المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحبُّ يَلوعُه لَوْعاً فَلاعَ يَلاعُ والْتاعَ فُؤادُه أَي احْترقَ مِنَ - لسان العرب - جـ ٨

[ابن منظور]

الفصل: الحبُّ يَلوعُه لَوْعاً فَلاعَ يَلاعُ والْتاعَ فُؤادُه أَي احْترقَ مِنَ

الحبُّ يَلوعُه لَوْعاً فَلاعَ يَلاعُ والْتاعَ فُؤادُه أَي احْترقَ مِنَ الشوقِ. ولَوْعةُ الحُبِّ: حُرْقَتُه، وَرَجُلٌ لاعٌ وَقَوْمٌ لاعُون ولاعةٌ وامرأَة لاعةٌ كَذَلِكَ. يُقَالُ: أَتانٌ لاعةُ الفُؤادِ إِلى جَحْشِها، قَالَ الأَصمعي: أَي لائعةُ الفواد، وَهِيَ الَّتِي كأَنها وَلْهى مِنَ الفَزَعِ؛ وأَنشد الأَعشى:

مُلْمِعٍ لاعةِ الفُؤادِ إِلى جَحْشٍ

فَلاهُ عَنْهَا، فَبِئْسَ الْفَالِي

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: إِني لأَجِدُ لَهُ مِنَ اللَّاعةِ مَا أَجِدُ لِولدِي

؛ اللَّاعةُ واللَّوْعةُ: مَا يَجِدُه الإِنسان لِولَدِه وحَميمِه مِنَ الحُرْقة وشِدّة الحبِّ. وَرَجُلٌ لاعٌ ولاعٍ: حريصٌ سيِء الخُلقِ جَزوعٌ عَلَى الْجُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يجوعُ قَبْلَ أَصحابِه، وجَمْعُ اللَّاعِ أَلْواعٌ ولاعُونَ. وامرأَة لاعةٌ، وَقَدْ لِعْتُ لَوعاً وَلَاعًا ولُووعاً كَجَزِعْتُ جَزَعاً؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ مَرَّةً: لِعْتَ وأَنت لائِعٌ كبِعْتَ وأَنت بائِعٌ، فَوَزْنُ لِعْتَ عَلَى الأَول فَعِلْتَ وَوَزْنُهُ عَلَى الثَّانِي فَعَلْتَ. وَرَجُلٌ هاعٌ لاعٌ: فهاعٌ جَزُوع، ولاعٌ موجَعٌ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ، وَالصَّحِيحُ مُتَوَجِّعٌ لِيُعَبِّرُ عَنْ فاعِلٍ بفاعِل، وَلَيْسَ لاعٌ بإِتْباع لِمَا تقدَّم مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ لاعٌ دُونَ هَاعٍ، فَلَوْ كَانَ إِتباعاً لَمْ يَقُولُوهُ إِلَّا معَ هاعٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ لِعْتُ أَلاعُ، فَهُوَ لاعٌ ولائِعٌ، ولاعٌ عِنْدَهُ أَكثر؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لمِرْداسِ بْنِ حُصَين:

وَلَا فَرِحٌ بخَيْرٍ إِنْ أَتاه،

وَلَا جَزِعٌ مِنَ الحِدْثانِ لَاعِ

وَقِيلَ: رَجُلٌ هاعٌ لاعٌ أَي جَبانٌ جَزوعٌ، وَقَدْ لاعَ يَلِيعُ؛ وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ: لِعْتُ أَلاعُ وهِعْتُ أَهاعُ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ هَوَعَ هِعْتُ أَهاعُ ولِعْتُ أَلاعُ هَيَعاناً ولَيَعاناً إِذا ضَجِرْتَ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:

إِذا أَنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فَلَا تَلَعْ،

وقُلْ مِثْلَ مَا قَالُوا وَلَا تَتَرَنَّكِ

قَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: يُقَالُ لاعَ يَلاعُ لَيْعاً مِنَ الضَّجَرِ والجَزَعِ والحَزَنِ وَهِيَ اللَّوْعةُ. ابْنُ الأَعرابي: لاعَ يَلاعُ لَوْعةً إِذا جَزِعَ أَو مَرِضَ. وَرَجُلٌ هاعٌ لاعٌ وهائِعٌ لائِعٌ إِذا كَانَ جَباناً ضَعيفاً، وَقَدْ يُقَالُ: لاعَني الهمُّ والحَزَنُ فالْتَعْتُ الْتِياعاً، وَيُقَالُ: لَا تَلَعْ أَي لَا تَضْجَرْ؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ لَا تَلَعْ مِنْ لاعَ كَمَا يُقَالُ لَا تَهَبْ مِنْ هابَ. وامرأَة هاعةٌ لاعةٌ، وَرَجُلٌ هائِعٌ لائِعٌ، وامرأَة لاعةٌ كَلَعّةٍ: تُغازِلُك وَلَا تُمَكِّنُك، وَقِيلَ: مَلِيحَةٌ تُدِيمُ نَظَرَكَ إِليها مِنْ جَمَالِهَا، وَقِيلَ: مَلِيحَةٌ بَعِيدَةٌ مِنَ الرِّيبَةِ، وَقِيلَ: اللَّاعة المرأَة الحديدةُ الفؤادِ الشهْمةُ. قَالَ الأَزهري: اللوْعةُ السَّوَادُ حوْلَ حَلَمَةِ المرأَة، وَقَدْ أَلْعَى ثَدْيُها إِذا تَغَيَّر. ابْنُ الأَعرابي: أَلواعُ الثَّدْيِ جَمْعُ لَوْعٍ وَهُوَ السوادُ الَّذِي عَلَى الثدْيِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا السَّوَادُ يُقَالُ لَهُ لَعْوةٌ ولَوْعةٌ، وَهُمَا لُغَتَانِ؛ قَالَ زيادٌ الأَعْجَمُ:

كَذَبْتَ لَمْ تَغْذُه سَوْداءُ مُقْرِفةٌ

بِلَوْع ثَديٍ، كأَنفِ الكلبِ، دمّاعِ

‌فصل الميم

متع: مَتَعَ النبيذُ يَمْتَعُ مُتوعاً: اشتدَّت حُمْرَتُهُ. وَنَبِيذٌ ماتِعٌ أَي شديدُ الحمْرةِ. ومَتَعَ الحبْلُ: اشْتَدَّ. وحَبْل ماتِعٌ: جيِّدُ الفَتْلِ. وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ الطَّوِيلِ: ماتِعٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

كَعْبٍ والدَّجّال:

ص: 328

يُسَخَّرُ مَعَهُ جَبَلٌ ماتعٌ خِلاطُه ثَريدٌ

أَي طَوِيلٌ شاهِقٌ. ومَتَعَ الرجُلُ ومَتُعَ: جادَ وظَرُفَ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا جادَ فَقَدْ مَتُعَ، وَهُوَ ماتِعٌ. والماتِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: البالغُ فِي الجَوْدةِ الْغَايَةَ فِي بَابِهِ؛ وأَنشد:

خُذْه فَقَدْ أُعْطِيتَه جَيِّداً،

قَدْ أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه، ماتِعا

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ فِي مواضعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَمَعَانِيهَا وإِن اخْتَلَفَتْ رَاجِعَةٌ إِلى أَصل وَاحِدٍ. قَالَ الأَزهري: فأَما المَتاعُ فِي الأَصل فَكُلُّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ويُتَبَلَّغُ بِهِ ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا. والمُتْعةُ والمِتْعَةُ: العُمْرةُ إِلى الْحَجِّ، وَقَدْ تَمَتَّعَ واسْتَمْتَعَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ

؛ صُورَةُ المُسْتَمْتِعِ بِالْعُمْرَةِ إِلى الحجِّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشهر الْحَجِّ فإِذا أَحرم بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ إِهْلالِه شَوّالًا فَقَدْ صَارَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ، وَسُمِّيَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ لأَنه إِذا قَدِمَ مَكَّةَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَلَقَ رأْسه وَذَبَحَ نُسُكَه الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لِتَمَتُّعِهِ، وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي إِحْرامه مِنَ النِّسَاءِ والطِّيبِ، ثُمَّ يُنْشِئ بَعْدَ ذَلِكَ إِحراماً جَدِيدًا لِلْحَجِّ وَقْتَ نُهُوضِهِ إِلى مِنًى أَو قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَن يَجِبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إِلى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَنشأَ مِنْهُ عُمْرَتَهُ، فَذَلِكَ تَمَتُّعُهُ بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ أَي انْتِفَاعُهُ وَتَبَلُّغُهُ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ حِلاق وَطِيبٍ وتَنَظُّفٍ وقَضاء تَفَثٍ وإِلمام بأَهله، إِن كَانَتْ مَعَهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الأَشياء كَانَتْ محرَّمة عَلَيْهِ فأُبيح لَهُ أَن يَحِلَّ وَيَنْتَفِعَ بإِحلال هَذِهِ الأَشياء كُلِّهَا مَعَ مَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلى الْمِيقَاتِ والإِحرام مِنْهُ بِالْحَجِّ، فَيَكُونُ قَدْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيام الْحَجِّ أَي انْتَفَعَ لأَنهم كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشهر الْحَجِّ فأَجازها الإِسلام، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنّ الْمُتَمَتِّعَ أَخَفُّ حَالًا مِنَ القارنِ فَافْهَمْهُ؛ وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشهر الْحَجِّ فِي شَوَّالٍ أَو ذِي الْقَعْدَةِ أَو ذِي الحِجّةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَدِ اسْتَمْتَعَ.

والمُتْعةُ: التمتُّع بالمرأَة لَا تُرِيدُ إِدامَتها لِنَفْسِكَ، وَمُتْعَةُ التَّزْوِيجِ بِمَكَّةَ مِنْهُ، وأَما قَوْلُ اللَّهِ عز وجل في سُورَةِ النِّسَاءِ بِعَقِبِ مَا حَرَّمَ مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ أَي عَاقِدِي النِّكَاحِ الْحَلَالِ غَيْرَ زُنَاةٍ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً

؛ فإِن الزَّجَّاجَ ذَكَرَ أَنّ هَذِهِ آيَةً غَلِطَ فِيهَا قَوْمٌ غَلَطًا عَظِيمًا لِجَهْلِهِمْ بِاللُّغَةِ، وَذَلِكَ أَنهم ذَهَبُوا إِلى قَوْلِهِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ

مِنَ الْمُتْعَةِ الَّتِي قَدْ أَجمع أَهل الْعِلْمِ أَنها حَرَامٌ، وإِنما مَعْنَى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ

، فَمَا نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ عَلَى الشَّرِيطَةِ الَّتِي جَرَى فِي الْآيَةِ أَنه الإِحصان أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ أَي عاقِدينَ التزويجَ أَي فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى عَقْدِ التَّزْوِيجِ الَّذِي جَرَى ذِكْرُهُ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً أَي مُهُورَهُنَّ، فإِن اسْتَمْتَعَ بِالدُّخُولِ بِهَا آتَى الْمَهْرَ تَامًّا، وإِن اسْتَمْتَعَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ آتَى نِصْفَ الْمَهْرِ؛ قَالَ الأَزهري: الْمَتَاعُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا انْتُفِعَ بِهِ فَهُوَ مَتَاعٌ، وقوله: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ

، لَيْسَ بِمَعْنَى زَوِّدُوهُنَّ المُتَعَ، إِنما مَعْنَاهُ أَعطوهن مَا يَسْتَمْتِعْنَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ

، قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَن قَوْلَهُ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ

الَّتِي هِيَ الشَّرْطُ فِي التَّمَتُّعِ الَّذِي يَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ، فَقَدْ أَخطأَ خَطَأً عَظِيمًا لأَن الْآيَةَ وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ؛ قَالَ: فإِن احْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِنَ الرَّوَافِضِ بِمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وأَنه كَانَ يقرؤها فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلى أَجل مُسَمًّى، فَالثَّابِتُ عِنْدَنَا

ص: 329

أَن ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا، ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى نَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، رَجَعَ عَنْ إِحلالها؛ قَالَ

عَطَاءٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلا رَحْمَةً رَحِمَ اللَّهُ بِهَا أُمة مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، فَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلى الزِّنَا أَحد إِلا شَفًى وَاللَّهِ، ولكأَني أَسمع قَوْلَهُ: إِلا شَفًى

، عَطَاءٌ الْقَائِلُ، قَالَ عَطَاءٌ: فَهِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ

إِلى كَذَا وَكَذَا مِنَ الأَجل عَلَى كَذَا وَكَذَا شَيْئًا مُسَمًّى، فإِن بَدَا لَهُمَا أَن يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الأَجل وإِن تَفَرَّقَا فَهُمْ وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ «2» ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَهُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ صَحَّ لَهُ نَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الْمُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ وأَنه رَجَعَ عَنْ إِحلالها إِلى تَحْرِيمِهَا، وَقَوْلُهُ إِلا شَفًى أَي إِلا أَن يُشْفِيَ أَي يُشْرِفَ عَلَى الزِّنَا وَلَا يوافقه، أَقام الِاسْمَ وَهُوَ الشَّفَى مُقام الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الإِشْفاءُ عَلَى الشَّيْءِ، وَحَرْفُ كُلِّ شَيْءٍ شَفَاهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ، وأَشْفَى عَلَى الهَلاكِ إِذا أَشْرَفَ عَلَيْهِ، وإِنما بَيَّنْتُ هَذَا الْبَيَانَ لِئَلَّا يَغُرَّ بعضُ الرافِضةِ غِرًّا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيُحِلُّ لَهُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عز وجل عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، صلى الله عليه وسلم، فإِن النَّهْيَ عَنِ الْمُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ صَحَّ مِنْ جِهَاتٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رضي الله عنه، وَنَهْيُهُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهَا لَكَانَ كَافِيًا، وَهِيَ الْمُتْعَةُ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا إِلى أَمد مَعْلُومٍ، وَقَدْ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوّل الإِسلام ثُمَّ حُرِّمَ، وَهُوَ الْآنَ جَائِزٌ عِنْدَ الشِّيعَةِ. وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قَبْلَ الزَّوَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وأَدْرَكْنا بِهَا حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو،

وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا

وَقِيلَ: ارْتَفَعَ وَطَالَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ سُوَيْدِ ابن أَبي كَاهِلٍ:

يَسْبَحُ الآلُ عَلَى أَعْلامِها

وَعَلَى البِيدِ، إِذا اليَوْمُ مَتَعْ

ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وَبَلَغَتِ الْغَايَةَ وَذَلِكَ إِلى أَوّل الضُّحَى. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه كَانَ يُفْتي النَّاسَ حَتَّى إِذا مَتَعَ الضُّحَى وسَئِمَ

؛ مَتَعَ النهارُ: طالَ وامتدَّ وَتَعَالَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مَالِكِ بْنِ أَوس: بَيْنَا أَنا جَالِسٌ فِي أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رَسُولُ عمَرَ، رضي الله عنه، فَانْطَلَقْتُ إِليه.

ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ فِي أَوّل النَّهَارِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

ومِنّا، غَداةَ الرَّوْعِ، فِتْيانُ نَجْدةٍ،

إِذا مَتَعَتْ بَعْدَ الأَكُفِّ الأَشاجِعُ

أَي ارْتَفَعَتْ مِنْ قَوْلِكَ مَتَعَ النهارُ والآلُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مُتِعَتْ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقِيلَ قَوْلُهُ إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احْمَرَّتِ الأَكُفُّ والأَشاجِعُ مِنَ الدَّمِ. ومُتْعةُ المرأَة: مَا وُصِلَتْ بِهِ بعدَ الطلاقِ، وَقَدْ مَتَّعَها. قَالَ الأَزهريّ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ

، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ

؛ قَالَ الأَزهريّ: وَهَذَا التَّمْتِيعُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عز وجل لِلْمُطَلَّقَاتِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما وَاجِبٌ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ، وَالْآخَرُ غَيْرُ وَاجِبٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِعْلُهُ، فَالْوَاجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا سمَّى لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا، فَعَلَيْهِ أَن يُمَتِّعَهَا بِمَا عَزَّ وَهَانَ مِنْ مَتَاعٍ ينفعها

(2). هكذا الأَصل

ص: 330

بِهِ مِنْ ثَوْبٍ يُلبسها إِياه، أَو خَادِمٍ يَخْدُمُها أَو دَرَاهِمَ أَو طَعَامٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ لأَن اللَّهَ عز وجل لَمْ يَحْصُرْهُ بِوَقْتٍ، وإِنما أَمر بِتَمْتِيعِهَا فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ

؛ وأَما المُتْعةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مِنْ جِهَةِ الإِحسان وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَهْدِ، فأَن يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امرأَة وَيُسَمِّيَ لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا أَو بَعْدَهُ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَن يُمَتِّعَهَا بِمُتْعَةٍ سِوَى نِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لَهَا، إِن لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، أَو الْمَهْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كُلِّهِ، إِن كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَيُمَتِّعُهَا بِمُتْعَةٍ يَنْفَعُهَا بِهَا وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتِحْبَابٌ لِيَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الْمُحْسِنِينَ أَو الْمُتَّقِينَ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ذَلِكَ كُلَّهُ مُتْعةً ومَتاعاً وتَحْميماً وحَمّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة

أَي أَعطاها أَمةً، هُوَ مِنْ هَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ لِلْمُطَلِّقِ أَن يُعْطِيَ امرأَته عِنْدَ طَلَاقِهَا شَيْئًا يَهَبُها إِيّاه. ورجلٌ ماتِعٌ: طَوِيلٌ. وأَمْتَعَ بِالشَّيْءِ وتَمَتَّعَ بِهِ واسْتَمْتَع: دَامَ لَهُ مَا يسْتَمِدُّه مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها

؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:

مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ اهْلِها

جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ

يُرِيدُ أَن النَّاسَ كُلَّهُمْ مُتْعةٌ للمَنايا، والأَنَسُ كالإِنْسِ والجبْلُ الْكَثِيرُ. ومَتَّعه اللَّهُ وأَمْتَعه بِكَذَا: أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع بِهِ. يُقَالُ: أَمْتَعَ اللَّهُ فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع بِهِ فِيمَا يُحِبُّ مِنَ الانْتفاعِ بِهِ والسُّرور بِمَكَانِهِ، وأَمْتَعه اللَّهُ بِكَذَا ومَتَّعَه بِمَعْنًى. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى

، فَمَعْنَاهُ أَي يُبْقِكم بَقاء فِي عافِيةٍ إِلى وَقْتِ وَفَاتِكُمْ وَلَا يَسْتَأْصِلْكُمْ بِالْعَذَابِ كَمَا استأْصل القُرى الَّذِينَ كَفَرُوا. ومَتَّعَ اللَّهُ فُلَانًا وأَمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن يَنْتَهِيَ شَبابُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلًا نَابِتًا عَلَى الْمَاءِ حَتَّى طالَ طِوالُه إِلى السَّمَاءِ فَقَالَ:

سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّه،

عُمٌّ نواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرُومُ

والصَّفا والسَّرِيُّ: نهرانِ مُتَخَلِّجانِ مِنْ نَهْرِ مُحَلِّمٍ الَّذِي بِالْبَحْرَيْنِ لِسَقْيِ نَخِيلِ هَجَرَ كُلِّهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ

؛ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تَمْتِيعًا فَوَضَعَ مَتَاعًا مَوْضِعَ تَمْتِيعٍ، وَلِذَلِكَ عدَّاه بإِلى؛ قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً؛ فَمُقامُ الحولِ مَنْسُوخٌ بِاعْتِدَادِ أَربعة أَشهر وَعَشْرٍ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُنَّ مَنْسُوخَةٌ بِمَا بَيَّنَ اللَّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ، وَقُرِئَ:

وصيَّةٌ لأَزواجهم، وَوَصِيَّةً

، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي أُريد بِهِ الْفِعْلُ كأَنه قَالَ لِيُوصُوا لَهُنَّ وَصِيَّةً، وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى إِضمار فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ لأَزواجهم، وَنَصْبُ قَوْلِهِ مَتَاعًا عَلَى الْمَصْدَرِ أَيضاً أَراد متِّعوهن مَتَاعًا، والمَتاعُ والمُتْعةُ اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ التَّمْتِيعُ أَي انْفَعُوهُنَّ بِمَا تُوصُونَ بِهِ لَهُنَّ مِنْ صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الْحَوْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ مَا كانُوا يُوعَدُونَ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَطلنا أَعمارهم ثُمَّ جَاءَهُمُ الْمَوْتُ. والماتِعُ: الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ومَتَّعَ الشيءَ: طَوَّله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ الْبَيْتَ الْمُقَدَّمَ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:

ص: 331

إِلى خَيْرِ دِينٍ سُنَّةٍ قَدْ عَلِمْته،

ومِيزانُه فِي سُورةِ المَجْدِ ماتِعُ

أَي راجِحٌ زائِدٌ. وأَمْتَعَه بِالشَّيْءِ ومَتَّعَه: مَلَّاه إِياه. وأَمْتَعْتُ بِالشَّيْءِ أَي تَمَتَّعْتُ بِهِ، وَكَذَلِكَ تَمَتَّعْتُ بأَهلي وَمَالِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:

خَلِيلَيْنِ مِنْ شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجاوَرا

قَلِيلًا، وَكَانَا بالتَّفَرُّقِ أَمْتَعا «1»

أَمتَعا هَاهُنَا: تَمتَّعا، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المَتاعُ، وَهُوَ فِي تَفْسِيرِ الأَصمعي مُتَعَدّ بِمَعْنَى مَتَّعَ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِلرَّاعِي:

ولكِنَّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه

بِفِرْقٍ يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه

أَي تَمَتَّعَ جَدُّه بِفِرْقٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَخَالَفَ الأَصمعي أَبا زَيْدٍ وأَبا عَمْرٍو فِي الْبَيْتِ الأَوّل وَرَوَاهُ: وَكَانَا للتفَرُّقِ أَمْتَعا، بِاللَّامِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَحد يُفَارِقُ صَاحِبَهُ إِلا أَمْتَعَه بِشَيْءٍ يُذَكِّرُهُ بِهِ، فَكَانَ مَا أَمتَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ صَاحِبَهُ أَن فارَقه أَي كَانَا مُتجاوِرَيْن فِي المُرْتَبَعِ فَلَمَّا انْقَضَى الرَّبِيعُ تَفَرَّقَا، وَرُوِيَ الْبَيْتُ الثَّانِي: وأَمْتَعَ جَدَّه، بِالنَّصْبِ، أَي أَمتعَ اللَّهُ جَدَّه. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: طَالَمَا أُمْتِعَ بِالْعَافِيَةِ فِي مَعْنَى مُتِّعَ وتَمَتَّعَ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اسْتَمْتَعُوا يَقُولُ رَضُوا بِنَصِيبِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنصبائهم فِي الْآخِرَةِ وَفَعَلْتُمْ أَنتم كَمَا فَعَلُوا. وَيُقَالُ: أَمْتَعْتُ عَنْ فُلَانٍ أَي اسْتَغْنَيْتُ عَنْهُ. والمُتْعةُ والمِتْعةُ والمَتْعةُ أَيضاً: البُلْغةُ؛ وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: ابْغِني مُتْعةً أَعِيشُ بِهَا أَي ابْغِ لِي شَيْئًا آكُلُه أَو زَادًا أَتَزَوَّدُه أَو قُوتًا أَقتاته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى يَصِفُ صَائِدًا:

مِنْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه مُتَعا

أَي يَبْغِي لأَصحابه صَيْدًا يَعِيشُونَ بِهِ، والمُتَعُ جَمَعَ مُتْعةٍ. قَالَ اللَّيْثُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مِتْعةٌ، وَجَمْعُهَا مِتَعٌ، وَقِيلَ: المُتْعةُ الزَّادُ الْقَلِيلُ، وَجَمْعُهَا مُتَعٌ. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ

؛ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ بِهِ لَا بَقَاءَ لَهُ. وَيُقَالُ: لَا يُمْتِعُني هَذَا الثوبُ أَي لَا يَبْقى لِي، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ. أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فأُمَتِّعُه أَيْ أُؤخره، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَمْتَعَك اللَّهُ بِطُولِ الْعُمْرِ؛ وأَما قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ يَهْجُو امرأَته:

لَوْ جُمِعَ الثَّلَاثُ والرُّباعُ

وحِنْطةُ الأَرضِ الَّتِي تُباعُ،

لَمْ تَرَهُ إِلّا هُوَ المَتاعُ

فإِنه هَجَا امرأَته. وَالثَّلَاثُ وَالرُّبَاعُ: أَحدهما كَيْلٌ مَعْلُومٌ، وَالْآخَرُ وَزْنٌ مَعْلُومٌ؛ يَقُولُ: لَوْ جُمِعَ لَهَا مَا يكالُ أَو بوزن لَمْ تَرَهُ المرأَة إِلا مُتْعةً قَلِيلَةً. قَالَ اللَّهُ عز وجل: مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ*

، وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه عَنَى بِبُيُوتٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ الْخَانَاتِ والفنادِقَ الَّتِي تَنْزِلُهَا السابِلةُ وَلَا يُقيمون فِيهَا إِلا مُقامَ ظَاعِنٍ، وَقِيلَ: إِنه عَنَى بِهَا الخَراباتِ الَّتِي يَدْخُلُهَا أَبناء السَّبِيلِ للانتِفاصِ مِنْ بَوْلٍ أَو خَلاء، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عز وجل: فِيها مَتاعٌ لَكُمْ

، أَي مَنْفَعةٌ لَكُمْ تَقْضُون فِيهَا حَوَائِجَكُمْ مُسْتَتِرِينَ عَنِ الأَبْصارِ ورُؤية النَّاسِ، فَذَلِكَ المَتاعُ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: المَتاعُ مِنْ أَمْتِعةِ الْبَيْتِ مَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ الإِنسان فِي حَوائِجه،

(1). قوله [خليلين] الذي في الصحاح وشرح القاموس خليطين.

ص: 332

وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ، قَالَ: وَالدُّنْيَا مَتَاعُ الْغُرُورُ، يَقُولُ: إِنَّمَا العَيْشُ مَتَاعُ أَيام ثُمَّ يَزُولُ أَي بَقاء أَيام. والمَتاعُ: السِّلْعةُ. والمَتاعُ أَيضاً: الْمَنْفَعَةُ وَمَا تَمَتَّعْتَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الأَكْوَعِ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلَا مَتَّعْتنا بِهِ

أَي تَرَكْتَنَا نَنْتَفِعُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه حَرَّمَ الْمَدِينَةَ وَرَخَّصَ فِي متاعِ النَّاصِحِ

، أَراد أَداة الْبَعِيرِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الشَّجَرِ فَسَمَّاهَا مَتَاعًا. والمتاعُ: كُلُّ مَا يُنْتَفعُ بِهِ مِنْ عُروضِ الدُّنْيَا قليلِها وكثيرِها. ومَتَعَ بِالشَّيْءِ: ذَهَبَ بِهِ يَمْتَعُ مَتْعاً. يُقَالُ: لَئِنِ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْغُلَامَ لتَمْتَعَنّ مِنْهُ بِغُلَامٍ صَالِحٍ أَي لتَذْهَبَنَّ بِهِ؛ قَالَ المُشَعَّثُ:

تَمَتَّعْ يَا مُشَعَّثُ، إِنَّ شَيْئًا،

سَبَقْتَ بِهِ المَماتَ، هُوَ المَتاعُ

وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ مُشَعَّثاً. والمَتاعُ: المالُ والأَثاث، وَالْجَمْعُ أَمْتعةٌ، وأَماتِعُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي أَماتِيعَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ أَقاطِيعَ. ومتاعُ المرأَةِ: هَنُها. والمَتْعُ والمُتْعُ: الكيْدُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، والأُولى أَعلى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

مِنْ مَتْعِ أَعْداءٍ وحوْضٍ تَهْدِمُه

وماتِعٌ: اسم.

مثع: المَثَعُ: مِشْيةٌ قَبِيحَةٌ لِلنِّسَاءِ، مَثَعَتِ المرأَة تَمْثَعُ مَثْعاً وتَمْثُعُ ومَثِعَت، كِلَاهُمَا: مَشَتْ مِشْيةً قَبِيحَةً، وضَبُعٌ مَثْعاء كَذَلِكَ؛ قَالَ المعْنيُّ:

كالضَّبُعِ المَثْعاء عَنَّاها السُّدُمْ،

تَحْفِرُه مِنْ جانِبٍ ويَنْهَدِمْ

المَثْعاءُ: الضَّبُعُ المُنْتِنةُ.

مجع: المَجْعُ والتمجُّعُ: أَكل التَّمْرِ الْيَابِسِ. ومَجَعَ يَمْجُعُ مَجْعاً وتَمَجَّعَ: أَكل التَّمْرَ بِاللَّبَنِ مَعًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يأْكل التَّمْرَ وَيَشْرَبَ عَلَيْهِ اللَّبَنَ. يُقَالُ: هُوَ لَا يَزَالُ يَتَمَجَّعُ، وَهُوَ أَن يَحْسُوَ حَسْوةً مِنَ اللَّبَنِ ويَلْقَمَ عَلَيْهَا تَمْرةً، وَذَلِكَ المَجِيعُ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَرُبَّمَا أُلْقِيَ التمرُ فِي اللَّبَنِ حَتَّى يَتَشَرَّبَهُ فَيُؤْكَلُ التمرُ وتَبْقى المَجاعةُ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:

دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَتَمَجَّعُ مِنْ ذَلِكَ

، وَقِيلَ: المَجِيعُ التَّمْرُ يُعْجَنُ بِاللَّبَنِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ؛ وَقَالَ:

إِنَّ فِي دارِنا ثلاثَ حَبالى،

فَوَدِدْنا أنْ لَوْ وَضَعْنَ جَمِيعا:

جارَتي ثُمَّ هِرَّتي ثُمَّ شَاتِي،

فإِذا مَا وَضَعْنَ كُنّ رَبيعا

جَارَتِي للخَبِيص، والهرُّ للفأْرِ،

وَشَاتِي، إِذا اشْتَهَيْنا مَجِيعا

كأَنه قَالَ: وَشَاتِي للمَجِيع إِذا اشْتَهَيْناه. والمجاعةُ: فُضالةُ المَجِيع. وَرَجُلٌ مَجّاعٌ ومَجّاعةٌ ومُجّاعةٌ إِذا كَانَ يُحِبُّ المَجِيعَ، وَهُوَ كَثِيرُ التمجُّع. وتماجَعَ الرجلانِ: تَماجَنا وتَرافَثا. ومَجِعَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَمْجَعُ مَجاعةً إِذا تماجَنَ. والمِجْعُ والمُجْعةُ والمُجَعةُ، مِثَالُ الهُمَزةِ: الرَّجُلُ الأَحمق الَّذِي إِذا جَلَسَ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ مَكَانَهُ، والأُنثى مِجْعةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَرَى أَنه حُكِيَ فِيهِ المِجَعةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِجْعُ الجاهِلُ، وَقِيلَ: المازِحُ. وَيُقَالُ: مَجُعَ مَجاعةً، بِالضَّمِّ، مِثل قَبُحَ قَبَاحَةً. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَمازَحَه بِكَلِمَةٍ فَقَالَ: إِياي وكلامَ

ص: 333

المِجَعةِ

، وَاحِدُهُمْ مِجْعٌ مِثْلُ قِرَدةٍ وقِرْدٍ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَوْ رُوِيَ بِالسُّكُونِ لَكَانَ الْمُرَادُ إِياي وكلامَ المرأَةِ الغَزِلةِ، وَيُرْوَى إِيّايَ وكلامَ المَجاعة أَي التَّصْرِيحِ بالرَّفَثِ. يُقَالُ: فِي نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ مَجاعةٌ أَي يُصَرِّحْنَ بالرَّفَثِ الَّذِي يُكَنَّى عَنْهُ، وَقَوْلُهُ إِياي يَقُولُ احْذَرُوني وجَنِّبُوني وتَنَحَّوا عَني. وامرأَة مَجِعةٌ: قليلةُ الحَياءِ مِثَالُ جَلِعةٍ فِي الوزْنِ وَالْمَعْنَى؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والمَجِعةُ: الْمُتَكَلِّمَةُ بالفُحْشِ، وَالِاسْمُ المَجاعةُ، والمِجْعُ والمَجْعُ: الداعِرُ، وَهُوَ مِجْع نِسَاءٍ يُجالِسُهُنّ ويَتَحَدَّثُ إِليهن. ومَجّاعٌ: اسم.

مدع: مَيْدُوعٌ: فَرَسُ عَبْدِ الْحَرْثِ بْنِ ضِرار الضَّبِّيّ.

مذع: مَذَعَ يَمْذَعُ مَذْعاً: أَخبر بِبَعْضِ الأَمر ثُمَّ كَتَمَه، وَقِيلَ: قَطَعَه وأَخذ فِي غَيْرِهِ. وَرَجُلٌ مَذَّاعٌ: مُتَمَلِّقٌ كَذَّابٌ لَا يَقِي وَلَا يَحْفَظُ أَحداً بِظَهْرِ الغَيْبِ. وَقَدْ مَذَعَ إِذا كَذَبَ. ومَذَعَ فُلَانٌ يَمِينًا إِذا حَلَفَ. والمَذَّاعُ أَيضاً: الَّذِي لَا يَكْتُم سِرًّا. ومِذْعى: حَفْرٌ بالحَزِيز حَزِيزَ رامةَ، مُؤَنَّثٌ مَقْصُورٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

سَمَتْ لَكَ مِنْهَا حاجةٌ بَيْنَ ثَهْمَدٍ

ومِذْعى، وأَعناقُ المَطِيِّ خَواضِعُ

والمَذْعُ: سَيَلانُ المَزادةِ. والمَذْعُ: السَّيَلانُ مِنَ الْعُيُونِ الَّتِي تَكُونُ فِي شَعَفاتِ الجبالِ. ومَذَعَ بِبَوْلِهِ أَي رَمى بِهِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ بذع: البَذْعُ قَطْرُ حُبِّ الماءِ، قَالَ: وَهُوَ المَذْعُ أَيضاً، يُقَالُ بَذَعَ ومَذَعَ إِذا قَطَرَ.

مرع: المَرْعُ: الكَلأُ، وَالْجَمْعُ أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ مِثْلُ يَمْنٍ وأَيْمُنٍ وأَيمانٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَعْنِي عَضَّ السِنِينَ المُجْدِبةِ:

أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحجٌ

مثْلُ القَناةِ، وأَزْعَلَتْه الأَمْرُعُ

ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ: المَرِيعُ الخَصِيبُ، وَالْجَمْعُ أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَصِحُّ أَن يُجْمَعَ مَرِيعٌ عَلَى أَمْرُعٍ لأَنّ فَعِيلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعُلٍ إِلا إِذا كَانَ مُؤَنَّثًا نَحْوَ يمِينٍ وأَيْمُنٍ، وأَما أَمْرُعٌ فِي بَيْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ فَهُوَ جَمْعُ مَرْعٍ، وَهُوَ الكَلأُ؛ قَالَ أَعرابي: أَتَتْ عَلَيْنَا أَعوامٌ أَمْرُعٌ إِذا كَانَتْ خَصْبةً. ومَرَعَ المكانُ والوادِي مَرْعاً ومَراعةً ومَرِعَ مَرَعاً وأَمْرَعَ، كلُّه: أَخْصَبَ وأَكْلأَ، وَقِيلَ لَمْ يأْت مَرَعَ، وَيَجُوزُ مَرُعَ. ومَرِعَ الرَّجُلُ إِذا وَقَعَ فِي خِصْبٍ، ومَرِع إِذا تَنَعَّمَ. ومكانٌ مَرِعٌ ومَرِيعٌ: خَصِيب مُمْرِع ناجِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:

سَلِسٌ مُقَلَّدُه أَسِيلٌ

خَدُّه مَرِعٌ جَنابُهْ

وأَمْرَعَ القومُ: أَصابوا الكَلأَ فأَخْصَبُوا. وَفِي الْمَثَلِ: أَمْرَعْتَ فانْزِلْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

بِمَا شِئْتَ مِنْ خَزٍّ وأَمْرَعْتَ فانْزِلِ

وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ مُمْرِعُون إِذا كَانَتْ مواشِيهم فِي خِصْبٍ. وأَرض أُمْرُوعةٌ أَي خَصِيبَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُمْرِعةُ. الأَرض المُعْشِبةُ المُكْلِئةُ. وَقَدْ أَمْرَعَت الأَرضُ إِذا شَبِعَ غَنَمُهَا، وأَمْرَعَتْ إِذا أَكْلأَتْ فِي الشَّجَرِ وَالْبَقْلِ، وَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا مُمْرِعةٌ مَا دَامَتْ مُكْلِئةً مِنَ الرَّبِيعِ واليَبِيسِ. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ إِذا

ص: 334

أَعْشَبَتْ. وغَيْثٌ مَرِيعٌ ومِمْراعٌ: تُمْرِعُ عَنْهُ الأَرضُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، دَعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً مُرْبِعاً

؛ المَرِيعُ: ذُو المَراعةِ والخِصْبِ. يُقَالُ: أَمْرَعَ الْوَادِي إِذا أَخْصَبَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وغَيْث مَرِيع لَمْ يُجَدَّعْ نَباتُه

أَي لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُ الْمَطَرُ فَيُجَدَّعَ كَمَا يُجَدَّعُ الصَّبِيُّ إِذا لَمْ يَرْوَ مِنَ اللَّبَنِ فيسوءَ غِذاؤه ويُهْزَلَ. ومَمارِيعُ الأَرضِ: مَكارِمُها، قَالَ: أَعني بِمَكَارِمِهَا الَّتِي هِيَ جَمْعُ مَكْرُمةٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا. وَرَجُلٌ مَرِيعُ الجنابِ: كَثِيرُ الْخَيْرِ، عَلَى الْمَثَلِ. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ: شَبِعَ مالُها كلُّه؛ قَالَ:

أَمْرَعَتِ الأَرضُ لَوَ أَنَّ مَالَا،

لَوْ أَنَّ نُوقاً لَكَ أَو جِمالا،

أَو ثَلّةً من غَنَمٍ إِمَّا لا

والمُرَعُ: طَيْرٌ صِغار لَا يَظْهَرُ إِلا فِي الْمَطَرِ شَبِيهٌ بالدُّرّاجة، وَاحِدَتُهُ مُرَعةٌ مِثْلُ هُمَزةٍ مِثْلُ رُطَبٍ ورُطَبةٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ المُرَعُ تَكْسِيرَ مُرَعةٍ، إِنما هُوَ مِنْ بَابِ تَمْرة وتَمْر لأَن فُعَلةَ لَا تكسَّر لقلتها في كلامها، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا: هَذَا المُرَعُ فَذَكَّرُوا فَلَوْ كَانَ كالغُرَفِ لأَنَّثُوا. ابْنُ الأَعرابي: المُرْعةُ طَائِرٌ طَوِيلٌ، وَجَمْعُهَا مُرَعٌ؛ وأَنشد لِمَلِيحٍ:

سَقَى جارَتَيْ سُعْدَى، وسُعْدَى ورَهْطَها،

وحيثُ التَقَى شَرْقٌ بِسُعْدَى ومَغْرِبُ

بِذي هَيْدبٍ أَيْما الرُّبا تحتَ وَدْقِه

فَترْوَى، وأَيْما كلُّ وادٍ فَيَرْعَبُ

لَهُ مُرَعٌ يَخْرُجْنَ مِنْ تحتِ وَدْقِه،

منَ الماءِ جُونٌ رِيشُها يَتَصَبَّبُ

قَالَ أَبو عَمْرٍو: المُرْعةُ طَائِرٌ أَبيض حسَنُ اللونِ طَيِّبُ الطَّعْمِ فِي قَدْرِ السُّمانَى. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ السَّلْوى فَقَالَ: هِيَ المُرَعةُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ طَائِرٌ أَبيض حَسَنُ اللَّوْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ بِقَدْرِ السُّمانى، قَالَ: إِنه يَقَعُ فِي الْمَطَرِ مِنَ السَّمَاءِ. ومارِعةُ: ملِكٌ فِي الدهْرِ الأَوّل. وَبَنُو مارِعةَ: بَطْنٌ يُقَالُ لَهُمُ الموارِعُ. ومَرْوَعُ: أَرض؛ قَالَ رؤْبة:

فِي جَوْفِ أَجْنَى مِنْ حِفافى مَرْوَعا

وأَمْرَعَ رأْسَه بدُهْنٍ أَي أَكْثَرَ مِنْهُ وأَوْسَعَه، يُقَالُ: أَمرِعْ رأْسك وامْرَعْه أَي أَكثر مِنْهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

كَغُصْنِ بانٍ عُودُه سَرَعْرَعُ،

كأَنَّ وَرْداً مِنْ دِهانٍ يُمْرَعُ

لَوْنِي، وَلَوْ هَبَّتْ عَقِيمٌ تَسْفَعُ

يَقُولُ كأَنَّ لَوْنَهُ يُعْلَى بالدُّهْنِ لصَفائِه. ابْنُ الأَعرابي: أَمْرَعَ المكانُ لَا غَيْرُ. ومَرَعَ رأْسَه بِالدُّهْنِ إِذا مَسَحَه.

مزع: المَزْعُ: شدّةُ السَّيْرِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

والخَيْلَ تَمْزَعُ غَرْباً فِي أَعِنَّتها،

كالطَّيْرِ تَنْجُو مِنَ الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ

مَزَعَ البعيرُ فِي عَدْوِه يَمْزَعُ مَزْعاً: أَسْرَع فِي عَدْوه، وَكَذَلِكَ الفرسُ والظبْيُ، وَقِيلَ: العَدْو الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل العدْو وَآخِرُ المشْي. وَيُقَالُ لِلظَّبْيِ إِذا عَدا: مَزَعَ وقَزَعَ، وَفَرَسٌ مِمْزَعٌ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

ص: 335

وَكُلُّ طَمُوحِ الطَّرْفِ شَقَّاءَ شَطْبةٍ

مُقَرِّبةٍ كَبْداءَ جَرْداءَ مِمْزَعِ

والمَزْعِيُّ: النَّمّامُ، وَقَدْ يَكُونُ السيّارَ بِاللَّيْلِ. والقنافِذُ تَمْزَعُ بِاللَّيْلِ مَزْعاً إِذا سَعَتْ فأَسْرَعَتْ؛ وأَنشد الرِّيَاشِيُّ لِعَبْدَةَ بْنِ الطَّبِيبِ يَضْرِبُ مَثَلًا لِلنَّمَّامِ:

قومٌ، إِذا دَمَسَ الظّلامُ عليهمُ،

حَدَجُوا قَنافِذَ بالنميمةِ تَمْزَعُ

ابْنُ الأَعرابي: القُنْفُذُ يُقَالُ لَهَا المَزّاعُ. ومَزَعَ القُطْنَ يَمْزَعُه مَزْعاً: نَفَشَه. ومَزَّعَتِ المرأَةُ القطنَ بِيَدِها إِذا زَبَّدَتْه وقَطَّعَتْه ثُمَّ أَلَّفَتْه فَجَوَّدَتْهُ بِذَلِكَ. والمُزْعةُ: القِطْعةُ مِنَ القُطْنِ والرِّيشِ وَاللَّحْمِ ونحوِها. والمِزْعةُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الرِّيشِ وَالْقُطْنِ مِثْلَ المِزْقةِ مِنَ الخِرَقِ، وَجَمْعُهَا مِزَعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ ظَلِيمًا:

مِزعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ

أَي سَرِيعٌ. ومُزاعةُ الشَّيْءِ: سُقاطَتُه. ومَزَّعَ اللحمَ فَتَمزَّع: فَرَّقَه فَتَفَرَّقَ. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: فَقَالَ لَهُمْ تَمَزَّعُوه فأَوفاهُمُ الَّذِي لَهُمْ

أَي تقاسَموه وفَرَّقُوه بَيْنَكُمْ. والتَّمزِيعُ: التفْرِيقُ. يُقَالُ: مَزَّعَ فُلَانٌ أَمرَه تَمْزِيعاً إِذا فَرَّقَه. والمُزْعةُ: بقيَّةُ الدسَمِ. وتَمَزَّعَ غَيْظًا: تَقَطَّعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه غَضِبَ غَضَباً شَدِيدًا حَتَّى تَخَيَّلَ لِي أَنّ أَنفه يَتَمَزَّعُ مِنْ شدةِ غَضَبِه

أَي يَتَقَطَّعُ وَيَتَشَقَّقُ غَضَباً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ يَتَمَزَّعُ بِشَيْءٍ وَلَكِنِّي أَحسبه يَتَرَمَّعُ، وَهُوَ أَن تَرَاهُ كأَنه يُرْعِدُ مِنْ الْغَضَبِ، وَلَمْ يَنْكَرْ أَبو عُبَيْدٍ أَن يَكُونَ التَّمَزُّعُ بِمَعْنَى التقَطّع وإِنما اسْتُبْعِدَ الْمَعْنَى. والمُزْعةُ، بِالضَّمِّ: قِطْعةُ لَحْمٍ، يُقَالُ: مَا عَلَيْهِ مُزْعةُ لَحْمٍ أَي مَا عَلَيْهِ حُزّةُ لَحْمٍ، وَكَذَلِكَ مَا فِي وَجْهِهِ لُحادةُ لَحْمٍ. أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ النَّفْيِ: مَا عَلَيْهِ مُزْعةُ لَحْمٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَزالُ المسأَلة بِالْعَبْدِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا فِي وَجْهِهِ مُزْعةُ لَحْمٍ

أَي قِطْعةٌ يَسِيرَةٌ مِنَ اللَّحْمِ. أَبو عَمْرٍو: مَا ذُقْتُ مُزْعةَ لَحْمٍ وَلَا حذْفةً وَلَا حِذْيةً وَلَا لَحْبَةً وَلَا حِرْباءةً وَلَا يَرْبوعةً وَلَا مُلَّاكًا وَلَا ملُوكاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ومَزَّعَ اللحمَ تَمْزِيعاً: قطَّعه؛ قَالَ خَبِيبٌ:

وذلكَ فِي ذاتِ الإِلَهِ، وإِن يَشَأ

يُبارِكْ عَلَى أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزّعِ

وَمَا فِي الإِناءِ مُزْعةٌ مِنَ الماءِ أَي جُرعةٌ.

مسع: الأَصمعي: يُقَالُ لِرِيحِ الشَّمالِ مِسْعٌ ونِسْعٌ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للمُتَنَخِّل الهُذَلي، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأَبي ذُؤَيْبٍ لَا لِلْمُتَنَخِّلِ:

قَدْ حالَ بَيْنَ دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ

مِسْعٌ، لَهَا بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ

قَوْلُهُ مُؤَوِّبةٌ أَي ريحٌ تجيءُ مَعَ اللَّيْلِ. والمَسْعِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْكَثِيرُ السيْرِ القويُّ عليه.

مشع: المَشْعُ: ضرْبٌ مِنَ الأَكل كأَكلِكَ القِثّاء، وَقَدْ مَشَعَ القِثّاءَ مَشْعاً أَي مَضَغَه، وَقِيلَ: المَشْعُ أَكلُ القِثّاء وَغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ جَرْسٌ عِنْدَ الأَكل. وَيُقَالُ: مَشَعْنا القَصْعةَ أَي أَكلنا كُلَّ مَا فِيهَا. والمَشْعُ: السَّيْرُ السَّهْلُ. والتمشُّعُ: الاستنجاءُ. والتمْشِيعُ: التمْسِيح. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى أَن يُتَمَشَّعَ برَوْثٍ أَو عَظْمٍ

: التمشُّعُ: التمسُّحُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ حَرْفٌ صَحِيحٌ. وتَمَشَّعَ وامْتَشَعَ إِذا أَزال عَنْهُ الأَذى. ومَشَعَ القُطْنَ يَمْشَعُه مَشْعاً: نَفَشَه

ص: 336

بِيَدِهِ، والمِشْعةُ والمَشِيعةُ: القِطْعةُ مِنْهُ. والمَشْعُ: الكَسْبُ. ومَشَعَ يَمْشَعُ مَشْعاً ومُشُوعاً: كَسَبَ وجَمَع. وَرَجُلٌ مَشُوعٌ: كَسُوبٌ؛ قَالَ:

وَلَيْسَ بخَيْرٍ مِنْ أَبٍ غيرَ أَنه،

إِذا اغْبَرّ آفاقُ البلادِ، مَشُوعُ

ومَشَعْتُ الغنَمَ: حَلَبْتُها. وامْتَشَعْتُ مَا فِي الضّرْعِ وامْتَشَقْتُه إِذا لَمْ تدَع فِيهِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ امْتَشَعْتُ مَا فِي يَدَيْ فُلَانٍ وامْتَشَقْته إِذا أَخذت مَا فِي يَدِهِ كُلَّهُ. وَامْتَشَعَ السيفَ مِنْ غِمْدِه وامْتَلَخه إِذا امْتَعَدَه وسلَّه مُسْرِعاً. وَيُقَالُ: امْتَشِعْ مِنْ فُلَانٍ مَا مَشَعَ لَكَ أَي خُذْ مِنْهُ مَا وجدْت. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: امْتَشَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَ صَاحِبِهِ أَي اخْتَلَسَه. وذئبٌ مَشُوعٌ.

مصع: المَصْع: التَّحْرِيكُ، وَقِيلَ: هُوَ عَدْوٌ شَدِيدٌ يُحَرَّكُ فِيهِ الذَّنَبُ. وَمَرَّ يَمْصَعُ أَي يُسْرِعُ مِثْلَ يَمْزَعُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

يَمْصَع فِي قِطْعةِ طَيْلَسانِ

مَصْعاً، كَمَصْعِ ذكَرِ الوِرْلانِ

ومَصَعَتِ الدابةُ بذَنَبِها مَصْعاً: حَرَّكَتْهُ مِنْ غَيْرِ عَدْوٍ، وَالدَّابَّةُ تَمْصَعُ بِذَنَبِهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

إِذا بَدا مِنْهُنّ إِنْقاضُ النُّقَقْ،

بَصْبَصْنَ واقْشَعْرَرْنَ مِنْ خوْفِ الرَّهَقْ،

يَمْصَعْنَ بالأَذْنابِ مِنْ لُوحٍ وَبَقْ

اللُّوحُ: الْعَطَشُ، والإِنْقاض: الصوتُ، والنُّقَقُ: الضَّفادِعُ، جَمْعُ نَقُوقٍ، وَكَانَ حَقُّهُ نُقُقٌ فَفَتَحَ لِتَوَالِي الضَّمَّتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: والفتنةُ قَدْ مَصَعَتْهم

أَي عَرَكَتْهم وَنَالَتْ مِنْهُمْ؛ هُوَ مِنَ المَصْعِ الَّذِي هُوَ الْحَرَكَةُ والضرْبُ. والمُماصَعةُ والمِصاعُ: المُجالدَة والمُضارَبةُ. وفي حديث

عبيد ابن عُمَيْرٍ فِي الْمَوْقُوذَةِ: إِذا مَصَعَتْ بذَنبها

أَي حرّكَتْه وضربَتْ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ دَمِ الْحَيْضِ:

فَمَصَعَتْه بظُفُرِها

أَي حَرَّكَتْهُ وفَرَكَتْه. ومَصَعَ الفرسُ يَمْصَعُ مَصْعاً: مَرَّ مَرًّا خَفِيفًا. ومَصَع البعيرُ يَمْصَعُ مَصْعاً: أَسْرَعَ. ومَصَعَ الرجُلُ فِي الأَرض يَمْصَعُ مَصْعاً وامْتَصَعَ إِذا ذَهَبَ فِيهَا؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:

وهُنَّ يَمْصَعْنَ امْتِصاعَ الأَظْبِ،

مُتَّسِقاتٍ كاتِّساقِ الجَنْبِ

ومَصَعَ لبنُ النَّاقَةِ مِنْهُ يَمْصَعُ مُصُوعاً؛ الْآتِي وَالْمَصْدَرُ جَمِيعًا عَنِ اللِّحْيَانِي: ذَهَبَ، فَهِيَ ماصِعةُ الدَّرِّ. وَكُلُّ شَيْءٍ ولَّى وَقَدْ ذهَب، فَقَدْ مَصَعَ. وأَمْصَعَ الرجلُ إِذا ذهَب لبَنُ إِبِلِه. وأَمْصَعَ القومُ: مَصَعَتْ أَلْبانُ إِبِلِهم، ومَصَعَت إِبلهم: ذهَبَت أَلبانُها؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلْمَاءِ فَقَالَ أَنشده اللِّحْيَانِي:

أَصْبَحَ حوْضاكَ، لِمَنْ يَراهما،

مُسَمَّلَيْنِ ماصِعاً قِراهُما

ومَصَعَ البردُ أَي ذهَب. ومَصَعْتُ ضَرْعَ الناقةِ إِذا ضَرَبْتَه بالماءِ البارِدِ. والمَصْعُ: القِلّةُ. ومَصَعَ الحوْضَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ: بَلَّه ونضحَه. ومَصَعَ الحوضُ إِذا نَشِفَ مَاؤُهُ. ومَصَعَ ماءُ الْحَوْضِ إِذا نَشَّفَه الحوضُ. ومَصَعَت الناقةُ هُزالًا، قَالَ: وكلُّ مُولٍّ ماصِعٌ. والمَصْعُ: السوْقُ. ومَصَعَه بِالسَّوْطِ: ضرَبه ضرَباتٍ قَلِيلَةً ثَلَاثًا أَو أَربعاً. والمصْع: الضرْبُ بِالسَّيْفِ، وَرَجُلٌ مَصِعٌ؛ وأَنشد

ص: 337

:

رُبْ هَيْضَلٍ مَصِعٍ لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ

والمُماصَعةُ: المُقاتَلةُ والمُجالَدة بِالسُّيُوفِ؛ وأَنشد القُطامي:

تَراهُم يَغْمِزُونَ مَنِ اسْتَرَكُّوا،

ويَجْتَنِبُونَ مَنْ صَدَقَ المِصاعا

وَفِي حَدِيثِ

ثقِيفٍ: تَرَكُوا المِصاعَ

أَي الجِلادَ والضِّرابَ: وماصَعَ قِرْنَه مُماصَعةً ومِصاعاً: جالَده بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِلزِّبْرِقَانِ:

يَهْدِي الخَمِيسَ نِجاداً فِي مَطالِعِها،

إِمّا المِصاعُ، وإِمّا ضَرْبةٌ رُعبُ

وأَنشد الأَصمعي يَصِفُ الْجَوَارِيَ:

إِذا هُنَّ نازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ،

وَكَانَ المِصاع بِمَا فِي الجُؤَنْ

يَعْنِي قِتَالَ النساءِ الرجالَ بِمَا عَلَيْهِنَّ مِنَ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ. وَرَجُلٌ مَصِعٌ: مُقَاتِلٌ بِالسَّيْفِ؛ قَالَ:

وَوَرَاءَ الثَّأْرِ مِنِّي ابْنُ أُخْتٍ

مَصِعٌ، عُقْدَتُه مَا تُحَلُ

والمَصِعُ: الغلامُ الَّذِي يَلْعَب بالمِخْراقِ. ومَصَعَ البرْقُ أَي أَوْمَضَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَسُئِلَ أَعرابي عَنِ الْبَرْقِ فَقَالَ: مَصْعةُ مَلَكٍ أَي يَضْرِبُ السحابةَ ضَرْبةً فَتَرى النِّيرانَ. وَفِي حَدِيثِ

مُجَاهِدٍ: البرْقُ مَصْعُ مَلَكٍ يسُوقُ السحابَ

أَي يَضْرِبُ السَّحَابَ ضَرْبَةً فتَرى البرْقَ يَلْمَعُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ التَّحْرِيكُ وَالضَّرْبُ فكأَن السَّوْطَ يَقَعُ بِهِ لِلسَّحَابِ وَتَحْرِيكٌ لَهُ. والماصِعُ: البَرَّاقُ، وَقِيلَ المُتَغيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:

فأَفْرَغْنَ مِنْ ماصِعٍ لوْنُه

عَلَى قُلُصٍ يَنْتَهِبْنَ السِّجالا

هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ وَالرِّوَايَةُ: فأَفْرَغْتُ مِنْ ماصِعٍ، لأَن قَبْلَهُ:

فأَوْرَدْتُها مَنْهَلًا آجِناً،

نُعاجِلُ حِلًّا بِهِ وارْتِحالا

وَيُرْوَى: نُعالِجُ؛ قَوْلُهُ فأَفْرَغْتُ مِنْ ماصِعٍ لوْنُه أَي سَقَيْتُها مِنْ مَاءٍ خَالِصٍ أَبيض لَهُ لَمَعانٌ كَلَمْعِ الْبَرْقِ مِنْ صَفائِه، والسِّجالُ: جَمْعُ سَجْلٍ للدَّلْوِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نَصْعٍ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْبَيْتِ: وَقَدْ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ ماصِع فَجَعَلَهُ مَاءً قَلِيلًا. وَقَالَ شَمِرٌ: ماصِعٌ يُرِيدُ ناصِعٌ، صَيَّرَ النُّونَ مِيمًا؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي شِعْرٍ لَهُ آخَرَ فَجَعَلَ الماصِعَ كَدراً فَقَالَ:

عَبَّتْ، بِمِشْفَرِها وفضْلِ زِمامِها،

فِي فَضْلةٍ مِنْ ماصِعٍ مُتَكَدِّرِ

والمَصِعُ: الشيْخُ الزَّحّارُ. قَالَ الأَزهريّ: وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ قَبَّحَه اللهُ وأُمًّا مَصَعَتْ بِهِ وَهُوَ أَن تُلْقِيَ المرأَةُ ولدَها بزَحْرةٍ واحدةٍ وتَرْمِيَه. ومَصَعَ بِالشَّيْءِ: رَمَى بِهِ. ومَصَعَ الطائرُ بذَرْقِه مَصْعاً: رَمَى. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ مَصَعَتِ الأُمّ بِوَلَدِهَا وأَمْصَعَت بِهِ، بالأَلف، وأَخْفَدَت بِهِ وحَطَأَتْ بِهِ وزَكَبَت بِهِ. ومَصَعَ بسَلْحِه مَصْعاً: رَمَى بِهِ مِنْ فَرَقٍ أَو عَجَلةٍ، وَقِيلَ: كلُّ مَا رُمِيَ بِهِ فَقَدْ مُصِعَ بِهِ مَصْعاً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ:

تَرى أَثَرَ الحيّاتِ فِيهَا، كأَنَّها

مَماصِعُ وِلْدانٍ بقُضْبانِ إِسْحِلِ

ص: 338

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها المَرامي أَو المَلاعِبُ أَو مَا أَشْبَه ذَلِكَ. والمَصُوعُ: الفَرُوقُ. والمُصْعُ والمُصَعُ: حَمْلُ العَوْسَجِ وثَمَرُه، وَهُوَ أَحمر يُؤْكَلُ، الْوَاحِدَةُ مُصْعةٌ ومُصَعة، يُقَالُ: هُوَ أَحمر كالمُصَعَةِ يَعْنِي ثَمَرَةَ العوْسَجِ، وَمِنْهُ ضَرْبٌ أَسود لَا يُؤْكَلُ عَلَى أَرْدإِ العَوْسَجِ وأَخْبَثِه شوْكاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ المُصَعِ قَوْلُ الضَّبِّيِّ:

أَكانَ كَرِّي وإِقْدامي بِفي جُرَذٍ،

بَيْنَ العَواسِجِ، أَحْنى حَوْلَه المُصَعُ؟

والمُصْعةُ والمُصَعةُ مِثَالُ الهُمَزة: طَائِرٌ صَغِيرٌ أَخضرُ يأْخذه الْفَخُّ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ وَيُرْوَى قَوْلُ الشمّاخِ يصِفُ نَبْعةً:

فَمَظَّعَها شَهْرَيْن ماءَ لِحائِها،

ويَنْظُرُ فِيهَا أَيَّها هُوَ غامِزُ

بِالصَّادِّ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ؛ يَقُولُ: ترَك عَلَيْهَا قِشْرها حَتَّى جَفَّ عَلَيْهَا لِيطُها، وأَيَّها منصوب بغامِزٌ، وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ فمَظَّعَها أَي شَرَّبَها ماءَ لِحائِها، وَهُوَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ إِلى مَفْعُولَيْنِ كَشَرَّبَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ أَنْصَعْتُ لَهُ بِالْحَقِّ وأَمْصَعْتُ وعَجَّرْتُ وعَنَّقْتُ إِذا أَقرّ بِهِ وأَعطاه عفواً.

مضع: مَضَعَه يَمْضَعُه مَضْعاً: تَناوَلَ عِرْضَه. والمُمْضَعُ: المُطْعَمُ لِلصَّيْدِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَنشد:

رَمَتْنيَ مَيٌّ بالهَوى رَمْيَ مُمْضَعٍ،

مِنَ الوَحْشِ، لَوْطٍ لم تَعُقْه الأَوانِسُ

مطع: المَطْعُ: ضربٌ مِنَ الأَكل بأَدنى الفَمِ والتناوُلُ فِي الأَكل بِالثَّنَايَا وَمَا يَلِيهَا مِنْ مُقَدّمِ الأَسنان. يُقَالُ: هُوَ ماطِعٌ ناطِعٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ القَضْمُ. ومَطَعَ فِي الأَرض مَطْعاً ومُطُوعاً: ذهَب فَلَمْ يُوجَدْ.

مظع: مَظَعَ الوَتَرَ يَمْظَعُه مَظْعاً ومَظَّعَه تَمْظِيعاً: مَلَّسَه ويبَّسَه، وَقِيلَ: وأَلانه، وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ، وَقِيلَ: كلُّ مَا أَلانَه ومَلَّسَه، فَقَدْ مَظَعَه، ومَظَعَتِ الريحُ الخَشَبة: امْتَخَرَتْ نُدُوَّتَها. ومَظَّعْتُ الخشَبةَ إِذا قَطَعْتَها رطْبةً ثُمَّ وَضعْتَها بِلِحائها فِي الشَّمْسِ حَتَّى تَتَشَرَّبَ ماءَها ويُتْرَك لِحاؤها عَلَيْهَا لئَلا تَتَصَدَّعَ وتَتَشَقَّقَ؛ قَالَ أَوس ابْنُ حَجَرٍ يَصِفُ رَجُلًا قَطَعَ شَجَرَةً يَتَّخِذُ مِنْهَا قوْساً:

فَمَظَّعَها حَوْلَيْنِ ماءَ لِحائِها،

تُعالى عَلَى ظَهْر العَرِيشِ وتُنْزَلُ

الْعَرِيشُ: الْبَيْتُ؛ يَقُولُ تُرْفَع عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وتُنْزَلُ بِالنَّهَارِ لِئَلَّا تُصِيبَهَا الشَّمْسُ فتتفطر. والتَّمَظُّعُ: شُرْبُ القضِيب مَاءَ اللِّحاء تَتْرُكُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَشَرَّبَه فَيَكُونُ أَصلب لَهُ، وَقَدْ مَظَّعَه الماءَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

فَلَمَّا نَجا مِنْ ذلكَ الكَرْبِ، لَمْ يَزَلْ

يُمَظِّعُها ماءَ اللِّحاءِ لِتَذْبُلا

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رَوَّى بالدسَمِ الثَّرِيدَ: قَدْ رَوَّغَه ومَرَّغَه ومَظَّعَه ومَرْطَلَه وسَغْبَلَه وسَغْسَغَه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَظَّعَ القوْسَ والسَّهْمَ شَرّبهما؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا:

فمَظّعَها شَهْرَيْنِ ماءَ لحائِها،

ويَنْظُرُ فِيها أَيَّها هُوَ غامِزُ

والمَظْعُ فِعْلُهُ مُماتٌ، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ مَظَّعْت الْعُودَ إِذا تَرَكْتَهُ فِي لِحائِه لِيَشْرَبَ مَاءَهُ. ومَظَّعَ فُلَانٌ

ص: 339

الإِهابَ إِذا سَقَاهُ الدُّهْنَ حَتَّى يَشْرَبَه. وتَمَظَّعَ مَا عِنْدَهُ: تَلَحَّسَه كُلَّهُ. وَفُلَانٌ يَتَمَظّعُ الظلَّ أَي يَتَتَبَّعُه مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. والمُظْعةُ: بَقِيّةٌ مِنَ الكَلإِ.

معع: المَعُّ: الذّوَبانُ. والمَعْمَعةُ: صَوْتُ الحَريقِ فِي القَصَبِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حكايةُ صوتِ لَهَبِ النَّارِ إِذا شُبَّتْ بالضِّرامِ؛ وَمِنْهُ قولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

كمَعْمَعةِ السَّعَفِ المُوقَدِ

وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

مَنْ سَرَّه ضرْبٌ يُرَعْبِلُ بعضُه

بَعْضًا، كمَعْمَعةِ الأَباءِ المُحْرَقِ

والمَعْمَعةُ: صَوْتُ الشُجَعاءِ فِي الْحَرْبِ، وَقَدْ مَعْمَعوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

ومَعْمَعَتْ فِي وَعْكةٍ ومَعْمَعا

وَيُقَالُ لِلْحَرْبِ مَعْمَعةٌ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما صَوْتُ المُقاتلةِ، وَالثَّانِي اسْتِعارُ نارِها. وَفِي حَدِيثٍ:

لَا تَهْلِكُ أُمَّتي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمُ التمايُلُ والتمايُزُ والمَعامِعُ

؛ المَعامِعُ شدَّة الحرْبِ والجِدُّ فِي القِتالِ وهَيْجُ الفِتَنِ والْتِهابُ نِيرانِها، والأَصل فِيهِ مَعْمعةُ النارِ، وَهِيَ سُرْعةُ تَلَهُّبِها، وَمِثْلُهُ مَعْمَعةُ الحرِّ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: الْآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ. والمَعْمَعةُ: شدَّةُ الْحَرِّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

إِذا الفَلاةُ أَوحَشَتْ فِي المَعْمَعهْ

والمَعْمَعانُ كالمَعْمَعةِ، وَقِيلَ: هو أَشدُّ الْحَرِّ. وَلَيْلَةٌ مَعْمَعانةٌ ومَعْمَعانيَّةٌ: شديدةُ الْحَرِّ، وَكَذَلِكَ اليومُ مَعْمَعانيٌّ ومَعْمَعانٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: كَانَ يَتَتَبَّعُ اليومَ المَعْمَعانِيَّ فيصومُه

أَي الشديدَ الْحَرِّ. وَفِي حَدِيثٍ

ثَابِتٍ قَالَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنه لَيَظَلُّ فِي الْيَوْمِ المَعْمَعانيِّ البعيدِ مَا بَيْنَ الطرَفَيْنِ يُراوِحُ مَا بَيْنَ جَبْهَتِه وقدَمَيْه.

ويومٌ مَعْماعٌ كمَعْمَعانيٍّ؛ قَالَ:

يومٌ مِنَ الجَوْزاءِ مَعْماعٌ شَمِسْ

ومَعْمَعَ القومُ أَي سَارُوا فِي شدَّةِ الْحَرِّ. والمَعْمَعُ: المرأَة الَّتِي أَمرُها مُجْمَعٌ لَا تُعْطِي أَحداً مِنْ مَالِهَا شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ

أَوْفى بْنِ دَلْهَمٍ: النِّسَاءُ أَربع، فَمِنْهُنَّ مَعْمَع لَهَا شَيْئُها أَجْمَع

؛ هِيَ المسْتَبدةُ بِمَالِهَا عَنْ زَوْجِهَا لَا تواسِيه مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا فُسِّرَ. والمَعْمَعِيُّ: الرَّجُلُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ مَن غَلَب. وَيُقَالُ: مَعْمَعَ الرجلُ إِذا لَمْ يحْصُل عَلَى مذهَبٍ كأَنه يَقُولُ لكّلٍ أَنا معَك، وَمِنْهُ قِيلٌ لِمَثَلِهِ: رَجُلٌ إِمَّعٌ وإِمَّعةٌ. والمَعْمَعةُ: الدَّمْشَقةُ وَهُوَ عَمَلٌ فِي عَجَلٍ. وامرأَة مَعْمَعٌ: ذكِيَّةٌ مُتَوَقِّدةٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ومَعَ، بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ: كَلِمَةٌ تَضُمُّ الشَّيْءَ إِلى الشَّيْءِ وَهِيَ اسْمٌ مَعْنَاهُ الصُّحْبَةُ وأَصلها مَعاً، وَذَكَرَهَا الأَزهري فِي المعتلِّ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَن مَعَ اسمٌ حَرَكَةُ آخِرِهِ مَعَ تَحَرُّكِ مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ يسَكن ويُنَوَّنُ، تَقُولُ: جاؤوا مَعاً. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ مَعًا: وَقَالَ اللَّيْثُ كُنَّا مَعًا مَعْنَاهُ كُنَّا جَمِيعًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ

؛ نَصَبَ مَعَكُمْ كَنَصْبِ الظُّرُوفِ، تَقُولُ: أَنا مَعَكُمْ وأَنا خَلْفَكم، مَعْنَاهُ أَنا مستقِرّ مَعَكُمْ وأَنا مُسْتَقِرٌّ خَلْفَكُمْ. وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ

، أَي ناصِرُهم؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؛ أَي اللَّهُ ناصِرنا، وَقَوْلُهُ:

ص: 340

وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ

، مَعْنَاهُ كُونُوا صادِقين، وَقَوْلُهُ عز وجل: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً

، مَعْنَاهُ بعدَ الْعُسْرِ يُسْر، وَقِيلَ: إِنَّ بِمَعْنَاهَا مَعْ بِسُكُونِ الْعَيْنِ غَيْرَ إِنَّ مَعَ الْمُتَحَرِّكَةِ تَكُونُ اسْمًا وَحَرْفًا وَمَعَ السَّاكِنَةِ الْعَيْنِ حَرْفٌ لَا غَيْرُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:

ورِيشِي مِنْكُمُ وهَوايَ مَعْكُمْ،

وإِنْ كانتْ زِيارَتُكم لِماما

وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ وغَنْمٍ أَنهم يسكِّنون الْعَيْنَ مِنْ مَعْ فَيَقُولُونَ معْكم ومعْنا، قَالَ: فإِذا جَاءَتِ الأَلف وَاللَّامُ وأَلف الْوَصْلِ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ الْعَيْنَ وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُهَا، فَيَقُولُونَ مَع القومِ ومَعَ ابنِك، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَعِ الْقَوْمِ ومَعِ ابنِك، أَما مَنْ فَتَحَ الْعَيْنَ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ فإِنه بَنَاهُ عَلَى قَوْلِكَ كُنَّا مَعاً وَنَحْنُ مَعًا، فَلَمَّا جَعَلَهَا حَرْفًا وأَخرجها مِنَ الِاسْمِ حَذَفَ الأَلف وَتَرَكَ الْعَيْنَ عَلَى فَتْحِهَا فَقَالَ: معَ الْقَوْمِ ومعَ ابْنِكَ، قَالَ: وَهُوَ كَلَامُ عَامَّةِ الْعَرَبِ، يَعْنِي فَتْحَ الْعَيْنِ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ وَمَعَ أَلف الْوَصْلِ، قَالَ: وأَما مَنْ سكَّن فَقَالَ معْكم ثُمَّ كَسَرَ عِنْدَ أَلف الْوَصْلِ فإِنه أَخرجَه مُخْرَجَ الأَدَواتِ، مِثْلَ هَلْ وبَلْ وقدْ وكمْ، فَقَالَ: معِ القومِ كَقَوْلِكَ: كمِ القومُ وبلِ الْقَوْمُ، وَقَدْ ينوَّن فيقال جاؤوني مَعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعاً تُسْتَعْمَلُ لِلِاثْنَيْنِ فصاعِداً، يُقَالُ: هُمْ مَعاً قِيامٌ وهنَّ مَعًا قيامٌ؛ قَالَ أُسامةُ بن الحرث الْهُذَلِيُّ:

فسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ،

وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ

والهِدانةُ: المُوادَعةُ؛ وَقَالَ آخَرُ:

لَا تُرْتَجى حِينَ تُلاقي الذَّائِدا،

أَسَبْعةً لاقَتْ مَعاً أَمْ واحِداً؟

وإِذا أَكثر الرَّجُلُ مِنْ قَوْلِ مَعَ قِيلَ: هُوَ يُمَعْمِعُ مَعْمعةً. قَالَ: وَدِرْهَمٌ مَعْمَعِيٌّ كُتِبَ عَلَيْهِ مَعَ مَعَ؛ وَقَوْلُهُ:

تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ فِي فؤَادي،

فَبادِيهِ مَعَ الْخَافِي يَسِيرُ

أَراد فبادِيهِ مَضْمُومًا إِلى خافِيه يسِيرٌ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا وَصَفَ الْحُبَّ بالتغَلْغُلِ إِنما ذَلِكَ وصْفٌ يَخُصُّ الجَواهِرَ لَا الأَحْداثَ، أَلا تَرَى أَن المتغَلغِلَ فِي الشَّيْءِ لَا بدَّ أَن يَتَجَاوَزَ مَكَانًا إِلى آخَرَ؟ وَذَلِكَ تفرِيغُ مَكانٍ وشُغْلُ مَكَانٍ، وَهَذِهِ أَوصاف تَخُصُّ فِي الْحَقِيقَةِ الأَعيان لَا الأَحداث، فأَما التَّشْبِيهُ فلأَنه شَبَّهَ مَا لَا يَنْتَقِلُ وَلَا يَزُولُ بِمَا يَنْتَقِلُ وَيَزُولُ، وأَما الْمُبَالَغَةُ وَالتَّوْكِيدُ فإِنه أَخرجه عَنْ ضَعْفِ العَرَضِيَّةِ إِلى قُوَّةِ الجَوْهَرِيَّةِ. وَجِئْتُ مِن معِهم أَي مِنْ عِنْدِهِمْ.

مقع: المَقْعُ: أَشدُّ الشُّرْبِ. ومَقَعَ الفصيلُ أُمَّه يَمْقَعُها مَقْعاً وامْتَقَعها: رَضَعَها بشدَّة، وَهُوَ أَن يَشْرَبَ مَا فِي ضَرْعِها. وامْتَقَعَ الفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمه إِذا شَرِبَ مَا فِيهِ أَجمع، وَكَذَلِكَ امْتَقَّه وامْتَكَّه. ومُقِعَ فُلَانٌ بسَوْءَةٍ مَقْعاً: رُمِيَ بِهَا. وَيُقَالُ: مَقَعْتُه بشرٍّ ولقَعْتُه مَعْنَاهُ إِذا رميْته بِهِ. وَيُقَالُ: امْتُقِعَ لونُه إِذا تَغَيَّرَ مِنْ حُزْنٍ أَو فزعٍ، وَكَذَلِكَ انْتُقِعَ، بِالنُّونِ، وابْتُقِعَ، بِالْبَاءِ، وَالْمِيمُ أَجود، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ امْتُقِعَ بَدَلٌ من نون انْتُقِعَ.

ملع: المَلْعُ: الذَّهابُ فِي الأَرض، وَقِيلَ الطلَبُ، وَقِيلَ السُّرْعةُ والخِفَّةُ، وَقِيلَ شِدَّةُ السَّيْرِ، وَقِيلَ العَدْوُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ فَوْقَ الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ، وَقِيلَ هُوَ السَّيْرُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ، مَلَعَ يَمْلَعُ مَلْعاً

ص: 341

ومَلَعاناً. وَفِي الْحَدِيثِ:

كنتُ أَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ

؛ المَلْع: السيْرُ الخفِيفُ السرِيعُ دُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فَوْقَهُ. أَبو عُبَيْدٍ: المَلْعُ سُرْعَةُ سَيْرِ النَّاقَةِ، وَقَدْ مَلَعَتْ وانْمَلَعَتْ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

فُتْلُ المَرافِقِ تَحْدُوها فَتَنْمَلِعُ

وَجَمَلٌ مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ: سرِيعٌ، والأُنثى مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ، ومِيلاعٌ نَادِرٌ فِيمَنْ جَعَلَهُ فِيعالًا، وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الْمَصْدَرِ بِهَذَا الْبِنَاءِ. الأَزهري: وَيُقَالُ نَاقَةٌ مَيْلَعٌ مَيْلَقٌ سريعةٌ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ مَيْلَعٌ. والمَيْلَعُ: الناقةُ الْخَفِيفَةُ السَّرِيعَةُ، وَمَا أَسْرَع مَلْعَها فِي الأَرض وَهُوَ سُرْعَةُ عَنَقِها؛ وأَنشد:

جاءَتْ بِهِ مَيْلَعةٌ طِمِرَّهْ

وأَنشد الْفَرَّاءُ:

وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيلَعٍ،

كَمَا أَقْحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا

قَالَ: المَيْلَعُ المُضْطَرِبُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. والمَيْلَعُ: الخفيفُ. والقادِسُ: السفينةُ. والأَرْدَمُ: المَلَّاحُ. وعُقابُ مَلاعٍ مضافٌ، وعقابٌ مَلاعٌ «2» ومِلاعٌ ومَلُوعٌ: خَفِيفَةُ الضْرب والاخْتِطافِ؛ قَالَ إمْرؤُ الْقَيْسِ:

كأَنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ بلَبُونِه

عُقابُ مَلاعٍ، لَا عُقابُ القَواعِلِ

مَعْنَاهُ أَنَّ العُقاب كلَّما عَلَتْ فِي الْجَبَلِ كَانَ أَسْرَعَ لانْقِضاضها، يَقُولُ: فَهَذِهِ عُقابُ مَلاعٍ أَي تَهوِي مِنْ عُلْوٍ، وَلَيْسَتْ بِعُقَابِ القَواعِلِ، وَهِيَ الجبالُ القِصارُ، وَقِيلَ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ المَلْعِ الَّذِي هُوَ العَدْوُ الشَّدِيدُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عُقاب ملاعٍ تَصِيدُ الجِرْذانَ وحَشَراتِ الأَرض. والمَلِيعُ: الأَرضُ الواسعةُ، وَقِيلَ: الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

وَلَا مَحالةَ مِنْ قَبْرٍ بمَحْنِيةٍ

أَو فِي مَلِيعٍ، كَظَهْرِ التُّرْس، وضَّاحِ

وَكَذَلِكَ المَلاعُ والمَيْلَعُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الفَلاةُ الواسعةُ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلى المَلْعِ الَّذِي هُوَ السُّرْعةُ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. والمَلِيعُ: الْفَسِيحُ الواسعُ مِنَ الأَرض الْبَعِيدُ المستَوِي، وإِنما سُمِّيَ مَلِيعاً لمَلْعِ الإِبلِ فِيهِ وَهُوَ ذَهَابُهَا. والمَلِيعُ: الفَضاءُ الواسعُ؛ وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ معديكَرِبَ:

فأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بِنا مَلِيعُ

يَجُوزُ أَن يَكُونَ المَلِيعُ هَاهُنَا الْفَلَاةَ، وأَن يَكُونَ مَلِيعٌ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ. والمَيْلَعُ: الطَّرِيقُ الَّذِي لَهُ سَنَدانِ مَدَّ البصرِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَلِيعُ كهيئةِ السِّكَّةِ ذاهبٌ فِي الأَرض ضَيِّقٌ قَعْرُه أَقل مِنْ قامةٍ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَنْقَطِعَ ثُمَّ يَضْمَحِلَّ، إِنما يَكُونُ فِيمَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض فِي الصَّحارى ومُتُونِ الأَرض، يَقُودُ المَلِيعُ الغَلْوَتَينِ أَو أَقلّ، وَالْجَمَاعَةُ مُلُعٌ. ومَيْلَعٌ: اسْمُ كَلْبَةٍ؛ قَالَ رؤْبة:

والشَّدُّ يُدْني لاحِقاً وهِبْلَعا،

وصاحِبَ الحِرْجِ، ويُدْني مَيْلَعا

(2). قوله [وعقاب ملاع] يستفاد من مجموع كلامي القاموس وياقوت أن في ملاع ثلاثة أوجه: البناء على الكسر كقطام، والإعراب مصروفاً كسحاب، والمنع من الصرف وهو أقلها.

ص: 342

ومَلِيعٌ: هَضْبةٌ بِعَيْنِهَا؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ:

رأَيتُ، ودُونَها هَضْباتُ سَلْمَى،

حُمُولَ الحَيِّ عالِيةً مَلِيعا

قَالَ: مَلِيعٌ مَدَى البَصَرِ أَرضٌ مستويةٌ. ومَلاعِ: مَوْضِعٌ. والمَلِيعُ والمَلاعُ: المَفازَةُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا. وَمِنْ أَمثالهم قَوْلُهُمْ: أَوْدَتْ بِهِ عُقابُ مَلاعٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: ملاعٌ مُضَافٌ، وَيُقَالُ: مَلاعٌ مِنْ نَعْتِ العُقابِ أُضِيفَتْ إِلى نَعْتِها، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِمْ: طَارَتْ بِهِ العَنْقاءُ، وحَلَّقَتْ بِهِ عَنْقاءُ مُغْرِبٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: عُقابُ مَلاعٍ وَهُوَ العُقَيِّبُ الَّذِي يَصِيدُ الجِرْذانَ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مُوشْ خَوارْ؛ قَالَ: وَمِنْ أَمثالهم لأَنْتَ أَخَفُّ يَداً مِنْ عُقَيِّبِ مَلاعَ يَا فَتَى، مَنْصُوبٌ، قَالَ: وَهُوَ عُقابٌ تأْخُذُ العصافيرَ والجِرْذان وَلَا تأْخذ أَكبر مِنْهَا. والمَيْلَع: السريعُ؛ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْر الأَسدي يَصِفُ فَرَسًا:

مَيْلَعُ التقْريبِ يَعبُوبٌ، إِذا

بادَرَ الجَوْنةَ، واحْمَرَّ الأُفُقْ

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَلَعَ الفَصِيلُ أُمَّه ومَلق أُمه إِذا رَضَعَها.

مَنَعَ: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُهُ، وَهُوَ خلافُ الإِعْطاءِ، وَيُقَالُ: هُوَ تحجيرُ الشَّيْءِ، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً ومَنَّعَه فامْتَنَع مِنْهُ وتمنَّع. وَرَجُلٌ مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ*

، وَفِيهِ: وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً

. ومَنِيعٌ: لَا يُخْلَصُ إِليه فِي قَوْمٍ مُنَعاءَ، وَالِاسْمُ المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مَنُوعٌ يَمْنَع غَيْرَهُ، وَرَجُلٌ مَنِعٌ يَمْنَعُ نَفْسَهُ، قَالَ: والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الَّذِي مَنَعَ غَيْرَهُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:

بَراني حُبُّ مَنْ لَا أَسْتَطِيعُ،

ومَنْ هُوَ لِلَّذِي أَهْوَى مَنُوعُ

والمانِعُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما مَا رُوِيَ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ

، فَكَانَ عز وجل يُعْطِي مَنِ استحقَّ العطاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلَّا الْمَنْعَ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَادِلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ تَفْسِيرِ الْمَانِعِ أَنه تبارك وتعالى يَمْنَعُ أَهل دِينِهِ أَي يَحُوطُهم وَيَنْصُرُهُمْ، وَقِيلَ: يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ مِنْ خَلْقِهِ مَا يُرِيدُ وَيُعْطِيهِ مَا يُرِيدُ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي مَنَعةٍ أَي فِي قَوْمٍ يَحْمُونَهُ وَيَمْنَعُونَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي صِفَةِ اللَّهِ جل جلاله بَالِغٌ، إِذ لَا مَنَعَةَ لِمَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ اللَّهُ وَلَا يَمْتَنِعْ مَنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لَهُ مَانِعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ

أَي مَنْ حَرَمْتَه فَهُوَ مَحْرُومٌ لَا يُعْطِيهِ أَحد غَيْرُكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وَهَاتِ

أَي عَنْ مَنْعِ مَا عَلَيْهِ إِعطاؤُه وطَلبِ مَا لَيْسَ لَهُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ النَّجِيرَمِيّ «3» : مَنَعةٌ جَمْعُ مانِعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

سيَعُوذُ بِهَذَا البيتِ قومٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنْعةٌ

أَي قوَّة تَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُهُمْ بِسُوءٍ، وَقَدْ تُفْتَحُ النُّونُ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْفَتْحِ جمعُ مانِعٍ مِثْلُ كافِرٍ وكفَرةٍ. ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فَهُوَ

(3). قوله [النجيرمي] حكى ياقوت في معجمه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء

ص: 343

مَنِيعٌ: اعتَزَّ وتعسَّر. وَفُلَانٌ فِي عِزٍّ ومَنَعةٍ، بِالتَّحْرِيكِ وَقَدْ يُسكن، يُقَالُ: المَنعةُ جمعٌ كَمَا قدَّمنا أَي هُوَ فِي عِزٍّ وَمَنْ يَمْنعه مِنْ عشيرتِه، وَقَدْ تمنَّع. وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لَا تُؤَاتَى عَلَى فاحِشةٍ، والفعلُ كَالْفِعْلِ، وَقَدْ مَنُعَتْ مَناعةً، وَكَذَلِكَ حصِنٌ مَنِيعٌ، وَقَدْ مَنُعَ، بِالضَّمِّ، مَناعةً إِذا لَمْ يُرَمْ. وَنَاقَةٌ مانِعٌ: مَنَعَتْ لَبَنَهَا، عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ أُسامةُ الهُذَلي:

كأَني أُصادِيها عَلَى غُبْرِ مانِعٍ

مُقَلِّصةٍ، قَدْ أَهْجَرَتها فُحُولُها

ومَناعِ: بِمَعْنَى امْنَعْ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَن بَنِي أَسد يَفْتَحُونَ مَناعَها ودَراكَها وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَالْكَسْرُ أَعرف. وقوسٌ مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ بَرَاءٍ:

ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ،

وَعَاصِمًا عَنْ مَنْعَةٍ قَذَّافِ

والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ عَلَى السَّنةِ لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وَهُمَا المُقاتِلتانِ الزمانَ عَلَى أَنفُسِهما. وَرَجُلٌ مَنِيعٌ: قويُّ الْبَدَنِ شديدُه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا مَنْعَ عَنْ ذَاكَ، قَالَ: والتأْويل حَقًّا أَنك إِن فَعَلْتَ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وَهِيَ السَّرطاناتُ، وَاحِدُهَا مَنْعٌ. ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في جبل طيِءٍ. والمَناعةُ: اسْمُ بَلَدٌ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

أَرَى الدَّهْر لَا يَبْقَى عَلَى حَدَثانِه،

أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ «1»

قَالَ ابْنُ جِنِّي: المَناعةُ تَحْتَمِلُ أَمرين: أَحدهما أَن تَكُونَ فَعالةً مِنْ مَنَعَ، وَالْآخَرُ أَن تَكُونَ مَفْعَلَةً مِنْ قَوْلِهِمْ جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَمةٌ.

مهع: فِي التَّهْذِيبِ خَاصَّةً: المَهَعُ، الْمِيمُ قَبْلَ الْهَاءِ: تَلَوُّنُ الْوَجْهِ مِنْ عارِضٍ فادِحٍ، وأَما المَهْيَعُ فَهُوَ مَفْعَلٌ مِنْ هاعَ يَهِيعُ، والميم ليست بأَصلية.

موع: ماعَ الفِضّةُ والصُّفْرُ في النار: ذاب.

ميع: ماعَ الماءُ والدمُ والسَّرابُ وَنَحْوُهُ يَمِيعُ مَيْعاً: جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض جرْياً مُنْبَسِطًا فِي هِينةٍ، وأَماعَه إِماعَةً وإِماعاً؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشد اللَّيْثُ:

كأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ،

بساعِدَيْه جَسَدٌ مُوَرَّسُ،

مِنَ الدِّماءِ، مائِعٌ ويُبَّسُ

والمَيْعُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ماعَ السمْنُ يَمِيعُ أَي ذابَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَنه سُئِلَ عَنْ فأْرةٍ وقَعَت فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إِن كَانَ مَائِعًا فأَرِقْه، وإِن كَانَ جامِساً فأَلْقِ مَا حوْلَه

؛ قَوْلُهُ إِن كَانَ مَائِعًا أَي ذَائِبًا، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المَيْعَةُ لأَنها سائلةٌ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي تَفْسِيرِ الْوَيْلِ: الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ لَوْ سُيِّرَت فِيهِ الإِبلُ لَماعَت مِنْ حَرّه فِيهِ أَي ذابَتْ وسالَتْ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سُئِلَ عَنِ المُهْلِ: فأَذابَ فِضَّةً فَجَعَلَتْ تَمَيَّعُ وتَلَوَّنُ فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَشْبهِ مَا أَنتم راؤُون بالمُهْلِ.

وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ:

لَا يُرِيدُهَا أَحد بِكَيْدٍ إِلا انْماعَ كَمَا يَنْماعُ المِلْحُ فِي الماءِ

أَي يَذُوبُ وَيَجْرِي. وَفِي حَدِيثِ

جَرِيرٍ: ماؤُنا يَمِيعُ وجَنابُنا مَرِيعٌ.

وماعَ الشيءُ والصُّفْرُ والفِضَّةُ يَمِيعُ وتَمَيَّعَ: ذابَ وسالَ.

(1). قوله [بأطراف المناعة] تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.

ص: 344