رَدْعَه فأَسَنَّ فَمَاتَ

؛ قَالَهُ ابْنُ الأَثير، الرَّدْعُ: العنُقُ، أَي سقَط عَلَى رأْسه فانْدَقَّت عُنُقُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا تَقَدَّمَ أَي خَرَّ صَرِيعاً لِوَجْهِهِ فكُلّما هَمّ بالنُّهوض رَكِبَ مقادِيمَه، وَقِيلَ: الرَّدْع هَاهُنَا اسْمُ الدَّمِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ بِالزَّعْفَرَانِ، وَمَعْنَى رُكُوبِهِ دَمَهُ أَنه جُرح فَسَالَ دَمُهُ فَسَقَطَ فَوْقَهُ مُتَشَحِّطاً فِيهِ؛ قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ الردْع الْعُنُقَ فَالتَّقْدِيرُ رَكِبَ ذاتَ رَدْعه أَي عنُقه فَحَذَفَ الْمُضَافَ أَو سَمَّى العنُق رَدْعاً عَلَى الْإِتْسَاعِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لنُعيم بْنِ الحرث بْنِ يَزِيدَ السعْديّ:

أَلَسْتُ أَرُدُّ القِرْنَ يَرْكَبُ رَدْعه،

وفيهِ سِنانٌ ذُو غِرارَيْنِ نَائِسُ؟

قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ رَوَاهُ يَابِسُ فَقَدْ أَفحش فِي التَّصْحِيفِ، وإِنما هُوَ نائسٌ أَي مُضْطَرِب مِنْ ناسَ يَنُوس؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ رَوَاهُ يَابِسُ فإِنما يُرِيدُ أَنّ حَدِيدَهُ ذُكِرَ لَيْسَ بِأَنِيث أَي أَنه صُلْب، وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي سَعِيدٍ قَالَ: الردْع العنُقُ، رُدِع بِالدَّمِ أَو لَمْ يُرْدَعْ. يُقَالُ: اضْرِبْ رَدْعَه كَمَا يُقَالُ اضْرِبْ كرْدَه؛ قَالَ: وَسُمِّي الْعُنُقُ رَدعاً لأَنه بِهِ يَرْتَدِعُ كُلُّ ذِي عُنُق مِنَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَكِبَ رَدْعَهُ إِذا وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ، ورَكِبَ كُسْأَه إِذا وَقَعَ عَلَى قَفاه، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَه أَنَّ الرَّدْع كلُّ مَا أَصاب الأَرض مِنَ الصَّرِيع حِينَ يَهْوِي إِليها، فَمَا مَسَّ مِنْهُ الأَرض أَوَّلًا فَهُوَ الرَّدع، أَيَّ أَقْطاره كَانَ؛ وَقَوْلُ أَبي دُواد:

فَعَلَّ وأَنْهَلَ مِنْها السِّنانَ،

يَركَبُ مِنها الرَّدِيعُ الظِّلالا

قَالَ: والرَّدِيع الصَّرِيعُ يَرْكَبُ ظِلَّهُ. وَيُقَالُ: رُدِعَ بِفُلَانٍ أَي صُرِع. وأَخَذ فُلَانًا فَرَدَع بِهِ الأَرض إِذا ضَرَبَ بِهِ الأَرضَ. وسَهْم مُرْتَدِع: أَصاب الهَدَف وَانْكَسَرَ عُوده. والرَّدِيعُ: السَّهْم الَّذِي قَدْ سقَط نَصْلُه. ورَدَعَ السهمَ: ضَرَبَ بِنَصْلِهِ الأَرض لِيَثْبُتَ فِي الرُّعْظِ. والرَّدْعُ: رَدْعُ النَّصْلِ فِي السَّهْمِ وَهُوَ تَرْكِيبُهُ وَضَرْبُكَ إِياه بِحَجَرٍ أَو غَيْرِهِ حَتَّى يَدْخُلَ. والمِرْدَعُ: السَّهْمُ الَّذِي يَكُونُ فِي فُوقه ضِيق فيُدَقُّ فُوقه حَتَّى يَنْفَتِحَ، وَيُقَالُ بِالْغَيْنِ. والمِرْدعةُ: نَصل كالنَّواة. والرَّدْعُ: النُّكْسُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رُدِعَ إِذا نُكِسَ فِي مَرضه؛ قَالَ أَبو العِيال الْهُذَلِيُّ:

ذَكَرْتُ أَخِي، فَعاوَدَني

رُدَاعُ السُّقْمِ والوَصَبِ [الوِصَبِ]

الرُّداع: النُّكْس؛ وَقَالَ كثيِّر:

ص: 122

وإِنِّي عَلَى ذَاكَ التَّجَلُّدِ؛ إِنَّني

مُسِرُّ هُيام يَسْتَبِلُّ ويَرْدَعُ

والمَرْدوعُ: المَنْكُوس، وَجَمْعُهُ رُدُوع؛ قَالَ:

وَمَا ماتَ مُذْرِي الدَّمع، بَلْ ماتَ مَنْ بِهِ

ضَنًى باطِنٌ فِي قَلْبِه ورُدُوع

وَقَدْ رُدِع مِنْ مَرَضِهِ. والرُّداعُ: كالرَّدْع، والرُّداعُ: الوجَع فِي الْجَسَدِ أَجمع؛ قَالَ قَيْس بْنُ مُعَاذٍ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:

صَفْراء مِنْ بَقَرِ الجِواءِ، كأَنما

تَرَكَ الحَياةَ بِهَا رُداعُ سَقِيمِ

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:

فَيا حَزَناً وعاوَدَني رُداع،

وَكَانَ فِراقُ لُبْنى كالخِداع

والمِرْدَعُ: الَّذِي يَمْضِي فِي حَاجَتِهِ فَيَرْجِعُ خَائِبًا. والمِرْدَعُ: الكَسْلان مِنَ المَلَّاحِين. وَرَجُلٌ رَدِيعٌ: بِهِ رُداع، وَكَذَلِكَ المؤَنث؛ قَالَ صَخْرٌ الْهُذَلِيُّ:

وأَشْفِي جَوًى باليَأْسِ مِنِّي قَدِ ابْتَرَى

عِظامِي، كَمَا يَبْرِي الرَّديعَ هُيامُها

ورَدَعَ الرجلُ المرأَة إِذا وَطِئها. والرِّداعةُ: شِبه بَيْتٍ يُتخذ مِنْ صَفِيح ثُمَّ يُجعل فِيهِ لُحْمَةٌ يُصادُ بِهَا الضَّبُع والذِّئب. والرِّداع، بِالْكَسْرِ: مَوْضِعٌ أَو اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

بَرَكَتْ عَلَى ماءِ الرِّداع، كأَنَّما

بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وَقَالَ لَبِيدٌ:

وصاحِبِ مَلْحُوبٍ فُجِعْنا بمَوْتِهِ،

وَعِنْدَ الرِّداعِ بَيْتُ آخرَ كَوْثَر

قَالَ الأَزهري: وأَقرأَني المُنْذِري لأَبي عُبَيْدٍ فِيمَا قرأَ عَلَى الْهَيْثَمِ: الرَّدِيعُ الأَحمق، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. قَالَ: وأَما الإِيادي فإِنه أَقرأَنيه عَنْ شَمِرٍ الرَّدِيغُ مُعْجَمَةٌ، قَالَ: وَكِلَاهُمَا عِنْدِي مِنْ نَعْتِ الأَحمق.

رسع: الرَّسَعُ: فَسادُ الْعَيْنِ وتَغَيُّرها، وَقَدْ رَسَّعَتْ تَرْسِيعاً. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنهما: أَنه بَكَى حَتَّى رَسِعَت عَيْنُهُ

، يَعْنِي فسَدت وَتَغَيَّرَتْ وَالْتَصَقَتْ أَجْفانُها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَتُفْتَحُ سِينُهَا وَتُكْسَرُ وَتُشَدَّدُ، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ. والمُرَسَّعُ: الَّذِي انْسَلقَت عينُه مِنَ السهَر. ورَسِعَ الرَّجل، فَهُوَ أَرْسَعُ، ورَسَّعَ: فسَد مُوقُ عَيْنِهِ تَرْسيعاً، فَهُوَ مُرَسِّع ومُرَسِّعة؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

أَيا هنْدُ، لَا تَنْكِحِي بُوهةً

عليْهِ عَقِيقَتُه أَحْسَبا

مُرَسِّعةً، وسْطَ أَرْفاغِه،

بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغي أَرْنَبا

لِيَجْعَلَ فِي رِجْله كَعْبَهَا،

حِذارَ المَنِيَّة أَنْ يَعْطَبا

قَوْلُهُ مُرَسِّعة إِنما هُوَ كَقَوْلِكَ رَجُلٌ هِلباجة وفَقْفاقةٌ، أَو يَكُونُ ذَهب بِهِ إِلى تأْنيث الْعَيْنِ لأَن التَّرْسِيعَ إِنما يَكُونُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ: جاءَتكم القَصْماء لِرَجُلٍ أَقْصَمِ الثَّنِيَّة، يُذْهب بِهِ إِلى سِنِّه، وإِنما خَصَّ الأَرنب بِذَلِكَ وَقَالَ: حِذارَ الْمَنِيَّةِ أَن يَعْطَبا، فإِنه كَانَ حَمْقى الأَعرابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعلِّقون كَعْب الأَرنب فِي الرِّجل كالمَعاذة، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ علَّقه لَمْ تَضُرُّهُ عَيْنٌ وَلَا سِحْر وَلَا آفَةٌ لأَن الجنَّ تَمْتَطِي الثعالِب والظِّباء والقَنَافِذ وَتَجْتَنِبُ الأَرانب لِمَكَانِ الحَيْض؛

ص: 123

يَقُولُ: هُوَ مِنْ أُولئك الْحَمْقَى. والبُوهة: الأَحمق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى مرسَّعةٌ بِالرَّفْعِ وَفَتْحِ السِّينِ، قَالَ: وَهِيَ رِوَايَةُ الأَصمعي، قَالَ: والمرسَّعة كالمعاذَة وَهُوَ أَن يؤْخذ سَيْرٌ فيُخْرق فيُدخل فِيهِ سَيْرٌ فَيُجْعَلَ فِي أَرْساغه، دَفْعًا لِلْعَيْنِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا رفْعه بِالِابْتِدَاءِ، ووسط أَرفاغه الْخَبَرُ؛ وَيُرْوَى: بَيْنَ أَرساغه. ورسَعَ الصبيَّ وَغَيْرَهُ يَرْسَعُه رَسْعاً ورَسَّعه: شدَّ فِي يَدِهِ أَو رِجْلِهِ خَرزاً لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْهُ الْعَيْنَ. والرَّسَعُ: مَا شُدَّ بِهِ. ورَسِعَ بِهِ الشيءُ: لَزِقَ. ورَسَّعَه: أَلزَقَه. والرَّسيعُ: المُلْزَق. ورَسَّع الرَّجلُ: أَقام فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَنْزِلِهِ. ورَجُل مُرسِّعة: لَا يَبْرَحُ مِنْ مَنْزِلِهِ، زَادُوا الْهَاءَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

مُرَسّعة وَسْطَ أَرْفاغه

والتَّرْسِيع: أَن يَخْرِق شَيْئًا ثُمَّ يُدْخل فِيهِ سَيْرًا كَمَا تُسَوَّى سُيور الْمَصَاحِفِ، وَاسْمُ السَّيْرِ الْمَفْعُولُ بِهِ ذَلِكَ الرَّسِيعُ؛ وأَنشد:

وعادَ الرَّسيعُ نُهْيةً للحَمائل

يَقُولُ: انكبَّت سُيوفهم فَصَارَتْ أَسافِلُها أَعالِيها. قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ الرَّصِيع، فَيُبْدِلُ السِّينَ فِي هَذَا الْحَرْفِ صَادًا. والرَّسِيعُ ومُرَيْسِيع: موضعان.

رصع: الرَّصَع: دِقَّة الأَلية. وَرَجُلٌ أَرْصَع: لُغَةٌ فِي الأَرْسَح. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:

إِن جَاءَتْ بِهِ أُرَيْصِع

؛ هُوَ تَصْغِيرُ الأَرْصع وَهُوَ الأَرْسَح. والرَّصْعاء مِنَ النِّسَاءِ: الزَّلَّاء وَهِيَ مِثْلُ رَسْحاء بيّنةُ الرَّصَع إِذا لَمْ تَكُنْ عَجْزاء، وَرُبَّمَا سَمُّوا فِرَاخَ النَّحْلِ رَصَعاً، الْوَاحِدَةُ رَصَعة؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ والرَّضَع فِرَاخُ النَّحْلِ، بِالضَّادِ، وَهُوَ بِالصَّادِ خَطَأٌ. وَقَدْ رَصِع رَصَعاً، وَرُبَّمَا وُصِفَ الذِّئْبُ بِهِ. وَقِيلَ: الرَّصْعاء مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا إِسْكَتَيْنِ لَهَا. والرَّصَع: تَقارُب مَا بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ. والرَّصَع: أَن يَكْثُرَ عَلَى الزَّرْعِ الْمَاءُ وَهُوَ صَغِيرٌ فيصفَرّ وَيُحَدَّدَ وَلَا يَفْتَرِشَ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَصْغُرَ حَبُّهُ. وأَمّا حَدِيثُ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنه بَكَى حَتَّى رَصِعَت عينُه

، فَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَي فَسَدت؛ قَالَ: وَهِيَ بِالسِّينِ أَشهر. والرَّصْع، بِسُكُونِ الصَّادِ: شِدَّةُ الطعْن. ورَصَعَه بالرُّمح يَرْصَعُه رَصْعاً وأَرْصَعَه: طعَنه طعْناً شَدِيدًا غَيَّبَ السِّنان كُلَّهُ فِيهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

نَطْعُنُ مِنْهُنّ الخُصُورَ النُّبَّعا،

وخْضاً إِلى النِّصْف، وطَعْناً أَرْصَعا

أَي الَّتِي تَنْبُع بِالدَّمِ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ إِلى رُؤْبَةَ. ورَصَعَ الشيءَ: عقَدَه عَقْداً مُثَلَّثاً مُتداخِلًا كعَقْد التَّمِيمَةِ وَنَحْوِهَا. وإِذا أَخذت سَيْرًا فَعَقَدْتَ فِيهِ عُقَداً مُثلَّثة، فَذَلِكَ الترْصِيعُ، وَهُوَ عَقد التَّمِيمَةِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وجِئْنَ بأَوْلادِ النَّصارَى إِليْكُمُ

حَبالى، وَفِي أَعْناقِهِنَّ المَراصِعُ

أَي الخُتُوم فِي أَعْناقِهنَّ. والرَّصِيعُ: زِرُّ عُرْوةِ المُصْحف. والرَّصِيعةُ: عُقْدة فِي اللِّجام عِنْدَ المُعَذّر كأَنها فَلْس، وَقَدْ رَصَّعه. والرَّصِيعة: الحَلْقة المُسْتَديرة. والرَّصِيعةُ: سَيْر يُضْفَر بَيْنَ حِمالة السَّيْفِ وجَفْنِه، وَقِيلَ: سُيور مَضْفُورة فِي أَسافل حَمائل السَّيْفِ، الْوَاحِدَةُ رَصَاعَةٌ، وَالْجَمْعُ رصائعُ ورَصِيع كَشَعِيرَةٍ وَشَعِيرٍ، أَجْرَوْا المَصْنوع مُجرى المَخْلوق وَهُوَ فِي الْمَخْلُوقِ أَكثر؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

ص: 124

رَمَيْناهمُ حتَّى إِذا ارْبَثَّ جَمْعُهمْ،

وصارَ الرَّصِيعُ نُهيةً للحَمائل

أَي انْقَلَبَتْ سُيوفهم فَصَارَتْ أَعالِيها أَسافِلَها وَكَانَتِ الْحَمَائِلُ عَلَى أَعناقهم فنكِّست فَصَارَ الرَّصيعُ فِي مَوْضِعِ الْحَمَائِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي رَسَعَ؛ والنُّهيةُ: الْغَايَةُ. والرَّصائعُ: مَشَكُّ أَعالي الضُّلوع فِي الصُّلْبِ، وَاحِدُهَا رُصْعٌ، وَهُوَ نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

فأَصْبَحَ بالمَوْماة رُصْعاً سَريحُها،

فَلِلإِنْسِ باقِيهِ، وَلِلْجِنِّ نادِرُه

وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: الرَّصائعُ وَاحِدَتُهَا رَصِيعةٌ وَهِيَ مَشكُّ مَحاني أَطراف الضُّلُوع مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ. وفَرس مُرَصَّع الثُّنَنِ إِذا كَانَتْ ثُنَنُه بعضُها فِي بَعْضٍ. والترْصِيعُ: التَّرْكِيبُ، يُقَالُ: تاجٌ مُرَصَّع بِالْجَوْهَرِ وَسَيْفٌ مُرصَّع أَي مُحَلًّى بالرصائعِ، وَهِيَ حَلَق يُحَلَّى بِهَا، الْوَاحِدَةُ رَصيعة. ورصَّع العِقْدَ بِالْجَوْهَرِ: نَظَمَهُ فِيهِ وَضَمَّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ

قُس: رَصِيع أَيْهُقانٍ

، يَعْنِي أَنّ هَذَا الْمَكَانَ قَدْ صَارَ بحُسن هَذَا النَّبْت كَالشَّيْءِ المُحَسَّن المزَيَّن بالترْصيع، والأَيْهُقانُ: نَبْتٌ، وَيُرْوَى: رَضِيعُ أَيْهُقان، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. ورَصَعَ الحَبَّ: دَقَّه بَيْنَ حَجَرَيْنِ. والرَّصيعة: طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّصِيعَةُ البُرُّ يُدَقُّ بِالْفِهْرِ ويُبلّ وَيُطْبَخُ بِشَيْءٍ مِنْ سَمْنٍ. ورَصِع بِهِ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، يَرْصَع رَصَعاً ورُصوعاً: لزِق بِهِ، فَهُوَ راصِعٌ. أَبو زَيْدٍ فِي بَابِ لزُوق الشَّيْءِ: رَصِع، فَهُوَ راصِع، مِثْلُ عَسِقَ وعَبِقَ وعَتِكَ. ورَصَع الطَّائرُ الأُنثى يَرْصَعُها رَصْعاً: سَفَدها، وَكَذَلِكَ الكَبْش؛ وَاسْتَعَارَتْهُ الخَنساء فِي الإِنسان فَقَالَتْ حِينَ أَراد أَخوها مُعاوية أَن يُزَوِّجَهَا مِنْ دُريد ابن الصِّمة:

مَعاذَ اللهِ يَرْصَعُني حَبَرْكى،

قَصِيرُ الشِّبْرِ مِنْ جُشَمَ بْنِ بَكْرِ «3»

وَقَدْ تَراصَعت الطَّيْرُ وَالْغَنَمُ وَالْعَصَافِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّصَّاعُ الْكَثِيرُ الجِماع، وأَصله فِي العُصفور الْكَثِيرُ السِّفاد. والرَّصْع: الضرْب بِالْيَدِ. والمِرْصَعانُ: صَلَاءَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ الْحِجَارَةِ وفِهْر مُدَوَّرة تملأُ الْكَفَّ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ورَصَعَت بِهِمَا: دَقَّت. والتَّرَصُّع: النَّشاط مِثْلُ التَّعَرُّصِ.

رضع: رَضَع الصبيُّ وَغَيْرُهُ يَرْضِع مِثَالَ ضَرَبَ يضْرِب، لُغَةٌ نَجْدِيَّةٌ، ورَضِعَ مِثَالُ سَمِع يَرْضَع رَضْعاً ورَضَعاً ورَضِعاً ورَضاعاً ورِضاعاً ورَضاعةً ورِضاعة، فَهُوَ راضِعٌ، وَالْجَمْعُ رُضَّع، وَجَمْعُ السَّلَامَةِ فِي الأَخيرة أَكثر عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا الْبِنَاءِ مِنَ الصِّفَةِ؛ قَالَ الأَصمعي: أَخبرني عِيسَى بْنُ عُمَرَ أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ تُنْشِدُ هَذَا الْبَيْتَ لِابْنِ هَمَّامٍ السَّلُولي عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ «4» :

وذَمُّوا لَنَا الدُّنيا، وَهُمْ يَرْضِعُونها

أَفاوِيقَ حَتَّى مَا يَدِرُّ لَها ثُعْلُ

وارتَضَع: كَرضِع؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

إِني رَأَيْتُ بَني سَهْمٍ وعِزَّهُمُ،

كالعَنْزِ تَعْطِفُ رَوْقَيها فَتَرْتَضِعُ

يُرِيدُ تَرْضَع نَفْسَهَا؛ يصِفهم باللُّؤْم وَالْعَنْزُ تَفعل ذَلِكَ. تَقُولُ مِنْهُ: ارتضعتِ العنزُ أَي شربتْ لبن نفْسها.

(3). في رواية أخرى: يرضعني حبركى.

(4)

. قوله [على هذه اللغة] يعني النجدية كما يفيده الصحاح.

ص: 125

وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ

؛ اللَّفْظُ لَفْظُ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى مَعْنَى الأَمر كَمَا تَقُولُ: حسبُك دِرْهَمٌ، وَلَفْظُهُ الْخَبَرُ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الأَمر كَمَا تَقُولُ: اكْتفِ بِدِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى الْآيَةِ: لتُرْضِع الوالداتُ. وَقَوْلُهُ: لَا جُناح عَلَيْكُمْ أَن تسترضِعُوا أَولادكم، أَي تَطْلُبُوا مُرْضِعة لأَولادكم. وَفِي الْحَدِيثِ

حِينَ ذَكَرَ الإِمارة فَقَالَ: نِعمت المُرْضِعة وبِئست الفاطِمةُ

، ضَرَبَ المُرْضعة مَثَلًا للإِمارة وَمَا تُوَصِّله إِلى صَاحِبِهَا مِنَ الأَجْلاب يَعْنِي الْمَنَافِعَ، والفاطمةَ مَثَلًا لِلْمَوْتِ الَّذِي يَهْدِم عَلَيْهِ لَذَّاتِه وَيَقْطَعُ مَنافِعها، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَتَقُولُ استرْضَعْتُ المرأَةَ وَلَدِي أَي طَلَبْتُ مِنْهَا أَن تُرْضِعه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ

، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِيَ مَحْذُوفٌ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَولادَكم مَراضِعَ، وَالْمَحْذُوفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَفْعُولُ الأَول لأَن الْمُرْضِعَةَ هِيَ الْفَاعِلَةُ بِالْوَلَدِ، وَمِنْهُ: فُلَانٌ المُسْتَرْضِعُ فِي بَنِي تَمِيمٍ، وَحَكَى الْحَوْفِيُّ فِي الْبُرْهَانِ فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ أَنه مُتَعَدٍّ إِلى مَفْعُولَيْنِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ أَي لأَولادكم. وَفِي حَدِيثِ

سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ: فإِذا فِي عَهْد رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن لَا يأْخذ مِنْ راضِعِ لبنٍ

، أَراد بِالرَّاضِعِ ذاتَ الدَّرِّ واللبنِ، وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ ذَاتُ رَاضِعٍ، فأَمّا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ فَالرَّاضِعُ الصغير الذي هُوَ بعدُ يَرْتَضِع، ونَهْيُه عَنْ أَخذها لأَنها خِيار الْمَالِ، وَمِنْ زَائِدَةٌ كَمَا تَقُولُ لَا تأْكل مِنَ الْحَرَامِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ عِنْدَ الرَّجُلِ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ أَو اللِّقْحة قَدِ اتَّخَذَهَا للدَّرِّ فَلَا يؤْخذ مِنْهَا شَيْءٌ. وَتَقُولُ: هَذَا أَخي مَنِ الرَّضاعة، بِالْفَتْحِ، وَهَذَا رَضِيعي كَمَا تَقُولُ هَذَا أَكِيلي ورَسِيلي. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: انْظُرْنَ مَا إِخوانكن فإِنما الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجاعَةِ

؛ الرَّضَاعَةُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنَ الإِرْضاع، فأَمّا مِنَ الرَّضاعة اللُّؤْم، فَالْفَتْحُ لَا غَيْرَ؛ وَتَفْسِيرُ الْحَدِيثِ أَن الرَّضاع الَّذِي يحرِّم النِّكَاحَ إِنما هُوَ فِي الصِّغَر عِنْدَ جُوع الطِّفْل، فأَما فِي حَالِ الكِبَر فَلَا يُرِيدُ أَنّ رَضاع الْكَبِيرِ لَا يُحرِّم. قَالَ الأَزهري: الرَّضاع الَّذِي يحرِّم رَضاعُ الصَّبِيِّ لأَنه يُشْبعه ويَغْذُوه ويُسكن جَوْعَتَه، فأَما الْكَبِيرُ فرَضاعه لَا يُحَرِّمُ لأَنه لَا يَنْفَعُهُ مِنْ جُوع وَلَا يُغنيه مِنْ طَعَامٍ وَلَا يَغْذوه اللبنُ كَمَا يَغذُو الصَّغِيرَ الَّذِي حَيَاتُهُ بِهِ. قَالَ الأَزهري: وقرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ رُبّ غُلام يُراضَع، قَالَ: والمُراضَعةُ أَن يَرضع الطِّفْلُ أُمه وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ. قَالَ: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهَا مُراضَع وَيَجِيءُ نَحِيلًا ضَاوِيًا سَيِء الغِذاء. وراضَع فُلَانٌ ابْنَهُ أَي دَفَعه إِلى الظِّئر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

إِنَّ تَمِيماً لَمْ يُراضَعْ مُسْبَعا،

وَلَمْ تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعا

أَي وَلَدَتْهُ مَكْشُوف الأَمر لَيْسَ عَلَيْهِ غِطاء، وأَرضعته أُمه. والرَّضِيعُ: المُرْضَع. وراضَعه مُراضَعة ورِضاعاً: رَضَع مَعَهُ. والرَّضِيعُ: المُراضِع، وَالْجَمْعُ رُضَعاء. وامرأَة مُرْضِع: ذاتُ رَضِيع أَو لبنِ رَضاعٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَمِثْلِكِ حُبْلَى، قَدْ طَرَقْتُ، ومُرْضِعٍ،

فأَلْهَيْتُها عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُغْيِلِ

وَالْجَمْعُ مَراضِيع عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المُرْضِعة الَّتِي تُرْضِع، وإِن لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ أَو كَانَ لَهَا وَلَدٌ. والمُرْضِع: الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ وَقَدْ يَكُونُ مَعَهَا وَلَدٌ. وَقَالَ مَرَّةً: إِذا

ص: 126

أَدخل الْهَاءَ أَراد الْفِعْلَ وَجَعَلَهُ نَعْتًا، وإِذا لَمْ يُدْخِلِ الْهَاءَ أَراد الِاسْمَ؛ وَاسْتَعَارَ أَبو ذؤَيب المَراضيع لِلنَّحْلِ فَقَالَ:

تَظَلُّ عَلَى الثَّمْراء مِنْهَا جَوارِسٌ،

مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها

والرَّضَعُ: صِغارُ النَّحْلِ، وَاحِدَتُهَا رَضَعة. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ

؛ اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي دُخُولِ الْهَاءِ فِي المُرْضِعة فَقَالَ الْفَرَّاءُ: المُرْضِعة والمُرْضِعُ الَّتِي مَعَهَا صبيٌّ تُرْضِعه، قَالَ: وَلَوْ قِيلَ فِي الأُم مُرْضِع لأَن الرَّضاع لَا يَكُونُ إِلا مِنَ الإِناث كَمَا قَالُوا امرأَة حَائِضٌ وَطَامِثٌ كَانَ وَجْهًا، قَالَ: وَلَوْ قِيلَ فِي الَّتِي مَعَهَا صَبِيُّ مُرضعة كَانَ صَوَابًا؛ وَقَالَ الأَخفش: أَدخل الْهَاءَ فِي المُرْضِعة لأَنه أَراد، وَاللَّهُ أَعلم، الفِعْل وَلَوْ أَراد الصِّفَةَ لَقَالَ مُرْضِعٌ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْمُرْضِعَةُ الَّتِي تُرْضِع وثَدْيُها فِي وَلَدِهَا، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ

، قَالَ: وكلُّ مُرْضِعَةٍ كلُّ أُم. قَالَ: وَالْمُرْضِعُ الَّتِي دَنَا لَهَا أَن تُرْضِع وَلَمْ تُرْضِع بَعْدُ. والمُرْضِع: الَّتِي مَعَهَا الصَّبِيُّ الرَّضِيعُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: امرأَة مُرْضِعٌ ذَاتُ رَضِيع كَمَا يُقَالُ امرأَة مُطْفِلٌ ذَاتُ طِفْل، بِلَا هَاءٍ، لأَنك تَصِفُهَا بِفِعْلٍ مِنْهَا وَاقِعٍ أَو لَازِمٍ، فإِذا وَصَفْتَهَا بِفِعْلٍ هِيَ تَفْعَلُهُ قُلْتَ مُفْعِلة كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ

، وَصَفَهَا بِالْفِعْلِ فأَدخل الْهَاءَ فِي نَعْتِها، وَلَوْ وَصَفَهَا بأَن مَعَهَا رَضِيعًا قَالَ: كُلُّ مُرْضِع. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما مرضِع فَهُوَ عَلَى النَّسَبِ أَي ذَاتُ رَضِيع كَمَا تَقُولُ ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ أَي ذَاتُ شادِن؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فمثْلِكِ حُبْلى، قَدْ طَرَقْتُ، ومُرْضِعٍ

فَهَذَا عَلَى النَّسَبِ وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ كَمَا تَقُولُ: رَجُلٌ دَارِعٌ وتارِسٌ، مَعَهُ دِرْع وتُرْسٌ، وَلَا يُقَالُ مِنْهُ دَرِعٌ وَلَا تَرِسٌ، فَلِذَلِكَ يُقَدَّرُ فِي مُرْضِعٍ أَنه لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى الْفِعْلِ وإِن كَانَ قَدِ اسْتُعْمِلَ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَقَدْ يجيءُ مُرْضِع عَلَى مَعْنَى ذَاتِ إِرضاع أَي لَهَا لَبَنٌ وإِن لَمْ يَكُنْ لَهَا رَضِيع، وَجَمْعُ المُرْضِع مَراضِعُ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ

؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

ويأْوي إِلى نِسْوةٍ عُطُلٍ،

وشُعْثٍ مَراضيعَ مِثلِ السَّعالي

والرَّضُوعةُ: الَّتِي تُرْضِع وَلَدَهَا، وَخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بِهِ الشَّاةَ. ورضُعَ الرَّجُلُ يَرْضُع رَضاعة، فَهُوَ رَضِيعٌ رَاضِعٌ أَي لَئِيمٌ، وَالْجَمْعُ الرّاضِعون. ولئيمٌ رَاضِعٌ: يَرْضع الإِبل وَالْغَنَمُ مِنْ ضُرُوعِهَا بِغَيْرِ إِناء مِنْ لؤْمه إِذا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ، لِئَلَّا يَسْمَعَ صَوْتَ الشُّخْب فَيَطْلُبَ اللَّبَنَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي رَضَع اللُّؤْم مِنْ ثَدْي أُمه، يُرِيدُ أَنه وُلد فِي اللؤْم، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يأْكل خُلالته شَرَهاً مِنْ لؤْمه حَتَّى لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّاضِعُ والرَّضيع الخَسيس مِنَ الأَعراب الَّذِي إِذا نَزَلَ بِهِ الضَّيْفُ رَضَع بِفِيهِ شَاتَهُ لِئَلَّا يَسْمَعَهُ الضَّيْفُ، يُقَالُ مِنْهُ: رَضُع يَرْضُع رَضاعةً، وَقِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ لَئِيمٍ إِذا أَرادوا تَوْكِيدَ لؤْمه وَالْمُبَالَغَةَ فِي ذمِّه كأَنه كَالشَّيْءِ يُطْبَع عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ الرَّضَع والرضِعُ، وَقِيلَ: الرَّاضِعُ الَّذِي يَرْضَع الشَّاةَ أَو النَّاقَةَ قَبْلَ أَن يَحْلُبَها مِنْ جَشَعِه، وَقِيلَ: الرَّاضِعُ الَّذِي لَا يُمْسِك مَعَهُ مِحْلَباً، فإِذا سُئل اللبنَ اعتلَّ بأَنه لَا مِحْلب لَهُ، وإِذا أَراد الشُّرْبَ رَضَعَ حَلوبته. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مَيْسَرةَ، رضي الله عنه: لَوْ رأَيت رَجُلًا يَرْضَع فَسَخِرت مِنْهُ خَشِيت أَن أَكون مِثْلَهُ

، أَي يَرْضَع الْغَنَمَ مِنْ ضُروعها

ص: 127

وَلَا يَحْلُب اللَّبَنَ فِي الإِناء لِلُؤْمه أَي لَوْ عَيَّرْتُه بِهَذَا لَخَشِيتُ أَن أُبْتَلَى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ثَقِيف: أَسْلَمها الرُّضّاع وَتَرَكُوا المِصاع

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرُّضّاع جَمْعُ رَاضِعٍ وَهُوَ اللَّئِيمُ، سُمِّيَ بِهِ لأَنه للؤْمه يَرْضَع إِبله أَو غنَمه لِئَلَّا يُسْمع صوتُ حَلبه، وَقِيلَ: لأَنه يَرْضَع الناسَ أَي يسأَلهم. والمِصاعُ: المُضاربة بِالسَّيْفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

سلَمة، رضي الله عنه:

خُذْها، وأَنا ابنُ الأَكْوع،

واليَومُ يَوْمُ الرُّضَّع

جَمْعُ رَاضِعٍ كَشَاهِدٍ وشُهَّد، أَي خُذِ الرَّمْيةَ مِنِّي واليومُ يومُ هَلاك اللِّئام؛ وَمِنْهُ رَجْزٌ يُرْوَى لِفَاطِمَةَ، رضي الله عنها:

مَا بيَ مِنْ لُؤْمٍ وَلَا رَضاعه

وَالْفِعْلُ مِنْهُ رَضُع، بِالضَّمِّ، وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ

قُسٍّ: رَضيع أَيْهُقانٍ

، قَالَ ابْنُ الأَثير: فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، يَعْنِي أَن النَّعَامَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَرْتَع هَذَا النَّبْتَ وتَمَصُّه بِمَنْزِلَةِ اللَّبَنِ لِشِدَّةِ نُعُومَتِهِ وَكَثْرَةِ مَائِهِ، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. والراضِعتان: الثَّنِيَّتان الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ يُشرب عَلَيْهِمَا اللَّبَنُ، وَقِيلَ: الرَّواضِعُ مَا نَبَتَ مِنْ أَسنان الصَّبِيِّ ثُمَّ سَقَطَ فِي عَهْدِ الرِّضَاعِ، يُقَالُ مِنْهُ: سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، وَقِيلَ: الرَّوَاضِعُ سِتٌّ مِنْ أَعلى الْفَمِ وَسِتٌّ مِنْ أَسفله. والراضعةُ: كلُّ سِنٍّ تُثْغَر. والرَّضُوعةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تُرضِع؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

ويَرْضَعُ مَن لاقَى، وإِن يَرَ مُقْعَداً

يَقُود بأَعْمَى، فالفَرَزْدَقُ سائِلُهْ «5»

فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي أَن مَعْنَاهُ يَسْتَعْطِيه ويطلبُ مِنْهُ أَي لَوْ رأَى هَذَا لَسَأَلَهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ لأَن المُقعد لَا يَقْدِرُ أَن يَقُومَ فيَقودَ الأَعمى. والرَّضَعُ: سِفاد الطَّائِرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والمعروف بالصاد المهملة.

رطع: رطَعَها يَرْطَعُها رَطْعاً: كَطَعَرَها أَي نكحها.

رعع: ابْنُ الأَعرابي: الرَّعُّ السُّكُونُ. والرَّعاعُ: الأَحداثُ. ورَعاعُ النَّاسِ: سُقّاطُهم وسَفِلَتُهم. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن المَوسم يَجمع رَعاع النَّاسِ

أَي غَوْغاءهم وسُقّاطَهم وأَخلاطَهم، الْوَاحِدُ رَعاعة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عُثْمَانَ، رضي الله عنه، حِينَ تَنَكَّرَ لَهُ النَّاسُ: إِن هَؤُلَاءِ النَّفَرَ رَعاع غَثَرةٌ.

وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: وَسَائِرُ الناسِ هَمَجٌ رَعاعٌ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ والرُّعاعُ كَالزُّجَاجِ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الرُّذال الضُّعفاء، وَهُمُ الَّذِينَ إِذا فَزِعوا طَارُوا؛ قَالَ أَبو العَمَيْثَل: وَيُقَالُ لِلنَّعَامَةِ رَعاعة لأَنها أَبداً كأَنها مَنْخوبة فَزعةٌ. وتَرَعْرعت سِنُّه وتَزَعْزعت إِذا تَحَرَّكَتْ. والرَّعْرعة: اضطرابُ الْمَاءِ الصَّافِي الرَّقِيقِ عَلَى وَجْهُ الأَرض، وَمِنْهُ قِيلَ: غُلَامٌ رَعْرعٌ، وَرُبَّمَا قِيلَ: تَرَعْرع السَّراب عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَاءِ. والرَّعْرعةُ: حُسْنُ شَبابِ الغُلام وتحرُّكه. وشابٌّ رُعْرُعٌ ورُعْرعة؛ عَنْ كُرَاعٍ، ورَعْرَعٌ ورَعْراعٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي: مُراهِق حسَن الاعْتِدال، وَقِيلَ مُحْتَلِم، وَقِيلَ قَدْ تَحَرَّكَ وكَبِرَ، وَالْجَمْعُ الرَّعارِعُ؛ قَالَ لَبِيدٌ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، وَقِيلَ هُوَ للبَعِيث:

تُبَكِّي عَلَى إِثْرِ الشَّبابِ الَّذِي مَضَى،

أَلا إِنّ أَخْدانَ الشَّبابِ الرَّعارِعُ «6»

(5). رواية ديوان جرير: وإِن يلقَ مقعداً.

(6)

. قوله [تبكي] كذا ضبط في بعض نسخ الجوهري، وفي الأساس: وتبكي بالواو.

ص: 128

وَقَدْ تَرَعْرَعَ الصبيُّ أَي تَحَرَّكَ ونشأَ. وغلامٌ مُتَرَعْرِعٌ أَي مُتَحَرِّك. ورَعْرَعَه اللَّهُ أَي أَنبته. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للقَصَب إِذا طالَ فِي مَنْبِته وَهُوَ رَطْب: قَصَب رَعْراعٌ، وَمِنْهُ يُقَالُ للغُلام إِذا شَبَّ واسْتَوَت قامَتُه: رَعْراعٌ ورَعْرَعٌ، وَالْجَمْعُ الرَّعارِعُ. وَفِي حَدِيثِ

وَهْبٍ: لَوْ يَمُرّ عَلَى القَصَب الرَّعْراعِ لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الطّوِيل مِنْ ترَعْرَع الصبيُّ إِذا نشأَ وكَبِر؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

أَلا إِنّ أَخْدان الشَّبابِ الرعارعُ

وَيُقَالُ: رَعْرَعَ الفارسُ دَابَّتَهُ إِذا لَمْ يَكُنْ رَيِّضاً فَرَكِبَهُ ليَرُوضَه؛ قَالَ أَبو وجْزةَ السَّعْدِي:

تَرِعاً يُرَعْرِعُه الغُلامُ، كأَنّه

صَدَعٌ يُنازِعُ هِزّةً ومِراحا

رفع: فِي أَسْماء اللَّهِ تَعَالَى الرافِعُ: هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ المؤْمن بالإِسعاد وأَولياءَه بالتقْرِيب. والرَّفْعُ: ضِدُّ الوَضْع، رَفَعْته فارْتَفَع فَهُوَ نَقيض الخَفْض فِي كُلِّ شَيْءٍ، رَفَعه يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفُع هُوَ رَفاعة وارْتَفَع. والمِرْفَع: مَا رُفِع بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْقِيَامَةِ: خافِضَةٌ رافِعَةٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنها تَخْفِض أَهل الْمَعَاصِي وتَرْفَع أَهل الطَّاعَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنّ اللهَ تَعَالَى يَرفع العَدْلَ ويَخْفِضُه

؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه يَرْفَعُ القِسط وَهُوَ العَدل فيُعْلِيه عَلَى الجَوْرِ وأَهله، وَمَرَّةً يخْفِضه فيُظهر أَهلَ الْجَوْرِ عَلَى أَهل الْعَدْلِ ابْتلاءً لِخَلْقِهِ، وَهَذَا فِي الدُّنْيَا والعاقبةُ لِلْمُتَّقِينَ. وَيُقَالُ: ارْتَفَعَ الشيءُ ارْتِفاعاً بِنَفْسِهِ إِذا عَلا. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ ارْتَفَعَ الشيءَ بِيَدِهِ ورَفَعَه. قَالَ الأَزهري: الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ رَفَعْت الشيءَ فَارْتَفَعَ، وَلَمْ أَسمع ارْتَفَعَ وَاقِعًا بِمَعْنَى رَفَع إِلَّا مَا قرأْته فِي نَوَادِرِ الأَعراب. والرُّفاعة، بِالضَّمِّ، ثَوْبٌ تَرْفَع بِهِ المرأَة الرَّسْحاء عَجِيزتَها تُعظِّمها بِهِ، وَالْجَمْعُ الرفائعُ؛ قَالَ الرَّاعِي:

عِراضُ القَطا لَا يَتَّخِذْن الرَّفائعا

وَالرِّفَاعُ: حَبْلٌ «1» يُشدُّ فِي الْقَيْدِ يأْخذه المُقَيَّد بِيَدِهِ يَرْفَعُه إِليه. ورُفاعةُ المُقيد: خَيْطٌ يَرْفَعُ بِهِ قيدَه إِليه. والرَّافِعُ مِنَ الإِبل: الَّتِي رَفَعت اللِّبَأَ فِي ضَرْعِها؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلَّتِي رَفَعَت لبنَها فَلَمْ تَدِرَّ رافِعٌ، بِالرَّاءِ، فأَما الدَّافِعُ فَهِيَ الَّتِي دَفَعت اللبأَ فِي ضَرْعِهَا. والرَّفْع تَقرِيبك الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ

؛ أَي مُقَرَّبةٍ لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ رَفَعْتُه إِلى السُّلْطَانِ، وَمَصْدَرُهُ الرُّفعان، بِالضَّمِّ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ

أَي بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَيُقَالُ: نِسَاءٌ مَرْفُوعات أَي مُكَرَّمات مِنْ قَوْلِكَ إِن اللَّهَ يَرْفَع مَنْ يَشاء ويَخْفِضُ. ورفَعَ السَّرابُ الشَّخْصَ يَرْفَعُه رَفْعاً: زَهاه. ورُفِعَ لِي الشَّيْءُ: أَبصرته مِنْ بُعْد؛ وَقَوْلُهُ:

مَا كَانَ أَبْصَرَنِي بِغِرَّاتِ الصِّبا،

فاليَوْمَ قَد رُفِعَتْ ليَ الأَشْباحُ

قِيلَ: بُوعِدت لأَني أَرى الْقَرِيبَ بَعِيدًا، وَيُرْوَى: قَدْ شُفِعت ليَ الأَشْباح أَي أَرى الشَّخْصَ اثْنَيْنِ لضَعْف بَصَرِي، وَهُوَ الأَصح، لأَنه يَقُولُ بَعْدَ هَذَا:

ومَشَى بِجَنْبِ الشخْصِ شَخْصٌ مِثْلُه،

والأَرضُ نائِيةُ الشخُوصِ بَراحُ

(1). قوله [والرفاع حبل] كذا بالأصل بدون هاء تأنيث وهو عين ما بعده.

ص: 129

ورافَعْتُ فُلَانًا إِلى الْحَاكِمِ وتَرافَعْنا إِليه ورفَعه إِلى الحَكَمِ رَفْعاً ورُفْعاناً ورِفْعاناً: قَرَّبَهُ مِنْهُ وقَدَّمه إِليه ليُحاكِمَه، ورَفَعْتُ قِصَّتي: قَدَّمْتُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَهُمْ رَفَعُوا لِلطَّعْن أَبْناء مَذْحِجٍ

أَي قدَّمُوهم لِلْحَرْبِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:

ورَفَعَته إِلى السِّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ «1»

أَي بَلَغَتْ بالحَفْر وقَدَّمَتْه إِلى مَوْضِعِ السِّجْفَيْنِ، وَهُمَا سِتْرا رُواقِ الْبَيْتِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ ارْتَفَع الشَّيْءُ أَي تقدَّم، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الارْتِفاعِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى العُلُوّ، والسيرُ المَرْفُوعُ: دُونَ الحُضْر وَفَوْقَ المَوْضُوعِ يَكُونُ لِلْخَيْلِ والإِبل، يُقَالُ: ارْفَعْ مِنْ دابَّتك؛ هَذَا كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا ارْتَفَعَ الْبَعِيرُ عَنِ الهَمْلَجة فَذَلِكَ السَّيْرُ المَرْفُوعُ، والرَّوافِعُ إِذا رفَعُوا فِي مَسيرهم. قَالَ سِيبَوَيْهِ: المَرْفُوعُ والمَوْضُوعُ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى مَفْعول كأَنه لَهُ مَا يَرْفَعُه وَلَهُ مَا يَضَعُه. ورفَع البعيرُ فِي السَّيْرِ يَرْفَع، فَهُوَ رافعٌ أَي بالَغَ وسارَ ذَلِكَ السيرَ، ورفَعَه ورفَع مِنْهُ: سَارَهُ، كَذَلِكَ، يَتعدّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ وَكَذَلِكَ رَفَّعْتُه تَرْفِيعاً. ومَرْفُوعها: خِلَافُ مَوْضُوعِها، وَيُقَالُ: دَابَّةٌ لَهُ مَرْفُوع وَدَابَّةٌ لَيْسَ لَهُ مَرْفُوع، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِثْلُ المَجْلُود والمَعْقُول: قَالَ طَرَفَةُ:

مَوْضُوعُها زَوْلٌ، ومَرْفُوعها

كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:

مَرْفُوعُهَا زَوْلٌ، وَمَوْضُوعُهَا

كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح

والمرفوعُ: أَرفع السَّيْرِ، والمَوضُوع دُونَهُ، أَي أَرْفَعُ سَيْرِهَا عَجَب لَا يُدْرك وصْفُه وتشبيهُه، وأَمّا مَوْضُوعُهَا وَهُوَ دُونَ مَرْفُوعِهَا، فَيُدْرَكُ تَشْبِيهُهُ وَهُوَ كَمَرِّ الرِّيحِ المُصوِّتة، وَيُرْوَى: كَمَرِّ غَيْثٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَرَفَعْتُ نَاقَتِي

أَي كلّفْتها المَرْفُوع مِنَ السَّيْرِ، وَهُوَ فَوْقَ الْمَوْضُوعِ وَدُونَ العَدْو. وَفِي الْحَدِيثِ:

فرَفَعْنا مَطِيَّنا ورَفَع رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، مَطِيَّتَه وصَفِيَّةُ خَلْفَه.

وَالْحِمَارُ يُرَفِّع فِي عَدْوه تَرْفِيعاً، ورفَّع الحِمار: عَدا عَدْواً بعضُه أَرْفع مِنْ بَعْضٍ. وكلُّ مَا قدَّمْتَه، فَقَدْ رَفَّعْته. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ لَوْ أَخذت شَيْئًا فرَفَعْتَ الأَوّل، فالأَوّل رفَّعْته تَرْفِيعًا. والرِّفْعة: نَقِيضُ الذِّلّة. والرِّفْعة: خِلَافُ الضَّعَةِ، رَفُع يَرْفُع رَفاعة، فَهُوَ رَفيع إِذا شَرُف، والأُنثى بِالْهَاءِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُقَالُ رَفُع وَلَكِنِ ارْتَفَع، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ الْحَسَنُ تأْويل أَنْ تُرْفَعَ

أَنْ تُعَظَّم؛ قَالَ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَن تُبْنَى، كَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ. الأَصمعي: رَفَع القومُ، فهُم رافِعُون إِذا أَصْعَدُوا فِي الْبِلَادِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

دَعاهُنَّ داعٍ للخَرِيفِ، وَلَمْ تَكُنْ

لَهُنَّ بِلاداً، فانْتَجَعْنَ روافِعا

أَي مُصْعِداتٍ؛ يُرِيدُ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ البلادُ الَّتِي دعَتْهن لهُنّ بِلاداً. والرَّفِيعةُ: مَا رُفِعَ به عَلَى الرَّجل، ورَفَعَ فُلَانٌ عَلَى الْعَامِلِ رَفِيعة: وَهُوَ مَا يَرْفَعُه مِنْ قَضِيَّة ويُبَلِّغها. وَفِي الْحَدِيثِ:

كلُّ رافِعةٍ رَفَعتْ عَلَيْنا مِنَ البَلاغِ فَقَدْ حَرَّمْتُها أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلَّا لعُصْفُورِ قَتَبٍ أَو مَسْنَدِ مَحالةٍ

، أَي كلُّ نفْس أَو

(1). قوله: رفَعَته؛ في ديوان النابغة رفَّعته بتشديد الفاء.

ص: 130

جَمَاعَةٍ مُبلِّغة تُبَلِّغ وتُذِيعُ عَنَّا مَا نَقُولُهُ فَلْتُبَلّغْ ولتَحْك أَنّي قَدْ حَرَّمْت الْمَدِينَةَ أَن يُقْطَع شَجَرُهَا أَو يُخْبَط ورَقُها، وَرُوِيَ:

مِنَ البُلَّاغِ

، بِالتَّشْدِيدِ، بِمَعْنَى المُبَلِّغين كالحُدّاثِ بِمَعْنَى المُحدِّثِين؛ والرَّفْع هُنَا مِنْ رَفَع فُلَانٌ عَلَى الْعَامِلِ إِذا أَذاع خَبَرَهُ وَحَكَى عَنْهُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ أَيامُ رَفاعٍ ورِفاعٍ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ الجَرامَ والجِرامَ وأَخَواتها إِلا الرِّفاع فإِني لَمْ أَسمعها مَكْسُورَةً، وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: يقال جَاءَ زَمَنُ الرَّفاعِ والرِّفاعِ إِذا رُفِعَ الزَّرْعُ، والرَّفاعُ والرِّفاعُ: اكْتِنازُ الزَّرعِ ورَفْعُه بَعْدَ الحَصاد. ورَفَع الزَّرعَ يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفاعة ورَفاعاً: نَقَلَهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْصِدُهُ فِيهِ إِلى البَيْدر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وبَرْقٌ رَافِعٌ: ساطعٌ؛ قَالَ الأَحوص:

أَصاحِ أَلم تَحْزُنْك رِيحٌ مَرِيضةٌ،

وبَرْقٌ تَلالا بالعَقِيقَيْنِ رافِعُ؟

وَرَجُلٌ رَفِيعُ الصوتِ أَي شَرِيفٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيّ: وَلَمْ يَقُولُوا مِنْهُ رَفُع؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالُوا رَفِيع وَلَمْ نَسمعهم قَالُوا رَفُع. وَقَالَ غَيْرُهُ: رَفُعَ رِفْعة أَي ارْتَفَعَ قَدْرُه. ورَفاعةُ الصَّوْتِ ورُفاعتُه، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ: جَهارَتُه. ورَجل رَفِيعُ الصَّوْتِ: جَهِيرُه. وَقَدْ رَفُع الرَّجُلُ: صَارَ رَفِيع الصوتِ. وأَمّا الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ:

كَانَ إِذا دَخَلَ العَشْرُ أَيْقظَ أَهلَه ورَفَع المِئْزَر

، وَهُوَ تَشْمِيرُهُ عَنِ الإِسبال، فَكِنَايَةٌ عَنِ الاجْتهاد فِي العِبادة؛ وَقِيلَ: كُنِي بِهِ عَنِ اعْتِزال النِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ سَلَامٍ: مَا هلَكت أُمّة حَتَّى يُرْفَع القُرآنُ عَلَى السُّلْطَانِ

أَي يتَأَوَّلونه ويَرَوْن الْخُرُوجَ بِهِ عَلَيْهِ. والرَّفْعُ فِي الإِعراب: كَالضَّمِّ فِي البِناء وَهُوَ مِنْ أَوضاع النَّحْوِيِّينَ، والرَّفعُ فِي الْعَرَبِيَّةِ: خِلَافُ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ، والمُبْتَدأُ مُرافِع لِلْخَبَرِ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْفَع صَاحِبَهُ. ورِفاعةُ، بِالْكَسْرِ: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو رِفاعةَ: قَبِيلَةٌ. وَبَنُو رُفَيْع: بَطْنٌ. ورافِع: اسم.

رقع: رقَع الثوبَ والأَديم بالرِّقاع يَرْقَعُه رَقْعاً ورقَّعَه: أَلحَمَ خَرْقه، وَفِيهِ مُتَرَقَّعٌ لِمَنْ يُصْلِحه أَي موضعُ تَرْقِيع كَمَا قَالُوا فِيهِ مُتَنَصَّح أَي مَوْضِعُ خِياطة. وَفِي الْحَدِيثِ:

المؤمنُ واهٍ راقِعٌ فالسَّعِيدُ مَن هلَك عَلَى رَقْعِه

، قَوْلُهُ واهٍ أَي يَهِي دِينُه بِمَعْصِيَتِهِ ويَرْقَعُهُ بِتَوْبَتِهِ، مِنْ رَقَعْت الثوبَ إِذا رَمَمْته. واسْتَرْقَع الثوبُ أَي حانَ لَهُ أَن يُرْقَعَ. وتَرْقِيعُ الثَّوْبِ: أَن تُرَقِّعَه فِي مَوَاضِعَ. وَكُلُّ مَا سَدَدْت مِنْ خَلّة، فَقَدْ رَقَعْتَه ورَقَّعْته؛ قَالَ عُمر بْنُ أَبي رَبِيعةَ:

وكُنَّ، إِذا أبْصَرْنَني أَو سَمِعْنَني،

خَرَجْن فَرَقَّعْنَ الكُوى بالمَحاجِرِ «2»

وأَراه عَلَى الْمَثَلِ. وَقَدْ تَجاوَزُوا بِهِ إِلى مَا لَيْسَ بِعَيْن فَقَالُوا: لَا أَجِدُ فيكَ مَرْقَعاً لِلْكَلَامِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خَطِيب مِصْقَعٌ، وشاعِرٌ مِرْقَعٌ، وحادٍ قُراقِرٌ مِصْقع يَذْهَب فِي كُلِّ صُقْع مِنَ الْكَلَامِ، ومِرْقع يَصِلُ الْكَلَامَ فيَرْقَع بعضَه بِبَعْضٍ. والرُّقْعةُ: مَا رُقِع بِهِ: وَجَمْعُهَا رُقَعٌ ورِقاعٌ. والرُّقْعة: وَاحِدَةُ الرِّقاع الَّتِي تُكْتَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَجِيء أَحدُكم يومَ القِيامة عَلَى رقَبته رِقاع تَخْفِق

؛ أَراد بالرِّقاعِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الحُقوق الْمَكْتُوبَةِ في الرقاع،

(2). في ديوان عمر: سَعَين مكان خرجن.

ص: 131

وخُفُوقُها حرَكَتُها. والرُّقْعة: الخِرْقة. والأَرْقَعُ والرَّقِيعُ: اسْمَانِ لِلسَّمَاءِ الدُّنيا لأَنّ الْكَوَاكِبَ رَقَعَتْها، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها مَرْقُوعة بِالنُّجُومِ، وَاللَّهُ أَعلم، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها رُقِعت بالأَنوار الَّتِي فِيهَا، وَقِيلَ: كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ السَّمَاوَاتِ رَقِيع للأُخرى، وَالْجَمْعُ أَرْقِعةٌ، وَالسَّمَاوَاتُ السَّبْعُ يُقَالُ إِنها سَبْعَةُ أَرْقِعة، كلٌ سَماء مِنْهَا رَقَعت الَّتِي تَلِيهَا فَكَانَتْ طَبَقاً لَهَا كَمَا تَرْقَع الثوبَ بالرُّقعة. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ قَوْلِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، لسعْد بْنِ مُعَاذٍ، رضي الله عنه، حِينَ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظةَ: لقدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوقِ سَبعة أَرْقِعة

، فَجَاءَ بِهِ عَلَى التَّذْكِيرِ كأَنه ذَهب بِهِ إِلى مَعْنَى السقْف، وَعَنَى سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، وكلُّ سَمَاءٍ يُقَالُ لَهَا رَقِيع، وَقِيلَ: الرَّقِيع اسْمُ سَمَاءِ الدُّنْيَا فأَعْطَى كُلَّ سَماء اسْمَها. وَفِي الصِّحَاحِ: والرَّقِيع سَمَاءُ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ السَّمَاوَاتِ. والرَّقِيعُ: الأَحمق الَّذِي يَتَمَزَّقُ عَلَيْهِ عَقْلُه، وَقَدْ رَقُع، بِالضَّمِّ، رَقاعةً، وهو الأَرْقَعُ والمَرْقَعانُ، والأُنثى مَرْقَعانة، ورَقْعاءُ، مولَّدة، وَسَمِّي رَقِيعاً لأَن عَقْلَهُ قَدْ أَخْلَق فاسْتَرَمَّ وَاحْتَاجَ إِلى أَن يُرْقَع. وأَرْقَع الرَّجلُ أَي جَاءَ برَقاعةٍ وحُمْقٍ. وَيُقَالُ: مَا تَحْتَ الرَّقِيع أَرْقَعُ مِنْهُ. والرُّقْعة: قِطْعة مِنَ الأَرض تَلْتَزِق بأُخرى. والرُّقعة: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ كالجَوْزة، لَهَا وَرَقٌ كَوَرَقِ القَرْع، وَلَهَا ثَمَرٌ أَمثال التِّينِ العُظام الأَبيض، وَفِيهِ أَيضاً حَبٌّ كَحَبِّ التِّين، وَهِيَ طَيِّبَةُ القِشْرة وَهِيَ حُلوة طَيِّبَةٌ يأْكلها النَّاسُ والمَواشِي، وَهِيَ كَثِيرَةُ الثَّمَرِ تُؤْكَلُ رَطْبة وَلَا تُسَمَّى ثَمَرَتُهَا تِينًا، وَلَكِنْ رُقَعاً إِلا أَن يُقَالَ تِينُ الرُّقَع. وَيُقَالُ: قَرَّعني فُلَانٌ بِلَوْمِه فَمَا ارْتَقَعْت بِهِ أَي لَمْ أَكْتَرِث بِهِ. وَمَا أَرْتَقِعُ بِهَذَا الشَّيْءِ وَمَا أَرْتَقِعُ لَهُ أَي مَا أُبالي بِهِ وَلَا أَكترث؛ قَالَ:

ناشَدتُها بِكِتَابِ اللهِ حُرْمَتَنا،

وَلَمْ تَكُن بِكتابِ اللهِ تَرْتَقِعُ

وَمَا تَرْتَقِعُ مِنِّي برَقاع وَلَا بِمِرْقاعٍ أَي مَا تُطِيعُني وَلَا تَقْبَل مِمَّا أَنصحك بِهِ شَيْئًا، لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا فِي الْجَحْدِ. وَيُقَالُ: رَقَع الغَرضَ بِسَهْمِهِ إِذا أَصابه، وكلُّ إِصابةٍ رَقْعٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَقْعةُ السَّهْمِ صَوْتُهُ فِي الرُّقْعة. ورقَعَه رَقْعاً قَبِيحًا أَي هَجاه وشَتَمه؛ يُقَالُ: لأَرْقَعَنَّه رَقْعاً رَصِيناً. وأَرى فِيهِ مُتَرَقَّعاً أَي مَوْضِعًا للشتْمِ والهِجاء؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا تَرَكَ الهاجونَ لِي فِي أَدِيمكمْ

مَصَحًّا، ولكِنِّي أَرى مُتَرَقَّعا

وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَبى القَلْبُ إِلَّا أُمّ عَمْروٍ وحُبّها عَجُوزاً،

ومَن يُحْبِبْ عَجُوزاً يُفَنَّدِ

كثَوْبِ الْيَمَانِي قَدْ تَقادَمَ عَهْدُه،

ورُقْعَتُه مَا شِئْتَ فِي العينِ واليدِ

فإِنما عَنَى بِهِ أَصلَه وجَوْهَره. وأَرْقَع الرجلُ أَي جَاءَ برَقاعةٍ وحُمْق. وَيُقَالُ: رَقَع ذَنَبَه بسَوْطه إِذا ضَرَبَهُ بِهِ. وَيُقَالُ: بِهَذَا الْبَعِيرِ رُقْعة مِنْ جَرَب ونُقْبة مِنْ جَرَبٍ، وَهُوَ أَوّل الجرَب. وَرَاقَعَ الخمرَ: وَهُوَ قَلْبُ عاقَرَ. والرَّقْعاء مِنَ النِّسَاءِ: الدَّقِيقةُ الساقَيْنِ، ابْنُ السِّكِّيتِ، فِي الأَلفاظ: الرَّقْعاء والجَبّاء والسَّمَلَّقةُ: الزَّلَّاءُ مِنَ النِّسَاءِ، وَهِيَ الَّتِي لَا عَجِيزةَ لَهَا. وامرأَة

ص: 132

ضَهْيَأَةٌ بِوَزْنِ فَعْللة مَهْمُوزَةً: وَهِيَ الَّتِي لَا تَحِيضُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

ضَهْيأَة أَو عاقِر جَماد

وَيُقَالُ لِلَّذِي يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ: وهو تَنْبِيق وتَرْقِيع وتَوْصِيل، وَهُوَ صَاحِبُ رَمْيَةٍ يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ

مُعاوية: كَانَ يَلْقَم بِيَدٍ ويَرْقَعُ بالأُخرى

أَي يَبسُط إِحدى يَدَيْهِ لِيَنْتَثِرَ عَلَيْهَا مَا يسقطُ مِنْ لُقَمه. وجُوعٌ يَرْقوع ودَيْقُوع ويُرْقُوعٌ: شَدِيدٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. وَقَالَ أَبو الْغَوْثِ: جُوعٌ دَيْقُوع وَلَمْ يُعْرَفْ يَرْقُوع. والرُّقَيْعُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. والرُّقَيْعِيُّ: مَاءٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ. وقَنْدةُ الرّقاعِ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَابْنُ الرِّقاعِ العامِلِيّ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَالَ الرّاعِي:

لَوْ كُنْتَ مِن أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكمُ،

يَا ابْنَ الرِّقاع، وَلَكِنْ لسْتَ مِن أَحَدِ

فأَجابه ابْنُ الرِّقاع فَقَالَ:

حُدِّثْتُ أَنّ رُوَيْعِي الإِبْلِ يَشْتُمُني،

واللهُ يَصْرِفُ أَقْواماً عَنِ الرَّشَدِ

فإِنْكَ والشِّعْرَ ذُو تُزْجِي قَوافِيَه،

كَمُبْتَغِي الصَّيْدِ فِي عِرِّيسةِ الأَسَدِ

ركع: الرُّكوع: الخُضوع؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. رَكع يَرْكَع رَكْعاً ورُكُوعاً: طَأْطأَ رأْسَه. وكلُّ قَوْمة يَتْلُوهَا الرُّكُوعُ والسجْدتان مِنَ الصَّلَوَاتِ، فهِي رَكْعة؛ قَالَ:

وأُفْلِتَ حاجِبٌ فَوْتَ العَوالي،

عَلَى شَقّاء تَرْكَعُ فِي الظِّرابِ

وَيُقَالُ: رَكع المُصلّي رَكْعَةً وَرَكْعَتَيْنِ وَثَلَاثَ رَكعات، وأَما الرُّكوع فَهُوَ أَن يَخْفِض الْمُصَلِّي رأْسه بَعْدَ القَوْمة الَّتِي فِيهَا القِراءة حَتَّى يَطْمَئِنَّ ظَهْرُهُ رَاكِعًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:

أَدِبُّ كأَنِّي كُلَّما قُمْتُ راكِع

فالرّاكِعُ: الْمُنْحَنِي فِي قَوْلِ لَبِيدٍ. وكلُّ شَيْءٍ يَنْكَبُّ لِوَجْهِهِ فَتَمسُّ ركبتُه الأَرضَ أَو لَا تَمَسُّهَا بَعْدَ أَن يَخْفِضَ رأْسه، فَهُوَ رَاكِعٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ: نَهاني أَن أَقرأَ وأَنا رَاكِعٌ أَو سَاجِدٌ

؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمَّا كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَهُمَا غَايَةُ الذُّلِّ والخُضوع، مَخْصُوصَيْنِ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ نَهَاهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا كأَنه كَرِه أَن يَجْمَعَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ النَّاسِ فِي مَوْطِن وَاحِدٍ فَيَكُونَا عَلَى السَّواء فِي المَحَلِّ والمَوْقِع؛ وَجَمْعُ الرَّاكِعِ رُكَّع ورُكُوع، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُسَمِّي الحَنِيف رَاكِعًا إِذا لَمْ يَعْبُد الأَوثان وَتَقُولُ: رَكَع إِلى اللَّهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إِلى رَبِّه رَبِّ البَرِيّةِ راكِع

وَيُقَالُ: ركَع الرَّجُلُ إِذا افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى وانْحَطَّت حالُه؛ وَقَالَ:

وَلَا تُهِينَ الفَقِيرَ، عَلَّكَ أَن

تركَعَ يَوْماً، والدهْرُ قَدْ رَفَعَهْ

أَراد وَلَا تُهِينَن فَجَعَلَ النُّونَ أَلفاً سَاكِنَةً فَاسْتَقْبَلَهَا سَاكِنٌ آخَرُ فَسَقَطَتْ. والرُّكوع: الِانْحِنَاءُ، وَمِنْهُ رُكوع الصَّلَاةِ، وركَع الشيخُ: انْحَنَى مِنَ الكِبَر، والرَّكْعةُ: الهُوِيُّ فِي الأَرض، يَمَانِيَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ ركَع أَي كَبا وعَثَر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ص: 133

وأُفلت حَاجِبٌ فَوْتَ العَوالي

وأَورد البيت «1» .

رمع: التَّرَمُّع: التحرُّك. رَمَعَ الرجلُ يَرْمَعُ رَمْعاً ورَمَعاناً وتَرَمَّع: تَحَرَّكَ، وَقِيلَ: رَمَع بِرأْسِه إِذا سُئل فَقَالَ: لَا؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الْجَرَّاحِ. وَيُقَالُ: هُوَ يَرْمَع بِيَدَيْهِ أَي يَقُولُ: لَا تَجِئْ، ويُومئ بِيَدَيْهِ أَي يَقُولُ تَعَالَ. ورَمَعَ الشيءُ رَمَعاناً: اضْطَرَبَ. والرَّمَّاعةُ، بِالتَّشْدِيدِ: مَا تَحَرَّكَ مِنْ رأْس الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ مِنْ يافُوخه مِنْ رِقَّته، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاضْطِرابها، فإِذا اشْتَدَّتْ وَسَكَنَ اضْطِرابُها فَهِيَ اليافُوخُ. والرَّمَّاعة: الاسْتُ لأَنها تَرَمَّع أَي تَحَرّكُ فتجِيء وتذهَب مِثْلَ الرّمَّاعة مِنْ يَافُوخِ الصَّبِيَّ. وَيُقَالُ: كَذَبتْ رَمّاعَتُه إِذا حَبَقَ، وتَرَمَّع فِي طُمَّته تَسَكَّع فِي ضَلالته يَجيء وَيَذْهَبُ. يُقَالُ: دَعْهُ يَتَرَمَّع فِي طُمَّته، قِيلَ: هُوَ يَتَسَكَّعُ فِي ضَلَالَتِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ دَعه يَتَلَطَّخ بخُرْئه. ابْنُ الأَعرابي: الرَّمِعُ الَّذِي يَتَحَرَّكُ طرَفُ أَنفه مِنَ الغضَب. ورَمَع أَنفُ الرَّجُلِ وَالْبَعِيرِ يرْمَعُ رَمَعاناً وتَرَمَّعَ، كِلَاهُمَا: تحرَّك مِنْ غَضب، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَرَاهُ كأَنه يَتَحَرَّكُ مِنَ الْغَضَبِ. وَيُقَالُ: جَاءَنَا فُلَانٌ رامِعاً قِبِرَّاه؛ القِبِرَّى: رأْس الأَنف، ولأَنفِه رَمَعانٌ ورَمَعٌ. الرَّمَّاع: الَّذِي يأَتيك مُغْضَباً ولأَنْفِه رَمَعان أَي تحرُّكٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه اسْتَبَّ عِنْدَهُ رجلانِ فَغَضِب أَحدهما حَتَّى خُيِّلَ إِلى مَنْ رَآهُ أَن أَنفه يَتَرَمَّع

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَالرِّوَايَةُ

يَتَمزَّعُ

وَلَيْسَ يَتَمزَّع بِشَيْءٍ، قَالَ الأَزهري: إِن صَحَّ يَتَمَزَّعُ فإِن مَعْنَاهُ يتشقَّق. يُقَالُ: مزَّعْت الشيءَ إِذا قسَّمْته، قَالَ: وأَنا أَحسَبه يَتَرمَّع وَهُوَ أَن تَرَاهُ كأَنه يَرْعُد مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ. وقَبَّحَ اللَّهُ أُمّاً رَمَعَتْ بِهِ رَمْعاً أَي وَلَدَتْهُ. والرُّماعُ: دَاءٌ فِي الْبَطْنِ يَصْفَرُّ مِنْهُ الْوَجْهُ. ورُمِع ورُمِّعَ ورَمِع رَمَعاً وأَرْمَعَ: أَصابه ذَلِكَ، والأَوّلُ أَعلى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِئْسَ غِذاء العَزَب المَرْمُوع

حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوع «2»

والرَّمَّاعُ: الَّذِي يَشْتَكِي صُلْبَه مِنَ الرُّماع. وَهُوَ وَجَعٌ يَعْرِض فِي ظَهْرِ السَّاقِي حَتَّى يَمْنَعَهُ مِنَ السَّقْي. واليَرْمَعُ: الحَصى الْبِيضُ تَلأْلأُ فِي الشَّمْسِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَذْكُرُ السَّرَابَ:

ورَقْرَقَ الأَبْصارَ حَتَّى أَفْدَعا

بالبيدِ، إِيقادَ النَّهَارِ اليَرْمَعا

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ حِجَارَةٌ لَيِّنَةٌ رِقَاقٌ بِيضٌ تَلْمَع، وَقِيلَ: هِيَ حِجَارَةٌ رخْوة، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ يَرْمَعة. وَيُقَالُ للمَغْموم: تَرَكْتُهُ يَفُتُّ اليَرْمَع؛ وَفِي مَثَل:

كَفّا مُطَلَّقةٍ تَفُتُّ اليَرْمَعا

يُضْرَبُ مَثَلًا لِلنَّادِمِ عَلَى الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: اليَرْمَعُ الخَرّارةُ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ إِذا أُدِيرت سَمِعْتَ لَهَا صَوْتًا، وَهِيَ الخُذرُوف. ورِمَعٌ: مَنْزِلٌ بِعَيْنِهِ للأَشعريين. ورِمَعٌ ورُماعٌ: مَوْضِعَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ رِمَع، قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ عَكٍّ بِالْيَمَنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ورِمَعٌ جَبَلٌ بِالْيَمَنِ؛ قال أَبو دَهْبَل:

(1). راجع هذا البيت في الصفحة السابقة

(2)

. قوله [غذاء العزب] كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: مقام الغرب.

ص: 134

مَاذَا رُزِئنا غداةَ الخَلِّ منْ رِمَعٍ،

عِنْدَ التفرُّقِ، مِن خَيْرٍ وَمِنْ كَرَمِ

رنع: رَنَعَ الزرْعُ: احْتَبَسَ عَنْهُ الْمَاءُ فضمَر. ورَنَع الرَّجل برأْسه إِذا سُئل فَحَرَّكَهُ يَقُولُ: لَا. وَيُقَالُ: لِلدَّابَّةِ إِذا طرَدَت الذُّبابَ برأْسها: رَنَعَت؛ وأَنشد شَمِرٌ لمَصادِ بْنِ زُهَيْرٍ:

سَما، بالرَّانِعاتِ مِنَ الْمَطَايَا،

قَوِيٌّ لَا يَضِلُّ وَلَا يَجُورُ

والمَرْنَعةُ: القِطعة مِنَ الصَّيد أَو الطَّعَامِ أَو الشَّرَابِ. والمَرْنَعةُ والمَرْغَدة: الرَّوْضةُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ رانِعُ اللَّونِ، وَقَدْ رَنَعَ لونُه يَرْنَع رنُوعاً. إِذا تغيَّر وذَبُلَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَتْ لَنَا البارحةَ مَرْنَعةٌ، وَهِيَ الأَصوات واللَّعِبُ.

روع: الرَّوْعُ والرُّواع والتَّرَوُّع: الفَزَعُ، راعَني الأَمرُ يَرُوعُني رَوْعاً ورُووعاً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كَذَلِكَ حَكَاهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وإِن شِئْتَ هَمَزْتَ، وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: إِذا شَمِطَ الإِنسانُ فِي عارِضَيْه فَذَلِكَ الرَّوْعُ

، كأَنه أَراد الإِنذار بِالْمَوْتِ. قَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ شَيْءٍ يَروعُك مِنْهُ جَمَالٌ وكَثرة تَقُولُ رَاعَنِي فَهُوَ رَائِعٌ. والرَّوْعةُ: الفَزْعة. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

اللَّهُمَّ آمِنْ رَوعاتي

؛ هِيَ جَمْعُ رَوْعة وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّوْع الفَزَعِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَعَثَهُ ليَدِيَ قَوْمًا قتَلَهم خالدُ بْنُ الْوَلِيدِ فأَعطاهم مِيلَغةَ الْكَلْبِ ثُمَّ أَعطاهم بِرَوْعةِ الْخَيْلِ

؛ يُرِيدُ أَن الْخَيْلَ رَاعَتْ نِساءهم وصبْيانهم فأَعطاهم شَيْئًا لِما أَصابهم مِنْ هَذِهِ الرَّوْعة. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَفْرَخَ رَوْعُه أَي ذَهب فَزَعُه وَانْكَشَفَ وسكَن. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَفْرِخ رَوعك، تَفْسِيرُهُ لِيَذْهَبْ رُعْبُك وفزَعُك فإِن الأَمر لَيْسَ عَلَى مَا تُحاذِر؛ وَهَذَا الْمَثَلُ

لِمُعَاوِيَةَ كَتَبَ بِهِ إِلى زِيَادٍ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ عَلَى الْبَصْرَةَ وَكَانَ المُغيرةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَى الْكُوفَةِ، فتُوُفِّيَ بِهَا فَخَافَ زِيَادٌ أَن يُوَلِّيَ مُعاويةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مَكَانَهُ، فَكَتَبَ إِلى مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِوَفَاةِ الْمُغِيرَةِ ويُشير عَلَيْهِ بِتَوْلِيَةِ الضَّحَّاك بْنِ قَيْسٍ مَكَانَهُ، ففَطِن لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَتَبَ إِليه: قَدْ فَهِمْت كِتَابَكَ فأَفْرِخْ رَوْعَكَ أَبا الْمُغِيرَةِ وَقَدْ ضَمَمْنَا إِليك الْكُوفَةَ مَعَ الْبَصْرَةَ

؛ قَالَ الأَزهري: كُلٌّ مَنْ لَقِيتُهُ مِنَ اللُّغَوِييِنَ يَقُولُ أَفْرَخَ رَوْعه، بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ رَوَّعَهُ، إِلا مَا أَخبرني بِهِ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه كَانَ يَقُولُ: إِنما هُوَ أَفْرَخَ رُوعهُ، بِضَمِّ الرَّاءِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ خَرَجَ الرَّوْعُ مِنْ قَلْبِهِ. قَالَ: وأَفْرِخْ رُوعَك أَي اسْكُن وأْمَنْ. والرُّوع: مَوْضِعُ الرَّوْع وَهُوَ الْقَلْبُ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:

جَذْلانَ قَدْ أَفْرَخَتْ عَنْ رُوعِه الكُرَبُ

قال: وَيُقَالُ أَفرخت الْبَيْضَةُ إِذا خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْهَا. قَالَ: والرَّوْع الفزَعُ، والفزَعُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَزْعِ، إِنما يَخْرُجُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، وَهُوَ الرُّوع. قَالَ: والرَّوْعُ فِي الرُّوعِ كالفَرْخِ فِي الْبَيْضَةِ. يُقَالُ: أَفرخت الْبَيْضَةُ إِذا انْفَلَقَتْ عَنِ الفرْخ فَخَرَجَ مِنْهَا، قَالَ: وأَفْرَخَ فؤادُ الرَّجُلِ إِذا خَرَجَ رَوْعه مِنْهُ؛ قَالَ: وقلَبَه ذُو الرُّمَّةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِالْمَعْنَى فَقَالَ:

جذلانَ قَدْ أَفرخت عَنْ رُوعه الْكُرَبُ

قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ بَيِّنٌ غَيْرَ أَني أَستوحش مِنْهُ لِانْفِرَادِهِ بِقَوْلِهِ، وَقَدِ استدرَكَ الخلف عن السَّلَفِ أَشياء رُبَّمَا زَلُّوا فِيهَا فَلَا نُنْكِرُ إِصابة أَبي الْهَيْثَمِ فِيمَا ذَهَبَ إِليه، وَقَدْ كَانَ لَهُ حَظّ مِنَ الْعِلْمِ

ص: 135

مُوَفَّر، رحمه الله. وارْتاعَ مِنْهُ وَلَهُ ورَوَّعه فتَرَوَّعَ أَي تَفَزَّعَ. ورُعْت فُلَانًا ورَوَّعْتُه فارْتاعَ أَي أَفْزَعْتُه فَفَزِعَ. وَرَجُلٌ رَوِعٌ ورائعٌ: متروِّع، كِلَاهُمَا عَلَى النَّسَبِ، صَحَّتِ الْوَاوُ فِي رَوِع لأَنهم شَبَّهُوا حَرَكَةَ الْعَيْنِ التَّابِعَةِ لَهَا بِحَرْفِ اللِّين التابِع لَهَا، فكأَنَّ فَعِلًا فَعِيل، كَمَا يَصِحُّ حَويل وطَويل فعَلى نحْوٍ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ رَوِعٌ؛ وَقَدْ يَكُونُ رَائِعٌ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كَقَوْلِهِ:

ذَكَرْت حَبِيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ

وَقَالَ:

شُذَّانُها رائعةٌ مِن هَدْرِه

أَي مُرْتاعة. ورِيعَ فُلَانٌ يُراع إِذا فَزِع. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، رَكِبَ فَرَسًا لأَبي طَلْحَةَ لَيْلًا لِفَزَعٍ نابَ أَهلَ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا رجَع قَالَ: لَنْ تُراعُوا لَنْ تُرَاعُوا إِنّي وجدْته بَحْراً

؛ مَعْنَاهُ لَا فزَع وَلَا رَوْعَ فاسْكنوا واهْدَؤوا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ عُمَرَ: فَقَالَ لَهُ المَلك لَمْ تُرَعْ

أَي لَا فزَعَ وَلَا خَوْف. وراعَه الشيءُ رُؤوعاً ورُوُوعاً، بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورَوْعةً: أَفْزَعَه بِكَثْرَتِهِ أَو جَمَالِهِ. وَقَوْلُهُمْ لَا تُرَعْ أَي لَا تَخَف وَلَا يَلْحَقْك خَوْفٌ؛ قَالَ أَبو خِراش:

رَفَوْني وَقَالُوا: يَا خُوَيْلِد لَا تُرَعْ

فقلتُ، وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ: هُمُ هُمُ

وللأُنثى: لَا تُراعِي؛ وَقَالَ مَجْنُونُ قَيْسِ بْنُ مُعاذ الْعَامِرِيُّ، وَكَانَ وَقَعَ فِي شرَكه ظَبْيَةٌ فأَطْلَقها وَقَالَ:

أَيا شِبْهَ لَيْلى، لَا تُراعِي فَإِنَّني

لَكِ اليومَ مِن وَحْشيّةٍ لَصَدِيقُ

وَيَا شِبْهَ لَيْلَى لَا تَزالي بِرَوضَةٍ،

عَلَيْكِ سَحابٌ دائمٌ وبُرُوقُ

أَقُولُ، وَقَدْ أَطْلَقْتُها مِنْ وِثاقِها:

لأَنْتِ لِلَيْلى، مَا حَيِيتُ، طَلِيقُ

فَعَيْناكِ عَيْناها وجِيدُكِ جِيدُها،

سِوى أَنَّ عَظْمَ السَّاقِ مِنْكِ دَقِيقُ

قَالَ الأَزهري: وَقَالُوا راعَه أَمْرُ كَذَا أَي بلَغ الرَّوْعُ رُوعَه. وَقَالَ غَيْرُهُ: رَاعَنِي الشيءُ أَعجبني. والأَرْوَعُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُعْجِبُك حُسْنه. والرائعُ مِنَ الجَمال: الَّذِي يُعْجِب رُوع مَن رَآهُ فيَسُرُّه. والرّوْعةُ: المَسْحةُ مِنَ الْجَمَالِ، والرَّوْقةُ: الجَمال الرَّائِقُ. وَفِي حَدِيثِ

وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: إِلى الأَقْيال العَباهِلة الأَرْواعِ

؛ الأَرواعُ: جَمْعُ رَائِعٍ، وَهُمُ الحِسانُ الوُجوهِ، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَرُوعُون النَّاسَ أَي يُفْزِعُونهم بمنْظَرِهم هَيْبةً لَهُمْ، والأَوّل أَوجَه. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ:

فيَرُوعُه مَا عَلَيْهِ مِنَ اللِّباس

أَي يُعْجبه حُسنه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطَاءٍ:

يُكره للمُحرِم كلُّ زِينةٍ رائعةٍ

أَي حَسَنة، وَقِيلَ: كلُّ مُعْجِبة رائقةٍ. وَفَرَسٌ روْعاء ورائعةٌ: تَرُوعك بعِتْقِها وَصِفَتِهَا؛ قَالَ:

رَائِعَةٌ تَحْمِلُ شَيْخاً رَائِعَا

مُجَرَّباً، قَدْ شَهِدَ الوَقائعا

وَفَرَسٌ رائعٌ وامرأَة رَائِعَةٌ كَذَلِكَ، ورَوْعاء بَيِّنة الرَّوَعِ مِنْ نِسْوَةٍ رَوائعَ ورُوعٍ. والأَرْوَعُ: الرَّجُلُ الْكَرِيمُ ذُو الجِسْم والجَهارة وَالْفَضْلِ والسُّودَد، وَقِيلَ: هُوَ الْجَمِيلُ الَّذِي يَرُوعُك حُسنه ويُعجبك إِذا رأَيته، وَقِيلَ: هُوَ الْحَدِيدُ، وَالِاسْمُ الرَّوَعُ، وَهُوَ بَيِّنُ الرَّوَعِ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ وَاحِدٌ، فالمتعدِّي

ص: 136

كَالْمُتَعَدِّي، وَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَغَيْرِ الْمُتَعَدِّي؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ فِي اشْتِقَاقِ الْفِعْلِ مِنْهُ رَوِعَ يَرْوَعُ رَوَعاً. وَقَلْبٌ أَرْوَعُ ورُواعٌ: يَرْتاع لحِدّته مِنْ كُلِّ مَا سَمِع أَو رَأَى. وَرَجُلٌ أَرْوعُ ورُواعٌ: حَيُّ النَّفْسِ ذَكيٌّ. وَنَاقَةٌ رُواعٌ ورَوْعاء: حديدةُ الفؤادِ. قَالَ الأَزهري: نَاقَةٌ رُواعة الْفُؤَادِ إِذا كَانَتْ شَهْمةً ذَكِيّة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

رَفَعْتُ لَهَا رَحْلي عَلَى ظَهْرِ عِرْمِسٍ،

رُواعِ الفُؤادِ، حُرّةِ الوَجْهِ عَيْطَلِ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

رَوْعاء مَنْسِمُها رَثِيمٌ دَامِي

وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَلَا يُوصَفُ بِهِ الذَّكَرُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: فَرَسٌ رُواعٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَرَسٌ رَوْعاء لَيْسَتْ مِنَ الرَّائِعَةِ وَلَكِنَّهَا الَّتِي كأَنّ بِهَا فزَعاً مِنْ ذَكائها وخِفّةِ روحِها. وَقَالَ: فَرَسٌ أَروع كَرَجُلٍ أَروع. وَيُقَالُ: مَا راعَني إِلا مَجِيئك، مَعْنَاهُ مَا شَعَرْت إِلا بِمَجِيئِكَ كأَنه قَالَ: مَا أَصاب رُوعي إِلا ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: فَلَمْ يَرُعْني إِلا رَجُلٌ أَخذَ بمَنْكِبي

أَي لَمْ أَشعُر، كأَنه فاجأَه بَغْتةً مِنْ غَيْرِ مَوْعِد وَلَا مَعْرِفة فَرَاعَهُ ذَلِكَ وأَفزعه. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ سَقَانِي فُلَانٌ شَرْبةً راعَ بِهَا فُؤادِي أَي بَرَدَ بِهَا غُلّةُ رُوعي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

سَقَتْني شَرْبةً راعَت فؤادِي،

سَقاها اللهُ مِن حَوْضِ الرَّسُولِ

قَالَ أَبو زَيْدٍ: ارْتاعَ للخَبَر وارتاحَ لَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ورُواعُ القَلْبِ ورُوعُه: ذِهْنُه وخَلَدُه. والرُّوعُ، بِالضَّمِّ: القَلبُ والعَقْل، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي رُوعِي أَي نَفْسي وخَلَدِي وَبَالِي، وَفِي حديثٍ: نَفْسِي. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ رُوح القُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعي، وَقَالَ: إِنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفيَ رِزْقَها فاتَّقُوا اللَّهَ وأَجْمِلُوا فِي الطلَب

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ فِي نفْسي وخَلَدي وَنَحْوِ ذَلِكَ، ورُوحُ القُدُس: جِبْرِيلَ، عليه السلام. وَفِي بَعْضِ الطُّرق:

إِنَّ رُوحَ الأَمين نفَثَ فِي رُوعي.

والمُرَوَّعُ: المُلْهَم كأَنّ الأَمر يُلْقَى فِي رُوعه. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ:

إِنّ فِي كُلِّ أُمة مُحَدَّثِين ومُرَوَّعِين، فإِن يَكُنْ فِي هَذِهِ الأُمةِ مِنْهُمْ أَحد فَهُوَ عُمر

؛ المُرَوَّعُ: الَّذِي أُلقي فِي رُوعه الصَّوَابُ والصِّدْق، وَكَذَلِكَ المُحَدَّث كأَنه حُدِّثَ بِالْحَقِّ الْغَائِبِ فَنَطَقَ بِهِ. وراعَ الشيءُ يَروعُ رُواعاً: رجَع إِلى مَوْضِعِهِ. وارْتاع كارْتاح. والرُّواع: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ بُشَيْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

تَحَمَّلَ أَهلُها مِنْهَا فَبانُوا،

فأَبْكَتْني مَنازِلُ للرُّواعِ

وَقَالَ رَبِيعة بْنُ مَقْرُوم:

أَلا صَرَمَتْ مَوَدَّتَكَ الرُّواعُ،

وجَدَّ البَيْنُ مِنْهَا والوَداعُ

وأَبو الرُّواعِ: مِنْ كُناهم. شَمِرٌ: رَوَّع فُلَانٌ خُبْزه ورَوَّغَه إِذا رَوَّاه «3» . وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَجَسَ فِي شَرْحِ بَيْتِ الرَّاعي يَصِفُ إِبلًا: غَيْر أَروعا، قَالَ: الأَرْوَعُ الَّذِي يَرُوعك جَماله؛ قَالَ: وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يُسْرِعُ إِليه الارْتياعُ.

ريع: الرَّيْع: النَّماء وَالزِّيَادَةُ. راعَ الطعامُ وَغَيْرُهُ يَرِيع رَيْعاً ورُيُوعاً ورِياعاً؛ هَذِهِ عن اللحياني،

(3). قوله [إذا رواه] أي بالدسم.

ص: 137

ورَيَعاناً وأَراعَ ورَيَّعَ، كلُّ ذَلِكَ: زَكا وَزَادَ، وَقِيلَ: هِيَ الزِّيَادَةُ فِي الدَّقِيقِ والخُبز. وأَراعَه ورَيَّعَه. وراعَتِ الحِنْطةُ وأَراعَتْ أَي زَكَتْ. قَالَ الأَزهري: أَراعت زَكَتْ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ راعتْ، وَهُوَ قَلِيلٌ. وَيُقَالُ: طَعَامٌ كَثِيرُ الرَّيْعِ. وأَرض مَرِيعة، بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَي مُخْصِبة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَراعتِ الشَّجَرَةُ كَثُرَ حَملها، قَالَ: وراعَت لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وأَراعَت الإِبلُ: كَثُرَ وَلَدُهَا. وراعَ الطحينُ: زَادَ وَكَثُرَ رَيْعاً. وكلُّ زِيادة رَيْعٌ. وراعَ الطعامُ وأَراعَ أَي صَارَتْ لَهُ زِيَادَةٌ فِي العَجْن والخَبز. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: امْلِكوا العَجِين فإِنه أَحد الرَّيْعَيْنِ

، قَالَ: هُوَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّمَاءِ عَلَى الأَصل؛ يُرِيدُ زيادةَ الدَّقِيقِ عِنْدَ الطَّحْن وفضلَه عَلَى كَيْل الحِنطة وَعِنْدَ الخَبز عَلَى الدَّقِيقِ، والمَلْكُ والإِمْلاك إِحكام الْعَجِينِ وإِجادَتُه، وَقِيلَ: مَعْنَى حَدِيثُ عُمَرَ أَي أَنْعِمُوا عَجْنه فإِنّ إِنعامَكم إِيّاه أَحدُ الرَّيْعَيْن. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، فِي كَفَّارَةِ اليَمين: لِكُلِّ مِسكين مُدُّ حِنْطة رَيْعُه إِدامُه

أَي لَا يَلْزَمُهُ مَعَ المدِّ إِدام، وإِنّ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ دَقِيقِ الْمُدِّ إِذا طَحَنَهُ يَشْتَرِي بِهَا الإِدام. وَفِي النَّوَادِرِ: راعَ فِي يَدِي كَذَا وَكَذَا وراقَ مِثْلُهُ أَي زَادَ. وتَرَيَّعَت يَدُهُ بالجُود. فاضَت. ورَيْعُ البَذْرِ: فَضْلُ مَا يَخْرُجُ مِنَ البِزْر عَلَى أَصله. ورَيْعُ الدِّرْع: فَضْلُ كُمَّيْها عَلَى أَطراف الأَنامل؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:

مُضاعفة يَغْشى الأَنامِلَ رَيْعُها؛

كأَنَّ قَتِيرها عُيونُ الجَنادِبِ

والرَّيْعُ: العَوْدُ والرُّجوع. راعَ يَريع وراهَ يَريهُ أَي رجَع. تَقُولُ: راعَ الشيءُ رَيْعاً رجَع وعادَ، وراعَ كَرُدَّ؛ أَنشَد ثَعْلَبٌ:

حَتَّى إِذا مَا فَاءَ مِنْ أَحْلامها،

وراعَ بَرْدُ الْمَاءِ فِي أَجْرامِها

وَقَالَ البَعِيث:

طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما

تُضَرِّبُ أَعْناقَ الرِّجال المَطامِع

وَفِي حَدِيثِ

جَرِيرٍ: وَمَاؤُنَا يَرِيعُ

أَي يَعُودُ وَيَرْجِعُ. والرَّيع: مَصْدَرُ رَاعَ عَلَيْهِ القَيْءُ يَرِيع أَي رَجَعَ وَعَادَ إِلى جَوْفه. وَلَيْسَ لَهُ رَيْع أَي مَرْجوع.

وَسُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنِ القيْء يَذْرَعُ الصَّائِمَ هَلْ يُفْطِر، فَقَالَ: هَلْ رَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقَالَ السَّائِلُ: مَا أَدري مَا تَقُولُ، فَقَالَ: هَلْ عَادَ مِنْهُ شَيْءٌ

؟ وَفِي رِوَايَةٍ:

فَقَالَ إِن راعَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلى جَوْفه فَقَدْ أَفطر

أَي إِن رجَع وَعَادَ. وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْءٍ رجَع إِليك، فَقَدْ راعَ يرِيع؛ قَالَ طَرَفةُ:

تَرِيعُ إِلى صَوْتِ المُهِيبِ وتَتَّقي،

بِذِي خُصَلٍ، رَوْعاتِ أَكْلَفَ مُلْبِد

وتَرَيَّع الماءُ: جَرَى. وتَرَيَّع الوَدَكُ والزيتُ والسمْنُ إِذا جَعَلْتَهُ فِي الطَّعَامِ وأَكثرت مِنْهُ فَتَميَّعَ هَاهُنَا وَهَاهُنَا لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ وَجْهٌ؛ قَالَ مُزَرِّد:

ولَمَّا غَدَتْ أُمِّي تُحَيِّي بَناتِها،

أَغَرْتُ عَلَى العِكْمِ الَّذِي كَانَ يُمْنَعُ

خَلَطْتُ بِصاعِ الأَقْطِ صاعَيْن عَجْوةً

إِلى صاعِ سَمْنٍ، وَسْطَه يَتَرَيَّعُ

ودَبَّلْت أَمثال الأكار كأَنَّها

رؤُوس نِقادٍ، قُطِّعَتْ يومَ تُجْمَعُ «1»

(1). قوله [الأكار] كذا بالأَصل وسيأتي للمؤلف إنشاده في مادة دبل الأَثافي.

ص: 138

وقلتُ لِنَفْسِي: أَبْشِرِي اليومَ إِنَّه

حِمًى آمِنٌ إِمَّا تَحُوزُ وتَجْمَع

فإِن تَكُ مَصْفُوراً فَهَذَا دَواؤُه،

وإِن كنتَ غَرْثاناً فَذَا يومُ تَشْبَعُ

وَيُرْوَى: رَبَكْتُ بِصاعِ الأَقْطِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تَرَيَّعَ السمْن عَلَى الخُبزة وَهُوَ خُلُوف بَعْضه بأَعقاب بَعْضٍ. وتَرَيَّعَ السَّرابُ وتَرَيَّه إِذا جَاءَ وَذَهَبَ. ورَيْعانُ السَّرَابِ: مَا اضْطَربَ مِنْهُ. ورَيْعُ كلِّ شَيْءٍ ورَيْعانُه: أَوَّلُه وأَفْضَلُه. ورَيْعان الْمَطَرِ: أَوَّله؛ وَمِنْهُ رَيْعانُ الشَّباب؛ قَالَ:

قَدْ كَانَ يُلْهِيكَ رَيْعانُ الشَّبابِ، فَقدْ

ولَّى الشَّبابُ، وَهَذَا الشيْبُ مُنْتَظَرُ

وتَرَيَّعَتِ الإِهالةُ فِي الإِناءِ إِذا تَرَقْرَقَتْ. وَفَرَسٌ رائعٌ أَي جَوادٌ، وتَرَوَّعَتْ: بمعنى تَلَبَّثَتْ أَو تَوَقَّفَتْ. وأَنا متَرَيِّعٌ عَنْ هَذَا الأَمر ومُنْتَوٍ ومُنْتَقِضٌ أَي مُنْتَشِر. والرِّيعةُ والرِّيعُ والرَّيْع: المَكان المُرْتَفِعُ، وَقِيلَ: الرِّيعُ مَسِيلُ الْوَادِي مِنْ كُلِّ مَكان مُرْتَفِع؛ قَالَ الرَّاعي يصِف إِبلًا:

لَهَا سَلَفٌ يَعُوذُ بِكُلِّ رِيعٍ،

حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَرَ الإِفالا

السَّلَفُ: الفَحْلُ. حَمَى الحَوزاتِ أَي حمَى حَوْزاته أَن لَا يَدْنُوَ مِنْهُنَّ فَحْلٌ سِواه. وَاشْتُهِرَ الإِفالَ: جاءَ بِهَا تُشْبِهه، وَالْجَمْعُ أَرْياعٌ ورُيُوع ورِياعٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:

وَلَا حَلَّ الحَجِيجُ مِنًى ثَلاثاً

عَلَى عَرَضٍ، وَلَا طَلَعُوا الرِّياعا

والرِّيعُ: الْجَبَلُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقِيلَ: الْوَاحِدَةُ رِيعةٌ، وَالْجَمْعُ رِياعٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُبَيْدَةَ: الرِّيعة جَمْعُ رِيع خلافَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

طِراق الخَوافي واقِعاً فوقَ رِيعةٍ،

لدَى لَيْلِه، فِي رِيشِه يَتَرَقْرَق

والرِّيعُ: السَّبيل، سُلِكَ أَو لَمْ يُسْلَك؛ قَالَ:

كظهْرِ التُّرْسِ لَيْسَ بِهِنَّ رِيعُ

والرِّيعُ والرَّيْع: الطَّرِيقُ المُنْفَرِج عَنِ الْجَبَلِ؛ عَنِ الزَّجاج، وَفِي الصِّحَاحِ: الطَّرِيقُ وَلَمْ يُقَيَّدْ؛ وَمِنْهُ قَوْلِ المُسيَّب بْنِ عَلَس:

فِي الآلِ يَخْفِضُها ويَرْفَعُها

رِيعٌ يَلُوح، كأَنه سَحْلُ

شبَّه الطَّرِيقَ بِثَوْبٍ أَبيض. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً

، وقرئَ:

بِكُلِّ رَيْع

؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: بِكُلِّ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ ذَلِكَ كَمْ رَيْعُ أَرضك أَي كَمِ ارْتِفَاعُ أَرضك؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ بِكُلِّ فَجٍّ، والفَجُّ الطَّريق المُنْفَرِج فِي الْجِبَالِ خاصَّة، وَقِيلَ: بِكُلِّ طَرِيقٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرِّيعُ والرَّيْعُ لُغَتَانِ مِثْلُ الرِّير والرَّيْر. والرِّيعُ: بُرْجُ الحَمام. وَنَاقَةٌ مِرْياع: سَرِيعَةُ الدِّرَّة، وَقِيلَ: سَرِيعة السِّمَن، وَنَاقَةٌ لَهَا رَيْعٌ إِذا جاءَ سَيْر بَعْدَ سَيْر كَقَوْلِهِمْ بِئْرٌ ذاتُ غَيِّثٍ.

وأَهْدَى أَعرابي إِلى هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ نَاقَةً فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَقَالَ لَهُ: إِنها مِرْباعٌ مِرْياعٌ مِقْراعٌ مِسْناع مِسْياع، فَقَبِلَهَا

؛ المِرْباعُ: الَّتِي تُنْتَج أَولَ الرَّبِيع، والمِرْياع: مَا تقدَّم ذِكْرُهُ، والمِقْراع: الَّتِي تَحْمِل أَول مَا يَقْرَعُها الفَحْل، والمِسْناعُ: المُتَقدِّمة فِي السَّيْرِ، والمِسْياعُ: الَّتِي تَصْبِرُ عَلَى

ص: 139