الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَهْيَعٌ: واضِحٌ واسِعٌ بَيِّنٌ، وجَمْعُه مَهايِعُ؛ وأَنشد:
بالغَوْر يهْدِيها طرِيقٌ مَهْيَعُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنَ الصَّنيعةَ لَا تكونُ صَنِيعةً
…
حَتَّى يُصابَ بِهَا طرِيقٌ مَهْيَع
وبلَد مَهْيَعٌ: واسعٌ، شذَّ عَنِ الْقِيَاسِ فصَحَّ، وَكَانَ الْحُكْمُ أَن يعْتل لأَنه مَفْعَل مِمَّا اعْتَلَّت عينُه. وتَهَيَّعَ السرابُ وانْهاعَ انْهِياعاً: انبَسَطَ عَلَى الأَرض. والهَيْعةُ: سيَلانُ الشَّيْءِ المصْبوبِ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِثْلُ المَيْعة، وَقَدْ هَاعَ يَهِيعُ هَيْعاً، وماءٌ هائِعٌ. وهاعَ الشيءُ يهيعُ هَيْعاناً: ذابَ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ ذَوَبان الرَّصاصِ، والرَّصاصُ يَهِيعُ فِي المَذْوَب. يُقَالُ: رَصاصٌ هائِعٌ فِي المَذْوَب. وهاعَتِ الإِبلُ إِلى الماءِ تَهِيعُ إِذا أَرادته، فَهِيَ هَائِعَةٌ. ومَهْيَعٌ ومَهْيَعةُ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الجُحْفةِ، وَقِيلَ: المَهْيعة هِيَ الجحفةُ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ مهع: وَفِي الْحَدِيثِ:
وانْقُل حُمَّاها إِلى مَهْيَعةَ
؛ مهيعةُ: اسْمُ الجُحْفة وَهِيَ ميقاتُ أَهلِ الشَّامِ، وَبِهَا غَدِيرُ خُمٍّ، وَهِيَ شَدِيدَةُ الوَخَم. قَالَ الأَصمعي: لَمْ يُولَدْ بغَدِيرِ خُمٍّ أَحد فَعَاشَ إِلى أَن يَحْتَلِمَ إِلَّا أَن يُحَوَّلَ مِنْهَا، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: اتَّقَوْا البِدَعَ والزَمُوا المَهْيع
؛ هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ الْمُنْبَسِطُ؛ قَالَ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَفْعَل مِنَ التهيُّع وَهُوَ الِانْبِسَاطُ، قَالَ الأَزهري: وَمَنْ قَالَ مَهْيَعٌ فَعْيَلٌ فَقَدْ أَخطَأَ لأَنه لَا فَعْيل فِي كَلَامِهِمْ بِفَتْحِ أَوله.
فصل الواو
وَبَعَ: الوَبَّاعةُ: الاسْت؛ كذَبَت وَبَّاعَتُه أَي اسْتُه ووَبَّاغَتُه ونَبَّاعَتُه ونَبَّاغَتُه وعَفَّاقَتُه ومِخْذَفَتُه كلُّه أَي رَدَمَ. وأَنْبَقَ الرجُلُ إِذا خرَجَت ريحُه ضَعِيفَةً، فإِن زَادَ عَلَيْهَا قِيلَ: عَفَقَ بِهَا ووبَّعَ بِهَا، قَالَ: وَيُقَالُ لرَمَّاعةِ الصبيِّ الوَبَّاعةُ والغادِيةُ. ووَبِعانُ عَلَى مِثالِ ظَرِبان: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي مُزاحِمٍ السعْدِيِّ:
إِنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ فالحَشَى،
…
فَوَكْدٍ إِلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعانِ
وجع: الوَجَع: اسْمٌ جامِعٌ لِكُلِّ مَرَضٍ مُؤْلِمٍ، وَالْجَمْعُ أَوْجاعٌ، وَقَدْ وَجِعَ فُلَانٌ يَوْجَعُ ويَيْجَعُ وياجَعُ، فَهُوَ وجِعٌ، مِنْ قَوْمٍ وَجْعَى ووَجاعَى ووَجِعِينَ ووِجاعٍ وأَوجاعٍ، ونِسْوةٌ وَجاعى ووَجِعاتٌ؛ وَبَنُو أَسَد يَقُولُونَ يِيجَعُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ يِعْلَمُ اسْتِثْقالًا لِلْكَسْرَةِ عَلَى الْيَاءِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الياءَان قَوِيَتا واحْتَمَلَتْ مَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ الْمُفْرِدَةُ، وَيُنْشَدُ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامةً،
…
وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤادِ فَيِيجَعا
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَنا إِيجَعُ وأَنت تِيجَعُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل فِي يِيجَعُ يَوْجَعُ، فَلَمَّا أَرادوا قَلْبَ الْوَاوِ يَاءً كَسَرُوا الْيَاءَ الَّتِي هِيَ حَرْفُ الْمُضَارَعَةِ لِتَنْقَلِبَ الْوَاوُ يَاءً قَلْبًا صَحِيحًا، وَمَنْ قَالَ يَيْجلُ ويَيْجَعُ فإِنه قَلَبَ الْوَاوَ يَاءً قَلْبًا ساذَجاً بِخِلَافِ الْقَلْبِ الأَول لأَنَّ الْوَاوَ السَّاكِنَةَ إِنما تَقْلِبُها إِلى الْيَاءِ الكسرةُ قَبْلَهَا. قَالَ الأَزهري: ولُغةٌ قبيحةٌ مَنْ يَقُولُ وَجِعَ يَجِعُ،
قَالَ: وَيَقُولُ أَنا أَوْجَعُ رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي وأَوْجَعْتُه أَنا. ووَجِعَ عُضْوُه: أَلِمَ وأَوْجَعَهُ هُوَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ وَجِعْتَ بَطْنَكَ مِثْلَ سَفِهْتَ رأْيَكَ ورَشِدْتَ أَمرَك، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي كَالنَّكِرَةِ لأَن قَوْلَكَ بَطْنَكَ مُفَسِّرٌ، وَكَذَلِكَ غُبِنْتَ رأْيَك، والأَصل فِيهِ وَجِعَ رأْسُك وأَلم بَطْنُكَ وسَفِهَ رأْيُك ونَفْسُك، فَلَمَّا حُوِّلَ الفعلُ خَرَجَ قَوْلُكَ وَجِعْتَ بطنَك وَمَا أَشبهه مَفَسِّراً، قَالَ: وَجَاءَ هَذَا نَادِرًا فِي أَحرف مَعْدُودَةٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما نَصَبُوا وَجِعْتَ بطنَك بِنَزْعِ الْخَافِضِ مِنْهُ كأَنه قَالَ وَجِعْت مِنْ بَطْنِكَ، وَكَذَلِكَ سَفِهْتَ فِي رأْيك، وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ لأَن المُفَسِّراتِ لَا تَكُونُ إِلا نَكِرَاتٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَمَضَّني الجُرْحُ فَوَجِعْتُه. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ وَجِعَ فلانٌ رأْسَه وبطنَه. وأَوْجَعْتُ فُلَانًا ضَرْباً وجِيعاً، وضَرْبٌ وجِيعٌ أَي مُوجِعٌ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى فَعِيلٍ مِنْ أَفْعَلَ، كَمَا يُقَالُ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَعْنَى مُؤْلِمٍ، وَقِيلَ: ضربٌ وجِيعٌ وأَلِيمٌ ذُو أَلَمٍ. وَفُلَانٌ يَوْجَعُ رأْسَه، نصبْتَ الرأْسَ، فإِن جِئْتَ بِالْهَاءِ قُلْتَ يَوْجَعُه رأْسُه وأَنا أَيْجَع رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي، وَلَا تَقُلْ يُوجِعني رأْسي، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ؛ قَالَ صِمّة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُشَيْرِيُّ:
تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ، حَتَّى وجَدْتُني
…
وجِعْتُ مِنَ الإِصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا
والإِيجاعُ: الإِيلامُ. وأَوْجَعَ فِي العَدُوّ: أَثْخَنَ. وتَوَجَّعَ: تَشَكَّى الوجَعَ. وتوجَّعَ لَهُ مِمَّا نَزَلَ بِهِ: رَثى له مِنْ مَكْرُوهٍ نَازِلٍ. والوجْعاءُ: السافِلةُ وَهِيَ الدُّبُر، مَمْدُودَةٌ؛ قَالَ أَنسُ بْنَ مُدْرِكةَ الخَثْعَمِي:
غَضِبتُ للمَرْءِ، إِذْ نِيكَتْ حَلِيلَتُه،
…
وإِذْ يُشَدُّ عَلَى وَجْعائِها الثَّفَرُ
أَغْشَى الحُروبَ، وسِرْبالي مُضاعَفةٌ
…
تَغْشَى البَنانَ، وسَيْفي صارِمٌ ذَكَرُ
إِني وقَتْلي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَه،
…
كالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَقَرُ
يَعْنِي أَنها بُوضِعَتْ. وجمعُ الوَجْعاءِ وَجْعاواتٌ، وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الشعْرِ أَنَّ سُلَيْكاً مَرَّ فِي بَعْضِ غَزَواتِه بِبَيْتٍ مِنْ خَثْعَمَ، وأَهله خُلوفٌ، فَرأَى فيهنَّ امرأَة بَضَّةً شَابَّةً فَعلاها، فأُخْبر أَنس بِذَلِكَ فأَدْركه فَقَتَلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلةُ إِلا لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ
؛ هُوَ أَنْ يَتَحَمَّلَ دِيةً فَيَسْعَى بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَها إِلى أَولياءِ الْمَقْتُولِ، فإِن لَمْ يؤدِّها قُتِل المُتَحَمَّلُ عَنْهُ فَيُوجِعُه قَتْلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مُري بَنِيكِ يُقَلِّمُوا أَظْفارَهم أَن يُوجِعُوا الضُّرُوعَ
أَي لِئَلَّا يُوجِعُوها إِذا حَلَبُوها بأَظْفارِهم. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ الجِعةَ فَقَالَ: والجِعةُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَلَسْتُ أَدري مَا نُقْصانُه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجِعةُ لَامُهَا وَاوٌ مَنْ جَعَوْت أَي جَمَعْتُ كأَنها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَجْعُو الناسَ عَلَى شُرْبِها أَي تَجْمَعُهُمْ، وَذَكَرَ الأَزهري هَذَا الْحَرْفُ فِي الْمُعْتَلِّ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ. وأُمُّ وجَعِ الكَبدِ: نَبْتَةٌ تَنْفَعُ من وجَعِها.
ودع: الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ: مناقِيفُ صِغارٌ تُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ تُزَيَّنُ بِهَا العَثاكِيلُ، وَهِيَ خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ فِي بُطُونِهَا شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تَتَفَاوَتُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَقِيلَ: هِيَ جُوفٌ فِي جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمةِ؛ قَالَ عَقِيلُ بْنُ عُلَّفَة:
وَلَا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي
…
لأَخْدَعَه، وغِرَّتَه أُرِيدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:
أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ
وَاحِدَتُهَا ودْعةٌ وودَعةٌ. ووَدَّعَ الصبيَّ: وضَعَ فِي عنُقهِ الوَدَع. وودَّعَ الكلبَ: قَلَّدَه الودَعَ؛ قَالَ:
يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ،
…
مِنَ المُطْعِماتِ اللَّحْمَ غيرَ الشَّواحِنِ
أَي يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ. وذُو الودْعِ: الصبيُّ لأَنه يُقَلَّدُها مَا دامَ صَغِيرًا؛ قَالَ جَمِيلٌ:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يَا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني
…
أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنْتِ صَلُودُ؟
وَيُرْوَى: أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ تَعَلَّقَ ودَعةً لَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنهم كَانُوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ الْعَيْنِ
، وَقَوْلُهُ:
لَا ودَعَ اللهُ لَهُ
أَي لَا جَعَلَهُ فِي دَعةٍ وسُكُونٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مَبْنِيٌّ مِنَ الْوَدَعَةِ، أَي لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَخافُه. وَهُوَ يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كَمَا يُخْدَعُ الصَّبِيُّ بِالْوَدْعِ فَيُخَلَّى يَمْرُثُها. وَيُقَالُ للأَحمق: هُوَ يَمْرُدُ الوْدَع، يُشَبَّهُ بِالصَّبِيِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد الأَصمعي هَذَا الْبَيْتَ فِي الأَصمعيات لِرَجُلٍ مِنْ تَمِيمٍ بِكَمَالِهِ:
السِّنُّ مِنْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ،
…
والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ
قَالَ: وَتَقُولُ خَرَجَ زَيْدٌ فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عِنْدَ سَفَرِهِ مِنَ التوْدِيعِ، ووَدَّع ابْنَهُ: جَعَلَ الوَدعَ فِي عُنُقه، وكلبَه: قَلَّدَه الْوَدْعَ، وفرسَه: رَفَّهَه، وَهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعُ ومَوْدُوع، عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، ودِرْعَه، والشيءَ: صانَه فِي صِوانِه. والدَّعةُ والتُّدْعةُ «4» عَلَى الْبَدَلِ: الخَفْضُ فِي العَيْشِ والراحةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. والوَديعُ: الرَّجُلُ الْهَادِئُ الساكِنُ ذُو التُّدَعةِ. وَيُقَالُ ذُو وَداعةٍ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً، زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ووَدَعَه، فَهُوَ وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ عُبَيْدٍ الرَّاعِي:
ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ مِنْهُ،
…
بِهِ تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا
أَيْ تَقِيه وتَصُونه، وَقِيلَ أَي تُقِرُّه عَلَى صَوْنِه وادِعاً. وَيُقَالُ: وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صَارَ إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُوِيدِ بْنِ كُرَاعٍ:
أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لَمْ يَدَعْ
…
لِسُلَيْمى، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ
أَي لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَقِرَّ. وَيُقَالُ: نَالَ فُلَانٌ المَكارِمَ وادِعاً أَي مِنْ غَيْرِ أَن يَتَكَلَّفَ فِيهَا مَشَقّة. وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه: رَفَّهَه، وَالِاسْمُ المَوْدوعُ. وَرَجُلٌ مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ؛ فأَما قَوْلُ خُفافِ بْنِ نُدْبة:
إِذا مَا اسْتَحَمَّتْ أَرضُه مِنْ سَمائِه
…
جَرى، وَهُوَ موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق
(4). قوله [والتدعة] أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد
فكأَنه مَفْعُولٌ مِنَ الدَّعةِ أَي أَنه يَنَالُ مُتَّدَعاً مِنَ الجرْيِ مَتْرُوكًا لَا يُضْرَبُ وَلَا يْزْجَرُ مَا يسْبِقُ بِهِ، وَبَيْتُ خُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ هَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ أَي مَتْرُوكٌ لَا يُضْرَبُ وَلَا يُزْجَرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَوْدوعٌ هَاهُنَا مِنَ الدَّعةِ الَّتِي هِيَ السُّكُونُ لَا مِنَ التَّرْكِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ أَنه جَرَى وَلَمْ يَجْهَدْ كَمَا أَوردناه، وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ؛ وَقَالَ ذُو الإِصبَع العَدواني:
أُقْصِرُ مِنْ قَيْدِه وأُودِعُه،
…
حَتَّى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا
والدَّعةُ: مِنْ وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ. وَقَوْلُهُمْ: عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة وَالْوَقَارِ، فإِن قُلْتَ: فإِنه لَفْظُ مفْعولٍ وَلَا فِعْل لَهُ إِذ لَمْ يَقُولُوا ودَعْتُه فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ قِيلَ: قَدْ تَجِيءُ الصِّفَةُ وَلَا فِعْلَ لَهَا كَمَا حُكي مِنْ قَوْلِهِمُ رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ، ومُدَرْهَمٌ لِلْكَثِيرِ الدِّرهم، وَلَمْ يَقُولُوا فُئِدَ وَلَا دُرْهِمَ. وَقَالُوا: أَسْعَده اللَّهُ، فَهُوَ مَسْعودٌ، وَلَا يُقَالُ سُعِدَ إِلا فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ. وإِذا أَمَرْتَ الرَّجُلَ بالسكينةِ والوَقارِ قُلْتَ لَهُ: تَوَدَّعْ واتَّدِعْ؛ قَالَ الأَزهري: وَعَلَيْكَ بالموْدوعِ مِنْ غَيْرِ أَن تَجْعَلَ لَهُ فِعْلًا وَلَا فَاعِلًا مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ عَلَيْكَ بِالْمَوْدُوعِ أَي بالسكينةِ وَالْوَقَارِ، قَالَ: لَا يُقَالُ مِنْهُ ودَعه كَمَا لَا يُقَالُ مِنَ المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه. ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ، كِلَاهُمَا: سكَن؛ وَعَلَيْهِ أَنشد بَعْضُهُمْ بَيْتَ الْفَرَزْدَقُ:
وعَضُّ زَمانٍ يَا ابنَ مَرْوانَ، لَمْ يَدَعْ
…
مِنَ الْمَالِ إِلّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ
فَمَعْنَى لَمْ يَدَعْ لَمْ يَتَّدِعْ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَ زَمَانٍ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ لِكَوْنِهَا صِفَةً لَهُ، وَالْعَائِدُ مِنْهَا إِليه مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِمَوْضِعِهِ، وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ لَمْ يَدَعْ فِيهِ أَو لأَجْلِه مِنَ الْمَالِ إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف، فَيَرْتَفِعُ مُسْحت بِفِعْلِهِ ومجَلَّفُ عُطِفَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَدَعْ لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَقِرَّ، وَقِيلَ: لَمْ يَسْتَقِرَّ، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لَمْ يَتْرُكْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا شَيْئًا مُسْتأْصَلًا هالِكاً أَو مُجَلَّفٌ كَذَلِكَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ رَوَاهُ الْكِسَائِيُّ وَفَسَّرَهُ، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتَ زَيْدًا وعمروٌ، تُرِيدُ وعمْرٌو مَضْرُوبٌ، فَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْفِعْلُ رُفِعَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسُوَيْدِ بْنِ أَبي كَاهِلٍ:
أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لَمْ يَدَعْ
…
مِنْ سُلَيْمى، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ
أَي لَمْ يَسْتَقِرّ. وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه. قَالَ الأَزهري: والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثَوْبًا فِي صِوانٍ لَا يَصِلُ إِليه غُبارٌ وَلَا رِيحٌ. وودَعْتُ الثوبَ بِالثَّوْبِ وأَنا أَدَعُه، مُخَفَّفٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: المِيدَعُ كُلُّ ثَوْبٍ جَعَلْتَهُ مِيدَعاً لِثَوْبٍ جَدِيدٍ تُوَدِّعُه بِهِ أَي تَصُونه بِهِ. وَيُقَالُ: مِيداعةٌ، وَجَمْعُ المِيدَعِ مَوادِعُ، وأَصله الْوَاوُ لأَنك ودَّعْتَ بِهِ ثوبَك أَي رفَّهْتَه بِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً، إِذا مَا تَزَيَّنَتْ،
…
وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً فِي المَوادِعِ
وَقَالَ الأَصمعي: المِيدَعُ الثوبُ الَّذِي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ بِهِ ثيابَ الحُقوق لِيَوْمِ الحَفْل، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ بِهِ المَصونُ. وتودَّعَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا ابْتَذَلَهُ فِي حَاجَتِهِ. وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابْتَذَلَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلى معه عبدُ الله
ابن أُنَيْسٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مُتَمَزِّقٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعَا لَهُ بِثَوْبٍ فَقَالَ: تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هَذَا
أَي تَصَوَّنْه بِهِ، يُرِيدُ الْبَسْ هَذَا الَّذِي دَفَعْتُهُ إِليك فِي أَوقات الِاحْتِفَالِ والتزَيُّن. والتَّوديعُ: أَن يَجْعَلَ ثَوْبًا وقايةَ ثَوْبٍ آخَرَ. والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ: مَا ودَّعَه بِهِ. وثوبٌ مِيدعٌ: صِفَةٌ؛ قَالَ الضَّبِّيُّ:
أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي، وأَتَّقِي
…
بِهِ الموتَ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ
وَقَدْ يُضاف. والمِيدع أَيضاً: الثَّوْبُ الَّذِي تَبْتَذِله المرأَة فِي بَيْتِهَا. يُقَالُ: هَذَا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها، ومِيدَعَتُها: الَّتِي تُوَدِّعُ بِهَا ثِيَابَهَا. وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ الَّذِي يُبْتَذَل: مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل. والمِيدعُ والمِيدَعةُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ؛ قَالَ شَمِرٌ أَنشد ابْنُ أَبي عدْنان:
فِي الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ
…
مُبْتَذَلاتٌ، مَا لَهُنَّ مِيدَعُ
قَالَ: مَا لهنَّ مِيدع أَي مَا لَهُنَّ مَنْ يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عَنِ العَمَل. وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كَانَ يُحْزِنُ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ كَلَامًا يُحْتَشَمُ مِنْهُ وَلَا يُسْتَحْسَنُ. والمِيداعةُ: الرَّجُلُ الَّذِي يُحب الدَّعةَ؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا لَمْ يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ
أَي أُهْمِلوا وتُرِكوا وَمَا يَرْتَكِبونَ مِنَ المَعاصي حَتَّى يُكثِروا مِنْهَا، وَلَمْ يُهْدَوْا لِرُشْدِهِمْ حَتَّى يَسْتَوْجِبُوا الْعُقُوبَةَ فَيُعَاقِبَهُمُ اللَّهُ، وأَصله مِنَ التوْدِيع وَهُوَ التَّرْكُ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْمَجَازِ لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرَّجُلِ إِذا يَئِسَ مِنْ صلاحِه تَرَكَهُ واسْتراحَ مِنْ مُعاناةِ النَّصَب مَعَهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه فِي مِيدَعٍ، يَعْنِي قَدْ صَارُوا بِحَيْثُ يُتَحَفَّظُ مِنْهُمْ ويُتَصَوَّن كَمَا يُتَوَقَّى شِرَارُ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِذا مَشَتْ هَذِهِ الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ارْكَبُوا هَذِهِ الدوابَّ سَالِمَةً وايْتَدِعُوها سَالِمَةً
أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عَنْهَا إِذا لَمْ تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها، وَهُوَ افْتَعَلَ مَنْ وَدُعَ، بِالضَّمِّ، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ. وايْتَدَعَ، فَهُوَ مُتَّدِعٌ أَي صَاحِبُ دَعةٍ، أَو مِنْ وَدَعَ إِذا تَرَكَ، يُقَالُ اتَّدَعَ وايْتَدَعَ عَلَى الْقَلْبِ والإِدغام والإِظهار. وَقَوْلُهُمْ: دَعْ هَذَا أَي اتْرُكْه، ووَدَعَه يَدَعُه: تَرَكَهُ، وَهِيَ شَاذَّةٌ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ: دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ، وَلَا يَقُولُونَ ودَعْتُكَ وَلَا وَذَرْتُكَ، اسْتَغْنَوْا عَنْهُمَا بتَرَكْتُكَ وَالْمَصْدَرُ فِيهِمَا تَرْكًا، وَلَا يُقَالُ ودْعاً وَلَا وَذْراً؛ وَحَكَاهُمَا بَعْضُهُمْ وَلَا وادِعٌ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَيْتٍ أَنشده الْفَارِسِيُّ فِي الْبَصْرِيَّاتِ:
فأَيُّهُما مَا أَتْبَعَنَّ، فإِنَّني
…
حَزِينٌ عَلَى تَرْكِ الَّذِي أَنا وادِعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ وادِعٌ فِي شِعْرِ مَعْنِ بْنِ أَوْسٍ:
عَلَيْهِ شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا،
…
يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه
وَفِي التَّنْزِيلِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
؛ أَي لَمْ يَقْطَعِ اللهُ الوحيَ عَنْكَ وَلَا أَبْغَضَكَ، وَذَلِكَ
أَنه، صلى الله عليه وسلم، اسْتأَخر الوحْيُ عَنْهُ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ: إِن مُحَمَّدًا قَدْ وَدَّعَهُ رَبُّهُ وقَلاه، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
، الْمَعْنَى وَمَا قَلاكَ،
وسائر القُرّاء قرؤوه: وَدَّعَكَ، بِالتَّشْدِيدِ، وقرأَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
مَا وَدَعَك رَبُّكَ
، بِالتَّخْفِيفِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، أَي مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ؛ قَالَ:
وَكَانَ مَا قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم
…
أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الَّذِي وَدَعُوا
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما هَذَا عَلَى الضَّرُورَةِ لأَنّ الشَّاعِرَ إِذَا اضْطُرَّ جَازَ لَهُ أَن يَنْطِقَ بِمَا يُنْتِجُه القِياسُ، وإِن لَمْ يَرِدْ بِهِ سَماعٌ؛ وأَنشد قولَ أَبي الأَسودِ الدُّؤلي:
لَيْتَ شِعْرِي، عَنْ خَلِيلي، مَا الَّذِي
…
غالَه فِي الحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ؟
وَعَلَيْهِ قرأَ بَعْضُهُمْ:
مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلى
، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ مِنَ القِلى، قَالَ: فَهَذَا أَحسن مِنْ أَن يُعَلَّ بَابُ اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل، وإِعلالُ اسْتَحْوَذَ وَاسْتَنْوَقَ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُصَحِّحِ تركُ أَصل، وَبَيْنَ مُرَاجَعَةِ الأُصول وَتَرْكِهَا مَا لَا خَفاء به؛ وهذا بيت رَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ أَخي الأَصمعي أَن عَمَّهُ أَنشده لأَنس بْنِ زُنَيْمٍ اللِّيثِيِّ:
لَيْتَ شِعْرِي، عَنْ أَمِيري، مَا الَّذِي
…
غالَه فِي الْحُبِّ حَتَّى ودَعهْ؟
لَا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً،
…
إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ مَا الغَيْثُ مَعَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتَانِ لِلْمَذْكُورَيْنِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَرَبُ لَا تَقُولُ ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تَرِكْتُهُ وَلَكِنْ يَقُولُونَ فِي الْغَابِرِ يَدَعُ، وَفِي الأَمر دَعْه، وَفِي النَّهْيِ لَا تَدَعْه؛ وأَنشد:
أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الَّذِي ودَعُوا
يَعْنِي تَرَكُوا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عَنْ وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ
أَي عَنْ تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عَنْهَا مِنْ وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه وَدْعاً إِذا تَرَكَهُ، وَزَعَمَتِ النحويةُ أَنّ الْعَرَبَ أَماتُوا مَصْدَرَ يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عَنْهُ بتَرْكٍ، وَالنَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَفصح الْعَرَبِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما يُحْمل قَوْلُهُمْ عَلَى قِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ شاذٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ صَحِيحٌ فِي الْقِيَاسِ، وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ حَتَّى قُرِئَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
مَا وَدَعَك رَبُّكَ وَمَا قَلى
، بِالتَّخْفِيفِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ:
سَلْ أَمِيري: مَا الَّذِي غَيَّرَه
…
عَنْ وِصالي، اليوَمَ، حتى وَدَعَه؟
وأَنشد لآخر:
فَسَعَى مَسْعاتَه فِي قَوْمِه،
…
ثُمَّ لَمْ يُدْركْ، وَلَا عَجْزاً وَدَعْ
وَقَالُوا: لَمْ يُدَعْ وَلَمْ يُذَرْ شاذٌّ، والأَعرف لَمْ يُودَعْ وَلَمْ يُوذَرْ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. والوَداعُ، بِالْفَتْحِ: التَّرْكُ. وَقَدْ ودَّعَه ووَادَعَه ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
فهاجَ جَوًى فِي القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى،
…
بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بِهَا مَنْ يُوادِعُ
وَقِيلَ فِي قَوْلِ ابْنِ مُفَرِّغٍ:
دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ
أَيِ اتْرُكِيني بعضَ الترْك. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي المررية «5» الَّذِي يَتَصَنَّعُ فِي الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه
(5). قوله [في المررية] كذا بالأَصل
عَلَى ثِقةٍ: دَعْني مِنْ هِنْدَ فَلَا جَدِيدَها ودَعَتْ وَلَا خَلَقَها رَقَعَتْ. وَفِي حَدِيثِ الخَرْصِ:
إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثُّلُثَ، فإِن لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فدَعوا الرُّبعَ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ إِلى أَنه يُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عَلَيْهِمْ لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ مِنْهُمْ مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بِهِمْ، فإِنه يَكُونُ مِنْهَا الساقِطةُ والهالِكةُ وَمَا يأْكله الطَّيْرُ وَالنَّاسُ، وَكَانَ عُمَرُ، رضي الله عنه، يأْمر الخُرّاصَ بِذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يُترك لَهُمْ شيءٌ شائِعٌ فِي جُمْلَةِ النَّخْلِ بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قَدْ عُلِمَ مِقْدارُ ثَمَرِهَا بالخَرْصِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنهم إِذا لَمْ يَرْضَوْا بِخَرْصِكُم فدَعوا لَهُمُ الثُّلُثَ أَو الرُّبُعَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ وَيَضْمَنُوا حَقَّهُ وَيَتْرُكُوا الْبَاقِيَ إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه، لَا أَنه يُتْرَكُ لَهُمْ بِلَا عِوَضٍ وَلَا إِخْرَاجٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
دَعْ داعِيَ اللَّبنِ
أَي اتْرُكْ مِنْهُ فِي الضَّرْع شَيْئًا يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ وَلَا تَسْتَقْصِ حَلْبَه. والوَداعُ: تَوْدِيعُ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فِي المَسِيرِ. وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سَفَرًا: تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ، وَهُمْ يُوَدِّعُونه إِذا سَافَرَ تفاؤُلًا بالدَّعةِ الَّتِي يَصِيرُ إِليها إِذا قَفَلَ. وَيُقَالُ ودَعْتُ، بِالتَّخْفِيفِ، فَوَدَعَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً،
…
تُضَحّي رُوَيْداً، وتُمْسي زُرَيْقا
وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ. وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا: وَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والتوْدِيعُ عِنْدَ الرَّحِيل، وَالِاسْمُ الوَادع، بِالْفَتْحِ. قَالَ شَمِرٌ: والتوْدِيعُ يَكُونُ لِلْحَيِّ وَالْمَيِّتِ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ،
…
وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ
وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ضُباعا،
…
وَلَا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا
أَراد وَلَا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وَلْيَكُنْ مَوْقِفَ غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ مَوْقِفَ الْوَدَاعِ يَكُونُ لِلفِراقِ وَيَكُونُ مُنَغَّصاً بِمَا يَتْلُوهُ مِنَ التبارِيحِ والشوْقِ. قَالَ الأَزهريّ: والتوْدِيعُ، وإِن كَانَ أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ، فإِنّ الْعَرَبَ تَضَعُهُ مَوْضِعَ التحيةِ وَالسَّلَامِ لأَنه إِذا خَلَّفَ دَعَا لَهُمْ بِالسَّلَامَةِ وَالْبَقَاءِ ودَعوْا بمثْلِ ذَلِكَ؛ أَلا تَرَى أَن لَبِيدًا قَالَ فِي أَخِيهِ وَقَدْ مَاتَ:
فَوَدِّعْ بِالسَّلَامِ أَبا حُرَيْزٍ
أَراد الدُّعَاءَ لَهُ بِالسَّلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ رَثَاهُ لَبِيدٌ بِهَذَا الشِّعْرِ وودَّعَه تَوْدِيعَ الْحَيِّ إِذا سَافَرَ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه فِي الخفْضِ والدَّعةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ. قَالَ الأَزهري: فَمَعْنَى تُوُدِّعَ مِنْهُمْ أَي سُلِّمَ عَلَيْهِمْ لِلتَّوْدِيعِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَذَكَرَ نَاقَتَهُ:
قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ
…
بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ
قَالَ: تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرِّعْي. يُقَالُ: سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عَلَيْهَا وصَقَلَها، وَكَذَلِكَ صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ مِنْ ضُمْرِه مَا يَبْلُغُ الصَّيْقَلُ مِنَ السَّيْفِ، وَهَذَا مَثَلٌ؛
وَرَوَى شِمْرٌ عَنْ مُحَارِبٍ: ودَّعْتُ فُلَانًا مِنْ وادِع السَّلَامِ. ووَدَّعْتُ فُلَانًا أَي هَجَرْتُه. والوَداعُ: القِلى. والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ: شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ. والوَدِيعُ: العَهْدُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: قَالَ عليه السلام: لَكُمْ يَا بَنِي نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ الْمَالِ؛ ودائِعُ الشرْكِ
أَي العُهودُ والمَواثِيقُ، يُقَالُ: أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَن يُرِيدُوا بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسلام، أَراد إِحْلالَها لَهُمْ لأَنها مَالُ كَافِرٍ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا شرْطٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وادَعَ بَني فُلَانٍ
أَي صالَحَهم وسالَمَهم عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ والأَذى، وَحَقِيقَةُ المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَكَانَ كَعْبٌ القُرَظِيُّ مُوادِعاً لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيثِ الطَّعَامِ:
غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ، لا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبّنا
أَي غَيْرَ مَتْرُوكِ الطاعةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ. وتَوادَعَ الْقَوْمُ: أَعْطى بعضُهم بَعْضًا عَهْداً، وَكُلُّهُ مِنَ الْمُصَالَحَةِ؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَقَالَ الأَزهري: تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كُلٌّ مِنْهُمُ الآخرِينَ عَهْدًا أَن لَا يَغْزُوَهُم؛ تَقُولُ: وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً، وَهِيَ الهُدْنةُ والمُوادعةُ. وَنَاقَةٌ مُوَدَّعةٌ: لَا تُرْكَب وَلَا تُحْلَب. وتَوْدِيعُ الفَحلِ: اقْتِناؤُه للفِحْلةِ. واسْتَوْدَعه مَالًا وأَوْدَعَه إِياه: دَفَعَه إِليه لِيَكُونَ عِنْدَهُ ودِيعةً. وأَوْدَعَه: قَبِلَ مِنْهُ الوَدِيعة؛ جَاءَ بِهِ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ الأَضداد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ،
…
فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: لَا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته، وأَنكره شَمِرٌ إِلا أَنه حَكَى عَنْ بَعْضِهِمُ اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بَعِيرًا فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي كِتَابِ المَنْطِقِ والكسائِيُّ لَا يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ شَيْئًا إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه. وَيُقَالُ: أَوْدَعْتُ الرَّجُلَ مَالًا واسْتَوْدَعْتُه مَالًا؛ وأَنشد:
يَا ابنَ أَبي وَيَا بُنَيَّ أُمِّيَهْ،
…
أَوْدَعْتُكَ اللهَ الَّذِي هُو حَسْبِيَهْ
وأَنشد ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ،
…
ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ،
أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا
…
أَشْياءَ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ
وأَنشد أَيضاً:
إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ،
…
فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ
ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجْعَلْهُ ودِيعةً لِهَذَا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ. والوَدِيعةُ: وَاحِدَةُ الوَدائِعِ، وَهِيَ مَا اسْتُودِعَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
؛ المُسْتَوْدَعُ مَا فِي الأَرحام، واسْتَعاره
عَلِيٍّ، رضي الله عنه، للحِكْمة والحُجّة فَقَالَ: بِهِمْ يَحفظ اللهُ حُجَجَه حَتَّى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها فِي قُلوبِ أَشباهِهِم
؛ وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو:
فمستقِرّ
، بِكَسْرِ الْقَافِ،
وقرأَ الْكُوفِيُّونَ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ وَكُلُّهُمْ قَالَ: فَمُسْتَقِرّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي صُلْبِ الأَب، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فَلَكُم فِي الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ وَلَكُمْ فِي الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ، وَمَنْ قرأَ
فمستقِرّ
، بِالْكَسْرِ، فَمَعْنَاهُ فَمِنْكُمْ مُسْتَقِرٌّ فِي الأَحياء وَمِنْكُمْ مُسْتَوْدَعٌ فِي الثَّرى. وَقَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها
أَي مُستَقَرَّها فِي الأَرحام ومُسْتَوْدَعَها فِي الأَرض. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
؛ يَقُولُ: اصْبِرْ عَلَى أَذاهم. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَدَعْ أَذاهُمْ
أَي أَعْرِضْ عَنْهُمْ؛ وَفِي شِعْرُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي
…
مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
المُسْتَوْدَعُ: المَكانُ الَّذِي تُجْعَلُ فِيهِ الْوَدِيعَةُ، يُقَالُ: اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إِيّاها، وأَراد بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ بِهِ آدمُ وَحَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ الرَّحِمَ. وطائِرٌ أَوْدَعُ: تحتَ حنَكِه بَيَاضٌ. والوَدْعُ والوَدَعُ: اليَرْبُوعُ، والأَوْدَع أَيضاً مِنْ أَسماء الْيَرْبُوعِ. والوَدْعُ: الغَرَضُ يُرْمَى فِيهِ. والوَدْعُ: وثَنٌ. وذاتُ الوَدْعِ: وثَنٌ أَيضاً. وَذَاتُ الوَدْعِ: سَفِينَةَ نُوحٍ، عليه السلام، كَانَتِ الْعَرَبُ تُقْسِمُ بِهَا فَتَقُولُ: بِذاتِ الودْع؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ العبّادِي:
كَلّا، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ، لَوْ حَدَثَتْ
…
فِيكُمْ، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزَّارَا
يُرِيدُ سفينةَ نُوحٍ، عليه السلام، يَحْلِفُ بِهَا وَيَعْنِي بالماجِدِ النُّعمانَ بنَ المنذِرِ، والزَّارُ أَراد الزَّارَةَ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ النُّعْمَانُ مَرِضَ هُنَالِكَ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كَانَ يُعَلَّقُ عَلَيْهَا فِي سُتُورِها الوَدْعُ؛ وَيُقَالُ: أَراد بِذَاتِ الوَدْعِ الأَوْثانَ. أَبو عَمْرٍو: الوَدِيعُ المَقْبُرةُ. والودْعُ، بِسُكُونِ الدَّالِ: جائِرٌ يُحاطُ عَلَيْهِ حائطٌ يَدْفِنُ فِيهِ القومُ مَوْتَاهُمْ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ المَسْرُوحِيّ؛ وأَنشد:
لَعَمْرِي، لَقَدْ أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً
…
عَلَى ظَهْرِ وَدْعٍ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ
وَفِي الوَدْعِ، لَوْ يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً،
…
غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هُوَ طالِعُهْ
قَالَ الْمَسْرُوحِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي رُوَيْبَةَ بْنِ قُصَيْبةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَقُولُ: أَوْفَى رَجُلٍ مِنَّا عَلَى ظَهْرِ وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ، وَهِيَ حُرَّةٌ لِبَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ مَا أَنْشَدْناه، قَالَ: فَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتى قُرَيْشًا فأَخبر بِهَا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فأَرسل مَعَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَقَالَ: احْفِرُوه واقرؤوا الْقُرْآنَ عِنْدَهُ واقْلَعُوه، فأَتوه فَقَلَعُوا مِنْهُ فَمَاتَ سِتَّةٌ مِنْهُمْ أَو سَبْعَةٌ وَانْصَرَفَ الْبَاقُونَ ذَاهِبَةً عُقُولُهُمْ فَزَعاً، فأَخبروا صَاحِبَهُمْ فكَفُّوا عَنْهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعُدْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحد؛ كُلُّ ذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ الْمَسْرُوحِيِّ، وَجَمْعُ الوَدْعِ وُدُوعٌ؛ عَنِ الْمَسْرُوحِيِّ أَيضاً. والوَداعُ: وادٍ بمكةَ، وثَنِيّةُ الوَداعِ مَنْسُوبَةٌ إِليه. وَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ اسْتَقْبَلَهُ إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْن:
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا
…
مِنْ ثَنيّاتِ الوداعِ،
وجَبَ الشكْرُ عَلَيْنَا،
…
مَا دَعا للهِ داعِ
ووَدْعانُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُ
ووادِعةُ: قَبِيلَةٌ إِما أَن تَكُونَ مِنَ هَمْدانَ، وإِمّا أَن تَكُونَ هَمْدانُ مِنْهَا، وموْدُوعٌ: اسْمُ فَرَسِ هَرِمِ بْنِ ضَمْضَمٍ المُرّي، وَكَانَ هَرِمٌ قُتِلَ فِي حَرْبِ داحِسٍ؛ وَفِيهِ تَقُولُ نائحتُه:
يَا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ،
…
أَنْ لَا أَرَى هَرِماً عَلَى مَوْدُوعِ
وذع: قَالَ الأَزهريّ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ عَذَأَ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِيمَا قرأْت لَهُ مِنَ الأَلفاظ إِن صَحَّ لَهُ: وذَعَ الماءُ يَذَعُ وهَمَى يَهْمِي إِذا سَالَ، قَالَ: والواذِعُ المَعِينُ، قَالَ: وكلُّ ماءٍ جرَى عَلَى صَفاةٍ فَهُوَ واذِعٌ. قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ مُنْكَرٌ وَمَا رأَيته إِلا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَن يفتش عنه.
ورع: الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ. تَوَرَّعَ عَنْ كَذَا أَي تحرَّج. والوَرِعُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الرَّجُلُ التَّقِيُّ المُتَحَرِّجُ، وَهُوَ وَرِعٌ بيِّن الورَعِ، وَقَدْ ورِعَ مِنْ ذَلِكَ يَرِعُ ويَوْرَعُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، رِعةً وورَعاً وورَعَ ورْعاً؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، وورُعَ ورُوعاً وَوَرَاعَةً وتَوَرَّعَ، وَالِاسْمُ الرِّعةُ والرِّيعةُ؛ الأَخِيرةُ عَلَى القلب. ويقال: فلان سَيءُ الرِّعةِ أَي قَلِيلُ الورَعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِلاكُ الدِّينِ الورَعُ
؛ الورَعُ فِي الأَصل: الكَفّ عَنِ المَحارِمِ والتحَرُّجُ مِنْهُ وتَوَرَّعَ مِنْ كَذَا، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلْكَفِّ عَنِ الْمُبَاحِ وَالْحَلَالِ. الأَصمعي: الرِّعةُ الهَدْيُ وحُسْنُ الهيئةِ أَو سُوء الْهَيْئَةِ. يُقَالُ: قَوْمٌ حَسَنةٌ رِعَتُهم أَي شأْنُهم وأَمْرُهم وأَدَبُهم، وأَصله مِنَ الوَرَعِ وَهُوَ الكَفّ عَنِ الْقَبِيحِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، رضي الله عنه: ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فرأَى مِنْهُمْ رِعةً سيِّئةً فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ
؛ يريد بالرِّعةِ هاهنا الاحْتِشامَ والكَفَّ عَنْ سُوءِ الأَدَبِ أَي لَمْ يُحْسِنُوا ذَلِكَ. يُقَالُ: وَرِعَ يَرِعُ رِعةً مِثْلُ وَثِقَ يَثِقُ ثِقَةً. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وأَعِذْني مِنْ سُوءِ الرِّعةِ
أَي مِنْ سُوءِ الكفِّ عَمَّا لَا يَنْبَغِي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَوْفٍ: وبِنَهْيه يَرِعُون
أَي يَكُفُّونَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: فَلَا يُوَرَّعُ رَجُلٌ عَنْ جمَل يَختطمه
أَي يُكَفُّ ويُمْنعُ، وَرُوِيَ يُوزَعُ، بِالزَّايِ، وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَهَا. والوَرَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الجَبانُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِحْجامِه ونُكُوصه. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَصحابنا يَذْهَبُونَ بِالْوَرَعِ إِلى الْجَبَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وإِنما الْوَرَعُ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. يُقَالُ: إِنما مَالُ فُلَانٍ أَوْراع أَي صِغَارٌ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَوْراعٌ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذلكَ وَرَعةٌ، وَقَدْ وَرُعَ، بِالضَّمِّ، يَوْرُعُ وُرْعاً، بِالضَّمِّ سَاكِنَةُ الرَّاءِ، وَوُرُوعاً ووُرْعةً ووَراعةً ووَراعاً، ووَرِعَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، يَرِعُ وَرَعاً؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ عَنْ يَعْقُوبَ، ووَراعةً، وأَرى يَرَعُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةً كَيَدَعُ، وتَوَرَّعَ، كُلُّ ذَلِكَ إِذا جَبُنَ أَو صغُر، والورَع: الضَّعِيفُ فِي رأْيه وَعَقْلِهِ وَبَدَنِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
رِعةُ الأَحْمَقِ يَرْضَى مَا صَنَعْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: رِعةُ الأَحمقِ حالَتُه الَّتِي يَرْضَى بِهَا.
وَحَكَى ابْنُ دُريد: رَجُلٌ وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعة؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَا هَيِّبانٌ قَلْبُه مَنَّانُ،
…
وَلَا نَخِيبٌ ورَعٌ جَبانُ
قَالَ: وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ صِفَاتِ الجبانِ. وَيُقَالُ: الوَرَعُ عَلَى الْعُمُومِ الضَّعِيفُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. وورَّعه عَنِ الشَّيْءِ تَوْرِيعاً: كفَّه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: وَرِّعِ اللِّصَّ وَلَا تُراعِه
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَقُولُ إِذا شَعَرْتَ بِهِ ورأَيْتَه فِي مَنْزِلِكَ فادْفَعْه واكْفُفْه عَنْ أَخذ متاعِك، وَقَوْلُهُ وَلَا تُراعِه أَي لَا تُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رُدَّه بتعرُّض لَهُ أَو تَنْبيه وَلَا تَنتَظِر مَا يَكُونُ مِنْ أَمره. وَكُلُّ شَيْءٍ تَنْتَظِرُهُ، فأَنت تُرَاعِيهِ وتَرْعاه؛ وَمِنْهُ تَقُولُ: هُوَ يَرْعَى الشمسَ أَي يَنتَظِرُ وُجُوبَها، قَالَ: وَالشَّاعِرُ يَرْعَى النُّجُومَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ادْفَعْه واكْفُفْ بِمَا اسْتَطَعْتَ وَلَا تَنْتَظِرْ فِيهِ شَيْئًا. وَكُلُّ شَيْءٍ كَفَفْتَه، فَقَدْ ورعْتَه؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وورَّعْتُ مَا يَكْنِي الوُجُوهَ رِعايةً
…
ليَحْضُرَ خَيرٌ، أَو ليَقْصُرَ مُنْكَرُ
يَقُولُ: ورَّعْتُ عَنْكُمْ مَا يَكْني وُجُوهَكُمْ، تَمَنَّنَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَيضاً أَنه قَالَ لِلسَّائِبِ: وَرِّعْ عَنِّي فِي الدِّرْهَمِ والدِّرهمين
أَي كُفَّ عَنِّي الخُصومَ بأَن تَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وتَنُوبَ عَنِّي فِي ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
وإِذا أَشْفَى وَرِعَ
أَي إِذَا أَشْرَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ. وأَوْرَعَه أَيضاً: لُغَةٌ فِي وَرَّعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأُولى أَعْلى. ووَرَّعَ الإِبلَ عَنِ الحَوْضِ: رَدَّها فارْتَدَّتْ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَقَالَ الَّذِي يَرْجُو العُلالةَ: وَرِّعوا
…
عَنِ الْمَاءِ لَا يُطْرَقْ، وَهُنَّ طَوارِقُهْ
ووَرَّعَ الفرَسَ: حَبَسَه بِلِجَامِهِ. ووَرَّعَ بَيْنَهُمَا وأَوْرَعَ: حَجَزَ. والتوْرِيعُ: الكَفُّ والمَنْعُ؛ وَقَالَ أَبُو دُوَادَ:
فَبَيْنا نُوَرِّعُهُ باللِّجام،
…
نُرِيدُ بِهِ قَنَصاً أَو غِوارا
أَي نَكُفُّه. وَمِنْهُ الوَرَعُ التحرُّجُ. وَمَا وَرَّعَ أَن فَعَلَ كَذَا وَكَذَا أَي مَا كَذَّب. والمُوارَعةُ: المُناطَقةُ والمُكالَمَةُ ووارَعَه: ناطَقَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرَ، رضي الله عنهما، يُوارِعانِه
، يَعْنِي عَلِيًّا، رضي الله عنه، أَي يَسْتَشِيرانِه؛ هُوَ مِنَ المُناطَقةِ والمُكالَمَةِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفْعالَ والِدي،
…
إِذا الْعَانِ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوارِعُهْ
وَيُرْوَى: يُوازِعُه. ومُوَرِّعٌ وورِيعةُ: اسْمَانِ. والوَرِيعةُ: اسْمُ فَرَسِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ فِي الوَرِيعةِ:
ورَدَّ خَلِيلَنا بعَطاءِ صِدْقٍ،
…
وأَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نِصابِ
وَقَالَ: الوَرِيعةُ اسْمُ فَرَسٍ، قَالَ: ونِصابٌ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وإِنما يُرِيدُ أَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نَسْلِ نِصابٍ. والوَرِيعةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَحَقًّا رأَيْتَ الظَّاعِنِينَ تَحَمَّلُوا
…
منَ الجَزْعِ، أَو وَارِي الودِيعةِ ذِي الأَثْلِ؟
وَقِيلَ: هُوَ وادٍ مَعْرُوفٌ فِيهِ شَجَرٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ الرَّاعِي
يَذْكُرُ الهَوادِجَ:
يُخَيَّلْنَ مِنْ أَثْلِ الوَرِيعةِ، وانْتَحَى
…
لَهَا القَيْنُ يَعْقُوبٌ بفَأْسٍ ومِبْرَدِ
وزع: الوَزْعُ: كَفُّ النفْسِ عَنْ هَواها. وزَعَه وَبِهِ يَزَعُ ويَزِعُ وزْعاً: كفَّه فاتَّزَعَ هُوَ أَي كَفَّ، وَكَذَلِكَ ورِعْتُه. والوازِعُ فِي الحرْبِ: المُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ يَزَعُ مَنْ تقدَّم مِنْهُمْ بِغَيْرِ أَمره. وَيُقَالُ: وزَعْتُ الجَيْشَ إِذا حَبَسْتَ أَوَّلَهم عَلَى آخِرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن إِبليس رأَى جبريلَ، عليه السلام، يَوْمَ بَدْرٍ يَزَعُ الملائكةَ
أَي يُرتِّبُهم ويُسَوِّيهِم ويَصُفُّهم للحربِ فكأَنه يَكُفُّهم عَنِ التفَرُّقِ والانْتِشارِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنّ المُغِيرَةَ رَجُلٌ وازِعٌ
؛ يُرِيدُ أَنه صَالِحٌ لِلتَّقَدُّمِ عَلَى الْجَيْشِ وتدبيرِ أَمرهم وَتَرْتِيبِهِمْ فِي قِتَالِهِمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَهُمْ يُوزَعُونَ*
، أَي يُحْبَسُ أَوّلُهم عَلَى آخِرهم، وَقِيلَ: يُكَفُّونَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن يَزَعُ السلطانُ أَكثرُ مِمَّنْ يَزَعُ القرآنُ
؛ مَعْنَاهُ أَنّ مَن يَكُفُّ عَنِ ارتِكابِ العَظائِم مَخافةَ السلطانِ أَكثرُ مِمَّنْ تَكُفُّه مخافةُ القرآنِ واللهِ تَعَالَى، فَمَنْ يكفُّه السلطانُ عَنِ الْمَعَاصِي أَكثر مِمَّنْ يَكُفُّهُ القرآنُ بالأَمْرِ والنهيِ والإِنذار؛ وَقَوْلُ خَصِيبٍ الضَّمْرِيّ:
لَمَّا رأَيتُ بَني عَمْرٍو وَيازِعَهُم،
…
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَهُمْ فِي هَذِهِ قَوَدُ
أَراد وازِعَهم فَقَلَبَ الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ وأَيضاً فتَنَكَّبَ الْجَمْعُ بَيْنَ وَاوَيْنِ: وَاوِ الْعَطْفِ وَيَاءِ الْفَاعِلِ «6» وَقَالَ السُّكَّرِيُّ: لُغَتُهُمْ جَعْلُ الْوَاوِ يَاءً؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
عَلَى حِينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبا،
…
وقلتُ: أَلَمّا أَصْحُ، والشَّيبُ وازِعُ؟
وَفِي حَدِيثِ
الحَسَنِ لَمَّا وَليَ القضاءَ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ وَزَعةٍ
أَي أَعْوانٍ يَكُفُّونهم عَنِ التَّعَدِّي والشرِّ والفَسادِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ وازِعٍ
أَي مِنْ سلطانٍ يَكُفُّهم ويَزَعُ بعضَهم عَنْ بَعْضِهِمْ، يَعْنِي السلطانَ وأَصحابَه. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَردت أَن أَكْشِفَ عَنْ وجْهِ أَبي لَمَّا قُتِلَ والنبيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَنْظُرُ إِلي فَلَا يَزَعُني
أَي لَا يَزْجُرُني وَلَا يَنْهاني. ووازِعٌ وابنُ وازِعٍ، كِلَاهُمَا: الْكَلْبُ لأَنه يَزَعُ الذِّئْبَ عَنِ الْغَنَمِ أَي يكُفُّه. والوازِعُ: الحابِسُ العسكرِ المُوَكَّلُ بالصفوفِ يتقدَّم الصَّفَّ فَيُصْلِحُهُ ويقدِّم ويؤَخر، وَالْجَمْعُ وزَعةٌ ووُزّاعٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، وَقَدْ شُكِيَ إِليه بعضُ عُمّالِه لِيَقْتَصَّ مِنْهُ فَقَالَ: أَنا أُقِيدُ مِنْ وزَعةِ اللهِ
، وَهُوَ جَمْعُ وازِعٍ، أَراد أُقِيدُ مِنَ الَّذِينَ يكفَّونَ الناسَ عَنِ الإِقْدام عَلَى الشَّرِّ. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن عُمَرَ قَالَ لأَبي بَكْرٍ أَقِصَّ هَذَا مِنْ هَذَا بأَنْفِه، فَقَالَ: أَنا لَا أُقِصُّ مِنْ وزَعَةِ اللَّهِ، فأَمْسَكَ.
والوَزِيعُ: اسْمٌ للجمْعِ كالغَزيِّ. وأَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ: أَغْرَيْتُه فأُوزِعَ بِهِ، فَهُوَ مُوزَعٌ بِهِ أَي مُغْرًى بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَهابَ ضُمْرانُ مِنْهُ، حيثُ يُوزِعُه
…
طَعْنَ المُعارِكِ عِنْدَ المَحْجِرِ النَّجُدِ
أَي يُغْرِيه. وَفَاعِلُ يُوزِعُه مُضْمَرٌ يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ أَي يُغْرِيه صاحبُه، وطَعْنَ مَنْصُوبٌ بهابَ، والنَّجُدُ نَعْتُ المُعارِكِ وَمَعْنَاهُ الشجاعُ، وإِن جَعَلَتْهُ نَعْتًا للمَحْجِر فَهُوَ مِنَ النَّجَدِ وَهُوَ العَرَقُ، وَالِاسْمُ والمصدرُ جَمِيعًا الوَزُوعُ، بِالْفَتْحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ مُوزَعاً بالسِّواكِ
أَي مُولَعاً بِهِ. وَقَدْ أُوزِعَ بِالشَّيْءِ يُوزَعُ إِذا اعتادَه وأَكثر مِنْهُ وأُلْهِمَ. والوَزُوعُ: الوَلُوعُ؛
(6). قوله [وياء الفاعل] كذا بالأصل،
وَقَدْ أُوزِعَ بِهِ وَزُوعاً: وَقَدْ أُوزِعَ بِهِ وَزُوعاً: كأُولِعَ بِهِ وُلُوعاً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَوَلُوعٌ وَزُوعٌ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الإِتباع. وأَوْزَعَه الشيءَ: أَلْهَمه إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ*
؛ وَمَعْنَى أَوْزِعْني أَلْهِمْني وأَولِعْني بِهِ، وتأْويلُه فِي اللُّغَةِ كُفَّني عَنِ الأَشياء إِلَّا عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ، وكُفَّني عَمَّا يُباعِدُني عَنْكَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لِتُوزَعْ بِتَقْوَى اللَّهِ أَي لِتُلْهَمْ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ لَفْظِهِ وَعِنْدِي أَن مَعْنَى قَوْلِهِمْ لِتُوزَعْ بِتَقْوَى اللَّهِ مِنَ الوَزُوع الَّذِي هُوَ الوُلُوعُ، وَذَلِكَ لأَنه لَا يُقَالُ فِي الإِلهام أَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ، إِنما يُقَالُ أَوْزَعْتُه الشيءَ. وَقَدْ أَوْزَعَه اللَّهُ إِذا أَلْهَمَه. واسْتَوْزَعْتُ اللَّهَ شُكره فأَوْزَعَني أَي اسْتَلْهَمْتُه فأَلْهَمَني. وَيُقَالُ: قَدْ أَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ إِيزاعاً إِذا أَغْرَيته، وإِنه لمُوزَعٌ بِكَذَا وَكَذَا أَي مُغْرًى بِهِ، وَالِاسْمُ الوَزُوعُ. وأُوزِعْتُ الشيءَ: مِثْلُ أُلهِمْتُه وأُولِعْتُ بِهِ. والتوْزِيعُ: القِسْمَةُ والتَّفْرِيقُ. ووَزَّعَ الشَّيْءَ: قَسَّمه وفَرَّقه. وَتَوَزَّعُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَي تَقَسَّموه، يُقَالُ: وزَّعْنا الجَزُورَ فِيمَا بَيْنَنَا. وَفِي حَدِيثِ الضَّحَايَا:
إِلَى غُنَيْمةٍ فَتَوَزَّعُوها
أَي اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه حَلَقَ شعَره فِي الْحَجِّ ووَزَّعَه بَيْنَ النَّاسِ
أَي فَرَّقه وقسَمه بَيْنَهُمْ، وَزَّعه يُوَزِّعُه تَوزِيعاً، وَمِنْ هَذَا أُخِذَ الأَوزاعُ، وَهُمُ الفِرَقُ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ أَتَيْتُهم وَهُمْ أَوْزاعٌ أَي مُتَفَرِّقُون. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه خَرَجَ لَيْلَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ والناسُ أَوْزاعٌ
أَي يُصَلُّونَ مُتَفَرِّقِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى إِمام وَاحِدٍ، أَراد أَنهم كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِيهِ بَعْدَ الْعَشَاءِ مُتَفَرِّقِينَ؛ وَفِي شِعْرِ حسان:
بضَرْبٍ كإِيزاعِ المَخاصِ مُشاشَه
جَعَلَ الإِيزاعَ مَوْضِعَ التَّوْزِيعِ وَهُوَ التَفْريقُ، وأَراد بالمُشاشِ هاهنا البَوْلَ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَبِهَا أَوزاعٌ مِنَ النَّاسِ وأَوْباشٌ أَي فِرَقٌ وَجَمَاعَاتٌ، وَقِيلَ: هُمُ الضُّرُوب المتفرِّقون، وَلَا واحد لأَوزاع؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
أَحْلَلْت بيتَك بالجَمِيعِ، وبعضُهم
…
مُتَفَرِّقٌ لِيَحِلَّ بالأَوْزاعِ
الأَوْزاعُ هاهنا: بُيُوتٌ منْتَبِذةٌ عَنْ مُجْتَمَعِ الناسِ. وأَوْزَعَ بَيْنَهُمَا: فرَّقَ وأَصْلَحَ. والمتَّزِعُ: الشديدُ النفْسِ؛ وَقَوْلُ خَصِيبٍ يَذْكُرُ قُرْبَه مِنْ عَدُوٍّ لَهُ:
لَمَّا عَرَفْتُ بَني عَمْرٍو ويازِعَهُمْ،
…
أَيْقَنْتُ أَنِّي لهُمْ فِي هَذِهِ قَوَدُ
قَالَ: يازِعُهم لُغَتُهُمْ يُرِيدُونَ وازِعَهم فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ أَي سَيَسْتَقِيدُون مِنَّا. وأَوْزَعَتِ الناقةُ بِبَوْلِهَا أَي رَمَتْ بِهِ رَمْياً وقطَّعَتْه، قَالَ الأَصمعي: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا إِذا ضَرَبَهَا الْفَحْلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَعَ هَذَا الْحَرْفُ فِي بَعْضِ النَّسْخِ مصحَّفاً، وَالصَّوَابُ أَوْزَغَتْ، بَالِغِينَ مُعْجَمَةً، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ وزَغَ. والأَوْزاعُ: بَطْنٌ مِنْ همْدانَ مِنْهُمْ الأَوْزاعِيُّ. والأَوْزاعُ: بُطُونٌ مِنْ حِمْيَر، سُمُّوا بِهَذَا لأَنهم تفرَّقوا. ووَزُوعُ: اسْمُ امرأَة. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: لَا يُوزَعُ رَجُلٌ عَنْ جَمَلٍ يَخْطِمُه «1»
أَي لَا يُكَفُّ وَلَا يُمْنع؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي الْوَاوِ مَعَ الزَّايِ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْوَاوِ مَعَ الرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(1). قوله [يخطمه] تقدم في ورع: يختطمه، والمؤلف في المحلين تابع للنهاية.
وسع: فِي أَسْمائِه سبحانه وتعالى الواسِعُ: هُوَ الَّذِي وَسِعَ رِزْقُه جميعَ خَلْقِه ووَسِعتْ رحمتُه كُلَّ شَيْءٍ وغِناه كُلَّ فَقْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الْوَاسِعُ مِنْ أَسماءِ اللَّهِ الكثيرُ العطاءِ الَّذِي يَسَعُ لِمَا يُسْأَلُ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ. وَيُقَالُ: الواسِعُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ قَوْلِهِ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
؛ وَقَالَ:
أُعْطِيهِمُ الجَهْدَ مِني بَلْهَ مَا أَسَعُ
مَعْنَاهُ فَدَعْ مَا أُحِيطُ بِهِ وأَقْدِر عَلَيْهِ، الْمَعْنَى أُعطيهم مَا لَا أَجده إِلَّا بالجَهْدِ فَدَعْ مَا أُحيطُ بِهِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ
؛ يَقُولُ: أَينما تُوَلُّوا فَاقْصِدُوا وَجْهَ اللَّهِ تَيَمُّمكم القِبْلة، إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ
، يَدُلُّ عَلَى أَنه تَوْسِعةٌ عَلَى الناسِ فِي شَيْءٍ رَخَّصَ لَهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد التَّحَرِّيَ عِنْدَ إِشْكالِ الْقِبْلَةِ. وَالسِّعَةُ: نَقِيضُ الضِّيق، وَقَدْ وَسِعَه يَسَعُه ويَسِعُه سَعةً، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، أَعني فَعِلَ يَفْعِلُ وإِنما فَتَحَهَا حَرْفُ الْحَلْقِ، وَلَوْ كَانَتْ يَفْعَلُ ثَبَتَتِ الْوَاوُ وَصَحَّتْ إِلَّا بحسَب ياجَلُ. ووسُع، بِالضَّمِّ، وَسَاعَةً، فَهُوَ وَسِيعٌ. وشيءٌ وَسِيعٌ وأَسِيعٌ: واسِعٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنما ذُكِرَتْ سَعةُ الأَرضِ هاهنا لِمَنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَعْبُدُ الأَصنام فأُمِرَ بِالْهِجْرَةِ عَنِ البلَد الَّذِي يُكره فِيهِ عَلَى عِبادَتِها كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها
؛ وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ الأَوْثانِ في قوله: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ. واتَّسَعَ: كَوَسِعَ. وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ: الطَّرِيقُ ياتَسِعُ، أَرادوا يَوْتَسِعُ فأَبدلوا الْوَاوَ أَلفاً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ كَمَا قَالُوا ياجَلُ وَنَحْوَهُ، ويَتَّسِعُ أَكثرُ وأَقْيَسُ. واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وَجَدَهُ واسِعاً وطلبَه واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره وَاسِعًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
؛ أَراد جَعْلَنَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَرض سَعةً، جُعِلَ أَوْسَعَ بِمَعْنَى وَسَّعَ، وَقِيلَ: أَوْسَعَ الرجلُ صَارَ ذَا سَعةٍ وغِنًى، وَقَوْلِهِ: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
أَي أَغنِياءُ قادِرون. وَيُقَالُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَغناكَ. وَرَجُلٌ مُوسِعٌ: وَهُوَ المَلِيءُ. وتَوَسَّعُوا فِي الْمَجْلِسِ أَي تَفَسَّحُوا. والسَّعةُ: الغِنى والرفاهِيةُ، عَلَى الْمَثَلِ. ووَسِعَ عَلَيْهِ يَسَعُ سَعةً ووَسَّعَ، كِلَاهُمَا: رَفَّهَه وأَغناه. وَفِي النَّوَادِرِ: اللَّهُمَّ سَعْ عَلَيْهِ أَي وسِّعْ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ الدُّنْيَا: مُتَّسعُ لَهُ فِيهَا. وأَوْسَعَه الشيءَ: جَعَلَهُ يَسَعُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَتُوسِعُ أَهْلَها أَقِطاً وسَمْناً،
…
وحَسْبُك مِنْ غِنًى شِبَعٌ ورِيُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليْكِ؟ فَقَالَتْ: الَّتِي تأْكل لَمّاً، وتُوسِعُ الحيَّ ذَمًّا. وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ أَوْسِعْنا رَحْمَتَكَ
أَي اجْعَلْهَا تَسَعُنا. وَيُقَالُ: مَا أَسَعُ ذَلِكَ أَي مَا أُطِيقُه، وَلَا يَسَعُني هَذَا الأَمر مِثْلَهُ. وَيُقَالُ: هَلْ تَسَعُ ذَلِكَ أَي هَلْ تُطِيقُه؟ والوُسْعُ والوَسْعُ والسَّعةُ: الجِدةُ والطاقةُ، وَقِيلَ: هُوَ قَدْرُ جِدةِ الرَّجُلِ وقَدْرُه ذاتُ الْيَدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنكم لَنْ تَسَعُوا الناسَ بأَموالكم فَسَعُوهم بأَخْلاقِكم
، أَي لَا تَتَّسِعُ أَمْوالُكم لعَطائِهم فوَسِّعُوا أَخْلاقَكم لِصُحْبتهم. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قاله، صلى الله عليه وسلم:
إِنكم لَا تَسَعُونَ الناسَ بأَموالِكم فلْيَسَعْهم مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ.
وَقَدْ أَوْسَعَ الرجلُ: كثُرَ مالُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ.
وَقَالَ تَعَالَى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ
؛ أَي عَلَى قَدْرِ سِعَتِهِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي سَعةٍ مِنْ عَيْشِه. والسَّعةُ: أَصلها وُسْعة فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَنُقِصَتْ. وَيُقَالُ: لِيَسَعْكَ بيتُك، مَعْنَاهُ القَرارُ. وَيُقَالُ: هَذَا الكَيْلُ يَسَعُ ثلاثةَ أَمْناء، وَهَذَا الوِعاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كيْلًا، وَهَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُهُ عِشْرُونَ كَيْلًا، عَلَى مِثَالِ قَوْلِكَ: أَنا أَسعُ هَذَا الأَمْرَ، وَهَذَا الأَمْرُ يَسَعُني، والأَصل فِي هَذَا أَن تَدْخُلَ فِي وَعَلَى وَلَامٌ لأَنَّ قَوْلَكَ هَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ لِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ: هَذَا الخُفُّ يَسَعُ رِجْلِي أَي يَسَعُ لِرِجْلِي أَي يَتَّسِعُ لَهَا وَعَلَيْهَا. وَتَقُولُ: هَذَا الوِعاءُ يَسَعُه عِشْرُونَ كَيْلًا، مَعْنَاهُ يَسَعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا، والأَصل فِي هَذِهِ المسأَلة أَن يَكُونَ بِصفة، غَيْرَ أَنهم يَنْزِعُون الصِّفَاتِ مِنْ أَشياءَ كَثِيرَةٍ حَتَّى يَتَّصِلَ الْفِعْلُ إِلى مَا يَلِيهِ ويُفْضِيَ إِليه كأَنه مَفْعول بِهِ، كَقَوْلِكَ: كِلْتُكَ واسْتَجَبْتك ومَكَّنْتُكَ أَي كِلْتُ لَكَ وَاسْتَجَبْتُ لَكَ وَمَكَّنْتُ لَكَ. وَيُقَالُ: وسِعَتْ رحْمتُهُ كلَّ شَيْءٍ ولكلِّ شَيْءٍ وَعَلَى كلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
، أَي اتَّسَعَ لَهَا. ووَسِعَ الشيءُ الشيءَ: لَمْ يَضِقْ عَنْهُ. وَيُقَالُ: لَا يَسَعُني شَيْءٌ ويَضِيقَ عَنْكَ أَي وأَن يَضِيقَ عَنْكَ؛ يَقُولُ: مَتَى وَسِعَني شيءٌ وَسِعَكَ. وَيُقَالُ: إِنه لَيَسَعُني مَا وَسِعَك. والتوْسِيعُ: خِلَافُ التضْيِيقِ. ووسَّعْتُ البيتَ وَغَيْرَهُ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ. ووَسُعَ الفرسُ، بِالضَّمِّ، سَعةً ووَساعةً، وَهُوَ وَساعٌ: اتَّسَعَ فِي السَّيْرِ. وَفَرَسٌ وَساعٌ إِذا كَانَ جَواداً ذَا سَعةٍ فِي خَطْوِه وذَرْعِه. وناقةٌ وَساعٌ: واسِعةُ الخَلْق؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَيْشُها العِلْهِزُ المُطَحَّنُ بالقَتِّ،
…
وإِيضاعُها القَعُودَ الوَساعا
القَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا اقْتُعِد فَرُكِبَ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَضَرَبَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَجُزَ جَملي وَكَانَ فِيهِ قِطافٌ فَانْطَلَقَ أَوْسَعَ جملٍ رَكِبْتُه قَطُّ
أَي أَعْجَلَ جمَلٍ سَيْراً. يُقَالُ: جَمَلٌ وَساعٌ، بِالْفَتْحِ، أَي وَاسِعُ الخَطْو سَرِيعُ السيْر. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ يَصِفُ نَاقَةً: إِنها لمِيساعٌ
أَي وَاسِعَةُ الخَطْو، وَهُوَ مِفْعالٌ، بِالْكَسْرِ، مِنْهُ. وسَيْرٌ وَسِيعٌ ووَساعٌ: مُتَّسِعٌ. واتَّسَعَ النهارُ وَغَيْرُهُ: امْتَدَّ وطالَ. والوَساعُ: الندْبُ لِسَعةِ خَلْقِهِ. وَمَا لِي عَنْ ذَاكَ مُتَّسَعٌ أَي مَصْرِفٌ. وسَعْ: زجْرٌ للإِبل كأَنهم قَالُوا: سَعْ يَا جملُ فِي مَعْنَى اتَّسِعْ فِي خَطْوكَ وَمَشْيِكَ. واليَسَعُ: اسْمُ نَبِيٍّ هَذَا إِن كَانَ عَرَبِيًّا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَسَعُ اسْمٌ مِنْ أَسماءِ الْعَجَمِ وَقَدْ أُدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ، وَهُمَا لَا يَدْخُلَانِ عَلَى نَظَائِرِهِ نَحْوُ يَعْمَرَ ويَزيدَ ويَشْكُرَ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ وأَنشد الفرَّاءُ لِجَرِيرٍ:
وجَدْنا الوَلِيدَ بنَ اليَزِيدِ مُبارَكاً،
…
شدِيداً بأَعْباءِ الخِلافةِ كاهِلُهْ
وقرئَ: والْيَسَع واللَّيْسَع أَيضاً، بِلَامَيْنِ. قَالَ الأَزهري: ووَسِيعٌ ماءٌ لَبَنِي سعْدٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَسِيعٌ ودُحْرُضٌ ماءَانِ بَيْنَ سَعْدٍ وَبَنِي قُشَيْرٍ، وَهُمَا الدُّحْرُضانِ اللَّذَانِ فِي شِعْرِ عَنْتَرةَ إِذ يَقُولُ:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ
…
زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ
وشع: وشَعَ القُطْنَ وغيرَه، وَوشَّعَه، كِلاهما: لَفَّه. والوَشِيعةُ: مَا وُشِّعَ مِنْهُ أَو مِنَ الغَزْل. والوَشِيعةُ: كُبَّةُ الغَزْلِ. والوَشِيعُ: خشَبةُ الحائِكِ الَّتِي يُسَمِّيها الناسُ الحَفَّ، وَهِيَ عِنْدُ الْعَرَبِ الحِلْوُ إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، والوَشِيعُ إِذا كَانَتْ كَبِيرَةً. والوَّشِيعةُ: خشَبةٌ أَو قصَبةٌ يُلَفُّ عَلَيْهَا الغَزْلُ، وَقِيلَ: قَصَبَةٌ يَجْعلُ فِيهَا الحائِك لُحْمةَ الثوبِ للنسْجِ، وَالْجَمْعُ وَشِيعٌ ووَشائِعُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهِ مَلْعَبٌ مِنْ مُعْصِفاتٍ نَسَجْنَه،
…
كَنَسْجِ اليَماني بُرْدَه بالوَشائِعِ
والتوْشِيعُ: لَفُّ القُطْنِ بَعْدَ النَّدْفِ، وكلُّ لَفِيفةٍ مِنْهُ وَشِيعةٌ؛ قَالَ رؤْبة:
فانْصاعَ يَكْسُوها الغُبارَ الأَصْيَعا،
…
نَدْفَ القِياسِ القُطنَ المُوَشَّعا
الأَصْيَعُ: الغُبارُ الَّذِي يجيءُ وَيَذْهَبُ، يَتَصَيَّع ويَنْصاعُ: مَرَّةً هَاهُنَا وَمَرَّةً هَاهُنَا. وَقَالَ الأَزهري: هِيَ قَصَبَةٌ يُلْوى عَلَيْهَا الغزلُ مِنْ أَلوان شَتى مِنَ الوَشْيِ وَغَيْرِ أَلوان الْوَشْيِ، وَمِنْ هُنَاكَ سُمِّيَتْ قصَبةُ الحائِكِ الوَشِيعة، وَجَمْعُهَا وَشَائِعُ، لأَن الْغَزْلَ يُوشَّعُ فِيهَا. ووَشَّعَتِ المرأَةُ قُطنها إِذا قَرَضَتْه وهَيَّأَتْه للندْفِ بَعْدَ الحَلْجِ، وهو التَّزبِيدُ والتَّسْيِيحُ. وَيُقَالُ لِمَا كَسَا الغازِلُ المَغْزُولَ: وشِيعةٌ ووَلِيعةٌ وسَلِيخةٌ ونَضْلةٌ. وَيُقَالُ: وَشْعٌ مِنْ خَيْرٍ ووُشُوعٌ ووَشْمٌ ووُشُومٌ وشَمْعٌ وشُموعٌ. والوَشِيعُ: عَلَمُ الثوْبِ ووَشَّعَ الثوبَ: رَقَمَه بعَلَم وَنَحْوِهِ. والوشِيعةُ: الطريقةُ فِي البُرْدِ. وتَوَشَّعَ بالكذِبِ. تَحَسَّنَ وتَكَثَّرَ؛ وَقَوْلُهُ:
وَمَا جَلْسُ أَبْكارٍ أَطاعَ لِسَرْحِها
…
جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وشُوعُ
قِيلَ: وَشُوعٌ كثيرٌ، وَقِيلَ: إِن الْوَاوَ لِلْعَطْفِ، والشُّوعُ: شَجَرُ الْبَانِ، الْوَاحِدَةُ شُوعةٌ. وَيُرْوَى: وُشُوعُ، بِضَمِّ الْوَاوِ، فَمَنْ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَشوع فَالْوَاوُ وَاوُ النسَق، وَمَنْ رَوَاهُ وُشوعُ فَهُوَ جَمْعُ وَشْعٍ، وَهُوَ زَهْر البُقول. والوَشْعُ: شَجَرُ البانِ، وَالْجَمْعُ الوُشوعُ. والتَّوشِيعُ: دخولُ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ. وتوَشَّعَ الشيءُ: تفَرَّقَ. والوَشوعُ: الْمُتَفَرِّقَةُ. ووُشوعُ البقْل: أَزاهِيرُه، وَقِيلَ: هُوَ مَا اجْتَمَعَ عَلَى أَطرافه مِنْهَا، وَاحِدُهَا وَشْعٌ. وأَوشَعَ الشجرُ والبقلُ: أَخرج زهْرَه أَو اجْتَمَعَ عَلَى أَطرافه. قَالَ الأَزهري: وشَعَتِ البقلةُ إِذا انفَرَجَت زَهْرتُها. والوَشِيعةُ والوَشِيعُ: حظِيرةُ الشَّجَرِ حَوْلَ الكَرْم والبُستان، وَجَمْعُهَا وشائِعُ. ووَشَّعُوا عَلَى كَرَمِهِمْ وَبُسْتَانِهِمْ: حَظَرُوا. والوَشِيعُ: كَرْمٌ لَا يَكُونُ لَهُ حَائِطٌ فيجعلُ حولَه الشوكُ لِيَمْنَعَ مَن يَدْخُلُ إِليه. ووَشَّعَ كرمَه: جُعِلَ لَهُ وَشِيعاً، وَهُوَ أَن يَبْنِيَ جِدارَه بقَصَبٍ أَو سعَف يُشَبِّكُ الجِدارَ بِهِ، وَهُوَ التَّوشِيعُ. والمُوَشَّعُ: سَعَفٌ يُجْعَلُ مِثْلَ الْحَظِيرَةِ عَلَى الجَوْخانِ يُنْسَجُ نَسْجاً؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجُ:
صَافِي النّحاسِ لَمْ يُوشَّعْ بكَدَرْ
وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: لَمْ يُوَشَّعْ لَمْ يُخْلَط وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يُلبس بِكَدَرٍ لأَنَّ السّعَف الَّذِي يُسَمَّى النَّسِيجةَ مِنْهُ المُوَشَّع يُلبس بِهِ الجَوخان. والوَشيع: الخُضُّ، وَقِيلَ: الوَشِيعُ شَريجةٌ مِنَ السعَف تُلْقى
عَلَى خَشباتِ السقْفِ، قَالَ: وَرُبَّمَا أُقِيمَ كَالْخُصِّ وسُدَّ خَصاصُها بالثُّمامِ، وَالْجَمْعُ وشائِعُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
والمسجِدُ يومئذٍ وشِيعٌ بسَعَف وَخَشَبٍ
؛ قَالَ كثيِّر:
دِيارٌ عَفَتْ مِنْ عَزَّةَ، الصَّيْفَ، بَعْدَ ما
…
تُجِدُّ عَلَيْهِنَّ الوَشِيعَ المُثَمَّما
أَي تُجِدُّ عزةُ يَعْنِي تجعلُه جَدِيدًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِابْنِ هَرْمةَ:
بِلِوى سُوَيْقةَ، أَو بِبُرْقةِ أَخْزَمٍ،
…
خِيمٌ عَلَى آلائِهِنَّ وَشِيعُ
وَقَالَ: قَالَ السُّكَّرِيُّ الوَشِيعُ الثُّمامُ وَغَيْرُهُ، والوَشِيعُ سَقْفُ الْبَيْتِ، والوَشِيعُ عَريشٌ يُبْنى لِلرَّئِيسِ فِي الْعَسْكَرِ يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى عَسْكَرِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ أَبو بَكْرٍ، رضي الله عنه، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي الوَشِيعِ يَوْمَ بَدْرٍ
أَي فِي العَريش. والوَشْعُ: النَّبْذُ مِنْ طَلْع النَّخْلِ. والوَشْعُ: الشَّيْءُ القليلُ مِنَ النبْت فِي الْجَبَلِ. والوُشُوعُ: الضُّرُوبُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ووَشَعَ الجبلَ ووشعَ فِيهِ يَشَعُ، بِالْفَتْحِ، وَشْعاً ووُشوعاً وتوَشَّعه: عَلَاهُ: وتوَشَّعَتِ الغنمُ فِي الْجَبَلِ إِذا ارْتَقَتْ فِيهِ ترْعاه، وإِنه لوَشوعٌ فِيهِ مُتَوَقِّلٌ لَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ وأَنشد:
ويْلُمِّها لِقْحةُ شَيْخٍ قَدْ نَحَلْ،
…
حَوْساءُ فِي السَّهْلِ، وَشوعٌ فِي الجبَلْ
وتَوَشَّعَ فُلَانٌ فِي الْجَبَلِ إِذا صَعَّدَ فِيهِ. ووشَعَه الشيءُ أَي عَلاه. وتَوَشَّعَ الشيْبُ رأْسَه إِذا عَلَاهُ. يُقَالُ: وشَع فِيهِ القَتِيرُ ووَشَّعَ وأَتْلَعَ فِيهِ الْقَتِيرُ وسَبَّل فِيهِ الشيْبُ ونَصَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والوَشُوعُ: الوَجُورُ يُوجَرُه الصبيُّ مِثْلُ النَّشُوع. والوَشِيعُ: جِذْعٌ أَو غَيْرُهُ عَلَى رأْس الْبِئْرِ إِذا كَانَتْ وَاسِعَةً يَقُومُ عَلَيْهِ السَّاقِي. والوَشِيعةُ: خَشَبَةٌ غَلِيظَةٌ تُوضَعُ عَلَى رأْس الْبِئْرِ يَقُومُ عَلَيْهَا السَّاقِي؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ صَائِدًا:
فأَزَلَّ السَّهْمَ عَنْهَا، كَمَا
…
زَلَّ بِالسَّاقِي وشِيعُ المَقام
ابْنُ شُمَيْلٍ: تَوَزَّعَ بَنُو فُلَانٍ ضُيُوفَهم وتوَشَّعُوا سَوَاءً أَي ذهَبوا بِهِمْ إِلى بُيُوتِهِمْ، كلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِطَائِفَةٍ. والوَشِيعُ ووَشِيعٌ، كِلَاهُمَا: ماءٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ
…
زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ
إِنما هُوَ دُحْرُضٌ ووَشِيعٌ ماءَان مَعْرُوفَانِ فَقَالَ الدُّحْرُضَينِ اضْطِراراً، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي وَسِيعٍ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً.
وصع: الوَصْعُ والوَصَعُ والوَصِيعُ: الصَّغِيرُ مِنَ العَصافِير، وَقِيلَ: الصَّغِيرُ مِنْ أَولاد الْعَصَافِيرِ، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ كالعُصفور، وَقِيلَ: يُشْبِهُ الْعُصْفُورَ الصَّغِيرَ فِي صِغَرِ جِسْمِهِ، وَقِيلَ: أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْعَرْشُ عَلَى مَنْكِبِ إِسْرافِيلَ وإِنه لَيَتَواضَعُ لله حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الوَصع
، يُرْوَى بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِهَا، وَالْجَمْعُ وِصْعانٌ. والوَصِيعُ: صوْتُ الْعُصْفُورِ، وَقِيلَ: الوَصْعُ والصَّعْوُ وَاحِدٌ كجَذْبٍ وجَبْذٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع الوضْع فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ إِلا أَني سَمِعْتُ بَيْتًا لَا أَدري مَنْ قَائِلُهُ وَلَيْسَ مِنَ الْوَصْعِ الطَّائِرِ فِي شَيْءٍ:
أَناخَ، فنِعْمَ مَا اقْلَوْلى وخَوَّى
…
عَلَى خَمْسٍ يَصَعْنَ حَصَى الجَبُوبِ
قَالَ: يَصَعْنَ الحَصى يُغَيِّبْنَه فِي الأَرض. قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ عِنْدِي يَصُعْنَ حَصَى الجَبوب أَي يُفَرِّقْنَها، يَعْنِي الثَّفِناتِ الخَمْسَ. قَالَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وأَما عِيصُو فَهُوَ ابْنُ إِسحاقَ أَخي يَعْقُوبَ، وَهُوَ أَبو الروم.
وضع: الوَضْعُ: ضِدُّ الرَّفْعِ، وضَعَه يَضَعُه وَضْعاً ومَوْضُوعاً، وأَنشد ثَعْلَبٌ بَيْتَيْنِ فِيهِمَا: مَوْضُوعُ جُودِكَ ومَرْفوعُه، عَنَى بِالْمَوْضُوعِ مَا أَضمره وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ، وَالْمَرْفُوعُ مَا أَظهره وَتَكَلَّمَ بِهِ. والمواضِعُ: مَعْرُوفَةٌ، وَاحِدُهَا مَوْضِعٌ، وَاسْمُ الْمَكَانِ المَوْضِعُ والموضَعُ، بِالْفَتْحِ؛ الأَخير نَادِرٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعَلٌ مِمَّا فَاؤُهُ واوٌ اسْمًا لَا مَصْدراً إِلا هَذَا، فأَما مَوْهَبٌ ومَوْرَقٌ فَلِلْعِلْمِيَّةِ، وأَما ادْخُلُوا مَوْحَدَ مَوْحدَ فَفَتَحُوهُ إِذ كَانَ اسْمًا مَوْضُوعًا لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ، وإِنما هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ كَمَا أَن عُمر مَعْدُولٌ عَنْ عَامِرٍ، هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. والموضَعةُ: لُغَةٌ فِي الموْضِعِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْعَرَبِ، قَالَ: يُقَالُ ارْزُنْ فِي مَوضِعِكَ ومَوْضَعَتِكَ. والموضِعُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ وَضَعْتُ الشَّيْءَ مِنْ يَدِي وَضْعاً وَمَوْضُوعًا، وَهُوَ مِثْلُ المَعْقُولِ، ومَوْضَعاً. وإِنه لحَسَنُ الوِضْعةِ أَي الوَضْعِ. والوَضْعُ أَيضاً: الموضوعُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ وَلَهُ نَظائِرُ، مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا سيأْتي إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، والجمعُ أَوضاعٌ. والوَضِيعُ: البُسْرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ كلُّه فَهُوَ فِي جُؤَنٍ أَو جِرارٍ. والوَضِيعُ: أَن يُوضَعَ التمرُ قَبْلَ أَن يَجِفَّ فيُوضَعَ فِي الجَرِينِ أَو فِي الجِرارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رَفَعَ السِّلاحَ ثُمَّ وَضَعَه فدَمُه هَدَرٌ
، يَعْنِي فِي الفِتْنةِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ليسَ فِي الهَيْشاتِ قَوَدٌ، أَراد الفِتْنةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وضَعَه أَي ضرَبَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه وضعَه مِنْ يَدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ شَهَرَ سيفَه ثُمَّ وضَعَه
أَي قاتَلَ بِهِ يَعْنِي فِي الفِتْنةِ. يُقَالُ: وضَعَ الشيءَ مِنْ يَدِهِ يَضَعُه وَضْعاً إِذا أَلقاه فكأَنه أَلقاه فِي الضَّرِيبةِ؛ قَالَ سُدَيْفٌ:
فَضَعِ السَّيْفَ، وارْفَعِ السَّوْطَ حَتَّى
…
لَا تَرى فوْقَ ظَهْرِها أُمَوِيّا
مَعْنَاهُ ضَعِ السيفَ فِي المَضْرُوبِ بِهِ وَارْفَعِ السوْطَ لتَضْرِب بِهِ. وَيُقَالُ: وضَعَ يدَه فِي الطَّعَامِ إِذا أَكله. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَعْنَاهُ أَن يَضَعْنَ المِلْحَفةَ والرِّداءَ. والوَضِيعةُ: الحَطِيطةُ. وَقَدِ اسْتَوْضَعَ مِنْهُ إِذا اسْتَحَطَّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كَانُوا كَمُشْتَرِكِينَ لَمّا بايَعُوا
…
خَسِرُوا، وشَفَّ عليهِمُ واستَوْضَعُوا
ووَضعَ عَنْهُ الدَّيْنَ والدمَ وَجَمِيعَ أَنواعِ الجِنايةِ يَضَعُه وَضْعاً: أَسْقَطَه عَنْهُ. ودَيْنٌ وضِيعٌ: مَوْضُوعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِجَمِيلٍ:
فإِنْ غَلَبَتْكِ النَّفْسُ إِلَّا وُرُودَه،
…
فَدَيْني إِذاً يَا بُثْنُ عَنْكِ وضِيعُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَنْزِل عِيسَى بنُ مريمَ فيَضَعُ الجِزْيةَ
أَي يَحْمِل الناسَ عَلَى دينِ الإِسلامِ فَلَا يَبْقَى ذِمِّيٌّ تَجْري عَلَيْهِ الجِزيةُ، وَقِيلَ: أَراد أَنه لَا يَبْقَى فَقِيرٌ مُحْتاجٌ لاسْتِغْناءِ الناسِ بِكَثْرَةِ الأَمْوالِ فتُوضَعُ الجِزيةُ وَتُسْقَطُ لأَنها إِنما شُرِعَت لِتَزِيدَ فِي مَصالِحِ
الْمُسْلِمِينَ وتَقْوِيةً لَهُمْ، فإِذا لَمْ يَبْقَ محتاجٌ لَمْ تُؤْخَذْ، قُلْتُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، فإِن الفرائِضَ لَا تُعَلَّلُ، وَيَطَّرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ الزكاةُ أَيضاً، وَفِي هَذَا جُرْأَةٌ عَلَى وَضْعِ الفَرائِضِ والتَّعَبُّداتِ. وَفِي الْحَدِيثِ: ويَضَعُ العِلْمَ «2» أَي يَهْدِمُه ويُلْصِقُه بالأَرض، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِن كنتَ وضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ
أَي أَسْقَطْتَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَنْظرَ مُعْسِراً أَو وَضَعَ لَهُ
أَي حَطَّ عَنْهُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ شَيْئًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِذا أَحدهما يَسْتَوْضِعُ الآخرَ ويَسْتَرْفِقُه
أَي يَسْتَحِطُّه مِنْ دَيْنِه. وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: إِنْ كَانَ أَحدُنا ليَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشاةُ
، أَراد أَنَّ نَجْوَهُم كَانَ يَخْرُجُ بَعَراً ليُبْسِه مِنْ أَكْلِهِم ورَقَ السَّمُرِ وعدمِ الغِذاء المَأْلُوفِ، وإِذا عاكَمَ الرجلُ صاحِبَه الأَعْدالَ يَقُولُ أَحدهما لصاحِبه: واضِعْ أَيْ أَمِلِ العِدْلَ عَلَى المِرْبَعةِ الَّتِي يَحْمِلَانِ العِدْلَ بِهَا، فإِذا أَمره بِالرَّفْعِ قَالَ: رابِعْ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذا اعْتَكَمُوا. ووضَعَ الشيءَ وَضْعاً: اخْتَلَقَه. وتَواضَعَ القومُ عَلَى الشَّيْءِ: اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. وأَوْضَعْتُه فِي الأَمر إِذا وافَقْتَه فِيهِ عَلَى شَيْءٍ. والضَّعةُ والضِّعةُ: خِلاف الرِّفْعةِ فِي القَدْرِ، والأَصل وِضْعةٌ، حَذَفُوا الْفَاءَ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا حُذِفَتْ مِنْ عِدة وزنِة، ثم إِنهم عَدَلُوا بِهَا عَنْ فِعلة فأَقروا الْحَذْفَ عَلَى حَالِهِ وإِن زَالَتِ الْكَسْرَةُ الَّتِي كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ، فَقَالُوا: الضَّعة فتدرَّجوا بالضِّعةِ إِلى الضَّعةِ، وَهِيَ وَضْعةٌ كجَفْنةٍ وقَصْعةٍ لَا لأَن الْفَاءَ فُتِحْتَ لأَجل الْحَرْفِ الْحَلْقِيِّ كَمَا ذَهَبَ إِليه مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ؛ وَرَجُلٌ وَضِيعٌ، وَضُعَ يَوْضُعُ وَضَاعَةً وضَعةً وضِعةً: صَارَ وَضِيعاً، فَهُوَ وَضِيعٌ، وَهُوَ ضِدُّ الشَّرِيفِ، واتَّضَعَ، ووَضَعَه ووَضَّعَه، وَقَصَرَ ابْنِ الأَعرابي الضِّعةَ، بِالْكَسْرِ، عَلَى الحسَب، والضَّعةَ، بِالْفَتْحِ، عَلَى الشجرِ والنباتِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي مَكَانِهِ. ووَضَعَ الرجلُ نفسَه يَضَعُها وَضْعاً ووُضوعاً وضَعةً وضِعةً قَبِيحَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ووَضَعَ مِنْهُ فُلَانٌ أَي حَطَّ مِنْ درَجته. والوَضِيعُ: الدَّنِيءُ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ: فِي حسبَه ضَعةٌ وضِعةٌ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا الضِّعةَ كَمَا قَالُوا الرِّفْعةَ أَي حَمَلُوهُ عَلَى نَقِيضِهِ، فَكَسَرُوا أَوَّله وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ ضَعَهَ قَالَ: فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الضَّعةِ؛ الضَّعةُ: الذّلُّ والهَوانُ والدَّناءةُ، قَالَ: وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ. والتَّواضُعُ: التَّذَلُّلُ. وتَواضَعَ الرجلُ: ذَلَّ. وَيُقَالُ: دَخَلَ فُلَانٌ أَمْراً فَوَضَعَه دُخُولُه فِيهِ فاتَّضَعَ. وتَواضَعَتِ الأَرضُ: انْخَفَضَتْ عَمَّا يَلِيهَا، وأَراه عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَلَدَكُمْ لمُتَواضِعٌ، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ المُتَخاشِعُ مِنْ بُعْدِه تراهُ مِنْ بَعيدٍ لاصِقاً بالأَرض. وتَواضَعَ مَا بَيْنَنَا أَي بَعُدَ. وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ تَوْضِيعٌ أَي تَخْنِيثٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا من خُزاعةَ يُقَالُ لَهُ هِيتٌ كَانَ فِيهِ تَوْضِيعٌ أَوْ تخْنيتٌ.
وَفُلَانٌ مُوَضَّعٌ إِذا كَانَ مُخَنَّثاً. ووُضِعَ فِي تِجارتِه ضَعةً وضِعةً ووَضِيعةً، فَهُوَ مَوْضُوعٌ فِيهَا، وأُوضِعَ ووَضِعَ وَضَعاً: غُبِنَ وخَسِرَ فِيهَا، وصِيغةُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَكثر؛ قَالَ:
فَكَانَ مَا رَبِحْت وَسْطَ العَيْثَرَهْ،
…
وَفِي الزِّحامِ، أَنْ وُضِعْت عَشَرَهْ
(2). قوله [ويضع العلم] كذا ضبط بالأصل وفي النهاية أيضاً بكسر أوله.
وَيُرْوَى: وَضِعْت. وَيُقَالُ: وُضِعْت فِي مَالِي وأُوضِعْتُ ووُكِسْتُ وأُوكِسْتُ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: الوَضِيعةُ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ
؛ الوَضِيعةُ: الخَسارة. وَقَدْ وُضِعَ فِي البَيْعِ يُوضَعُ وَضِيعةً، يَعْنِي أنَّ الخَسارةَ مِنْ رأْس الْمَالِ. قَالَ الْفَرَّاءُ. فِي قَلْبِي مَوْضِعةٌ وموْقِعةٌ أَي مَحَبّةٌ. والوَضْعُ: أَهْوَنُ سَيْرِ الدوابِّ والإِبل، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ سَيْرِ الإِبل دُونَ الشَّدِّ، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ الخَبَب، وضَعَتْ وَضْعاً وموْضُوعاً؛ قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ فَاسْتَعَارَهُ لِلسَّرَابِ:
وهَلْ عَلِمْت، إِذا لاذَ الظِّباء، وقَدْ
…
ظَلَّ السَّرابُ عَلَى حِزَّانهِ يَضَعُ؟
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ وَضَعَ الرجلُ إِذا عَدا يَضَعُ وَضْعاً؛ وأَنشد لِدُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ فِي يَوْمِ هَوازِنَ:
يَا لَيْتَني فِيهَا جذَعْ،
…
أَخُبُّ فِيهَا وأَضَعْ
أَقُودُ وَطْفاءَ الزَّمَعْ،
…
كأَنها شاةٌ صَدَعْ
أَخُبُّ مِنَ الخَبَبِ. وأَضَعُ: أَعْدُو مِنَ الوَضْعِ، وَبَعِيرٌ حَسَنُ الموضوعِ؛ قَالَ طرَفةُ:
مَرْفُوعُها زَوْلٌ، ومَوْضُوعُها
…
كَمَرِّ غَيْثٍ لَجِبٍ، وَسْطَ رِيح
وأَوْضَعَها هُوَ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
إِنَّ دُلَيْماً قَدْ أَلاحَ مِنْ أَبي
…
فَقَالَ: أَنْزِلْني، فَلَا إِيضاعَ بِي
أَي لَا أَقْدِرُ عَلَى أَن أَسير. قَالَ الأَزهري: وضَعَتِ الناقةُ، وَهُوَ نَحْوُ الرَّقَصانِ، وأَوْضَعْتُها أَنا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَضَعَ الْبَعِيرُ إِذا عَدا، وأَوْضَعْتُه أَنَا إِذا حَمَلْتَهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الدابّةُ تَضَعُ السَّيْرَ وَضْعاً، وَهُوَ سَيْرٌ دُونٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
؛ وأَنشد:
بِمَاذَا تَرُدِّينَ امْرأً جاءَ، لَا يَرَى
…
كَوُدِّكِ وُدًّا، قَدْ أَكَلَّ وأَوْضَعا؟
قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الوَضْعُ سَير دُونٌ لَيْسَ بصحيح، والوَضْعُ هُوَ العَدْوُ؛ وَاعْتَبَرَ الليثُ اللفظَ وَلَمْ يُعْرَفْ كَلَامَ الْعَرَبِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ
، فإِنَّ الْفَرَّاءَ قَالَ: الإِيضاعُ السَّيْرُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَقَالَ الْعَرَبُ: تَقُولُ أَوْضَعَ الراكِبُ ووَضَعَتِ الناقةُ، وَرُبَّمَا قَالُوا لِلرَّاكِبِ وَضَعَ؛ وأَنشد:
أَلْفَيْتَني مُحْتَمَلًا بِذِي أَضَعْ
وَقِيلَ: لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
، أَي أَوْضَعُوا مَراكِبَهم خِلالَكم. وَقَالَ الأَخفش: يُقَالُ أَوْضَعْتُ وَجِئْتُ مُوضِعاً وَلَا يوقِعُه عَلَى شَيْءٍ. وَيُقَالُ: مَنْ أَيْنَ أَوْضَعَ وَمِنْ أَين أَوْضَحَ الراكِبُ هَذَا الْكَلَامُ الْجَيِّدُ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَقَوْلُهُمْ إِذا طرأَ عَلَيْهِمْ رَاكِبٌ قَالُوا من أَين أَوْضَحَ الراكِبُ فَمَعْنَاهُ مِنْ أَين أَنشأَ وَلَيْسَ مِنَ الإِيضاعِ فِي شَيْءٍ؛ قَالَ الأَزهريّ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى مَا قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ وَقَدْ سمعتُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ مِنَ الْعَرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَفاض مِنْ عَرفةَ وَعَلَيْهِ السكينةُ وأَوْضَعَ فِي وادِي مُحَسِّرٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِيضاعُ سَيْرٌ مِثْلُ الخَبَبِ؛ وأَنشد:
إِذا أُعْطِيتُ راحِلةً ورَحْلًا،
…
وَلِمَ أُوضِعْ، فقامَ عليَّ ناعِي
وضَعَ البعيرُ وأَوْضَعه راكِبُه إِذا حَملَه عَلَى سُرْعةِ السيْرِ. قَالَ الأَزهري: الإِيضاعُ أَن يُعْدِيَ بعيرَه ويَحْمِلَه عَلَى العَدْوِ الحَثِيثِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، دَفَعَ عن عَرَفَاتٍ وَهُوَ يَسِيرُ العَنَقَ فإِذا وجَدَ فَجْوةً نَصَ
، فالنصُّ التَّحْرِيكُ حَتَّى يُسْتَخْرَجَ مِنَ الدَّابَّةِ أَقْصَى سيْرِها، وَكَذَلِكَ الإِيضاعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرٌو، رضي الله عنه: إِنك واللهِ سَقَعْتَ الحاجِب وأَوْضَعْتَ بالراكِب
أَي حملْته عَلَى أَن يُوضِعَ مَرْكُوبَه. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ: شَرُّ الناسِ فِي الفتنةِ الراكِبُ المُوضِعُ
أَيِ المُسْرِعُ فِيهَا. قَالَ: وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُ قَيْسٍ أَوْضَعْتُ بعِيري فَلَا يَكُونُ لَحْناً. وَرَوَى المنذريُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه سَمِعَهُ يَقُولُ بعد ما عُرِضَ عَلَيْهِ كلامُ الأَخفش هَذَا فَقَالَ: يُقَالُ وضَعَ البعيرُ يَضَعُ وَضْعاً إِذا عَدا وأَسرَعَ، فَهُوَ واضِعٌ، وأَوْضَعْتُه أَنا أُوضِعُه إِيضاعاً. وَيُقَالُ: وضَعَ البعيرُ حَكَمَته إِذا طامَنَ رأْسَه وأَسرعَ، وَيُرَادُ بِحَكَمَتِه لَحْياه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَهنّ سَمامٌ واضِعٌ حَكَماتِه،
…
مُخَوِّنةٌ أَعْجازُه وكَراكِرُه
ووَضَعَ الشيءَ فِي المكانِ: أَثْبَتَه فِيهِ. وَتَقُولُ فِي الحَجَرِ واللَّبِنِ إِذا بُنِيَ بِهِ: ضَعْه غيرَ هَذِهِ الوَضْعةِ والوِضْعةِ والضِّعةِ كُلُّهُ بِمَعْنًى، وَالْهَاءُ فِي الضِّعةِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. ووَضَّعَ الحائِطُ القُطْنَ عَلَى الثَّوْبِ وَالْبَانِي الحجرَ توْضِيعاً: نَضَّدَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ. والتوْضِيعُ: خِياطةُ الجُبَّةِ بَعْدَ وَضْعِ القُطن. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَوضع مِثْلُ الأَرْسَحِ؛ وأَنشد:
حَتَّى تَرُوحُوا ساقِطِي المَآزِرِ،
…
وُضْعَ الفِقاحِ، نُشَّزَ الخَواصِرِ
والوضيعةٌ: قَوْمٌ مِنَ الْجُنْدِ يُوضَعُون فِي كُورةٍ لَا يَغْزُون مِنْهَا. والوَضائِعُ والوَضِيعةُ: قَوْمٌ كَانَ كِسْرى يَنْقُلُهُمْ مِنْ أَرضهم فَيُسْكِنُهم أَرضاً أُخرى حَتَّى يَصِيرُوا بِهَا وَضِيعةً أَبداً، وَهُمُ الشِّحْنُ والمَسالِحُ. قَالَ الأَزهري: والوَضِيعةُ الوَضائِعُ الَّذِينَ وضَعَهم فَهُمْ شَبَهُ الرَّهائِنِ كَانَ يَرْتَهِنُهم وَيُنْزِلُهُمْ بَعْضَ بِلَادِهِ. والوَضِيعةُ: حِنْطةٌ تُدَقُّ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهَا سَمْنٌ فَتُؤْكَلُ. والوَضائعُ: مَا يأْخذه السُّلْطَانُ مِنَ الخَراج والعُشور. والوَضائِعُ: الوَظائِفُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: لَكُمْ يَا بَني نَهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائِعُ المِلْكِ
؛ والوَضائِعُ: جَمْعُ وَضيعةٍ وَهِيَ الوَظِيفةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى المِلك، وَهِيَ مَا يَلْزَمُ الناسَ فِي أَموالهم مِنَ الصدَقةِ والزكاةِ، أَي لَكُمُ الوظائِفُ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ لَا نَتجاوزها مَعَكُمْ وَلَا نَزِيدُ عَلَيْكُمْ فِيهَا شَيْئًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ مُلُوكُ الْجَاهِلِيَّةِ يُوَظِّفُون عَلَى رَعِيَّتِهِمْ ويستأْثرون بِهِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنَ المَغْنَمِ، أَي لَا نأْخذ مِنْكُمْ ما كان ملوككم وضفوه عَلَيْكُمْ بَلْ هُوَ لَكُمْ. والوَضائِعُ: كُتُبٌ يُكْتَبُ فِيهَا الحِكمةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَبِيٌّ وأَن اسْمه وصورَتَه فِي الوَضائِعِ
، وَلَمْ أَسمع لِهَاتَيْنِ الأَخيرتين بِوَاحِدٍ؛ حَكَاهُمَا الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، والوَضِيعةُ: وَاحِدَةُ الوَضائع، وَهِيَ أَثقالُ الْقَوْمِ. يُقَالُ: أَين خَلَّفُوا وضائِعَهم؟ وَتَقُولُ: وضَعْتُ عِنْدَ فُلَانٍ وَضِيعةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَضِيعاً، أَي اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً. وَيُقَالُ للوَدِيعةِ وضِيعٌ. وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
إِنّ الملائكةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتها لِطَالِبِ الْعِلْمِ
أَي تَفْرُشُها لِتَكُونَ تَحْتَ أَقدامه إِذا
مَشَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ واضِعٌ يَدَهُ لِمُسيء الليلِ لِيَتُوبَ بالنهارِ ولمُسِيء النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ
؛ أَراد بالوَضْعِ هاهنا البَسْطَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى:
إِن اللَّهَ باسِطٌ يَدَهُ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ
، وَهُوَ مَجَازٌ فِي الْبَسْطِ وَالْيَدِ كَوَضْعِ أَجنحة الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: أَراد بِالْوَضْعِ الإِمْهالَ وتَرْكَ المُعاجَلةِ بالعُقوبة. يُقَالُ: [وضَعَ يَدَهُ عَنْ فُلَانٍ] إِذا كَفَّ عَنْهُ، وَتَكُونُ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَي يَضَعُها عَنْهُ، أَو لَامُ الأَجل أَي يَكُفُّهَا لأَجله، وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ أَنه يَتَقاضَى الْمُذْنِبِينَ بِالتَّوْبَةِ ليَقْبَلَها مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه وضَعَ يدَه فِي كُشْيةِ ضَبٍّ، وَقَالَ: إِن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُحَرِّمه
؛ وضعُ الْيَدِ كِنَايَةٌ عَنِ الأَخذ فِي أَكله. والمُوَضِّعُ: الَّذِي تَزِلُّ رِجْلهُ ويُفْرَشُ وظِيفُه ثُمَّ يَتْبَعُ ذَلِكَ مَا فَوْقَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بِذَلِكَ الْفَرَسَ، وَقَالَ: هُوَ عَيْبٌ. واتَّضَعَ بعيرَه: أَخذ برأْسه وخَفَّضَه إِذا كَانَ قَائِمًا لِيَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَيَرْكَبُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَعانَكَ اللهُ فَخَفَّ أَثْقَلُهْ
…
عليكَ مأْجُوراً، وأَنْتَ جَمَلُهْ،
قُمْتَ بِهِ لم يَتَّضِحْكَ أَجْلَلُهْ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَصْبَحْتَ فَرْعا قِدَادَ نَابَكَ اتَّضَعَتْ
…
زيْدٌ مراكِبَها فِي المَجْدِ، إِذ رَكِبوا «1»
فَجَعَلَ اتَّضَعَ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ يَكُونُ لَازِمًا، يُقَالُ: وضَعْتُه فاتَّضَعَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
إِذا مَا اتَّضَعْنَا كارِهِينَ لبَيْعةٍ،
…
أَناخُوا لأُخْرَى، والأَزِمّةُ تُجْذَبُ
ووَضَّعَتِ النَّعامةُ بَيْضَها إِذا رَثَدَتْه ووضَعَتْ بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ، وَهُوَ بيضٌ مُوَضَّعٌ منضُودٌ. وأَما الَّذِي فِي حديثِ
فاطمةَ بِنْتِ قيسٍ: لَا يَضَع عَصاه عَنْ عاتِقِه
أَي أَنه ضَرّاب لِلنِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ كنايةٌ عَنِ كَثْرَةِ أَسْفارِه لأَنّ الْمُسَافِرَ يَحْمِلُ عَصاه فِي سفَرِه. والوُضْعُ والتُّضْعُ عَلَى الْبَدَلِ، كِلَاهُمَا: الحَمْل عَلَى حيْضٍ، وَكَذَلِكَ التُّضُعُ، وَقِيلَ: هُوَ الحَمْلُ فِي مُقْتَبَلِ الحَيْضِ؛ قَالَ:
تقولُ، والجُرْدانُ فِيهَا مُكْتَنِعْ:
…
أَمَا تَخافُ حَبَلًا عَلَى تُضُعْ؟
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الوُضْعُ الحمْل قَبْلَ الْحَيْضِ، والتُّضْعُ فِي آخِرِهِ،
قَالَتْ أُم تَأبَّطَ شَرًّا: والله مَا حمَلْتُه وُضْعاً، وَلَا وَضَعْتُه يَتْناً، وَلَا أَرْضَعْتُه غَيْلًا، وَلَا أَبَتُّه تَئِقاً
، وَيُقَالُ: مَئِقاً، وَهُوَ أَجود الْكَلَامِ، فالوُضْعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، واليَتْنُ أَن تَخْرُجَ رَجُلَاهُ قَبْلَ رأْسه، والتّئِقُ الغَضْبانُ، والمَئِقُ مِنَ المأَقة فِي الْبُكَاءِ، وَزَادَ ابْنِ الأَعرابي فِي
قَوْلِ أُم تأَبط شَرًّا: وَلَا سَقَيْتُه هُدَبِداً، وَلَا أَنَمْتُه ثَئِداً، وَلَا أَطْعَمْتُه قَبْلَ رِئةٍ كَبِداً
؛ الهُدَبِدُ: اللَّبَنُ الثَّخِينُ المُتَكَبِّدُ، وَهُوَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وثَئِداً أَي عَلَى موضِعٍ نَكِدٍ، والكَبِدُ ثَقِيلَةٌ فانْتَفَتْ مِنْ إِطْعامِها إِيَّاه كَبِداً. ووضَعَتِ الحامِلُ الوَلَدَ تَضَعُه وَضْعاً، بِالْفَتْحِ، وتُضْعاً، وَهِيَ واضِعٌ: ولدَتْه. ووضَعَت وُضْعاً، بِالضَّمِّ: حَمَلَتْ فِي آخِر طُهْرِها فِي مُقْبَلِ الحَيْضةِ. ووضَعَتِ المرأةُ خِمارَها، وَهِيَ واضِعٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: خَلَعَتْه. وامرأَةٌ واضِعٌ أَي لَا خِمَارَ عَلَيْهَا. والضَّعةُ: شَجَرٌ مِنَ الحَمْضِ، هَذَا إِذا جَعَلْتَ الهاء
(1). هكذا ورد هذا البيت في الأَصل.
عِوَضًا مِنَ الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ أَوّله، فأَما إِن كَانَتْ مِنْ آخِرِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَمْضُ يُقَالُ لَهُ الوضِيعةُ، وَالْجَمْعُ وضائِعُ، وَهَؤُلَاءِ أَصحابُ الوَضِيعةِ أَي أَصحابُ حَمْضٍ مُقِيمُونَ فِيهِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ. وناقةٌ واضِعٌ وواضِعةٌ ونُوقٌ واضِعاتٌ: تَرْعَى الحمضَ حولَ الْمَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
رأَى صاحِبي فِي العادِياتِ نَجِيبةً،
…
وأَمْثالَها فِي الواضِعاتِ القَوامِسِ
وَقَدْ وَضَعَتْ تَضَعُ وَضِيعةً. ووضَعَها: أَلْزَمَها المَرْعى. وإِبِلٌ واضِعةٌ أَي مقيمةٌ فِي الْحَمْضِ. وَيُقَالُ: وضَعَت الإِبلُ تَضَعُ إِذا رَعَتِ الْحَمْضِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا رَعَتِ الإِبلُ الحَمض حَوْلَ الْمَاءِ فَلَمْ تَبْرَحْ قِيلَ وضَعَت تَضَعُ وضِيعةً، ووضَعْتُها أَنا، فَهِيَ مَوْضُوعةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَوْضِعْ بِنَا وأَمْلِكْ؛ الإِيضاعُ بالحَمْضِ والإِمْلاكُ فِي الخُلَّةِ؛ وأَنشد:
وضَعَها قَيْسٌ، وهِيْ نَزائِعُ،
…
فَطَرَحَتْ أَولادها الوَضائِعُ
نَزائِعُ إِلى الخُلَّةِ. وقومٌ ذَوُو وَضِيعةٍ: ترْعى إِبلُهم الحمضَ. والمُواضَعةُ: مُتاركةُ الْبَيْعِ. والمُواضَعةُ: المُناظَرة فِي الأَمر. والمُواضَعةُ: أَن تُواضِعَ صَاحِبَكَ أَمراً تُنَاظِرُهُ فِيهِ. والمُواضَعةُ: المُراهَنةُ. وَبَيْنَهُمْ وِضاعٌ أَي مُراهنةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ووضَعَ أَكثرَه شعَراً: ضرَب عنُقَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والواضِعةُ: الرَّوْضةُ. ولِوَى الوَضِيعةِ: رَمْلةٌ معروفةٌ. ومَوْضُوعٌ: موْضِعٌ، ودارةُ موضوعٍ هُنَالِكَ. ورجلٌ مُوَضَّعٌ أَي مُطَرَّحٌ ليس بِمُسْتَحْكِم الخَلْقِ.
وعع: خطِيبٌ وَعْوَعٌ: مُحْسِنٌ؛ قَالَتِ الخَنساءُ:
هُوَ القَرْمُ واللَّسِنُ الوَعْوَعُ
وَرُبَّمَا سُمِّيَ الجَبانُ وَعْوَعاً. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ خَطِيبٌ وَعْوَعٌ نَعْت حسَن، ورجلٌ مِهْذارٌ وَعْواعٌ نَعْتٌ قَبِيحٌ؛ قَالَ:
نِكْسٌ مِنَ القوْمِ ووَعْواعٌ وَعَيُ
والوَعْوعةُ: مِنْ أَصواتِ الكلابِ وَبَنَاتِ آوَى. ووَعْوَع الكلبُ والذئبُ وَعْوَعةً ووَعْواعاً: عَوَى وصَوَّتَ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُ الْوَاوِ فِي وَعْواعٍ كَراهِيةً لِلْكَسْرَةِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ وَالذِّئْبِ. وَحَكَى الأَزهريّ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: يُضاعَفُ فِي الْحِكَايَةِ فَيُقَالُ وَعْوَعَ الكلبُ وَعْوَعةً، وَالْمَصْدَرُ الوَعْوَعة والوَعْواعُ، قَالَ: وَلَا يُكْسَرُ واوُ الوَعْواع كَمَا يُكْسَر الزَّايُ من الزِّلْزالِ ونحوه كراهيةَ الْكَسْرِ فِي الْوَاوِ؛ قَالَ: وكذلك حكايةُ اليَعْيَعةِ واليَعْياعِ مِنْ فِعالِ الصِّبْيَانِ إِذا رَمَى أَحدُهم الشيءَ إِلى صَبِيٍّ آخَرَ لأَن الْيَاءَ خِلْقَتُها الْكَسْرُ، فيَسْتَقْبِحُون الواوَ بَيْنَ كَسْرَتَيْنِ، والواوُ خِلْقَتُهَا الضَّمُّ، فَيَسْتَقْبِحُونَ الْتِقَاءَ كَسْرَةٍ وَضَمَّةٍ فَلَا تَجِدُهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَصل الْبَنَّاءِ؛ والوَعْواعُ: الصوتُ والجَلَبةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تسْمَعُ للمَرْءِ وَعْواعا
وَقَالَ الْمُسَيِّبُ:
يأْتي عَلَى القوْمِ الكَثيرِ سِلاحُهُمْ،
…
فيَبِيتُ مِنْهُ القوْمُ فِي وَعْواعِ
والوَعْواعُ: الدَّيْدَبانُ، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.
الأَصمعي: الدَّيْدَبانُ يُقَالُ لَهُ الوَعْوَعُ. والوَعاوِعُ: الأَشِدّاءُ وأَوّلُ مَنْ يُغِيثُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والوَعْواعُ أَوّلُ مَنْ يُغِيثُ مِنَ المُقاتِلةِ، وَقِيلَ: الوَعْواعُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْد يَصِفُ الأَسد:
وعاثَ فِي كَبّةِ الوَعْواعِ والعيرِ
وَنَسَبَ الأَزهري هَذَا الشِّعْرَ لأَبي ذُؤَيْبٍ. وَفِي حَدِيثٍ
عَلِيٍّ: وأَنتم تَنْفرُون عَنْهُ نُفُور المِعْزَى مِنْ وَعْوَعة الأَسَدِ
أَي صوْتِه. ووَعْواعُ النَّاسِ: ضَجَّتُهم. الأَزهريُّ: الوَعاوِعُ الأَجْرِياءُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَا يُجْفِلُونَ عَنِ المُضافِ، إِذا رَأَوْا
…
أُولى الوَعاوِع كالغَطاطِ المُقْبِلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد وَعاوِيعَ فَحَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ:
قَدْ أَنْكَرَتْ ساداتُها الرَّوائِسا،
…
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
والوَعْوعُ: الرَّجُلُ الضعيفُ؛ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ الأَصمعي: الوَعاوِعُ أَصواتُ الناسِ إِذا حملوا. ويقال للقوم ذا وَعْوَعُوا: وَعاوِعُ أَيضاً؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ الهُذَليّ:
ستَنْصُرُ أَفناءُ عَمْرٍو وكاهِلٍ،
…
إِذا غَزَا منهم غَزِيٌّ وَعاوِعُ
قوله [ستنصر إلخ] كذا بالأصل، وبهامشه صواب إنشاده:
ستنصرني عمرو وأفناء كاهل
…
إذا ما غزا منهم مطيّ وَعَاوِعُ
والوَعْوَعُ والوَعْواعُ: ابْنُ آوَى. والوَعْواعُ: موضعٌ.
وفع: الوَفْعةُ: الغِلافُ، وَجَمْعُهَا وِفاعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والوَفْعُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ أَوْفاعٌ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:
فَمَا تَرَكَتْ أَركانُه مِنْ سَوادِه،
…
وَلَا مِنْ بَياضٍ مُسْتَراداً، وَلَا وَفْعا
والوَفِيعةُ: هَنةٌ تُتَّخَذُ مِنَ العَراجِين والخُوص مِثْلُ السَّلّةِ، وَلَا تَقُلْهُ بِالْقَافِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ ابْنُ خالَوَيْه الوَفِيعةُ، بِالْفَاءِ والقَاف جَمِيعًا، القُفَّة مِنَ الْخُوصِ؛ قَالَ: وَقَالَ الحامِضُ وَابْنُ الأَنباري هِيَ بِالْقَافِ لَا غَيْرَ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا بِالْفَاءِ لَا غَيْرَ. وَيُقَالُ للخرْقة الَّتِي يَمْسح بِهَا الكاتبُ قَلَمَه مِنَ المِدادِ: الوَفِيعةُ. والوَفِيعةُ: خِرْقةُ الحائِض. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: الرَّبَذةُ والوَفِيعةُ والطليةُ صُوفَةٌ تُطْلى بِهَا الإِبل الجَرْبَى. والوَفِيعةُ والوِفاعُ: صِمامُ القارُورةِ. وَغُلَامٌ وفَعةٌ وأَفَعةٌ كَيَفعةٍ.
وَقَعَ: وقَع عَلَى الشَّيْءِ وَمِنْهُ يَقَعُ وَقْعاً ووُقُوعاً: سقَطَ، ووَقَعَ الشيءُ مِنْ يَدِي كَذَلِكَ، وأَوْقَعَه غيرُه ووَقَعْتُ مِنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا وَقْعاً، ووَقَعَ المطرُ بالأَرض، وَلَا يُقَالُ سَقَطَ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: سَقَط المطرُ مكانَ كَذَا فمكانَ كَذَا. ومَواقِعُ الغيثِ: مَساقِطُه. وَيُقَالُ: وقَع الشيءُ مَوْقِعَه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض يَقَعُ وُقُوعاً لأَوّلِ مَطَرٍ يَقَعُ فِي الخَرِيفِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ سَقَطَ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَقْعَ المطرِ وَهُوَ شدّةُ ضَرْبِه الأَرضَ إِذا وَبَلَ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ لحَوافِرِ الدّوابِّ وقْعاً ووُقُوعاً؛ وَقَوْلُ أَعْشَى باهِلةَ:
وأَلْجَأَ الكلبَ مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ بِهِ،
…
وأَلْجَأَ الحَيَّ مِنْ تَنْفاخِها الحَجرُ
إِنما هُوَ مَصْدَرٌ كالمَجْلُودِ والمَعْقُول. والمَوْقِعُ والمَوْقِعةُ: موضِعُ الوُقُوع؛ حَكَى الأَخيرةَ اللِّحْيَانِيُّ. وَوِقاعةُ السّترِ، بِالْكَسْرِ: مَوْقِعُه إِذا أُرسل. وَفِي حَدِيثِ
أُم سلمةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رضي الله عنهما: اجْعَلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ وَوِقاعةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الوِقاعةُ، بِالْكَسْرِ، موضعُ وُقُوعِ طَرَفِ الستْرِ عَلَى الأَرض إِذا أُرْسِلَ، وَهِيَ مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَي ساحةَ الستْرِ. والمِيقَعةُ: داءٌ يأْخذ الْفَصِيلَ كالحَصْبةِ فيَقَعُ فَلَا يَكَادُ يَقُومُ. ووَقْعُ السيفِ ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هِبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، ووَقَعَ بِهِ ماكر يَقَعُ وُقُوعاً ووَقِيعةً: نَزَلَ. وَفِي الْمَثَلِ: الحِذارُ أَشدُّ مِنَ الوَقِيعةِ؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَعْظُمُ فِي صَدْرِه الشيءُ، فإِذا وَقَعَ فِيهِ كَانَ أَهْوَنَ مِمَّا ظَنَّ، وأَوْقَعَ ظَنَّه عَلَى الشَّيْءِ ووَقَّعَه، كِلَاهُمَا: قَدَّرَه وأَنْزَلَه. ووَقع بالأَمر: أَحدثه وأَنزله. ووَقَعَ القولُ والحكْمُ إِذا وجَب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعلم، وإِذا وَجَبَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخرجنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرض، وأَوْقَعَ بِهِ مَا يَسُوءُهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ عز وجل: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ
، مَعْنَاهُ أَصابَهم ونزَلَ بِهِمْ. ووَقَعَ مِنْهُ الأَمْرُ مَوْقِعاً حسَناً أَو سَيِّئاً: ثَبَتَ لَدَيْهِ، وأَمّا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ فإِنها تَقَعُ مِنَ الجائِعِ مَوْقِعَها مِنَ الشبْعانِ
، فإِنه أَراد أَنَّ شِقَّ التمرةِ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ كبيرُ مَوْقِعٍ مِنَ الْجَائِعِ إِذا تناوَلَه كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ عَلَى شِبَعِ الشبعانِ إِذا أَكله، فَلَا تعْجِزُوا أَن تَتَصَدَّقُوا بِهِ، وَقِيلَ: لأَنه يسأَل هَذَا شقَّ تَمْرَةٍ وَذَا شِقَّ تَمْرَةٍ وَثَالِثًا وَرَابِعًا فَيَجْتَمِعُ لَهُ مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَه. وأَوْقَعَ بِهِ الدهرُ: سَطا، وَهُوَ منه. والوَقِعةُ: الدّاهِيةُ. والواقِعةُ: النازِلةُ مِنْ صُرُوف الدهرِ، والواقعةُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ
، يَعْنِي القيامةَ. قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ لِكُلِّ آتٍ يُتَوَقَّعُ قَدْ وقَعَ الأَمْرُ كَقَوْلِكَ قَدْ جَاءَ الأَمرُ، قَالَ: والواقِعةُ هَاهُنَا الساعةُ والقيامةُ. والوَقْعةُ والوَقِيعةُ: الحْربُ والقِتالُ، وَقِيلَ: المَعْرَكةُ، وَالْجَمْعُ الوَقائِعُ. وَقَدْ وقَعَ بِهِمْ وأَوْقَعَ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وإِذا وقَعَ قومٌ بِقَوْمٍ قِيلَ: واقَعُوهم وأَوْقَعُوا بِهِمْ إِيقاعاً. والوَقْعةُ والواقِعةُ: صَدْمةُ الْحَرْبِ، وواقَعُوهم فِي القتالِ مُواقَعةً وَوِقاعاً. وَقَالَ اللَّيْثُ: الوقْعَةُ فِي الْحَرْبِ صَدْمةٌ بَعْدَ صَدْمةٍ. ووَقائِعُ الْعَرَبِ: أَيّامُ حُرُوبِهم. والوِقاعُ: المُواقَعةُ فِي الحَرْبِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا
والوَقْعةُ: النَّوْمة فِي آخِرِ اللَّيْلِ. والوَقْعةُ: أَن يَقْضِيَ فِي كُلِّ يومٍ حَاجَةً إِلى مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَبَرَّزَ الوَقْعةَ أَي الغائِطَ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَيَعْقُوبُ: سُئِلَ رَجُلٌ عَنْ سَيْرِه كَيْفَ كَانَ سَيْرُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ آكُل الوجْبةَ، وأَنْجو الوَقْعةَ، وأُعَرِّسُ إِذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إِذَا أَسْفَرْتُ، وأَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ، فأَتَيْتُكم لِمُسْيِ سَبْع؛ الوَجْبةُ: أَكْلة فِي الْيَوْمِ إِلى مِثْلِهَا مِنَ الغَدِ، ابْنُ الأَثير: تَفْسِيرُهُ الوَقْعةُ المرّةُ مِنَ الوُقُوعِ السُّقُوطِ، وأَنْجُو
مِنَ النَّجْو الحَدَثِ أَي آكُلُ مرَّةً وَاحِدَةً وأُحْدِثُ مَرَّةً فِي كُلِّ يومٍ، والمَلْعُ فوقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فَوْقَ الْخَبَبِ؛ وَقَوْلُهُ لِمُسْي سَبْعٍ أَي لِمَساء سَبْعٍ. الأَصمعي: التوْقِيعُ فِي السَّيْرِ شَبِيهٌ بِالتَّلْقِيفِ وَهُوَ رَفْعُهُ يدَه إِلى فَوْقَ. ووَقَّعَ القومُ تَوْقِيعاً إِذا عَرَّسوا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا وقَّعُوا وهْناً أَناخُوا مَطِيَّهُمْ
وطائِرٌ واقِعٌ إِذا كَانَ عَلَى شَجَرٍ أَو مُوكِناً؛ قَالَ الأَخطل:
كأَنّما كانُوا غُراباً واقِعا،
…
فطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواعِقا «2»
ووَقَعَ الطائِرُ يَقَعُ وُقُوعاً، وَالِاسْمُ الوَقْعةُ: نزلَ عَنْ طَيَرانِه، فَهُوَ واقِعٌ. وإِنه لَحَسَنُ الوِقْعةِ، بِالْكَسْرِ. وَطَيْرٌ وُقَّعٌ ووُقُوعٌ: واقِعةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
فإِنَّك والتَّأْبِينَ عُرْوةَ بَعْدَ ما
…
دَعاكَ، وأَيْدِينا إِليه شَوارِعُ،
لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وَقَدْ تَلَعَ الضُّحَى،
…
وطَيْرُ المَنايا فوْقَهُنَّ أَواقِعُ
إِنما أَراد وواقِعٌ جَمْعَ واقِعةٍ فَهَمَزَ الْوَاوَ الأُولى. ووَقِيعةُ الطائِر ومَوْقَعَتُه، بِفَتْحِ الْقَافِ: مَوْضِعُ وُقُوعه الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ ويَعْتادُ الطائِرُ إِتْيانَه، وَجَمْعُهَا مَواقِعُ. ومِيقَعةُ البازِي: مَكَانٌ يأْلَفُه فَيَقَعُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
كأَنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيّ
…
مَواقِع الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيّ
شَبَّهَ مَا انْتَشَرَ مِنْ مَاءِ الِاسْتِقَاءِ بِالدَّلْوِ عَلَى مَتْنَيْهِ بِمَوَاقِعِ الطَّيْرِ عَلَى الصَّفا إِذا زَرَقَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَوْقِعُ مَوْضِعٌ لِكُلِّ واقِعٍ. تَقُولُ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيَقَعُ مِنْ قلبِي مَوْقِعاً، يَكُونُ ذَلِكَ فِي المَسرّةِ والمَساءةِ. والنَّسْرُ الواقِعُ: نَجْمٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ كأَنه كاسِرٌ جناحَيْه مِنْ خَلْفِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ واقِعاً لأَنّ بِحِذائِه النَّسْرَ الطَّائِرَ، فالنسرُ الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطائرُ حَدّه مَا بَيْنَ النُّجُومِ الشَّامِيَّةِ وَالْيَمَانِيَةِ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ غَيْرُ مُسْتَطِيلٍ، وَهُوَ نَيِّرٌ وَمَعَهُ كَوْكَبَانِ غامِضان، وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَّافٌ كأَنهما لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ قَدْ بسَطَهما، وكأَنه يَكَادُ يَطِيرُ وَهُوَ مَعَهُمَا مُعْتَرِضٌ مُصْطَفّ، وَلِذَلِكَ جَعَلُوهُ طَائِرًا، وأَمّا الواقِعُ فَهُوَ ثلاثةُ كواكِبَ كالأَثافي، فَكَوْكَبَانِ مُخْتَلِفَانِ لَيْسَا عَلَى هَيْئَةِ النَّسْرِ الطَّائِرِ، فَهُمَا لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا مُنْضَمَّانِ إِليه كأَنه طائِرٌ وقَعَ. وإِنه لواقِعُ الطيْرِ أَي ساكِنٌ لَيِّنٌ. ووَقَعَتِ الدّوابُّ ووَقَّعَتْ: رَبَضَتْ. ووَقَعَتِ الإِبلُ ووَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، وَقِيلَ: وَقَّعَتْ، مُشَدَّدَةٌ، اطمأَنت بالأَرض بَعْدَ الرِّيِّ؛ أَنشد ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذَا وَقَّعْنَ بالأَنْباثِ،
…
غيرَ خَفِيفاتِ وَلَا غِراثِ
وإِنما قَالَ غَيْرَ خَفِيفَاتٍ وَلَا غِراث لأَنها قَدْ شَبِعَتْ ورَوِيَتْ فَثَقُلَتْ. والوَقِيعةُ فِي النَّاسِ: الغِيبةُ، ووَقَعَ فِيهِمْ وُقُوعاً
(2). قوله [الصواعقا] كذا بالأصل هنا، وتقدم في صقع: الصواقعا شاهداً على أنها لغة لتميم في الصواعق.
ووَقِيعةً: اغْتابهم، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْكُرَ فِي الإِنسان مَا لَيْسَ فِيهِ. وَهُوَ رَجُلٌ وَقّاعٌ ووَقّاعةٌ أَي يَغْتابُ الناسَ. وَقَدْ أَظْهَرَ الوقِيعةَ فِي فُلَانٍ إِذا عابَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: فوَقَعَ بِي أَبي
أَي لامَنِي وعَنَّقَنِي. يُقَالُ: وقَعْت بِفُلَانٍ إِذا لُمْتَه ووَقَعْتُ فِيهِ إِذا عِبْتَه وذَمَمْتَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طارقٍ: ذهَب رَجُلٌ ليَقَعَ فِي خَالِدٍ
أَي يَذُمَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه. ووَقاعِ: دائِرةٌ عَلَى الجاعِرَتَيْن أَو حيثُما كَانَتْ عَنْ كَيٍّ، وَقِيلَ: هِيَ كَيّةٌ تَكُونُ بَيْنَ القَرْنَيْن قَرْنَي الرأْسِ؛ قَالَ عوفُ بْنُ الأَحوص:
وكنتُ، إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ،
…
دَلَفْتُ لَهُ فأَكْوِيهِ وَقاعِ
وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الأَزهري لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: كوَيْتُه وقاعِ، قَالَ: وَلَا تَكُونُ إِلا دَارَةً حَيْثُ كَانَتْ يَعْنِي لَيْسَ لَهَا مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: كَواهُ وَقاعِ إِذا كَوَى أُمّ رأْسِه. يُقَالُ: وَقَعْتُه أَقَعُه إِذا كَوَيْتَه تِلْكَ الكَيّةَ، ووَقَعَ فِي العَمَلِ وُقُوعاً: أَخذ. وواقَعَ الأُمورَ مُواقَعةً ووِقاعاً: دَانَاهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وأَرى قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ويُطْرِقُ إِطْراقَ الشُّجاعِ وعِنْدَه،
…
إِذا عُدَّتِ الهَيْجا، وِقاعُ مُصادِفِ
إِنما هُوَ مِنْ هَذَا، قَالَ: وأَما ابْنُ الأَعرابي فَلَمْ يُفَسِّرْهُ. والوِقاعُ: مُواقَعةُ الرجلِ امرأَتَه إِذا باضَعَها وخالَطَها. وواقَعَ المرأَة ووَقَعَ عَلَيْهَا. جامَعَها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراهما عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والوَقائِعُ: المنَاقِعُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ
والوَقِيعُ: مَنَاقِعُ الْمَاءِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَقِيعُ مِنَ الأَرضِ الغليظُ الَّذِي لَا يُنَشِّفُ الْمَاءَ وَلَا يُنْبِتُ بَيِّنُ الوَقاعةِ، وَالْجَمْعُ وُقُعٌ. والوَقِيعةُ: مَكَانٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الْمَاءَ، وَكَذَلِكَ النُّقْرةُ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَجَمْعُهَا وَقائِعُ؛ قَالَ:
إِذا مَا اسْتَبالُوا الخيلَ كانتْ أَكُفُّهُمْ
…
وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ
يَقُولُ: كَانُوا فِي فَلاةٍ فاسْتَبالُوا الخيلَ فِي أَكفهم فَشَرِبُوا أَبوالها مِنَ الْعَطَشِ. وَحَكَى ابْنُ شُمَيْلٍ: أَرضٌ وَقِيعةٌ لَا تَكَادُ تُنَشِّفُ الماءَ مِنَ القِيعانِ وَغَيْرِهَا مِنَ القفافِ والجبالِ، قَالَ: وأَمْكِنةٌ وُقُعٌ بَيِّنةُ الوَقاعةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الأَسدِيّ يَقُولُ: أَوْقَعَتِ الروضةُ إِذا أَمْسَكَتِ الماءَ؛ وأَنشدني فِيهِ:
مُوقِعة جَثْجاثُها قَدْ أَنْوَرا
والوَقِيعةُ: نُقْرةٌ فِي مَتْنِ حَجَرٍ فِي سَهْل أَو جَبَلٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَهِيَ تَصْغُرُ وَتَعْظُمُ حَتَّى تُجاوِزَ حَدَّ الوَقِيعةِ فَتَكُونَ وَقِيطاً؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
الزَّاجِرُ العِيسَ فِي الإِمْلِيسِ أَعْيُنُها
…
مِثْلُ الوَقائِعِ، فِي أَنْصافِها السَّمَلُ
والوَقْعُ، بِالتَّسْكِينِ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْجَبَلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الوَقْعُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وهو دون الجبل. الوَقْعُ الحصَى الصِّغارُ، وَاحِدَتُهَا وَقْعةٌ. والوَقَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحجارةُ، وَاحِدَتُهَا وَقَعةٌ؛ قَالَ الذُّبْيَانِيُّ:
بَرَى وَقَعُ الصَّوانِ حَدَّ نُسُورِها،
…
فَهُنَّ لِطافٌ كالصِّعادِ الذَّوائِدِ «1»
والتوْقِيعُ: رَمْيٌ قَرِيبٌ لَا تُباعِدُه كأَنك تُرِيدُ أَن تُوقِعَه عَلَى شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ توْقِيعُ الأَرْكانِ. والتوْقِيعُ: الإِصابة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ جَعَلَتْ بَوائِقُ مِنْ أُمورٍ
…
تُوَقِّعُ دُونَه، وتَكُفُّ دُوني
والتَّوَقُّعُ: تَنَظُّرُ الأَمْرِ، يُقَالُ: تَوَقَّعْتُ مَجِيئَه وتَنَظَّرْتُه. وتَوَقَّعَ الشيءَ واسْتَوْقَعَه: تَنَظَّرَه وتَخَوَّفَه. والتوْقِيعُ: تَظَنِّي الشيءِ وتَوهُّمُه، يُقَالُ: وَقِّعْ أَي أَلْقِ ظَنَّكَ عَلَى شَيْءٍ، والتوْقِيعُ بِالظَّنِّ وَالْكَلَامِ والرَّمْيِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ عَلَيْهِ وَهْمُه. والوَقْعُ والوَقِيعُ: الأَثَرُ الَّذِي يخالفُ اللوْنَ. والتوقيعُ: سَحْجٌ فِي ظَهْرِ الدابةِ، وَقِيلَ: فِي أَطرافِ عظامِ الدّابّةِ مِنَ الرُّكُوبِ، وَرُبَّمَا انْحَصَّ عَنْهُ الشعَرُ ونَبَتَ أَبيضَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والتوْقِيعُ: الدَّبَرُ. وَبَعِيرٌ مُوَقَّعُ الظهرِ: بِهِ آثارُ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ بِهِ الدَّبَرُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلْحَكَمِ بْنِ عَبْدَلٍ الأَسدِيّ:
مِثْل الحِمارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ، لَا
…
يُحْسِنُ مَشْياً إِلَّا إِذا ضُرِبا
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَتْ عَلَيْهِ حليمةُ فشَكَتْ إِليه جَدْبَ البلادِ، فَكَلَّمَ لَهَا خديجةَ فَأَعْطَتْها أَربعين شَاةً وَبَعِيرًا مُوَقَّعاً للظَّعِينةِ
؛ المُوَقَّعُ: الَّذِي بظَهْرِه آثَارُ الدَّبر لِكَثْرَةِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ ورُكِبَ، فَهُوَ ذَلُولٌ مجرّبٌ، والظَّعِينةُ: الهَوْدَجُ هاهنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رضي الله عنه: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وحْدِه؟ قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ غيرَكَ، فَقَالَ: مَا هِيَ إِلا إِبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها
أَي أَنا مِثْلُ الإِبلِ المُوَقَّعةِ فِي العيْبِ بدَبَر ظُهُورِهَا؛ وأَنشد الأَزهري:
وَلَمْ يُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ
والتوْقِيعُ: إِصابةُ المَطر بعضَ الأَرضِ وإِخطاؤه بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ إِنباتُ بَعْضِهَا، دُونَ بَعْضٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ الأَرضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ أَصاب وأَخْطأَ، فَذَلِكَ تَوْقِيعٌ فِي نَبْتِها. والتوْقِيعُ فِي الكتابِ: إِلْحاقُ شَيْءٍ فِيهِ بَعْدَ الفراغِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التوْقِيعِ الَّذِي هُوَ مخالفةُ الثَّانِي للأَوّلِ. قَالَ الأَزهري: تَوْقِيعُ الكاتِب فِي الْكِتَابِ المَكْتُوبِ أَن يُجْمِلَ بَيْنَ تَضاعِيفِ سُطُوره مَقاصِدَ الْحَاجَةِ ويَحْذِفَ الفُضُولَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ تَوْقِيعِ الدَّبَرِ ظهرَ الْبَعِيرِ، فكأَنّ المُوَقِّع فِي الْكِتَابِ يُؤَثِّر فِي الأَمر الَّذِي كُتِبَ الكتابُ فِيهِ مَا يُؤَكِّدُه ويُوجبه. والتوْقِيعُ: مَا يُوَقَّعُ فِي الكتابِ. وَيُقَالُ: السُّرُورُ تَوْقِيع جائزٌ. ووَقَعَ الحدِيدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً: أَحَدَّها وضَرَبَها؛ قَالَ الأَصمعي: يقالُ ذَلِكَ إِذا فَعَلْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
حَرَّى مُوَقَّعة ماجَ البَنانُ بِهَا
…
عَلَى خِضَمٍّ، يُسَقَّى الماءَ، عجَّاجِ
أَراد بالحَرَّى المِرْماةَ العَطْشَى. ونَصْلٌ وقِيعٌ: مُحَدَّدٌ، وَكَذَلِكَ الشَّفْرةُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
(1). قوله [الذوائد] بهامش الأَصل صوابه: الذوابل.
وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي،
…
وَفِي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وقِيعُ
هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ الأَصمعي: وَفِي البَجَلِيّ، فَقَالَ لَهُ أَعرابي كَانَ بالمِرْبَدِ: أَخْطَأْتَ «2» يَا شيخُ مَا الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ عَبْسٍ وبَجِيلةَ؟ والوَقِيعُ مِنَ السُّيُوفِ: مَا شُحِذَ بِالْحَجَرِ. وسكِّينٌ وقِيعٌ أَي حدِيدٌ وُقِعَ بالميقَعةِ، يُقَالُ: قَعْ حَدِيدك؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يُباكِرْنَ العِضاه بمُقْنَعاتٍ،
…
نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ
ووَقَعْتُ السِّكِّينَ: أَحْدَدْتُها. وَسِكِّينٌ مُوَقَّعٌ أَي مُحَدَّدٌ. واسْتَوْقَعَ السيفُ: احتاجَ إِلى الشَّحْذِ. والمِيقَعةُ: مَا وُقِعَ بِهِ السَّيْفُ، وَقِيلَ: المِيقَعةُ المِسَنُّ الطَّوِيلُ. والتوْقِيعُ: إِقْبالُ الصَّيْقَلِ عَلَى السَّيْفِ بِمِيقَعَتِه يُحَدّده، ومِرْماةٌ مُوَقَّعةٌ. والمِيقَعُ والمِيقَعةُ، كِلَاهُمَا: المِطْرَقةُ. والوَقِيعةُ: كالمِيقَعةِ، شاذٌّ لأَنها آلَةٌ، والآلةُ إِنما تأْتي عَلَى مِفْعل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
رَأَى شَخْصَ مَسْعُودِ بْنَ سَعْدٍ، بكَفِّه
…
حدِيدٌ حدِيثٌ، بالوَقِيعةِ مُعْتَدِي
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَلَفْتُ لَهُ بأَبْيَضَ مَشْرَفِيّ،
…
كأَنَ، عَلَى مَواقِعِه، غُبارا
يَعْنِي بِهِ مَواقِعَ المِيقَعةِ وَهِيَ المِطْرَقةُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِابْنَ حِلِّزة:
أَنْمِي إِلى حَرْفٍ مُذَكَّرةٍ،
…
تَهِصُ الحَصى بمَواقِعٍ خُنْسِ
وَيُرْوَى: بمنَاسِمٍ مُلْسِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَل مَعَ آدَمَ، عليه السلام، المِيقَعةُ والسِّنْدانُ والكَلْبتانِ
؛ قَالَ: المِيقَعةُ المِطْرقةُ، وَالْجَمْعُ المَواقِع، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ قُلِبَتْ لِكَسْرَةِ الْمِيمِ. والمِيقَعةُ: خَشَبَةُ القَصّارِ الَّتِي يَدُقُّ عَلَيْهَا. يُقَالُ: سَيْفٌ وَقِيعٌ وَرُبَّمَا وُقِّعَ بِالْحِجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ابنُ أَخي وَقِعٌ
أَي مريضٌ مُشْتَكٍ، وأَصل الوَقَعِ الحجارةُ المحَددة. والوَقَعُ: الحَفاءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لا وَقَعٌ في نَعْلِه وَلَا عَسَمْ
والوَقِعُ: الَّذِي يَشْتَكِي رِجْلَهُ مِنَ الْحِجَارَةِ، والحجارةُ الوَقَعُ. ووَقِعَ الرجلُ والفرسُ يَوْقَعُ وقَعاً، فَهُوَ وَقِعٌ: حَفِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ أَو الشوْك وَاشْتَكَى لحمَ قَدِّمِيهِ، زَادَ الأَزهري: بَعْدَ غَسْلٍ مِنْ غِلَظِ الأَرض وَالْحِجَارَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ: قَالَ لِرَجُلٍ لَوِ اشتريْتَ دَابَّةً تَقِيكَ الوَقَعَ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ أَن تُصيب الحجارةُ القَدَمَ فتُوهِنَها. يُقَالُ: وَقِعْتُ أَوْقَعُ وَقَعاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي المِقْدامِ وَاسْمُهُ جَسّاسُ ابن قُطَيْبٍ:
يَا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ،
…
وشُرُكاً مِنَ اسْتِها لَا تَنْقَطِعُ،
كلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الْحَافِي الوَقِعْ
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنَّ الحاجةَ تَحْمِلُ صاحبَها عَلَى التَّعَلُّقِ بِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، قَالَ: ونحوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمُ الغَرِيقُ يتعلقُ بالطُّحْلُبِ. ووقِعَتِ الدابةُ تَوْقَعُ إِذا أَصابها دَاءٌ ووَجَعٌ فِي حَافِرِهَا مِنْ وَطْء على غِلظٍ،
(2). قوله [أخطأت إلخ] في مادة بجل من الصحاح: وَبَجْلَةُ بَطْنٌ مِنْ سُلَيْمٍ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِمْ بَجْلِيٌّ بِالتَّسْكِينِ، ومنه قول عنترة: وفي البجلي إلخ.
والغِلظ هُوَ الَّذِي يَبرِي حَدَّ نُسورِها، وَقَدْ وَقَّعه الحجرُ تَوْقِيعاً كَمَا يُسَنُّ الْحَدِيدُ بِالْحِجَارَةِ. ووَقَّعَتِ الحجارةُ الحافِرَ فَقَطَعَتْ سنابِكَه تَوْقِيعاً، وَحَافِرٌ وَقِيعٌ: وَقَعَتْه الحجارةُ فغَضَّتْ مِنْهُ. وَحَافِرٌ مَوْقوعٌ: مِثْلُ وَقِيعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رؤْبة:
لأْم يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقا،
…
بكلِّ موْقُوعِ النُّسورِ أَخْلَقا «1»
وَقَدَمٌ موْقوعةٌ: غليظةٌ شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
يَرْكَبُ قَيْناه وقِيعاً ناعِلا
الوقِيعُ: الحافرُ المحَدَّد كأَنه شُحِذَ بالأَحجار كَمَا يُوقَعُ السيفُ إِذا شُحِذ، وَقِيلَ: الوقِيعُ الحافرُ الصُّلْبُ، والناعِلُ الَّذِي لَا يَحْفى كأَنَّ عَلَيْهِ نعْلًا. وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مُوَقَّعٌ مُذَلَّلٌ، وَرَجُلٌ مُوَقَّعٌ مُنَجَّذٌ، وَقِيلَ: قَدْ أَصابته الْبَلَايَا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا مِنْكُمُ، أَفْناءَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ،
…
بِغارَتِنا، إِلا ذَلُولٌ مُوَقَّعُ
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لغِلافِ القارورةِ الوَقْعةُ والوِقاعُ، والوِقَعةُ للجميع. والواقِعُ: الذي يَنْفُرُ الرَّحى وَهُمُ الوَقَعةُ. والوَقْعُ: السحابُ الرَّقيق، وأَهل الْكُوفَةِ يُسَمَّوْنَ الفِعْل المتعدِّي واقِعاً. والإِيقاعُ: مِنْ إِيقاعِ اللحْنِ والغِناءِ وَهُوَ أَن يُوقِعَ الأَلحانَ ويبنيها، وَسَمَّى الْخَلِيلُ، رحمه الله، كِتَابًا مِنْ كُتُبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى كِتَابُ الإِيقاعِ. والوَقَعةُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الأَزهري: هُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
مِنْ عامِرٍ وسَلولٍ أَوْ مِنَ الوَقَعهْ
ومَوْقوعٌ: مَوْضِعٌ أَو مَاءٌ. وواقِعٌ: فرسٌ لِرَبِيعَةَ ابنِ جُشَمَ.
وَكَعَ: وكعَتْه العَقْربُ بإِبرَتِها وَكْعاً: ضَرَبَتْهُ ولدَغَتْه وكَوَتْه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُطَامِيِّ:
سَرَى فِي جَلِيدِ الليْلِ، حَتَّى كأَنَّما
…
تَحَرَّمَ بالأَطْرافِ وكْعَ العَقارِبِ
وَقَدْ يَكُونُ للأَسوَدِ مِنَ الحيّاتِ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُرَّةَ الْهُذَلِيِّ:
ودافَعَ أُخْرى القومِ ضَرْبٌ خَرادِلٌ،
…
ورَمْيُ نِبالٍ مِثلُ وَكْعِ الأَساوِدِ «2»
أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ورَمْيِ نِبالٍ مثلِ، بِالْخَفْضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِالرَّفْعِ. ووَكَعَ البعيرُ: سَقَطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
خِرْقٌ، إِذا وَكَعَ المَطِيُّ مِنَ الوَجى،
…
لَمْ يَطْوِ دُونَ رَفيقِه ذَا المِزْوَدِ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: رَكَعَ أَي انْكَبَّ وانثَنى، وَذَا المِزْودِ يَعْنِي الطعامَ لأَنه فِي المزود يكون. الوَكَعُ: مَيْل الأَصابع قِبَلَ السبَّابةِ حَتَّى تَصِيرَ كالعُقْفة خِلْقة أَو عَرَضاً، وَقَدْ يَكُونُ فِي إِبهام الرِّجْلِ فيُقْبِلُ الإِبهامُ عَلَى السبَّابة حَتَّى يُرى أَصلُها خَارِجًا كالعُقْدةِ، وَكِعَ وَكَعاً، وَهُوَ أَوْكَعُ، وامرأَة وَكْعاء. وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَكَعُ مَيَلانٌ في
(1). قوله [لأم إلخ] عكس الجوهري البيت في مادة دملق وتبعه المؤلف هناك.
(2)
. قوله [ودافع إلخ] في شرح القاموس:
ودافع أخرى القوم ضرباً خرادلًا
صَدْر القدَم نَحْوَ الخِنْصِر وَرُبَّمَا كَانَ فِي إِبهام الْيَدِ، وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ للإِماء اللَّوَاتِي يَكْددْنَ فِي العمَل، وَقِيلَ: الوَكَعُ ركوبُ الإِبهامِ عَلَى السَّبَّابَةِ مِنَ الرِّجْل؛ يُقَالُ: يَا ابْنَ الوَكْعاء. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جَمَعُوهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى وكَعَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهِمْ،
…
تِلْكَ أَفْعالُ القِزامِ الوَكَعهْ
مَعْنَى أَحْصَنوا زَوَّجوا. والأَوكَعُ: الأَحْمَقُ الطويلُ. وَرَجُلٌ أَوكَعُ: يَقُولُ لَا إِذا سُئِلَ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي. وَرُبَّمَا قَالُوا عبدٌ أَوْكَعُ، يُرِيدُونَ اللَّئِيمَ. وأمةٌ وكْعاء أَي حَمْقاءُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي رُسْغِه وكَعٌ وكَوَع إِذا الْتَوَى كوعُه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَكَعُ فِي الرَّجُلِ انقِلابُها إِلى وَحْشِيِّها، واللَّكاعةُ اللؤمُ، والوَكاعةُ الشدَّةُ. وفرسٌ وكِيعٌ: صُلبٌ غلِيظ شديدٌ، ودابّةٌ وكِيعٌ. ووَكُعَ الفرسُ وَكاعةً، فَهُوَ وكِيعٌ: صَلُبَ إِهابُه واشتَدّ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وإِياها عَنَى الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ:
ووَفْراءَ لَمْ تُحْرَزْ بسَيْرٍ، وكِيعةٍ،
…
غَدوْتُ بِهَا طَبّاً يَدِي بِرِشائِها
ذَعَرْتُ بِهَا سِرْباً نَقِيّاً جُلُودُه،
…
كَنَجْمِ الثُّرَيّا أَسْفَرَتْ مِنْ عَمائِها
وفْراء أَي وَافِرَةٌ يَعْنِي فَرَسًا أُنثى، وكِيعة: وَثِيقَةُ الخَلْقِ شَدِيدَةٌ. وَيُقَالُ: قَدْ أَسْمَنَ القومُ وأَوْكَعُوا إِذا سَمِنَتْ إِبلهم وغَلُظَتْ مِنَ الشَّحْمِ وَاشْتَدَّتْ. وكلُّ وَثِيقٍ شَدِيدٌ، فَهُوَ وَكِيعٌ. والوَكِيعةُ مِنَ الإِبلِ: الشديدةُ المَتِينةُ. وسِقاءٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ مُحكَمُ الجِلْدِ والخَرْز شديدُ المَخارِزِ لَا يَنْضَحُ. واسْتوْكَعَ السقاءُ إِذا مَتُنَ واشتدَّت مَخارِزُه «1» بعد ما شُرِّبَ. ومَزادةٌ وَكِيعةٌ: قُوِّرَ مَا ضَعُفَ مِنْ أَديمها وأُلقي وخُرِزَ مَا صَلُب مِنْهُ وَبَقِيَ. وفَرْوٌ وكِيعٌ: مَتِينٌ، وَقِيلَ: كُلُّ صُلْبٍ وَكِيعٌ، وَقِيلَ: الوَكِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْغَلِيظُ الْمَتِينُ، وَقَدْ وكُعَ وكاعةَ وأَوْكَعَه غَيْرُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَلَى أَنَّ مَكْتُوبَ العِجالِ وكِيعُ
يَعْنِي سِقَاءَ اللَّبَنِ؛ هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للطرمَّاح وَصَوَابُهُ بِكَمَالِهِ:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ، ودُونَها
…
كُلَى عِجَلٍ، مَكْتُوبُهُنَّ وكِيعُ
قَالَ: والعِجَلُ جَمْعُ عِجْلةٍ وَهُوَ السِّقاءُ، ومَكْتُوبها مَخْرُوزُها. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:
قَلْبٌ وكِيعٌ واعٍ
أَي مَتِينٌ مُحْكَم مِنْ قَوْلِهِمْ سِقاءٌ وَكِيعٌ إِذا كَانَ مُحْكَمَ الخرْز. واسْتَوْكَعَ واسْتَوْكَعَتْ مَعِدتُه: اشْتَدَّتْ وقَوِيَتْ، وَقِيلَ: اسْتَوْكَعَتْ معدتُه أَي اشتدَّت طَبِيعَتُهُ. واسْتَوْكَعَتِ الفِراخُ: غَلُظَتْ وسَمِنَتْ كاسْتَوْكَحَتْ. ووَكُعَ الرجلُ وَكاعةً، فَهُوَ وَكِيعٌ: غَلُظَ. وأَمْرٌ وكِيعٌ: مُسْتَحْكِمٌ. والمِيكَعُ: الجُوالِقُ لأَنه يُحْكَمُ ويُشَدُّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
جُرَّتْ فَتاةُ مُجاشِعٍ فِي مِنْقَرٍ،
…
غيرَ المِراء، كَمَا يُجَرُّ المِيكَعُ
(1). قوله [واشتدت مخارزه] كذا في الأَصل بشين معجمة، وفي القاموس: واستدت، قال شارحه بالسين المهملة على الصواب، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو خطأ.
وَقِيلَ: المِيكَعُ المالَقةُ الَّتِي تُسَوَّى بِهَا خُدَدُ الأَرض المَكْرُوبةِ. والمِيكعةُ: سِكَّةُ الحِراثةِ، وَالْجَمْعُ مِيكَعٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَزَنْ. والوَكْعُ: الحَلْبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لأَنْتُمْ بوَكْعِ الظأْنِ أَعْلَمُ مِنْكُمُ
…
بقَرْعِ الكُماةِ، حيثُ تُبْغَى الجَرائِمُ
ووَكَعْتُ الشاةَ إِذا نَهَزْتَ ضَرْعَها عِنْدَ الحلْب، وباتَ الفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّه الليلةَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: قَالَتِ العَنْزُ احْلُبْ ودَعْ فإِنَّ لَكَ مَا تَدَعُ، وَقَالَتِ النَّعْجَةَ احْلُبْ وكَعْ فليسَ لَكَ مَا تَدَعُ أَي انْهزِ الضرْعَ واحْلُبْ كلَّ مَا فِيهِ. ووَكَعَتِ الدَّجاجةُ إِذا خَضَعَتْ عِنْدَ سِفادِ الدِّيكِ. وأَوْكَعَ القومُ: قلَّ خيرُهم. ووَكِيعٌ: اسم رجل.
وَلَعَ: الوَلُوعُ: العَلاقةُ مَنْ أُولِعْتُ، وَكَذَلِكَ الوَزُوعُ مِنْ أُوزِعْتُ، وَهُمَا اسْمَانِ أُقيما مُقامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، وَلِعَ بِهِ وَلَعاً، ووَلُوعاً الِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ جَمِيعًا بِالْفَتْحِ، فَهُوَ وَلِعٌ ووَلُوعٌ ولاعةٌ. وأُولِعَ بِهِ وَلُوعاً وإِيلاعاً إِذا لَجَّ. وأَوْلَعَه بِهِ: أَغْراه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوْلَعْتَ قُريشاً بعَمَّارٍ
أَي صَيَّرْتَهم يُولَعون بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَوْلِعْ بالعِفاسِ بَنِي نُمَيْرٍ،
…
كَمَا أَوْلَعْتَ بالدَّبَرِ الغُرابا
وَهُوَ مُولَعٌ بِهِ، بِفَتْحِ اللَّامِ، أَي مُغْرًى بِهِ. والوَلَعُ: نَفْسُ الوَلُوعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذُ بِكَ مِنَ الشرِّ وَلُوعاً
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ مُولَعاً بالسِّواكِ.
وَقَالَ عرَّام: يُقَالُ بِفُلَانٍ مِنْ حُبِّ فُلَانَةٍ الأَوْلَعُ والأَوْلَقُ، وَهُوَ شِبْه الجنونِ. وايْتَلَعَتْ فلانةُ قَلْبِيَ، وفلانٌ مُوتَلَعُ القَلْبِ، ومُوتَلَه الْقَلْبُ، ومُتَّلَه الْقَلْبُ، ومُنْتَزَعُ الْقَلْبِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: وَلِعَ فلانٌ بفلانِ يَوْلَعُ بِهِ إِذا لَجَّ فِي أَمره وحَرَصَ عَلَى إِيذائِه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَعَ يَلَعُ أَي اسْتخَفَّ؛ وأَنشد:
فَتراهُنَّ عَلَى مُهْلَتِه
…
يَخْتَلِينَ الأَرضَ، والشاةُ يَلَعْ
أَي يستخِفُّ عَدْواً، وذَكَّر الشاةَ؛ وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْلِهِ والشاةُ يَلَعُ أَيْ لَا يُجِدُّ فِي العَدْوِ فكأَنه يَلْعَبُ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَعَ يَلَعُ إِذا كَذَبَ فِي عَدْوِه ولم يُجِدّ. رجل وُلَعةٌ: يُولَعُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وهُلَعةٌ: يَجْزَعُ سَرِيعاً. ووَلَعَ يَلَعُ وَلْعاً وَوَلَعاناً إِذا كَذَبَ. الْفَرَّاءُ: ولَعْتَ بِالْكَذِبِ تَلَعُ وَلْعاً. والوَلْعُ، بِالتَّسْكِينِ: الكَذِبُ؛ قَالَ كعبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
لكِنَّها خُلَّةٌ، قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها
…
فَجْعٌ ووَلْعٌ، وإِخْلافُ وتَبْدِيلُ
وقال ذُو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
إِلَّا بأَنْ تَكْذِبا عليَّ، وَلَا
…
أَمْلِكُ أَن تَكْذِبا، وأَن تَلَعا
وَقَالَ آخَرُ:
لِخَلَّابةِ العَيْنيْنِ كَذَّابةِ المُنى،
…
وهُنَّ مِنَ الإِخْلافِ والوَلَعانِ
أَي مِنْ أَهل الخُلْفِ والكَذِبِ، وجَعَلَهُنَّ مِنَ الإِخْلاف لمُلازمتهن لَهُ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ للبَعِيثِ:
وهُنَّ مَنَّ الإِخْلافِ قَبْلَك والمَطْل
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِعُتْبَةَ بْنِ الوغْل التَّغْلَبيّ:
أَلا فِي سَبِيلِ اللهِ تَغْيِيرُ لِمَّتي
…
ووَجْهِك مِمَّا فِي القَوارِيرِ أَصْفَرا
وَيُقَالُ: وَلْعٌ والِعٌ كَمَا يُقَالُ عَجَبٌ عاجِبٌ. والوالِعُ: الكَذَّابُ، وَالْجَمْعُ وَلَعةٌ مِثْلَ فاسِقٍ وفَسَقة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي دُوادٍ الرُّؤاسيّ:
مَتى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقْوامَ قَولَتُه،
…
إِذا اضْمَحَلَّ حدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
وَيُقَالُ: قَدْ وَلَعَ فُلَانٌ بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب بِهِ. والتوْلِيعُ: التلْمِيعُ مِنَ البرَصِ وَغَيْرِهِ. وفرسٌ مُوَلَّعٌ: تَلْمِيعُه مُستطيل وَهُوَ الَّذِي فِي بَياضِ بَلَقِه استِطالة وتَفَرُّقٌ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ الرِّقاعِ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
مُوَلَّعٌ بسوادٍ فِي أَسافِلِه،
…
مِنْهُ اكْتَسى، وبلَونٍ مِثْلِه اكْتحَلا
والمُوَلَّع: كالمُلَمَّعِ إِلَّا أَنَّ التَّوْلِيعَ اسْتِطَالَةُ البلَق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوادٍ وبَلَقْ،
…
كأَنه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قُلْتُ لِرُؤْبَةَ إِن كَانَتِ الْخُطُوطُ فَقُلْ كأَنها، وإِن كَانَ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ فَقُلْ كأَنهما، فَقَالَ:
كأَنَّ ذَا، وَيْلَكَ، تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرِوَايَةُ الأَصمعي كأَنها أَيْ كأَنَّ الْخُطُوطَ، وَقَالَ الأَصمعي: فإِذا كَانَ فِي الدَّابَّةِ ضُرُوبٌ مِنَ الأَلوان مِنْ غَيْرِ بلَق، فَذَلِكَ التوْلِيعُ. يُقَالُ: بِرْذَوْن مُوَلَّعٌ، وَكَذَلِكَ الشاةُ والبقرةُ الوَحْشِيّةُ والظَّبْيةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مُوَلَّعة بالطُّرّتَيْنِ دَنا لَهَا
…
جَنى أَيْكةٍ، تَضْفُو عَلَيْهَا قِصارُها
وَقَالَ أَيضاً:
يَنْهَسْنَه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَمِي
…
عَبْلُ الشَّوى، بالطُّرَّتَيْنِ مُولَّعُ
أَي مولَّع فِي طُرَّتَيْهِ. وَرَجُلٌ مولَّع: أَبْرَصُ؛ وأَنشد أَيضاً:
كأَنها في الجلد توليع البهق
وَيُقَالُ: ولَّعَ اللهُ جسَدَه أَي بَرَّصَه. والوَلِيعُ: الطَّلْعُ، وَقِيلَ: الطلْعُ مَا دَامَ فِي قِيقائِه كأَنه نَظْمُ اللُّؤْلُؤِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهِ، وَقِيلَ: طَلْعُ الفُحّالِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّلْعُ قَبْلَ أَن يَتَفَتَّح؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ ثَغْر امرأَة:
وتَبْسِمُ عَنْ نَيِّرٍ كالوَلِيعِ،
…
تُشَقِّقُ عَنْهُ الرُّقاةُ الجُفُوفا
قَالَ: الرّقاةُ جَمْعُ راقٍ وَهُمُ الَّذِينَ يَرْقَون إِلَى النَّخْلِ، والجُفُوفُ جَمْعُ جُفّ وَهُوَ وعاءُ الطَّلْعِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَلِيعُ مَا دامَ فِي الطَّلْعةِ أَبيضَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوَلِيعُ مَا فِي جوْفِ الطَّلْعةِ، وَاحِدَتُهُ وَلِيعةٌ. ووَلِيعةٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَبَنُو وَلِيعةَ: حَيٌّ مِنْ كِنْدةَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَلِيٍّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
أَبي العَبّاسُ، قَرْمُ بَني قُصَيٍّ،
…
وأَخْوالي المُلُوكُ، بَنُو وَلِيعهْ
هُمُ مَنَعُوا ذِماري، يَوْمَ جاءتْ
…
كَتائِبُ مُسْرِفٍ، وبَنو اللَّكِيعهْ