المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الكاتب: محمد رشيد رضا - مجلة المنار - جـ ٣

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (3)

- ‌غرة ذو القعدة - 1317ه

- ‌فاتحة السنة الثالثة

- ‌التعصب

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌دار علوم في مكة المكرمة

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌منثورات

- ‌11 ذو القعدة - 1317ه

- ‌الجنسية والديانة الإسلامية

- ‌مقاومة رجال الدين لأجل الإصلاح

- ‌كلمة للمؤرخين

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌21 ذو القعدة - 1317ه

- ‌الكتب العربية والإصلاح

- ‌نجاح التعليم في الأزهر

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌غرة ذو الحجة - 1317ه

- ‌إعادة مجد الإسلام

- ‌التعليم في الأزهر الشريف

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌استماحة وتهنئة

- ‌21 ذو الحجة - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌مدرسة زعزوع بك للبنين

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة المحرم - 1318ه

- ‌الوحدة العربية

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌تأسيس فرعي سمالوط ومعصرة سمالوطلجمعية شمس الإسلام

- ‌سيرة المرحوم عثمان باشا الغازي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌11 محرم - 1318ه

- ‌الدنيا والآخرة(2)

- ‌فرنسا والإسلام

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌21 محرم - 1318ه

- ‌الترك والعرب

- ‌الدين والدنيا والآخرة(3)

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة صفر - 1318ه

- ‌الترك والعرب

- ‌التعليم النافع

- ‌السنوسي وأتباعه

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثانى

- ‌11 صفر - 1318ه

- ‌الحركة الإسلامية الحاضرة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌التعليم المفيد

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌الأخبار والآراء

- ‌21 صفر - 1318ه

- ‌أوروبا والإصلاح الإسلامي

- ‌نصيحة أمير أفغانستان إلى ولده وولى عهده

- ‌هانوتو والإسلام

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌غرة ربيع الأول - 1318ه

- ‌القضاء والقدر

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌ختام درس المنطق للأستاذ الأكبر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌11 ربيع الأول - 1318ه

- ‌الاحتفال الأولبامتحان مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌21 ربيع الأول - 1318ه

- ‌المشروع الحميديُّ الأعظم

- ‌مدرسة جمعية شمس الإسلام في الفيوم

- ‌القديم في الحديث والأول في الآخر

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌السؤال والجوابعن حل طعام أهل الكتاب

- ‌غرة ربيع الثاني - 1318ه

- ‌هانوتو والإصلاح الإسلامي

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌المشروع الحميدي الأعظم

- ‌11 ربيع الثاني - 1318ه

- ‌محبة الله ورسولهفي إعانة السكة الحديدية الحجازية

- ‌الشعر العربي

- ‌قصيدة الجزائر

- ‌الاحتفال الثاني عشربمدرسة ديروط الخيرية

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌21 ربيع الثاني - 1318ه

- ‌الشعر العربي

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة جمادىالأولى - 1318ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌ملاحظة على مقالة الشعر العربي

- ‌أُفْكُوهَة

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌11 جمادى الأولى - 1318ه

- ‌ميزان الإيمان وسلم الأمم

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌21 جمادى الأولى - 1318ه

- ‌الدعوة حياة الأديان

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌مكتوب من بعض بلغاء مصرلسماحة أبي الهدى

- ‌ البدع والخرافات

- ‌1 جمادى الآخرة - 1318ه

- ‌الدعوة وطريقها وآدابها

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قسم الأحاديث الموضوعة والمنكرة(1)

- ‌التبرك وشفاء الأمراض

- ‌الموالد والمواسم

- ‌التهتك في مصر وتلافيه

- ‌11 جمادى الآخرة - 1318ه

- ‌الرجال أم المال

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌قسم الأحاديث الموضوعة(2)

- ‌ الموالد والمواسم

- ‌21 جمادى الآخرة - 1318ه

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌أسباب وضع الحديث واختلافه(1)

- ‌البدع والخرافات

- ‌غرة رجب - 1318ه

- ‌العلم والجهل

- ‌الشوقيات

- ‌البدع والخرافات

- ‌11 رجب - 1318ه

- ‌الحكومة الاستبدادية

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌البدع والخرافات

- ‌21 رجب - 1318ه

- ‌الحكومة الاستبداديةتتمة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌فخر نساء العرب

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌البدع والخرافات

- ‌مقاومة التهتك والدجل والبدع

- ‌غرة شعبان - 1318ه

- ‌الإسلام وأهله

- ‌نموذج من كتاب أسرار البلاغة

- ‌الشعر العصري

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌ الأحاديث الموضوعة

- ‌مسيح الهند

- ‌الإفراط والتفريط

- ‌16 شعبان - 1318ه

- ‌الطاعون والفأر

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌التعليم في مدارس الحكومة

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌ الموالد والمواسم

- ‌الأحاديث الموضوعة

- ‌رد مسيح الهند على الطاعنين

- ‌غرة رمضان - 1318ه

- ‌مسألة زيد وزينب

- ‌حكمة الصيام

- ‌القسم الأدبي

- ‌البدع والخرافات

- ‌16 رمضان - 1318ه

- ‌عقوبة الإعدام

- ‌محاورة الماء والنار في توليد البخار

- ‌إلى الله المشتكى

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الجامع الأزهر

- ‌عيد جلوس الخديوي المعظم

- ‌الأحاديث الموضوعة

- ‌غرة شوال - 1318ه

- ‌كتب المغازي وأحاديث القصاصين [

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌وعظ رمضان والمسجد الحسيني

- ‌16 شوال - 1318ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌المرأة الجديدة

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌خاتمة سنة المنار الثالثة

الفصل: الكاتب: محمد رشيد رضا

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌حكمة الصيام

من باب تفسير القرآن العزيز

] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [[*]

لا نذكر الآن ملخص ما أحصيناه من كلام مولانا مفتي الديار المصرية في

تفسير هذه الآية وسائر آيات الصوم ، بل ندع ذلك حتى يجيء وقته في الترتيب إذا

أمهلنا الزمان ، وإنما نذكر بعض الفوائد مما ذكره في حكمة الصيام التي تضمنها

قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 21) قال حفظه الله تعالى ما مثاله ملخصًا:

كان الوثنيون يصومون؛ لتسكين غضب آلهتم إذا عملوا ما يغضبهم ، أو

لإرضائهم واستمالتهم إلى مساعدتهم في بعض الشئون والأغراض ، وكانوا يعتقدون

أن إرضاء الآلهة والتزلف إليها يكون بتعذيب النفس وإماتة الجسد ، وانتشر هذا

الاعتقاد في أهل الكتاب ، وجاء الإسلام يعلمنا أن الصوم ونحوه يعدنا للسعادة

بالتقوى ، وأن الله غني عنَّا.

قلنا: إن معنى (لعل) الإعداد والتهيئة ، وإعداد الصيام نفوس الصائمين

لتقوى الله تعالى يظهر من وجوه كثيرة أعظمها شأنًا ، وأنصعها برهانًا ، وأظهرها

أثرًا ، وأعلاها خطرًا (شرفًا) أنه أمر موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه

إلا الله تعالى ، وسرٌّ بين العبد وربه لا يشرف عليه أحد غيره سبحانه وتعالى ، فإذا

ترك الإنسان شهواته ولذاته التي تعرض له في عامة الأوقات لمجرد الامتثال لأمر

ربه ، والخضوع لإرشاد دينه مدة شهر كامل في السنة ملاحظًا عند عروض كل

رغيبة له من أكل نفيس وشراب عذب بارد وفاكهة يانعة وغير ذلك أنه لولا اطلاع

الله تعالى عليه ومراقبته له؛ لما صبر عن تناولها وهو في أشد التوق لها. لا جرم

أنه يحصل له من تكرار هذه الملاحظة المصاحبة للعمل ملكة المراقبة لله تعالى

والحياء منه سبحانه وتعالى أن يراه حيث نهاه. وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان

بالله تعالى ، والاستغراق في تعظيمه وتقديسه أكبر معد للنفوس ومؤهل لها لسعادة

الروح في الآخرة.

كما تؤهل هذه المراقبة النفوس المتحلية بها لسعادة الآخرة تؤهلها لسعادة الدنيا

أيضًا. انظر هل يقدم من تلابس هذه المراقبة قلبه على غش الناس ومخادعتهم؟

هل يسهل عليه أن يراه الله آكلاً لأموالهم بالباطل؟ هل يحتال على الله في منع

الزكاة وهدم هذا الركن الركين من أركان دينه؟ هل يحتال على أكل الربا؟ هل

يقترف المنكرات جهارًا؟ هل يجترح السيئات ويسدل بينه وبين الله أستارًا؟ كلا

إن صاحب هذه المراقبة لا يسترسل في المعاصي إذ لا يطول أمد غفلته عن الله

تعالى. وإذا نسي وألمَّ بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الفيء والرجوع بالتوبة

الصحيحة {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (الأعراف: 201) إنما روح الصوم وسره في هذا القصد والملاحظة التي

تُحدث هذه المراقبة ، وهذا هو معنى كون العمل لوجه الله تعالى وقد لاحظه من

أوجب من الأئمة تبييت النية في كل ليلة [1] .

ثم شرح الأستاذ حال أولئك الغافلين عن الله وعن أنفسهم الذين يفطرون في

رمضان عمدًا ، وذكر بعض حيل الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله

كالأدنياء الذين يأكلون ولو في بيوت الأخلية حيث تأكل الجرذ ، والذين يغطون في

الجداول والأنهار ويشربون في أثناء ذلك. وما قذف بهؤلاء وأمثالهم ومن هم شر

منهم كالمجاهرين بالفطر إلا تلقينهم العبادة جافة خالية من الروح الذي ذكرناه ،

والسر الذي أفشيناه فحسبوها عقوبةً كما كان يحسبها الوثنيون من قبل ، وما كل

إنسان يتحمل العقوبة راضيًا مختارًا.

وههنا شيء ذكره بعضهم ويشمئز الإنسان من شرحه وبيانه وهو أن الصوم

يكسر الشهوة فتضعف النفوس ويعجز الإنسان عن الشهوات والمعاصي. وفيه من

معنى العقوبة والإعنات ما كان يفهمه الكثيرون من جميع مطالب الدين وراثة عن

آبائهم الأولين من أهل الديانات الأخرى. وإذا طبقنا هذا القول على ما نعهده وجودًا

ووقوعًا؛ لا نجد له واقعًا لأن المعروف أن الإنسان إذا جاع يحصل له ضراوة

بالشهوات ، وتقوى نهمته ويشتد قرمه ، وآثار هذا ظاهرة في صوم أكثر المسلمين

فإنهم في رمضان أكثر تمتعًا بالشهوات منهم في عامة السنة ، فما سبب هذا وما

مثاره؟

ومن وجوه إعداد الصوم للتقوى أن الصائم عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتًا

فيحمله التذكر على الرأفة والمرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة وقد وصف الله

تعالى نبيه بأنه رءوف رحيم ويرتضي لعباده المؤمنين ما ارتضاه لنبيه صلى الله

عليه وسلم ولذلك أمرهم بالتأسي به.

مهما تعددت وجوه فائدة الصوم فلا يبلغ شيء منها مبلغ الوجه الأول ، وهو

إنما يكون لمن يصوم لوجه الله تعالى كما هو الملاحظ في النية على ما قدمناه [2]

ومن آية الصيام بهذه النيّة والملاحظة التحلي بتقوى الله تعالى وما يتبعها من أحاسن

الصفات والخلال وفضائل الأعمال.

قال: أنا لا أشك في أن من يصوم على الوجه الذي أقوله يكون راضيًا

مَرْضيًّا مطمئنًا بحيث لا تجد في نفسه اضطرابًا ولا انزعاجًا. نعم ربما يوجد عنده

شيء من الفتور الجسماني وأما الروحاني فلا. أعرف رجلاً لا يغضب في رمضان

مما يغضب له في غيره ، ولا يمل من حديث الناس ما كان يمله في أيام الفطر

وذلك لأنه صائم لوجه الله تعالى [3] .

أين هذا كله من الصوم الذي عليه أكثر الناس وهو ما تراهم متفقين على أن

من آثاره السخط والحمق وشدة الغضب لأدنى سبب ، واشتهر هذا بينهم وأخذوه

بالتسليم حتى صاروا يعتقدون أنه أثر طبيعي للصوم ، وهو وهم استحوذ على

النفوس فحل منها محل الحقيقة وكان له أثرها. ومتى رسخ الوهم في النفس

يصعب انتزاعه على العقلاء الذين يتعاهدون أنفسهم بالتربية الحقيقية دائمًا فكيف

حال الغافلين عن أنفسهم المنحدرين في تيار العادات والتقاليد الشائعة لا يتفكرون في

مصيرهم ولا يشعرون في أية لجة يقذفون.

قال الأستاذ: إن عندي وهمًا من أوهام الصوم ، وإنني لعلمي به أجتهد في

مصارعته ولا أقدر على صرعه وإزالته إلا بعد مضي أيام من أول رمضان. منشأ

ذلك الوهم أن من عادتي أن لا أعمل شيئًا في صبيحة كل يوم إلا بعد تناول طعام

الفطور ، فإذا كان رمضان آخذ القلم في الصباح لأكتب مثلاً فلا أدري ماذا أكتب

ويتعاصى القلم أن يجري بسهولة ، حتى إنني لولا معرفة السبب لتركته ، ولكنني

أزال أعالجه حتى يجري ويغلب سلطان الحقيقة على سلطان الوهم.

إن أكثر الناس يلاحظون في صومهم حفظ رسم الدين الظاهر وموافقة الناس

فيما هم فيه حتى إن الحائض تصوم وترى الفطر في نهار رمضان عارًا ومأثمًا.

ولا بأس بهذا الصوم من غير الحائض لحفظ ظاهر الإسلام وإقامة هيكل شعائره

ولكنه لا يفيد المسلمين شيئًا في دينهم ولا في دنياهم لخلوّه من الروح الذي يُعدهم

للتقوى ويؤهلهم لسعادة الآخرة والدنيا. ثم شرح ما عليه الناس من الاستعداد لأكل

رمضان وشربه بحيث ينفقون فيه على ذلك ما يكاد يساوي نفقة سائر السنة. (قال)

حتى كأنه موسم أكل ، وكأن الإمساك عن الطعام في النهار إنما هو لأجل

الاستكثار منه في الليل. وهذا هو الصوم المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (كم

من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش) رواه النسائي وابن ماجه ، ولا

نطيل بشرح ما عليه الناس فهم يعلمونه علمًا تامًّا ، وفيما كتب كفاية لمن يريد

معرفة حقه من باطله ، والله الموفق.

(تنبيه) لا ينافي ما ذكرناه هنا عن الأستاذ في كسر الشهوة بالصوم ما

ذكرناه في رمضان الماضي من أن من فوائد الصوم تأديب الشهوة وكسر سورتها؛

لأننا بنيناه على أن ترك الشهوات لأجل الدين يطبع في النفس ملكة الترك فيكون

زمام النفس بيد صاحبها ، وذكرنا قبل هذا أن الصوم يقوي البدن ، وأنه كتضمير

الخيل فليرجع إليه من أراد يجده موافقًا لقول الأستاذ.

_________

(*)(البقرة: 183) .

(1)

يؤيد ما قرره الأستاذ الأحاديث المتفق عليها كقوله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) قالوا أي من الصغائر وقوله في الحديث القدسي: (يدع شهوته وطعامه من أجلي) .

(2)

يؤيده مع الأحاديث التي أشرنا إليها في الحاشية الأولى ما يذكرونه في صيغة النية وهو: (نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة إيمانًا واحتسابًا لوجه الله الكريم) .

(3)

يؤيد هذا حديث: (وإنما الصوم جُنَّة فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل) إلخ رواه البخاري ومسلم.

ص: 721

الكاتب: نقلا عن مجلة طبيب العائلة

الإسعافات الوقتية عند وقوع أي حادث فجائي [*]

بادر قبل كل شيء باستدعاء الطبيب ، وامنع التجمهر حول المصاب

وإزعاجه بالصراخ ، ثم اعمل بالنصائح الآتي ذكرها إلى أن يحضر الطبيب.

الرض والخلع والملخ

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب وضع المواد المهيجة والقذرة مثل البول والبصاق.. إلخ ودود العلق.

واجتنب خصوصًا نصائح الدجالين وتداخلهم.

(ما يلزم عمله)

لف الموضع المرضوض أو المخلوع أوالمملوخ بمكمدات نظيفة مبللة بالماء

البارد واربطها برباط خفيف من غير ضغط.

الجرح

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب لمس الجرح وجسَّه بالأصابع ، ولا تدخل أية آلة فيه. ولا تضع عليه

أربطة قذرة أو نسالة أو قطع قماش غير نظيفة أو منديل مستعمل أو حجر مدقوق أو

أي شيء آخر غير نظيف. وإذا تجمد الدم على الجرح فإياك من نزعه.

(ما يلزم عمله)

نظف الجرح بلطافة بقماش أو بمنديل نظيف ثم صب عليه ماءً تكون غليته

ثم أبقيته حتى صار فاتراً فإن لم يتيسر هذا الماء فاستعمل الماء المقطر. والأفضل

أن تضيف إليه في الحالتين قليلاً من حمض البوريك. ولا بأس من استعمال

مسحوق البن النظيف. ثم ضع على الجرح قماشًا آخر مبلولاً بمحلول حمض

البوريك أو قطعة من الشاش الرفيع المشبع بالصالول ، وضع فوقه قليلاً من القطن

النظيف واربطه برباط لطيف.

النزيف

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب محاولة قطع النزيف باستعمال بيركلورور الحديد أو الخل أو التراب

أو بوضع نسيج العنكبوت ، ولا تضع على محل النزيف خرقاً قذرة ، ولا تحرك

الجريح ولا تنقله من مكانه قبل مجيء الطبيب. وإذا تجمد الدم على الجرح فإياك

من نزعه.

(ما يلزم عمله)

ضع على محل النزيف قماشًا نظيفًا مطويًّا طيات عديدة أو منديلاً نظيفًا ،

واحفظه على المحل بضغط محكم شديد بطرف الأصابع أو باليد كلها. وإذا استمر

النزيف بعد ذلك استعن بربط العضو من فوق مكان الجرح ربطًا مناسبًا إذا كان

النزيف في أحد الأطراف. وضع رباطًا من الكاوتشوك قاطعًا للنزيف؛ إذا تيسر

لك ذلك وإلا فاربط العضو بأنبوبة من الكاوتشوك المستعملة في الحقن أو بالحمالات

اللستك المستعملة للبنطلون أو بقماش العمامة ، وارفع العضو المجروح إلى الأعلى ،

ولا بأس من استعمال مسحوق البن النظيف وتجربة صب الكؤول المضاف إليه

الماء.

ولإيقاف نزيف الأنف؛ ارفع دفعة واحدة الذراع القريب من جهة النزيف

وأَبْقِهِ مرفوعًا بضع دقائق. وضع مكمدات باردة على الجبهة ، وأدخل في الأنف

قطعة من القطن النظيف واضغط عليها برهة وأرح المريض وضعه في هواء

لطيف نقي.

الشنق

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب كل سبب يؤدي إلى تأخير قطع الحبل.

(ما يلزم عمله)

بادر بقطع الحبل حالاً ثم أنم المريض ورشَّ ماءً باردًا على وجهه ، ودعه

يستنشق منبهات مثل الخل والبصل والنوشادر ، وافرك جسمه واستعمل له التنفس

الصناعي ، وإذا كان وجهه محمرًّا أو محتقنًا ضع ثلجًا على رأسه وضع ورق الخردل

(المسترده) على أعضائه السفلى (الأفخاذ وسمانة الرجلين) .

الفتق المختنق

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب كل حركة فجائية ، وإرجاع الفتق إلى مكانه بضغط زائد أو عنيف.

(ما يلزم عمله)

لا تسعى في إدخال الفتق المختنق إلَاّ بكل لطف ، ولا تفعل ذلك إلا مرة

واحدة ، ثم أدخل المصاب في الحمام الفاتر أو الساخن ، وبعد خروجه ضع ثلجًا

على مكان الفتق.

الاختناق بدخان وأبخرة الفحم (المنقد) وغاز الاستصباح

أو غير ذلك

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب وضع المريض على فراش سخن وتعريضه للشمس واستنشاقه الأبخرة

المهيجة. وإذا كان سبب الاختناق تراكم غاز الاستصباح في غرفة مقفولة لا تدخل

فيها، وبيدك شيءٌ من النور، أو النار (شمعة. لمبة. سجارة. جمرة. إلخ) .

(ما يلزم عمله)

ضع المريض في الهواء المطلق ، وانزع عنهُ ثيابهُ وافرك جسمه ورش ماءً

على وجهه بمنديل أو بفوطة واستعمل لهُ التنفس الصناعي.

الصرع

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب تليين الأعضاء المتخشبة ، ولا تعط أي شراب للمريض أثناء النوبة.

(ما يلزم عمله)

ألق المريض على الأرض أو الفراش وفك ثيابه ، ولاحظه حتى لا يجرح

نفسه.

الإغماء الحقيقي

الدوخة والسقوط مع اصفرار الوجه

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب إجلاس المريض ورفع رأسه.

(ما يلزم عمله)

أنم المريض على مسطح أفقي ، واجعل رأسه إلى أسفل ثم ارفع ذراعيه وفك

ثيابه ولا سيما ما كان منها حول العنق ، ودعه يستنشق هواءً باردًا ، ورش ماءً

باردًا على وجهه ، وضع خلاًّ أو إثيرًا أو بصلاً معصورًا تحت أنفه ، واضربه على

جسمه بمنديل أو بفوطة ، واستعمل له التنفس الصناعي.

السكتة (النقطة)

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب إعطاء الأدوية المقال بأنها مضادة للسكتة.

(ما يلزم عمله)

ألق المريض على ظهره في غرفة هاوية ورأسهُ مرفوعًا، وفك ثيابهُ ، وضع

على رأسهِ مكمدات ماء بارد أو مثلج.

وضع ورق الخردل على أعضائه السفلى (الأفخاذ وسمانة الرجلين) .

واحقنهُ حقنة مسهلة ، وركب دود العلق على باب البدن.

النوبة العصبية أو الريح والتشنج الموجبان لاستعمال الزار عند العوام

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب استعمال كل رائحة قوية لأنها قد تطيل النوبة العصبية.

(ما يلزم عمله)

ألق المريض على ظهره على الأرض أو الفرش ، وفك ثيابهُ خصوصًا ما

كان حول العنق والصدر (كالمشد والحزام) ولاحظهُ حتى لا يجرح نفسه.

السكر

(ما يلزم عمله)

ساعد السكران على التقيؤ بوضع الأصبع في حلقه وإعطائه ماءً فاترًا ،

واسقهِ كل بضع دقائق قليلاً من الماء الممزوج بالسكر المضاف إليه ملعقة قهوة من

خلات النوشادر. ولا بأس من تناوله القهوة.

التسمم

(ما يلزم اجتنابه)

لا يبرح عن الذهن أن الطبيب وحده عليم بالأدوية المضادة للسم التي يجب

استعمالها لكل نوع من السموم.

لا تعط المسموم صفار البيض ، ولا فائدة من إعطائه منقوع قرن الخرتيت

ولا من استعمال حجر البنزهير.

(ما يلزم عمله)

ساعد المريض دائمًا على التقيؤ ، وأعطه لبنًا أو مشروبات غروية مثل

شراب الصمغ أو زلال البيض. وإذا كان السم قويًّا ومن أصل نباتي كأن يكون:

أفيونًا أو حشيشًا أو بلادونًا أو ديجيتالاً أو فطرًا (عيش الغراب) ساعد المريض

على التقيؤ ، وأعطه منبهات وقهوة ، وضعْ ورق الخردل على ساقيه ، واضربه

على جسمه بمنديل أو بفوطة واستعمل له التنفس الصناعي.

الولادة

(ما يلزم اجتنابه)

امنع وجود المتفرجين ، ولا تدع أحدًا ليس لهُ إلمام بطرق الوضع يساعد

الحامل على الولادة ، ولا تكشف عنها الغطاء إلا نادرًا.

(ما يلزم عمله)

الأفضل أن يكون المساعد في أحوال الولادة امرأة ، وينبغي عدم شد الحبل

السُّري (حبل الخلاص) بعد خروج الولد من بطن أمه. وألق الولد على ظهره

ورأسه عند أقدام والدته. ولا يجب قطع الحبل السري بمجرد تمام الوضع ، بل

يلزم الانتظار مدة خمس أو ست دقائق ثم ربط الحبل على مسافة خمسة أو ستة

سنتيمترات من السرة وبعد ذلك يصير قطعه ، وضع الوالدة على الفراش بلطف.

الكسر

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب كل حركة عنيفة ، ولا تحاول معرفة ما إذا كانت أجزاء العظم

المكسور متحركة أم لا.

(ما يلزم عمله)

ضع المريض على الفراش وضعًا أفقيًّا ، ولا تحرك أبدًا العضو المكسور.

وضعْ مكمدات مبللة بالماء البارد على موضع الألم.

الحرق

(ما يلزم اجتنابه)

لا تفتح الفقاقيع المسببة عن الحرق. واحترس من وضع سوائل مهيجة مثل

الحبر (وأخصه الملون) أوالنبيذ إلخ. وامنع البرد عن المحروق.

(ما يلزم عمله)

ضع على الحرق ماءً باردًا أو زيت الخروع أو الزيتون. ثم ضع عليه شاشًا

مغليًّا بالجليسيرين أو الزيت ، أو ضع مقدارًا من الفازلين البسيط الممزوج بحمض

البوريك وهو الأفضل إذا تيسر.

الأجسام الغريبة في العين

(ما يلزم اجتنابه)

لا تفرك العين ولا تسمح لأحد بإخراج الجسم الغريب بشيء له أطراف محددة.

(ما يلزم عمله)

ارفع الجفن وانفخ في العين لطرد الجسم الغريب إلى جهة الأنف أو إلى جهة

الأذن ثم اغسل العين بالماء البارد. فإذا كان الجسم منظورًا اجذبه إلى الخارج بكل

لطف بجسم لين أو مستدير مثل طرف منديل نظيف أو دائرة الخاتم أو الدبلة بعد

تنظيفها أو ما أشبه ذلك.

الأجسام الغريبة في الأذن

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب إخراج الجسم الغريب بأية آلة كانت.

(ما يلزم عمله)

استعمل حقنًا ملينة في الأذن من الزيت ثم من الماء النظيف الفاتر ونم على

جهة الأذن التي فيها الجسم الغريب.

الأجسام الغريبة في القناة الهضمية

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب كل واسطة عنيفة لإخراج الجسم الغريب.

(ما يلزم عمله)

أعطِ المريض زيتًا ليشربه ، واجتهد في حصول القيء ، ولا بأس من

الضرب براحة اليد على ظهره برفق بعد إحناء رأسه إلى الأسفل إذا كان الجسم

الغريب قريبًا من الحلق.

ضربة الشمس

(ما يلزم اجتنابه)

لا يجوز أبدًا استعمال المفتاح أو ربط الرأس بالصوف أو عض الجبهة ولا

أخذ الشمس بالطريقة العامية.

(ما يلزم عمله)

ضع المريض في الظل وفك ثيابه. وضع مكمدات ماء بارد على رأسه.

وافرك جسمه ، ولا بأس من وضع الماء البارد ممزوجًا بالملح في الآذان.

الغرق

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب تعليق الغريق من رجليه بحجة تصفية الماء الذي ابتلعه ، ولا تستعمل

الحقن والتباخير بالدخان ، واجتنب كل تحريك عنيف للمريض ، ولا تعطه أي

شراب قبل أن يعود التنفس إلى حالة جيدة.

(ما يلزم عمله)

انزع ثياب الغريق عنه ، ونظف فمه وحلقه من المواد المخاطية اللزجة بشاش

ملفوف على أصبعك أو بريشة فرخة ناعمة ، وأعد له تنفسه ودفئه بفرك جسمه أو

بوضع أغطية سخنة عليه ، واستعمل له التنفس الصناعي.

العقرب [1] أم أربعة وأربعين [2] وبعض أنواع العنكبوت

(ما يلزم اجتنابه)

اجتنب وضع الأشياء القذرة على الموضع الملسوع ، ولا فائدة من وضع ما

يسمى بحجر أو فص العقرب على الجرح.

(ما يلزم عمله)

اربط العضو من فوق الموضع الملسوع إذا كان اللسع في أحد الأعضاء.

وشرّط الجرح ثم استعمل الحجامة بوضع كأس هواء على الجرح لامتصاص ما

دخل فيه من السم مع الدم. ولا بأس من مصّ الجرح بواسطة أي شخص كان

بشرط أن لا يكون غشاءُ فمه مجروحًا أو مخدوشًا. واغسل الجرح بالماء النظيف

ومسه بالنوشادر أو بمحلول هيبوكلوريت الجير وهو الأفضل.

الحية [3]

(ما يلزم اجتنابه)

لا فائدة من استعمال حجر البنزهير.

(ما يلزم عمله)

أولاً: بادر بربط العضو الذي فيه الموضع الملسوع حالاً وسريعًا فوق الجرح

أي بين الجرح وأصل العضو إذا كان اللسع في أحد الأطراف. والربط يكون

بأنبوبة من الكاوتشوك أو بقماش عمامة أو بحبل أو بالصوف.

ثانيًا: اغسل الجرح حالاً بالماء النظيف أو بمحلول هيبوكلوريت الجير أو

ببرمنغانات البوتاسا بنسبة واحد إلى مائة من الماء.

ثالثًا: شرّط الجرح واستعمل الحجامة بواسطة كأس هواء على الجرح نفسه

بعد تشريطه. أو مصّ الجرح إذا لم يكن فمك مجروحًا أو مخدوشًا [4] .

رابعًا: احقن الجرح إذا أمكن بمحلول برمنغانات البوتاسا بنسبة واحد إلى

مائة ومن الضروري أن يكون في المنازل (المحتمل وجود حيات فيها وفي أوقات

الحر الشديد والحصيد) كلورور الجير (وهو بخس الثمن وبسيط) بنسبة 1/12 ثم

أضف إليه عند اللزوم خمسة أضعاف مقداره ماء واغسل به الجرح واستعمله حقنًا

تحت الجلد حول الجرح بمقدار 8 إلى 10 غرامات. وهذا المركب يبطل فعل سم

العقرب بل وسم الحية أيضًا إذا استعمل في الوقت اللازم.

خامسًا: إذا سرى السم في الجسم فيستعمل المصل المضاد للسم تركيب

كالميت Calmette إذا أمكن أو المصل المضاد للتيتانوس بالحقن تحت الجلد بمقدار

30 إلى50 غرامًا. وهذا الدواء له فعل قوي جدًّا وينجع غالبًا في نجاة الملسوع من

الموت ولو سرى السم في جسمه من زمن يسير ولذلك يلزم المبادرة باستعماله بكل

سرعة.

التنفس الصناعي

ألق المريض على ظهره ، وضع وسادة تحت كتفيه حتى يكون صدره مرتفعًا

قليلاً ثم قف عند رأسه وأمسك ذراعيه عند الجزء العلوي القريب من الكتف

واجذبهما إليك ثم أعدهما إلى محلهما وكرر هذه العملية من 15 إلى 28 مرة في

الدقيقة وبطريقة منتظمة فيعود التنفس. اهـ.

_________

(*) فوائد طبية نافعة قدمتها إدارة مجلة (طبيب العائلة) الغراء إلى الصحافة المصرية فنشرناها

بعبارتها على ما فيها من الكلمات والتراكيب العامية شاكرين لحضرة صاحب هذه المجلة الفاضل

الدكتور عيد خدمته النافعة.

(1)

لا خطر في الغالب على الحياة من لسع العقرب إلا عند الأطفال.

(2)

لا خطر على حياة الإنسان من لسع أم أربعة وأربعين.

(3)

لسع الحية شديد الخطر على الحياة خصوصًا إذا كان في العنق أو في الكتف.

(4)

ومما يجب معرفته أن مرور السموم الحيوانية في القناة الهضمية لا يؤثر عليها إذا لم يكن بشيء منها جرح أو خدش.

ص: 726