الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَني تَمِيمٍ، زَهْنِعُوا فَتاتَكُم،
…
إِن فتاةَ الحَيِّ بالتَّزَتُّتِ
وقال ابن بزرج: التَّزَهْنُع التلبس والتهيؤ.
زوع: زاعَه يَزُوعُه زَوْعاً: كَفَّه مثل وزَعَه، وَقِيلَ قَدَّمَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَزَاعَ بالسَّوْطِ عَلَنْدَى مِرْقَصا
وزُع راحِلَتَكَ أَي استَحِثَّها. وزاعَ الناقةَ بِالزِّمَامِ يَزُوعُها زَوْعاً أَي هَيَّجها وحَرَّكَها بِزِمَامِهَا إِلى قدَّام لِتَزْدَادَ فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وخافِقُ الرأْسِ مِثْلُ السَّيْفِ قلتُ لَهُ:
…
زُعْ بالزِّمامِ، وجَوْزُ اللّيْلِ مَرْكومُ «1»
أَي ادْفَعْه إِلى قُدَّام وقَدِّمْه، وَمَنْ رَوَاهُ زَعْ، بِالْفَتْحِ، فَقَدْ غَلِطَ لأَنه لَيْسَ يأْمره بأَن يكفَّ بَعِيرَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الزَّوْعُ جَذْبُكَ النَّاقَةَ بِالزِّمَامِ لِتَنْقادَ. أَبو الْهَيْثَمِ: زُعْتُه حَرَّكْتُه وقدَّمْتُه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: زاعَه يَزُوعُه إِذا عطَفَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلا لَا تُبالي العِيسُ مَن شَدَّ كُورَها
…
عَلَيْهَا، وَلَا مَن زاعَها بالخَزائِم
والزاعةُ: الشُرَطُ. وَفِي النَّوَادِرِ: زَوَّعَتِ الريحُ النَّبْتَ تُزَوِّعُه وصَوَّعَتْه، وَذَلِكَ إِذا جَمَعَتْهُ لِتَفْرِيقِهَا بَيْنَ ذُراهُ. وَيُقَالُ: زُوعةٌ من نبت ولُمْعةٌ من نَبْتٍ. والزَّوْعُ: أَخْذُك الشَّيْءَ بِكَفِّكَ نَحْوَ الثَّرِيدِ. أَقبَلَ يَزُوعُ الثريدَ إِذا اجْتَذَبَه بِكَفِّهِ. وزاعَ الثريدَ يَزُوعُه زَوْعاً: اجْتَذَبَه. والزَّوْعةُ: القِطْعةُ مِنَ البِطِّيخ وَنَحْوِهِ. وزاعَها: قَطعَها. وَيُقَالُ: زُعْتُ لَهُ زَوْعةً مِنَ البِطِّيخ إِذا قَطَعْتَ لَهُ قِطْعَةً. والزُّوعةُ: الفِرْقةُ مِنَ النَّاسِ، وَجَمْعُهَا زُوعٌ. والزاعُ: طَائِرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ بَعْضِ مَنْ رَوَيْتُ عَنْهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَزَعَمَ أَنها الصُّرَدُ، قَالَ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَن أَلف الزَّاعِ وَاوٌ، لِوُجُودِنَا تَرْكِيبَ زَوْعٍ وَعَدَمِنَا تَرْكِيبَ زَيَعَ؛ قَالَ: وَلَوْ لَمْ نَجِدْ هَذَا أَيضاً لَحَكَمْنَا عَلَى أَن الأَلف وَاوٌ، لأَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوِ وَهِيَ عَيْنٌ أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنْهَا وَهِيَ يَاءٌ. والمَزُوعانِ مِنْ بَنِي كعبٍ: كعبُ بْنُ سَعْدٍ ومالِكُ بْنُ كَعْبٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَزْنُ مَزُوعٍ فَعُولًا، فإِن كَانَ هَذَا فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ، وَهَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ ابْنُ سِيدَهْ، وَصَوَابُهُ المَزْرُوعانِ، كَذَلِكَ أَفادنيه شَيْخُنَا رَضِيُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الشاطبي الأَنصاري اللغوي.
فصل السين المهملة
سبع: السَّبْعُ والسبْعةُ مِنَ الْعَدَدِ: مَعْرُوفٌ، سَبْع نِسوة وسبْعة رِجَالٍ، وَالسَّبْعُونَ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ العِقْد الَّذِي بَيْنَ السِتِّينَ وَالثَّمَانِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوتِيتُ السَّبْعَ المَثاني
، وَفِي رِوَايَةٍ:
سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي
، قِيلَ: هِيَ الْفَاتِحَةُ لأَنها سَبْعُ آيَاتٍ، وَقِيلَ: السُّوَرُ الطِّوالُ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلى التَّوْبَةِ عَلَى أَن تُحْسَبَ التوبةُ والأَنفالُ سُورَةً وَاحِدَةً، وَلِهَذَا لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا فِي الْمُصْحَفِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَمِنْ فِي قَوْلِهِ [مِنَ الْمَثَانِي] لِتَبْيِينِ الْجِنْسِ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ أَي سَبْعَ آيَاتٍ أَو سَبْعَ سُوَرٍ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُثْنَى بِهِ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْآيَاتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنه لَيُغانُ عَلَى قَلْبِي حَتَّى أَستغفر اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً
، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكر السبعة والسبع
(1). قوله [مثل السيف] في الصحاح: فوق الرحل.
وَالسَّبْعِينَ وَالسَّبْعِمِائَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْحَدِيثِ وَالْعَرَبُ تَضَعُهَا مَوْضِعَ التَّضْعِيفِ وَالتَّكْثِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ
، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ
، وَكَقَوْلِهِ:
الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثالها إِلى سَبْعِمِائَةٍ.
والسُّبُوعُ والأُسْبُوعُ مِنَ الأَيام: تَمَامُ سَبْعَةِ أَيام. قَالَ اللَّيْثُ: الأَيام الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الزَّمَانُ فِي كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْهَا جُمُعَةٌ تُسَمَّى الأُسْبُوع وَيُجْمَعُ أَسابِيعَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ سُبُوعٌ فِي الأَيام وَالطَّوَافِ، بِلَا أَلف، مأْخوذة مِنْ عَدَدِ السَّبْع، وَالْكَلَامُ الْفَصِيحُ الأُسْبُوعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: للبِكر سَبْع وللثَّيِّب ثَلَاثٌ
يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَن يَعْدِلَ بَيْنَ نسائِه فِي القَسْمِ فَيُقِيمَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ مَا يُقِيمُ عِنْدَ الأُخرى، فإِن تَزَوَّجَ عَلَيْهِنَّ بِكْرًا أَقام عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَيام وَلَا يَحْسِبُهَا عَلَيْهِ نِسَاؤُهُ فِي الْقَسْمِ، وإِن تَزَوَّجَ ثيِّباً أَقام عِنْدَهَا ثَلَاثًا غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ فِي الْقَسْمِ. وَقَدْ سَبَّعَ الرَّجُلُ عِنْدَ امرأَته إِذا أَقام عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأُم سَلَمَةَ حِينَ تَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ ثيِّباً: إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ ثُمَّ سَبَّعْتُ عِنْدَ سَائِرِ نِسَائِي، وإِن شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثُمَّ دُرْتُ لَا أَحتسب بِالثَّلَاثِ عَلَيْكِ
؛ اشْتَقُّوا فَعَّلَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلى الْعَشَرَةِ، فَمَعْنَى سَبَّعَ أَقام عِنْدَهَا سَبْعًا، وثَلَّثَ أَقام عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلى الْعَشَرَةِ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمَةَ بْنِ جُنادة: إِذا كَانَ يَوْمُ سُبُوعه
، يُرِيدُ يَوْمَ أُسْبوعه مِنَ العُرْس أَي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيام. وطُفْتُ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً أَي سَبْعَ مَرَّاتٍ وَثَلَاثَةَ أَسابيعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه طَافَ بِالْبَيْتِ أُسبوعاً
أَي سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأُسْبوعُ مِنَ الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ سَبْعَةُ أَطواف، وَيُجْمَعُ عَلَى أُسْبوعاتٍ، وَيُقَالُ: أَقمت عِنْدَهُ سُبْعَيْنِ أَي جُمْعَتَينِ وأُسْبوعَين. وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم، بِالْفَتْحِ، سَبْعاً: صَارَ سَابِعَهُمْ. واسْتَبَعُوا: صَارُوا سَبْعةً. وَهَذَا سَبِيعُ هَذَا أَي سابِعُه. وأَسْبَعَ الشيءَ وسَبَّعَه: صَيَّره سَبْعَةً. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
سَبَّعَتْ سُلَيم يَوْمَ الْفَتْحِ
أَي كمَلَت سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
لَنَعْتُ الَّتِي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَها،
…
وقالَتْ: حَرامٌ أَنْ يُرَحَّلَ جَارُهَا
يَقُولُ: إِنَّكَ واعتذارَك بأَنك لَا تُحِبُّهَا بِمَنْزِلَةِ امرأَة قَتَلَتْ قَتِيلًا وضَمَّتْ سِلاحَه وتحَرَّجَت مِنْ تَرْحِيلِ جَارِهَا، وَظَلَّتْ تَغْسِلُ إِناءَها مِنْ سُؤر كَلْبِهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَقَوْلُهُمْ: أَخذت مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَزْنًا وَزْنَ سَبْعَةٍ؛ الْمَعْنَى فِيهِ أَن كُلَّ عَشَرَةٍ مِنْهَا تَزِنُ سَبْعَةَ مَثاقِيلَ لأَنهم جَعَلُوهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَلِذَلِكَ نَصَبَ وَزْنًا. وسُبعَ الْمَوْلُودُ: حُلِقَ رأْسُه وذُبِحَ عَنْهُ لِسَبْعَةِ أَيام. وأَسْبَعَتِ المرأَةُ، وَهِيَ مُسْبِعٌ، وسَبَّعَتْ: ولَدَتْ لِسَبْعَةِ أَشهر، والوَلدُ مُسْبَعٌ. وسَبَّعَ اللَّهُ لَكَ رزَقَك سَبْعَةَ أَولاد، وَهُوَ عَلَى الدُّعَاءِ. وسَبَّعَ اللَّهُ لَكَ أَيضاً: ضَعَّفَ لَكَ مَا صَنَعْتَ سَبْعَةَ أَضعاف؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي لِرَجُلٍ أَعطاه دِرْهَمًا: سَبَّعَ اللَّهُ لَكَ الأَجر؛ أَراد التَّضْعِيفَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: سَبَّعَ اللَّهُ لِفُلَانٍ تَسْبِيعاً وتَبَّع لَهُ تَتْبيعاً أَي تَابَعَ لَهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَهُوَ دَعْوَةٌ تَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ التَّسْبِيعَ مَوْضِعَ التَّضْعِيفِ وإِن جَاوَزَ السَّبْعَ، والأَصل قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
. ثُمَّ قَالَ
النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ إِلى سَبْعِمِائَةٍ.
قَالَ الأَزهري: وأَرى قَوْلَ اللَّهِ عز وجل لِنَبِيِّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَهُمْ، مِنْ بَابِ التَّكْثِيرِ وَالتَّضْعِيفِ لَا مِنْ بَابِ حَصْرِ الْعَدَدِ، وَلَمْ يُرِدِ اللَّهُ عز وجل أَنه، عليه السلام، إِن زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ غَفَرَ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى إِن اسْتَكْثَرْتَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُمْ. وسَبَّعَ فُلَانٌ الْقُرْآنَ إِذا وَظَّفَ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ فِي سَبْعِ لَيَالٍ. وسَبَّعَ الإِناءَ: غَسَلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وسَبَّعَ الشيءَ تسْبيعاً: جَعَلَهُ سَبْعَةً، فإِذا أَردت أَن صَيَّرْتَهُ سَبْعِينَ قُلْتَ: كَمَّلْتُهُ سَبْعِينَ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَلِّدِينَ سَبَّعْتُه، وَلَا قَوْلُهُمْ سَبْعَنْتُ دَراهِمي أَي كَمَّلْتُها سَبْعِين. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ الْبَدَنِ. والسُّباعيُّ مِنَ الْجِمَالِ: الْعَظِيمُ الطَّوِيلُ، قَالَ: وَالرُّبَاعِيُّ مِثْلُهُ عَلَى طُولِهِ، وَنَاقَةٌ سُباعِيَّةٌ ورُباعِيَّةٌ. وَثَوْبٌ سُباعيّ إِذا كَانَ طُولُهُ سبعَ أَذْرُع أَو سَبْعةَ أَشبار لأَن الشِّبْرَ مُذَكَّرٌ وَالذِّرَاعَ مُؤَنَّثَةٌ. والمُسْبَعُ: الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ آباءٍ فِي العُبُودة أَو فِي اللُّؤْمِ، وَقِيلَ: الْمُسْبَعُ الَّذِي يُنْسَبُ إِلى أَربع أُمهات كُلُّهُنَّ أَمَة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى سَبْعِ أُمهات. وسَبَع الحبلَ يَسْبَعُه سَبْعاً: جَعَلَهُ عَلَى سَبْعِ قُوًى. وبَعِيرٌ مُسْبَعٌ إِذا زَادَتْ فِي مُلَيْحائِه سَبْع مَحالات. والمُسَبَّعُ مِنَ العَرُوض: مَا بُنِيَ عَلَى سَبْعَةِ أَجزاء. والسِّبْعُ: الوِرْدُ لسِتِّ لَيَالٍ وَسَبْعَةِ أَيام، وَهُوَ ظِمْءٌ مِنْ أَظْماء الإِبل، والإِبل سَوابِعُ وَالْقَوْمُ مُسْبِعُون، وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الأَظْماءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَفِي أَظْماء الإِبل السِّبْعُ، وَذَلِكَ إِذا أَقامت فِي مَراعِيها خَمْسَةَ أَيام كَوامِلَ وَوَرَدَتِ الْيَوْمَ السَّادِسَ وَلَا يحسَب يَوْمُ الصّدَر. وأَسْبَعَ الرَّجُلُ: وَرَدَت إِبله سبْعاً. والسَّبِيعُ: بِمَعْنَى السُّبُع كالثَّمين بِمَعْنَى الثُّمُن؛ وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع سَبِيعاً لِغَيْرِ أَبي زَيْدٍ. وَالسُّبْعُ، بِالضَّمِّ: جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَمْعُ أَسْباع. وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم سَبْعاً: أَخذ سُبُعَ أَموالِهم؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وكيفَ أَخافُ الناسَ، واللهُ قابِضٌ
…
عَلَى الناسِ والسَّبْعَيْنِ فِي راحةِ اليَدِ؟
فإِنه أَراد بالسَّبْعَينِ سبْعَ سماواتٍ وسبعَ أَرَضِين. والسَّبُعُ: يَقَعُ عَلَى مَا لَهُ نَابٌ مِنَ السِّباعِ ويَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَالدَّوَابِّ فَيَفْتَرِسُهَا مِثْلُ الأَسد والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وَمَا أَشبهها؛ والثعلبُ، وإِن كَانَ لَهُ نَابٌ، فإِنه لَيْسَ بِسَبُعٍ لأَنه لَا يَعْدُو عَلَى صِغار الْمَوَاشِي وَلَا يُنَيِّبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَكَذَلِكَ الضَّبُع لَا تُعَدُّ مِنَ السِّبَاعِ العادِيةِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَتِ السُّنة بإِباحة لَحْمِهَا، وبأَنها تُجْزَى إِذا أُصِيبت فِي الْحَرَمِ أَو أَصابها الْمُحْرِمُ، وأَما الوَعْوَعُ وَهُوَ ابْنُ آوَى فَهُوَ سَبْعٌ خَبِيثٌ وَلَحْمُهُ حَرَامٌ لأَنه مِنْ جِنْسِ الذِّئابِ إِلَّا أَنه أَصغر جِرْماً وأَضْعَفُ بدَناً؛ هَذَا قَوْلُ الأَزهري، وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّبُعُ مِنَ الْبَهَائِمِ الْعَادِيَةِ مَا كَانَ ذَا مِخلب، وَالْجَمْعُ أَسْبُعٌ وسِباعٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يكسَّر عَلَى غَيْرِ سِباعٍ؛ وأَما قَوْلُهُمْ فِي جَمْعِهِ سُبُوعٌ فَمُشْعِرٌ أَن السَّبْعَ لُغَةٌ فِي السَّبُع، لَيْسَ بِتَخْفِيفٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَهل اللُّغَةِ لأَن التَّخْفِيفَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، عَلَى أَن تَخْفِيفَهُ لَا يَمْتَنِعُ؛ وَقَدْ جَاءَ كَثِيرًا فِي أَشعارهم مِثْلَ قَوْلِهِ:
أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكم؟
…
فَهَذَا ورَبِّ الرّاقِصاتِ المُزَعْفَرُ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
لِسانُ الفَتى سَبْعٌ، عَلَيْهِ شَذاتُه،
…
فإِنْ لَمْ يَزَعْ مِن غَرْبِه، فَهُوَ آكِلُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ أَكل كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ
السِّبَاعِ
؛ قَالَ: هُوَ مَا يَفْتَرِسُ الْحَيَوَانَ ويأْكله قَهْرًا وقَسْراً كالأَسد والنَّمِر والذِّئب وَنَحْوِهَا. وَفِي تَرْجَمَةٍ عَقَّبَ: وسِباعُ الطَّيْرِ الَّتِي تَصِيدُ. والسَّبْعةُ: اللَّبُوءَةُ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: أَخَذه أَخْذ سَبْعةٍ، إِنما أَصله سَبُعةٌ فَخُفِّفَ. واللَّبُوءَةُ أَنْزَقُ مِنَ الأَسد، فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُولُوا أَخْذَ سَبُعٍ، وَقِيلَ: هُوَ رَجُلٌ اسْمُهُ سبْعة بْنُ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سلامانَ بْنِ ثُعَل بْنِ عَمْرِو بْنِ الغَوْث بْنِ طَيِّءِ بْنِ أُدَد، وَكَانَ رَجُلًا شَدِيدًا، فَعَلَى هَذَا لَا يُجْرَى لِلْمَعْرِفَةِ والتأْنيث، فأَخذه بَعْضُ مُلُوكِ الْعَرَبِ فَنَكَّلَ بِهِ وَجَاءَ الْمَثَلُ بِالتَّخْفِيفِ لِمَا يُؤْثِرُونَهُ مِنَ الْخِفَّةِ. وأَسْبَعَ الرجلَ: أَطْعَمه السَّبُعَ، والمُسْبِعُ: الَّذِي أَغارت السِّباعُ عَلَى غَنَمِهِ فَهُوَ يَصِيحُ بالسِّباعِ والكِلابِ؛ قَالَ:
قَدْ أَسْبَعَ الرَّاعِي وضَوْضَا أَكْلُبُه
وأَسْبَعَ القومُ: وقَع السَّبُع فِي غَنَمِهِمْ. وسَبَعت الذّئابُ الغنَم: فَرَسَتْها فأَكلتها. وأَرض مَسْبَعةٌ: ذَاتُ سِباع؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِليك جاوَزْنا بِلَادًا مَسْبَعَهْ
ومَسْبَعةٌ: كَثِيرَةُ السِّبَاعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَابُ مَسْبَعةٍ ومَذْأَبةٍ ونظيرِهما مِمَّا جَاءَ عَلَى مَفْعَلةٍ لَازِمًا لَهُ الْهَاءُ وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ إِلا أَن تَقِيسَ شَيْئًا وَتَعْلَمَ مَعَ ذَلِكَ أَن الْعَرَبَ لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة عِنْدَهُمْ، وإِنما خَصُّوا بِهِ بناتِ الثَّلَاثَةِ لِخِفَّتِهَا مَعَ أَنهم يَسْتَغْنُونَ بِقَوْلِهِمْ كَثِيرَةُ الذِّئَابِ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ فِي قَوْلِهِمْ لأَعْمَلَنّ بِفُلَانٍ عملَ سَبْعَةٍ: أَرادوا الْمُبَالَغَةَ وبلوغَ الْغَايَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادوا عَمَلَ سَبْعَةِ رِجَالٍ. وسُبِعَتِ الوَحْشِيَّةُ، فَهِيَ مَسْبُوعةٌ إِذا أَكَل السبُعُ وَلَدَهَا، والمَسْبُوعةُ: الْبَقَرَةُ الَّتِي أَكَل السبعُ ولدَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ذِئْبًا اخْتَطَفَ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ أَيام مَبْعَثِ رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَانْتَزَعَهَا الرَّاعِي مِنْهُ، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السبْع
؟ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّبْعُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، الموضعُ الَّذِي يكونُ إِليه المَحْشَرُ يومَ الْقِيَامَةِ، أَراد مَنْ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقِيلَ: السبْعُ الذَّعْرُ، سَبَعْتُ فُلَانًا إِذا ذَعَرْتَه، وسَبَعَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ إِذا فَرَسَهَا، أَي مَنْ لَهَا يومَ الفَزَع؛ وَقِيلَ: هَذَا التأْويل يَفْسُد بِقَوْلِ الذِّئْبِ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ:
يومَ لَا راعِيَ لَهَا غَيْرِي، وَالذِّئْبُ لَا يَكُونُ لَهَا رَاعِيًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، وَقِيلَ: إِنه أَراد مَنْ لَهَا عِنْدَ الْفِتَنِ حِينَ يَتْرُكُهَا النَّاسُ هَمَلًا لَا رَاعِيَ لَهَا نُهْبَة للذِّئاب والسِّباع، فَجُعِلَ السبُع لَهَا رَاعِيًا إِذ هُوَ مُنْفَرِدٌ بِهَا، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهَذَا إِنذار بِمَا يَكُونُ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالْفِتَنِ الَّتِي يُهْمِلُ النَّاسُ فِيهَا مَوَاشِيَهُمْ فَتَسْتَمْكِنُ مِنْهَا السِّبَاعُ بِلَا مَانِعٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: يومُ السبْعِ عِيدٌ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَشْتَغِلُونَ بِعِيدِهِمْ ولَهْوِهِم، وَلَيْسَ بالسبُع الَّذِي يَفْتَرِسُ النَّاسَ، وَهَذَا الْحَرْفُ أَملاه أَبو عَامِرٍ الْعَبْدَرِيُّ الْحَافِظُ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَكَانَ مِنَ الْعِلْمِ والإِتقان بِمَكَانٍ، وَفِي الْحَدِيثِ
نهَى عَنْ جُلودِ السِّباعِ
؛ السباعُ: تَقَعُ عَلَى الأَسد وَالذِّئَابِ والنُّمُور، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلودِ السِّباعِ، وإِن دُبِغَتْ، وَيَمْنَعُ مِنْ بِيعَهَا، وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِن الدِّباغَ لَا يؤثِّر فِيمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلى أَن النَّهْيَ تَنَاوُلُهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، فأَما إِذا دُبِغَتْ فَقَدْ طهُرت؛ وأَما مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فإِن الذَّبْحَ يُطَهِّرُ جُلود «2»
(2). قوله [فإن الذبح يطهر إلخ] هكذا في الأصل والنهاية، والصحيح المشهور من مذهب الشافعي: أن الذبح لا يطهر جلد غير المأكول.
الْحَيَوَانِ المأْكول وَغَيْرِ المأْكول إِلا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا، والدِّباغُ يُطَهِّرُ كُلَّ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِهِمَا؛ وَفِي الشُّعُورِ والأَوبار خِلَافٌ هَلْ تَطْهُر بِالدِّبَاغِ أَم لا، إِنما نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ مُطْلَقًا أَو عَنْ جِلْدِ النَّمِر خَاصًّا لأَنه وَرَدَ فِي أَحاديث أَنه مِنْ شِعار أَهل السَّرَفِ والخُيَلاءِ. وأَسبع عَبْدَهُ أَي أَهمله. والمُسْبَعُ: المُهْمَلُ الَّذِي لَمْ يُكَفَّ عَنْ جُرْأَتِه فَبَقِيَ عَلَيْهَا. وعبدٌ مُسْبَعٌ: مُهْمَلٌ جَريءٌ تُرِكَ حَتَّى صَارَ كالسبُع؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حِمَارَ الْوَحْشِ:
صَخِبُ الشَّوارِبِ لَا يَزالُ كأَنَّه
…
عَبدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ
الشَّوارِبُ: مجارِي الحَلْق، والأَصل فِيهِ مَجاري الْمَاءِ، وأَراد أَنه كَثِيرُ النُّهاقِ، هَذِهِ رِوَايَةُ الأَصمعي، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: مُسْبِع، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَزَعَمَ أَن مَعْنَاهُ أَنه وَقَعَ السِّبَاعُ فِي مَاشِيَتِهِ، قَالَ: فَشَبَّهَ الْحِمَارَ وَهُوَ يَنْهَقُ بِعَبْدٍ قَدْ صادفَ فِي غَنَمِهِ سَبُعاً فَهُوَ يُهَجْهِجُ بِهِ لِيَزْجُرَهُ عَنْهَا، قَالَ: وأَبو رَبِيعَةَ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَفِي غَيْرِهِمْ وَلَكِنَّ جِيرَانَ أَبي ذُؤَيْبٍ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَهُمْ أَصحاب غَنَمٍ، وَخَصَّ آلَ رَبِيعَةَ لأَنهم أَسوأُ الناسِ مَلَكةً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ مسأَلة فَقَالَ: إِحْدى مِنْ سَبْع
أَي اشْتَدَّتْ فِيهَا الْفُتْيَا وعَظُم أَمرها، يَجُوزُ أَن يَكُونَ شِبهها بإِحدى اللَّيَالِي السَّبْعِ الَّتِي أَرسل اللَّهُ فِيهَا الْعَذَابَ عَلَى عَادٍ فَضَرَبَها لَهَا مَثَلًا فِي الشِّدَّةِ لأَشكالها، وَقِيلَ: أَراد سَبْعَ سِنِي يُوسُفَ الصدِّيق، عليه السلام، فِي الشِّدَّةِ. قَالَ شَمِرٌ: وَخَلَقَ اللَّهُ سبحانه وتعالى السَّمَاوَاتِ سَبْعًا والأَرضين سَبْعًا والأَيام سَبْعًا. وأَسْبَعَ ابْنَهُ أَي دَفَعَهُ إِلى الظُّؤُورةِ. المُسْبَع: الدَّعِيُّ. والمُسْبَعُ: المَدْفُوعُ إِلى الظُّؤُورةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِنَّ تَمِيماً لَمْ يُراضَعْ مُسْبَعا،
…
وَلَمْ تَلِدْه أُمُّهُ مُقَنَّعا
وَقَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ أَيضاً المُسْبَعُ التابِعةُ «1» ، وَيُقَالُ: الَّذِي يُولَدُ لِسَبْعَةِ أَشهر فَلَمْ يُنْضِجْه الرَّحِمُ وَلَمْ تَتِمّ شُهورُه، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجَ. قَالَ النَّضْرُ: وَيُقَالُ رُبَّ غُلَامٍ رأَيتُه يُراضَعُ، قَالَ: والمُراضَعةُ أَنْ يَرْضَعَ أُمَّه وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ. وسَبَعَه يَسْبَعُه سَبْعاً: طَعَنَ عَلَيْهِ وَعَابَهُ وشتَمه وَوَقَعَ فِيهِ بِالْقَوْلِ الْقَبِيحِ. وسَبَعَه أَيضاً: عَضَّه بِسِنِّهِ. والسِّباعُ: الفَخْرُ بِكَثْرَةِ الجِماع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نهَى عن السِّباعِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّباعُ الفَخار كأَنه نَهَى عَنِ المُفاخَرة بالرَّفَثِ وَكَثْرَةِ الْجِمَاعِ والإِعْرابِ بِمَا يُكَنّى بِهِ عَنْهُ مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَسابَّ الرَّجُلَانِ فَيَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ بِمَا يَسُوؤُهُ مِنْ سَبَعَه أَي انْتَقَصَهُ وَعَابَهُ، وَقِيلَ: السِّباعُ الْجِمَاعُ نفسُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه صَبَّ عَلَى رأْسه الْمَاءَ مِنْ سِباعٍ كَانَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ
؛ هَذِهِ عَنْ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَبَنُو سَبِيعٍ: قَبِيلَةٌ. والسِّباعُ وَوَادِي السِّباعِ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد الأَخفش:
أَطْلال دارٍ بالسِّباعِ فَحَمَّةِ
…
سأَلْتُ، فلمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثُمَّ صَمَّتِ
وَقَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيلٍ الرِّياحِي:
مَرَرْتُ عَلَى وادِي السِّباعِ، وَلَا أَرَى،
…
كَوادِي السِّباعِ حينَ يُظْلِمُ، وادِيا
(1). قوله [المسبع التابعة] كذا بالأصل ولعله ذو التابعة أي الجنية.
والسَّبُعانُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي دِيَارِ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
…
أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ
وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِهِمُ اسْمٌ عَلَى فَعُلان غَيْرُهُ، والسُّبَيْعان: جَبَلَانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
كأَني بِصَحْراءِ السُّبَيْعَينِ لَمْ أَكُنْ،
…
بأَمْثالِ هِنْدٍ، قَبْلَ هِنْدٍ، مُفَجَّعا
وسُبَيْعٌ وسِباعٌ: اسْمَانِ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَا لَيْتَ أَنِّي وسُبَيْعاً في الغَنَمْ،
…
والجرْحُ مِني فَوْقَ حَرّار أَحَمْ
هُوَ اسْمُ رَجُلٍ مُصَغَّرٍ. والسَّبِيعُ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ رَهْطُ أَبي إِسحاق السَّبِيعي. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّبِيعِ، هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مَحِلّة مِنْ مَحالِّ الْكُوفَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلى الْقَبِيلَةِ، وَهُمْ بَنُو سَبِيعٍ مِنْ هَمْدانَ. وأُمُّ الأَسْبُعِ: امرأَة. وسُبَيْعةُ بْنُ غَزالٍ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لَهُ حَدِيثٌ. ووزْن سَبْعةٍ: لقب.
ستع: حَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: رَجُلٌ مِسْتَعٌ أَي سريعٌ ماضٍ كَمِسْدَعٍ.
سجع: سَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً: اسْتَوَى وَاسْتَقَامَ وأَشبه بَعْضُهُ بَعْضًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ بِهَا أَرْضاً تَرَى وَجْه رَكْبها،
…
إِذا مَا عَلَوْها، مُكْفَأً غَيْرَ ساجِعِ
أَي جَائِرًا غَيْرَ قَاصِدٍ. وَالسَّجْعُ: الْكَلَامُ المُقَفَّى، وَالْجَمْعُ أَسجاع وأَساجِيعُ؛ وَكَلَامٌ مُسَجَّع. وسَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً وسَجَّعَ تَسْجِيعاً: تَكَلَّم بِكَلَامٍ لَهُ فَواصِلُ كفواصِلِ الشِّعْر مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ، وصاحبُه سَجّاعةٌ وَهُوَ مِنَ الاسْتِواءِ والاستقامةِ والاشتباهِ كأَن كُلَّ كَلِمَةٍ تُشْبِهُ صَاحِبَتَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ سَجْعاً لِاشْتِبَاهِ أَواخِره وَتَنَاسُبِ فَواصِلِه وكسَّرَه عَلَى سُجُوع، فَلَا أَدري أَرواه أَم ارْتَجَلَهُ، وحكِي أَيضاً سَجَع الكلامَ فَهُوَ مسجوعٌ، وسَجَع بِالشَّيْءِ نَطَقَ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ. والأُسْجُوعةُ: مَا سُجِعَ بِهِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ أُسْجُوعةٌ. قَالَ الأَزهري: وَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فِي جَنِينِ امرأَة ضَرَبَتْهَا الأُخرى فَسَقَطَ مَيِّتاً بغُرّة على عاقلة الضاربة قال رَجُلٌ مِنْهُمْ: كَيْفَ نَدِي مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكل، وَلَا صاحَ فَاسْتَهَلَّ، ومِثْلُ دمِه يُطَلْ «2» ؟ قَالَ، صلى الله عليه وسلم:
إِياكم وسَجْعَ الكُهّان.
وَرُوِيَ
عَنْهُ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى عَنِ السَّجْعِ فِي الدُّعاء
؛ قَالَ الأَزهري: إِنه، صلى الله عليه وسلم، كَرِهَ السَّجْعَ فِي الْكَلَامِ والدُّعاء لمُشاكلتِه كلامَ الكهَنَة وسجْعَهم فِيمَا يَتَكَهَّنُونَهُ، فأَما فَوَاصِلُ الْكَلَامِ الْمَنْظُومِ الَّذِي لَا يُشَاكِلُ المُسَجَّع فَهُوَ مُبَاحٌ فِي الْخُطَبِ وَالرَّسَائِلِ. وسَجَعَ الحَمامُ يَسْجَعُ سَجْعاً: هَدَلَ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا آتِيكَ مَا سجَع الْحَمَامُ؛ يُرِيدُونَ الأَبد عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحَمامٌ سُجُوعٌ: سَواجِعُ، وَحَمَامَةٌ سَجُوعٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَسَاجِعَةٌ. وسَجْعُ الحمامةِ: مُوَالَاةُ صَوْتِهَا عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدٍ. تَقُولُ الْعَرَبُ: سجَعَت الْحَمَامَةُ إِذا دَعَتْ وطَرَّبَتْ فِي صَوْتِهَا. وسجَعت النَّاقَةُ سَجْعاً: مَدَّتْ حَنِينَها عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. يُقَالُ: نَاقَةٌ ساجِعٌ، وسَجَعَتِ القَوْسُ كذلك؛ قال
(2). قوله [يطل] من طل دمه بالفتح أهدره كما أَجازه الكسائي، ويروى بطل بباء موحدة، راجع النهاية.
يَصِفُ قَوْسًا:
وهْيَ، إِذا أَنْبَضْتَ فِيهَا، تَسْجَعُ
…
تَرَنُّمَ النَّحْلِ أَباً لَا يَهْجَعُ «1»
قَوْلُهُ تَسْجَعُ يَعْنِي حَنِين الوَتر لإِنْباضِه؛ يَقُولُ: كأَنها تَحِنُّ حَنِينًا مُتَشَابِهًا، وَكُلُّهُ مِنَ الِاسْتِوَاءِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَالِاشْتِبَاهِ. أَبو عَمْرٍو: ناقةٌ ساجعٌ طويلةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع هَذَا لِغَيْرِهِ. وسجَع لَهُ سَجْعاً: قصَد، وكلُّ سَجْع قَصْدٌ. والساجِعُ: القاصِدُ فِي سَيْرِهِ؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
قطعتُ بِهَا أَرْضاً تَرَى وَجْه رَكْبها
الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ. وَجْهُ رَكْبها: الوَجْهُ الَّذِي يَؤُمُّونه؛ يَقُولُ: إِنّ السَّمُومَ قابَلَ هُبُوبُها وُجوهَ الرَّكبِ فَأَكْفَؤُوها عَنْ مَهَبِّها اتِّقاءً لِحَرِّها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه، اشْتَرَى جَارِيَةً فأَراد وطأَها فَقَالَتْ: إِني حَامِلٌ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنّ أَحدكم إِذا سَجَع ذَلِكَ المَسْجَعَ فَلَيْسَ بالخِيار عَلَى اللهِ؛ وأَمَر بردِّها
، أَي سَلَكَ ذَلِكَ المَسْلَكَ. وأَصل السجْعِ: القَصْدُ المُسْتَوي على نسَقٍ واحد.
سدع: السَّدْعُ: الهدايةُ لِلطَّرِيقِ. وَرَجُلٌ مِسْدَعٌ: دليلٌ ماضٍ لِوَجْهِهِ، وَقِيلَ: سريعٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ مِسْدَعٌ ماضٍ لِوَجْهِهِ نحوَ الدليلِ. والسَّدْعُ: صَدْمُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، سَدَعَه يَسْدَعُه سَدْعاً. وسُدِعَ الرجلُ: نُكِبَ؛ يَمَانِيَّةٌ. قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَجد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شَاهِدًا مِنْ ذَلِكَ، وأَظن قَوْلَهُ مِسْدَع أَصله صَادٌ مِصْدَعٌ مِنْ قَوْلِهِ عز وجل: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ؛ أَي افْعَلْ. وَفِي كَلَامِهِمْ: نَقْذاً لَكَ مَنْ كُلِّ سَدْعةٍ أَي سَلَامَةً لَكَ مَنْ كُلِّ نَكْبة.
سرع: السُّرْعةُ: نقِيضُ البُطْءِ. سَرُعَ يَسْرُعُ سَراعةً وسِرْعاً وسَرْعاً وسِرَعاً وسَرَعاً وسُرْعةً، فَهُوَ سَرِعٌ وسَرِيعٌ وسُراعٌ، والأُنثى بالهاء، وسَرْعانُ والأُنثى سَرْعَى، وأَسْرَعَ وسَرُعَ، وَفَرَّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ سَرُع وأَسْرَعَ فَقَالَ: أَسْرَعَ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وتَكَلَّفه كأَنه أَسرَعَ المشي أَي عَجّله، وأَما سرُع فكأَنها غَرِيزةٌ. وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ جِنِّي أَسرَع متعدِّياً فَقَالَ يَعْنِي الْعَرَبَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَخِفُّ ويُسْرِعُ قبولَ مَا يَسْمَعُهُ، فَهَذَا إِمَّا أَن يَكُونَ يَتَعَدَّى بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ، وإِما أَن يَكُونَ أَراد إِلى قَبُولِهِ فَحَذَفَ وأَوصل. وسَرَّع: كأَسْرَعَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَلا لَا أَرى هَذَا المُسَرِّعَ سابِقاً،
…
وَلَا أَحَداً يَرْجُو البَقِيّةَ باقِيا
وأَراد بِالْبَقِيَّةِ البَقاء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَرِع الرجلُ إِذا أَسرَع فِي كَلَامِهِ وفِعاله. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفَرَسٌ سَريعٌ وسُراعٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
حَتَّى تَرَوْهُ كاشِفاً قِناعَهْ،
…
تَغْدُو بِه سَلْهَبةٌ سُراعَهْ
وأَسْرَعَ فِي السَّيْرِ، وَهُوَ فِي الأَصل مُتَعَدٍّ. وَعَجِبْتُ مِنْ سُرْعةِ ذَاكَ وسِرَعِ ذَاكَ مِثَالُ صِغَرِ ذَاكَ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَفِي حَدِيثِ تأْخير السَّحُورِ:
فَكَانَتْ سُرْعتي أَن أُدْرِكَ الصلاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم
؛ يُرِيدُ إِسراعي، وَالْمَعْنَى أَنه لِقُرْبِ سحُورِه مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ بإِسراعه. وَيُقَالُ: أَسرَعَ فُلَانٌ الْمَشْيَ وَالْكِتَابَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ فِعْلٌ مُجَاوِزٌ. وَيُقَالُ: أَسرع إِلى كَذَا وَكَذَا؛ يُرِيدُونَ أَسرَعَ الْمُضِيَّ إِليه، وسارَعَ بِمَعْنَى أَسرعَ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ، وَلِلْجَمِيعِ سارَعوا. قَالَ اللَّهُ عز وجل:
(1). قوله: أباً لا يهجع، هكذا في الأَصل؛ ولعله أبَى أي كره وامتنع أن ينام.
أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ
؛ مَعْنَاهُ أَيحسبون أَن إِمدادَنا لَهُمْ بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ مُجَازَاةً لَهُمْ وإِنما هُوَ اسْتِدْرَاجٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ، وَمَا فِي مَعْنَى الَّذِي أَي أَيحسبون أَن الَّذِي نَمُدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، الْمَعْنَى نُسَارِعُ لَهُمْ بِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خَبَّرُ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ قَوْلُهُ نُسارِعُ لَهُمْ
، وَاسْمُ أَنَّ مَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَمَنْ قرأَ يُسارِعُ لهم في الخيرات فَمَعْنَاهُ يُسارِعُ لَهُمْ بِهِ فِي الْخَيِّرَاتِ فَيَكُونُ مِثْلُ نُسارِعُ، وَيَجُوزُ أَن يَكون عَلَى مَعْنَى أَيحسبون إِمدادنا يُسارِعُ لهم في الخيرات فَلَا يَحْتَاجُ إِلى ضَمِيرٍ، وَهَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ. وَفِي حَدِيثِ
خَيْفَانِ: مَسارِيعُ فِي الْحَرْبِ
؛ هُوَ جَمْعُ مِسْراع وَهُوَ الشَّدِيدُ الإِسْراع فِي الأُمور مِثْلَ مِطْعانٍ ومَطاعِينَ وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُمْ: السَّرَعَ السَّرَعَ مِثَالُ الوَحَا. وتسرَّعَ الأَمرُ: كسَرُعَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَوْ أَنّ حَقّ اليَوْم مِنْكُم إِقامةٌ،
…
وإِن كان صَرْحٌ قَدْ مَضَى فَتَسَرَّعا
وتَسَرَّعَ بالأَمر: بادَرَ بِهِ. والمُتَسَرِّعُ: المُبادِرُ إِلى الشَّرِّ، وتَسَرَّعَ إِلى الشرِّ، والمسْرَعُ: السَّريعُ إِلى خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وسارعَ إِلى الأَمر: كأَسْرَعَ. وسارَعَ إِلى كَذَا وتَسَرَّع إِليه بِمَعْنًى. وَجَاءَ سرَعاً أَي سَريعاً. والمُسارَعةُ إِلى الشَّيْءِ: المُبادَرَةُ إِليه. وأَسرَع الرجلُ: سَرُعَتْ دابَّته كَمَا قَالُوا أَخَفَّ إِذا كَانَتْ دَابَّتُهُ خَفِيفَةً، وَكَذَلِكَ أَسرَعَ القومُ إِذا كَانَتْ دوابُّهم سِراعاً. وسَرُعَ مَا فعلْتَ ذَاكَ وسَرْعَ وسُرْعَ وسَرْعانَ مَا يكونُ ذَاكَ؛ وَقَوْلُ مَالِكِ بْنِ زَغْبَةَ الْبَاهِلِيِّ:
أَنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ،
…
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنتكِثٌ حَذِيقُ؟
أَراد سَرُعَ فَخَفَّفَ، وَالْعَرَبُ تُخَفِّفُ الضَّمَّةَ وَالْكَسْرَةَ لِثِقَلِهِمَا، فَتَقُولُ للفَخِذِ فَخْذٌ، وللعَضُدِ عَضْدٌ، وَلَا تَقُولُ للحَجَر حَجْر لِخِفَّةِ الْفَتْحَةِ. وَقَوْلُهُ: أَنَوْراً مَعْنَاهُ أَنَوْراً ونِفاراً يَا فَرُوقُ، وَمَا صِلَةُ، أَراد سَرُعَ ذَا نَوْراً. وَتَقُولُ أَيضاً: سِرْعانَ وسُرْعانَ، كُلُّهُ اسْمٌ لِلْفِعْلِ كَشَتان؛ وَقَالَ بِشْرٌ:
أَتَخْطُبُ فِيهِمْ بَعْدَ قتْلِ رِجالِهم؟
…
لَسَرْعانَ هَذَا، والدِّماءُ تَصَبَّبُ
ابْنُ الأَعرابي: وسَرْعانَ ذَا خُروجاً وسَرُعانَ ذَا خُرُوجًا، بِضَمِّ الراء، وسِرْعانَ ذَا خُرُوجًا. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَسَرْعانَ ذَا خُرُوجاً، بِتَسْكِينِ الرَّاءِ، وَتَقُولُ لَسَرُعَ ذَا خُرُوجًا، بِضَمِّ الرَّاءِ، وَرُبَّمَا أَسكنوا الرَّاءَ فَقَالُوا سَرْعَ ذَا خُرُوجًا أَي سَرُعَ ذَا خُروجاً. ولَسَرْعانَ مَا صَنَعْتَ كَذَا أَي مَا أَسْرَعَ. وَفِي الْمَثَلِ: سَرْعانَ ذَا إِهالةً؛ وأَصل هَذَا الْمَثَلِ أَن رَجُلًا كَانَ يُحَمَّقُ، اشْتَرَى شَاةً عَجْفاءَ يَسِيلُ رُغامُها هُزالًا وسُوءَ حَالٍ، فَظَنَّ أَنه وَدَكٌ فَقَالَ: سَرْعانَ ذا إِهالةً. وسَرَعانُ الناسِ وسَرْعانُهم: أَوائِلُهم الْمُسْتَبِقُونَ إِلى الأَمر. وسَرَعانُ الخيلِ: أَوائِلُها؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِذا كَانَ السَّرَعانُ وَصْفًا فِي النَّاسِ قِيلَ سَرَعانُ وسَرْعانُ، وإِذا كَانَ فِي غَيْرِ النَّاسِ فسَرَعانُ أَفصح، وَيَجُوزُ سَرْعان. وَقَالَ الأَصمعي: سَرَعانُ الناسِ أَوائِلُهم فحرَّك لِمَنْ يُسْرِعُ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يُسَكِّنُ الرَّاءَ فَيَقُولُ سرْعان النَّاسِ أَوائلهم؛ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ فِي لُغَةِ مَنْ يُثَقِّلُ وَيَقُولُ
سَرَعانَ:
وحَسِبْتُنا نَزَعُ الكَتِيبةَ غُدْوةً،
…
فَيُغَيِّفُونَ ونَرْجِعُ السَّرَعانا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي سَرَعانِ النَّاسِ: يَلْزَمُ الإِعرابُ نونَه فِي كُلِّ وَجِهٍ. وَفِي حَدِيثِ سَهْو الصَّلَاةِ:
فَخَرَجَ سَرَعانُ الناسِ.
وَفِي حَدِيثِ يَوْمِ حُنَينٍ:
فَخَرَجَ سَرَعان الناس وأَخِفّاؤُهُم.
والسَّرَعانُ: الوَتَرُ الْقَوِيُّ؛ قَالَ:
وعَطَّلْتُ قَوْسَ اللَّهْوِ مِنْ سَرَعانِها،
…
وعادَتْ سِهامي بَينَ أَحْنَى وناصِلِ
الأَزهري: وسَرَعانُ عَقَبِ المَتْنَيْنِ شِبْهُ الخُصَل تَخْلُص مِنَ اللَّحْمِ ثُمَّ تُفْتَلُ أَوتاراً للقِسِيّ يُقَالُ لَهَا السرَعانُ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: وَاحِدَةُ سَرَعانِ العَقَبِ سَرَعانةٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّرَعانُ العَقَبُ الَّذِي يَجْمَعُ أَطرافَ الرِّيشِ مِمَّا يَلِي الدَّائِرَةَ. وسَرَعانُ الْفَرَسِ: خُصَلٌ فِي عُنقه، وَقِيلَ: فِي عَقِبه، الْوَاحِدَةُ سَرَعانة. والسَّرْعُ والسِّرْعُ: القَضِيبُ مِنَ الكرْم الغَضُّ، وَالْجَمْعُ سُرُوعٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: السَّرْعُ قَضِيب سَنَةٍ مِنْ قُضْبان الكرْم، قَالَ: وَهِيَ تَسْرُعُ سُرُوعاً وَهُنَّ سَوارِعُ وَالْوَاحِدَةُ سارِعةٌ. قَالَ: والسَّرْعُ والسِّرْعُ اسْمُ الْقَضِيبِ مِنْ ذَلِكَ خَاصَّةً. والسرَعْرَعُ: الْقَضِيبُ مَا دَامَ رَطْباً غَضًّا طرِيّاً لسَنَتِه، والأُنثى سَرَعْرَعةٌ. وَكُلُّ قَضِيبٍ رَطْب سِرْعٌ وسَرْعٌ وسَرَعْرَعٌ؛ قَالَ يَصِفُ عُنْفُوانَ الشَّبَابِ:
أَزْمانَ، إِذْ كُنْتَ كَنَعْتِ الناعِتِ
…
سَرَعْرَعاً خُوطاً كَغُصْنٍ نابِتِ
أَي كالخُوطِ السَّرَعْرَعِ، والتأْنيثُ عَلَى إِرادةِ الشُّعْبة. قَالَ الأَزهري: والسَّرْغُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، لُغَةٌ فِي السَّرْع بِمَعْنَى الْقَضِيبِ الرطْب، وَهِيَ السُّرُوعُ والسُّروغُ. والسَّرَعْرَعُ: الدَّقِيقُ الطَّوِيلُ. والسَّرَعْرَعُ: الشابُّ النَّاعِمُ اللدْنُ. الأَصمعي: شَبَّ فُلَانٌ شَبَابًا سَرَعْرَعاً. والسَّرَعْرَعةُ مِنَ النِّسَاءِ: الليِّنة الناعمةُ. والأَسارِيعُ: شُكُرٌ تَخْرُجُ فِي أَصلِ الحَبلةِ. والأَسارِيعُ: الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْعِنَبُ، وَرُبَّمَا أُكلت وَهِيَ رَطْبَةٌ حامضةٌ. الواحِدُ أُسْرُوعٌ. واليَسْرُوع واليُسْروعُ والأَسْرُوع الأُسْرُوع: دُودٌ يَكُونُ عَلَى الشوْك، وَالْجَمْعُ الأَسارِيعُ، وَقِيلَ: الأَسارِيعُ دُودٌ حُمْرُ الرؤوس بَيْضُ الأَجساد تَكُونُ فِي الرَّمْلِ تُشَبَّه بِهَا أَصابع النِّسَاءِ، وَقَالَ الأَزهري: هِيَ دِيدانٌ تَظْهَرُ فِي الرَّبِيعِ مُخَطَّطة بِسَوَادٍ وَحُمْرَةٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كأَنه
…
أَسارِيعُ ظَبْيٍ، أَو مساوِيكُ إِسْحِلِ
وظَبْيٌ: اسْمُ وادٍ بِتِهامةَ. يُقَالُ: أَسارِيعُ ظَبْي كَمَا يُقَالُ سِيدُ رَمْل وضَبُّ كُدْيةٍ وثَوْرُ عَدابٍ، وَقِيلَ: اليُسْرُوعُ والأُسْرُوعُ الدُّودةُ الْحَمْرَاءُ تَكُونُ فِي البقْل ثُمَّ تنسلخ فتصير فَراشة. قال ابْنُ بَرِّيٍّ: اليُسْرُوعُ أَكبر مِنْ أَن يَنْسَلِخَ فَيَصِيرَ فَرَاشَةً لأَنها مِقْدَارُ الإِصْبَعِ ملْساءُ حمراءُ، والأَصل يَسْرُوعٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ يُفْعُولٌ، قال سِيبَوَيْهِ: وإِنما ضَمُّوا أَوّله إِتباعاً لِضَمِّ الرَّاءِ كَمَا قَالُوا أَسْوَدُ بْنُ يعْفُر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَحَتَّى سَرَتْ بَعْدَ الكَرَى فِي لَوِيِّه
…
أَسارِيعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
واللَّوِيُّ: مَا ذَبَلَ مِنَ البَقْل؛ يَقُولُ: قَدِ اشْتَدَّ الْحَرُّ فإِن الأَسارِيعَ لَا تَسْرِي عَلَى الْبَقْلِ إِلَّا لَيْلًا لأَن شِدَّةَ الْحَرِّ بِالنَّهَارِ تَقْتُلُهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأُسْرُوعُ طُولُ الشِّبْرِ أَطولُ مَا يَكُونُ، وَهُوَ مُزَيَّن بأَحسن الزِّينَةِ مِنْ صُفْرَةٍ وخُضرة وَكُلِّ لَوْنٍ لَا تَرَاهُ إِلا فِي العُشب، وَلَهُ قَوَائِمُ قِصَارٌ، وتأْكلها الْكِلَابُ وَالذِّئَابُ وَالطَّيْرُ، وإِذا كَبِرَتْ أَفسدت الْبَقْلَ فَجَدّعتْ أَطرافَه. وأُسْرُوعُ الظَّبْي: عَصَبةٌ تَسْتَبْطِنُ رِجْلَهُ وَيَدَهُ. وأَسارِيعُ القَوْسِ: الطُّرَقُ والخُطُوطُ الَّتِي فِي سِيَتها، وَاحِدُهَا أُسْرُوعٌ ويُسْرُوعٌ، وَوَاحِدَةُ الطُّرَقِ طُرْقةٌ. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:
كأَنَّ عُنُقَه أَسارِيعُ الذَّهَبِ
أَي طَرائِقُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عَلَى صَدْرِهِ الحَسن أَو الْحُسَيْنُ فبالَ فرأَيت بَوْلَهُ أَسارِيعَ
أَي طرائقَ. وأَبو سَرِيعٍ: هُوَ النَّارُ فِي العَرْفَجِ؛ وأَنشد:
لَا تَعْدِلَنَّ بأَبِي سَرِيعِ،
…
إِذا غَدَتْ نَكْباءُ بالصَّقِيعِ
والصَّقِيعُ: الثَّلْج؛ وَقَوْلُ ساعِدةَ بْنِ جُؤَيّة:
وظَلَّتْ تُعَدَّى مِن سَرِيعٍ وسُنْبُك،
…
تَصَدَّى بأَجوازِ اللُّهُوبِ وتَرْكُدُ
فَسَّرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَالَ: سَرِيعٌ وسُنْبُكٌ ضَرْبان مِنَ السَّيْرِ. والسَّرْوَعةُ: الرابِيةُ مِنَ الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخَذَ بِهِمْ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ ومالَ بِهِمْ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ
؛ حَكَاهُ الْهِرَوِيُّ. وَقَالَ الأَزهري: السَّرْوَعةُ النَّبَكةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الرمْل، وَيُجْمَعُ سَرْوَعاتٍ وسَراوِعَ. قَالَ الأَزهري: والزَّرْوَحةُ مِثْلَ السرْوعةِ تَكُونُ من الرمل وغيره. وسُراوِعٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ؛ وأَنشد لِابْنِ ذَريح:
عَفا سَرِفٌ مِنْ أَهْلِه فَسُراوِعُ «1»
وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ سَرَاوِع، بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَحْكِ سِيبَوَيْهِ فُعاوِلٌ، وَيُرْوَى: فَشُراوِع، وَهِيَ رواية العامّة.
سرطع: سَرْطَعَ وطَرْسَعَ، كِلَاهُمَا: عَدا عدْواً شَدِيدًا مِنْ فَزَعٍ.
سرقع: السُّرْقُعُ: النبيذُ الحامضُ.
سطع: السَّطْعُ: كُلُّ شَيْءٍ انْتَشَرَ أَو ارْتَفَعَ مِنْ بَرْقٍ أَو غُبار أَو نُور أَو رِيح، سَطَعَ يَسْطَعُ سَطْعاً وسُطُوعاً؛ قَالَ لَبِيدٌ فِي صِفَةِ الغُبار الْمُرْتَفِعِ:
مَشْمُولة غُلِثَتْ بنابِتِ عَرْفَجٍ،
…
كَدُخانِ نارٍ ساطِعٍ إِسْنامُها
غُلِثَتْ: خُلِطَتْ. والمشمولةُ: النَّارُ الَّتِي أَصابتها الشَّمالُ، وأَما قَوْلُهُمْ صاطعٌ فِي ساطعٍ فإِنهم أَبدلوها مَعَ الطاء كما أَبدلوها مع الْقَافِ لأَنها فِي التصَعُّد بِمَنْزِلَتِهَا. والسَّطِيعُ: الصُّبْحُ لإِضاءته وَانْتِشَارِهِ، وَيُقَالُ لِلصُّبْحِ إِذا طلَع ضَوْؤُه فِي السَّمَاءِ، قَدْ سَطَع يسْطَع سُطوعاً أَوّلَ مَا ينشقُّ مُسْتَطِيلًا، وَكَذَلِكَ الْبَرْقُ يَسْطَعُ فِي السَّمَاءِ. وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ كذَنَب السِّرْحانِ مُسْتَطِيلًا فِي السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَشِرَ فِي الأُفق. وَفِي حَدِيثِ السَّحُور:
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا يَهِيدَنَّكم الساطِعُ المُصْعِدُ، وَكَلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الأَحمر،
(1). قوله [عفا إلخ] تمامه كما في شرح القاموس: فؤادي قديد فالتلاع الدوافع وقال إنه عن الفارسي بضم السين وكسر الواو.
وأَشار بيده، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ نَحْوِ المَشْرِق إِلى المَغْرِب عَرْضاً
، يَعْنِي الصُّبْحَ الأَوّل الْمُسْتَطِيلَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الصُّبْحَ السَّاطِعَ هُوَ الْمُسْتَطِيلُ، قَالَ: فَلِذَلِكَ قِيلَ للعَمُود مِنْ أَعْمِدة الخِباء سِطاعٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كُلُوا وَاشْرَبُوا مَا دَامَ الضوْءُ ساطِعاً حَتَّى تَعْتَرِضَ الحُمرةُ الأُفُقَ
؛ سَاطِعًا أَي مُسْتَطِيلًا. وسَطَع لِي أَمرُك: وضَح؛ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ. وسَطَعَتِ الرائحةُ سَطْعاً وسُطوعاً: فاحَتْ وعَلَتْ وَارْتَفَعَتْ. يُقَالُ: سَطَعَتْني رائحةُ المِسْك إِذا طَارَتْ إِلى أَنفك. والسَّطَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: طُولُ العُنُق. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ وَصِفَتِهَا الْمُصْطَفَى، صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: وَكَانَ فِي عُنُقِه سَطَعٌ
أَي طُول؛ يُقَالُ: عُنُقٌ سَطْعاء. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْعُنُقُ السطعاءُ الَّتِي طَالَتْ وانتصب علابِيُّها؛ ذَكَرَهُ فِي صِفَاتِ الْخَيْلِ. وظَلِيمٌ أَسطَعُ: طويلُ العُنُقِ، والأُنثى سَطْعاء. يُقَالُ: سَطِعَ سَطَعاً فِي النَّعْتِ، وَيُقَالُ فِي رَفْعِهِ عُنُقَهُ: سَطَعَ يَسْطَعُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ والمرأَة وَالْبَعِيرُ؛ وَقَدْ سَطِعَ سَطَعاً وسَطَعَ يَسْطَعُ: رَفَعَ رأْسه ومدَّ عُنقه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيم:
فَظَلَّ مُخْتَضِعاً يَبْدُو فَتُنْكِرُه
…
حَالًا، ويَسْطَعُ أَحياناً فَينْتَسِبُ
وَعُنُقٌ أَسطَعُ: طَوِيلٌ مُنْتَصِبٌ. وسطَعَ السهمُ إِذا رَمَى بِهِ فشخَصَ يلمَع؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
أَرِقْتُ لَهُ فِي القَوْمِ، والصُّبح ساطِعٌ،
…
كَمَا سَطَع المِرِّيخُ شَمَّره الغالِي
وَرَوِيَ سَمَّرَه، وَمَعْنَاهُمَا أَرسلَه. والسِّطاعُ: خَشَبة تَنْصَبُّ وسَط الخِباء والرُّواقِ، وَقِيلَ: هُوَ عَمُودُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
أَلَيْسُوا بالأُلى قَسَطُوا قَدِيماً
…
عَلَى النُّعْمانِ، وابْتَدَرُوا السِّطاعَا؟
وَذَلِكَ أَنهم دَخَلُوا عَلَى النُّعمان قُبَّته، وَجَمْعُ السِّطاعِ أَسْطِعةٌ وسُطُعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَنُشْنَه نَوْشاً بأَمْثالِ السُّطُعْ
والسِّطاعُ: الْعُنُقُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِسِطاعِ الْخِبَاءِ. وَنَاقَةٌ ساطِعةٌ: ممتدَّة الجِرانِ والعُنُق؛ قَالَ ابْنُ فَيَدَ الرَّاجِزُ:
مَا بَرِحَتْ ساطِعة الجِرانِ،
…
حَيْثُ الْتَقَتْ أَعْظُمُها الثَّمانِ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ الطَّوِيلِ سِطاعٌ تَشْبِيهًا بِسِطَاعِ الْبَيْتِ؛ وَقَالَ مَلِيحٌ الْهُذَلِيُّ:
وَحَتَّى دَعا دَاعِي الفِراقِ وَأُدْنِيَتْ،
…
إِلى الحَيِّ، نُوقٌ، والسِّطاعُ المُحَمْلَجُ
والسِّطاعُ: سِمةٌ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ أَو عنقه بِالطُّولِ، وَقَدْ سَطَّعَه، فَهُوَ مُسَطَّعٌ؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ فِي الْعُنُقِ بِالطُّولِ، فإِذا كَانَتْ بالعَرْضِ فَهُوَ العِلاطُ، وَنَاقَةٌ مَسْطُوعةٌ وإِبِلٌ مُسَطَّعةٌ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي قَالَ: وَهُوَ فِيمَا زَعَمُوا لِلْبِيدٍ:
دَرَى باليَسارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً،
…
مُسَطَّعةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِمِ
فإِنه فَسَّرَهُ فَقَالَ: مُسَطَّعة مِنَ السِّطاعِ، وَهِيَ السِّمة الَّتِي فِي الْعُنُقِ، وَهَذَا هُوَ الأَسْبَقُ، وَقَدْ تَكُونُ المسطَّعة الَّتِي عَلَى أَقدار السُّطُع مِنْ عَمَدِ الْبُيُوتِ.
والسَّطْعُ والسَّطَعُ: أَن تَضْرِبَ شَيْئًا براحَتِك أَو أَصابِعِك وَقْعاً بِتَصْوِيتٍ، وَقَدْ سَطَعَه وسَطَعَ بيديه سَطعاً: صَفَّقَ. يُقَالُ: سَمِعْتُ لِضَرْبَتِهِ سَطَعاً مُثْقَلًا يَعْنِي صَوْتَ الضَّرْبَةِ، قَالَ: وإِنما ثَقُلَتْ لأَنه حِكَايَةٌ وَلَيْسَ بِنَعْتٍ وَلَا مَصْدَرٍ، قَالَ: والحِكايات يخالَف بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّعُوتِ أَحياناً. وَخَطِيبٌ مِسْطَعٌ ومِسْقَعٌ: بَلِيغٌ مُتَكَلِّمٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والسِّطاعُ: اسْمُ جبَل بِعَيْنِهِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
فذَاك السِّطاعُ خِلافَ النِّجاءِ،
…
تَحْسَبُه ذَا طِلاءٍ نَتِيفَا
خِلافَ النِّجاءِ أَي بعدَ السّحابِ تَحْسَبُه جَمَلًا أَجرب نُتِفَ وهُنِئَ، وأَما قَوْلُكَ لَا أَسطيع فَالسِّينُ لَيْسَتْ بأَصلية، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ طوع.
سعع: السَّعِيعُ: الزُؤَانُ أَو نَحْوُهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الطَّعَامِ فَيُرْمَى بِهِ، وَاحِدَتُهُ سَعِيعةٌ. والسَّعِيعُ: الشَّيْلَمُ. والسَّعِيعُ أَيضاً: أَرْدَأُ الطَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّدِيءُ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرُهُ. وَطَعَامٌ مَسْعُوعٌ: مِنَ السَّعيعِ، وَهُوَ الَّذِي أَصابَه السَّهامُ، قَالَ: والسَّهامُ اليَرقانُ. وتَسَعْسَعَ الرَّجُلُ إِذا كَبِرَ وهَرِمَ واضطَرَبَ وأَسَنَّ، وَلَا يَكُونُ التَّسَعْسُعُ إِلَّا باضْطرابٍ مَعَ الكِبَرِ، وَقَدْ تَسَعْسَعَ عُمُره؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
مَا زَالَ يُزْجِي حُبَّ لَيْلى أَمامَه
…
ولِيدَيْنِ، حَتَّى عُمْرُنا قَدْ تَسَعْسَعا
وسَعْسَعَ الشيخُ وَغَيْرُهُ وتَسَعْسَع: قارَبَ الخَطْوَ واضطَرَبَ مِنَ الكِبَرِ أَو الهَرَمِ؛ قَالَ رؤْبة يَذْكُرُ امرأَة تُخَاطِبُ صَاحِبَةً لَهَا:
قالَتْ، وَلَمْ تَأْلُ بِهِ أَن يَسْمَعَا:
…
يَا هِنْدُ، مَا أَسْرعَ مَا تَسَعْسَعا،
مِنْ بَعْدِ مَا كانَ فَتًى سَرَعْرَعا
أَخبرت صَاحِبَتَهَا عَنْهُ أَنه قَدْ أَدْبَرَ وفَنِيَ إِلَّا أَقَلَّه. والسَّعْسَعةُ: الفَناءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَسَعْسَعَ الشَّهْرُ إِذا ذَهَبَ أَكثره. وَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ، رضي الله عنه، السَّعْسَعةَ فِي الزَّمَانِ وَذَلِكَ أَنه سَافَرَ فِي عَقِبُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ قَدْ تَسَعْسَعَ فَلَوْ صُمْنا بَقِيَّتَه، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الشِّينِ أَيضاً. وتَسَعْسَعَ أَي أَدْبَرَ وفَنِيَ إِلَّا أَقَلَّه، وَكَذَلِكَ يُقَالُ للإِنسان إِذا كَبِرَ وهَرِمَ تَسَعْسَع. وسَعْسَعَ شَعْره وسَغْسَغَه إِذا رَوَّاه بالدُّهْنِ. وتَسَعْسَعَت حالُ فُلَانٍ إِذا انْحَطَّت. وتَسَعْسَعَ فَمُهُ إِذا انْحَسَرَت شَفَتُهُ عَنْ أَسنانه. وَكُلُّ شَيْءٍ بَليَ وَتَغَيَّرَ إِلى الْفَسَادِ، فَقَدْ تَسَعْسَعَ. والسُّعْسُعُ: الذِّئْبُ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ وأَنشد:
والسُّعْسُعُ الأَطْلَسُ، فِي حَلْقِه
…
عِكْرِشةٌ تَنْئِقُ فِي اللِّهْزِمِ
أَراد تَنْعِقُ فأَبْدَلَ. وسَعْ سَعْ: زَجْر للمَعَزِ. والسَّعْسَعةُ: زَجْر المِعْزَى إِذا قَالَ: سَعْ سَعْ، وسَعْسَعْتُ بِهَا مِنْ ذَلِكَ.
سفع: السُّفْعةُ والسَّفَعُ: السَّوادُ والشُّحُوبُ، وَقِيلَ: نَوْع مِنَ السَّواد لَيْسَ بِالْكَثِيرِ، وَقِيلَ: السَّوَادُ مَعَ لَوْنٍ آخَرَ، وَقِيلَ: السَّوَادُ المُشْرَبُ حُمْرة، الذَّكَرُ أَسْفَعُ والأُنثى سَفْعاءُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَثافي سُفْعٌ، وَهِيَ الَّتِي أُوقِدَ بَيْنَهَا النَّارُ فسَوَّدَت صِفاحَها الَّتِي تَلِي النَّارَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
أَثافيَّ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَل
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا وسَفْعاءُ الخدَّيْنِ الحانِيةُ عَلَى وَلَدِهَا يومَ الْقِيَامَةِ كَهاتَيْنِ، وضَمَّ إِصْبَعَيْه
؛ أَراد بسَفْعاءِ الخدَّيْنِ امرأَة سَوْدَاءَ عَاطِفَةً عَلَى وَلَدِهَا، أَراد أَنها بَذَلَتْ نَفْسَهَا وَتَرَكَتِ الزِّينَةَ والترَفُّه حَتَّى شحِبَ لَوْنُهَا واسودَّ إِقامة عَلَى وَلَدِهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِني رأَيت فِي طَرِيقِي هَذَا رؤْيا، رأَيت أَتاناً تَرَكْتُهَا فِي الْحَيِّ وَلَدَتْ جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ مِنْ أَمة تَرَكْتَهَا مُسِرَّةً حَمْلًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ وَلَدَتْ لَكَ غُلَامًا وَهُوَ ابْنُكَ. قَالَ: فَمَا لَهُ أَسْفَعَ أَحْوى؟ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا منه، قال: هَلْ بِكَ مِنْ بَرَص تكتمه؟ قال: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَآهُ مَخْلُوقٌ وَلَا عَلِمَ بِهِ قَالَ: هُوَ ذَاكَ
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي اليَسَر: أَرَى فِي وَجْهِكَ سُفْعةً مِنْ غضَب
أَي تَغَيُّرًا إِلى السَّوَادِ. وَيُقَالُ: للحَمامة المُطَوَّقة سَفْعاءُ لِسَوَادِ عِلاطَيْها فِي عُنُقها. وحَمامة سَفْعَاءُ: سُفْعَتُها فَوْقَ الطَّوْقِ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
منَ الْوُرْقِ سَفْعاء العِلاطَيْنِ باكَرَتْ
…
فُرُوعَ أَشاءٍ، مَطْلَع الشَّمْسِ، أَسْحَما
ونَعْجة سَفْعاءُ: اسوَدّ خَدّاها وَسَائِرُهَا أَبيض. والسُّفْعةُ فِي الْوَجْهِ: سَوَادٌ فِي خَدَّي المرأَة الشاحِبةِ. وسُفَعُ الثوْرِ: نُقَط سُود فِي وَجْهِهِ، ثَوْرٌ أَسْفَع ومُسَفَّعٌ. والأَسْفَعُ: الثوْرُ الوحْشِيُّ الَّذِي فِي خَدَّيْهِ سَوَادٌ يَضْرِبُ إِلى الحُمرة قَلِيلًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ثَوْراً وَحْشِيًّا شبَّه نَاقَتَهُ فِي السُّرْعَةِ بِهِ:
كأَنها أَسْفَعُ ذُو حِدّةٍ،
…
يَمْسُدُه البَقْلُ ولَيْلٌ سَدِي
كأَنما يَنْظُرُ مِن بُرْقُع،
…
مِنْ تَحْتِ رَوْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
شبَّه السُّفْعةَ فِي وَجْهِ الثَّوْرِ بِبُرْقُع أَسْودَ، وَلَا تَكُونُ السُّفْعةُ إِلا سَوَادًا مُشْرَباً وُرْقةً، وَكُلُّ صَقْرٍ أَسْفَعُ، والصُّقُورُ كُلُّهَا سُفْعٌ. وظَلِيمٌ أَسْفَعُ: أَرْبَدُ. وسَفَعَتْهُ النارُ والشمسُ والسَّمُومُ تَسْفَعُه سَفْعاً فَتَسَفَّعَ: لَفَحَتْه لَفْحاً يَسِيرًا فَغَيَّرَتْ لَوْنَ بشَرته وسَوَّدَتْه. والسَّوافِعُ: لَوافِحُ السَّمُوم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تِلْكَ البَدوِيّةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرِّيَاحِيِّ: ائْتِني فِي غداةٍ قَرَّةٍ وأَنا أَتَسَفَّعُ بِالنَّارِ. والسُّفْعةُ: مَا فِي دِمْنةِ الدَّارِ مِنْ زِبْل أَو رَمْل أَو رَمادٍ أَو قُمامٍ مُلْتبد تَرَاهُ مُخَالِفًا لِلَوْنِ الأَرض، وَقِيلَ: السَّفْعَةُ فِي آثَارِ الدَّارِ مَا خَالَفَ مِنْ سوادِها سَائِرَ لَوْنِ الأَرض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَمْ دِمْنة نَسَفَتْ عَنْهَا الصَّبا سُفَعاً،
…
كَمَا يُنَشَّرُ بَعْدَ الطِّيّةِ الكُتُبُ
وَيُرْوَى: مِنْ دِمْنة، وَيُرْوَى: أَو دِمْنة؛ أَراد سَوَادَ الدِّمَنِ أَنّ الرِّيحَ هَبَّتْ بِهِ فَنَسَفَتْهُ وأَلبَسَتْه بَيَاضَ الرَّمْلِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
بجانِبِ الزرْق أَغْشَتْه معارِفَها
وسَفَعَ الطائِرُ ضَرِيبَتَه وسافعَها: لَطَمَها بِجَنَاحِهِ. والمُسافَعةُ: المُضارَبةُ كالمُطارَدةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
يُسافِعُ وَرْقاءَ غَوْرِيّةً،
…
لِيُدْرِكُها فِي حَمامٍ ثُكَنْ
أَي يُضارِبُ، وثُكَنٌ: جماعاتٌ. وسَفَعَ وجهَه
بِيَدِهِ سَفْعاً: لَطَمَه. وسَفَع عُنُقَه: ضَرَبَهَا بِكَفِّهِ مَبْسُوطَةً، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي حَرْفِ الصَّادِ. وسَفَعَه بالعَصا: ضَربه. وسافَعَ قِرْنه مُسافَعةً وسِفاعاً: قاتَلَه؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ عَامِرٍ «2» :
كأَنَّ مُجَرَّباً مِنْ أُسْدِ تَرْج
…
يُسافِعُ فارِسَيْ عَبْدٍ سِفاعا
وسَفَعَ بناصِيته وَرِجْلِهِ يَسْفَعُ سَفْعاً: جذَب وأَخَذ وقَبض. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ
؛ ناصِيَتُه: مقدَّم رأْسِه، أَي لَنَصْهَرَنَّها ولنأْخُذَنَّ بِهَا أَي لنُقْمِئَنَّه ولَنُذِلَّنَّه؛ وَيُقَالُ: لنأْخُذنْ بِالنَّاصِيَةِ إِلى النَّارِ كَمَا قَالَ: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ. وَيُقَالُ: معنى لَنَسْفَعاً
لنسوّدنْ وَجْهَهُ فكَفَتِ الناصيةُ لأَنها فِي مُقَدَّمِ الْوَجْهِ؛ قَالَ الأَزهري: فأَما مَنْ قال لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
أَي لنأْخُذنْ بِهَا إِلى النَّارِ فَحُجَّتُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَومٌ، إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رأَيْتَهُم
…
مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ، أَو سافِعِ
أَراد وآخِذٍ بِنَاصِيَتِهِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: اسْفَعْ بِيَدِهِ أَي خُذْ بِيَدِهِ. وَيُقَالُ: سَفَعَ بِنَاصِيَةِ الْفَرَسِ لِيَرْكَبَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبَّاسٍ الْجَشْمِيِّ: إِذا بُعِثَ الْمُؤْمِنُ مِنْ قَبْرِهِ كَانَ عِنْدَ رأْسه ملَك فإِذا خَرَجَ سفَع بِيَدِهِ وَقَالَ: أَنا قرينُك فِي الدُّنْيَا
، أَي أَخذ بِيَدِهِ، وَمَنْ قَالَ:
لنسفعنْ
لنسوّدنْ وَجْهَهُ فَمَعْنَاهُ لنَسِمنْ مَوْضِعَ النَّاصِيَةِ بِالسَّوَادِ، اكْتَفَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْوَجْهِ لأَنه مُقدَّم الْوَجْهِ؛ وَالْحُجَّةِ لَهُ قَوْلُهُ:
وكنتُ، إِذا نَفْسُ الغَوِيّ نَزَتْ بِهِ،
…
سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِين مِنْهُ بمِيسَمِ
أَراد وَسَمْتُه عَلَى عِرْنِينِه، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيُصِيبَنَّ أَقواماً سَفْعٌ مِنَ النَّارِ
أَي عَلَامَةٌ تُغَيِّرُ أَلوانهم. يُقَالُ: سَفَعْتُ الشيءَ إِذا جَعَلْتَ عَلَيْهِ عَلَامَةً، يُرِيدُ أَثراً مِنَ النَّارِ. والسَّفْعةُ: الْعَيْنُ. ومرأَة مَسْفُوعةٌ: بِهَا سَفعة أَي إِصابة عَيْنٍ، وَرَوَاهَا أَبو عُبَيْدٍ: شَفْعةٌ، ومرأَة مَشْفُوعَةٌ، وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ. وَيُقَالُ: بِهِ سَفْعة مِنَ الشَّيْطَانِ أَي مَسٌّ كأَنه أَخذ بِنَاصِيَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ، رضي الله عنها، أَنه، صلى الله عليه وسلم، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَةٌ بِهَا سَفْعةٌ، فَقَالَ: إِنّ بِهَا نَظْرةً فاسْتَرْقُوا لَهَا
أَي عَلَامَةً مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقِيلَ: ضَربة وَاحِدَةً مِنْهُ يَعْنِي أَنّ الشَّيْطَانَ أَصابها، وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنَ السَّفْعِ الأَخذِ، الْمَعْنَى أَن السَّفْعَة أَدْرَكَتْها مِنْ قِبَلِ النَّظْرَةِ فَاطْلُبُوا لَهَا الرُّقْيةَ، وَقِيلَ: السَّفْعةُ الْعَيْنُ، والنَّظْرة الإِصابةُ بِالْعَيْنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لِرَجُلٍ رَآهُ: إِنَّ بِهَذَا سَفعة مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَمْ أَسمع مَا قُلْتَ، فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ تُرَى أَحداً خَيْرًا مِنْكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلِهَذَا قُلْتُ مَا قُلْتُ
، جَعَلَ مَا بِهِ مِنَ العُجْب بِنَفْسِهِ مَسّاً مِنَ الْجُنُونِ. والسُّفْعةُ والشُّفْعةُ، بِالسِّينِ وَالشِّينِ: الْجُنُونُ. وَرَجُلٌ مَسْفوع وَمَشْفُوعٌ أَي مَجْنُونٌ. والسَّفْعُ: الثَّوْبُ، وَجَمْعُهُ سُفُوع؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَمَا بَلَّ مَتْنَيْ طُفْيةٍ نَضْحُ عائطٍ،
…
يُزَيِّنُها كِنٌّ لَهَا وسُفُوعُ
أَراد بِالْعَائِطِ جَارِيَةً لَمْ تَحْمِلْ. وسُفُوعها: ثِيَابُهَا. واسْتَفَعَ الرجلُ: لَبِسَ ثَوْبَهُ. وَاسْتَفَعَتِ المرأَة ثِيَابَهَا إِذا لَبِسَتْهَا، وأَكثر مَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الثياب المصبوغة.
(2). قوله [خالد بن عامر] بهامش الأَصل وشرح القاموس: جنادة بن عامر ويروى لأَبي ذؤيب.
وَبَنُو السَّفْعاء: قَبِيلَةٌ. وسافِعٌ وسُفَيْعٌ ومُسافِعٌ: أَسماء.
سقع: الأَسْقَعُ: الْمُتَبَاعِدُ مِنَ الأَعداء والحَسَدَة، كلُّ مَا يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ صَقَعَ بِالصَّادِّ فَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: كلُّ صَادٍ تَجِيءُ قَبْلَ الْقَافِ، وكلُّ سِينٍ تَجِيءُ قَبْلَ الْقَافِ، فَلِلْعَرَبِ فِيهِ لُغَتَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا سِينًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا صَادًا لَا يُبَالُونَ أَمتصلة كَانَتْ بِالْقَافِ أَو مُنْفَصِلَةً بَعْدَ أَن يَكُونَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، إِلا أَن الصَّادَ فِي بَعْضٍ أَحسن وَالسِّينَ فِي بَعْضٍ أَحسن. يُقَالُ: مَا أَدري أَين سَقَعَ أَي أَين ذَهَبَ، وسَقَعَ الدِّيكُ: مِثْلُ صَقَعَ. وَخَطِيبٌ مِسْقَعٌ: مِثْلُ مِصْقَعٍ. والسُّقْعُ: مَا تَحْتَ الرَّكِيَّة وجُولُها مِنْ نَوَاحِيهَا، وصُقْعُها نَوَاحِيهَا، وَالْجَمْعُ أَسْقاعٌ. والسَّقْعُ: لُغَةٌ فِي الصَّقْع. وَكُلُّ نَاحِيَةٍ سُقْعٌ وصُقْع، وَالسِّينُ أَحسن. والسُّقْعُ: نَاحِيَةٌ مِنَ الأَرض وَالْبَيْتِ. يُقَالُ: أَخذ القومُ ذَلِكَ السُّقْعَ. والسُّقاعُ: لُغَةٌ فِي الصُّقاعِ. والغُرابُ أَسقَعُ وأَصقَعُ. والأَسْقَعُ: اسْمُ طُوَيْئر كأَنه عُصْفورٌ، فِي رِيشِهِ خُضْرةٌ ورأْسه أَبيض يَكُونُ بِقُرْبِ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ الأَساقِعُ، وإِن أَردت بالأَسْقَعِ نَعْتًا فَالْجَمْعُ السُّقْعُ. والسَّوْقَعةُ مِنَ الْعِمَامَةِ والرِّداء والخِمار: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَلِي الرأْس وَهُوَ أَسرَعُه وسَخاً، بِالسِّينِ أَحسن. قَالَ: ووَقْبةُ الثَّرِيدِ سَوْقَعةٌ بِالسِّينِ أَحسن. وَفِي حَدِيثِ
الأَشجّ الأُمَويِّ: أَنه قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي كَلَامٍ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرٍو: إِنك سَقَعْتَ الْحَاجِبَ وأَوْضَعْتَ الراكبَ
؛ السَّقْعُ والصَّقْعُ: الضرْبُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، أَي أَنك جَبَهته بِالْقَوْلِ وَوَاجَهْتَهُ بِالْمَكْرُوهِ حَتَّى أَدّى عَنْكَ «1» وأَسرَعَ، وَيُرِيدُ بالإِيضاعِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ، أَنك أَذَعْتَ ذِكْرَ هَذَا الْخَبَرِ حَتَّى سَارَتْ بِهِ الرُّكْبانُ.
سقرقع: السُّقُرْقَعُ: شَرَابٌ لأَهل الْحِجَازِ، قَالَ: وَهِيَ حَبَشِيَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، يُتَّخَذُ مِنَ الشَّعِيرِ وَالْحُبُوبِ، وَلَيْسَ فِي الْخُمَاسِيِّ كَلِمَةً عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: السقرقع تعريب السُّكُرْكَهْ، سَاكِنَةُ الرَّاءِ، وَهِيَ خَمْرُ الْحَبَشِ مِنَ الذُّرَةِ.
سكع: سَكَعَ الرجلُ يَسْكَعُ سَكْعاً وتَسَكَّعَ: مشَى مُتَعَسِّفاً. وَمَا أَدْرِي أَين سَكَعَ وأَين تَسَكَّعَ أَي أَين ذَهَب وأَخذ. وتَسَكَّعَ فِي أَمره: لَمْ يَهْتَدِ لوِجْهَتِه؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ:
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَكَّعُوا؟
أَي تَحَيَّرُوا. وَرَجُلٌ سُكَعٌ: مُتَحَيِّرٌ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَقَالَ: هُوَ ضِدُّ الخُتَعِ وَهُوَ الماهِر بِالدَّلَالَةِ. وسَكَع الرجلُ: مِثْلَ صَقَعَ. والتسَكُّع: التّمادِي فِي الْبَاطِلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَدَوِيِّ:
أَلا إِنَّه فِي غَمْرةٍ يَتسَكَّعُ
أَي لَا يُدْرَى أَين يأْخذ مِنْ أَرض اللَّهِ. وَرَجُلٌ نَفِحٌ ونَفِيحٌ وساكعٌ وشَصِيبٌ أَي غَرِيبٌ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ فِي مَسْكَعةٍ مِنْ أَمره وَفِي مُسَكِّعةٍ، وَهِيَ المُضَلِّلةُ المُوَدِّرَةُ التي لا
(1). قوله [حتى أدى عنك] هو لفظ الأصل والنهاية أيضاً وبهامش نسخة منها والمراد صككت وجهه بشدة كلامك وجبهته بقولك، يقال وضع البعير وضعاً ووضوعاً أَسرع في سيره وأوضعه راكبه وأوضع بالراكب جعله موضعاً لراحلته؛ يريد أنك بهرته بالمقابلة حتى ولى عنك ونفر مسرعاً.
يُهْتَدى فِيهَا لِوَجْهِ الأَمر. والمُسَكِّعةُ مِنَ الأَرضين: المُضَلِّلةُ.
سلع: السَّلَعُ: البَرَصُ، والأَسْلَعُ: الأَبْرَصُ؛ قَالَ:
هَلْ تَذْكُرون عَلَى ثَنِيّةِ أَقْرُنٍ
…
أَنَسَ الفَوارِسِ، يومَ يَهْوي الأَسْلَعُ؟
وَكَانَ عمْرو بْنُ عُدَسَ أَسلعَ قَتَلَهُ أَنَسُ الفَوارِس بْنُ زِيَادٍ الْعَبْسِيُّ يَوْمَ ثَنِيّةِ أَقْرُنٍ. والسَّلَعُ: آثَارُ النَّارِ بالجسَد. وَرَجُلٌ أَسْلَعُ: تُصِيبُهُ النَّارُ فَيَحْتَرِقُ فَيَرَى أَثرها فِيهِ. وسَلِعَ جِلْدُه بِالنَّارِ سَلَعاً، وتَسَلَّعَ: تَشَقَّقَ. والسَّلْعُ: الشَّقُّ يَكُونُ فِي الْجِلْدِ، وَجَمْعُهُ سُلُوعٌ. والسَّلْعُ أَيضاً: شَقّ فِي العَقب، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والسَّلْعُ: شَقّ فِي الْجَبَلِ كَهَيْئَةِ الصَّدْعِ، وَجَمْعُهُ أَسْلاعٌ وسُلُوعٌ، وَرَوَاهُ ابن الأَعرابي واللحياني سِلْعٌ، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِسِلْع صَفاً لَمْ يَبْدُ للشمسِ بَدْوةً،
…
إِذا ما رآهُ راكِب
…
أُرْعِدَا «2»
وَقَوْلُهُمْ سُلُوعٌ يَدُلُّ عَلَى أَنه سَلْع. وسَلَعَ رأْسَه يَسْلَعُه سَلْعاً فانْسَلَع: شقَّه. وسَلِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وتَسَلَّعَتْ تَسْلَعُ سَلَعاً مِثْلَ زَلِعَتْ وتَزَلَّعَتْ، وانْسَلَعَتا: تَشَقّقتا؛ قَالَ حكِيمُ بْنَ مُعَيّةَ الرَّبَعي «3» :
تَرَى بِرِجْلَيْه شُقُوقاً فِي كَلَعْ
…
مِنْ بارِئ حِيصَ، ودامٍ مُنْسَلِعْ
ودَلِيلٌ مِسْلَعٌ: يَشُقُّ الْفَلَاةَ؛ قَالَتْ سُعْدَى الجُهَنِيّة تَرْثي أَخاها أَسعد:
سَبَّاقُ عادِيةٍ، ورأْسُ سَرِيَّةٍ،
…
ومُقاتِلٌ بَطَلٌ، وهادٍ مِسْلَعُ
والمَسْلُوعَةُ: الطَّرِيقُ لأَنها مَشْقُوقَةٌ؛ قَالَ مُلَيْحٌ:
وهُنَّ عَلَى مَسْلُوعةٍ زِيَم الحَصَى
…
تُنِيرُ، وتَغْشاها هَمالِيجُ طُلَّحُ
والسَّلْعة، بِالْفَتْحِ: الشَّجّةُ فِي الرأْس كَائِنَةً مَا كَانَتْ. يُقَالُ: فِي رأْسه سَلْعتانِ، وَالْجَمْعُ سَلْعاتٌ وسِلاعٌ، والسَّلَعُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كحَلْقَةٍ وحَلَق، وَرَجُلٌ مَسْلُوعٌ ومُنْسَلِعٌ. وسَلَعَ رأْسَه بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ فَشَقَّهُ. والسِّلْعةُ: مَا تُجِرَ بِهِ، وأَيضاً العَلَقُ، وأَيضاً المَتاعُ، وَجَمْعُهَا السِّلَعُ. والمُسْلِعُ: صاحبُ السِّلْعة. والسِّلْعةُ، بِكَسْرِ السِّينِ: الضَّواةُ، وَهِيَ زِيَادَةٌ تَحْدُثُ فِي الْجَسَدِ مِثْلَ الغُدّة؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ الجَدَرةُ تَخْرُجُ بالرأْس وَسَائِرِ الْجَسَدِ تَمُور بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إِذا حَرَّكْتَهَا، وَقَدْ تَكُونُ لسائِرِ الْبَدَنِ فِي الْعُنُقِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حِمَّصةٍ إِلى بِطِّيخةٍ. وَفِي حَدِيثِ خاتَمِ النُّبُوّة:
فرأَيتُه مِثْلَ السِّلْعة
؛ قَالَ: هِيَ غُدَّةٌ تَظْهَرُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إِذا غُمِزَتْ بِالْيَدِ تَحَرَّكَتْ. وَرَجُلٌ أَسْلَعُ: أَحْدَبُ. وإِنه لَكَرِيمُ السَّلِيعةِ أَي الْخَلِيقَةِ. وَهُمَا سِلْعانِ وسَلْعانِ أَي مِثلان. وأَعطاه أَسلاع إِبله أَي أَشباهَها، واحدُها سِلْع وسَلْع. قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: ذَهَبَتْ إِبلي فَقَالَ رَجُلٌ: لَكَ عِنْدِي أَسلاعُها أَي أَمثالُها فِي أَسنانِها وهيئاتِها. وَهَذَا سِلْع هَذَا أَي مِثْلُهُ وشَرْواهُ. والأَسْلاعُ: الأَشْباه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي لَمْ يَخُصَّ بِهِ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ. والسَّلَعُ:
(2). كذا بياض بالأصل.
(3)
. قوله [حَكِيمَ بْنَ مُعَيَّةَ الرَّبَعِيَّ] كذا بالأصل هنا، وفي شرح القاموس في مادة كلع نسبة البيت إلى عكاشة السعدي.
سَمّ؛ فأَما قَوْلُ ابْنِ «1»
…
:
يَظَلُّ يَسْقِيها السِّمامَ الأَسْلَعا
فإِنه تَوهَّم مِنْهُ فِعْلًا ثُمَّ اشْتَقَّ مِنْهُ صِفَةً ثُمَّ أَفْرَدَ لأَن لَفْظَ السِّمام وَاحِدٌ، وإِن كَانَ جَمْعًا أَو حَمَلَهُ عَلَى السَّمِّ. والسَّلَعُ: نَبَاتٌ، وَقِيلَ شَجَرٌ مُرّ؛ قَالَ بِشْرٌ:
يَسُومُونَ العِلاجَ بذاتِ كَهْفٍ،
…
وَمَا فِيهَا لَهُمْ سَلَعٌ وَقارُ
ومنه المُسَلَّعةُ، كانت الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا تأْخُذُ حطَبَ السَّلَع والعُشَر فِي المَجاعاتِ وقُحُوط القَطْر فَتُوقِرُ ظُهُورَ الْبَقَرِ مِنْهَا، وَقِيلَ: يُعَلِّقون ذَلِكَ فِي أَذنابها ثُمَّ تُلْعج النار فيها يَسْتَمْطِرون بِلَهَبِ النَّارِ الْمُشَبَّهِ بِسَنى الْبَرْقِ، وَقِيلَ: يُضْرِمُون فِيهَا النَّارَ وَهُمْ يُصَعِّدُونها فِي الْجَبَلِ فيُمْطَرون زَعَمُوا؛ قَالَ الوَرَكُ «2» الطَّائِيِّ:
لَا دَرَّ دَرُّ رِجالٍ خابَ سَعْيُهُمُ،
…
يَسْتَمْطِرُون لَدى الأَزْماتِ بالعُشَر
أَجاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعةً
…
ذَرِيعةً لَكَ بَيْنَ اللهِ والمَطَرِ؟
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ السَّلَعُ سَمٌّ كُلُّهُ، وَهُوَ لفْظ قَلِيلٌ فِي الأَرض وَلَهُ وَرَقَةٌ صُفَيْراءُ شَاكَّةٌ كأَنَّ شَوْكَهَا زغَب، وَهُوَ بَقِلَةٌ تنفرش كأَنها راحة الْكَلْبِ، قَالَ: وأَخبرني أَعرابي مِنْ أَهل الشَّراة أَن السَّلَعَ شَجَرٌ مِثْلُ السَّنَعْبُق إِلا أَنه يرتقي حِبالًا خُضْرًا لَا وَرَقَ لَهَا، وَلَكِنْ لَهَا قُضْبان تَلْتَفُّ عَلَى الْغُصُونِ وتَتَشَبَّكُ، وَلَهُ ثَمَرٌ مِثْلُ عَنَاقِيدِ الْعِنَبِ صِغَارٌ، فإِذا أَينع اسوَدَّ فتأْكله القُرود فَقَطْ؛ أَنشد غَيْرَهُ لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
سَلَعٌ مَّا، ومِثْلُه عُشَرٌ مَّا،
…
عائِلٌ مَّا، وعالَتِ البَيْقُورا
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدًا عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَرَبُ مِنَ اسْتِمْطَارِهِمْ بإِضرام النَّارِ فِي أَذناب الْبَقَرِ. وسَلْع: مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
إِنَّ، بالشِّعْبِ الَّذِي دُون سَلْعٍ،
…
لَقَتِيلًا، دَمُه مَا يُطَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للشَّنْفَرى ابْنِ أُخت تأَبط شَرًّا يَرْثِيهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِ الْقَصِيدَةِ:
فاسْقِنِيها يَا سَوادُ بنَ عَمْرٍو،
…
إِنَّ جِسْمِي بَعْدَ خَالِي لَخَلُ
يَعْنِي بِخَالِهِ تأَبط شَرًّا فَثَبَتَ أَنه لِابْنِ أُخته الشَّنْفَرَى. والسَّوْلعُ: الصَّبِرُ المُرّ.
سلفع: السَّلْفَعُ: الشُّجَاعُ الجَرِيءُ الجَسُور، وَقِيلَ: هُوَ السَّلِيطُ. وامرأَة سَلْفَعٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ: سَلِيطةٌ جَرِيئةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الْقَلِيلَةُ اللَّحْمِ السَّرِيعَةُ الْمَشْيِ الرَّصْعاءُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَمَا بَدَلٌ مِنْ أُمِّ عُثْمانَ سَلْفَعٌ،
…
مِنَ السُّودِ، وَرْهاءُ العِنانِ عَرُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرُّهُنَّ السَّلْفَعةُ البَلْقَعةُ
؛ السَّلْفَعةُ: البَذيَّةُ الفَحَّاشةُ القَلِيلةُ الحَياءِ. وَرَجُلٌ سَلْفَعٌ: قَلِيلُ الْحَيَاءِ جَرِيءٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: شَرُّ
(1). هنا بياض بالأصل.
(2)
. قوله [قال الورك] في شرح القاموس: قال وداك.
نسائِكم السَّلْفَعةُ
؛ هِيَ الجَرِيئةُ عَلَى الرِّجَالِ وأَكثر مَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ، وَهُوَ بِلَا هَاءٍ أَكثر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ، قَالَ: لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ.
وَحَدِيثُ
الْمُغِيرَةِ: فَقْماءُ سَلْفَعٌ «1»
؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَيَّارٍ الْأَنَانِيِّ «2» :
أَعارَ عِنْدَ السِّنّ والمَشِيبِ
…
مَا شِئتَ مِنْ شَمَرْدَلٍ نَجِيبِ،
أُعِرْتَه مِن سَلْفَعٍ صَخوبِ
فِي أَعار ضَمِيرٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، يُرِيدُ أَن اللَّهَ قَدْ رَزَقَهُ أَولاداً طِوالًا جِساماً نُجَباءَ مِنِ امرأَة سَلْفَع بَذِيَّةٍ لَا لَحْمَ عَلَى ذِرَاعَيْهَا وَسَاقَيْهَا. وسَلْفَعَ الرجلُ، لُغَةٌ فِي صَلْفَعَ: أَفْلَسَ، وَفِي صَلْفَعَ عِلاوَتَه: ضرَب عُنُقَه. والسَّلْفَعُ مِنَ النُّوقِ: الشَّدِيدَةُ. وسَلْفَعٌ: اسْمُ كَلْبَةٍ؛ قَالَ:
فَلَا تَحْسَبَنِّي شَحْمةً مِنْ وَقِيفَةٍ
…
مُطَرَّدةً مِمَّا تَصِيدُك سَلْفَعُ
سلقع: السَّلْقَعُ: المكانُ الحَزْنُ الْغَلِيظُ، وَيُقَالُ هُوَ إِتباع لِبَلْقَع وَلَا يُفْرَدُ. يُقَالُ: بَلْقَعٌ سَلْقَعٌ وَبِلَادٌ بَلاقِعُ سَلاقِعُ، وَهِيَ الأَرضون القِفار الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا. والسَّلَنْقَعُ: البرْقُ. واسْلَنْقَعَ الحَصى: حَمِيَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فلَمَع، وَيُقَالُ لَهُ حينئذٍ اسْلَنْقَعَ بالبَرِيق. واسْلَنْقَعَ البَرْقُ: استَطارَ فِي الغَيْمِ، وإِنما هِيَ خَطْفة خَفِيَّةٌ لَا تَلْبَث، والسِّلِنْقاعُ خَطْفَتُهُ. وسَلْقَعَ الرجلُ، لُغَةٌ فِي صَلْقَعَ: أَفْلَسَ، وَفِي صَلْقَعَ عِلاوَتَه أَي ضَرَبَ عُنقه. الأَزهري: السِّلِنْقاعُ الْبَرْقُ إِذا لَمَع لَمَعاناً مُتداركاً.
سلمع: سَلَمَّعٌ: مِنْ أَسماء الذئب.
سلنطع: السُّلُنطُوعُ: الجَبل الأَملس. والسَّلَنْطَعُ: المُتَتَعْتِعُ المُتَعَتِّه فِي كَلَامِهِ كَالْمَجْنُونِ.
سمع: السَّمْعُ: حِسُّ الأُذن. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ خَلا لَهُ فَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ؛ وَقَدْ سَمِعَه سَمْعاً وسِمْعاً وسَماعاً وسَماعةً وسَماعِيةً. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ السَّمْعُ الْمَصْدَرُ، والسِّمع: الِاسْمُ. والسَّمْعُ أَيضاً: الأُذن، وَالْجَمْعُ أَسْماعٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّمْعُ سَمْعُ الإِنسان وَغَيْرِهِ، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا؛ وأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
فلمَّا رَدَّ سامِعَه إِليه،
…
وجَلَّى عَنْ عَمايَتِه عَماهُ
فإِنه عَنَى بالسامِع الأُذن وَذَكَّرَ لِمَكَانِ العُضْو، وسَمَّعه الْخَبَرَ وأَسْمعه إِيّاه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا*
؛ أَي مَا تُسمع إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِهَا، وأَراد بالإِسماعِ هَاهُنَا الْقَبُولَ وَالْعَمَلَ بِمَا يَسْمَعُ، لأَنه إِذا لَمْ يَقْبَلُ وَلَمْ يَعْمَلْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. وسَمَّعَه الصَّوْتَ وأَسمَعه: اسْتَمَعَ لَهُ. وتسَمَّع إِليه: أَصْغى، فإِذا أَدْغَمْت قُلْتَ اسَّمَّعَ إِليه، وَقُرِئَ: لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى
. يُقَالُ تَسَمَّعت إِليه وسَمِعْتُ إِليه وسَمِعْتُ لَهُ، كُلُّهُ بِمَعْنًى لأَنه تَعَالَى قَالَ: لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ
،
(1). قوله [فقماء سلفع] هو بهذا الضبط هنا بشكل القلم في نسخة النهاية التي بأَيدينا، وفيها في مادة فقم ضبطه بالجر.
(2)
. قوله الأناني هكذا في الأَصل المعول عليه بدون نقط الحرف الذي بعد اللام ألف.
وقرئ:
لا يَسْمَعُون إِلى الملإِ الأَعلى
، مُخَفَّفًا. والمِسْمَعةُ والمِسْمَعُ والمَسْمَعُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جَبَلَةَ: الأُذن، وَقِيلَ: المَسْمَعُ خَرْقُها الَّذِي يُسْمَعُ بِهِ ومَدْخَلُ الْكَلَامِ فِيهَا. يُقَالُ: فُلَانٌ عَظِيمُ المِسْمَعَيْن والسامِعَتَيْنِ. والسامِعتانِ: الأُذنان مِنْ كُلِّ شَيْءِ ذِي سَمْعٍ. والسامِعةُ: الأُذن؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ أُذن نَاقَتِهِ:
مُؤَلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا،
…
كَسامِعَتَيْ شاةٍ بحَومَلَ مُفْرَدِ
وَيُرْوَى: وسامِعتانِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: ملأَ اللهُ مَسامِعَه
؛ هِيَ جَمْعُ مِسْمع وَهُوَ آلةُ السَّمع أَو جَمْعُ سَمْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كمَشابِهَ ومَلامِحَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي جَهْلٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وإِنه حَنِقَ عَلَيْكُمْ نَفَيْتُموه نَفْي القُراد عَنِ المَسامِع
، يَعْنِي عَنِ الْآذَانِ، أَي أَخرجتموه مِنْ مَكَّةَ إِخراج استِئْصالٍ لأَن أَخذ الْقُرَادِ عَنِ الدَّابَّةِ قلعُه بِالْكُلِّيَّةِ، والأُذن أَخَفُّ الأَعضاء شعَراً بَلْ أَكثرها لَا شعَر عَلَيْهِ «1» ، فَيَكُونُ النَّزْعُ مِنْهَا أَبلغ. وَقَالُوا: هُوَ مِنِّي مَرأًى ومَسْمَعٌ، يرفع وَيُنْصَبُ، وَهُوَ مِني بمَرأًى ومَسْمَعٍ. وَقَالُوا: ذَلِكَ سَمْعَ أُذُني وسِمْعَها وسَماعَها وسَماعَتَها أَي إِسْماعَها؛ قَالَ:
سَماعَ اللهِ والعُلَماءِ أَنِّي
…
أَعُوذُ بخَيْرِ خالِك، يَا ابنَ عَمْرِو
أَوقَعَ الِاسْمَ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ كأَنه قَالَ إِسماعاً كَمَا قَالَ:
وبَعْدَ عَطائِك المائةَ الرِّتاعا
أَي إِعطائِك. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن شِئْتَ قُلْتَ سَمْعاً، قَالَ ذَلِكَ إِذا لَمْ تَخْتَصِصْ نفْسَك. وَقَالَ اللحْيَانِيُّ: سَمْعُ أُذني فُلَانًا يَقُولُ ذَلِكَ، وسِمْعُ أُذني وسَمْعةُ أُذني فَرَفَعَ فِي كُلِّ ذَلِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَخذت ذَلِكَ عَنْهُ سَماعاً وسَمْعاً، جاؤوا بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، وَهَذَا عِنْدَهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، وتَسامَعَ بِهِ النَّاسُ. وَقَوْلُهُمْ: سَمْعَكَ إِليَّ أَي اسْمَعْ مِني، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: سَماعِ أَي اسْمَعْ مِثْلُ دَراكِ ومَناعِ بِمَعْنَى أَدْرِكْ وامْنَعْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فسَماعِ أَسْتاهَ الكِلابِ سَماعِ
قَالَ: وَقَدْ تأْتي سَمِعْتُ بِمَعْنَى أَجَبْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه أَي أَجاب حَمْده وَتَقَبَّلَهُ. يُقَالُ: اسْمَعْ دُعائي أَي أَجِبْ لأَن غَرَضَ السَّائِلِ الإِجابةُ والقَبُولُ؛ وَعَلَيْهِ مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ:
دَعَوْتُ اللهَ، حَتَّى خِفْتُ أَن لَا
…
يكونَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أَقولُ
وَقَوْلُهُ: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
أَي مَا أَبْصَرَه وَمَا أَسْمَعَه عَلَى التَّعَجُّبِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنْ دُعاء لَا يُسْمعُ
أَي لَا يُستجاب وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فكأَنه غَيْرُ مَسْموع؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَمِعَ سامِعٌ بحمدِ اللهِ وحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا
أَي لِيَسْمَعِ السامِعُ ولِيَشْهَدِ الشاهِدُ حَمْدَنا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَحسَن إِلينا وأَوْلانا مِنْ نِعَمِهِ، وحُسْنُ الْبَلَاءِ النِّعْمةُ والاخْتِبارُ بِالْخَيْرِ لِيَتَبَيَّنَ الشُّكْرُ، وَبِالشَّرِّ لِيَظْهَرَ الصَّبْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَبْسة قَالَ لَهُ: أَيُّ الساعاتِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ الليلِ الآخِرُ
أَي أَوْفَقُ لِاسْتِمَاعِ الدُّعَاءِ فِيهِ وأَوْلى بِالِاسْتِجَابَةِ وَهُوَ مِنْ بَابِ نهارُه صَائِمٌ وَلَيْلُهُ قَائِمٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الضَّحَّاكِ: لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الإِسلام قَالَ: فسمعتُ مِنْهُ كَلَامًا لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ قَوْلًا أَسْمَعَ مِنْهُ
؛ يُرِيدُ أَبْلَغَ وأَنْجَعَ فِي الْقَلْبِ. وَقَالُوا: سَمْعاً وَطَاعَةً، فَنَصَبُوهُ عَلَى إِضْمار الْفِعْلِ غَيْرِ
(1). أعاد الضمير في عليه إِلى العضو، واحد الأَعضاء، لا إِلى الأذن، فلذلك ذكّره.
الْمُسْتَعْمَلِ إِظهاره، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُهُ أَي أَمري ذَلِكَ وَالَّذِي يُرْفَعُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ إِظهاره كَمَا أَنّ الَّذِي يُنْصَبُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ سَمِيعٌ: سامِعٌ، وعَدَّوْه فَقَالُوا: هُوَ سَمِيعٌ قوْلَكَ وقَوْلَ غيرِك. وَالسَّمِيعُ: مِنْ صِفَاتِهِ عز وجل، وأَسمائه لَا يَعْزُبُ عَنْ إِدْراكِه مَسْمُوعٌ، وإِن خَفِيَ، فَهُوَ يَسْمَعُ بِغَيْرِ جَارِحَةٍ. وفَعِيلٌ: مِنْ أَبْنِيةِ المُبالغة. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً
، وَهُوَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُه كُلَّ شَيْءٍ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها
، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى
؛ قَالَ الأَزهري: وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْمٍ فسَّروا السميعَ بِمَعْنَى المُسْمِع فِراراً مِنْ وَصْفِ اللهِ بأَن لَهُ سَمْعاً، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ الْفِعْلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ كِتَابِهِ، فَهُوَ سَمِيعٌ ذُو سَمْعٍ بِلَا تَكيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ بِالسَّمْعِ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا سَمْعُه كسَمْعِ خَلْقِهِ، وَنَحْنُ نَصِفُ اللهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِلَا تَحْدِيدٍ وَلَا تَكْيِيفٍ، قَالَ: وَلَسْتُ أُنكر فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يَكُونَ السَّمِيعُ سامِعاً وَيَكُونُ مُسْمِعاً؛ وَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
أَمِنْ رَيْحانةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
…
يُؤَرِّقُني، وأَصحابي هُجُوعُ؟
فَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِمَعْنَى المُسْمِعِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَالظَّاهِرُ الأَكثر مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يَكُونَ السميعُ بِمَعْنَى السامِعِ مِثْلَ علِيمٍ وعالِم وقدِير وقادِرٍ. ومُنادٍ سَمِيعٌ: مُسْمِعٌ كَخَبِيرٍ ومُخْبر؛ وأُذن سَمْعةٌ وسَمَعَةٌ وسَمِعةٌ وسَمِيعةٌ وسامِعةٌ وسَمّاعةٌ وسَمُوعةٌ. والسَّمِيع: المَسْمُوعُ أَيضاً. والسَّمْعُ: مَا وَقَر فِي الأُذن مِنْ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ. وَيُقَالُ: ساءَ سَمْعاً فأَساءَ إِجابةً أَي لَمْ يَسْمَعْ حسَناً. وَرَجُلٌ سَمّاعٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الِاسْتِمَاعِ لِمَا يُقال ويُنْطَقُ بِهِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ*
، فُسّر قَوْلُهُ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ*
عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَنهم يَسْمَعُونَ لِكَيْ يُكَذِّبُوا فِيمَا سَمِعُوا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنهم يَسْمَعُونَ الْكَذِبَ لِيُشِيعُوهُ فِي النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَقَوْلُهُ عز وجل: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
، فَمَعْنَى خَتَمَ طَبَع عَلَى قُلُوبِهِمْ بِكُفْرِهِمْ وَهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ وَيُبْصِرُونَ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا هَذِهِ الْحَوَاسَّ اسْتِعْمَالًا يُجْدِي عَلَيْهِمْ فَصَارُوا كَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَمْ يُبْصِرْ وَلَمْ يَعْقِلْ كَمَا قَالُوا:
أَصَمّ عَمّا ساءَه سَمِيع
وَقَوْلُهُ عَلَى سَمْعِهم فَالْمُرَادُ مِنْهُ عَلَى أَسماعهم، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن السَّمْعَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ يُوَحَّدُ وَيُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ لأَن الْمَصَادِرَ لَا تُجْمَعُ، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى مَوَاضِعِ سَمْعِهِمْ فَحُذِفَتِ الْمَوَاضِعُ كَمَا تَقُولُ هُمْ عَدْل أَي ذَوُو عَدْلٍ، وَالثَّالِثُ أَن تَكُونَ إِضافته السَّمْعَ إِليهم دَالًا عَلَى أَسماعِهم كَمَا قَالَ:
فِي حَلْقِكُم عَظْمٌ وَقَدْ شَجِينا
مَعْنَاهُ فِي حُلوقكم، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَجَمْعُ الأَسْماعِ أَسامِيعُ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَيُقَالُ لِجَمِيعِ خُرُوقِ الإِنسان عَيْنَيْهِ ومَنْخِرَيْهِ واسْتِه مَسامِعُ لَا يُفْرَدُ وَاحِدُهَا. قَالَ الليْثُ: يُقَالُ سَمِعَتْ أُذُني زَيْدًا يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا أَي أَبْصَرْتُه بِعَيْنِي يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مِنْ أَين جَاءَ اللَّيْثُ بِهَذَا الْحَرْفِ وَلَيْسَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ سَمِعَتْ أُذُني بِمَعْنَى أَبْصَرَتْ عَيْنِي، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي كَلَامٌ فَاسِدٌ وَلَا
آمَنُ أَن يَكُونَ ولَّدَه أَهل البِدَع والأَهواء. والسِّمْعُ والسَّمْعُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، والسَّماعُ، كُلُّهُ: الذِّكْرُ المَسْمُوعُ الحسَن الجميلُ؛ قَالَ:
أَلا يَا أُمَّ فارِعَ لَا تَلُومِي
…
عَلَى شيءٍ رَفَعْتُ بِهِ سَماعي
وَيُقَالُ: ذَهَبَ سمْعُه فِي النَّاسِ وصِيتُه أَي ذِكْرُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا أَمر ذُو سِمْع وَذُو سَماع إِمّا حسَنٌ وإِمَّا قَبِيحٌ. وَيُقَالُ: سَمَّعَ بِهِ إِذا رَفَعَه مِنَ الخُمول ونَشَرَ ذِكْرَه. والسَّماعُ: مَا سَمَّعْتَ بِهِ فَشَاعَ وتُكُلِّمَ بِهِ. وكلُّ مَا الْتَذَّتْهُ الأُذن مِنْ صَوْتٍ حَسَنٍ سَمَاعٌ. والسَّماعُ: الغِناءُ. والمُسْمِعةُ: المُغَنِّيةُ. وَمِنْ أَسماء القيدِ المُسْمِعُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ومُسْمِعَتانِ وزَمَّارةٌ،
…
وظِلٌّ مَدِيدٌ، وحِصْنٌ أَنِيق
فَسَّرَهُ فَقَالَ: المُسْمِعَتانِ القَيْدانِ كأَنهما يُغَنِّيانه، وأَنث لأَنّ أَكثر ذَلِكَ للمرأَة. والزَّمّارةُ: السّاجُور.
وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلى عَامِلٍ لَهُ أَن ابْعَثْ إِليّ فُلَانًا مُسَمَّعاً مُزَمَّراً
أَي مُقَيَّداً مُسَوْجَراً، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ. وفَعَلْتُ ذلك تَسْمِعَتَك وتَسْمِعةً لَكَ أَي لِتَسْمَعَه؛ وَمَا فعَلْت ذَلِكَ رِياءً وَلَا سَمْعةً ولا سُمْعةً. وسَمَّعَ بِهِ: أَسمَعَه القبيحَ وشَتَمَه. وتَسامَعَ بِهِ الناسُ وأَسمَعَه الحديثَ وأَسمَعَه أَي شتَمه. وسَمَّعَ بِالرَّجُلِ: أَذاعَ عَنْهُ عَيْباً ونَدَّدَ بِهِ وشَهَّرَه وفضَحَه، وأَسمَعَ الناسَ إِياه. قَالَ الأَزهري: وَمِنَ التَّسْمِيعِ بِمَعْنَى الشَّتْمِ وإِسماع الْقَبِيحِ قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم:
مَنْ سَمَّعَ بِعَبْدٍ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ.
أَبو زَيْدٍ: شَتَّرْتُ بِهِ تَشْتِيراً، ونَدَّدْتُ بِهِ، وسَمَّعْتُ بِهِ، وهَجَّلْتُ بِهِ إِذا أَسْمَعْتَه القبيحَ وشَتَمْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَمَّعَ الناسَ بعَمَلِه سَمَّعَ اللهُ بِهِ سامِعُ خَلْقِه وحَقَّرَه وصَغَّرَه
، وَرُوِيَ:
أَسامِعَ خَلْقِه
، فَسامِعُ خَلْقه بَدَلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَكُونُ صِفَةً لأَنَّ فِعْله كلَّه حالٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَنْ رَوَاهُ سامِعُ خَلْقِهِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ، أَراد سَمَّعَ اللهُ سامِعُ خَلْقِهِ بِهِ أَي فضَحَه، وَمَنْ رَوَاهُ أَسامِعَ خَلْقِه، بِالنَّصْبِ، كَسَّرَ سَمْعاً عَلَى أَسْمُع ثُمَّ كسَّر أَسْمُعاً عَلَى أَسامِعَ، وَذَلِكَ أَنه جَعَلَ السَّمْعَ اسْمًا لَا مَصْدَرًا وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا لَمْ يَجْمَعْهُ، يُرِيدُ أَن اللَّهَ يُسْمِع أَسامِعَ خَلْقِهِ بِهَذَا الرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: أَراد مَنْ سَمَّع الناسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعه اللَّهُ وأَراه ثَوَابَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعْطِيَهُ، وَقِيلَ: مَنْ أَراد بِعَمَلِهِ النَّاسَ أَسمعه اللَّهُ النَّاسَ وَكَانَ ذَلِكَ ثَوَابُهُ، وَقِيلَ: مَنْ أَراد أَن يَفْعَلَ فِعْلًا صَالِحًا فِي السِّرِّ ثُمَّ يُظْهِرَهُ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ وَيُحْمَدَ عَلَيْهِ فإِن اللَّهَ يُسْمِعُ بِهِ وَيُظْهِرُ إِلى النَّاسِ غَرَضَه وأَن عَمَلَهُ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا، وَقِيلَ: يُرِيدُ مَنْ نَسَبَ إِلى نَفْسِهِ عَمَلًا صَالِحًا لَمْ يَفْعَلْهُ وَادَّعَى خَيْرًا لَمْ يَصْنَعْهُ فإِن اللَّهَ يَفْضَحُه وَيُظْهِرُ كَذِبَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنما فَعَله سُمْعةً وَرِيَاءً
أَي لِيَسْمَعَه الناسُ ويَرَوْه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قِيلَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ لِمَ لَا تُكَلِّمُ عُثْمَانَ؟ قَالَ: أَتُرَوْنَني أُكَلِّمُه سَمْعكُم
أَي بِحَيْثُ تَسْمَعُونَ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ جُنْدُبٍ البَجَلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ مَنْ سَمَّعَ يُسَمِّعُ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرائي يُرائي اللهُ بِهِ.
وسَمِّع بِفُلَانٍ أَي ائْتِ إِليه أَمراً يُسْمَعُ بِهِ ونوِّه بِذِكْرِهِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وسَمَّعَ بِفُلَانٍ فِي النَّاسِ: نَوَّه بِذِكْرِهِ. والسُّمْعةُ: مَا سُمِّعَ بِهِ مِنْ
طَعَامٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ رِياء ليُسْمَعَ ويُرى، وَتَقُولُ: فَعَلَهُ رِياءً وَسُمْعَةً أَي لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُوا بِهِ. والتسْمِيعُ: التشْنِيعُ. وامرأَة سُمْعُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ وسِمْعَنَةٌ، بِالتَّخْفِيفِ؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ، أَي مُسْتَمِعةٌ سَمّاعةٌ؛ قَالَ:
إِنَّ لَكُمْ لَكَنّهْ
…
مِعَنّةً مِفَنّهْ
سِمْعَنّةً نِظْرَنّهْ
…
كالرِّيحِ حَوْلَ القُنّهْ
إِلَّا تَرَهْ تَظَنّهْ
وَيُرْوَى:
كَالذِّئْبِ وسْطَ العُنّهْ
والمِعَنّةُ: المعترضةُ. والمِفَنَّةُ: الَّتِي تأْتي بفُنُونٍ مِنَ الْعَجَائِبِ، وَيُرْوَى: سُمْعُنَّةً نُظْرُنَّةً، بِالضَّمِّ، وَهِيَ الَّتِي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَبَصَّرَت فَلَمْ ترَ شَيْئًا تَظَنَّتْه تَظَنِّياً أَي عَمِلَتْ بِالظَّنِّ، وَكَانَ الأَخفش يَكْسِرُ أَولهما وَيَفْتَحُ ثَالِثَهُمَا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيِّ: سُمْعُنّةٌ نُظْرُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّةٌ أَي جَيِّدَةُ السَّمْعِ وَالنَّظَرِ. وَقَوْلُهُ: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
، أَي مَا أَسْمَعَه وَمَا أَبصَرَه عَلَى التَّعَجُّبِ. وَرَجُلٌ سِمْعٌ يُسْمَعُ. وَفِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ سِمْعاً لَا بِلْغاً، وسَمْعاً لَا بَلْغاً، وسِمْعٌ لَا بِلْغٌ، وسَمْعٌ لَا بَلْغ، مَعْنَاهُ يُسْمَعُ وَلَا يَبْلُغُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُسْمَعُ وَلَا يحتاجُ أَن يُبَلَّغَ، وَقِيلَ: يُسْمَعُ بِهِ وَلَا يَتِمُّ. الْكِسَائِيُّ: إِذا سَمِعَ الرَّجُلُ الْخَبَرَ لَا يُعْجِبُهُ قَالَ: سِمْعٌ وَلَا بِلْغ، وسَمْع لَا بَلْغ أَي أَسمع بِالدَّوَاهِي وَلَا تَبْلُغْنِي. وسَمْعُ الأَرضِ وبَصَرُها: طُولُها وعَرْضها؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا وَجْهَ لَهُ إِنما مَعْنَاهُ الخَلاء. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَلقى نَفْسَهُ بَيْنَ سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها إِذا غَرَّرَ بِهَا وأَلقاها حَيْثُ لَا يُدْرى أَين هُوَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: أَن أُختها قَالَتْ: الوَيْلُ لأُختي لَا تُخْبِرْها بِكَذَا فتخرجَ بَيْنَ سَمْعِ الأَرض وَبَصَرِهَا
، وَفِي النِّهَايَةِ:
لَا تُخبِرْ أُخْتي فتَتَّبِعَ أَخا بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بَيْنَ سَمْعِ الأَرض وَبَصَرِهَا.
يُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ بَيْنَ سَمْعِ الأَرض وَبَصَرِهَا إِذا لَمْ يَدْرِ أَين يَتَوَجَّهُ لأَنه لَا يَقَعُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: أَرادت بَيْنَ سَمْعِ أَهل الأَرض وَبَصَرِهِمْ فَحَذَفْتُ الأَهل كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، أَي أَهلها. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وأَلقاها حَيْثُ لَا يُدْرى أَين هُوَ: أَلقى نَفْسَهُ بَيْنَ سَمْعِ الأَرض وَبَصَرِهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ
تَخْرُجُ أُختي مَعَهُ بَيْنَ سَمْعِ الأَرض وَبَصَرِهَا
، أَن الرَّجُلَ يَخْلُو بِهَا ليس معها أَحد يَسْمَعُ كَلَامَهَا وَيُبْصِرُهَا إِلا الأَرضُ القَفْرُ، لَيْسَ أَن الأَرض لَهَا سَمْع، وَلَكِنَّهَا وكَّدت الشَّناعة فِي خَلْوتِها بِالرَّجُلِ الَّذِي صَحِبها؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ تَمْثِيلٌ أَي لَا يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا ولا يبصرهما إِلا الأَرض تَعْنِي أُختها، والبكْريّ الَّذِي تَصْحَبُه. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لَقِيتُهُ بَيْنَ سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها أَي بأَرض مَا بِهَا أَحد. وسَمِعَ لَهُ: أَطاعه. وَفِي الْخَبَرِ:
أَن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ: ولِيَكُم عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ فَظًّا غَلِيظاً مُضَيِّقاً عَلَيْكُمْ فَسَمِعْتُمْ لَهُ.
والمِسمَع: مَوْضِعُ العُروة مِنَ المَزادة، وَقِيلَ: هُوَ مَا جَاوَزَ خَرْتَ العُروة، وَقِيلَ: المِسْمَعُ عُروة فِي وسَط الدَّلْوِ والمَزادةِ والإِداوةِ، يُجْعَلُ فِيهَا حَبْلٌ لِتَعْتَدِلَ الدَّلْوُ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوفى:
نُعَدِّلُ ذَا المَيْلِ إِنْ رامَنا،
…
كَمَا عُدِّلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ
وأَسمَعَ الدلوَ: جُعِلَ لَهَا عُرْوَةً فِي أَسفلها مِنْ بَاطِنٍ ثُمَّ
شُدَّ حَبْلًا إِلى العَرْقُوةِ لِتَخِفَّ عَلَى حَامِلِهَا، وَقِيلَ: المِسْمَعُ عُروة فِي دَاخِلِ الدَّلْوِ بإِزائها عُرْوَةٌ أُخرى، فإِذا اسْتَثْقَلَ الشَّيْخُ أَو الصَّبِيُّ أَن يَسْتَقِيَ بِهَا جَمَعُوا بَيْنَ الْعُرْوَتَيْنِ وَشَدُّوهُمَا لتخِفّ ويَقِلَّ أَخذها لِلْمَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَسْمَعْتُ الدَّلْوَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَحْمَر غَضْب لَا يُبَالِي مَا اسْتَقَى،
…
لَا يُسْمِعُ الدَّلْو، إِذا الوِرْدُ التَقَى
وَقَالَ:
سأَلْت عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفّا،
…
والدَّلْوُ قَدْ تُسْمَعُ كَيْ تَخِفّا
يَقُولُ: سأَله بَكْرًا مِنَ الإِبل فَلَمْ يُعْطِهِ فسأَله خُفًّا أَي جَمَلًا مُسِنًّا. والمِسْمَعانِ: جَانِبَا الغَرْب. والمِسمَعانِ: الخَشَبتانِ اللَّتَانِ تُدْخَلانِ فِي عُرْوَتي الزَّبِيلِ إِذا أُخرج بِهِ التُّرَابُ مِنَ الْبِئْرِ، وَقَدْ أَسْمَعَ الزَّبِيلَ. قَالَ الأَزهريّ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنْزِعَانِ المِشْآة مِنَ الْبِئْرِ بِتُرَابِهَا عِنْدَ احْتِفَارِهَا: أَسْمِعا المِشآة أَي أَبيناها عَنْ جُول الرَّكِيَّةِ وَفَمِهَا. قَالَ اللَّيْثُ: السَّمِيعانِ مِنْ أَدَواتِ الحَرَّاثين عُودانِ طوِيلانِ فِي المِقْرَنِ الَّذِي يُقْرَنُ بِهِ الثَّوْرُ أَي لِحِرَاثَةِ الأَرض. والمِسْمَعانِ: جَوْرَبانِ يَتَجَوْرَبُ بِهِمَا الصائدُ إِذا طَلَبَ الظِّبَاءَ فِي الظَّهِيرَةِ. والسِّمْعُ: سَبُع مُرَكَّبٌ، وَهُوَ ولَد الذِّئب مِنَ الضَّبُع. وَفِي الْمَثَلِ: أَسمَعُ مِنَ السِّمْعِ الأَزَلِّ، وَرُبَّمَا قَالُوا: أَسمَعُ مِنْ سِمْع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَراهُ حَدِيدَ الطَّرْفِ أَبْلَجَ واضِحاً،
…
أَغَرَّ طَوِيلَ الباعِ، أَسْمَعَ مِنْ سِمْعِ
والسَّمَعْمَعُ: الصَّغِيرُ الرأْس والجُثَّةِ الداهيةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ فِيهِ وَرَلًا سَمَعْمَعا
وَقِيلَ: هُوَ الخفيفُ اللحمِ السريعُ العملِ الخبيثُ اللَّبِقُ، طَالَ أَو قَصُر، وَقِيلَ: هُوَ المُنْكَمِشُ الْمَاضِي، وَهُوَ فَعَلْعَلٌ. وغُول سَمَعْمَعٌ وَشَيْطَانٌ سَمَعْمَعٌ لخُبْثِه؛ قَالَ:
ويْلٌ لأَجْمالِ العَجُوزِ مِنِّي،
…
إِذا دَنَوْتُ أَو دَنَوْنَ منِّي،
كأَنَّني سَمَعْمَعٌ مِن جِنِ
لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِهِ سَمَعْمَعٍ حَتَّى قَالَ مِنْ جِنٍّ لأَن سَمَعْمَعَ الْجِنِّ أَنْكَرُ وأَخبث مِنْ سَمَعْمَعِ الإِنس؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا يَكُونُ رويُّه إِلا النُّونَ، أَلا تَرَى أَن فِيهِ مِنْ جِنّ وَالنُّونُ فِي الْجِنِّ لَا تَكُونُ إِلا رَوِيًّا لأَن الْيَاءَ بَعْدَهَا للإِطلاق لَا مَحَالَةَ؟ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ:
سَمَعْمَعٌ كأَنَّني مِنْ جِنِ
أَي سَرِيعٌ خَفِيفٌ، وَهُوَ فِي وَصْفِ الذِّئْبِ أَشهر. وامرأَة سَمَعْمَعةٌ: كأَنها غُولٌ أَو ذِئْبَةٌ؛ حَدَّثَ
عَوَانَةُ أَن الْمُغِيرَةَ سأَل ابْنُ لِسَانِ الْحُمَّرَةِ عَنِ النِّسَاءِ فَقَالَ: النِّسَاءُ أَرْبَع: فَرَبِيعٌ مَرْبَع، وجَمِيعٌ تَجْمَع، وشيطانٌ سَمَعْمَع، وَيُرْوَى: سُمَّع، وغُلٌّ لَا يُخْلَع، فَقَالَ: فَسِّرْ، قَالَ: الرَّبِيعُ المَرْبَع الشابّةُ الْجَمِيلَةُ الَّتِي إِذا نَظَرْتَ إِليها سَرَّتْك وإِذا أَقسَمْتَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْك، وأَما الْجَمِيعُ الَّتِي تَجْمَعُ فالمرأَة تَتَزَوَّجَهَا وَلَكَ نَشَب وَلَهَا نشَب فَتَجْمَعُ ذَلِكَ، وأَما الشَّيْطَانُ السَّمَعْمَعُ فَهِيَ الْكَالِحَةُ فِي وَجْهِكَ إِذا دَخَلْتَ المُوَلْوِلَةُ فِي إِثْرك إِذا خَرَجْتَ.
وامرأَة سَمَعْمَعةٌ: كأَنها غُول. والشيطانُ الخَبِيث يُقَالُ لَهُ السَّمَعْمَعُ،
قَالَ: وأَما الغُلُّ الَّذِي لَا يُخْلَعُ فَبِنْتُ عَمِّكَ الْقَصِيرَةُ الفَوْهاء الدَّمِيمةُ السَّوْدَاءُ الَّتِي نَثَرَتْ لَكَ ذَا بَطْنِهَا، فإِن طَلَّقْتَهَا ضَاعَ وَلَدُكَ، وإِن أَمْسَكْتها أَمسَكْتَها عَلَى مِثْلِ جَدْعِ أَنفك.
والرأْس السَّمَعْمَعُ: الصَّغِيرُ الْخَفِيفُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غُولٌ سُمَّعٌ خفيفُ الرأْس؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فَلَيْسَتْ بِإِنسانٍ فَيَنْفَعَ عَقْلُه،
…
ولكِنَّها غُولٌ مِن الجِنِّ سُمَّعُ
وَفِي حَدِيثِ
سُفْيَانَ بْنِ نُبَيح الْهُذَلِيِّ: ورأْسُه متَمرِّقُ الشَّعْرِ سَمَعْمَعٌ
أَي لطيف الرأْس. والسَّمَعْمَعُ والسَّمْسامُ مِنَ الرِّجَالِ: الطَّوِيلُ الدقيقُ، وامرأَة سَمَعْمَعةٌ وسَمْسامةٌ. ومِسْمَعٌ: أَبو قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهُمُ المَسامِعةُ، دَخَلَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِلنَّسَبِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المَسامِعةُ مِنْ تَيْمِ اللَّاتِ. وسُمَيْعٌ وسَماعةُ وسِمْعانُ: أَسماء. وسِمْعانُ: اسْمُ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَكْتُمُ إِيمانَه، وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ حَبِيبًا. والمِسْمَعانِ: عَامِرٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَا مَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ؛ هَذَا قَوْلُ الأَصمعي؛ وأَنشد:
ثَأَرْتُ المِسْمَعَيْنِ وقُلْتُ: بُوآ
…
بِقَتْلِ أَخِي فَزارةَ والخبارِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُمَا مَالِكٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنا مِسْمَع بْنِ سُفْيَانَ بْنِ شِهَابٍ الْحِجَازِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: هُمَا مَالِكٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَا مَسْمَعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَسْمَعِ بْنِ سِنان بْنِ شِهَابٍ. ودَيْرُ سَمْعانَ: موضع.
سمدع: السَّمَيْدَعُ: بِالْفَتْحِ: الْكَرِيمُ السَّيِّدُ الْجَمِيلُ الْجَسِيمُ المُوَطَّأُ الأَكناف، والأَكنافُ النَّوَاحِي، وَقِيلَ: هُوَ الشُّجاعُ، وَلَا تَقُلِ السُّمَيْدَعُ، بِضَمِّ السِّينِ. وَالذِّئْبُ يُقَالُ لَهُ سَميْدَعٌ لِسُرْعَتِهِ، وَالرَّجُلُ السريعُ فِي حَوَائِجِهِ سَمَيْدَعٌ.
سمقع: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّمَيْقَعُ الصَّغِيرُ الرأْس، وَبِهِ سُمِّيَ السَّمَيْقعُ الْيَمَانِيُّ وَالِدُ محمد أَحد القراء.
سملع: الهَمَلَّعُ والسَّمَلَّعُ: الذِّئْبُ الخفيف.
سنع: السِّنْعُ: السُّلامَى الَّتِي تَصِلُ مَا بَيْنَ الأَصابع والرُّسْغِ فِي جَوْفِ الْكَفِّ، وَالْجُمَعُ أَسناعٌ وسِنَعةٌ. وأَسْنَعَ الرَّجُلُ: اشْتَكَى سِنْعه أَي سِنْطَه، وَهُوَ الرُّسْغُ. ابْنُ الأَعرابي: السِّنْعُ الحَزُّ الَّذِي فِي مَفْصِل الْكَفِّ وَالذِّرَاعِ. والسَّنَعُ: الجَمال. والسَّنيعُ: الحسَنُ الجميلُ. وامرأَة سَنِيعةٌ: جَمِيلَةٌ لَيِّنَةُ المَفاصِل لطيفةُ الْعِظَامِ فِي جَمَالٍ، وَقَدْ سَنُعا سَناعةً. وسُنَيْعٌ الطُّهَوِيّ: أَحد الرِّجَالِ الْمَشْهُورِينَ بِالْجَمَالِ الَّذِينَ كَانُوا إِذا وَرَدُوا المَواسِمَ أَمرتهم قُرَيْشٌ أَن يَتَلَثَّموا مَخافةَ فِتْنَةِ النِّسَاءِ بِهِمْ. وَنَاقَةٌ سانِعةٌ: حَسَنَةٌ. وَقَالُوا: الإِبل ثَلَاثٌ: سانعة ووَسُوطٌ وحُرْضان؛ السانِعةُ: مَا قَدْ تَقَدَّمَ، والوَسُوطُ: المتوسطةُ، والحُرْضان: الساقِطةُ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى النُّهوض. وقال شَمِرٌ: أَهدَى أَعرابي نَاقَةً لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقَالَ: لمَ لَا تَقْبَلُهَا وَهِيَ حَلْبانةٌ رَكْبانةٌ مِسْناعٌ مِرْباعٌ؟ المِسْناعُ: الحَسنةُ الخلْق، والمِرْباعُ: الَّتِي تُبَكِّر فِي اللِّقاح؛ وَرَوَاهُ الأَصمعي: مِسْياعٌ مِرْياعٌ. وشَرَفٌ أَسْنَعُ: مُرْتَفِعٌ عَالٍ. والسَّنِيعُ والأَسْنَعُ: الطَّوِيلُ، والأُنثى سَنْعاءُ، وَقَدْ سَنُعَ سَنَاعَةً وسَنَعَ سُنُوعاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَنتَ ابنُ كلِّ مُنْتَضًى قَريعِ،
…
تَمَّ تَمام البَدْرِ فِي سَنِيعِ
أَي فِي سَناعةٍ، أَقام الِاسْمَ مُقامَ الْمَصْدَرِ. ومَهْرٌ سَنِيعٌ: كَثِيرٌ، وَقَدْ أَسْنَعَه إِذا كَثَّره؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والسَّنائِعُ، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: الطُّرُقُ فِي الْجِبَالِ، وَاحِدَتُهَا سَنِيعةٌ.
سوع: السَّاعَةُ: جُزْءٌ مِنْ أَجزاء اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْجَمْعُ ساعاتٌ وساعٌ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وكُنّا كالحَرِيقِ لَدَى كِفاح،
…
فَيَخْبُو سَاعَةً ويَهُبُّ ساعَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَيْتِ:
وَكُنَّا كالحَريقِ أَصابَ غَابًا
وَتَصْغِيرُهُ سُوَيْعَةٌ. وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَعًا أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَةً، وإِذا اعْتَدَلَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، وَجَاءَنَا بَعْدَ سَوْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَبَعْدَ سُواع أَي بَعْدَ هَدْءٍ مِنْهُ أَو بَعْدَ سَاعَةٍ. والساعةُ: الْوَقْتُ الْحَاضِرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ
؛ يَعْنِي بِالسَّاعَةِ الْوَقْتَ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ فَلِذَلِكَ تُرِكَ أَن يُعَرَّف أَيُّ ساعةٍ هِيَ، فإِن سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ سَاعَةً فعَلى هَذَا، وَالسَّاعَةُ: الْقِيَامَةُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: السَّاعَةُ اسْمٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي تَصْعَقُ فِيهِ العِبادُ والوقتِ الَّذِي يُبْعَثُونَ فِيهِ وَتَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ، سُمِّيَتِ سَاعَةً لأَنها تَفْجَأُ النَّاسَ فِي سَاعَةٍ فَيَمُوتُ الْخُلُقُ كُلُّهُمْ عِنْدَ الصَّيْحَةِ الأُولى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهِ عز وجل فَقَالَ: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّاعَةِ «2» ، وَشُرِحَتْ أَنها السَّاعَةُ، وَتَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. وَالسَّاعَةُ فِي الأَصل تُطْلَقُ بِمَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ جُزْءٌ مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ جُزْءًا هِيَ مَجْمُوعُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالثَّانِي أَن تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ جُزْءٍ قَلِيلٍ مِنَ النَّهَارِ أَو اللَّيْلِ. يُقَالُ: جَلَسْتُ عِنْدَكَ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ أَي وَقْتًا قَلِيلًا مِنْهُ ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِاسْمِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى السَّاعَةِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ الْوَقْتُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ، يُرِيدُ أَنها سَاعَةً خَفِيفَةً يَحْدُثُ فِيهَا أَمر عَظِيمٌ فَلِقِلَّةِ الْوَقْتِ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ سَمَّاهَا سَاعَةً. وساعةٌ سوْعاءُ أَي شَدِيدةٌ كَمَا يُقَالُ لَيْلةٌ لَيْلاءُ. وساوَعَه مُساوَعةً وسِواعاً: استأْجَره الساعةَ أَو عَامَلَهُ بِهَا. وعامَلَه مُساوَعة أَي بِالسَّاعَةِ أَو بِالسَّاعَاتِ كَمَا يُقَالُ عَامَلَهُ مُياوَمةً مِنَ اليَوْمِ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُمَا إِلا هَذَا. والسّاعُ والسّاعةُ: المَشَقَّةُ. وَالسَّاعَةُ: البُعْدُ؛ وَقَالَ رَجُلٌ لأَعرابية: أَين مَنْزِلُكِ؟ فَقَالَتْ:
أَمَّا عَلَى كَسْلانَ وانٍ فَساعةٌ،
…
وأَمَّا عَلَى ذِي حاجةٍ فَيَسِيرُ
حَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: السُّواعِيُّ مأْخوذ مِنَ السُّواعِ وَهُوَ المذْيُ وَهُوَ السُّوَعاءُ، قَالَ: وَيُقَالُ سُعْ سُعْ إِذا أَمرته أَن يَتَعَهَّد سُوَعاءَه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ لِرُؤْبَةَ: مَا الوَدْيُ؟ فَقَالَ: يُسَمَّى عِنْدَنَا السُّوَعاءَ. وَحُكِيَ عَنْ شَمِرٍ: السُّوَعاءُ مَمْدُودٌ المذْي الَّذِي يَخْرُجُ قَبْلَ النُّطْفَةِ، وَقَدْ أَسْوَعَ الرجلُ وأَنْشَرَ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. والسُّوَعاءُ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ: المَذْي، وَقِيلَ: الوَدْيُ، وَقِيلَ القَيْءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي السُّوَعاءِ الوُضوءُ
؛ فَسَّرَهُ بِالْمَذْيِ وَقَالَ: هُوَ بِضَمِّ: السِّينِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ. وساعَتِ الإِبلُ سَوْعاً: ذَهَبَتْ فِي المَرْعَى وَانْهَمَلَتْ، وأَسَعْتُها أَنا. وَنَاقَةٌ مِسْياعٌ: ذَاهِبَةٌ فِي الْمَرْعَى، قَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ مَعَ قُرْبِ الْكَسْرَةِ حَتَّى كأَنهم توهَّموها عَلَى السِّينِ. وأَسَعْتُ الإِبل أَي أَهْمَلْتُها فَساعَتْ هِيَ تَسُوعُ سَوْعاً، وساعَ الشيءُ سَوْعاً:
(2). قوله [ذكر الساعة] هي يوم القيامة.
ضاعَ، وَهُوَ ضائِعٌ سائِعٌ، وأَساعَه أَضاعَه؛ وَرَجُلٌ مُسِيعٌ مُضِيعٌ وَرَجُلٌ مِضْياعٌ مِسْياعٌ لِلْمَالِ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلشَّاعِرِ:
وَيْلُ أُمّ أَجْيادَ شاة شاةَ مُمْتَنِحٍ
…
أَبي عِيالٍ، قَلِيلِ الوَفْرِ، مِسْياعِ
أُم أَجياد: اسْمُ شَاةٍ وصَفَها بِغُزْرِ اللَّبَن. وَشَاةً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الساعةُ الهَلْكَى والطاعةُ المُطِيعُون والجاعةُ الجِياعُ. وسُواعٌ: اسْمُ صَنَم كَانَ لهَمْدان، وَقِيلَ: كَانَ لِقَوْمِ نُوحٍ، عليه السلام، ثُمَّ صَارَ لهُذَيْل وَكَانَ بِرُهاط يَحُجُّون إِليه؛ قَالَ الأَزهري: سُواعٌ اسْمُ صَنَمٍ عُبِدَ زَمَنَ نُوحٍ، عليه السلام، فَغَرَّقَه اللَّهُ أَيام الطُّوفان وَدَفَنَهُ، فَاسْتَثَارَهُ إِبليس لأَهل الْجَاهِلِيَّةِ فَعَبَدُوهُ. ويَسُوعُ: اسْمٌ من أَسماء الجاهلية.
سيع: السَّيْعُ: الماءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، وقد انْسَاعَ. وَانْسَاعَ الجَمَدُ: ذابَ وَسَالَ. وساعَ الماءُ والسرابُ يَسِيعُ سَيْعاً وسُيوعاً وتَسَيَّعَ، كِلَاهُمَا: اضْطَرَبَ وَجَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الصَّادِ، وسرابٌ أَسْيَعُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَهُنَّ يَخْبِطْنَ السَّرابَ الأَسْيَعا،
…
شَبِيهَ يَمٍّ بَيْنَ عِبْرَيْنِ مَعَا
وَقِيلَ: أَفعل هُنَا لِلْمُفَاضَلَةِ، والانْسِياعُ مِثْلُهُ. والسَّياعُ والسِّياعُ: الطينُ، وَقِيلَ: الطِّينُ بالتِّبْن الَّذِي يُطَيَّنُ بِهِ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فلمَّا أَنْ جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا،
…
كَمَا بَطَّنْتَ بالفَدَنِ السَّياعا
وَهُوَ مَقْلُوبٌ، أَي كَمَا بَطَّنْتَ بالسَّياعِ الفَدَنَ وَهُوَ القَصْر، تَقُولُ مِنْهُ: سَيَّعْتُ الحائطَ إِذا طَيَّنْتَه بِالطِّينِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّياعُ الطِّينُ الَّذِي يُطَيَّنُ بِهِ إِناء الْخَمْرِ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ:
فَباكَرَ مَخْتُوماً عَلَيْهِ سَياعُه
…
هذاذَيْكَ، حَتَّى أَنْفَدَ الدَّنَّ أَجْمَعا
وسَيَّعَ الرَّقَّ والسفينةَ: طَلَاهُمَا بالقارِ طَلْياً رَقيقاً. وَالسِّيَاعُ: الزِّفْتُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالطِّينِ لِسَوَادِهِ؛ قَالَ:
كأَنها فِي سَياعِ الدَّنِّ قِنْدِيدُ
وَقِيلَ: إِنما شَبَّهَ الزِّفْتَ بِالطِّينِ، والقِنْدِيدُ هُنَا الوَرْسُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ إِن السِّياع الطينُ الَّذِي تُطَيَّنُ بِهِ أَوْعية الْخَمْرِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ لَهُ خُصُوصًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلِ السِّيَاعُ الطِّينُ جُعِلَ عَلَى حَائِطٍ أَو عَلَى إِناء خَمْر، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَن السِّيَاعَ مُخْتَصٌّ بِآنِيَةِ الْخَمْرِ دُونَ غَيْرِهَا، وإِنما أَراد بِقَوْلِهِ سَياعه أَي طِينَهُ الَّذِي خُتِمَ بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: السَّياعُ تَطْيِينُك بالجَصِّ والطِّينِ والقِيرِ، تَقُولُ: سَيَّعْتُ بِهِ تَسْيِيعاً أَي طَلَيْتُ بِهِ طَلْياً رَقِيقاً؛ وَقَوْلُ رؤْبة:
مُرْسِلُهَا ماءَ السَّرابِ الأَسْيَعا
قَالَ يَصِفُهُ بالرِّقَّةِ. وسَيَّعَ المكانَ تَسْيِيعاً: طَيَّنَه بالسّياعِ. والمِسْيعة: المالَج خَشَبَةٌ مَلْساءُ يُطَيَّنُ بِهَا. وسَيَّعَ الجُبَّ: طَيَّنَهُ بِطِينٍ أَو جَصٍّ. وساعَ الشيءُ يَسِيعُ: ضاعَ، وأَساعَه هُوَ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ الْيَشْكُرِيُّ:
وكَفاني اللهُ مَا فِي نفسِه،
…
ومَتى مَا يَكْفِ شَيْئًا لَا يُسَعْ
أَي لَا يُضَيَّعُ. وَنَاقَةٌ مِسْياعٌ: تَصْبِرُ عَلَى الإِضاعة