المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ، … سأَلتُه عَمّا مَعَهْ، فَقَالَ ذَوْدٌ أَرْبَعهْ وقال: فَلَا دَرَّ - لسان العرب - جـ ٨

[ابن منظور]

الفصل: لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ، … سأَلتُه عَمّا مَعَهْ، فَقَالَ ذَوْدٌ أَرْبَعهْ وقال: فَلَا دَرَّ

لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ،

سأَلتُه عَمّا مَعَهْ،

فَقَالَ ذَوْدٌ أَرْبَعهْ

وقال:

فَلَا دَرَّ دَرُّكَ مِن صاحِبٍ،

فأَنْتَ الوُزاوِزةُ الإِمَّعَهْ

وَرَوَى

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَعُدُّ الإِمَّعةَ الَّذِي يتْبَع الناسَ إِلى الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ أَن يُدْعى، وإِنَّ الإِمَّعةَ فِيكُمُ الْيَوْمُ المُحْقِبُ الناسِ دِينَه

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالْمَعْنَى الأَوَّلُ يَرْجِعُ إِلى هَذَا. اللَّيْثُ: رَجُلٌ إِمّعةٌ يَقُولُ لِكُلِّ أَحد أَنا مَعَكَ، وَرَجُلٌ إِمّع وإِمّعة لِلَّذِي يَكُونُ لضَعْف رأْيه مَعَ كُلِّ أَحد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

ابْنِ مَسْعُودٍ أَيضاً: لَا يَكُونَنَّ أَحدُكم إِمَّعَةً، قِيلَ: وَمَا الإِمَّعَةُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقُولُ أَنا مَعَ النَّاسِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد ابْنُ مَسْعُودٍ بالإِمَّعَة الَّذِي يَتْبع كُلَّ أَحد عَلَى دِينِه، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ أَصل أَن إِفْعَلًا لَا يَكُونُ فِي الصِّفات، وأَما إِيَّل فَاخْتُلِفَ فِي وَزْنه فَقِيلَ فِعَّل، وقيل فِعْيَل، وقال ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَجْعَلُوهُ إِفْعَلًا لئلا تكون الْفَاءُ وَالْعَيْنُ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَجِئْ مِنْهُ إِلا كَوْكَبٌ ودَدَنٌ، وَقَوْلُ من قول امرأَة إِمَّعة غَلَطٌ، لَا يُقَالُ لِلنِّسَاءِ ذَلِكَ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: قَدْ تأَمَّعَ واسْتَأْمَعَ. والإِمّعَةُ: المُتردّد فِي غَيْرِ مَا صَنْعة، وَالَّذِي لَا يَثْبُت إِخاؤه. وَرِجَالٌ إِمّعون، وَلَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ.

‌فصل الباء

بتع: البَتِعُ: الشَّدِيدُ المَفاصِل والمَواصِل مِنَ الْجَسَدِ. بَتِعَ بَتَعاً، فَهُوَ بَتِعٌ وأَبْتَعُ: اشْتَدَّت مَفَاصِلُهُ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدل:

يَرْقى الدَّسِيعُ إِلى هادٍ لَهُ بَتِعٍ،

فِي جُؤْجُؤٍ، كمَداكِ الطِّيب، مَخْضُوبِ

وَقَالَ رُؤْبَةُ:

وقَصَباً فَعْماً ورُسْغاً أَبْتَعا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا وَقَعَ وأَظنه: وَجِيدًا. والبَتَعُ: طُول العُنق مَعَ شدَّة مَغْرِزه. يُقَالُ: عُنق أَبْتَع وبَتِع، تَقُولُ مِنْهُ: بَتِع الفرَسُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ فَرَسٌ بَتِع، والأُنثى بَتِعةٌ. وعُنُق بَتِعةٌ وبَتِعٌ: شَدِيدَةٌ، وَقِيلَ: مُفْرِطةُ الطُّول؛ قَالَ:

كُلُّ عَلاةٍ بَتِعٍ تَلِيلُها

وَرَجُلٌ بَتِعٌ: طَوِيلٌ، وَامْرَأَةٌ بَتِعة كَذَلِكَ، ابْنُ الأَعرابي: البَتِعُ الطويلُ العُنقِ، والتَّلِعُ الطويلُ الظهْرِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنَ الأَعْناقِ البَتِعُ، وَهُوَ الْغَلِيظُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الشَّدِيدُ، قَالَ: وَمِنْهَا المُرْهَف، وَهُوَ الدَّقِيقُ وَلَا يَكُونُ إِلا لِفَتِيق. وَيُقَالُ: البَتَعُ فِي الْعُنُقِ شدَّته، والتَّلَعُ طُولُهُ. وَيُقَالُ: بَتِعَ فُلَانٌ عليَّ بأَمْر لَمْ يُؤامِرْني فِيهِ إِذا قطَعَه دُونك؛ قَالَ أَبو وَجْزة السَّعْدي:

بانَ الخَلِيطُ، وَكَانَ البَيْنُ بَائِجَةً،

وَلَمْ نَخَفْهُم عَلَى الأَمْرِ الَّذِي بَتِعُوا

بَتِعُوا أَي قَطَعوا دُوننا. أَبو مِحْجَنٍ: الانْبِتاع والانْبِتال الانْقِطاع. والبِتْعُ والبِتَعُ، مِثْلُ القِمْعِ والقِمَعِ: نَبيذ يُتَّخَذ مِنْ عسَل كأَنه الخَمر صَلابة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْبِتْعُ الْخَمْرُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْعَسَلِ فأَوقع الْخَمْرَ

ص: 4

عَلَى الْعَسَلِ. والبِتْعُ أَيضاً: الْخَمْرُ، يَمانية. وبَتَعَها: خَمَّرَها، والبَتَّاع: الخَمَّار، وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنَّه سُئِلَ عَنِ البِتْعِ فَقَالَ: كلُّ مُسْكرٍ حَرَامٌ

؛ قَالَ: هُوَ نبيذُ العَسل، وَهُوَ خَمْرُ أَهل الْيَمَنِ. وأَبْتَعُ: كَلِمَةٌ يُؤَكَّدُ بِهَا، يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ أَجْمعون أَكْتعون أَبْصعون أَبْتَعون، وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّوْكِيدِ.

بثع: بَثِعَتِ الشفةُ تَبْثَعُ بَثَعاً وتَبَثَّعَت: غَلُظَ لَحْمُهَا وظَهَر دَمُها. وشَفةٌ كاثِعةٌ باثِعةٌ: ممتَلِئَة مُحمَرَّة مِنَ الدَّمِ. وَرَجُلٌ أَبْثَعُ: شَفَتْهُ كَذَلِكَ. وَشَفَةٌ بَاثِعَةٌ: تَنْقَلِبُ عِنْدَ الضَّحِك. ولِثة باثِعة وبَثُوع ومُبَثِّعَة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ والدمِ، وَالِاسْمُ مِنْهُ البَثَعُ. وَامْرَأَةٌ بَثِعةٌ وبَثْعاء: حَمْرَاءُ اللِّثةِ وارِمَتُها، وَالِاسْمُ البَثَعُ. قَالَ الأَزهري: بَثِعَت لِثة الرَّجُلِ تَبْثَعُ بُثوعاً إِذا خَرَجَتْ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى كأَنَّ بِهَا ورَماً، وَذَلِكَ عَيْب، إِذا ضَحِك الرَّجُلُ فَانْقَلَبَتْ شَفَتُهُ فَهِيَ باثعةٌ أَيضاً. والبَثَعُ: ظُهورُ الدَّمِ فِي الشَّفَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْجَسَدِ، وَهُوَ البَثَغُ، بِالْغَيْنِ، فِي الْجَسَدِ. وَقَالَ الأَزهري: البَثَغُ بالغين لغيره.

بخع: بخَعَ نفْسَه يَبْخَعُها بَخْعاً وبُخوعاً: قتلَها غيْظاً أَو غَمّاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي مُخْرِجٌ نفسَك وقاتلٌ نفسَك؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَلا أَيُّهذا الباخِعُ الوَجْدِ نفسَه

بشيءٍ نَحَتْه عَنْ يدَيْكَ المَقادِرُ

قَالَ الأَخفش: يُقَالُ بَخَعْتُ لَكَ نفْسي ونُصْحِي أَي جَهَدْتها أَبْخَعُ بُخوعاً. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنها ذَكَرَتْ عُمَرَ، رضي الله عنه، فَقَالَتْ: بَخَعَ الأَرضَ فقاءتْ أُكُلَها

أَي قَهر أَهلَها وأَذلَّهم واستخرَج مَا فِيهَا مِنَ الكُنوز وأَموال المُلوك. وبَخَعْتُ الأَرضَ بالزِّراعةِ أَبْخَعُها إِذا نَهَكْتُهَا وتابَعْت حِراثَتها وَلَمْ تُجِمَّها عَامًا. وبخَع الوَجْدُ نفسَه إِذا نَهَكَها. وبخَعَ لَهُ بِحَقِّهِ يَبْخَعُ بُخوعاً وبَخاعةً: أَقرَّ بِهِ وخضَع لَهُ، وَكَذَلِكَ بَخِعَ، بِالْكَسْرِ، بُخوعاً وبَخاعةً، وبَخَعَ لِي بِالطَّاعَةِ بُخوعاً كَذَلِكَ. وبَخَعْت لَهُ: تذَلَّلْت وأَطَعت وأَقرَرْت. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: فأَصبَحْتُ بجَنبتَي الناسِ ومَن لَمْ يَكُنْ يَبْخَعُ لَنَا بِطَاعَةٍ.

وَفِي حَدِيثِ

عُقْبة بْنِ عَامِرٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَتاكُم أَهلُ اليَمنِ هُمْ أَرَقُّ قُلوباً وأَلْيَنُ أَفئدةً وأَبْخَعُ طَاعَةً

أَي أَنْصَحُ وأَبْلَغُ فِي الطاعةِ مِنْ غَيْرِهِمْ كأَنهم بالَغُوا فِي بَخْعِ أَنفسهم أَي قَهرِها وإِذْلالِها بالطاعةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ مِنْ بَخَع الذَّبِيحةَ إِذا بالَغ فِي ذَبْحِها وَهُوَ أَن يَقْطَع عظْم رَقَبَتِهَا ويَبْلُغَ بالذَّبْح البِخاع، بِالْبَاءِ، وَهُوَ العِرْق الَّذِي فِي الصُّلْب؛ والنخْعُ، بِالنُّونِ، دُونَ ذَلِكَ وَهُوَ أَن يبلُغ بِالذَّبْحِ النُّخاع، وَهُوَ الخيْط الأَبيض الَّذِي يَجري فِي الرَّقبة، هَذَا أَصله ثُمَّ كثُر حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مُبَالَغَةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَشَّافِ وَفِي كِتَابِ الْفَائِقِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَلَمْ أَجده لِغَيْرِهِ، قَالَ: وَطَالَمَا بَحَثْتُ عَنْهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ فَلَمْ أَجد البِخاع، بِالْبَاءِ، مَذْكُورًا فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وبَخَعْت الرَّكيّة بَخْعاً إِذا حَفرْتها حتى ظَهر ماؤها.

بخثع: بَخْثَعٌ: اسْمٌ زَعَمُوا، وليس بثبت.

بخذع: بخذَعه بِالسَّيْفِ وخَذْعَبَه: ضربه.

ص: 5

بدع: بدَع الشيءَ يَبْدَعُه بَدْعاً وابْتَدَعَه: أَنشأَه وبدأَه. وبدَع الرَّكِيّة: اسْتَنْبَطَها وأَحدَثها. ورَكِيٌّ بَدِيعٌ: حَدِيثةُ الحَفْر. والبَدِيعُ والبِدْعُ: الشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ أَوّلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ

؛ أَي مَا كُنْتُ أَوّلَ مَنْ أُرْسِلَ، قَدْ أُرسل قَبْلِي رُسُلٌ كَثِيرٌ. والبِدْعةُ: الحَدَث وَمَا ابْتُدِعَ مِنَ الدِّينِ بَعْدَ الإِكمال. ابْنُ السِّكِّيتِ: البِدْعةُ كلُّ مُحْدَثةٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، فِي قِيام رمضانَ: نِعْمتِ البِدْعةُ هَذِهِ.

ابْنُ الأَثير: البِدْعةُ بدْعتان: بدعةُ هُدى، وبدْعة ضَلَالٍ، فَمَا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمر اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ فِي حَيِزّ الذّمِّ والإِنكار، وَمَا كَانَ وَاقِعًا تَحْتَ عُموم مَا ندَب اللهُ إِليه وحَضّ عَلَيْهِ أَو رسولُه فَهُوَ فِي حيِّز الْمَدْحِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثال مَوْجُودٌ كنَوْع مِنَ الجُود وَالسَّخَاءِ وفِعْل الْمَعْرُوفِ فَهُوَ مِنَ الأَفعال الْمَحْمُودَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ ذَلِكَ فِي خِلَافِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ لأَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَدْ جَعَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابًا فَقَالَ:

مَن سَنَّ سُنّة حسَنة كَانَ لَهُ أَجرُها وأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا

، وَقَالَ فِي ضِدِّهِ:

مَن سَنَّ سُنّة سَيئة كَانَ عَلَيْهِ وِزْرها ووِزْر مَن عَمِلَ بِهَا

، وَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي خِلَافِ مَا أَمر اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُ

عُمَرَ، رضي الله عنه: نعمتِ البِدْعةُ هَذِهِ

، لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَفعال الْخَيْرِ وَدَاخِلَةً فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ سَمّاها بِدْعَةً ومدَحَها لأَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، لم يَسُنَّها لَهُمْ، وإِنما صلَّاها لَيالِيَ ثُمَّ تَرَكَهَا وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا وَلَا جَمَعَ النَّاسَ لَهَا وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبي بَكْرٍ وإِنما عُمَرُ، رضي الله عنهما، جَمَعَ الناسَ عَلَيْهَا وندَبهم إِليها فَبِهَذَا سَمَّاهَا بِدْعَةً، وَهِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ سنَّة لِقَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم،

عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلفاء الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي

،

وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ

، وَعَلَى هَذَا التأْويل يُحمل الْحَدِيثُ الآخَر:

كلُّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ

، إِنما يُرِيدُ مَا خالَف أُصولَ الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُوَافِقِ السُّنَّةَ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ المُبْتَدِعُ عُرْفاً فِي الذمِّ. وَقَالَ أَبو عَدْنان: المبتَدِع الَّذِي يأْتي أَمْراً عَلَى شَبَهٍ لَمْ يَكُنِ ابتدأَه إِياه. وَفُلَانٌ بِدْعٌ فِي هَذَا الأَمر أَي أَوّل لَمْ يَسْبِقْه أَحد. وَيُقَالُ: مَا هُوَ مِنِّي ببِدْعٍ وبَديعً، قَالَ الأَحوص:

فَخَرَتْ فانْتَمَتْ فقلتُ: انْظُرِيني،

لَيْسَ جَهْلٌ أَتَيْته ببدِيعِ

وأَبْدَعَ وابْتَدَعَ وتَبَدَّع: أتَى بِبدْعةٍ، قَالَ اللهِ تَعَالَى: وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها

؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

إِنْ كُنْتَ للهِ التَّقِيَّ الأَطْوعا،

فَلَيْسَ وجْهَ الحَقِّ أَن تَبَدَّعا

وبَدَّعه: نَسَبه إِلى البِدْعةِ. واسْتَبْدَعَه: عدَّه بَديعاً. والبَدِيعُ: المُحْدَثُ العَجيب. والبَدِيعُ: المُبْدِعُ. وأَبدعْتُ الشَّيْءَ: اخْتَرَعْته لَا عَلَى مِثال. والبَديع: مِنْ أَسماء اللَّهِ تَعَالَى لإِبْداعِه الأِشياء وإِحْداثِه إِيَّاها وَهُوَ الْبَدِيعُ الأَوّل قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى مُبدِع أَو يَكُونَ مِنْ بَدَع الخلْقَ أَي بَدَأَه، وَاللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ*

؛ أَي خَالِقُهَا ومُبْدِعُها فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْخَالِقُ المُخْتَرعُ لَا عَنْ مِثَالٍ سَابِقٍ، قَالَ أَبو إِسحاق: يَعْنِي أَنه أَنشأَها عَلَى غَيْرِ حِذاء وَلَا مِثَالٍ إِلا أَنَّ بَدِيعًا مِنْ بَدَع لَا مِنْ أَبْدع، وأَبدعَ: أَكثر فِي الْكَلَامِ مِنْ بَدَع، وَلَوِ اسْتَعْمَلَ بدَع لَمْ يَكُنْ خَطَأً، فبَدِيعٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مِثْلَ قَدِيرٍ بِمَعْنَى قَادِرٍ، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ

ص: 6

اللَّهِ تَعَالَى لأَنه بدأَ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَراد عَلَى غَيْرِ مِثَالِ تَقَدَّمَهُ. قَالَ اللَّيْثُ:

وَقُرِئَ بديعَ السمواتِ والأَرضِ

، بِالنَّصْبِ عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ لِما قَالَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَعْنَى: بِدْعاً مَا قُلْتُمْ وبَدِيعاً اخْتَرَقْتم، فَنَصْبُهَ عَلَى التَّعَجُّبِ، قَالَ: وَاللَّهُ أَعلم أَهو ذَلِكَ أَم لَا؛ فأَما قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ فَالرَّفْعُ، وَيَقُولُونَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحداً مِنَ الْقُرَّاءِ قرأَ بديعَ بِالنَّصْبِ، والتعجبُ فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ، وإِن جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ فَنَصْبُهُ عَلَى الْمَدْحِ كأَنه قَالَ أَذكر بديع السموات والأَرض. وسِقاء بَديع: جَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ زِمام بَدِيعٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي السِّقَاءِ لأَبي محمد الفقعسي:

يَنْصَحْنَ مَاءَ البَدَنِ المُسَرَّى،

نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا

الصَّفَقُ: أَوّل مَا يُجعل فِي السِّقاء الْجَدِيدِ. قَالَ الأَزهري: فالبديعُ بِمَعْنَى السِّقَاءِ والحبْل فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفعول. وحَبلٌ بَديع: جَديد أَيضاً؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَالْبَدِيعُ مِنَ الحِبال: الَّذِي ابتُدِئ فَتْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ حَبلًا فَنَكَثَ ثُمَّ غُزل وأُعيد فتلُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:

وأَدْمَجَ دَمْج ذِي شَطَنٍ بَدِيعِ

والبديعُ: الزِّقُّ الْجَدِيدُ وَالسِّقَاءُ الْجَدِيدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: تِهامةُ كَبَدِيعِ العَسَلِ حُلْو أَوّلُه حُلْو آخِرُه

؛ شَبَّهها بِزِقِّ الْعَسَلِ لأَنه لَا يتغيَّر هَوَاؤُهَا فأَوّله طَيِّبٌ وَآخِرُهُ طَيِّبٌ، وَكَذَلِكَ الْعَسَلُ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اللَّبَنُ فإِنه يَتَغَيَّرُ، وتِهامة فِي فُصول السنة كلها غَداةً ولَيالِيها أَطْيَب اللَّيالي لَا تُؤذي بحَرّ مُفْرط وَلَا قُرّ مُؤذ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ وصَفت زوجَها فَقَالَتْ: زَوْجي كلَيْل تِهامةَ لَا حَرّ وَلَا قُرّ، وَلَا مَخافةَ وَلَا سآمةَ. والبديعُ: المُبْتَدِع والمُبْتَدَع. وَشَيْءٌ بِدْعٌ، بِالْكَسْرِ، أَي مُبتدَع. وأَبدْعَ الشاعرُ: جَاءَ بالبديعِ. الْكِسَائِيُّ: البِدْعُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَقَدْ بَدُعَ بَداعةً وبُدوعاً، وَرَجُلٌ بِدْعٌ وامرأَة بدْعة إِذا كَانَ غَايَةً فِي كُلِّ شَيْءٍ، كَانَ عَالِمًا أَو شَرِيفاً أَو شُجاعاً؛ وَقَدْ بَدُعَ الأَمْرُ بدْعاً وبَدَعُوه وابْتَدَعُوه وَرَجُلٌ بِدْعٌ وَرِجَالٌ أَبْداع وَنِسَاءٌ بِدَعٌ وأَبداع ورجُل بِدْع غُمْر وَفُلَانٌ بِدْعٌ فِي هَذَا الأَمر أَي بَدِيع وَقَوْمٌ أَبداع؛ عَنِ الأَخفش. وأُبْدِعتِ الإِبلُ: بُرِّكَت فِي الطَّرِيقِ مِنْ هُزال أَو دَاءٍ أَو كَلال، وأَبْدَعت هِيَ: كَلَّت أَو عَطِبَت، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الإِبْداع إِلَّا بظَلَع. يُقَالُ: أَبْدَعَت بِهِ راحِلتُه إِذا ظَلَعَت، وأُبْدِعَ وأُبْدِعَ بِهِ وأَبْدَعَ: كلَّت رَاحِلَتُهُ أَو عَطِبَت وبَقِيَ مُنْقَطَعاً بِهِ وحَسِرَ عَلَيْهِ ظهرُه أَو قَامَ بِهِ أَي وقَف بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ حُميد الأَرقط:

لَا يَقْدِرُ الحُمْسُ عَلَى جِبابِه

إِلَّا بطُولِ السيْرِ وانْجِذابِه،

وتَرْكِ مَا أَبْدَعَ مِنْ رِكابِه

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ إِني أُبْدِعَ بِي فاحْمِلْني

أَي انْقُطِعَ بِي لكَلال رَاحِلَتِي. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ أَبدَع فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا قَطَع بِهِ وخَذلَه وَلَمْ يَقُمْ بِحَاجَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ، وأَبدَعَ بِهِ ظهرُه؛ قَالَ الأَفْوه:

ولكلِّ ساعٍ سُنَّةٌ، مِمَّنْ مَضَى،

تَنْمِي بِهِ فِي سَعْيِه أَوْ تُبْدِعُ

ص: 7

وَفِي حَدِيثِ الهَدْي:

فأَزْحَفَت عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ فَعَيَّ لشأْنها إِن هِيَ أَبدَعَتْ

أَي انْقَطَعَت عَنِ السَّيْرِ بكَلال أَو ظَلَع، كأَنه جَعَلَ انْقِطَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةً عَلَيْهِ مِنْ عَادَةِ السَّيْرِ إِبْداعاً أَي إِنشاء أَمر خَارِجٍ عَمَّا اعْتِيدَ مِنْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا أَبْدَعَ عليَّ مِنْهَا

؟ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ:

أُبْدِعَت

وأُبْدِعَ

، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقَالَ: هَكَذَا يُسْتَعْمَلُ، والأَول أَوجه وأَقيس. وَفِي الْمَثَلِ: إِذا طَلَبْتَ الباطِلَ أُبْدِع بِكَ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: أُبْدِعت حُجّة فُلَانٍ أَي أُبْطِلت حُجَّتُهُ أَي بطَلَت. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَبْدَعَ بِرُّ فُلَانٍ بشُكْري وأَبْدَعَ فضْلُه وإِيجابه بِوَصْفِي إِذا شَكَرَهُ عَلَى إِحسانه إِليه واعترَف بأَنَّ شُكْرَهُ لَا يَفِي بإِحسانه. قَالَ الأَصمعي: بَدِعَ يَبْدَعُ فَهُوَ بَدِيعٌ إِذا سَمِن؛ وأَنشد لبَشِير بْنِ النِّكْث:

فبَدِعَتْ أَرْنَبُه وخِرْنِقُهْ

أَي سَمِنت. وأَبْدَعُوا بِهِ: ضَرَبُوهُ. وأَبدَع يَمِينًا: أَوجَبها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَبدَع بِالسَّفَرِ وَبِالْحَجِّ: عزَم عليه.

بذع: البَذَعُ: شِبْهُ الفزَعِ. والمَبْذُوع: المَذْعُور. وبَذَعَ الشيءَ: فرَّقه. وَيُقَالُ: بَذِعُوا فابْذَعَرُّوا أَي فَزِعوا فتفرَّقوا. قَالَ الأَزهري: وَمَا سَمِعْتُ هَذَا لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ الأَعرابي: البَذْعُ قَطْر حُبّ الْمَاءِ، وَقَالَ: هُوَ المَذْع أَيضاً. يُقَالُ مَذَعَ وبَذَعَ إِذا قَطَر. وبذَع الماءُ: سالَ.

برع: بَرَعَ يَبْرُعُ بُروعاً وبَراعةً وبَرُعَ، فَهُوَ بارِعٌ: تَمَّ فِي كُلِّ فَضِيلة وَجَمَالٍ وَفَاقَ أَصحابه فِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تُوصَفُ بِهِ المرأَة. وَالْبَارِعُ: الَّذِي فَاقَ أَصحابه فِي السُّودد. ابْنُ الأَعرابي: البَرِيعةُ المرأَة الْفَائِقَةُ بِالْجَمَالِ والعَقل، قَالَ: وَيُقَالُ برَعه وفرَعه إِذا عَلَاهُ وَفَاقَهُ، وكلُّ مُشْرف بارِعٌ وفارعٌ. وتبَرَّع بالعَطاء: أَعطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ أَو تفضَّل بِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ. يُقَالُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ مُتَبَرِّعاً أَي مُتطوّعاً. وسَعْدُ البارِع: نَجْمٌ مِنَ الْمَنَازِلِ. وبَرْوَعُ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

وَلَا حَقُّ ابن بَرْوَعَ أَن يُهابا

وبَرْوَعُ: اسْمُ امرأَة وَهِيَ بَرْوَعُ بِنْتُ وَاشِقٍ، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَهُوَ خطأٌ وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعْوَل إِلا خِرْوَعٌ وعِتْوَد اسْمُ وادٍ. وبَرْوع: اسْمُ نَاقَةِ الرَّاعِي عُبَيد بْنِ حُصَين النُّمَيْرِي الشَّاعِرِ؛ وَفِيهَا يَقُولُ:

وإِن بَرَكَتْ مِنْهَا عَجاساءُ جِلّةٌ

بمَحْنِيةٍ أَشْلى العِفاسَ وبَرْوَعَا

وَمِنْهُ كَانَ جَرِيرٌ يَدْعو جَنْدل بْنَ الرَّاعِي بَرْوَعاً. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَروع اسْمُ أُمّ الرَّاعِي، وَيُقَالُ اسْمُ نَاقَتِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُوهُ:

فَمَا هِيبَ الفَرزدقُ، قَدْ عَلِمْتُمْ،

وَمَا حَقُّ ابنِ بَرْوَعَ أَن يُهابا «3»

برثع: بُرْثَعٌ: اسم.

بردع: البَرْدَعةُ: الحِلْس الَّذِي يُلقى تَحْتَ الرَّحْل؛ قَالَ شَمِرٌ: هِيَ بِالذَّالِ وَالدَّالِ، وسيأْتي ذكرها قريباً.

برذع: البَرْذَعةُ: الحِلس الَّذِي يُلقى تَحْتَ الرَّحْلِ، وَالْجَمْعُ البَراذِع، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحِمار، وقال

(3). في ديوان جرير: فما هِبتُ الفرزدقَ بدل: فما هِيب الفرزدقُ

ص: 8

شَمِرٌ: هِيَ الْبَرْذَعَةُ وَالْبَرْدَعَةُ، بِالذَّالِ وَالدَّالِ. وبَرْذَعٌ: اسْمٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

لَعَمْرُ أَبِيها، لَا تقولُ حَلِيلَتِي:

أَلا إِنه قَدْ خانَني اليومَ بَرْذَعُ

والبَرْذَعَةُ مِنَ الأَرض: لَا جَلَدٌ وَلَا سَهل، وَالْجَمْعُ البَراذِع. وابْرَنْذَعَ للأَمر ابْرِنْذاعاً: تَهَيَّأَ واستَعَدَّ لَهُ. وابْرَنْذَعَ أَصحابَه: تقدَّمهم، نَادِرٌ لأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الصِّيغَةِ لا يتعدَّى.

برشع: البِرْشِعُ والبِرْشاعُ: السَّيِءُ الخُلُق. والبِرْشاعُ المنتَفخ الجوفِ الَّذِي لَا فُؤاد لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَحمق الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: الأَهْوج الضخْمُ الْجَافِي الْمُنْتَفِخُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

لَا تَعْدِلِيني بامْرِئٍ إِرْزَبِّ،

وَلَا بِبِرْشاعِ الوِخامِ وَغْبِ

قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:

لَا تعدِليني واسْتَحِي بِإِزْبِ،

كَزِّ المُحَيّا أُنَّحٍ إِرْزَبِ

وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ وَغَبَ فَقَالَ:

وَلَا بِبِرْشامِ الوِخامِ وَغْبِ

برقع: البُرْقُعُ والبُرْقَعُ والبُرْقُوعُ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ للدوابِّ وَنِسَاءِ الأَعْراب؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ حِشْفاً:

وخَدٍّ كَبُرْقُوعِ الفَتاةِ مُلَمَّعٍ،

ورَوْقَينِ لَمَّا يَعْدُ أَن يَتَقَشَّرا

الْجَوْهَرِيُّ: يَعْدُوَا أَن تَقَشَّرا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده وَخَدًّا بِالنَّصْبِ ومُلَمَّعاً كَذَلِكَ لأَن قَبْلَهُ:

فلاقَتْ بَياناً عِنْدَ أَوّلِ مَعْهَدٍ،

إِهاباً ومَغْبُوطاً مِنَ الجَوْفِ أَحْمَرا «1»

قَوْلُهُ فَلَاقَتْ يَعْنِي بَقَرَةَ الْوَحْشِ الَّتِي أَخذ الذِّئْبُ وَلَدَهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: بِرْقَعٌ نَادِرٌ وَمِثْلُهُ هِجْرَعٌ، وَقَالَ الأَصمعي: هَجْرع، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَقُولُ بُرْقُع وَلَا تَقُولُ بُرْقَع وَلَا بُرْقُوع؛ وأَنشد بَيْتَ الْجَعْدِيِّ: وَخَدٍّ كبُرْقُع الفتاةِ؛ وَمَنْ أَنشده: كبُرْقُوعِ، فإِنما فَرَّ مِنَ الزِّحافِ. قَالَ الأَزهري: وَفِي قَوْلِ مَنْ قدَّم الثَّلَاثَ لُغَاتٍ فِي أَول التَّرْجَمَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الْبُرْقُوعَ لُغَةٌ فِي البرقُع. قَالَ اللَّيْثُ: جَمْعُ البُرْقُع البَراقِعُ، قَالَ: وتَلْبَسُها الدَّوَابُّ وَتَلْبِسُهَا نِسَاءُ الأَعراب وَفِيهِ خَرْقان لِلْعَيْنَيْنِ؛ قَالَ توْبةُ بْنُ الحُمَيِّر:

وكنتُ إِذا مَا جِئتُ ليْلى تَبَرْقَعَتْ،

فقدْ رابَني مِنْهَا الغَداةَ سُفُورُها

قَالَ الأَزهري: فَتْحُ الْبَاءِ فِي بَرْقُوع نَادِرٌ، لَمْ يَجِئْ فَعْلول إِلا صَعْفُوقٌ. وَالصَّوَابُ بُرقوع، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَجُوعٌ يُرقوع، بِالْيَاءِ، صَحِيحٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: بُرقع مُوَصْوَصٌ إِذا كَانَ صَغِيرَ الْعَيْنَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: جُوعٌ بُرْقُوع وجُوع بَرقوع، بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَجُوعٌ بُرْكُوع وبَركوع وخُنْتُور بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ المأْبون: قَدْ بَرْقَع لِحْيَته وَمَعْنَاهُ تَزَيّا بِزيِّ مَن لَبِسَ البُرْقُع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلمْ تَرَ قَيْساً، قَيْسَ عَيْلانَ، بَرْقَعَتْ

لِحاها، وباعَتْ نَبْلَها بالمَغازِلِ

وَيُقَالُ: بَرْقَعه فتَبَرْقَع أَي أَلْبسه البُرْقُعَ فلَبِسَه.

(1). قوله [ومغبوطاً] كذا بالأصل وشرح القاموس بغين معجمة ولعله بمهملة أي مشقوقاً.

ص: 9

والمُبَرْقَعةُ: الشاةُ البيْضاء الرأْسِ. والمُبَرْقِعَةُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: غُرَّة الْفَرَسِ إِذا أَخذت جَمِيعَ وَجْهِهِ. وَفَرَسٌ مُبَرْقَع: أَخذت غُرَّتُه جَمِيعَ وَجْهِهِ غَيْرَ أَنه ينظُرُ فِي سَواد وَقَدْ جَاوَزَ بياضُ الغُرَّةِ سُفْلًا إِلى الخدَّين مِنْ غَيْرِ أَن يُصِيبَ الْعَيْنَيْنِ. يُقَالُ: غُرّة مُبَرْقِعة. وبِرْقِع، بِالْكَسْرِ: السَّمَاءُ؛ وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: هِيَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ لَا يَنْصَرِفُ؛ قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي الصَّلْت:

فكأَنَّ بِرْقِعَ والمَلائِكَ حَوْلَها،

سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائمٌ، أَجْرَبُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده أَجْرَدُ، بِالدَّالِ، لأَنَّ قَبْلَهُ:

فأَتَمَّ سِتًّا فاسْتَوَتْ أَطْباقُها،

وأَتَى بسابِعةٍ فأَنَّى تُوردُ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُ سَدِر أَي بَحر. وأَجرب صِفَةُ الْبَحْرِ المشبَّهِ بِهِ السَّمَاءُ، فكأَنه شبَّه الْبَحْرَ بالجَرَب لِمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنَ المَوْج أَو لأَنه تُرَى فِيهِ الْكَوَاكِبُ كَمَا تُرى فِي السَّمَاءِ فهنَّ كالجَرَب لَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شبَّه السَّمَاءَ بِالْبَحْرِ لمَلاستِها لَا لِجَرَبِها، أَلا تَرَى قَوْلَهُ تَوَاكُلُهُ الْقَوَائِمُ أَي تَوَاكَلَتْهُ الرِّياح فَلَمْ يتمَوَّج، فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بالجَرَدِ وَهُوَ المَلاسةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمَا وَصَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ هَذَيان مِنْهُ، وَسَمَاءُ الدُّنْيَا هِيَ الرَّقِيعُ. وَقَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ البِرْقِع اسْمُ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ؛ قَالَ: وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي بَعْضِ الأَحاديث. وَقَالَ: بِرْقَع اسْمٌ مِنْ أَسماء السَّمَاءِ، جَاءَ عَلَى فِعْلَلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ نَادِرٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: البُرْقُع سِمةٌ فِي الْفَخْذِ حَلْقَتَين بَيْنَهُمَا خِباط فِي طُولِ الْفَخْذِ، وَفِي العَرْض الحَلْقتان صورته.

بركع: بَرْكَعَه وكَرْبَعَه فتبَرْكَع: صرَعه فَوَقَعَ عَلَى اسْتِه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

ومَنْ هَمَزْنا عِزَّه تبَرْكَعا

عَلَى اسْتِه، زَوْبَعَةً أَو زَوْبَعا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ زَوْبَعَةً، بِالزَّايِ، وَصَوَابُهُ رَوبعة أَو رَوْبَعًا، بِالرَّاءِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِ رُؤبة، وَفُسِّرَ بأَنه الْقَصِيرُ الْحَقِيرُ، وَقِيلَ الضَّعِيفُ، وَقِيلَ القصيرُ العُرقوبِ، وَقِيلَ النَّاقِصُ الخَلْقِ. وبَرْكَعَ الرجلُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِذا سَقَطَ عَلَيْهِمَا. والبَرْكعةُ: القِيام عَلَى أَربع، وتَبَرْكعت الحَمامةُ لِلْحَمَامَةِ الذَّكَرِ؛ وأَنشد:

هَيْهاتَ أَعْيا جَدُّنا أَن يُصْرَعا،

وَلَوْ أَرادوا غيرَه تَبَرْكَعا

وبَرْكَعْت الرَّجُلَ بِالسَّيْفِ إِذا ضَرَبْتُهُ. والبُرْكُعُ: الْقَصِيرُ مِنَ الإِبل خَاصَّةً. والبُرْكُعُ: المُسْتَرْخِي القوائمِ فِي ثِقَل. وجوعٌ بُرْكُوعٌ وبَركوع، بفتح الباء.

بزع: بَزُعَ الغُلام، بِالضَّمِّ، بَزاعة، فَهُوَ بَزِيعٌ وبُزاعٌ: ظَرُفَ ومَلُحَ. والبَزِيعُ: الظَّريف. وتَبَزَّعَ الغُلام: ظَرُف. وَغُلَامٌ بَزِيع وَجَارِيَةٌ بَزِيعَةٌ إِذا وُصِفا بالظَّرْفِ والمَلاحة وذَكاء الْقَلْبِ، وَلَا يُقَالُ إِلّا للأَحداث مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مررْتُ بقَصْر مَشِيد بَزِيع، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقِيلَ؛ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

؛ البَزِيعُ: الظريفُ مِنَ النَّاسِ، شَبَّهَ الْقَصْرَ بِهِ لحُسنه وجَماله، والبَزِيعُ: السيِّد الشَّرِيفُ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ عَنِ الشيْباني. وَقَالَ أَبو

ص: 10

الغَوْث: غُلَامٌ بَزِيع أَي متكلِّم لَا يسْتَحْيِي. والبَزاعةُ: مِمَّا يُحْمَد بِهِ الإِنسان. وتبزَّع الغلامُ: ظرُف. وتبزَّع الشرُّ: هاجَ وتَفاقَمَ، وَقِيلَ: أَرْعَدَ وَلَمَّا يَقَعْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

إِني إِذا أَمْرُ العِدى تبَزَّعا

وبَوْزَعُ: اسْمُ رَمْلَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ رِمال بَنِي أَسد، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَنِي سَعْد؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

برَمْلِ يَرْنا أَو برَمْلِ بَوْزَعا

وبَوْزَعُ: اسْمُ امرأَة كأَنه فَوْعَل مِنَ البَزِيعِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

هَزِئتْ بُوَيزِعُ، إِذ دَبَبْتُ عَلَى العَصا،

هَلّا هَزِئْتِ بِغَيرِنا يَا بَوْزَعُ؟ «1»

بشع: البَشِعُ: الخَشِنُ مِنَ الطَّعام واللِّباس وَالْكَلَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يأْكل البَشِعَ

أَي الخَشِنَ الكَرِيهَ الطَّعْمِ، يُرِيدُ أَنه لَمْ يَكُنْ يذُمُّ طَعاماً. والبَشِعُ: طَعْم كَرِيهٌ. وَطَعَامٌ بَشِيع وبَشِع مِنَ البَشَع: كَرِيهٌ يأْخذُ بالحَلْق بَيِّنُ البَشاعة، فِيهِ حُفُوف ومَرارَةٌ كالإِهْلِيلَجِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ بَشِعَ بَشَعاً. وَرَجُلٌ بَشِيعٌ بَيِّنُ الْبَشَعِ إِذا أَكله فبَشِع مِنْهُ. وأَكلنا طَعَامًا بَشِعاً: حَافًّا يَابِسًا لَا أُدْمَ فِيهِ. والبَشَعُ: تَضايُق الحلْقِ بِطَعَامٍ خَشِن. وَفِي الْحَدِيثِ:

فوُضِعت بَيْنَ يَدَي الْقَوْمِ، وَهِيَ بَشِعةٌ فِي الحَلْق

، وَكَلَامٌ بِشِيعٌ: خَشِن كَرِيهٌ مِنْهُ. واسْتَبْشَعَ الشيءَ أَي عَدَّه بَشِعاً. وَرَجُلٌ بَشِع المَنْظَر إِذا كَانَ دَميماً. وَرَجُلٌ بَشِعُ النفْس أَي خَبيثُ النَّفْسِ، وبَشِعُ الْوَجْهِ إِذا كَانَ عابِساً باسِراً. وَثَوْبٌ بَشِع: خَشِن. وَرَجُلٌ بَشِعُ الْفَمِ: كَرِيهُ ريحِ الْفَمِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، لَا يتَخلَّلان وَلَا يَسْتاكانِ، وَالْمَصْدَرُ البشَعُ والبَشاعةُ، وَقَدْ بَشِع بَشَعًا وبَشاعة. وبَشِع بِهَذَا الطَّعَامِ بَشَعاً: لَمْ يُسِغْه. وَرَجُلٌ بَشِع الخُلُق إِذا كَانَ سيِءَ الخُلُقِ والعِشْرة. وبَشِع بالأَمر بشَعاً وَبَشَاعَةً: ضَاقَ بِهِ ذَرعاً؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ أَسداً:

شأْسُ الهَبُوطِ زنَاءُ الحامِيَيْنِ، مَتَى

تَبْشَعْ بوارِدةٍ يَحْدُثْ لَهَا فَزَعُ

قَوْلُهُ شأْس الهَبوط يَقُولُ: الأَسد إِذا أَكل أَكلًا شَدِيدًا وشَبع تَرَكَ مِنْ فَرِيسته شَيْئًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يفْترِسها، فإِذا انْتَهَتِ الظِّبَاءُ إِلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِتَرِدَ الماءَ فَزِعت مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ الأَسد، وَقِيلَ: بوارِدة أَي بِمَا يَرِدُهُ مِنَ النَّاسِ لَهَا لِلْوَارِدَةِ «2» زَنَاءُ الحامِيين: ضَيِّق الْحَامِيَيْنِ. تَبْشَع: تُغَصّ، يَحْدُثُ لَهَا فَزَعٌ لِمَكَانِ الأَسد. وبَشِع الْوَادِي بِالْمَاءِ بَشَعاً: ضَاقَ. وَبَشِع بِالشَّيْءِ بشَعاً: بطَش بِهِ بَطْشاً مُنْكراً. وَخَشَبَةٌ بَشِعة: كَثِيرَةُ الأُبَنِ.

بصع: البَصْعُ: الخَرْق الضيِّق لَا يَكَادُ يَنفُذ مِنْهُ الْمَاءُ. وبَصَعَ الماءُ يَبْصَعُ بَصاعة: رَشَحَ قَلِيلًا. وبَصع العَرَقُ مِنَ الْجَسَدِ يَبصَع بَصاعة وتَبَصَّع: نَبَعَ مِنْ أُصول الشَّعْرِ قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَصِيع: العرَق إِذا رَشَحَ؛ وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ:

تأْبى بدِرَّتِها، إِذا مَا اسْتُغْضِبَتْ،

إِلا الحَميمَ، فإِنَّه يَتَبَصَّعُ

بِالصَّادِ أَي يَسيل قَلِيلًا قَلِيلًا. قَالَ الأَزهري: وَرَوَى الثِّقَاتُ هَذَا الْحَرْفَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَنْ تَبَضَّع الشيءُ أَي سَالَ، وَهَكَذَا رَوَاهُ الرُّواة فِي شِعْرِ أَبي ذؤَيب، وَابْنُ دُرَيْدٍ أَخذ هَذَا مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمُظَفَّرِ. فمرَّ عَلَى التَّصْحِيفِ الَّذِي صَحَّفَهُ، وَالظَّاهِرُ أَن الشَّيْخَ ابن بري

(1). في ديوان جرير: وتقولُ بوزعُ قد دبَبتَ على العَصا

(2)

. قوله: بِمَا يَرِدُهُ مِنَ النَّاسِ لها للواردة، هكذا في الأَصل.

ص: 11

ثلَّثهما فِي التَّصْحِيفِ، فإِنه ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ عَلَى الصِّحَاحِ فِي تَرْجَمَةِ بَصَعَ يَتَبَصَّعُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً مُوَافِقًا لِلْجَوْهَرِيِّ فِي ذِكْرِهِ فِي تَرْجَمَةِ بَضَعَ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. والبَصْع: مَا بينَ السّبَّابة والوُسْطَى. والبَصْعُ: الْجَمْعُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُهُ مِنْ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. وَيُقَالُ: مَضَى بِصْع مِنَ اللَّيْلِ، بِالْكَسْرِ، أَي جَوْشٌ مِنْهُ. وأَبْصَعُ: كَلِمَةٌ يؤكَّد بِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَلَيْسَ بِالْعَالِي؛ تَقُولُ: أَخذت حَقِّي أَجْمَعَ أَبْصَعَ، والأُنثى جَمْعاء بَصْعاء، وَجَاءَ الْقَوْمُ أَجمعون أَبْصَعون، ورأَيت النِّسوة جُمَعَ بُصَعَ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ مُرَتَّب لَا يُقدَّم عَلَى أَجمع؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَبْصَعُ نَعْتٌ تَابِعٌ لأَكْتَعَ وإِنما جاؤُوا بأَبْصَعَ وأَكْتَعَ وأَبْتَعَ إِتباعاً لأَجْمَع لأَنهم عَدَلُوا عَنْ إِعادة جَمِيعِ حُرُوفِ أَجمع إِلى إِعادة بَعْضِهَا، وَهُوَ الْعَيْنُ، تحَامِياً مِنَ الإِطالة بِتَكْرِيرِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ أَبْصعون حَتَّى يتقدَّمه أَكتعون، فإِن قِيلَ: فلمَ اقْتَصَرُوا عَلَى إِعادة الْعَيْنِ وَحْدَهَا دُونَ سَائِرِ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ؟ قِيلَ: لأَنها أَقوى فِي السَّجْعَةِ مِنَ الْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهَا وَذَلِكَ لأَنها لَامُ الْكَلِمَةِ وَهِيَ قَافِيَةٌ لأَنها آخِرُ حُرُوفِ الأَصل، فَجِيءَ بِهَا لأَنها مَقْطَع الأُصول، وَالْعَمَلُ فِي المُبالغة وَالتَّكْرِيرِ إِنما هُوَ عَلَى المَقطع لَا عَلَى المَبدإِ وَلَا عَلَى المَحْشَإِ، أَلا تَرَى أَن الْعِنَايَةَ فِي الشِّعْرِ إِنما هِيَ بالقَوافي لأَنها المَقاطِعُ وَفِي السَّجْعِ كَمِثْلِ ذَلِكَ؟ وَآخِرُ السَّجْعَةِ وَالْقَافِيَةِ عِنْدَهُمْ أَشرف مِنْ أَوَّلها، والعِنايةُ بِهِ أَمَسُّ، وَلِذَلِكَ كُلَّمَا تَطَرَّفَ الْحَرْفُ فِي الْقَافِيَةِ ازْدَادُوا عِناية بِهِ ومُحافظة عَلَى حكْمه. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْكَلِمَةُ تُوكَّد بِثَلَاثَةِ تَواكِيدَ؛ يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ أَكتعون أَبتعون أَبصعون، بِالصَّادِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: أَخذته أَجمعَ أَبتعَ وأَجمعَ أَبصع، بِالتَّاءِ وَالصَّادِ، قَالَ البُشْتِيُّ: مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ أَجمعين أَبْضَعِين، بِالضَّادِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ الرَّازِيِّ أَنه قَالَ: الْعَرَبُ توكِّد الْكَلِمَةَ بأَربعةِ تَواكِيد فَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ أَجمعين أَكتعين أَبصعين أَبتعين، كَذَا رَوَاهُ بِالصَّادِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ البَصْع وَهُوَ الْجَمْعُ. والبُصَيعُ: مَكَانٌ فِي الْبَحْرِ عَلَى قولٍ فِي شِعْرِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:

بَيْنَ الخَوابي فالبُصَيْعِ فَحَوْمَلِ

وسيُذكر مُسْتوفىً فِي تَرْجَمَةِ بَضَعَ. وَكَذَلِكَ أَبْصَعةُ مَلِك مِنِ كِنْدةَ بِوَزْنِ أَرْنبة، وَقِيلَ: هُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. وَبِئْرُ بُضاعةَ: حُكِيَتْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَسَنَذْكُرُهَا.

بضع: بَضَعَ اللحمَ يَبْضَعُه بَضْعاً وبَضَّعه تَبْضِيعاً: قَطَّعَهُ، والبَضْعةُ: القِطعة مِنْهُ؛ تَقُولُ: أَعطيته بَضعة مِنَ اللَّحْمِ إِذا أَعطيته قِطعة مُجْتَمِعَةً، هَذِهِ بِالْفَتْحِ، وَمِثْلُهَا الهَبْرة، وأَخواتها بِالْكَسْرِ، مِثْلُ القِطْعةِ والفِلْذةِ والفِدْرةِ والكِسْفةِ والخِرْقةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحصى. وَفُلَانٌ بَضْعة مِنْ فُلَانٍ: يُذْهَب بِهِ إِلى الشبَه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

فاطِمةُ بَضْعة منِّي

، مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تُكْسَرُ، أَي إِنها جُزء مِنِّي كَمَا أَن القِطْعة مِنَ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ بَضْع مِثْلُ تَمْرة وتَمْر؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

أَضاعَتْ فَلَمْ تُغْفَرْ لَهَا غَفَلاتُها،

فلاقَتْ بَياناً عِنْدَ آخِرِ مَعْهَدِ

«1» دَماً عِنْدَ شِلْوٍ تَحْجُلُ الطيرُ حَوْلَه،

وبَضْعَ لِحامٍ فِي إِهابٍ مُقَدَّدِ

(1). في ديوان زهير: خلواتها بدل غفلاتها.

ص: 12

وبَضْعة وبَضْعات مِثْلُ تمْرة وتمْرات، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: بَضْعة وبِضَعٌ مِثْلُ بَدْرةٍ وبِدَرٍ، وأَنكره عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ وَقَالَ: الْمَسْمُوعُ بَضْعٌ لَا غَيْرَ؛ وأَنشد:

نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،

وبعضُهمُ تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ

وبَضْعةٌ وبِضاعٌ مثل صَفْحةٍ وصِفاحٍ، وبَضْعٌ وبَضِيع، وَهُوَ نَادِرٌ، وَنَظِيرُهُ الرَّهِينُ جَمْعُ الرَّهْن. والبَضِيعُ أَيضاً: اللَّحْمُ. وَيُقَالُ: دَابَّةٌ كَثِيرَةُ البَضِيعِ، والبَضِيعُ: مَا انْمازَ مِنْ لَحْمِ الْفَخْذِ، الْوَاحِدُ بَضِيعة. وَيُقَالُ: رَجُلٌ خاظِي البَضِيعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

خاظِي البَضِيعِ لَحْمُه خَظا بَظا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ ساعِدٌ خاظِي البَضِيعِ أَي مُمْتلِئُ اللحمِ، قَالَ: وَيُقَالُ فِي البضِيعِ اللَّحْمِ إِنه جَمْعُ بَضْعٍ مِثْلُ كلْب وكَلِيب؛ قَالَ الحادِرةُ:

ومُناخ غَيْرِ تَبِيئَةٍ «2» عَرَّسْتُه،

قَمِن مِنَ الحِدْثانِ، نَابِي المَضْجَعِ

عَرَّسْتُه، ووِسادُ رأْسِي ساعِدٌ

خاظِي البَضِيعِ، عُروقه لَمْ تَدْسَعِ

أَي عُروقُ ساعِده غيرُ مُمْتَلِئَةٍ مِنَ الدَّم لأَن ذَلِكَ إِنما يَكُونُ لِلشُّيُوخِ. وإِن فُلَانًا لشديدُ البَضْعةِ حَسَنُها إِذا كَانَ ذَا جِسم وسِمَن؛ وَقَوْلُهُ:

وَلَا عَضِل جَثْل كأَنَّ بَضِيعَه

يَرابِيعُ، فوقَ المَنْكِبَيْن، جُثُومُ

يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ بَضْعة وَهُوَ أَحسن لِقَوْلِهِ يَرابِيع وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اللَّحْمَ. وبَضَع الشيءَ يَبْضعُه: شَقَّه. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه ضَرَبَ رَجُلًا أَقْسَمَ عَلَى أُم سَلمة ثَلَاثِينَ سَوْطًا كلُّها تَبْضَع وتَحْدُر

أَي تَشقُّ الْجِلْدَ وَتَقْطَعُ وتَحْدر الدَّم، وَقِيلَ: تَحْدُر تُوَرِّم. والبَضَعةُ: السِّياطُ، وَقِيلَ: السُّيوف، وَاحِدُهَا باضِع؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وللسِّياطِ بَضَعَهْ

قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ سَيْفٌ باضِعٌ إِذا مَرَّ بِشَيْءٍ بضَعَه أَي قطَع مِنْهُ بَضْعة، وَقِيلَ: يَبْضَعُ كلَّ شَيْءٍ يقطَعُه؛ وَقَالَ:

مِثْلِ قُدامى النَّسْرِ مَا مَسَّ بضَعْ

وَقَوْلُ أَوْس بْنِ حَجَر يَصِفُ قَوْسًا:

ومَبْضُوعة منْ رأْسِ فَرْعٍ شَظِيّة

يَعْنِي قَوساً بضَعها أَي قطعَها. والباضِعُ فِي الإِبل: مِثْلَ الدَّلَّال فِي الدُّور «3» والباضِعةُ مِنَ الشِّجاج: الَّتِي تَقْطع الْجِلْدَ وتَشُقُّ اللَّحْمَ تَبْضَعُه بَعْدَ الْجِلْدِ وتُدْمِي إِلا أَنه لَا يَسِيلُ الدَّمُ، فإِن سَالَ فَهِيَ الدَّامِيةُ، وَبَعْدَ الباضِعة المُتلاحِمةُ، وَقَدْ ذُكِرَتِ الْبَاضِعَةُ فِي الْحَدِيثِ. وبَضَعْتُ الجُرْحَ: شَقَقْتُه. والمِبْضَعُ: المِشْرَطُ، وَهُوَ مَا يُبْضَعُ بِهِ العِرْق والأَدِيم. وبَضَعَ مِنَ الْمَاءِ وَبِهِ يَبْضَعُ بُضُوعاً وبَضْعاً: رَوِيَ وامْتلأَ: وأَبْضَعني الماءُ: أَرْواني. وَفِي الْمَثَلِ: حَتَّى مَتَى تَكْرَعُ وَلَا تَبْضَعُ؟ وَرُبَّمَا قَالُوا: سأَلني فُلَانٌ

(2). قوله [تبيئة] كذا بالأصل هنا، وسيأتي في دسع تاءية ولعله نبيئة بالنون أوله أَي أَرض غير مرتفعة

(3)

. أَي أنها تحمل بضائع القوم وتجلبها.

ص: 13

عَنْ مسأَلة فأَبْضَعْتُه إِذا شَفَيْتَه، وإِذا شَرِبَ حَتَّى يَرْوى، قَالَ: بضَعْت أَبْضَع. وَمَاءٌ باضِعٌ وبَضِيع: نَمِير. وأَبْضَعه بِالْكَلَامِ وبَضَعَه بِهِ: بَيَّن لَهُ مَا يُنازِعُه حَتَّى يَشْتَفِيَ، كَائِنًا مَا كَانَ. وبَضع هُوَ يَبْضَعُ بُضُوعاً: فَهِمَ. وبضَعَ الكلامَ فانْبَضَعَ: بيّنَه فتبيَّن. وبَضَع مِنْ صَاحِبِهِ يَبْضَع بُضوعاً إِذَا أَمره بِشَيْءٍ فَلَمْ يأْتَمِرْ لَهُ فسَئِمَ أَن يأْمره بِشَيْءٍ أَيضاً، تَقُولُ مِنْهُ: بَضَعْتُ مِنْ فُلَانٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا بَضَعْتُ مِنْ فُلَانٍ إِذا سَئمْت مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ. والبُضْعُ: النِّكَاحُ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. والمُباضَعةُ: المُجامَعةُ، وَهِيَ البِضاعُ. وَفِي الْمَثَلِ: كمُعَلِّمة أُمَّها البِضاع. وَيُقَالُ: ملَك فُلَانٌ بُضْع فُلَانَةٍ إِذا ملَكَ عُقْدة نِكَاحِهَا، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَوْضِعِ الغِشْيان؛ وابْتَضَعَ فُلَانٌ وَبَضَعَ إِذا تَزَوَّجَ. والمُباضعة: المُباشرة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وبُضْعهُ أَهلَه صَدقةٌ

أَي مُباشَرته. وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ، رضي الله عنه: وبَضِيعَتُه أَهلَه صدقةٌ

، وَهُوَ مِنْهُ أَيضاً. وبَضَع المرأَةَ بَضْعاً وباضَعها مُباضعة وبِضاعاً: جامَعَها، وَالِاسْمُ البُضْع وَجَمْعُهُ بُضوع؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:

وَفِي كَعْبٍ وإِخْوتِها، كِلابٍ،

سَوامي الطَّرْفِ غالِيةُ البُضوعِ

سَوامي الطَّرْفِ أَي مُتأَبِّياتٌ مُعْتزَّاتٌ. وَقَوْلُهُ: غاليةُ الْبُضُوعِ؛ كَنَّى بِذَلِكَ عَنِ المُهور اللَّوَاتِي يُوصَل بِهَا إِليهن؛ وَقَالَ آخَرُ:

عَلاه بضَرْبةٍ بَعَثَتْ بِلَيْلٍ

نوائحَه، وأَرْخَصَتِ البُضُوعا

والبُضْعُ: مَهْرُ المرأَة. والبُضْع: الطَّلَاقُ. والبُضْع: مِلْك الوَلِيّ للمرأَة، قَالَ الأَزهري: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي البُضع فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الفَرج، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الجِماع، وَقَدْ قِيلَ: هُوَ عَقْد النِّكَاحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَتَقَ بُضْعُكِ فاخْتارِي

أَي صَارَ فرجُك بالعِتق حُرّاً فاختارِي الثَّباتَ عَلَى زَوْجِكِ أَو مُفارَقَته. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

أَبي أُمامةَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَمر بِلَالًا فنادَى فِي النَّاسِ يَوْمَ صَبَّحَ خَيْبَر: أَلا مَن أَصاب حُبْلى فَلَا يَقْرَبَنَّها فإِنَّ البُضْعَ يَزيد فِي السَّمْعِ والبصَر

أَي الْجِمَاعِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ لَا يَسقِي مَاؤُهُ زرعَ غَيْرِهِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ

عائشةَ فِي الْحَدِيثِ: وَلَهُ حَصَّنَنِي رَبِّي مِنْ كُلِّ بُضْع

؛ تَعْني النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، من كُلِّ بُضع: مِنْ كُلِّ نِكَاحٍ، وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِكْراً مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ. وأَبْضَعْت المرأَةَ إِذا زَوَّجْتَهَا مِثْلَ أَنكحْت. وَفِي الْحَدِيثِ:

تُسْتأْمَرُ النِّسَاءُ فِي إِبْضاعِهن

أَي فِي إِنكاحهنَّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الاسْتِبْضاع نَوْعٌ مِنْ نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ اسْتِفْعال مِنَ البُضع الْجِمَاعِ، وَذَلِكَ أَن تَطْلُبَ المرأَةُ جِماع الرَّجُلِ لِتَنَالَ مِنْهُ الْوَلَدَ فَقَطْ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ لأَمَته أَو امرأَته: أَرسلي إِلى فُلَانٍ فاسْتَبْضِعي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا فَلَا يمَسُّها حَتَّى يتبينَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبة فِي نَجابة الْوَلَدِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَن عَبْدَ اللَّهِ أَبا النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بامرأَة فَدَعَتْهُ إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا.

وَفِي حَدِيثِ

خَدِيجةَ، رضي الله عنها: لَمَّا تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ، صلى الله عليها وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا عَمْرُو بْنُ أُسيد، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: هَذَا البُضع لَا يُقرَعُ أَنفه

؛ يُرِيدُ هَذَا الكُفْءُ الَّذِي لَا يُرَدّ نِكاحه وَلَا يُرْغَب عَنْهُ، وأَصل ذَلِكَ فِي الإِبل أَنَّ الفَحل الهَجين إِذا أَراد أَن يَضْرِبَ كَرَائِمَ الإِبل قَرَعُوا أَنفه بِعَصًا أَو غَيْرِهَا ليَرْتَدّ

ص: 14

عَنْهَا وَيَتْرُكَهَا. والبِضاعةُ: القِطْعة مِنَ الْمَالِ، وَقِيلَ: الْيَسِيرُ مِنْهُ. وَالْبِضَاعَةُ: مَا حَمَّلْتَ آخَرَ بَيْعَه وإِدارَتَه. والبِضاعةُ: طائفةٌ مِنْ مَالِكٍ تَبْعَثُها لِلتِّجَارَةِ. وأَبْضعه البِضاعَة: أَعطاه إِيّاها. وابْتَضَع مِنْهُ: أَخذ، وَالِاسْمُ البِضاعُ كالقِراض. وأَبْضَع الشَّيْءَ واسْتَبْضعه: جَعَلَهُ بِضاعَتَه، وَفِي الْمَثَلِ: كمُسْتَبْضِع التَّمْرِ إِلى هَجَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ هَجَرَ معدِنُ التَّمْرِ؛ قَالَ خَارِجَةُ بْنُ ضِرارٍ:

فإِنَّكَ، واسْتِبْضاعَكَ الشِّعْرَ نَحْونَا،

كمُسْتَبْضِعٍ تَمْراً إِلى أَهْلِ خَيْبَرا

وإِنما عُدِّي بإِلى لأَنه فِي مَعْنَى حَامِلٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ

؛ البِضاعة: السِّلْعةُ، وأَصلها القِطْعة مِنَ الْمَالِ الَّذِي يُتَّجَر فِيهِ، وَأَصْلُهَا مِنَ البَضْع وَهُوَ القَطْع، وَقِيلَ: البِضاعة جُزء مِنْ أَجزاء الْمَالِ، وَتَقُولُ: هُوَ شَرِيكي وبَضِيعي، وَهُمْ شُركائي وبُضعائي، وَتَقُولُ: أبْضَعْت بِضاعة لِلْبَيْعِ، كَائِنَةً مَا كَانَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ

: المدِينةُ كالكِير تَنْفِي خَبَثَها وتُبْضِعُ طِيبَها

؛ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ: هُوَ مِنْ أَبْضَعْتُه بِضاعةً إِذا دَفَعْتَهَا إِليه؛ يَعْنِي أَنّ الْمَدِينَةَ تُعطِي طِيبَها ساكِنيها، وَالْمَشْهُورُ تَنْصع، بِالنُّونِ وَالصَّادِ، وَقَدْ رُوِيَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، مِنَ النَّضْخ والنَّضْح وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ. والبَضْع والبِضْعُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلى الْعَشْرِ، وَبِالْهَاءِ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلى الْعَشْرَةِ يُضَافُ إِلى مَا تُضَافُ إِليه الْآحَادُ لأَنه قِطْعة مِنَ الْعَدَدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي بِضْعِ سِنِينَ

، وتُبنى مَعَ الْعَشْرَةِ كَمَا تُبنى سَائِرُ الْآحَادِ وَذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلى تِسْعَةٍ فَيُقَالُ: بِضْعةَ عَشرَ رجُلًا وبضْع عشْرةَ جَارِيَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسْمَعْ بِضْعَةَ عَشْرَ وَلَا بِضْعَ عَشْرَةَ وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْبِضْعُ مِنَ الثَّلَاثِ إِلى التِّسْعِ، وَقِيلَ مِنْ أَربع إِلى تِسْعٍ، وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: البِضْع مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلى مَا دُونُ الْعَشْرَةِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الْبِضْعُ لَا يَكُونُ أَقل مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا أَكثر مِنْ عَشْرَةٍ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَقمت عِنْدَهُ بِضْع سِنِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَضْع سِنِينَ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: البِضع مَا لَمْ يَبْلُغِ العِقْد وَلَا نَصِفَهُ؛ يُرِيدُ مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إِلى أَربعة. وَيُقَالُ: الْبِضْعُ سَبْعَةٌ، وإِذا جَاوَزَتْ لَفْظَ الْعَشْرِ ذَهَبَ الْبِضْعُ، لَا تَقُولُ: بِضْعٌ وَعِشْرُونَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا وَلَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ امرأَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ فِي قَوْلِهِ بِضْعَ سِنِينَ أَن الْبِضْعَ لَا يُذْكر إِلا مَعَ الْعَشْرِ وَالْعِشْرِينَ إِلى التِّسْعِينَ وَلَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ يَعْنِي أَنه يُقَالُ مِائَةٌ ونَيِّف؛ وأَنشد أَبو تَمّام فِي بَابِ الهِجاء مِنَ الحَماسة لِبَعْضِ الْعَرَبِ:

أَقولُ حِين أَرَى كَعْباً ولِحْيَتَه:

لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي بِضْعٍ وسِتِّينِ،

مِنَ السِّنين تَمَلَّاها بِلَا حَسَبٍ،

وَلَا حَياءٍ وَلَا قَدْرٍ وَلَا دِينِ

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ

بِضْعاً وَثَلَاثِينَ ملَكاً.

وَفِي الْحَدِيثِ

: صلاةُ الجماعةِ تَفْضُل صلاةَ الْوَاحِدِ بِبِضْع وَعِشْرِينَ دَرجةً.

ومرَّ بِضْعٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي وَقْتٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والباضعةُ: قِطعة مِنَ الْغَنَمِ انْقَطَعَتْ عَنْهَا، تَقُولُ فِرْقٌ بَواضِعُ. وتَبَضَّع الشيءُ: سالَ، يُقَالُ: جَبْهَتُه تَبْضَع وتَتَبَضَّع أَي تَسِيل عَرَقًا؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:

ص: 15

تأْبَى بِدِرَّتِها، إِذا مَا اسْتُغْضِبَت،

إِلَّا الحَمِيمَ، فإِنه يَتَبَضَّعُ «1»

يَتبضَّع: يَتفتَّحُ بالعَرَق ويَسِيلُ مُتقطِّعاً، وَكَانَ أَبو ذُؤَيْبٍ لَا يُجِيد فِي وصْفِ الْخَيْلِ، وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا تُوصَفُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ تأْبَى هَذِهِ الْفَرَسُ أَن تَدِرَّ لَكَ بِمَا عِنْدَهَا مِنْ جَرْي إِذا اسْتَغْضَبْتها لأَن الْفَرَسَ الجَوادَ إِذا أَعطاك مَا عِنْدَهُ مِنَ الجرْي عَفْواً فأَكرهْته عَلَى الزِّيَادَةِ حَمَلَتْهُ عِزَّةُ النفْس عَلَى تَرْكِ العَدْو، يَقُولُ: هَذِهِ تأْبى بدرَّتها عِنْدَ إِكْراهها وَلَا تأْبى العَرَق، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ الْقَطَّاعِ: إِذا مَا استُضْغِبت، وَفَسَّرَهُ بفُزِّعَت لأَن الضَّاغِبَ هو الَّذِي يَخْتَبِئُ فِي الخَمَرِ ليُفَزِّعَ بِمِثْلِ صَوْتِ الأَسد، والضُّغابُ صَوْتُ الأَرْنب. والبَضِيعُ: العَرَقُ، والبَضيعُ: الْبَحْرُ، والبَضِيعُ: الجَزِيرةُ فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى بَعْضِهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيّةَ الْهُذَلِيُّ:

سادٍ تَجرَّمَ فِي البَضِيعِ ثَمانِياً،

يَلْوي بعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ «2»

سَادٍ مَقْلُوبٌ مِنَ الإِسْآدِ وَهُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ. تجَرَّمَ فِي البَضِيعِ أَي أَقام فِي الْجَزِيرَةِ، وَقِيلَ: تجرَّم أَي قَطعَ ثَمَانِي لَيَالٍ لَا يَبْرَح مكانَه، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُصْبح حَيْثُ أَمْسى وَلَمْ يَبْرَحْ مَكَانَهُ سادٍ، وأَصله مِنَ السُّدَى وَهُوَ المُهْمَلُ وَهَذَا الصَّحِيحُ. والعَيْقةُ: سَاحِلُ الْبَحْرِ، يَلْوِي بَعيقات أَي يَذْهَبُ بِمَا فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ. ويُجْنَبُ أَي تُصِيبه الجَنُوب؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي قَوْلِ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:

فَلَمَّا رأَيْنَ الشمْسَ صَارَتْ كأَنها،

فُوَيْقَ البَضِيعِ فِي الشُّعاعِ، خَمِيلُ

قَالَ: البَضِيعُ جَزِيرَةٌ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، يَقُولُ: لَمَّا همَّت بالمَغِيب رأَينَ شُعاعَها مِثْلَ الخَمِيلِ وَهُوَ القَطِيفة. والبُضَيعُ مصغَّر: مَكَانٌ فِي الْبَحْرِ؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ:

أَسَأَلْتَ رَسْمَ الدارِ أَمْ لَمْ تَسْأَلِ

بَيْنَ الخَوابي، فالبُضَيْعِ فحَوْمَلِ

قَالَ الأَثرم: وَقِيلَ هُوَ البُصَيْعُ، بِالصَّادِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيته وَهُوَ جَبَلٌ قَصِيرٌ أَسود عَلَى تَلٍّ بأَرض البلسةِ فِيمَا بَيْنَ سَيْلَ وَذَاتِ الصَّنَمين بِالشَّامِ مِنْ كُورة دِمَشْق، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ وَلَمْ يُعَيَّنْ. والبَضِيعُ والبُضَيْعُ وباضِعٌ: مواضِعُ. وَبِئْرٌ بُضاعة الَّتِي فِي الْحَدِيثِ، تُكْسَرُ وَتُضَمُّ، وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضاعة قَالَ: هِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ

، وَالْمَحْفُوظُ ضَمُّ الْبَاءِ، وأَجاز بَعْضُهُمْ كَسْرَهَا وَحُكِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ أَبْضَعة، وَهُوَ مَلِك من كِنْدةَ بوزن أَرْنَبة، وَقِيلَ: هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ الْبُشْتِيُّ: مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ أَجمعين أَبضعين، بالضاد، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ وَاضِحٌ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ الرَّازِيُّ: الْعَرَبُ تُوَكِّد الْكَلِمَةَ بأَربعة توَاكِيدَ فَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ أَجمعين أَكتعين أَبصعين أَبتعين، بِالصَّادِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: وهو مأْخوذ مِنَ البَصْع وَهُوَ الجمْع.

(1). راجع هذا البيت وشرحه في أول هذه المادة

(2)

. قوله [يجنب] هو بصيغة المبني للمفعول وتقدم ضبطه في مادة سأد بفتح الياء.

ص: 16

بعع: البَعاعُ: الجَهازُ والمَتاعُ. أَلقى بَعَعَه وبَعاعَه أَي ثِقَلَه ونفْسَه، وَقِيلَ: بَعاعُه مَتاعُه وجَهازُه. والبَعاعُ: ثِقَلُ السَّحَابِ مِنَ الْمَاءِ. أَلقتِ السحابةُ بَعاعَها أَي ماءَها وثِقَلَ مطرِها؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

وأَلقَى بصَحْراء الغَبِيطِ بَعاعَه،

نُزولَ اليَماني ذِي العِيابِ المُخَوَّلِ

وبَعَّ السحابُ يَبِعُّ بَعًّا وبَعاعاً: أَلَحَّ بِمَطَرِه. وبَعَّ المطرُ مِنَ السحابِ: خَرَجَ. والبَعاعُ: مَا بعَّ مِنَ الْمَطَرِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ الْغَيْثَ:

فأَلقَى بشَرْجٍ والصَّرِيفِ بَعاعَه،

ثِقالٌ رَواياه مِن المُزْنِ دُلَّحُ

والبَعْبَعُ: صَوْتُ الْمَاءِ المتَدارِكِ، قَالَ الأَزهري: كأَنه أَراد حِكَايَةَ صَوْتِهِ إِذا خَرَجَ مِنَ الإِناء وَنَحْوَ ذَلِكَ. وبَعَّ الماءَ بَعًّا إِذا صَبَّه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ

: أَخذها فبعَّها فِي البَطْحاء

، يَعْنِي الْخَمْرَ صبَّها صَبًّا. والبَعاعُ: شدَّة الْمَطَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرويها بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَنْ ثَعَّ يَثِعُّ إِذا تَقَيَّأَ أَي قذَفَها فِي البَطْحاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أَلقت السحابُ بَعاعَ مَا استقَلَّت بِهِ مِنَ الحِمْل.

وَيُقَالُ: أَتيته فِي عَبْعَبِ شَبَابِهِ وبَعْبَعِ شَبَابِهِ وعِهِبَّى شَبَابِهِ. وأَخرجت الأَرض بَعاعَها إِذا أَنبتت أَنواع العُشب أَيام الرَّبِيعِ. والبَعابِعَةُ: الصَّعالِيكُ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا ضَيْعةَ. والبُعَّةُ مِنْ أَولاد الإِبل: الَّذِي يُولَدُ بَيْنَ الرُّبَعِ والهُبَعِ. والبَعْبَعةُ: حِكَايَةُ بَعْضِ الأَصوات، وَقِيلَ: هُوَ تَتابُع الْكَلَامِ في عَجَلةٍ.

بقع: البَقَعُ والبُقْعةُ: تَخالُفُ اللَّوْنِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى: فأَمر لنا بذَوْذٍ بُقْعِ الذُّرَى

أَي بِيضِ الأَسنمة جَمْعُ أَبْقع، وَقِيلَ: الأَبقع مَا خالَط بياضَه لونٌ آخَرُ. وغُراب أَبقع: فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ فَقَالَ: فِي صَدْرِهِ بَيَاضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه أَمر بِقَتْلِ خَمْسٍ مِنَ الدَّوَابِّ وعَدَّ مِنْهَا الغُرابَ الأَبْقَعَ

، وكَلْب أَبْقَع كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: يُوشِكُ أَن يَعْمَلَ عَلَيْكُمْ بُقْعانُ أَهل الشَّامِ

أَي خدَمُهم وعَبِيدُهم وممالِيكُهم؛ شبَّههم لبَياضهم وحُمْرتهم أَو سَوَادِهِمْ بِالشَّيْءِ الأَبْقَع يَعْنِي بِذَلِكَ الرُّوم والسُّودان. وَقَالَ: البَقْعاء الَّتِي اختلطَ بَيَاضُهَا وَسَوَادُهَا فَلَا يُدْرَى أَيُّهما أَكثر، وَقِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِاخْتِلَاطِ أَلوانهم فإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا البياضُ والصُّفرة؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد الْبَيَاضَ لأَنَّ خَدَمَ الشَّامِ إِنما هُمُ الرُّومُ والصَّقالِبة فَسَمَّاهُمْ بُقْعاناً لِلْبَيَاضِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْغُرَابِ أَبْقَعُ إِذا كَانَ فِيهِ بَيَاضٌ، وَهُوَ أَخْبَثُ مَا يَكُونُ مِنَ الْغِرْبَانِ، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ خَبِيث؛ وَقَالَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ: أَراد الْبَيَاضَ وَالصُّفْرَةَ، وَقِيلَ لَهُمْ بُقعان لِاخْتِلَافِ أَلوانهم وتَناسُلِهم مِنْ جِنْسَيْنِ؛ وَقَالَ القُتَيْبي: الْبُقَعَانُ الَّذِينَ فِيهِمْ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَلَا يُقَالُ لِمَنْ كَانَ أَبيض مِنْ غَيْرِ سَوَادٍ يُخَالِطُهُ أَبْقع، فَكَيْفَ يَجعل الرومَ بُقْعَانًا وَهُمْ بِيض خُلَّص؟ قَالَ: وأُرَى أَبا هُرَيْرَةَ أَراد أَن الْعَرَبَ تَنْكِحُ إِماءَ الرُّوم فتُستعْمَل عَلَيْكُمْ أَولادُ الإِماء، وَهُمْ مِنْ بَني الْعَرَبِ وَهُمْ سُود وَمِنْ بَنِي الرُّومِ وَهُمْ بِيض، وَلَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ قَبْلَ ذَلِكَ تَنكِح الرُّوم إِنما كَانَ إِماؤُها سُوداناً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَتاني الأَسود والأَحمر؛ يُرِيدُونَ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ أَولاد الإِماء مِنَ الْعَرَبِ بُقْع كبُقْعِ الغِربانِ، وأَراد أَنهم أَخذوا مِنْ سَوَادِ الْآبَاءِ وَبَيَاضِ الأُمَّهات. ابْنُ الأَعرابي

ص: 17

يُقَالُ للأَبرص الأَبقع والأَسْلَع والأَقْشَر والأَصْلَخ والأَعْرَم والمُلَمَّعُ والأَذْمَلُ، وَالْجَمْعُ بُقْع. والبَقَعُ فِي الطَّيْرِ وَالْكِلَابِ: بِمَنْزِلَةِ البَلَقِ فِي الدَّوَابِّ؛ وَقَوْلُ الأَخطل:

كُلُوا الضَّبَّ وابنَ العَيْرِ، والباقِعَ الَّذِي

يَبِيتُ يَعُسُّ الليلَ بينَ المَقابِرِ

قِيلَ: الباقِعُ الضَّبُع، وَقِيلَ الْغُرَابُ، وَقِيلَ كَلب أَبْقع، كلُّ ذَلِكَ قَدْ قِيلَ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الباقِعُ الظَّرِبانُ، وأَورد هَذَا البيتَ بيتَ الأَخطل، وَقَالُوا لِلضَّبُعِ باقِع، وَيُقَالُ لِلْغُرَابِ أَبْقع، وَجَمْعُهُ بُقْعان لِاخْتِلَافِ لَوْنِهِ. وَيُقَالُ: تَشاتَما فتَقاذَفا بِمَا أَبقى ابْنُ بُقَيْعٍ، قَالَ: وَابْنُ بُقَيْع الْكَلْبُ وَمَا أَبقى مِنَ الجِيفة. والأَبقعُ: السَّرابُ لتلَوُّنه؛ قَالَ:

وأَبْقَع قَدْ أَرَغْتُ بِهِ لِصَحْبي

مَقِيلًا، والمَطايا فِي بُراها

وبَقَّع المطرُ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الأَرض: لَمْ يَشْمَلْها. وَعَامٌ أَبْقَع: بَقَّع فِيهِ الْمَطَرُ. وَفِي الأَرض بُقَع مِنْ نَبْت أَي نُبَذٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وأَرض بَقِعة: فِيهَا بُقَع مِنَ الجَراد. وأَرض بَقِعة: نَبْتُهَا مُتَقطع. وسَنة بَقْعاء أَي مُجْدِبة، وَيُقَالُ فِيهَا خِصْب وجَدْب. وبُقِعَ الرَّجُلُ: إِذا رُميَ بِكَلَامٍ قَبِيح أَو بُهْتان، وبُقِع بقَبِيح: فُحِشَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ خُرْءُ بِقاع، وَهُوَ العَرَقُ يُصِيب الإِنسانَ فيَبْيَضُّ عَلَى جِلْدِهِ شِبْهُ لُمَعٍ. أَبو زَيْدٍ: أَصابه خُرء بَقاعِ وبِقاعٍ وبِقاعَ يَا فَتَى، مَصْرُوفٌ وَغَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَهُوَ أَن يُصِيبَهُ غُبَارٌ وعرَقٌ فَيَبْقَى لُمَعٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى جَسَدِهِ. قَالَ: وأَرادوا بِبِقَاعٍ أَرضاً. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنه رأَى رَجُلًا مُبَقَّع الرِّجْلَيْنِ وَقَدْ توَضّأَ

؛ يُرِيدُ بِهِ مَوَاضِعَ فِي رِجْلَيْهِ لم يُصِبها الماء فحالف لونُها لونَ مَا أَصابه الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: إِني لأَرى بُقَعَ الْغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ

؛ جَمْعُ بُقْعة. وإِذا انْتَضح الْمَاءُ عَلَى بَدَنِ المُسْتَقِي مِنَ الرَّكيَّةِ عَلَى العَلَقِ فابتَلَّ مواضعُ مِنْ جَسَدِهِ قِيلَ: قَدْ بَقَّعَ، وَمِنْهُ قِيلَ للسُّقاة: بُقْعٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

كُفُوا سَنِتِين بالأَسْيافِ بُقْعاً،

عَلَى تِلْكَ الجِفارِ مِنَ النَّفِيِ

السَّنِتُ: الَّذِي أَصابته السَّنَةُ، والنَّفِيُّ: الْمَاءُ الَّذِي يَنْتضِحُ عليه. البَقْعةُ والبُقْعةُ، وَالضَّمُّ أَعْلى: قِطْعة مِنَ الأَرض عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الَّتِي بجَنبها، وَالْجَمْعُ بُقَع وبِقاع. والبَقيعُ: مَوْضِعٌ فِيهِ أَرُوم شَجَرٍ مِنْ ضُروب شَتَّى، وَبِهِ سُمِّيَ بَقِيع الغَرْقد، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ مَقْبَرَةٌ بِالْمَدِينَةِ، والغَرْقَدُ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ كَانَ يَنْبُتُ هُنَاكَ فَذَهَبَ وَبَقِيَ الِاسْمُ لَازِمًا لِلْمَوْضِعِ. والبَقِيعُ مِنَ الأَرض الْمَكَانُ الْمُتَّسِعُ وَلَا يسمَّى بَقِيعاً إِلا وَفِيهِ شَجَرٌ. وَمَا أَدري أَين سَقَعَ وبَقَعَ أَي أَين ذَهَبَ كأَنه قَالَ إِلى أَي بُقْعة مِنَ الْبِقَاعِ ذَهَبَ، لَا يُستعمل إِلا فِي الجَحْد. وانْبَقَع فُلَانٌ انْبِقاعاً إِذا ذَهَبَ مُسْرِعاً وعَدا، قَالَ ابْنُ أَحمر:

كالثَّعْلَبِ الرَّائحِ المَمْطُورِ صُبْغَتُه،

شَلَّ الحَوامِلُ مِنْهُ، كَيْفَ يَنْبَقِعُ؟

شَلَّ الْحَوَامِلُ مِنْهُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ، أَي تَشَلُّ قَوَائِمُهُ. وتَبِعَتْهم الدَّاهِيَةُ أَصابَتْهم. والباقِعة: الداهيةُ،

ص: 18

وَالْبَاقِعَةُ: الرَّجُلُ الدَّاهِيَةُ. وَرَجُلٌ باقِعةٌ: ذُو دَهْيٍ. وَيُقَالُ: مَا فُلَانٌ إِلَّا باقِعةٌ مِنَ البَواقِع؛ سُمِّيَ بَاقِعَةً لحُلوله بِقاعَ الأَرض وَكَثْرَةِ تَنْقِيبه فِي الْبِلَادِ وَمَعْرِفَتِهِ بِهَا، فشُبِّه الرَّجُلُ الْبَصِيرُ بالأُمور الكثيرُ الْبَحْثِ عَنْهَا المُجَرِّبُ لَهَا بِهِ، وَالْهَاءُ دَخَلَتْ فِي نَعْتِ الرَّجُلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي صِفَتِهِ، قَالُوا: رَجُلٌ داهيةٌ وعَلَّامة ونسَّابة. وَالْبَاقِعَةُ: الطَّائِرُ الحَذِرُ إِذا شَرِبَ الْمَاءَ نَظَرَ يَمْنَةً ويَسْرَة. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ باقِعةٌ: مَعْنَاهُ حَذِر مُحتال حَاذِقٌ. والباقِعة عِنْدَ الْعَرَبِ: الطَّائِرُ الحَذِر المُحْتال الَّذِي يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنَ الْبِقَاعِ، وَالْبِقَاعُ مَوَاضِعُ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَلَا يَرِدُ المَشارِعَ والمِياهَ المَحْضُورة خَوْفًا مِنْ أَن يُحْتالَ عَلَيْهِ فيُصاد ثُمَّ شُبِّه بِهِ كلُّ حَذِرٍ مُحْتال. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: لَقَدْ عَثَرْتَ مِنَ الأَعْرابِ عَلَى باقِعةٍ

؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَذَكَرَ الهَروِيّ أَن عَلِيًّا، رضي الله عنه، هُوَ الْقَائِلُ ذَلِكَ لأَبي بَكْرٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

ففاتَحْتُه فإِذا هُوَ باقِعةٌ

أَي ذَكِيٌّ عارِفٌ لَا يَفُوتُه شَيْءٌ. وَجَارِيَةٌ بُقَعةٌ: كقُبَعة. والبَقْعاء مِنَ الأَرض: المَعزاء ذاتُ الحَصى الصِّغار. وهارِبةُ البَقْعاء: بَطن مِنَ الْعَرَبِ. وبَقْعاء: مَوْضِعٌ مَعرِفة، لَا يَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ، وَقِيلَ: بَقْعاء اسْمُ بَلَدٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَقْعاء قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْيَمَامَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

ولكنِّي أَتانِي أَنَّ يَحْيَى

يُقالُ: عَلَيْهِ فِي بَقْعاء شَرُّ

وَكَانَ اتُّهِمَ بامرأَة تَسْكُنُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ. وبَقْعاء المَسالِح: مَوْضِعٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي شِعْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بُقْعٍ، بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ: اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَوْضِعٍ بِالشَّامِ مِنْ دِيَارِ كَلْب، بِهِ اسْتَقَرَّ طلْحةُ «3» بْنُ خُوَيْلِد الأَسدِيُّ لَمَّا هرَبَ يومَ بُزاخةَ. وَقَالُوا: يَجْرِي بُقَيْعٌ ويُذَمُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأَعرف بُلَيْق، يُقَالُ هَذَا لِلرَّجُلِ يُعِينُك بِقَلِيلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُذَمُّ. وابْتُقِعَ لونُه وانْتُقِع وامْتُقِع بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ

الحَجاج: رأَيت قَوْمًا بُقْعاً. قِيلَ: مَا البُقْع؟ قَالَ: رقَّعُوا ثِيَابَهُمْ مِنْ سُوءِ الْحَالِ

، شَبَّهَ الثِّيَابَ المُرَقَّعة بلَوْن الأَبقع.

بكع: البَكْعُ: القطْع وَالضَّرْبُ المُتتابع الشَّدِيدُ فِي مواضعَ متفرِّقة مِنَ الْجَسَدِ. وَرَجُلٌ أَبْكَعُ إِذا كَانَ أَقطع؛ أَورد الأَزهري هُنَا مَا صُورَتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَرَكْتُ لُصوصَ المِصْر مِنْ بَيْنِ مُقْعَصٍ

صَرِيعٍ، ومَكْبُوع الكَراسِيعِ بارِك

وَكَانَ قَدِ اسْتُشْهِدَ بِهَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ كَبَعَ ورأَيتُه عَلَى هَذِهِ الصُّورَة ويحتاجُ إِلى التَّثَبُّتِ فِي تَسْطِيرِهِ: هَلْ هُوَ مَكْبُوعٌ وَوَقَعَ سَهْوًا أَو هُوَ مَبْكُوعٌ، وَغَلِطَ النَّاسِخُ فِيهِ لأَن التَّرْجَمَةَ مُتَقَارِبَةٌ فَجَرَى قَلَمُهُ بِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِكِتَابَتِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَبَعَ، وبَكَعَه بِالسَّيْفِ والعَصا وبَكَّعَه: قطَّعَه. وبكَّعَه وبَكَعَه بَكْعاً: اسْتَقْبَلَهُ بِمَا يَكْرَهُ وبَكَّته. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا قُلْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَلَقَدْ خَشِيتُ أَن تَبْكَعَني بِهَا

؛ البَكْعُ والتبْكِيتُ أَن تَسْتَقْبِلَ الرجلَ بِمَا يَكْرَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي بَكْرة ومعاوية، رضي الله عنهما: فبَكَعَه

(3). قوله [طلحة] كذا في الأصل هنا والنهاية أيضاً، والذي في معجم ياقوت والقاموس طليحة بالتصغير، بل ذكره المؤلف كذلك في مادة طلح.

ص: 19

بِهَا فَزُخَّ فِي أَقْفائنا

؛ والبَكْعُ: الضَّرْبُ بِالسَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: فبكَعه بِالسَّيْفِ

أَي ضرَبه ضَرْباً مُتتابعاً. وَقَالَ شَمِرٌ: بَكَّعه تَبْكِيعاً إِذا واجَهه بِالسَّيْفِ وَالْكَلَامِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البكْعُ الجُملة، يُقَالُ: أَعطاهم المالَ بَكْعاً لَا نُجوماً، قَالَ: وَمِثْلُهُ الجَلْفَزةُ، وَتَمِيمٌ تَقُولُ: مَا أَدري أَين بَكَعَ، بِمَعْنَى أَين بَقَعَ.

بلع: بَلِع الشيءَ بَلْعاً وابْتَلَعَه وتَبَلَّعه وسرَطَه سَرْطاً: جَرَعَه، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْمَثَلِ: لَا يَصْلُح رفِيقاً مَن لَمْ يَبْتَلِعْ رِيقاً. والبُلْعةُ مِنَ الشَّرَابِ: كالجُرْعةِ. والبَلُوع: الشَّراب. وبَلِعَ الطعامَ وابْتَلَعَه: لَمْ يَمْضَغْه، وأَبْلَعَه غَيْرَهُ. والمَبْلَعُ والبُلْعُم والبُلْعُومُ، كلُّه: مَجْرى الطعامِ وَمَوْضِعُ الابْتِلاعِ مِنَ الحَلْق، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: إِن البُلْعُم والبُلْعُومَ رُبَاعِيٌّ. وَرَجُلٌ بُلَعٌ ومِبْلَعٌ وبُلَعةٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الأَكل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَوْلَعُ الْكَثِيرُ الأَكل. والبالُوعة والبَلُّوعةُ، لُغَتَانِ: بِئْرٌ تُحْفَرُ فِي وَسَطِ الدَّارِ ويُضَيَّقُ رأْسها يَجْرِي فِيهَا الْمَطَرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: ثُقْبٌ فِي وَسَطِ الدَّارِ، وَالْجَمْعُ البَلالِيعُ، وبالُوعة لُغَةُ أَهل الْبَصْرَةِ. وَرَجُلٌ بَلْعٌ: كأَنه يَبْتَلِعُ الْكَلَامَ. والبُلَعةُ: سَمُّ الْبَكَرَةِ وثَقْبها الَّذِي فِي قَامَتِهَا، وَجَمْعُهَا بُلَعٌ. وبَلَّع فِيهِ الشيبُ تَبلِيعاً: بَدَا وَظَهَرَ، وَقِيلَ كثُر، وَيُقَالُ ذَلِكَ للإِنسان أَوّل مَا يَظْهَرُ فِيهِ الشيْب؛ فأَما قَوْلُ حَسَّانَ:

لَمَّا رأَتْني أُمُّ عَمْروٍ صَدَفَت،

قَدْ بَلَّعَت بِي ذُرْأَةٌ فأَلْحَفَتْ

فإِنما عَدَّاهُ بِقَوْلِهِ بِي لأَنه فِي مَعْنَى قَدْ أَلمَّتْ، أَو أَراد فيَّ فَوَضَعَ بِي مَكَانَهَا لِلْوَزْنِ حِينَ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ أَن يَقُولَ فِيَّ. وتَبَلَّع فِيهِ الشيْبُ: كبَلَّع، فَهُمَا لُغَتَانِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسَعْدُ بُلَعَ: مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَهُمَا كَوْكَبَانِ مُتقارِبان مُعْترضان خَفِيَّانِ، زَعَمُوا أَنه طَلَعَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى للأَرض: يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ

. وَيُقَالُ: إِنه سُمِّيَ بُلَع لأَنه كأَنه لِقُرْبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ يكادُ يبْلَعُه يَعْنِي الْكَوْكَبَ الَّذِي مَعَهُ. وَبَنُو بُلَعَ: بُطَيْنٌ مِنْ قُضاعة. وبُلَع: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:

بَلْ مَا تَذَكَّرَ مِنْ هِنْدٍ، إِذا احْتَجَبَت

بابْنَيْ عُوارٍ، وأَمْسَى دُونَها بُلَعُ «1»

والمُتَبَلِّع: فَرَسٌ مَزْيدةَ المُحاربي. وبَلْعاء بْنُ قَيْسٍ: رَجُلٌ مِنْ كُبراء الْعَرَبِ. وبَلْعاء: فَرَسٌ لَبَنِي سَدُوس. وبَلْعاء أَيضاً: فرس لأَبي ثَعْلبةَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وبَلْعاء اسْمُ فَرَسٍ، وَكَذَلِكَ المُتَبَلِّعُ.

بلتع: البَلْتَعة: التَّكَيُّس والتظَرُّف. والمُتَبَلْتِع: الَّذِي يتَحَذْلَقُ فِي كَلَامِهِ ويَتدهَّى ويتظرَّف ويتكيَّس وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ. ورجُل بَلْتع ومُتَبلتِعٌ وبَلْتَعِيٌّ وبَلْتَعانيٌّ: حَاذِقٌ ظَريف مُتَكَلِّمٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ هُدْبة بْنُ الخَشْرَم:

وَلَا تَنكِحِي، إِن فَرَّقَ الدهرُ بينَنا،

أَغَمَّ القَفا وَالْوَجْهُ لَيْسَ بأَنزعا

وَلَا قُرْزُلًا وَسْطَ الرجالِ جُنادِفاً،

إِذا مَا مشَى أَو قَالَ قَوْلًا تَبَلْتَعا

(1). قوله [بل ما تذكر] في معجم ياقوت في غير موضع: ماذا تذكر.

ص: 20

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التبَلْتُع إِعْجاب الرَّجلِ بنفْسِه وتصلُّفُه؛ وأَنشد لِرَاعٍ يذُمّ نفسَه ويُعَجِّزُها:

ارْعَوْا فإِنَّ رِعْيَتي لَنْ تَنْفَعا،

لَا خيْرَ فِي الشَّيْخِ، وإِن تَبَلْتَعا

والبَلْتَعةُ مِنَ النِّسَاءِ: السَّلِيطةُ المُشاتمة الكثيرةُ الكلامِ، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ. وبَلْتَعةُ: اسْمٌ. وأَبو بَلْتَعةَ: كُنْيَةٌ، وَمِنْهُ حاطِبُ بْنُ أَبي بَلْتَعةَ.

بلخع: بَلْخَع: موضع.

بلقع: مَكَانٌ بَلْقَعٌ: خالٍ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَقَدْ وُصِفَ بِهِ الْجَمْعُ فَقِيلَ دِيارٌ بَلْقَع؛ قَالَ جَرِيرٌ:

حَيُّوا المَنازِلَ واسأَلُوا أَطْلالَها:

هَلْ يَرْجِعُ الخَبَرَ الدِّيارُ البَلْقَعُ؟

كأَنه وَضَعَ الْجَمِيعَ مَوْضِعَ الْوَاحِدِ كَمَا قُرِئَ ثلثَمائة سِنِين. وأَرض بَلاقِعُ: جَمَعُوا لأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا بَلْقَعاً؛ قَالَ العارِمُ يَصِفُ الذِّئْبَ:

تَسَدَّى بلَيْلٍ يَبْتغِيني وصِبْيَتي

ليأْكُلَني، والأَرضُ قَفْرٌ بَلاقِعُ

والبَلْقَعُ والبَلْقَعة: الأَرض القَفْر الَّتِي لَا شَيْءَ بِهَا. يُقَالُ: مَنْزِلٌ بَلْقع وَدَارٌ بَلْقع، بِغَيْرِ الْهَاءِ، إِذا كَانَ نَعْتًا، فَهُوَ بِغَيْرِ هَاءٍ لِلذَّكَرِ والأُنثى، فإِن كَانَ اسْمًا قُلْتَ انْتَهَيْنَا إِلى بَلْقعة مَلْساء؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ القفْر. والبَلْقَعة: الأَرض الَّتِي لَا شَجَرَ بِهَا تَكُونُ فِي الرَّمْلِ وَفِي القِيعان. يُقَالُ: قاعٌ بَلقع وأَرض بلاقِعُ. وَيُقَالُ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ تَذَرُ الدِّيَارَ بَلاقِعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

اليَمِينُ الكاذبةُ تدَع الدّيارَ بِلَاقِعَ

، مَعْنَى بَلاقِعَ أَن يَفْتَقِرَ الْحَالِفُ وَيَذْهَبَ مَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْمَالِ سِوى مَا ذُخِر لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الإِثم، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُفَرِّقَ اللَّهُ شَمَلَهُ وَيُغَيِّرَ عَلَيْهِ مَا أَولاه مِنْ نِعَمِهِ. والبلاقِعُ: الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

فأَصبَحَت دارُهُمُ بَلاقِعا

وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَصبحت الأَرض مِنِّي بَلاقِعَ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَصَفَهَا بِالْجَمِيعِ مُبَالَغَةً كَقَوْلِهِمْ أَرضٌ سَباسِبُ وَثَوْبٌ أَخلاقٌ. وامرأَة بَلْقَعٌ وبَلْقَعة: خَالِيَةٌ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

شرُّ النِّسَاءِ السَّلْفَعةُ البَلْقَعَةُ

أَي الْخَالِيَةُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ. وابْلَنْقَعَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ وَخَرَجَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

فهْي تَشُقُّ الآلَ أَو تَبْلَنْقِعُ

الأَزهري: الابْلِنْقاع الانْفِراجُ. وَسَهْمٌ بَلْقَعِيٌّ إِذا كَانَ صَافِي النَّصل وَكَذَلِكَ سِنان بَلْقَعِيٌّ؛ قَالَ الطرمَّاح:

توَهَّنُ فِيهِ المَضْرَحِيّةُ بعدَ ما

مَضَتْ فِيهِ أُذْنا بَلْقَعيٍّ وعامِل

بوع: الباعُ والبَوْعُ والبُوع: مَسافةُ مَا بَيْنَ الكفَّيْن إِذا بسَطْتهما؛ الأَخيرة هُذَلية؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فَلَوْ كَانَ حَبْلًا مِنْ ثَمانِين قَامَةً

وَخَمْسِينَ بُوعاً، نالَها بالأَنامِل

وَالْجَمْعُ أَبْواعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا تقَرَّب العبدُ مِنّي بَوْعاً أَتيته هَرْولة

؛ البَوْعُ والباعُ سَوَاءٌ، وَهُوَ قَدْر مَدِّ الْيَدَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبَدَنِ، وَهُوَ هاهنا مَثَلٌ لقُرْب أَلطاف اللَّهِ مِنَ الْعَبْدِ إِذا تقرَّب إِليه بالإِخْلاصِ والطاعةِ. وباعَ يَبُوع بَوْعاً: بسَط باعَه. وباعَ الحبْلَ يَبُوعُه

ص: 21

بَوْعاً: مدَّ يَدَيْهِ مَعَهُ حَتَّى صَارَ بَاعًا، وبُعْتُه، وَقِيلَ: هُوَ مَدُّكَه بِبَاعِكَ كَمَا تَقُولُ شَبَرْتُه مِنَ الشَّبْر، والمعنيانِ مُتقاربان؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ أَرضاً:

ومُسْتامة تُسْتامُ، وَهِيَ رَخِيصةٌ،

تُباعُ بساحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ

مَستامة يَعْنِي أَرضاً تَسُوم فِيهَا الإِبل مِنَ السَّيْرِ لَا مِنَ السَّوْم الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ، وتُباعُ أَي تَمُدُّ فِيهَا الإِبل أَبواعَها وأَيدِيَها، وتُمْسَحُ مِنَ المَسْحِ الَّذِي هُوَ القَطْع كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ؛ أَي قَطَعَها. والإِبل تَبُوع فِي سَيْرِهَا وتُبَوِّعُ: تَمُدُّ أَبواعَها، وَكَذَلِكَ الظِّباء. والبائعُ: وَلَدُ الظبْيِ إِذا باعَ فِي مَشْيه، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَالْجَمْعُ بُوعٌ وبوائعُ. ومَرَّ يَبُوع ويتَبوَّع أَي يمُدّ باعَه ويملأُ مَا بَيْنَ خطْوه. والباعُ: السَّعةُ فِي المَكارم، وَقَدْ قَصُر باعُه عَنْ ذَلِكَ: لَمْ يَسَعْهُ، كلُّه عَلَى الْمَثَلِ، وَلَا يُستعمل البَوْعُ هُنَا. وباعَ بِمَالِهِ يَبُوعُ: بسَط بِهِ باعَه؛ قَالَ الطرمَّاح:

لَقَدْ خِفْتُ أَن أَلقى المَنايا، وَلَمْ أَنَلْ

مِنَ المالِ مَا أَسْمُو بِهِ وأَبُوعُ

وَرَجُلٌ طَوِيلُ الباعِ أَي الجسمِ، وَطَوِيلُ الباعِ وقصيرُه فِي الكَرَم، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ، وَلَا يُقَالُ قَصِيرُ الْبَاعِ فِي الْجِسْمِ. وَجَمَلٌ بَوّاع: جَسِيمٌ. وَرُبَّمَا عبر بالباء عَنِ الشرَف وَالْكَرَمِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ،

تَقَضِّيَ الْبَازِي إِذا البازِي كَسَرْ

وَقَالَ حُجر بْنُ خَالِدٍ:

نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،

وبعضُهُم تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ

وَفِي نُسْخَةٍ: مَراجِلُه. قَالَ الأَزهري: البَوْعُ والباعُ لُغَتَانِ، وَلَكِنَّهُمْ يُسَمُّونَ البوْع فِي الْخِلْقَةِ، فأَما بسْطُ الْبَاعِ فِي الكَرَم وَنَحْوِهِ فَلَا يَقُولُونَ إِلا كَرِيمَ الْبَاعِ؛ قَالَ: والبَوْعُ مَصْدَرُ بَاعَ يَبُوعُ وَهُوَ بَسْطُ الْبَاعِ فِي الْمَشْيِ، والإِبل تَبُوع فِي سَيْرِهَا. وَقَالَ بَعْضُ أَهل الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّ رِباعَ بَنِي فُلَانٍ قَدْ بِعْنَ مِنَ البيْع، وَقَدْ بُعْنَ مِنَ البَوْع، فَضَمُّوا الْبَاءَ فِي البوْع وَكَسَرُوهَا فِي البيْع لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ: رأَيت إِماء بِعْنَ مَتاعاً إِذا كنَّ بائعاتٍ، ثُمَّ تَقُولُ: رأَيت إِمَاءً بُعْنَ إِذا كنَّ مَبِيعات؟ فإِنما بُيِّن الْفَاعِلُ مِنَ الْمَفْعُولِ بِاخْتِلَافِ الْحَرَكَاتِ وَكَذَلِكَ مِنَ البَوْع؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُجري ذَوَاتِ الْيَاءِ عَلَى الْكَسْرِ وَذَوَاتِ الْوَاوِ عَلَى الضَّمِّ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: صِفْنا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَي أَقمنا بِهِ فِي الصَّيْفِ، وصِفْنا أَيضاً أَي أَصابَنا مطرُ الصَّيْفِ، فَلَمْ يَفْرُقُوا بَيْنَ فِعْل الفاعِلين والمَفْعولِين. وَقَالَ الأَصمعي: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ سَمِعْتُ ذَا الرُّمَّةِ يَقُولُ: مَا رأَيت أَفصح مِنْ أَمةِ آلِ فُلَانٍ، قُلْتُ لَهَا: كَيْفَ كَانَ الْمَطَرُ عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَتْ: غِثْنا مَا شِئْنَا، رَوَاهُ هَكَذَا بِالْكَسْرِ. وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ: يُقَالُ للإِماء قَدْ بِعْنَ، أَشَمُّوا الْبَاءَ شَيْئًا مِنَ الرَّفْعِ، وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ قَدْ قدْنَ وَالنِّسَاءُ قَدْ عدْنَ مِنْ مَرَضِهِنَّ، أَشَمُّوا كُلَّ هَذَا شَيْئًا مِنَ الرَّفْعِ نَحْوُ: قَدْ قِيلَ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قُولَ. وباعَ الفرَسُ فِي جَرْيه أَي أَبعد الخَطْو، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بِشْر بْنُ أَبي خَازِمٍ:

فَعَدِّ طِلابها وتَسَلَّ عَنْهَا

بحَرْفٍ، قَدْ تُغِيرُ إِذا تَبُوعُ

ص: 22

وَيُرْوَى:

فَدَعْ هِنْداً وسَلِّ النَّفْسَ عَنْهَا

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ وَاللَّهِ لَا تَبْلُغون تَبَوُّعَه أَي لَا تَلْحَقون شأْوَهُ، وأَصله طُولُ خُطاه. يُقَالُ: باعَ وانْباعَ وتبوَّعَ. وانْباعَ العَرقُ: سَالَ؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:

يَنْباعُ مِنْ ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرةٍ

زَيّافةٍ مِثْلَ الفَنِيقِ المُكْدَمِ «2»

قَالَ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ: يَنْباعُ يَنْفَعِلُ مِنْ بَاعَ يَبُوعُ إِذا جَرَى جَرْياً ليِّناً وتثَنَّى وتلَوَّى، قَالَ: وإِنما يَصِفُ الشَّاعِرُ عرَق النَّاقَةِ وأَنه يَتَلَوَّى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وأَصله يَنْبَوِعُ فَصَارَتِ الْوَاوُ أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، قَالَ: وَقَوْلُ أَكثر أَهل اللُّغَةِ أَنَّ يَنْباع كَانَ فِي الأَصل يَنْبَعُ فوُصِل فَتْحَةُ الْبَاءِ بالأَلف، وَكُلُّ رَاشِحٍ مُنْباعٌ. وانْباع الرجلُ: وثَب بَعْدَ سُكُونٍ، وانْباعَ: سَطا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وانْباعت الحَيَّة إِذا بَسَطَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ تَحَوِّيها لتُساوِرَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياع الشُّجاعْ

وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: مُطْرِقٌ «3» ليَنْباعَ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ إِذا أَضَبَّ عَلَى داهيةٍ؛ وَقَوْلُ صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:

لَفاتَحَ البَيْعَ يومَ رُؤيتها

وَكَانَ قَبْلُ انْبِياعُه لَكِدُ

قَالَ: انْبِياعُه مُسامَحَتُه بالبيْع. يُقَالُ: قَدِ انْباع لِي إِذا سامَحَ فِي الْبَيْعِ، وأَجاب إِليه وإِن لَمْ يُسامِحْ. قَالَ الأَزهري: لَا يَنْباعُ، وَقِيلَ: البيْع والانْبِياعُ الانْبِساطُ. وفاتَح أَي كاشَف؛ يَصِفُ امرأَة حَسْناء يَقُولُ: لَوْ تعرَّضَت لِرَاهِبٍ تلبَّد شَعْرُهُ لانْبَسَطَ إِليها. واللَّكِدُ: العَسِرُ؛ وَقَبْلَهُ:

وَاللَّهِ لَوْ أَسْمَعَتْ مَقالَتَها

شَيْخاً مِنَ الزُّبِّ، رأْسُه لَبِدُ

لَفاتَح البيعَ أَي لَكاشَف الانْبساط إِليها ولَفَرَّج الخَطْو إِليها؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا فُسِّرَ فِي شِعْرِ الْهُذَلِيِّينَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بُعْ بُعْ إِذا أَمرته بِمَدِّ باعَيْه فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَمِثْلُ مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباعَ أَي سَاكِتٌ ليَثِبَ أَو ليَسْطو. وانْباعَ الشُّجاعُ مِنَ الصفِّ: برَز؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ؛ وَعَلَيْهِ وُجِّه قَوْلُهُ:

يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ

زيّافةٍ مِثْلَ الفَنِيقِ المُكْدَمِ

لَا عَلَى الإِشباع كَمَا ذَهَبَ إِليه غيره.

بيع: البيعُ: ضِدُّ الشِّرَاءِ، والبَيْع: الشِّرَاءُ أَيضاً، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. وبِعْتُ الشَّيْءَ: شَرَيْتُه، أَبيعُه بَيْعاً ومَبيعاً، وَهُوَ شَاذٌّ وَقِيَاسُهُ مَباعاً. والابْتِياعُ: الاشْتراء. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يخْطُبِ الرجلُ عَلَى خِطْبة أَخِيه وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيه

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ أَبو عُبَيْدَةَ وأَبو زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهل الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنما النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ لَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخيه إِنما هُوَ لَا يَشْتَرِ عَلَى شِرَاءِ أَخيه، فإِنما وَقَعَ النَّهْيُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ بِعْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى اشْتَرَيْتُهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَيْسَ لِلْحَدِيثِ عِنْدِي وَجْهٌ غَيْرَ هَذَا لأَن الْبَائِعَ لَا يَكَادُ يَدْخُلُ عَلَى الْبَائِعِ، وإِنما المعروف

(2). قوله [المكدم] كذا هو بالدال في الأصل هنا وفي نسخ الصحاح في مادة زيف وشرح الزوزني للمعلقات أيضاً، وقال قد كدمته الفحول، وأورده المؤلف في مادة نبع مقرم بالقاف والراء، وتقدّم لنا في مادة زيف مكرم بالراء وهو بمعنى المقرم.

(3)

. قوله [وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ مُطْرِقٌ إلخ] عبارة القاموس مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، ويروى لينباق أي ليأتي بالبائقة للداهية.

ص: 23

أَن يُعطى الرجلُ بِسِلْعَتِهِ شَيْئًا فَيَجِيءَ مُشْتَرٍ آخَرُ فَيَزِيدَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخيه: هُوَ أَن يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ سِلْعَةً وَلَمَّا يَتَفَرَّقَا عَنْ مَقَامِهِمَا فَنَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يَعْرِضَ رَجُلٌ آخرُ سِلْعةً أُخرى عَلَى الْمُشْتَرِي تُشْبِهُ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَى وَيَبِيعَهَا مِنْهُ، لأَنه لَعَلَّ أَن يردَّ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَى أَولًا لأَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، جَعَلَ للمُتبايعين الخيارَ مَا لَمْ يَتفرَّقا، فَيَكُونُ البائعُ الأَخير قَدْ أَفسد عَلَى الْبَائِعِ الأَول بَيْعَه، ثُمَّ لَعَلَّ الْبَائِعَ يَخْتَارُ نَقْضَ الْبَيْعِ فَيَفْسُدُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُتَبَايِعِ بَيْعُهُ، قَالَ: وَلَا أَنهى رَجُلًا قَبْلَ أَن يَتبايَع الْمُتَبَايِعَانِ وإِن كَانَا تساوَما، وَلَا بَعد أَن يتفرَّقا عَنْ مَقَامِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ، عَنْ أَن يَبِيعَ أَي الْمُتَبَايِعَيْنِ شَاءَ لأَن ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ عَلَى بَيْعِ أَخيه فيُنْهى عَنْهُ؛ قَالَ: وَهَذَا يُوَافِقُ حَدِيثَ:

الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا

، فإِذا بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ أَخيه فِي هَذِهِ الْحَالِ فَقَدْ عَصَى اللهَ إِذا كَانَ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ فِيهِ، والبيعُ لَازِمٌ لَا يَفْسَدُ. قَالَ الأَزهري: البائعُ وَالْمُشْتَرِي سَوَاءٌ فِي الإِثم إِذا بَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخيه أَو اشْتَرَى عَلَى شِرَاءِ أَخيه لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ اسْمُ الْبَائِعِ، مُشْتَرِيًا كَانَ أَو بَائِعًا، وكلٌّ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمَا مُتَسَاوِيَانِ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ، فإِذا عَقَدَا الْبَيْعَ فَهُمَا مُتَبَايِعَانِ وَلَا يسمَّيان بَيِّعَيْنِ وَلَا مُتَبَايِعَيْنِ وَهُمَا فِي السَّوْمِ قَبْلَ الْعَقْدِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ تأَول بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لأَبي حَنِيفَةَ وذَوِيه وقولهِم لَا خِيَارَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بأَنهما يُسَمَّيَانِ مُتَبَايِعَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِمَانِ قَبْلَ عَقْدِهِمَا الْبَيْعَ؛ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّمَّاخِ فِي رَجُلٍ بَاعَ قَوْسًا:

فوافَى بِهَا بعضَ المَواسِم، فانْبَرَى

لَها بَيِّع، يُغْلِي لَهَا السَّوْمَ، رائزُ

قَالَ: فَسَمَّاهُ بَيِّعاً وَهُوَ سَائِمٌ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا وهَمٌ وتَمْوِيه، وَيَرُدُّ مَا تأَوَّله هَذَا الْمُحْتَجُّ شَيْئَانِ: أَحدهما أَن الشَّمَّاخَ قَالَ هَذَا الشِّعْرَ بعد ما انْعَقَدَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وتفرَّقا عَنْ مَقَامِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ فَسَمَّاهُ بَيِّعاً بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُونَا أَتَمّا الْبَيْعَ لَمْ يُسَمِّهِ بَيِّعاً، وأَراد بِالْبَيِّعِ الَّذِي اشْتَرَى وَهَذَا لَا يَكُونُ حُجَّةً لِمَنْ يَجْعَلُ الْمُتَسَاوِمَيْنِ بَيِّعَيْنِ وَلَمَّا يَنْعَقِدْ بَيْنَهُمَا الْبَيْعُ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنه يَرُدُّ تأْويله مَا فِي سِيَاقِ خَبَرِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: البَيِّعانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتفرَّقا إِلَّا أَن يُخَيِّرَ أَحدُهما صاحبَه، فإِذا قَالَ لَهُ: اخْتَرْ، فَقَدْ وجَب البيعُ وإِن لَمْ يتفرَّقا

، أَلا تَرَاهُ جَعَلَ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بأَحد شَيْئَيْنِ: أَحدهما أَن يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ، وَالْآخَرُ أَن يُخَيِّرَ أَحدهما صَاحِبَهُ؟ وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ إِلا بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ لَا يَبِعْ أَحدكم عَلَى بَيْعِ أَخيه: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما إِذا كَانَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَطَلَبَ طالبٌ السلعةَ بأَكثر مِنَ الثَّمَنِ ليُرغب الْبَائِعَ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ لأَنه إِضرار بِالْغَيْرِ، وَلَكِنَّهُ مُنْعَقِدٌ لأَن نفْسَ الْبَيْعِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالنَّهْيِ فإِنه لَا خَلَلَ فِيهِ، الثَّانِي أَن يُرَغِّبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ بعَرْض سِلْعَةٍ أَجودَ مِنْهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا أَو مِثْلِهَا بِدُونِ ذَلِكَ الثَّمَنِ فإِنه مِثْلُ الأَول فِي النَّهْيِ، وَسَوَاءٌ كَانَا قَدْ تَعَاقَدَا عَلَى الْمَبِيعِ أَو تَسَاوَمَا وَقَارَبَا الِانْعِقَادَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ، فَعَلَى الأَول يَكُونُ الْبَيْعُ بِمَعْنَى الشِّرَاءِ، تَقُولُ بِعْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى اشْتَرَيْتُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبي عُبَيْدٍ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

إِنَّ الشَّبابَ لَرابِحٌ مَن باعَه،

والشيْبُ لَيْسَ لبائِعيه تِجارُ

يَعْنِي مَنِ اشْتَرَاهُ. وَالشَّيْءُ مَبيع ومَبْيُوع مِثْلُ مَخيط

ص: 24

ومَخْيُوط عَلَى النَّقْصِ والإِتمام، قَالَ الْخَلِيلُ: الَّذِي حُذِفَ مِنْ مَبِيع وَاوُ مَفْعُولٍ لأَنها زَائِدَةٌ وَهِيَ أَولى بِالْحَذْفِ، وَقَالَ الأَخفش: الْمَحْذُوفَةُ عَيْنُ الْفِعْلِ لأَنهم لَمَّا سَكَّنوا الْيَاءَ أَلْقَوا حَرَكَتَهَا عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا فَانْضَمَّتْ، ثُمَّ أَبدلوا مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةً لِلْيَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا، ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ وَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً كَمَا انْقَلَبَتْ وَاوُ مِيزان لِلْكَسْرَةِ؛ قَالَ الْمَازِنِيُّ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ حُسْنٌ وَقَوْلُ الأَخفش أَقيس. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الْبَيْعُ مِنْ حُرُوفِ الأَضداد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. يُقَالُ بَاعَ فُلَانٌ إِذا اشْتَرَى وَبَاعَ مِنْ غَيْرِهِ؛ وأَنشد قَوْلَ طَرَفَةَ:

ويأْتِيك بالأَنباء مَن لَمْ تَبِعْ لَهُ

نَباتاً، وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ

أَراد مَنْ لَمْ تَشْتَرِ لَهُ زَادًا. والبِياعةُ: السِّلْعةُ، والابْتِياعُ: الِاشْتِرَاءُ. وَتَقُولُ: بِيعَ الشَّيْءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، إِن شِئْتَ كَسَرْتَ الْبَاءَ، وإِن شِئْتَ ضَمَمْتَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ الْيَاءَ وَاوًا فَيَقُولُ بُوع الشَّيْءُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي كِيلَ وقِيلَ وأَشباهها، وَقَدْ باعَه الشيءَ وباعَه مِنْهُ بَيْعاً فِيهِمَا؛ قَالَ:

إِذا الثُّرَيّا طَلَعَتْ عِشاء،

فَبِعْ لراعِي غَنَمٍ كِساء

وابْتاعَ الشيءَ: اشْتَرَاهُ، وأَباعه. عَرَّضه لِلْبَيْعِ؛ قَالَ الهَمْداني:

فَرَضِيتُ آلَاءَ الكُمَيْتِ، فَمَنْ يُبِعْ

فَرَساً، فليْسَ جَوادُنا بمُباعِ

أَي بمُعَرَّض لِلْبَيْعِ، وآلاؤُه: خِصالُه الجَمِيلة، وَيُرْوَى أَفلاء الْكُمَيْتِ. وبايَعَه مُبايعة وبِياعاً: عارَضَه بِالْبَيْعِ؛ قَالَ جُنادةُ بْنُ عَامِرٍ:

فإِنْ أَكُ نائِياً عَنْهُ، فإِنِّي

سُرِرْتُ بأَنَّه غُبِنَ البِياعا

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَريح:

كمغْبُونٍ يَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ،

تَبَيَّنَ غَبْنُه بعدَ البِياع

واسْتَبَعْتُه الشَّيْءَ أَي سأَلْتُه أَن يبِيعَه مِنِّي. وَيُقَالُ: إِنه لحسَنُ البِيعة مِنَ الْبَيْعِ مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: أَنه كَانَ يَغْدُو فَلَا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ وَلَا صاحِب بِيعةٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ

؛ البِيعةُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الْبَيْعِ: الْحَالَةُ كالرِّكبة والقِعْدة. والبَيِّعان: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، وَجَمْعُهُ باعةٌ عِنْدَ كُرَاعٍ، وَنَظِيرُهُ عَيِّلٌ وعالةٌ وَسَيِّدٌ وسادةٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن ذَلِكَ كُلَّهُ إِنما هُوَ جَمْعُ فَاعِلٍ، فأَمّا فيْعِل فَجَمْعُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وكلُّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَائِعٌ وبَيِّع. وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ:

المُتبايِعانِ بالخِيار مَا لَمْ يَتفَرَّقا.

والبَيْعُ: اسْمُ المَبِيع؛ قَالَ صَخْر الغَيّ:

فأَقْبَلَ مِنْهُ طِوالُ الذُّرى،

كأَنَّ عليهِنَّ بَيْعاً جَزِيفا

يَصِفُ سَحَابًا، وَالْجَمْعُ بُيُوع. والبِياعاتُ: الأَشياء الَّتِي يُتَبايَعُ بِهَا فِي التِّجَارَةِ. وَرَجُلٌ بَيُوعٌ: جَيِّدُ الْبَيْعِ، وبَيَّاع: كثِيره، وبَيِّعٌ كبَيُوعٍ، وَالْجَمْعُ بَيِّعون وَلَا يكسَّر، والأُنثى بَيِّعة وَالْجَمْعُ بَيِّعاتٌ وَلَا يُكْسَرُ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ المفضَّل الضبيُّ: يُقَالُ بَاعَ فُلَانٌ عَلَى بَيْعِ فُلَانٍ، وَهُوَ مَثَلٌ قَدِيمٌ تَضْرِبُهُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ يُخاصم صَاحِبَهُ

ص: 25

وَهُوَ يُرِيغُ أَن يُغالبه، فإِذا ظَفِر بما حاوَلَه قِيلَ: باعَ فُلَانٌ عَلَى بَيْع فُلَانٍ، وَمِثْلُهُ: شَقَّ فُلَانٌ غُبار فُلَانٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ بَاعَ فُلَانٌ عَلَى بَيْعِكَ أَي قَامَ مَقامك فِي الْمَنْزِلَةِ والرِّفْعة؛ وَيُقَالُ: مَا بَاعَ عَلَى بَيْعِكَ أَحد أَي لَمْ يُساوِك أَحد؛ وَتَزَوَّجَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةُ، رضي الله عنه، أُم مِسْكِين بِنْتَ عَمْرٍو عَلَى أُم هَاشِمٍ «1» فَقَالَ لَهَا:

مَا لَكِ أُمَّ هاشِمٍ تُبَكِّينْ؟

مِن قَدَرٍ حَلَّ بِكُمْ تَضِجِّينْ؟

باعَتْ عَلَى بَيْعِك أُمُ مِسْكِينْ،

مَيْمُونةً مِنْ نِسْوةٍ ميامِينْ

وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْن فِي بَيْعةٍ

، وَهُوَ أَن يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ نَقْداً بِعَشَرَةٍ، ونَسِيئة بِخَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَا يَجُوزُ لأَنه لَا يَدْرِي أَيُّهما الثَّمَنُ الَّذِي يَختارُه ليَقَع عَلَيْهِ العَقْد، وَمِنْ صُوَره أَن تَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِعِشْرِينَ عَلَى أَن تَبِيعَني ثَوْبَكَ بِعِشْرَةٍ فَلَا يَصِحَّ لِلشَّرْطِ الَّذِي فِيهِ ولأَنه يَسْقُط بسُقوطه بعضُ الثَّمَنِ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مَجْهُولًا، وَقَدْ نُهِي عَنْ بَيْعٍ وشرْط وَبَيْعٍ وسَلَف، وَهُمَا هذانِ الْوَجْهَانِ. وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ المُزارعة:

نَهى عَنْ بَيْع الأَرض

، قَالَ ابْنُ الأَثير أَي كِرَائِهَا. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

لَا تَبِيعُوها

أَي لا تَكْرُوها. والبَيْعةُ: الصَّفْقةُ عَلَى إِيجاب البيْع وَعَلَى المُبايعةِ والطاعةِ. والبَيْعةُ: المُبايعةُ والطاعةُ. وَقَدْ تبايَعُوا عَلَى الأَمر: كَقَوْلِكَ أَصفقوا عَلَيْهِ، وبايَعه عَلَيْهِ مُبايَعة: عاهَده. وبايَعْتُه مِنَ البيْع والبَيْعةِ جَمِيعًا، والتَّبايُع مِثْلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:

أَلا تُبايِعُوني عَلَى الإِسلام

؟ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ المُعاقَدةِ والمُعاهَدةِ كأَن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا باعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وأَعطاه خَالِصَةَ نَفْسِه وطاعَتَه ودَخِيلةَ أَمره، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ. والبِيعةُ: بِالْكَسْرِ: كَنِيسةُ النَّصَارَى، وَقِيلَ: كَنِيسَةُ الْيَهُودِ، وَالْجَمْعُ بِيَعٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ

؛ قَالَ الأَزهري: فإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ جَعَلَ اللَّهُ هَدْمَها مِنَ الفَساد وَجَعْلَهَا كَالْمَسَاجِدِ وَقَدْ جَاءَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِنَسْخِ شَرِيعة النَّصَارَى وَالْيَهُودِ؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَن البِيَعَ والصَّوامعَ كَانَتْ مُتعبَّدات لَهُمْ إِذ كَانُوا مُسْتَقِيمِينَ عَلَى مَا أُمِرُوا بِهِ غَيْرِ مبدِّلين وَلَا مُغيِّرين، فأَخبر اللَّهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، أَن لَوْلَا دَفْعُه الناسَ عَنِ الْفَسَادِ بِبَعْضِ النَّاسِ لَهُدِّمَتْ مُتعبَّداتُ كلِّ فَرِيقٍ مِنْ أَهل دِينِهِ وطاعتِه فِي كُلِّ زَمَانٍ، فبدأَ بِذِكْرِ البِيَعِ عَلَى الْمَسَاجِدِ لأَن صَلَوَاتِ مَنْ تقدَّم مِنْ أَنبياء بَنِي إِسرائيل وأُممهم كَانَتْ فِيهَا قَبْلَ نُزُولِ الفُرقان وقبْل تَبْدِيلِ مَن بدَّل، وأُحْدِثت الْمَسَاجِدُ وَسُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ بَعْدَهُمْ فبدأَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذِكْرِ الأَقْدَم وأَخَّر ذِكْرَ الأَحدث لِهَذَا الْمَعْنَى. ونُبايِعُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وكأَنَّها بالجِزْع جِزعِ نُبايعٍ،

وأُولاتِ ذِي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ

قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ فِعْلٌ مَنْقُولٌ وزْنه نُفاعِلُ كنُضارِبُ وَنَحْوِهِ إِلا أَنه سُمِّيَ بِهِ مُجَرَّدًا مِنْ ضَمِيرِهِ، فَلِذَلِكَ أُعرب وَلَمْ يُحْكَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ ضَمِيرُهُ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لأَنه كَانَ يَلْزَمُ حكايتُه إِن كَانَ جُمْلَةً كذَرَّى حَبًّا وتأبَّطَ شَرًّا، فَكَانَ ذَلِكَ يَكْسِرُ وَزْنَ البيت

(1). قوله [على أم هاشم] عبارة شارح القاموس: على أم خالد بنت أبي هاشم، ثم قال في الشعر: ما لك أُم خالد.

ص: 26