الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجَفاءِ وسُوءِ الْقِيَامِ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ فِي وَصْفِ نَاقَةٍ: إِنها لَمِسْياعٌ مِرْياع
أَي تَحْتَمِلُ الضَّيْعَةَ وسوءَ الوِلاية، وَقِيلَ: نَاقَةٌ مِسْياعٌ وَهِيَ الذَّاهِبَةُ فِي الرَّعْي. وَقَالَ شَمِرٌ: تَسِيعُ مَكَانَ تسُوعُ، قَالَ: وَنَاقَةٌ مِسياعٌ تَدَعُ وُلْدَها حَتَّى يأْكلها السَّبْعُ. وَيُقَالُ: رُبَّ نَاقَةٍ تُسيع وَلَدَها حَتَّى يأْكله السِّباعُ؛ وَمِنَ الإِتباع ضائعٌ سائعٌ ومُضِيعٌ مُسِيعٌ ومِضْياعٌ مِسياعٌ؛ قَالَ:
ويْلُ أمِّ أَجْيادَ شاة شاةَ مُمْتَنِحٍ
…
أَبي عِيالٍ، قَليلِ الوَفْرِ، مِسْياعِ
وأُم أَجْياد: اسْمُ شَاةٍ. وَقَدْ أَضَعْتُ الشَّيْءَ وأَسَعْتُه. وَرَجُلٌ مِسْياعٌ: وَهُوَ المِضْياعُ لِلْمَالِ. وأَساعَ مالَه أَي أَضاعَه. وتَسَيَّعَ البقْلُ: هاجَ. وأَساعَ الرَّاعي الإِبلَ فَساعَتْ: أَساء حِفْظَهَا فضاعَتْ وأَهْمَلَها، وَسَاعَتْ هِيَ تَسُوعُ سَوْعاً. والسَّياعُ: شَجَرُ البانِ، وَهُوَ مِنْ شَجَرِ العِضاه لَهُ ثَمَرٌ كَهَيْئَةِ الفُسْتُق، قَالَ: ولِثاؤُه مِثْلُ الكُنْدُرِ إِذا جَمَدَ.
فصل الشين المعجمة
شبع: الشِّبَعُ: ضِدُّ الجوعِ، شَبِعَ شِبَعاً وَهُوَ شَبْعان، والأُنثى شَبْعى وشَبْعانةٌ، وَجَمْعُهُمَا شِباعٌ وشَباعى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي عَارِمٍ الْكِلَابِيِّ:
فبِتْنا شَباعى آمِنِينَ مِنَ الرَّدَى،
…
وبالأَمْنِ قِدْماً تَطْمَئِنُّ المَضاجِعُ
وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ شابِعٌ عَلَى الفِعْل. وأَشبَعَه الطعامُ والرِّعْيُ. والشِّبْعُ مِنَ الطَّعَامِ: مَا يَكْفِيكَ ويُشْبِعُك مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، والشِّبَعُ: الْمَصْدَرُ، تَقُولُ: قَدِّم إِليّ شِبْعِي؛ وَقَوْلُ بِشْرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرة:
وكُلُّهُمُ قَدْ نالَ شِبْعاً لِبَطْنِه،
…
وشِبْعُ الفَتَى لُؤْمٌ، إِذا جاعَ صاحِبُهْ
إِنما هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كأَنه قَالَ: ونَيْلُ شِبْعِ الْفَتَى لُؤْم، وذلك لأَن الشِّبْعَ جَوْهَرٌ وَهُوَ الطَّعَامُ المُشْبِعُ ولُؤْم عَرَض، وَالْجَوْهَرُ لَا يَكُونُ عَرَضًا، فإِذا قَدَّرت حَذْفَ الْمُضَافِ وَهُوَ النَّيْلُ كَانَ عَرَضًا كَلُؤْم فحسُن، تَقُولُ: شَبِعْتُ خُبْزاً وَلَحْمًا وَمِنْ خُبْزٍ ولَحْم شِبَعاً، وَهُوَ مِنْ مَصَادِرِ الطَّبَائِعِ. وأَشبَعْتُ فُلَانًا مِنَ الْجُوعِ. وَعِنْدَهُ شُبْعةٌ مِنْ طَعَامٍ، بِالضَّمِّ، أَي قَدْرُ مَا يَشْبَعُ بِهِ مرَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن زَمْزَم كَانَ يُقَالُ لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ شُباعةُ لأَن مَاءَهَا يُرْوِي العطشانَ ويُشْبِعُ الغَرْثانَ.
والشِّبع: غِلَظٌ فِي السَّاقَيْنِ. وامرأَة شَبْعى الخَلْخالِ: مَلأَى سِمَناً. وامرأَة شَبْعَى الوِشاحِ إِذا كَانَتْ مُفاضةً ضَخْمَةَ البطنِ. وامرأَة شَبْعى الدِّرْعِ إِذا كَانَتْ ضخمةَ الخَلْقِ. وبَلَدٌ قَدْ شَبِعَت غَنمُه إِذا وُصِفَ بكثرةِ النَّبَاتِ وتَناهِي الشِّبَعِ، وشَبَّعَتْ إِذا وُصِفَتْ بِتَوَسُّطِ النَّبَاتِ ومُقارَبةِ الشِّبَعِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: شَبَّعَتْ غنَمُه إِذا قَارَبَتِ الشِّبَعَ وَلَمْ تَشْبَعْ. وبَهْمةٌ شابِعٌ إِذا بَلَغَتِ الأَكل، لَا يَزَالُ ذَلِكَ وَصْفًا لَهَا حَتَّى يَدْنُوَ فِطامُها. وحَبْلٌ شَبِيعُ الثَّلَّة: مَتِينُهَا، وثَلَّتُه صُوفُه وشعَره ووبَرُه، وَالْجَمْعُ شُبُع، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ، يُقَالُ: ثَوْبٌ شَبِيعُ الْغَزَلِ أَي كَثِيرُهُ، وَثِيَابٌ شُبُعٌ. وَرَجُلٌ مُشْبَعُ الْقَلْبِ وشَبِيعُ الْعَقْلِ ومُشْبَعُه: مَتِينُه؛ وشَبُعَ عَقْلُهُ، فَهُوَ شَبِيعٌ. مَتُنَ. وأَشبَعَ الثوبَ وغيرَه: رَوّاه صِبْغاً، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى المثَل كإِشْباع النَّفْخ والقِراءة وَسَائِرِ اللَّفْظِ. وكلُّ شَيْءٍ تُوَفِّرُه فَقَدْ
أَشْبَعْتَه حَتَّى الْكَلَامُ يُشْبَعُ فَتُوَفَّرُ حروفُه وَتَقُولُ: شَبِعْتُ مِنْ هَذَا الأَمر ورَوِيتُ إِذا كَرِهْتَهُ، وَهُمَا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وتَشَبَّع الرَّجُلُ: تزيَّن بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُتَشَبِّعُ بِمَا لَا يَمْلِكُ كلابِس ثَوْبَيْ زُور
أَي الْمُتَكَثِّرُ بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ يَتَجمَّل بِذَلِكَ كَالَّذِي يُرِي أَنه شَبْعان وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ومَن فَعَلَهُ فإِنما يَسْخَر مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ أَفعال ذَوِي الزُّورِ بَلْ هُوَ فِي نَفْسِهِ زُور وَكَذِبٌ، وَمَعْنَى ثُوبَيْ زُورٍ أَنْ يُعْمَدَ إِلى الكُمَّين فيُوصَلَ بِهِمَا كُمّان آخَرانِ فَمَنْ نَظَرَ إِليهما ظَنَّهُمَا ثَوْبَيْنِ. والمُتشَبِّعُ: المتزَيِّن بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ يَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ، كالمرأَة تَكُونُ لِلرَّجُلِ وَلَهَا ضَرائِرُ فَتَتَشَبَّعُ بِمَا تَدَّعِي مِنَ الحُظْوة عِنْدَ زَوْجِهَا بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ لَهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ غَيْظَ جارتِها وإِدخالَ الأَذى عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرِّجَالِ. والإِشباعُ فِي الْقَوَافِي: حَرَكَةُ الدَّخِيل، وَهُوَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَ التأْسيس كَكَسْرَةِ الصَّادِ مِنْ قَوْلِهِ:
كِلِينِي لِهَمٍّ، يَا أُمَيْمةَ، ناصِبِ «3»
وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ إِذا كَانَ الرَّويّ سَاكِنًا كَكَسْرَةِ الْجِيمِ مِنْ قَوْلِهِ:
كَنِعاجِ وَجْرةَ ساقَهُنَّ
…
إِلى ظِلالِ الصَّيْفِ ناجِرْ
وَقِيلَ: الإِشباع اخْتِلَافُ تِلْكَ الْحَرَكَةِ إِذا كَانَ الرَّوِيّ مُقَيَّدًا كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
الواهِبُ المائةِ الصَّفايا،
…
فَوْقَها وَبَرٌ مُظاهَر
بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَقَالَ الأَخفش: الإِشباع حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي بَيْنَ التأْسيس والرَّوِيّ الْمُطْلَقِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُونِي، كأَنَّما
…
زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْه عليَّ المَحاجِمُ
كسرةُ الْجِيمِ هِيَ الإِشباعُ، وَقَدْ أَكثر مِنْهَا الْعَرَبُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَشْعارها، وَلَا يَجُوزُ أَن يُجْمع فَتْحٌ مَعَ كَسْرٍ وَلَا ضمٍّ، وَلَا مَعَ كَسْرٍ ضمٌّ، لأَن ذَلِكَ لَمْ يُقل إِلا قَلِيلًا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْخَلِيلُ يُجِيزُ هَذَا وَلَا يُجيزُ التوجيهَ، والتوجيهُ قَدْ جَمَعَتْهُ الْعَرَبُ وأَكثرت مِنْ جَمْعِهِ، وَهَذَا لَمْ يُقل إِلا شَاذًّا فَهَذَا أَحْرَى أَن لَا يَجُوزَ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمّي بِذَلِكَ مِنْ قِبَل أَنه لَيْسَ قَبْلَ الرَّوِيِّ حَرْفٌ مُسَمًّى إِلا سَاكِنًا أَعني التأْسيس والرِّدْفَ، فَلَمَّا جَاءَ الدَّخِيلُ مُحَرَّكًا مُخَالِفًا للتأْسيس والرِّدْفِ صَارَتِ الْحَرَكَةُ فِيهِ كالإِشباع لَهُ، وَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الْمُتَحَرِّكِ عَلَى السَّاكِنِ لِاعْتِمَادِهِ بالحركة وتمكنه بها.
شبدع: الشِّبْدِعةُ: الْعَقْرَبُ، بِالْكَسْرِ، وَالدَّالِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ. والشَّبادِعُ: العَقارِبُ. والشِّبْدِع: اللِّسَانُ تَشْبِيهًا بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَضّ عَلَى شِبْدِعه سَلِمَ مِنَ الْآثَامِ
؛ قَالَ الأَزهري: أَي لسانِه يَعْنِي سَكَتَ وَلَمْ يَخُضْ مَعَ الْخَائِضِينَ وَلَمْ يَلْسَعْ بِهِ النَّاسَ لأَن الْعَاضَّ عَلَى لِسَانِهِ لَا يَتَكَلَّمُ. ابْنُ الأَعرابي: أَلقَيْتُ عَلَيْهِمْ شِبْدِعاً وشِبْدَعاً أَي داهِيةً، قَالَ: وأَصله لِلْعَقْرَبِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّبادِعُ الدَّواهي؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
إِذا الناسُ ناسٌ والعِبادُ بقُوّةٍ،
…
وإِذْ نَحْنُ لَمْ تَدْبِبْ إِلينا الشَّبادِعُ
(3). قوله [يا أُميمة] في شرح الديوان: ونصب أميمة لأَنه يرى الترخيم فأقحم الهاء مثل يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ إنما أراد يا تيم عديّ فأقحم الثاني، قال الخليل مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ تنادي المؤنث بالترخيم فلما لم يرخم أجراها على لفظها مرخمة فأتى بها بالفتح، قال الوزير: والأَحسن أن ينشد بالرفع.
فَتَكُونُ عَلَى هَذَا مُسْتَعَارَةً من العقارب.
شتع: شَتِعَ شَتَعاً: جَزِعَ مِنْ مرَض أَو جُوع.
شجع: شَجُعَ، بِالضَّمِّ، شَجاعةً: اشْتَدَّ عِنْدَ البَأْسِ. والشَّجاعةُ: شِدّةُ القَلْبِ فِي البأْس. ورجلٌ شَجاعٌ وشِجاعٌ وشُجاعٌ وأَشْجَعُ وشَجِعٌ وشَجيعٌ وشِجَعةٌ عَلَى مِثَالِ عِنَبة؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَهِيَ طَرِيفةٌ، مِنْ قَوْمٍ شِجاعٍ وشُجْعانٍ وشِجْعانٍ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وشُجَعاءَ وشِجْعةٍ وشَجْعةٍ وشُجْعةٍ، الأَربع اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ طَرِيفِ بْنِ مَالِكٍ الْعَنْبَرِيِّ:
حَوْلِي فَوارِسُ، مِنْ أُسَيِّدِ، شِجْعةٌ،
…
وإِذا غَضِبْتُ فَحَوْلَ بَيْتِيَ خَضَّمُ
وَرَوَاهُ الصِّقِلِّيُّ: مِنْ أُسيّدَ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ. وامرأَة شَجِعةٌ وشَجِيعةٌ وشُجاعةٌ وشَجْعاءُ مِنْ نِسْوَةٍ شَجائِعَ وشُجُعٍ وشِجاعٍ؛ الْجَمِيعُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ونِسْوة شجاعاتٌ، والشَّجِعةُ مِنَ النِّسَاءِ: الجَريئةُ عَلَى الرِّجَالِ فِي كَلَامِهَا وسَلاطَتِها. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ الكِلابِيِّينَ يَقُولُونَ: رَجُلٌ شُجاعٌ وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة. والأَشْجَعُ مِنَ الرِّجَالِ: مِثْلُ الشُّجاع، وَيُقَالُ لِلَّذِي فِيهِ خِفَّةٌ كالهَوَج لقُوّته وَيُسَمَّى بِهِ الأَسَدُ، وَيُقَالُ للأَسد أَشْجَعُ وللّبُوءَة شَجْعاءُ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
فَوَلَدَتْ فَرّاسَ أُسْد أَشْجَعا
يَعْنِي أُم تَمِيمٍ وَلَدَتْهُ أَسداً مِنَ الأُسود. وتَشَجَّعَ الرجلُ: أَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وتَكَلّفه وَلَيْسَ بِهِ، وشَجَّعَه: جَعَلَهُ شُجاعاً أَو قَوَّى قَلْبَهُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: هُوَ يُشَجَّعُ أَي يُرْمى بِذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ. وشَجّعه عَلَى الأَمر: أَقْدَمَه والمَشْجُوع: المَغْلوبُ بِالشَّجَاعَةِ. والأَشْجَعُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي كأَنَّ بِهِ جُنُونًا، وَقِيلَ: الأَشْجَعُ الْمَجْنُونُ؛ قَالَ الأَعشى:
بِأَشْجَعَ أَخّاذٍ عَلَى الدَّهْرِ حُكْمَه،
…
فَمِنْ أَيِّ مَا تَأْتِي الحَوادِثُ أَفْرَقُ
وَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ بأَشْجَعَ أَخّاذ قَالَ يَصِفُ الدَّهْرَ، وَيُقَالُ: عَنَى بالأَشْجَع نَفْسَه، وَلَا يَصِحُّ أَن يُرَادَ بالأَشجع الدَّهْرُ لِقَوْلِهِ أَخّاذٍ عَلَى الدَّهْرِ حُكْمَهُ. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ وَقَدْ قِيلَ إِن الأَشجع مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي كأَنَّ بِهِ جُنُونًا، قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا مَدح بِهِ الشُّعَراء. وبِهِ شَجَعٌ أَي جُنون. والشَّجِعُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَعْتَرِيه جُنُونٌ، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيعُ نَقْلِ القوائمِ. وَنَاقَةٌ شَجِعةٌ وقَوائِمُ شَجِعاتٌ: سَرِيعَةٌ خَفِيفَةٌ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الشَّجَع؛ قَالَ:
علَى شجعاتٍ لَا شَحَابٍ وَلَا عُصْل «1»
أَراد بِالشِّجَعَاتِ قَوائِمَ الإِبل الطِّوال. والشَّجَعُ فِي الإِبل: سُرْعةُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ؛ جَمَلٌ شَجِعُ القوائِمِ وَنَاقَةٌ شَجِعةٌ وشَجْعاءُ؛ قَالَ سُوَيْد بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
فَرَكِبْناها عَلَى مَجْهُولِها
…
بِصِلابِ الأَرضِ، فِيهِنَّ شَجَعْ
أَي بِصِلابِ القَوائِم، وناقة شَجْعاءُ من ذاك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَصِفْ سُوَيْدٌ فِي الْبَيْتِ إِبلًا وإِنما وَصَفَ خَيْلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ:
فَتَراها عُصُماً مُنْعَلةً
…
... يَدَ القَيْنِ، يَكْفِيها الوَقَعْ «2»
(1). قوله [لا شحاب] كذا في الأصل وشرح القاموس بحاء مهملة وباء موحدة ولعله شخات بمعجمة ككتاب جمع شخت وهو دقيق العنق والقوائم.
(2)
. كذا بياض في الأصل؛ ولعلها: بِحَدِيدِ.
فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ بِصِلاب الأَرض أَي بَخِيلٍ صِلَابِ الحوافِر. وأَرضُ الفَرسِ: حوافِرُها، وإِنما فَسَّرَ صِلَابَ الأَرض بِالْقَوَائِمِ لأَنه ظَنَّ أَنه يَصِفُ إِبلًا، وَقَدْ قَدَّمَ أَن الشجَعَ سُرْعَةُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الأَصمعي فِي تَفْسِيرِ الشجَع فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنه المَضاءُ والجَراءَةُ. والشَّجَعُ أَيضاً: الطُّولُ. وَرَجُلٌ أَشجَعُ: طويلٌ، وامرأَة شَجْعاء. والشَّجْعةُ: الرَّجُلُ «1» الطويلُ المُضْطَرِبُ. والشَّجْعةُ: الزَّمِنُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعْمى يَقود شَجْعةً. وقوائِمُ شَجِعةٌ: طَوِيلَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنها السَّرِيعَةُ الْخَفِيفَةُ. وَرَجُلٌ شَجْعةٌ: طويلٌ مُلْتَفٌّ، وشُجْعةٌ «2» جَبانٌ ضَعِيفٌ. والشَّجْعةُ: الفَصِيلُ تَضَعُه أُمّه كالمُخَبَّلِ. والأَشْجَعُ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ: العَصَبُ الممدودُ فَوْقَ السُّلامى مِنْ بَيْنِ الرُّسْغِ إِلى أُصول الأَصابع الَّتِي يُقَالُ لَهَا أَطنابُ الأَصابع فَوْقَ ظَهْرِ الْكَفِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَصِلُ الإِصْبَعَ بالرُّسْغِ لِكُلِّ إِصبع أَشْجَع، وَاحْتَجَّ الَّذِي قَالَ هُوَ الْعَصَبُ بِقَوْلِهِمْ لِلذِّئْبِ وللأَسد عارِي الأَشاجِعِ، فَمَنْ جَعَلَ الأَشاجعَ الْعَصَبَ قَالَ لِتِلْكَ الْعِظَامِ هِيَ الأَسْناعُ وَاحِدُهَا سِنْعٌ. وَفِي صِفَةِ أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه:
عارِي الأَشاجِعِ
؛ هِيَ مَفاصِلُ الأَصابع، وَاحِدُهَا أَشجَع، أَي كَانَ اللَّحْمُ عَلَيْهَا قَلِيلًا، وَقِيلَ: هُوَ ظَاهِرُ عصبها، وقيل: الأَشاجع رؤوس الأَصابع الَّتِي تَتَّصِلُ بِعَصَبِ ظَاهِرِ الْكَفِّ، وَقِيلَ: الأَشاجع عُروق ظَاهِرِ الْكَفِّ، وَهُوَ مَغْرِزُ الأَصابع، وَالْجَمْعُ الأَشاجع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
يُدْخِلُها حَتَّى يُوارِي إِصْبَعَه «3»
وَنَاسٌ يَزْعُمُونَ أَنه إِشْجَع مِثْلُ إِصْبَع وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ؛ وَيُقَالُ للحيَّة أَشْجَع؛ وأَنشد:
فَقَضى عَلَيْهِ الأَشْجَعُ «4»
وأَشْجَع: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن الرَّجُلَ إِذا طَالَ جُوعُهُ تعرّضتْ لَهُ فِي بَطْنِهِ حَيَّةٌ يُسَمُّونَهَا الشُّجاعَ والشِّجاع والصَّفَرَ؛ وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ الهُذَلي يُخَاطِبُ امرأَته:
أَرُدُّ شُجاعَ [شِجاعَ] البَطْنِ لَوْ تَعْلَمِينَه،
…
وأُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِكِ بالطُّعْمِ
وَقَالَ الأَزهري: قَالَ الأَصمعي شُجاعُ الْبَطْنِ وشِجاعُهُ شِدَّةُ الْجُوعِ، وأَنشد بَيْتَ أَبي خِرَاشٍ أَيضاً. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِ الْحَيَّاتِ: الشُّجاعُ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ لَطِيفٌ دَقِيقٌ وَهُوَ، زَعَمُوا، أَجْرَؤُها؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وحَبَتْ لَهُ أُذُنٌ يُراقِبُ سَمْعَها
…
بَصَرٌ، كناصِبة الشُّجاعِ المُسْخِدِ
حَبَت: انْتَصَبَتْ. وناصِبةُ الشُّجاعِ: عَيْنُه الَّتِي يَنْصِبُها لِلنَّظَرِ إِذا نَظَرَ. والشُّجاعُ والشِّجاعُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الحيّةُ الذكَر، وَقِيلَ: هُوَ الْحَيَّةُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب مِنَ الْحَيَّاتِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنْهَا صَغِيرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْجِعةٌ وشُجْعانٌ وشِجْعانٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ: إِلا بُعِثَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَعَفُها ولِيفُها أَشاجِعَ يَنْهَشْنَه
أَي حَيَّاتٍ وَهِيَ جَمْعُ أَشجَع، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ أَشْجِعةٍ وأَشْجِعةٌ جَمْعُ شُجاع وشِجاع وَهُوَ الْحَيَّةُ، والشَّجْعَمُ: الضَّخْم مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ الخَبيث المارِدُ مِنْهَا، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنه رُبَاعِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
(1). قوله [والشجعة الرجل إلخ] في شرح القاموس هو بالفتح وفي شرح الأمثال للميداني. قال الأزهري: الشجعة، بسكون الجيم، الضعيف.
(2)
. قوله [وشجعة] في القاموس: والشجعة، بالضم ويفتح، العاجز الضاوي لا فؤاد له.
(3)
. قوله [إصبعه] لا شاهد فيه ولذا كتب بهامش الأصل: صوابه أشجعه.
(4)
. قوله [فقضى إلخ] في هامش النهاية قال جرير: قد عضه فقضى إلخ.
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجاعاً أَقرَعَ
؛ وأَنشد الأَحمر:
قَدْ سالَمَ الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدَما،
…
الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعما
نَصَبَ الشُّجَاعَ والأُفْعُوان بِمَعْنَى الْكَلَامِ لأَن الحيّاتِ إِذا سَالَمَتِ القَدَم فَقَدْ سَالَمَهَا الْقَدَمُ فكأَنه قَالَ سالَم القدمُ الحيّاتِ، ثُمَّ جَعَلَ الأُفْعُوان بَدَلًا مِنْهَا. ومَشْجَعةُ وشُجاعٌ: اسمانِ. وَبَنُو شَجْعٍ: بَطْنٌ مِنْ عُذْرةَ. وشِجْعٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ كِنانة، وَقِيلَ: إِن فِي كَلْبٍ بَطْنًا يُقَالُ لَهُمْ بَنُو شَجْعٍ، بِفَتْحِ الشِّينِ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
غَداةَ دَعا بَني شَجْعٍ، وولَّى
…
يَؤُمُّ الخَطْمَ، لَا يَدْعُو مُجِيبا
وَفِي الأَزْد بَنُو شُجاعةَ. وأَشْجَعُ: قَبِيلَةٌ مِنْ غَطَفان، وأَشْجَعُ: فِي قَيْس.
شرع: شَرَعَ الوارِدُ يَشْرَعُ شَرْعاً وشُروعاً: تَنَاوَلَ الماءَ بفِيه. وشَرَعَتِ الدوابُّ فِي الْمَاءِ تَشْرَعُ شَرْعاً وشُرُوعاً أَي دخلت. ودوابُّ شُروعٌ وشُرَّعٌ: شَرَعَتْ نَحْوَ الْمَاءِ. والشَّريعةُ والشِّراعُ والمَشْرَعةُ: المواضعُ الَّتِي يُنْحَدر إِلى الْمَاءِ مِنْهَا، قَالَ اللَّيْثُ: وَبِهَا سُمِّيَ مَا شَرَعَ الله للعبادِ شَريعةً من الصَّوْمِ والصلاةِ وَالْحَجِّ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. والشِّرْعةُ والشَّريعةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: مَشْرَعةُ الْمَاءِ وَهِيَ مَوْرِدُ الشاربةِ الَّتِي يَشْرَعُها النَّاسُ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ويَسْتَقُونَ، وَرُبَّمَا شَرَّعوها دوابَّهم حَتَّى تَشْرَعها وتشرَب مِنْهَا، وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّيهَا شَريعةً حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ عِدًّا لَا انْقِطَاعَ لَهُ، وَيَكُونُ ظَاهِرًا مَعِيناً لَا يُسْقى بالرِّشاءِ، وإِذا كَانَ مِنَ السَّمَاءِ والأَمطار فَهُوَ الكَرَعُ، وَقَدْ أَكْرَعُوه إِبلهم فكَرَعَتْ فِيهِ وسقَوْها بالكَرْع وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وشَرَعَ إِبله وشَرَّعها: أَوْرَدَها شريعةَ الْمَاءِ فَشَرِبَتْ وَلَمْ يَسْتَقِ لَهَا. وَفِي الْمَثَلِ: أَهْوَنُ السَّقْيِ التَّشْريعُ، وَذَلِكَ لأَن مُورِدَ الإِبل إِذا وَرَدَ بِهَا الشَّرِيعَةَ لَمْ يَتْعَبْ فِي إِسْقاءِ الْمَاءِ لَهَا كَمَا يَتْعَبُ إِذا كَانَ الْمَاءُ بَعِيدًا؛ ورُفِعَ إِلى عَلِيٍّ، رضي الله عنه، أَمْرُ رَجُلٍ سَافَرَ مَعَ أَصحاب لَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ حِينَ قفَلوا إِلى أَهاليهم، فاتَّهَمَ أَهلُه أَصحابَه فرَفَعُوهم إِلى شُرَيْح، فسأَلَ الأَولياءَ البينةَ فعَجَزُوا عَنْ إِقامتها وأَخبروا عَلِيًّا بِحُكْمِ شُرَيْحٍ فتمثَّل بِقَوْلِهِ:
أَوْرَدَها سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ،
…
يَا سَعْدُ لَا تَرْوى بِهذاكَ الإِبِلْ «1»
ثُمَّ قَالَ: إِن أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْريعُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ وسأَلهم وَاحِدًا وَاحِدًا، فاعترَفوا بِقَتْلِهِ فقَتَلَهم بِهِ؛ أَراد عَلِيٌّ: أَن هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ كَانَ يسِيراً هيِّناً وَكَانَ نَوْلُه أَن يَحْتاطَ ويَمْتَحِنَ بأَيْسَر مَا يُحْتاطُ فِي الدِّماءِ كَمَا أَن أَهْوَنَ السَّقْيِ للإِبلِ تشرِيعُها الْمَاءَ، وَهُوَ أَن يُورِدَ رَبُّ الإِبلِ إِبله شَرِيعَةً لَا تَحْتَاجُ مَعَ ظُهُورِ مَائِهَا إِلى نَزْع بالعَلَق مِنَ الْبِئْرِ وَلَا حَثْيٍ فِي الْحَوْضِ، أَراد أَن الَّذِي فَعَلَهُ شُرَيْحٌ مِنْ طَلَبِ الْبَيِّنَةِ كَانَ هيِّناً فأَتَى الأَهْوَنَ وَتَرَكَ الأَحْوَطَ كَمَا أَن أَهون السَّقْيِ التشريعُ. وإِبلٌ شُرُوعٌ، وَقَدْ شَرَعَتِ الماءَ فشَرِبت؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يَسُدُّ بِهِ نَوائِبَ تَعْتَرِيهِ
…
مِنَ الأَيامِ كالنَّهَلِ الشُّرُوعِ
وشَرَعْتُ فِي هَذَا الأَمر شُرُوعاً أَي خُضْتُ. وأَشْرَعَ يدَه فِي المِطْهَرةِ إِذا أَدخَلَها فِيهَا إِشْراعاً. قَالَ: وشَرَعْتُ فِيهَا وشَرَعَتِ الإِبلُ الماءَ وأَشرعْناها.
(1). ويروى: ما هكذا توردُ، يا سعدُ، الإِبل.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَشرَعَ ناقتَه
أَي أَدخَلها فِي شرِيعةِ الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
حَتَّى أَشرَعَ فِي العضُد
أَي أَدخَل الماءَ إِليه. وشَرَّعَتِ الدابةُ: صَارَتْ عَلَى شَرِيعةِ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَلَمَّا شَرَّعَتْ قَصَعَتْ غَليلًا
…
فأَعْجَلَها، وَقَدْ شَرِبَتْ غِمارا
والشريعةُ مَوْضِعٌ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ تَشْرَعُ فِيهِ الدوابُّ. والشريعةُ والشِّرْعةُ: مَا سنَّ اللَّهُ مِنَ الدِّين وأَمَر بِهِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ أَعمال البرِّ مشتقٌّ مِنْ شَاطِئِ الْبَحْرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الشِّرْعةُ الدِّين، والمِنهاجُ الطريقُ، وَقِيلَ: الشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ جميعاً الطريق، والطريقُ هاهنا الدِّين، وَلَكِنَّ اللَّفْظَ إِذا اخْتَلَفَ أَتى بِهِ بأَلفاظ يؤَكِّدُ بِهَا القِصة والأَمر كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:
أَقوَى وأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ
فَمَعْنَى أَقْوَى وأَقْفَرَ وَاحِدٌ عَلَى الخَلْوَة إِلا أَن اللَّفْظَيْنِ أَوْكَدُ فِي الْخَلْوَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: شِرْعةً مَعْنَاهَا ابتِداءُ الطَّرِيقِ، والمِنهاجُ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا سَبيلًا وسُنَّة، وَقَالَ قَتَادَةُ: شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا، الدِّين وَاحِدٌ وَالشَّرِيعَةُ مُخْتَلِفَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ
: عَلَى دِينٍ ومِلَّة وَمِنْهَاجٍ، وكلُّ ذَلِكَ يُقَالُ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: عَلَى شَرِيعَةٍ، عَلَى مِثال ومَذْهبٍ. وَمِنْهُ يُقَالُ: شَرَعَ فُلَانٍ فِي كَذَا وَكَذَا إِذا أَخذ فِيهِ؛ وَمِنْهُ مَشارِعُ الْمَاءِ وَهِيَ الفُرَضُ الَّتِي تَشْرَعُ فِيهَا الواردةُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَشْتَرعُ شِرْعَتَهُ ويَفْتَطِرُ فِطْرَتَه ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ شِرْعةِ الدِّين وفِطْرتِه ومِلَّتِه. وشَرَعَ الدِّينَ يَشْرَعُه شَرْعاً: سَنَّه. وَفِي التَّنْزِيلِ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شَرَعَ أَي أَظهر. وقال في قوله: شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
، قَالَ: أَظهَرُوا لَهُمْ. والشارعُ الرَّبّاني: وَهُوَ الْعَالِمُ العاملُ المعَلِّم. وشَرَعَ فُلَانٌ إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطِلَ. قَالَ الأَزهري: مَعْنَى شَرَعَ بَيَّنَ وأَوضَح مأْخوذ مِنْ شُرِعَ الإِهابُ إِذا شُقَّ وَلَمْ يُزَقَّقْ أَي يجعل زِقًّا وَلَمْ يُرَجَّلْ، وَهَذِهِ ضُرُوبٌ مِنَ السَّلْخِ مَعْرُوفة أَوسعها وأَبينها الشَّرْعُ، قَالَ: وإِذا أَرادوا أَن يَجْعَلُوهَا زِقًّا سلَخُوها مِنْ قِبَل قَفاها وَلَا يَشُقُّوها شَقّاً، وقيل في قوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً
: إِنَّ نُوحًا أَول مَنْ أَتَى بِتَحْرِيمِ البَناتِ والأَخَواتِ والأُمَّهات. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى؛ أَي وَشَرَعَ لَكُمْ مَا أَوحينا إِليك وَمَا وصَّيْنا بِهِ الأَنبياء قبْلك. والشِّرْعةُ: العادةُ. وَهَذَا شِرْعةُ ذَلِكَ أَي مِثاله؛ وأَنشد الْخَلِيلُ يذمُّ رَجُلًا:
كَفّاكَ لَمْ تُخْلَقا للنَّدَى،
…
وَلَمْ يَكُ لُؤْمُهما بِدْعَهْ
فَكَفٌّ عَنِ الخَيرِ مَقْبُوضةٌ،
…
كَمَا حُطَّ عَنْ مائَةٍ سَبْعهْ
وأُخْرَى ثَلاثَةُ آلافِها،
…
وتِسْعُمِئيها لَهَا شِرْعهْ
وَهَذَا شِرْعُ هَذَا، وَهُمَا شِرْعانِ أَي مِثْلانِ. والشارِعُ: الطريقُ الأَعظم الَّذِي يَشْرَعُ فِيهِ النَّاسُ عَامَّةً
وَهُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ذُو شَرْعٍ مِنَ الخَلْق يَشْرَعُون فِيهِ. ودُورٌ شارِعةٌ إِذا كَانَتْ أَبوابها شارِعةً فِي الطَّرِيقِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: دُورٌ شَوارِعُ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ. وشَرَعَ المَنْزِلُ إِذا كَانَ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ الأَبوابُ شارِعةً إِلى المَسْجِدِ
أَي مَفْتُوحةً إِليه. يُقَالُ: شَرَعْتُ البابَ إِلى الطَّرِيقِ أَي أَنْفَذْتُه إِليه. وشَرَعَ البابُ والدارُ شُرُوعاً أَفْضَى إِلى الطريقِ، وأَشْرَعَه إِليه. والشَّوارِعُ مِنَ النُّجُومِ: الدَّانِيةُ مِنَ المَغِيبِ. وكلُّ دانٍ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ شارِعٌ. وَقَدْ شَرَعَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الدارُ الشارِعةُ الَّتِي قَدْ دَنَتْ مِنَ الطَّرِيقِ وقَرُبَتْ مِنَ الناسِ، وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ، إِلى القُرْب مِنَ الشَّيْءِ والإِشْرافِ عَلَيْهِ. وأَشْرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسيْفَ وشَرَعَهُما: أَقْبَلَهُما إِياه وسَدَّدَهُما لَهُ، فَشَرَعَتْ وهيَ شَوارِعُ؛ وأَنشد:
أَفاجُوا مِنْ رِماحِ الخَطِّ لَمّا
…
رَأَوْنا قَدْ شَرَعْناها نِهالا
وشَرَعَ الرُّمْحُ والسَّيْفُ أَنْفُسُهُما؛ قَالَ:
غَداةَ تَعاوَرَتْه ثَمَّ بِيضٌ،
…
شَرَعْنَ إِليهِ فِي الرَّهْجِ المُكِنِّ «1»
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبي أَوْفَى يَهْجُو امرأَة:
ولَيْسَتْ بِتارِكةٍ مُحْرَماً،
…
ولَوْ حُفَّ بالأَسَلِ الشُّرَّعِ
وَرُمْحٌ شُراعِيٌّ أَي طويلٌ وَهُوَ مَنْسُوب. والشِّرْعةُ «2» : الوَتَرُ الرقيقُ، وَقِيلَ: هُوَ الوَتَرُ مَا دَامَ مَشْدوداً عَلَى القَوْس، وَقِيلَ: هُوَ الْوَتَرُ، مَشْدوداً كَانَ عَلَى القَوْس أَو غَيْرَ مَشْدُودٍ، وَقِيلَ: مَا دَامَتْ مَشْدُودَةً عَلَى قَوْسٍ أَو عُود، وَجَمْعُهُ شِرَعٌ عَلَى التَّكْسِيرِ، وشِرْعٌ عَلَى الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ، وشِراعٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمَا أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع
…
لإِسْوارِها عَلَّ مِنْهُ اصْطِباحَا «3»
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وعاوَدَني دَيْني، فَبِتُّ كأَنما
…
خِلالَ ضُلوعِ الصَّدْرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ
ذكَّر لأَن الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفارِقُ واحده إِلا بِالْهَاءِ لَكَ تَذْكِيرُهُ وتأْنيثه؛ يَقُولُ: بِتُّ كأَنّ فِي صَدْري عُوداً مِنَ الدَّوِيِّ الَّذِي فِيهِ مِنَ الهُموم، وَقِيلَ: شِرْعةٌ وثلاثُ شِرَعٍ، وَالْكَثِيرُ شِرْعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي عَلَى أَن أَبا عُبَيْدٍ قَدْ قَالَهُ. والشِّراعُ: كالشِّرْعة، وَجَمْعُهُ شُرُعٌ؛ قَالَ كَثِيرٌ:
إِلا الظِّباءَ بِهَا، كأَنَّ تَرِيبَها
…
ضَرْبُ الشِّراعِ نَواحيَ الشِّرْيانِ
يَعْنِي ضَرْب الوَتَرِ سِيَتَيِ القَوْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَجُلٌ: إِني أُحِبُّ الجَمالَ حَتَّى فِي شِرْعِ نَعْلِي
أَي شِراكِها تَشْبِيهٌ بالشِّرْعِ، وَهُوَ وَترُ العُود لأَنه مُمْتَدٌّ عَلَى وجهِ النَّعْلِ كامتِدادِ الوَترِ عَلَى العُود، والشِّرْعةُ أَخَصّ مِنْهُ، وَجَمْعُهُمَا شِرْعٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
كَقَوْسِ الماسِخِيِّ يَرِنُّ فِيهَا،
…
مِنَ الشِّرْعِيِّ، مَرْبُوعٌ مَتِينُ
(1). هذا البيت من قصيدة للنابغة. وفي ديوانه: دُفعن إِليه مكان شرعن إِليه.
(2)
. قوله [والشرعة] في القاموس: هو بالكسر ويفتح، الجمع شرع بالكسر ويفتح وشرع كعنب، وجمع الجمع شراع.
(3)
. قوله [كما أزهرت إلخ] أنشده في مادة زهر: ازدهرت. وقوله [عل منه] تقدم عل منها.
أَراد الشِّرْعَ فأَضافه إِلى نَفْسِهِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ وَعِنْدِي أَنه أَراد الشِّرْعةَ لَا الشِّرْعَ لأَنَّ العَرَبَ إِذا أَرادت الإِضافة إِلى الْجَمْعِ فإِنما تردُّ ذَلِكَ إِلى الْوَاحِدِ. والشَّريعُ: الكَتَّانُ وَهُوَ الأَبَقُ والزِّيرُ والرازِقيُّ، ومُشاقَتُه السَّبِيخةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشَّرَّاعُ الَّذِي يَبِيعُ الشَّريعَ، وَهُوَ الكتَّانُ الجَيِّدُ. وشَرَّعَ فُلَانٌ الحَبْلَ أَي أَنْشَطه وأَدْخَلَ قُطْرَيْه فِي العُرْوة. والأَشْرَعُ الأَنْفِ: الَّذِي امْتَدَّت أَرْنَبَتُه. وَفِي حَدِيثِ صُوَرِ الأَنبياء، عليهم السلام:
شِراعُ الأَنفِ
أَي مُمْتَدُّ الأَنْفِ طَوِيلُهُ. والأَشْرعُ: السَّقائفُ، وَاحِدَتُهَا شَرَعة؛ قَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ:
كأَنَّ حَوْطاً جَزاه اللهُ مَغْفِرةً،
…
وجَنَّةً ذاتَ عِلِّيٍّ وأَشْراعِ
والشِّراعُ: شِراعُ السفينةِ وَهِيَ جُلُولُها وقِلاعُها، وَالْجَمْعُ أَشْرِعةٌ وشُرُعٌ؛ قَالَ الطِّرِمّاح:
كأَشْرِعةِ السَّفِينِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ فِي الْبَحْرِ والريحُ طَيِّبةٌ والشِّراعُ مرفوعٌ
؛ شِراعُ السَّفِينَةِ: مَا يُرْفَعُ فَوْقَهَا مِنْ ثَوْبٍ لِتَدْخُلَ فِيهِ الرِّيحُ فيُجْريها. وشَرّعَ السفينةَ: جَعَلَ لَهَا شِراعاً. وأَشرَعَ الشيءَ: رَفَعَه جِدًّا. وحِيتانٌ شُرُوعٌ: رافعةٌ رُؤُوسَها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ رافعةٌ رُؤُوسَها، وَقِيلَ: خَافِضَةٌ لَهَا لِلشُّرْبِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن حِيتانَ الْبَحْرِ كَانَتْ تَرِدُ يَوْمَ السَّبْتِ عَنَقاً مِنَ الْبَحْرِ يُتاخِمُ أَيْلةَ أَلهَمَها اللَّهُ تَعَالَى أَنها لَا تُصَادُ يَوْمَ السَّبْتِ لنَهْيِه اليهودَ عَنْ صَيْدِها، فَلَمَّا عَتَوْا وصادُوها بِحِيلَةٍ توَجَّهَتْ لَهُمْ مُسِخُوا قِرَدةً. وحِيتانٌ شُرَّعٌ أَي شارِعاتٌ مِنْ غَمْرةِ الماءِ إِلى الجُدِّ. والشِّراعُ: العُنُق، وَرُبَّمَا قِيلَ لِلْبَعِيرِ إِذا رَفَع عُنُقه: رَفَع شِراعَه. والشُّراعيّة والشِّراعيّةُ: الناقةُ الطويلةُ العُنُقِ؛ وأَنشد:
شِراعِيّة [شُراعِيّة] الأَعْناقِ تَلْقَى قَلُوصَها،
…
قَدِ اسْتَلأَتْ فِي مَسْك كَوْماءَ بادِنِ
قَالَ الأَزهري: لَا أَدري شُراعِيّةٌ أَو شِراعِيّةٌ، والكَسْر عِنْدِي أَقرب، شُبِّهت أَعناقُها بشِراع السَّفِينَةِ لِطُولِهَا يَعْنِي الإِبل. وَيُقَالُ للنبْتِ إِذا اعْتَمَّ وشَبِعَتْ مِنْهُ الإِبلُ: قَدْ أَشرَعَتْ، وَهَذَا نَبْتٌ شُراعٌ، وَنَحْنُ فِي هَذَا شَرَعٌ سواءٌ وشَرْعٌ واحدٌ أَي سواءٌ لَا يفوقُ بعضُنا بَعْضًا، يُحَرَّكُ ويُسَكَّنُ. وَالْجَمْعُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهِ سَوَاءٌ. قَالَ الأَزهري: كأَنه جَمْعُ شارِعٍ أَي يَشْرَعُون فِيهِ مَعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنتم فِيهِ شَرعٌ سواءٌ
أَي مُتَسَاوُونَ لَا فَضْل لأَحدِكم فِيهِ عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا. وشَرْعُك هَذَا أَي حَسْبُك؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وكانَ ابنَ أَجمالٍ، إِذا مَا تَقَطَّعَتْ
…
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوِّفُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِذا قطَّع الناسُ السِّياط عَلَى إِبلهم كَفَى هَذِهِ أَن تُخَوَّفَ. وَرَجُلٌ شَرْعُك مِنْ رَجُلٍ: كَافٍ، يَجْرِي عَلَى النَّكِرَةِ وَصْفًا لأَنه فِي نِيَّةِ الِانْفِصَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ شَرْعِكَ فَهُوَ نَعْتٌ لَهُ بِكمالِه وبَذِّه، غَيْرَهُ: وَلَا يثنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يؤنَّث،
وَالْمَعْنَى أَنه مِنَ النَّحْوِ الَّذِي تَشْرَعُ فِيهِ وتَطْلُبُه. وأَشرَعَني الرجلُ: أَحْسَبَني. وَيُقَالُ: شَرْعُكَ هَذَا أَي حَسْبُك. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مُغَفَّلٍ: سأَله غَزْوانُ عَمَّا حُرِّمَ مِنَ الشَّرابِ فَعَرَّفَه، قَالَ: فَقُلْتُ شَرْعي
أَي حَسْبي؛ وَفِي الْمَثَلِ:
شَرْعُكَ مَا بَلَّغَكَ المَحَلَّا
أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ، يُضْرَبُ فِي التَّبْلِيغِ بِالْيَسِيرِ. والشَّرْعُ: مَصْدَرُ شَرَعَ الإِهابَ يَشْرَعُه شَرْعاً سَلَخَه، وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِذا شَقَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْه وسَلَخَه؛ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ الحُمارِسِ البَكْرِيّةِ. والشِّرْعةُ: حِبالةٌ مِنَ العَقَبِ تُجْعَلُ شَرَكاً يُصَادُ بِهِ القَطا وَيُجْمَعُ شِرَعاً؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
مِنْ آجِنِ الماءِ مَحْفُوفاً بِهِ الشِّرَعُ
وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
أَبَنَّ عِرِّيسةً عَنانُها أَشِبٌ،
…
وعِنْدَ غابَتِها مُسْتَوْرَدٌ شَرَعُ
الشَّرَعُ: مَا يُشْرَعُ فِيهِ، والشَّراعةُ: الجُرْأَةُ. والشَّرِيعُ: الرَّجُلُ الشُّجاعُ؛ وَقَالَ أَبو وجْزةَ:
وإِذا خَبَرْتَهُمُ خَبَرْتَ سَماحةً
…
وشَراعةً، تَحْتَ الوَشِيجِ المُورِدِ
والشِّرْعُ: مَوْضِعٌ «4» ، وَكَذَلِكَ الشّوارِعُ. وشَرِيعةُ: ماءٌ بِعَيْنِهِ قَرِيبٌ مِنْ ضَرِيّةَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
غَدا قَلِقاً تَخَلَّى الجُزْءُ مِنْهُ،
…
فَيَمَّمَها شَرِيعةَ أَو سَوارَا
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَسْمَر عاتِك فِيهِ سِنانٌ
…
شُراعِيٌّ، كَساطِعةِ الشُّعاعِ
قَالَ: شُراعِيٌّ نِسْبَةٌ إِلى رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُ الأَسِنَّة كأَن اسْمَهُ كَانَ شُراعاً، فَيَكُونُ هَذَا عَلَى قِيَاسِ النَّسَبِ، أَو كَانَ اسْمُهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَبْنِية شَرَعَ، فَهُوَ إِذاً مِنْ نادِرِ مَعْدُول النَّسَبِ. والأَسْمَرُ: الرُّمح. والعاتِكُ: المُحْمَرُّ مِنْ قِدَمِه. والشَّرِيعُ مِنَ اللِّيفِ: مَا اشتَدَّ شَوْكُه وصلَحَ لِغِلَظِه أَنْ يُخْرَزَ بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْهَجَرِيِّينَ النَّخْلِيِّين. وَفِي جِبَالِ الدَّهْناءِ جبلٌ يُقَالُ لَهُ شارعٌ، ذَكَرَهُ ذُو الرُّمَّةِ فِي شعره.
شرجع: الشَّرْجَعُ: السرِيرُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ. والشَّرْجَعُ: الجَنازة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعَبْدة بن الطبيب:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بأَنَّ قَصْرِي حُفْرةٌ
…
غَبْراءُ، يَحْمِلُني إِليها شَرْجَعُ
الأَزهري: الشَّرْجَعُ النَّعْشُ؛ قَالَ أُمَيّةُ بْنُ أَبي الصلْت يَذْكُرُ الخالِقَ وملَكُوتَه:
ويُنَفِّدُ الطُّوفانَ نَحْنُ فِداؤُه،
…
واقْتادَ شَرْجَعَه بَداحُ بَدِيدُ
قَالَ شَمِرٌ: أَي هُوَ الْبَاقِي وَنَحْنُ الهالكُون. واقْتادَ أَي وَسَّع. قَالَ: وشَرْجَعُه سَرِيرُه. وبَداحٌ بَدِيدٌ أَي واسِعٌ. والشَّرْجَعُ: الطَّوِيلُ. وشَرْجَعَ المِطْرقة وَالْخَشَبَةَ إِذا كَانَتْ مُرَبَّعةً فَنُحِتَتْ مِنْ حُرُوفِهَا، تَقُولُ مِنْهُ: شَرْجِعْه. والمُشَرْجَعُ: المُطَوَّلُ الَّذِي لَا حَرْفَ لِنَوَاحِيهِ مِنْ مَطَارِقِ الْحَدَّادِينَ؛
(4). قوله [والشرع موضع] في معجم ياقوت: شرع، بالفتح، قرية على شرقي ذرة فيها مزارع ونخيل على عيون، ثم قال: شرع، بالكسر، موضع، واستشهد على كليهما.
قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّ مَا بَيْنَ عَيْنَيْها ومَذْبَحِها
…
مُشَرْجَعٌ مِنْ عَلاة القَيْنِ، مَمْطُولُ
ومِطْرقةٌ مُشَرْجَعةٌ أَي مُطَوَّلةٌ لَا حُرُوفَ لِنَوَاحِيهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لخُفاف بْنِ نُدْبَةَ:
جُلْمُود بِصْرٍ إِذا المِنْقارُ صادَفَه،
…
فَلَّ المُشَرْجَعَ مِنْهَا كُلَّمَا يَقَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ أَعْشى عُكْلٍ:
أُقِيمُ عَلَى يَدِي وأُعِينُ رِجْلي،
…
كأَنِّي شَرْجَعٌ بَعْدَ اعْتدالِ
قَالَ: لَمْ يَشْرَحْهُ الشَّيْخُ، قَالَ: وأَراد القَوْسَ، وَاللَّهُ أَعلم.
شسع: شِسْعُ النَّعْلِ: قِبالُها الَّذِي يُشَدّ إِلى زِمامِها، والزِّمامُ: السيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ، وَالْجَمْعُ شُسُوعٌ، لَا يكسَّر إِلا عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ. وشَسِعَتِ النعْلُ وقَبِلَتْ وشَرِكَتْ إِذا انْقَطَعَ ذَلِكَ مِنْهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْمُنْقَطِعِ الشِّسْعِ: شاسِعٌ؛ وأَنشد:
مِنْ آلِ أَخْنَسَ شاسِع النَّعْلِ
يَقُولُ: مُنْقَطِعُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحدِكم فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ واحدةٍ
؛ الشِّسْعُ: أَحد سُيُور النَّعْلِ، وَهُوَ الَّذِي يُدْخَلُ بَيْنَ الإِصْبَعَيْن ويُدخل طَرَفُه فِي الثَّقْب الَّذِي فِي صَدْرِ النَّعْلِ المشْدود فِي الزِّمامِ، وإِنما نُهيَ عَنِ المَشْي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِئَلَّا تَكُونَ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَرْفَعَ مِنَ الأُخرى، ويكونَ سَبَبًا للعِثار ويقبُح فِي المَنْظَر ويُعاب فَاعِلُهُ. وشَسَعَ النَّعْلَ يَشْسَعُها شَسْعاً وأَشْسَعَها: جَعَل لَهَا شِسْعاً. وَقَالَ أَبو الغَوْثِ: شَسَّعْتُ، بِالتَّشْدِيدِ، وَرُبَّمَا زَادُوا فِي الشِّسْعِ نُونًا؛ وأَنشد:
ويلٌ لأَجْمال الكَرِيِّ مِنِّي،
…
إِذا غَدَوْتُ وغَدَوْنَ، إِنِّي
أَحْدُو بِهَا مُنْقَطِعاً شِسْعَنِّي
فأَدخل النُّونَ. وَلَهُ شِسْعُ مَالٍ أَي قَلِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ قِطْعة مِنْ إِبل وَغَنَمٍ، وَكُلُّهُ إِلى القِلَّة يُشَبَّه بِشِسْعِ النَّعْلِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الشِّسْع جُلُّ مَالِ الرَّجُلِ. يُقَالُ: ذَهَبَ شِسْعُ مالِه أَي أَكثره؛ وأَنشد للمَرَّار:
عَداني عَنْ بَنِيَّ وشِسْعِ مَالِي
…
حِفاظٌ شَفَّني، ودَمٌ ثقِيلُ
وَيُقَالُ: عَلَيْهِ شِسْعٌ مِنَ المالِ ونَصِيّةٌ وعنْصُلةٌ وعِنْصِيةٌ، وَهِيَ البَقِيَّةُ. والأَحْوَزُ: القُبَضةُ مِنَ الرِّعاء الحَسَنُ الْقِيَامِ عَلَى مَالِهِ، وَهُوَ الشِّسْعُ أَيضاً، وَهُوَ الشَّيْصِيةُ أَيضاً. وَفُلَانٌ شِسْعُ مَالٍ إِذا كَانَ حَسَن الْقِيَامِ عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ أَبِلُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ. وشِسْعُ المَكانِ: طَرَفُه. يُقَالُ: حَللْنَا شِسْعَي الدَّهناءِ. وَكُلُّ شيءٍ نتَأَ وشَخَصَ، فَقَدْ شَسَعَ؛ قَالَ بِلَالُ بْنُ جَرِيرٍ:
لَهَا شاسِعٌ تَحْتَ الثِّيابِ، كأَنه
…
قَفا الدِّيكِ أَوْفَى عَرْفُه ثُمَّ طَرَّبا
وَيُرْوَى: أَوْفى غُرْفةً. وشَسَعَ يَشْسَعُ شُسُوعاً، فَهُوَ شاسِع وشَسُوعٌ، وشَسَعَ بِهِ وأَشْسَعَهُ: أَبْعَدَه. والشَّاسِعُ: الْمَكَانُ الْبَعِيدُ. وشَسَعَتْ دارُه شُسُوعاً إِذا بَعُدَت. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ: إِنِّي رَجُلٌ شاسِعُ
الدَّارِ
أَي بَعِيدُهَا. وشَسِعَ الفرَسُ شَسَعاً: انْفَرَجَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّته ورَباعِيَتِه، وَهُوَ مِنَ البُعْد. والشِّسْعُ: مَا ضاق من الأَرض.
شعع: الشُّعاعُ: ضَوْءُ الشَّمْسِ الَّذِي تَرَاهُ عِنْدَ ذُرُورِها كأَنه الْحِبَالُ أَو القُضْبانُ مُقْبِلةً عَلَيْكَ إِذا نَظَرْتَ إِليها، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَرَاهُ مُمْتَدًّا كالرِّماحِ بُعَيْدَ الطُّلُوعِ، وَقِيلَ: الشُّعاعُ انتشارُ ضوئِها؛ قال قيس ابن الْخُطَيْمِ:
طَعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِرٍ،
…
لَهَا نَفَذٌ، لَوْلَا الشَّعاعُ أَضاءَها
وَقَالَ أَبو يُوسُفَ: أَنشدني ابْنُ مَعْنٍ عَنِ الأَصمعي: لَوْلَا الشُّعاع، بِضَمِّ الشِّينِ، وَقَالَ: هُوَ ضوءُ الدَّمِ وحُمْرَتُه وتَفَرُّقُه فَلَا أَدري أَقاله وَضْعًا أَم عَلَى التَّشْبِيهِ، وَيُرْوَى الشَّعاعُ، بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ تَفَرُّق الدَّمِ وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُ الشُّعاعِ أَشِعَّةٌ وشُعُعٌ. وَفَسَّرَ الأَزهريّ هَذَا الْبَيْتَ فَقَالَ: لَوْلَا انْتِشارُ سَنَنِ الدَّمِ لأَضاءَها النَّفَذُ حَتَّى تَسْتَبِينَ، وَقَالَ أَيضاً: شُعَاعُ الدَّمِ مَا انْتَشر إِذا اسْتَنَّ مِنْ خَرْق الطَّعْنةِ. وَيُقَالُ: سَقَيْتُه لَبَناً شَعاعاً أَي ضَياحاً أُكْثِرَ ماؤُه، قَالَ: والشَّعْشَعةُ بِمَعْنَى المَزْجِ مِنْهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رضي الله عنه: إِنَّ الشَّهْرَ قَدْ تَشَعْشَعَ فَلَوْ صُمْنا بَقِيَّتَه
، كأَنه ذَهب بِهِ إِلى رِقَّة الشَّهْرِ وقِلَّةِ مَا بَقِيَ مِنْهُ كَمَا يُشَعْشَعُ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ. وتَشَعْشَعَ الشهرُ: تَقَضَّى إِلَّا أَقَلَّه. وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، تَشَعْسَعَ
مِنَ الشُّسُوعِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ، بِذَلِكَ فسَّره أَبو عُبَيْدٍ، وَهَذَا لَا يُوجِبُه التصرِيفُ. وأشَعَّت الشمسُ: نَشَرَتْ شُعاعَها؛ قَالَ:
إِذا سَفَرَتْ تَلأْلأُ وَجْنَتاها،
…
كإِشْعاعِ الغَزالةِ فِي الضَّحاءِ
وَمِنْهُ حَدِيثُ لَيْلَةِ القَدْرِ:
وإِنَّ الشَّمْسَ تَطلُعُ مِنْ غَدِ يَوْمِهَا لَا شُعاعَ لَهَا
، الْوَاحِدَةُ شُعاعةٌ. وظِلٌ شَعْشَعٌ أَي لَيْسَ بِكَثِيفٍ، ومُشَعْشَعٌ أَيضاً كَذَلِكَ، وَيُقَالُ: الشَّعْشَعُ الظِّلُّ الَّذِي لَمْ يُظِلّك كلُّه فَفِيهِ فُرَجٌ. وشَعُّ السُّنبل وشَعاعُه وشِعاعُه وشُعاعُه: سَفاه إِذا يَبِسَ مَا دَامَ عَلَى السُّنْبُلِ. وَقَدْ أَشَعَّ الزرْعُ: أَخرج شَعاعَه. أَبو زَيْدٍ: شاعَ الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً كِلَاهُمَا إِذا تَفَرَّقَ، وشَعْشَعْنا عَلَيْهِمُ الخيلَ نُشَعْشِعُها. والشَّعاعُ: المتفرِّق. وتَطايَرَ الْقَوْمُ شَعاعاً أَي متفرِّقين. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: سَتَرَوْن بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً وأُمَّةً شَعاعاً
أَي متفرِّقين مُخْتَلِفِينَ. وذهبَ دمُه شَعاعاً أَي متفرِّقاً. وطارَ فؤَادُه شَعاعاً تَفَرَقتْ هُمُومُه. يُقَالُ ذَهَبَتْ نَفْسِي شَعاعاً إِذا انْتَشَرَ رأْيها فَلَمْ تَتَّجِهْ لأَمْر جَزْم، وَرَجُلٌ شَعاعُ الفُؤَاد مِنْهُ. ورأْي شَعاعٌ أَي مُتَفَرِّقٌ. ونفْس شَعاع: متفرِّقة قَدْ تفرَّقَتْ هِمَمُها؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذَريح:
فَلَمْ أَلْفِظْكِ مِنْ شِبَعٍ، ولَكِنْ
…
أُقَضِّي حاجةَ النَّفْسِ الشَّعاعِ
وَقَالَ أَيضاً:
فقَدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، أَلَمْ أَكُنْ
…
نَهَيْتُكِ عَنْ هَذَا وأَنْتِ جَميعُ؟
قَالَ ابْنُ برِّيّ: وَمِثْلُ هَذَا لِقَيْسِ بْنُ مُعَاذٍ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:
فَلا تَتْرُكي نَفْسِي شَعاعاً، فإِنَّها
…
مِنَ الوَجْدِ قَدْ كادَتْ عَلَيْكِ تَذُوبُ
والشَّعْشاعُ أَيضاً: المُتَفَرِّقُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
صَدْقُ اللِّقاءِ غَيْرُ شَعْشاعِ الغَدَرْ
يَقُولُ: هُوَ جَمِيعُ الهِمة غَيْرُ مُتَفَرِّقِهَا. وتَطايَرَتِ العَصا والقَصَبةُ شَعاعاً إِذا ضَرَبْتَ بِهَا عَلَى حَائِطٍ فَتَكَسَّرتْ وَتَطَايَرَتْ قِصَداً وقِطَعاً. وأَشَعَّ البعيرُ بَوْله أَي فَرَّقَه وقَطَّعه، وَكَذَلِكَ شَعَّ بولَه يَشُعُّه أَي فرَّقه أَيضاً فَشَعَّ يَشِعُّ إِذا انتَشر وأَوْزَعَ بِهِ مِثْلَهُ. ابْنُ الأَعرابي: شَعَّ القومُ إِذا تَفَرَّقُوا؛ قَالَ الأَخطل:
عِصابةُ سَبْيٍ شَعَّ أَنْ يُتَقَسَّما
أَي تَفَرَّقُوا حِذارَ أَن يُتَقَسَّموا. قَالَ: والشَّعُّ العَجَلةُ. قَالَ: وانْشَعَّ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ وانْشلَّ فِيهَا وانْشَنَّ وأَغار فِيهَا وَاسْتَغَارَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ لِبَيْتِ العَنْكَبُوت: الشُّعُّ وحُقُّ الكُهول. وشَعْشَعَ الشَّرابَ شَعْشَعَةً: مزَجَه بِالْمَاءِ، وَقِيلَ: المُشَعْشَعة الخَمْرُ الَّتِي أُرِقَّ مَزْجُها. وشَعْشَعَ الثَّريدةَ الزُّرَيْقاءَ: سَغْبَلَها بالزَّيْت، يُقَالُ: شَعْشِعْها بالزَّيْت. وفي حديث
وائِلةَ بْنِ الأَسْقَع: أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، ثَرَدَ ثَرِيدةً ثُمَّ شَعْشَعَها ثُمَّ لبَّقها ثُمَّ صَعْنَبَها
؛ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: شَعْشَعَها خلَط بعضَها بِبَعْضٍ كَمَا يُشَعْشَعُ الشرابُ بِالْمَاءِ إِذا مُزِجَ بِهِ، ورُوِيتْ هَذِهِ اللفظةُ سَغْسَغَها، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَي روَّاها دَسَماً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَعْشَعَ الثَّرِيدَةَ إِذا رَفَعَ رأْسها، وَكَذَلِكَ صَعْلَكَها وصعْنَبَها. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: شَعْشَعَ الثَّريدة إِذا أَكْثَرَ سَمْنَها، وَقِيلَ: شَعْشَعَها طَوَّلَ رأْسها مِنَ الشَّعْشاعِ، وَهُوَ الطَّوِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ فِي الْخَمْرِ أَكثر مِنْهُ فِي الثَّرِيدِ. والشَّعْشَعُ والشَّعْشاعُ والشَّعْشَعانُ والشَّعْشَعانيُّ: الطَّوِيلُ الحَسنُ الخفيفُ اللحْمِ، شُبِّه بِالْخَمْرِ المُشَعْشَعةِ لِرِقَّتِها، ياءُ النَّسَبِ فِيهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، إِنما هُوَ مِنْ بَابِ أَحمرَ وأَحْمَرِيٍّ ودوَّارٍ ودَوَّارِيٍّ؛ وَوَصَفَ بِهِ الْعَجَّاجُ المِشْفَرَ لِطُولِهِ ورِقَّتِه فَقَالَ:
تُبادِرُ الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ،
…
بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ،
ومَنْكِباها خَلْفَ أَوْراكِ الإِبِلْ
وَقِيلَ: الشَّعْشاعُ الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: الحسَن؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى كُلِّ مَشْبُوحِ الذِّراعينِ، تُتَّقَى
…
بهِ الحَرْبُ، شَعْشاعٍ وآخَرَ فَدْغَمِ
وَفِي حَدِيثِ البَيْعةِ:
فَجَاءَ رَجُلٌ أَبْيَضُ شَعْشاعٌ
أَي طَوِيلٌ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْح: تراهُ عَظِيماً شَعْشَعاً
، وَقِيلَ: الشَّعْشاعُ والشَّعْشَعانيُّ والشَّعْشَعانُ الطويلُ العُنقِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وعُنُقٌ شَعْشاعٌ: طَوِيلٌ. والشَّعْشَعانةُ مِن الإِبل: الجَسِيمةُ، وَنَاقَةٌ شَعْشَعانة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَيْهاتَ خَرقاءُ إِلَّا أَنْ يُقَرِّبَها
…
ذُو العَرْشِ، والشَّعْشَعاناتُ العَياهِيم
وَرَجُلٌ شُعْشُعٌ: خَفِيفٌ فِي السَّفَرِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: غُلَامٌ شُعْشُع خَفِيفٌ فِي السَّفَرِ، فقَصَره عَلَى الْغُلَامِ. وَيُقَالُ: الشُّعْشُعُ الْغُلَامُ الحسَنُ الْوَجْهِ الْخَفِيفُ الرُّوحِ، بِضَمِّ الشِّينِ. وَقَالَ الأَزهري فِي آخِرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: كلُّ مَا مَضَى فِي الشَّعاعِ فَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ، وأَما ضَوءُ الشَّمْسِ فَهُوَ الشُّعاعُ، بِضَمِّ الشِّينِ، والشَّعَلَّع: الطَّوِيلُ، بزيادة اللام.
شعلع: الشَّعَلَّعُ: الطوِيلُ.
شفع: الشَّفْعُ: خِلَافُ الوَتْر، وَهُوَ الزَّوْجُ. تَقُولُ: كانَ وَتْراً فَشَفَعْتُه شَفْعاً. وشَفَعَ الوَتْرَ مِنَ العَدَدِ شَفْعاً: صيَّره زَوْجاً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي لِسُوَيْدِ بْنِ كُرَاعٍ وإِنما هُوَ لِجَرِيرٍ:
وَمَا باتَ قَوْمٌ ضامِنينَ لَنا دَماً
…
فَيَشْفِينَا، إِلَّا دِماءٌ شَوافِعُ
أَي لَمْ نَكُ نُطالِبُ بِدَمِ قَتِيلٍ منّا قوماً فَنَشْتَفيَ إِلا بِقَتْلِ جَمَاعَةٍ، وذلك لعزتنا وقوتنا على إِدراك الثَّأْر. والشَّفِيعُ مِنَ الأَعْداد: مَا كَانَ زَوْجًا، تَقُولُ: كَانَ وَتْراً فشَفَعْتُه بِآخِرَ؛ وَقَوْلُهُ:
لِنَفْسِي حدِيثٌ دونَ صَحْبي، وأَصْبَحَتْ
…
تَزِيدُ لِعَيْنَيَّ الشُّخُوصُ الشَّوافِعُ
لَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ؛ وَقَوْلُهُ:
مَا كانَ أَبْصَرَني بِغِرَّاتِ الصِّبا،
…
فالآنَ قَدْ شُفِعَتْ ليَ الأَشْباحُ
مَعْنَاهُ أَنه يحسَبُ الشَّخْصَ اثْنَيْنِ لضَعْفِ بَصَرِهِ. وَعَيْنٌ شافِعةٌ: تنظُر نَظَرَيْنِ. والشَّفْعُ: مَا شُفِع بِهِ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ، وَالْجَمْعُ شِفاعٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وأَخُو الإِباءَةِ، إِذْ رَأَى خُلَّانَه،
…
تَلَّى شِفاعاً حوْلَه كالإِذْخِرِ
شَبَّهَهم بالإِذْخِرِ لأَنه لَا يَكَادُ ينبُتُ إِلا زَوْجاً زَوْجاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
. قَالَ الأَسود بْنُ يَزِيدَ: الشَّفْعُ يَوْمُ الأَضْحى، والوَتْرُ يومُ عَرَفةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الوتْرُ هُوَ اللَّهُ، والشفْع خلْقه. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الوَتر آدمُ شُفِعَ بزَوْجَتِه، وَقِيلَ فِي الشفْع والوتْر: إِنّ الأَعداد كُلَّهَا شَفْع وَوِتْر. وشُفْعةُ الضُّحى: رَكْعتا الضُّحَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ حافَظَ عَلَى شُفْعةِ الضُّحى غُفِرَ لَهُ ذنوبُه
، يَعْنِي رَكْعَتِي الضُّحَى مِنَ الشفْعِ الزَّوْجِ، يُرْوى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، كالغَرْفة والغُرْفة، وإِنما سَمَّاهَا شَفْعة لأَنها أَكثر مِنْ وَاحِدَةٍ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الشَّفْعُ الزَّوْجُ وَلَمْ أَسمع بِهِ مُؤَنَّثًا إِلا هَاهُنَا، قَالَ: وأَحسَبُه ذُهِبَ بتأْنيثه إِلى الفَعْلةِ الْوَاحِدَةِ أَو إِلى الصلاةِ. وَنَاقَةٌ شافِعٌ: فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ أَو يَتْبَعُها وَلَدٌ يَشْفَعها، وَقِيلَ: فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتْبَعُها آخَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ تَقُولُ مِنْهُ: شَفَعَتِ الناقةُ شَفْعاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشافِعٌ فِي بَطْنِها لَهَا وَلَدْ،
…
ومَعَها مِن خَلْفِها لَهَا ولَدْ
وَقَالَ:
مَا كانَ فِي البَطْنِ طَلاها شافِعُ،
…
ومَعَها لَهَا وليدٌ تابِعُ
وشاةٌ شَفُوعٌ وشافِعٌ: شَفَعها ولَدُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَعَثَ مُصَدِّقاً فأَتاه رَجُلٌ بِشَاةٍ شافِعٍ فَلَمْ يأْخُذْها فَقَالَ: ائْتِني بِمُعْتاطٍ
؛ فالشافِعُ: الَّتِي معَها وَلَدُهَا، سُمِّيَتْ شافِعاً لأَن وَلَدَهَا شَفَعها وشفَعَتْه هِيَ فَصَارَا شَفْعاً. وَفِي رِوَايَةٍ:
هَذِهِ شاةُ الشافِعِ
بالإِضافة كَقَوْلِهِمْ صلاةُ الأُولى ومَسْجِدُ الجامِع. وشاةٌ مُشْفِعٌ: تُرْضِعُ كُلَّ بَهْمةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والشَّفُوعُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَجْمع بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ فِي حَلْبةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ القَرُونُ. وشَفَعَ لِي بالعَداوة: أَعانَ عَليّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَتاكَ امرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بِغْضةً،
…
لَهُ مِنْ عَدُوٍّ مِثْلُ ذَلِكَ شافِعُ
وَتَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا ليَشْفَعُ لِي بعَداوةٍ أَي يُضادُّني؛ قَالَ الأَحوص:
كأَنَّ مَنْ لامَني لأَصْرِمَها،
…
كانُوا عَلَيْنا بِلَوْمِهِمْ شَفَعُوا
مَعْنَاهُ أَنهم كَانُوا أَغْرَوني بِهَا حِينَ لامُوني فِي هَواها، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:
إِنَّ اللَّوْم إِغْراءُ
وشَفَع لِي يَشْفَعُ شَفاعةً وتَشَفَّعَ: طَلب. والشَّفِيعُ: الشَّافِعُ، وَالْجَمْعُ شُفَعاء، واسْتَشْفَعَ بفُلان عَلَى فُلَانٍ وتَشَفَّع لَهُ إِليه فشَفَّعَه فِيهِ. وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: اسْتَشْفَعه طلَب مِنْهُ الشَّفاعةَ أَي قَالَ لَهُ كُنْ لِي شافِعاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها
. وقرأَ أَبو الْهَيْثَمِ:
مَنْ يَشْفَعُ شَفاعةً حسَنة
أَي يَزْدادُ عَمَلًا إِلى عَمَل. وُرُوِيَ عَنِ الْمُبَرِّدِ وثعلب أَنهما قَالَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
، قَالَا: الشَّفَاعَةُ الدُّعاءُ هَاهُنَا. والشَّفاعةُ: كَلَامُ الشَّفِيعِ لِلْمَلِكِ فِي حَاجَةٍ يسأَلُها لِغَيْرِهِ. وشَفَعَ إِليه: فِي مَعْنَى طَلَبَ إِليه. والشَّافِعُ: الطَّالِبُ لِغَيْرِهِ يَتَشَفَّعُ بِهِ إِلى الْمَطْلُوبِ. يُقَالُ: تَشَفَّعْتُ بِفُلَانٍ إِلى فُلَانٍ فَشَفّعَني فِيهِ، وَاسْمُ الطَّالِبِ شَفِيعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
واسْتَشْفَعَتْ مِنْ سَراةِ الحَيِّ ذَا ثِقةٍ،
…
فَقَدْ عَصاها أَبُوها وَالَّذِي شَفَعا
واسْتَشْفَعْتُه إِلى فُلَانٍ أَي سأَلته أَن يَشْفَعَ لِي إِليه؛ وتَشَفَّعْتُ إِليه فِي فُلَانٍ فشَفَّعَني فِيهِ تَشْفِيعاً؛ قَالَ حَاتِمٌ يُخَاطِبُ النُّعْمَانَ:
فَكَكْتَ عَدِيًّا كُلَّها مِنْ إِسارِها،
…
فَأَفْضِلْ وشَفِّعْني بِقَيْسِ بْنِ جَحْدَرِ
وَفِي حَدِيثِ الحُدُود:
إِذا بَلَغَ الحَدُّ السلطانَ فَلَعَنَ اللهُ الشَّافِعَ والمُشَفِّعَ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الشَّفاعةِ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا يتَعَلَّق بأُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ السُّؤالُ فِي التَّجاوُزِ عَنِ الذُّنُوبِ والجَرائِمِ. والمُشَفِّعُ: الَّذِي يَقْبَل الشَّفَاعَةَ، والمُشَفَّعُ: الَّذِي تُقْبَلُ شَفاعَتُه. والشُّفْعَةُ والشُّفُعَةُ فِي الدَّارِ والأَرضِ: القَضاء بِهَا لصاحِبها. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ اشتِقاقِ الشُّفْعةِ فِي اللُّغَةِ فَقَالَ: الشُّفْعَةُ الزِّيادةُ وهو أَنْ يُشَفِّعَك فِيمَا تَطْلُب حَتَّى تَضُمَّه إِلى مَا عِنْدَكَ فَتَزِيدَه وتَشْفَعَه بِهَا أَي أَن تَزِيدَهُ بِهَا أَي أَنه كَانَ وَتْرًا وَاحِدًا فَضَمَّ إِليه مَا زَادَهُ وشَفَعَه بِهِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي تَفْسِيرِ الشُّفْعة: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا أَراد بَيْعَ مَنْزِلٍ أَتاه رَجُلٌ فشَفَع إِليه فِيمَا باعَ فَشَفَّعَهُ وجَعَله أَولى بالمَبِيعِ مِمَّنْ بَعُدَ سَبَبُه فَسُمِّيَتْ شُفْعَةً وسُمِّي طَالِبُهَا شَفِيعاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الشُّفْعَةُ. فِي كُلّ مَا يُقْسَمُ
، الشُّفْعَةُ فِي الْمِلْكِ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الزِّيَادَةِ لأَن الشفِيع يَضُمُّ الْمَبِيعَ إِلى مِلْكِهِ فَيَشْفَعُه بِهِ كأَنه كَانَ وَاحِدًا وَتْرًا فَصَارَ زَوْجًا شَفْعًا. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: الشُّفْعة على رؤوس الرِّجَالِ
؛ هُوَ أَن تَكُونَ الدَّار بَيْنَ جَمَاعَةٍ مُخْتَلِفِي السِّهام فَيَبِيعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ فَيَكُونَ مَا بَاعَ لشركائه بينهم على رؤوسهم لَا عَلَى سِهامِهم. والشفِيعُ: صَاحِبُ الشُّفْعة وصاحبُ الشفاعةِ، والشُّفْعةُ: الجُنُونُ، وَجَمْعُهَا شُفَعٌ، وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ مَشْفُوعٌ ومَسْفُوعٌ؛ ابْنُ الأَعرابي: فِي وَجْهِهِ شَفْعةٌ وسَفْعةٌ وشُنْعةٌ ورَدَّةٌ ونَظْرةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والشُّفْعةُ: الْعَيْنُ. وامرأَة مَشْفُوعةٌ: مُصابةٌ مِنَ الْعَيْنِ، وَلَا يُوصَفُ بِهِ
الْمُذَكَّرُ. والأَشْفَعُ: الطوِيلُ. وشافِعٌ وشفِيعٌ: اسمان. وبنو شافِعٍ: مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبُ بنِ عَبد مَنَافٍ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ الفقيهُ الإِمام الْمُجْتَهِدُ، رحمه الله وَنَفَعَنَا بِهِ.
شقع: شَقَعَ فِي الإِناءِ يَشْقَعُ شَقْعاً إِذا شَرِبَ وكَرَعَ مِنْهُ، وَقِيلَ: شَقَعَ شَرِبَ بِغَيْرِ إِناءٍ كَكَرع. وَيُقَالُ: قَمَعَ ومَقَعَ وقَبَعَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ شِدّة الشُّرْبِ. وَيُقَالُ: شَقَعَه بِعَيْنِهِ إِذا لقَعَه، وَقِيلَ: شَقَعَه ولَقَعَه بِمَعْنَى عانَه. قَالَ الأَزهريّ: لَقَعه مَعْرُوفٌ وشَقَعه مُنْكَر لا أَحُقّه.
شقدع: الشُّقْدُعُ: الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ.
شكع: شَكِعَ يَشْكَعُ شَكَعاً، فَهُوَ شاكِعٌ وشَكِعٌ وشَكُوعٌ: كَثُرَ أَنِينُه وضَجَرُه مِنَ الْمَرَضِ والوجَعِ يُقْلِقُه، وَقِيلَ: الشَّكِعُ الشديدُ الجَزَعِ الضَّجُورُ، والشَّكَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الوجَعُ والغضَبُ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مُتَأَذٍّ مِنْ شَيْءٍ: شَكِعٌ وشاكِعٌ. وباتَ شَكِعاً أَي وَجِعاً لَا يَنَامُ. وشَكِعَ، فَهُوَ شَكِعٌ: طَالَ غضَبُه، وَقِيلَ: غَضِبَ. وأَشْكَعَه: أَغْضَبَه، وَيُقَالُ: أَمَلَّه وأَضْجَرَه. الأَحمر: أَشْكَعَنِي وأَحْمَشَني وأَدْرأَني وأَحْفَظَنِي كلُّ ذَلِكَ أَغْضَبَنِي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَمّا دَنا مِنَ الشَّامِ ولقِيَه الناسُ جعَلوا يَتَراطَنُون فأَشْكَعَه ذَلِكَ وَقَالَ لأَسْلَم: إِنهم لَنْ يَرَوْا عَلَى صاحِبِك بَزّةَ قَوْمٍ غضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
الشَّكَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ الضَّجر، وَقِيلَ أَغْضَبَه «5». وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُهَيْلٍ وَهُوَ يَجُودُ بنفسِه فإِذا هُوَ شَكِعُ البِزَّةِ
أَي ضَجِرُ الْهَيْئَةِ والحالةِ. وشَكِعَ شَكَعاً: غَرِضَ. وشَكِعَ شَكَعاً: مالَ، وَيُقَالُ للبخِيل اللَّئِيمِ: شَكِعٌ. والشُّكاعَى: نَبْتٌ؛ قَالَ الأَزهري: رأَيته بِالْبَادِيَةِ وَهُوَ مِنْ أَحْرار البُقُولِ. والشُّكاعَى: شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ ذاتُ شَوْك قِيلَ هُوَ مِثْلُ الحُلاوَى لَا يَكَادُ يُفْرَقُ بَيْنَهُمَا، وزَهْرَتُها حَمْراءُ ومَنْبَتُها مِثْلُ مَنْبَتِ الحُلاوَى، وَلَهُمَا جَمِيعًا «6» يَابِسَتَيْنِ وَرَطْبَتَيْنِ، وَهُمَا كَثِيرَتَا الشَّوْكِ وشَوْكُهما أَلْطَفُ مِنْ شوْك الخُلّةِ، وَلَهُمَا وَرَقٌ صَغِيرٌ مِثْلُ وَرَقِ السَّذابِ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَرُبَّمَا سَلِمَ جَمْعُهَا، وَقَدْ يُقَالُ شَكاعَى، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَجد ذَلِكَ مَعْرُوفًا، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشُّكاعَى مِنْ دِقّ النَّبَاتِ وَهِيَ دَقِيقةُ الْعِيدَانِ صَغِيرَةٌ خضراءُ وَالنَّاسُ يَتَداوَوْنَ بِهَا؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ يَذْكُرُ تَداوِيَه بِهَا، وقد شُفِيَ بَطْنُه:
شَرِبْتُ الشُّكاعَى والتَدَدْتُ أَلِدَّةً،
…
وأَقْبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المَكاوِيا
قَالَ: وَاسْمُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ جُرْحَهْ، الأَخفش: شُكاعاةٌ، فإِذا صَحَّ ذَلِكَ فأَلفها لِغَيْرِ التأْنيث، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْوَاحِدَةُ مِنْهَا شُكاعةٌ، والشُّكاعة: شَوْكةٌ تَمْلَأُ فَمَ الْبَعِيرِ لَا وَرَقَ لَهَا إِنما هِيَ شَوْكٌ وعِيدانٌ دِقاق أَطرافها أَيضاً شَوْكٌ، وَجَمْعُهَا شُكاعٌ، وَمَا أَدرِي أَين شَكَعَ أَي ذهَب، وَالسِّينُ أَعلى.
شلع: قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّلَّعُ الطويلُ.
شمع: الشَّمَعُ والشَّمْعُ: مُومُ العَسل الَّذِي يُسْتَصْبَحُ بِهِ، الْوَاحِدَةُ شَمَعةٌ وشَمْعة؛ قَالَ الفراء: هذا
(5). قوله [شِدَّةُ الضَّجَرِ] وَقِيلَ أَغْضَبَهُ كذا بالأصل والذي في النهاية بعد قوله شدة الضجر: يقال شكع وأَشكعه غيره وقيل معناه أغضبه.
(6)
. قوله [ولهما جميعاً إلخ] كذا بالأصل.
كَلَامُ الْعَرَبِ والمُوَلَّدون يَقُولُونَ شَمْعٌ، بِالتَّسْكِينِ، والشَّمَعةُ أَخص مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ غَلِطَ لأَن الشَّمَع والشَّمْعَ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قُلِ الشَّمَعَ لِلْمُومِ وَلَا تَقُلِ الشَّمْعَ. وأَشْمَعَ السِّراجُ: سَطَع نورُه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَلَمْحِ بَرْقٍ أَو سِراجٍ أَشْمَعا
والشَّمْعُ والشُّمُوعُ والشِّماعُ والشِّماعةُ والمَشْمَعةُ: الطَّرَبُ والضَّحِك والمِزاحُ واللَّعِبُ. وَقَدْ شَمَعَ يَشْمَعُ شَمْعاً وشُمُوعاً ومَشْمَعةً إِذا لَمْ يَجِدَّ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَذْكُرُ أَضيافَه:
سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشمَعةٍ، وأَثْنِي
…
بِجُهْدِي مِنْ طَعامٍ أَو بِساطِ
أَراد مِنْ طَعامٍ وبِساطٍ، يُرِيدُ أَنه يبدأُ أَضيافه عِنْدَ نُزُولِهِمْ بالمِزاحِ والمُضاحكة ليُؤَنِّسَهم بِذَلِكَ، وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَآتِي بِجُهْدِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ وأَثْنِي بجُهْدي أَي أُتْبِعُ، يُرِيدُ أَنه يَبْدَأُ أَضيافَه بالمِزاحِ لِيَنْبَسِطُوا ثُمَّ يأْتيهم بَعْدَ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَتَبَّع المَشْمَعةَ يُشَمِّعُ اللهُ بِهِ
؛ أَراد، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ مَن كَانَ مِن شأْنه العَبَثُ بِالنَّاسِ والاستهزاءُ أَصارَه اللَّهُ تَعَالَى إِلى حَالَةٍ يُعْبَثُ بِهِ فِيهَا ويُسْتَهْزَأُ مِنْهُ، فَمَنْ أَراد الِاسْتِهْزَاءَ بِالنَّاسِ جَازَاهُ اللَّهُ مُجازاةَ فِعْلِه. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِذا كُنَّا عِنْدَكَ رَقَّت قُلُوبُنَا وإِذا فارقناكَ شَمَعْنا أَو شَمَمْنا النِّسَاءَ والأَولادَ
أَي لاعَبْنا الأَهْلَ وعاشَرْناهُنّ، والشِّماعُ: اللَّهْوُ واللَّعِبُ. والشَّمُوعُ: الْجَارِيَةُ اللَّعُوبُ الضَّحُوكُ الآنِسةُ، وَقِيلَ: هِيَ المَزّاحةُ الطَّيِّبةُ الْحَدِيثِ الَّتِي تُقَبِّلُكَ وَلَا تُطاوِعُك عَلَى سِوَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: الشَّمُوعُ اللَّعُوبُ الضَّحُوكُ فَقَطْ، وَقَدْ شَمَعَتْ تَشْمَعُ شَمْعاً وشُمُوعاً. وَرَجُلٌ شَموعٌ: لَعُوبٌ ضَحُوكٌ، والفِعْلُ كالفِعْل وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ؛ وقولُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحِمارَ:
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضة،
…
فَيَجِدُّ حِيناً فِي المِراحِ ويَشْمَعُ
قَالَ الأَصمعي: يَلْعَبُ لا يُجادُّ.
شنع: الشَّناعةُ: الفَظاعةُ، شَنُعَ الأَمرُ أَو الشَّيْءُ شَناعةً وشَنَعاً وشُنعاً وشُنُوعاً: قَبُح، فَهُوَ شَنِيعٌ، وَالِاسْمُ الشُّنْعةُ؛ فأَما قَوْلُ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
سائِلْ بِنا فِي قَوْمِنا،
…
ولْيَكْفِ مِنْ شرٍّ سَماعُهْ
قَيْساً، وَمَا جَمَعُوا لَنا
…
فِي مَجْمَعٍ باقٍ شَناعُهْ
فَقَدْ يَكُونُ شَناعٌ مِنْ مَصَادِرِ شَنُعَ كَقَوْلِهِمْ سَقُمَ سَقاماً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تُرِيدَ شَنَاعَتَهُ فحذفُ الْهَاءَ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تأَوَّل بَعْضُهُمْ قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّر خالِدٌ
…
عِيادِي عَلَى الهِجْرانِ أَمْ هُوَ يائِسُ؟
مِنْ أَنه أَراد عِيَادَتِي فَحَذَفَ التَّاءَ مُضْطَرّاً. وأَمرٌ أَشْنَعُ وشَنِيعٌ: قَبِيحٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذؤَيب:
مُتَحامِيَيْن المَجْدَ كلٌّ واثِقٌ
…
بِبَلائه، واليَوْمُ يَوْمٌ أَشْنَعُ «1»
وَمِثْلُهُ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُويْرة:
وَلَقَدْ غُبِطْتُ بِمَا أُلاقي حِقْبةً،
…
وَلَقَدْ يَمُرُّ عليَّ يَوْمٌ أَشْنَعُ
(1). قوله [متحاميين المجد] في شرح القاموس: يتناهبان المجد.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: وَعِنْدَهُ امرأَة سوْداء مُشَنَّعةٌ
أَي قبِيحةٌ. يُقَالُ: مَنْظَرٌ شَنِيعٌ وأَشْنَعُ ومُشَنَّعٌ. وشَنَّع عَلَيْهِ الأَمرَ تشْنيعاً: قَبَّحَه. وشَنِعَ بالأَمر «1» شُنْعاً واسْتَشْنَعه: رَآهُ شَنِيعاً. وتَشَنَّعَ القومُ: قَبُحَ أَمرُهم باختِلافِهم واضْطِرابِ رأْيِهم؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَكْفِي الأَدِلَّةَ بَعْدَ سُوءِ ظُنُونِهم
…
مَرُّ المَطِيِّ، إِذا الحُداةُ تَشَنَّعُوا
وتَشَنَّع فُلان لِهَذَا الأَمر إِذا تَهَيَّأَ لَهُ. وتَشَنَّع الرَّجُلُ: هَمّ بأَمْرٍ شَنِيعٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَعَمْري، لَقَدْ قالَتْ أُمامةُ إِذْ رَأَتْ
…
جَريراً بِذاتِ الرَّقْمَتَيْنِ تَشَنَّعا
وشَنَعَه شَنْعاً: سَبَّه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: اسْتَقْبَحَه وسَئِمَهُ «2» ؛ وأَنشد لِكَثِيرٍ:
وأَسماءُ لَا مَشْنُوعةٌ بِمَلامةٍ
…
لَدَيْنا، وَلَا مَقْلِيّةٌ باعْتِلالِها «3»
والشَّنَعُ والشَّناعةُ والمَشْنُوعُ كلُّ هَذَا مِنْ قُبْحِ الشَّيْءِ الَّذِي يُسْتَشْنَعُ قُبْحُه، وَهُوَ شَنِيعٌ أَشْنَعُ، وَقِصَّةٌ شَنْعاءُ وَرَجُلٌ أَشْنَعُ الْخُلُقِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وَفِي الهامِ مِنْهُ نَظْرةٌ وشُنُوعُ
أَي قُبْح يُتَعَجَّبُ مِنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: تَقُولُ رأَيت أَمراً شَنِعْتُ بِهِ شُنْعاً أَي اسْتَشْنَعْتُه؛ وأَنشد لمرْوان:
فَوِّضْ إِلى اللهِ الأُمورَ، فإِنه
…
سَيَكْفيكَ، لَا يَشْنَعْ بِرأْيِكَ شانِعُ
أَي لَا يَسْتَقْبِحُ رأْيَك مُسْتَقْبِحٌ. وَقَدِ اسْتَشْنَعَ بِفُلَانٍ جَهْلُه: خَفَّ، وشَنَعَنا فُلان وفَضَحنا. والمَشْنوع: الْمَشْهُورُ. والتَّشْنِيعُ: التَّشْمير. وشَنَّع الرجلُ: شَمَّر وأَسْرعَ. وشَنَّعَتِ الناقةُ وأَشْنَعَتْ وتَشَنَّعَتْ: شَمَّرَت فِي سَيْرِها وأَسْرَعَتْ وجَدَّت، فَهِيَ مُشَنِّعةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّه حِينَ بَدا تَشَنُّعُهْ،
…
وسالَ بَعْدَ الهَمَعانِ أَخْدَعُهْ،
جأْبٌ بِأَعْلى قُنَّتَيْنِ مَرْتَعُه
والتشنُّع: الجِدّ والانْكِماشُ فِي الأَمر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، تَقُولُ مِنْهُ: تشَنَّعَ القومُ. والشَّنَعْنَعُ: الرَّجُلُ الطوِيلُ. وتَشَنَّعْتُ الغارةَ: بَثَثْتُها، والفرسَ والرّاحلةَ والقِرْنَ: رَكِبْتُه وعَلَوْتُه، والسِّلاحَ: لَبِسْتُه.
شوع: الشَّوَعُ: انْتِشارُ الشَّعر وتَفَرُّقُه كأَنه شَوْك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا شَوَعٌ بخَدَّيْها،
…
وَلَا مُشْعَنَّةٌ قَهْدا
وَرَجُلٌ أَشْوَعُ وامرأَة شَوْعاءُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ أَشْوَعَ. ابْنُ الأَعرابي: شَوُعَ رأْسُه يَشُوعُ شَوْعاً إِذا اشْعانَّ، قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبو عَمْرٍو، والقِياسُ شَوِعَ يَشْوَعُ شَوَعاً. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ شُعْ شُعْ إِذا أَمرته بالتَّقَشُّفِ وَتَطْوِيلِ الشَّعَرِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلانٌ ابْنُ أَشْوَعَ. وبَوْلٌ شاعٌ: مُنْتَشِرٌ مُتَفَرِّق؛ قَالَ ذُو الرمة:
(1). قوله [وشنع بالأمر] في القاموس: ورأى أمراً شنع به كعلم شنعا بالضم أي استشنعه.
(2)
. قوله [وسئمه] هو كذلك في الصحاح، والذي في القاموس: وشتمه.
(3)
. قوله [مقلية] كتب بطرة الأصل في نسخة: معذورة.
يُقَطِّعْنَ لِلإِبْساسِ شاعا كأَنَّه
…
جَدايا، عَلَى الأَنْساءِ مِنها بَصائِر
وشَوَّعَ القومَ: جَمَعَهُمْ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الأَعشى:
نُشَوِّعُ عُوناً ونَجتابُها
قَالَ: وَمِنْهُ شِيعةُ الرَّجُلِ، والأَكثر أَن تَكُونَ عَيْنُ الشِّيعة يَاءً لِقَوْلِهِمْ أَشياعٌ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ بَابِ أَعياد أَو يَكُونُ يُشَوِّعُ عَلَى المُعاقبة. وشاعةُ الرَّجُلِ: امرأَتُه، وإِن حَمْلَتَهَا عَلَى مَعْنَى المُشايَعةِ واللُّزوم فأَلفها يَاءٌ. ومضَى شَوْعٌ مِنَ اللَّيْلِ وشُواعٌ أَي سَاعَةٌ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. والشُّوعُ، بِالضَّمِّ: شَجَرُ الْبَانِ، وَهُوَ جَبَليٌّ؛ قَالَ أُحَيْحَةُ بْنُ الجُلاح يَصِفُ جَبَلًا:
مُعْرَوْرِفٌ أَسْبَلَ جَبّاره،
…
بِحافَتَيْه، الشُّوعُ والغِرْيَفُ
وَهَذَا الْبَيْتُ اسْتَشْهَد الْجَوْهَرِيُّ بعَجُزه وَنَسَبَهُ لِقَيْسِ بْنِ الْخُطَيْمِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرّي أَيضاً لأُحَيْحةَ بْنِ الجُلاح، وواحدتُه شُوعةٌ وَجَمْعُهَا شِياعٌ. وَيُقَالُ: هَذَا شَوْعُ هَذَا، بِالْفَتْحِ، وشَيْعُ هَذَا لِلَّذِي وُلِدَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُولَدْ بينهما.
شيع: الشَّيْعُ: مِقدارٌ مِنَ العَدَد كَقَوْلِهِمْ: أَقمت عِنْدَهُ شَهْرًا أَو شَيْعَ شَهْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: بَعْدَ بَدْرٍ بِشهر أَو شَيْعِه
أَي أَو نَحْوٍ مِنْ شهرٍ. يُقَالُ: أَقمت بِهِ شَهْرًا أَو شَيْعَ شَهْرٍ أَي مِقْدارَه أَو قَرِيبًا مِنْهُ. وَيُقَالُ: كَانَ مَعَهُ مائةُ رَجُلٍ أَو شَيْعُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ. وآتِيكَ غَداً أَو شَيْعَه أَي بَعْدَهُ، وَقِيلَ الْيَوْمَ الَّذِي يَتْبَعُهُ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
قَالَ الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا
…
أَو شَيْعَه، أَفلا تُشَيِّعُنا؟
وَتَقُولُ: لَمْ أَره مُنْذُ شَهْرٍ وشَيْعِه أَي وَنَحْوِهِ. والشَّيْعُ: وَلَدُ الأَسدِ إِذا أَدْرَكَ أَنْ يَفْرِسَ. والشِّيعةُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعون عَلَى الأَمر. وكلُّ قَوْمٍ اجتَمَعوا عَلَى أَمْر، فَهُمْ شِيعةٌ. وكلُّ قَوْمٍ أَمرُهم وَاحِدٌ يَتْبَعُ بعضُهم رأْي بَعْضٍ، فَهُمْ شِيَعٌ. قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَيْسَ كُلُّهُمْ مُتَّفِقِينَ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً*
؛ كلُّ فِرْقةٍ تكفِّر الْفِرْقَةَ الْمُخَالِفَةَ لَهَا، يَعْنِي بِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لأَنّ النَّصَارَى بعضُهُم يكَفِّر بَعْضًا، وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى تكفِّرُ الْيَهُودَ واليهودُ تُكَفِّرُهُمْ وَكَانُوا أُمروا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ لَمَّا نَزَلَتْ: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ
، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: هَاتَانِ أَهْوَنُ وأَيْسَرُ
؛ الشِّيَعُ الفِرَقُ، أَي يَجْعَلَكُم فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ
، فإِن ابْنَ الأَعرابي قَالَ: الهاءُ لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أَي إِبراهيمُ خَبَرَ مَخْبَره، فاتَّبَعَه ودَعا لَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ هُوَ عَلَى مِنهاجه ودِينه وإِن كَانَ إِبراهيم سَابِقًا لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي مَنْ شِيعة نُوحٍ وَمِنْ أَهل مِلَّتِه، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْقَوْلُ أَقرب لأَنه مَعْطُوفٌ عَلَى قِصَّةِ نُوحٍ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ. والشِّيعةُ: أَتباع الرَّجُلِ وأَنْصارُه، وَجَمْعُهَا شِيَعٌ، وأَشْياعٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَيُقَالُ: شايَعَه كَمَا يُقَالُ والاهُ مِنَ الوَلْيِ؛ وَحُكِيَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الأَعشى:
يُشَوِّعُ عُوناً ويَجْتابُها
يُشَوِّعُ: يَجْمَعُ، وَمِنْهُ شِيعَةُ الرَّجُلِ، فإِن صَحَّ هَذَا التَّفْسِيرُ فَعَيْنُ الشِّيعة وَاوٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَدَرِيَّةُ شِيعةُ الدَّجَّالِ
أَي أَولِياؤُه وأَنْصارُه، وأَصلُ الشِّيعة الفِرقة مِنَ النَّاسِ، وَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ غلَب هَذَا الِاسْمُ عَلَى مَنْ يَتَوالى عَلِيًّا وأَهلَ بَيْتِهِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، حَتَّى صَارَ لَهُمُ اسْمًا خَاصًّا فإِذا قِيلَ: فُلَانٌ مِنَ الشِّيعة عُرِف أَنه مِنْهُمْ. وَفِي مَذْهَبِ الشِّيعَةِ كَذَا أَي عِنْدَهُمْ. وأَصل ذَلِكَ مِنَ المُشايَعةِ، وَهِيَ المُتابَعة والمُطاوَعة؛ قَالَ الأَزهري: والشِّيعةُ قَوْمٌ يَهْوَوْنَ هَوى عِتْرةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ويُوالونهم. والأَشْياعُ أَيضاً: الأَمثالُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ
؛ أَي بأَمْثالهم مِنَ الأُمم الْمَاضِيَةِ وَمَنْ كَانَ مذهبُه مَذْهَبَهُمْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أَشْياعِهِم خَبَراً،
…
أَمْ راجَعَ القَلْبَ مِنْ أَطْرابِه طَرَبُ؟
يَعْنِي عَنْ أَصحابهم. يُقَالُ: هَذَا شَيْعُ هَذَا أَي مِثْله. والشِّيعةُ: الفِرْقةُ، وَبِهِ فَسَّرَ الزَّجَّاجُ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ
. والشِّيعةُ: قَوْمٌ يَرَوْنَ رأْيَ غَيْرِهِمْ. وتَشايَعَ القومُ: صَارُوا شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إِذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ فَقَالَ: مِنَ الرِّجَالِ. وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ:
أَنه كَانَ رجُلًا مُشَيَّعاً
؛ المُشَيَّع: الشُّجاع لأَنَّ قَلْبَه لَا يَخْذُلُه فكأَنَّه يُشَيِّعُه أَو كأَنَّه يُشَيَّعُ بِغَيْرِهِ. وشَيَّعَتْه نفْسُه عَلَى ذَلِكَ وشايَعَتْه، كِلَاهُمَا: تَبِعَتْه وشجَّعَتْه؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ كُنْتُ مُشايِعي
…
لُبِّي، وأَحْفِزُهُ بِرأْيٍ مُبْرَمٍ «4»
قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى شَيَّعْتُ فُلَانًا فِي اللُّغَةِ اتَّبَعْتُ. وشَيَّعه عَلَى رأْيه وشايَعه، كِلَاهُمَا: تابَعَه وقَوَّاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
صَفْوانَ: إِني أَرى مَوضِعَ الشَّهادةِ لَوْ تُشايِعُني نفْسي
أَي تُتابِعُني. وَيُقَالُ: شاعَك الخَيرُ أَي لَا فَارَقَكَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَشاعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهُم
…
أَسِرَّةُ رَيْحانٍ بِقاعٍ مُنَوَّرِ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُشَيِّعُه عَلَى ذَلِكَ أَي يُقَوِّيه؛ وَمِنْهُ تَشْيِيعُ النَّارِ بإِلقاء الْحَطَبِ عَلَيْهَا يُقَوِّيها. وشَيَّعَه وشايَعَه، كِلَاهُمَا: خَرَجَ مَعَهُ عِنْدَ رَحِيلِهِ ليُوَدِّعَه ويُبَلِّغَه مَنْزِله، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَخْرُجَ مَعَهُ يُرِيدُ صُحْبته وإِيناسَه إِلى مَوْضِعٍ مَا. وشَيَّعَ شَهْرَ رَمَضَانَ بِسِتَّةِ أَيّامٍ مِنْ شَوَّال أَي أَتبَعَه بِهَا، وَقِيلَ: حَافَظَ عَلَى سِيرتِهِ فِيهَا عَلَى الْمَثَلِ. وَفُلَانٌ شِيعُ نِساء: يُشَيِّعُهُنَّ ويُخالِطُهُنَّ. وَفِي حَدِيثِ الضَّحايا:
لَا يُضَحَّى بالمُشَيِّعةِ مِنَ الغَنم
؛ هِيَ الَّتِي لَا تَزَالُ تَتبَعُ الْغَنَمَ عَجَفاً، أَي لَا تَلْحَقُها فهي أَبداً تُشَيِّعُها أَي تَمْشِي وَرَاءَهَا، هَذَا إِن كَسَرْتَ الْيَاءَ، وإِن فَتَحْتَهَا فَهِيَ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلى مَنْ يُشَيِّعُها أَي يَسُوقُها لتأَخّرها عَنِ الْغَنَمِ حَتَّى يُتْبِعَها لأَنها لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. وَيُقَالُ: مَا تُشايِعُني رِجْلي وَلَا سَاقِي أَي لَا تَتبَعُني وَلَا تُعِينُني عَلَى المَشْيِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وأَدْماءَ تَحْبُو مَا يُشايِعُ ساقُها،
…
لَدَى مِزْهَرٍ ضارٍ أَجَشَّ ومَأْتَمِ
الضارِي: الَّذِي قَدْ ضَرِيَ مِنَ الضَّرْب بِهِ؛ يَقُولُ: قَدْ عُقِرَتْ فَهِيَ تَحْبُو لَا تَمْشِي؛ قال كثير:
(4). في معلقة عنترة:
ذلُلٌ جِمالي حيث شِئتُ مشايعي
وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم
…
هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ
أَي مِمَّنْ يُتبعُه طَرْفَه نَاظِرًا. ابْنُ الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رَجُلًا فَقَالَ: هُوَ ضَبٌّ مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مِثْلُ الضَّبِّ الْحَقُودِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ. والمَشِيعُ: مِنْ قَوْلِكَ شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأَتَه. وتَشَيَّعَ فِي الشَّيْءِ: اسْتَهلك فِي هَواه. وشَيَّعَ النارَ فِي الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
شَداً كَمَا يُشَيَّعُ التَّضْريمُ «1»
والشَّيُوعُ والشِّياعُ: مَا أُوقِدَتْ بِهِ النَّارُ، وَقِيلَ: هُوَ دِقُّ الْحَطَبِ تُشَيَّعُ بِهِ النَّارُ كَمَا يُقَالُ شِبابٌ لِلنَّارِ وجِلاءٌ لِلْعَيْنِ. وشَيَّعَ الرجلَ بِالنَّارِ: أَحْرَقَه، وَقِيلَ: كلُّ مَا أُحْرِقَ فَقَدْ شُيِّعَ. يُقَالُ: شَيَّعْتُ النَّارَ إِذا أَلْقَيْتَ عَلَيْهَا حَطَبًا تُذْكيها بِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَحنف: وإِن حَسَكى «2» كَانَ رَجُلًا مُشَيَّعاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد به هاهنا العَجولَ مِنْ قَوْلِكَ شَيَّعْتُ النارَ إِذا أَلقيت عَلَيْهَا حَطباً تُشْعِلُها بِهِ. والشِّياعُ: صَوْتُ قَصَبةٍ يَنْفُخُ فِيهَا الرَّاعِي؛ قَالَ:
حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ
وشَيَّعَ الرَّاعِي فِي الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فِيهَا. والشاعةُ: الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بِهَا وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: صَاحَ بِهَا ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَبكِّي عَلَى إِثْرِ الشَّبابِ الَّذِي مَضَى،
…
أَلا إِنَّ إِخوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ
«3» أَتَجْزَعُ مِمَّا أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟
…
وأَيُّ كرِيمٍ لَمْ تُصِبْه القَوارِعُ؟
فَيَمْضُونَ أَرْسالًا ونَخْلُفُ بَعْدَهُم،
…
كَمَا ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ «4»
وَقِيلَ: شايَعْتُ بِهَا إِذا دَعَوْتَ لَهَا لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ الرَّاعِيَ:
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها،
…
وشايِعْ بِهَا، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا
يَقُولُ: صَوَّتَ بِهَا ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
إِذا لَمْ تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ
…
شمارِيخَ لَمْ يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنَّ مَرْيم ابْنَةَ عِمْرانَ سأَلت رَبَّهَا أَنْ يُطْعِمَها لَحْمًا لَا دَمَ فِيهِ فأَطْعَمها الْجَرَادَ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ أَعِشْه بِغَيْرِ رَضاع وتابِعْ بَيْنَهُ بِغَيْرِ شِياعٍ
؛ الشِّياعُ، بِالْكَسْرِ: الدُّعَاءُ بالإِبل لتَنْساق وَتَجْتَمِعَ؛ الْمَعْنَى يُتابِعُ بَيْنَهُ فِي الطَّيَرَانِ حَتَّى يَتَتابع مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشايَع كَمَا يُشايِعُ الرَّاعِي بإِبله لِتَجْتَمِعَ وَلَا تَتَفَرَّقَ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بِغَيْرِ شِياعٍ أَي بِغَيْرِ صَوْتٍ، وَقِيلَ لِصَوْتِ الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الرَّاعِيَ يَجْمَعُ إِبله بِهَا؛ وَمِنْهُ
حَدِيثُ عَلِيٍّ: أُمِرْنا بِكَسْرِ الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ الرَّاعِي، وَمِنْهُ
قَوْلُ مَرْيَمَ: اللَّهُمَّ سُقْه بِلَا شِياعٍ
أَي بِلَا زَمّارة راع.
(1). قوله [شداً] كذا بالأصل.
(2)
. قوله [حسكى] كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.
(3)
. في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.
(4)
. قوله [فيمضون إلخ] في شرح القاموس قبله:
وَمَا الْمَالُ والأَهلون إِلَّا وديعة
…
وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ ترد الودائع
وشاعَ الشيْبُ شَيْعاً وشِياعاً وشَيَعاناً وشُيُوعاً وشَيْعُوعةً ومَشِيعاً: ظهَرَ وتفرَّقَ، وشاعَ فِيهِ الشيبُ، وَالْمَصْدَرُ مَا تَقَدَّمَ، وتَشَيَّعه، كِلَاهُمَا: اسْتَطَارَ. وشاعَ الخبَرُ فِي النَّاسِ يَشِيعُ شَيْعاً وشيَعاناً ومَشاعاً وشَيْعُوعةً، فَهُوَ شائِعٌ: انْتَشَرَ وافترَقَ وذاعَ وظهَر. وأَشاعَه هُوَ وأَشاعَ ذِكرَ الشيءِ: أَطارَه وأَظهره. وَقَوْلُهُمْ: هَذَا خبَر شَائِعٌ وَقَدْ شاعَ فِي النَّاسِ، مَعْنَاهُ قَدِ اتَّصَلَ بِكُلِّ أَحد فَاسْتَوَى عِلْمُ النَّاسِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ. والشاعةُ: الأَخْبار المُنتشرةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما رجلٍ أَشاع عَلَى رَجُلٍ عَوْرة ليَشِينَه بِهَا
أَي أَظهر عَلَيْهِ مَا يَعِيبُه. وأَشَعْتُ الْمَالَ بَيْنَ الْقَوْمِ والقِدْرَ فِي الحَيّ إِذا فَرَّقْتَهُ فِيهِمْ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
فقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا،
…
وأَيُّ زمانٍ قِدْرُنا لَمْ تُمَشَّرِ؟
وأَشَعْتُ السِّرّ وشِعْتُ بِهِ إِذا أَذعْتَ بِهِ. وَيُقَالُ: نَصِيبُ فُلَانٍ شائِعٌ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ ومُشاعٌ فِيهَا أَي لَيْسَ بمَقْسُوم وَلَا مَعْزول؛ قَالَ الأَزهري: إِذا كَانَ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَاتَّصَلَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، قَالَ: وأَصل هَذَا مِنَ النَّاقَةِ إِذا قَطَّعت بَوْلَهَا، قِيلَ: أَوزَغَتْ بِهِ إِيزاغاً، وإِذا أَرسلته إِرسالًا مُتَّصِلًا قِيلَ: أَشاعت. وَسَهْمٌ شائِعٌ أَي غَيْرُ مَقْسُومٍ، وشاعٌ أَيضاً كَمَا يُقَالُ سائِرُ الْيَوْمِ وسارُه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ مَقْروم:
لَهُ وهَجٌ مِنَ التَّقْرِيبِ شاعُ
أَي شائعٌ؛ وَمَثَلُهُ:
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ فكلٌّ ناعُ
أَي نائِعٌ. وَمَا فِي هَذِهِ الدَّارِ سَهْمٌ شائِعٌ وشاعٍ مَقْلُوبٌ عَنْهُ أَي مُشْتَهِرٌ مُنْتَشِرٌ. وَرَجُلٌ مِشْياعٌ أَي مِذْياعٌ لَا يَكْتُمُ سِرّاً. وَفِي الدُّعَاءِ:
حَيّاكم اللهُ
وشاعَكم السلامُ وأَشاعَكم السلامَ أَي عَمَّكم وَجَعَلَهُ صاحِباً لَكُمْ وتابِعاً، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: شاعَكم السلامُ صَحِبَكُم وشَيَّعَكم؛ وأَنشد:
أَلا يَا نَخْلةً مِن ذاتِ عِرْقٍ
…
بَرُودِ الظِّلِّ، شاعَكُمُ السلامُ
أَي تَبِعكم السلامُ وشَيَّعَكم. قَالَ: وَمَعْنَى أَشاعكم السلامَ أَصحبكم إِيَّاه، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ. وشاعَكم السلامُ كَمَا تَقُولُ عَلَيْكُمُ السلامُ، وَهَذَا إِنما يَقُولُهُ الرَّجُلُ لأَصحابه إِذا أَراد أَن يُفَارِقَهُمْ كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ لَمَّا اصْطَلَحَ الْقَوْمُ: يَا بَنِي عَبْسٍ شَاعَكُمُ السلامُ فَلَا نظرْتُ فِي وجهِ ذُبْيانية قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وَسَارَ إِلى نَاحِيَةِ عُمان وَهُنَاكَ الْيَوْمَ عقِبُه وَوَلَدُهُ؛ قَالَ يُونُسُ: شاعَكم السلامُ يَشاعُكم شَيْعاً أَي مَلأَكم. وَقَدْ أَشاعكم اللهُ بِالسَّلَامِ يُشِيعُكم إِشاعةً. ونصِيبُه فِي الشَّيْءِ شائِعٌ وشاعٍ عَلَى الْقَلْبِ وَالْحَذْفِ ومُشاعٌ، كُلُّ ذَلِكَ: غَيْرُ مَعْزُولٍ. أَبو سَعِيدٍ: هُمَا مُتشايِعانِ ومُشتاعانِ فِي دَارٍ أَو أَرض إِذا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهَا، وَهُمْ شُيَعاءُ فِيهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيِّعٌ لِصَاحِبِهِ. وَهَذِهِ الدَّارُ شَيِّعةٌ بَيْنَهُمْ أَي مُشاعةٌ. وكلُّ شَيْءٍ يَكُونُ بِهِ تَمامُ الشَّيْءِ أَو زيادتُه، فَهُوَ شِياعٌ لَهُ. وشاعَ الصَّدْعُ فِي الزُّجاجة: استطارَ وَافْتَرَقَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَجَاءَتِ الخيلُ شَوائِعَ وشَواعِيَ عَلَى الْقَلْبِ أَي مُتَفَرِّقة. قَالَ الأَجْدَعُ بن مالك بن مسروق بْنِ الأَجدع:
وكأَنَّ صَرْعاها قِداحُ مُقامِرٍ
…
ضُرِبَتْ عَلَى شَرَنٍ، فَهُنّ شَواعِي