الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع في ذكر قعرها وعمقها
عن خالد بن عمير قَالَ: خطب عتبة بن غزوان فَقَالَ: إنه ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم، فيهوي فيها سبعين عامًا، ما يدرك قعرها، والله لتملأن، أفعجبتم؟ خرّجه هكذا مسلم موقوفًا (1)، وخرّجه الإمام أحمد موقوفًا ومرفوعًا (2)، والموقوف أصح.
وخرج الترمذي (3) من حديث الحسن، قَالَ: فإن عتبة بن غزوان خطبنا عَلَى منبرنا هذا -يعني منبر البصرة- عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن الصخرة العظيمة لتلقي من شفير جهنم، فتهوي فيها سبعن عامًا، ما تفضي إِلَى قعرها"، قَالَ: وكان عمر يقول: أكثروا ذكر النار، فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد، ثم قَالَ: لا يعرف للحسن سماع من عتبة بن غزوان.
وخرج مسلم أيضاً (4)، من حديث أبي هريرة، قَالَ: كنا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم يومًا،
فسمعنا وجبة (5) فَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قَالَ: هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفًا، فالآن انتهى إِلَى قعرها".
وخرج أيضاً (6) من وجه آخر عن أبي هريرة قَالَ: والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون (*) خريفًا".
(1) برقم (2967).
(2)
في "المسند"(4/ 174).
(3)
برقم (2578).
(4)
برقم (2844).
(5)
الوجبة: السقطة مع الهدة. أي مع صوت السقوط.
(6)
برقم (195).
(*) في الأصل: "سبعين" والمثبت من "صحيح مسلم".
وخرج الحاكم (1)، من حديث أبي هريرة أيضاً، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لو أخذ سبع خلفات (2) بشحومهن، فألقين من شفير جهنم، ما انتهين إِلَى آخرها سبعين عامًا".
وخرج البراز (3) والطبراني (4)، من حديث بريدة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن الحجر ليزن سبع خلفات، يرمى به في جهنم، فيهوي سبعين خريفًا ما يبلغ قعرها".
وأخرج ابن حبان في "صحيحه"(5) من حديث أبي موسى الأشعري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لو أن حجرًا قذف به في جهنم لهوى سبعين خريفًا قبل أن يبلغ قعرها".
وقد سبق من حديث أنس وأبي سعيد، معنى حديث أبي هريرة، في سماع الهدة.
وقال ابن المبارك: أنبأنا يونس عن الزهري، قَالَ: بلغنا أن معاذ بن جبل، كان يحدث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"والذي نفسي بيده إن ما بين شفة النار وقعرها، كصخرة زنة سبع خلفات بشحومهن ولحومهن وأولادهن، تهوي من شفة النار، قبل أن تبلغ قعرها، سبعبن خريفًا"(6).
(1) في المستدرك (4/ 606) وقال الذهبي: سنده صالح، قلت: في إسناده عقبة بن أبي الحسناء قَالَ عنه الذهبي في الميزان (3/ 84): مجهول.
وللحديث رواية أخرى عند الحاكم (4/ 597) عن أبي هريرة وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(2)
خلفات: جمع خلفة، وهي الحامل من النوق.
(3)
ص 315 - زوائد.
(4)
في الكبير (2/ 1158)، وفي الأوسط (5459) وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن علقمة بن مرثد إلَاّ محمد بن أبان، ولا يروى عن بريدة إلَاّ بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 389) من رواية أبي موسى، وقال: رواه البزار والطبراني وفيهما محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف.
(5)
برقم (2609 - موارد) وانظر السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله برقم (1612).
(6)
أخرجه نعيم في زوائده عَلَى زهد ابن المبارك (301)، والطبراني في الكبير (20/=
قَالَ ابن المبارك، أنبأنا هشيم أخبرني زكريا بن أبي مريم الخزاعي، قَالَ: سمعت أبا أمامة يقول: إن ما بين شفير جهنم، مسيرة سبعين خريفًا، من حجر يهوي، أو صخرة تهوي، عظمها كعشر عشروات عظام سمان فَقَالَ له رجل: هل تحت ذلك من شيء يا أبا أمامة؟ قَالَ: نعم، غي وآثام (1).
وقد رُوي هذا مرفوعًا بإسناد فيه ضعف، من طريق لقمان بن عامر، عن أبي أمامة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وزاد فيه: قلت: وما غي وآثام؟ قَالَ: "بئران يسيل فيهما صديد أهل النار وهما اللذان ذكرهما الله تعالى في كتابه"{فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] وفي الفرقان {يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] والموقوف أصح (2).
وقد رُوي من وجه آخر: قَالَ حريز بن عثمان: حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، عن أبي أمامة، أنّه كان يقول: إن جهنم ما بين شفتيها إِلَى قعرها خمسون خريفًا للحجر المتردي، والحجر مثل سبع خلفات مملوآت شحمًا ولحمًا. خرّجه الجوزجاني.
=361).
قَالَ الهيثمي في المجمع (10/ 390): وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(1)
أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 88) من طريق هشيم به.
قَالَ ابن عدي في الكامل (3/ 214): وهشيم يروي عن زكريا بن أبي مريم القليل، وليس فيما روى عنه هشيم حديث له رونق وضوء. ونقل العقيلي سؤال ابن مهدي لشعبة: لقيت زكريا بن أبي مريم سمع من أبي أمامة؟ فجعل يتعجب، ثم ذكره فصاح صيحة. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 593): دلّ صيحة شعبة أنّه لم يرض زكريا.
(2)
أخرجه الطبري (16/ 100) والطبراني في الكبير (8/ 7731) وفي مسند الشاميين (1589) من طريق لقمان به. قَالَ الهيثمي في المجمع (10/ 389): وفيه ضعفاء قد وثقهم ابن حبان وقال: يخطئون.
وأورده ابن كثير في تفسيره (3/ 129) وقال: هذا حديث غريب ورفعه منكر.
وروى مجالد عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"ما من حاكم يحكم بين الناس (*)، إلَاّ يحبس يوم القيامة، وملك آخذ بقفاه، حتى يقفه عَلَى جهنم، ثم يرفع رأسه إِلَى الله عز وجل، فإن قَالَ له: ألقه، ألقاه في مهوى أربعين خريفًا" خرّجه الإمام أحمد (1).
وروى عبيد الله بن الوليد الوصافي، حدثنا عبد الله بن [عبيد بن](**) عمير، عن أبيه، قَالَ: قَالَ أبو ذر لعمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء بالوالي يوم القيامة، فينبذ به عَلَى جسر جهنم، فيرتج به الجسر ارتجاجة، لا يبقى منه مفصل إلَاّ زال عن مكانه، فإن كان مطيعًا لله في عمله مضي به، وإن كان عاصيًا لله في عمله انخرق به الجسر، فهوى في جهنم مقدار خمسين عامًا".
فَقَالَ له عمر: من يطلب العمل بعد هذا؟.
قَالَ أبو ذر: من سلت لله أنفه، وألصق خذه بالتراب.
فجاء أبو الدرداء، فَقَالَ له عمر: يا أبا الدرداء هل سمعت من النبيّ صلى الله عليه وسلم حديثًا حدثني به أبو ذر؟.
قَالَ: فأخبره أبو ذر، فَقَالَ: نعم ومع الخمسين خمسون عامًا، يهوي به إِلَى النار (2).
الوصافي لا يحفظ الحديث، وكان شيخًا صالحًا رحمه الله.
وروى سويد بن عبد العزيز -وفيه ضعف شديد- عن سيار، عن أبي وائل،
(*) في "الأصل: "الاثنين" وفي الحاشية: "صوابه: الناس"، وهو الموافق لما في "المسند".
(1)
(1/ 430) وقال الدارقطني في العلل (5/ 249): يرويه مجالد عن الشعبي عن مسروق، رفعه يحيى بن سعيد القطان عن مجالد، وتابعه علي بن صالح، ووقفه عبد الرحيم بن سليمان وهشيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مجالد، والموقوف هو الصحيح.
(**) من المطبوعَ".
(2)
أخرجه ابن أبي الدُّنْيَا في "الأهوال"(248).
أن أبا ذر قَالَ لعمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر معناه، وفي حديثه:"وإن كان مسيئًا انخرق به الجسر، فهوى في قعرها سبعين خريفًا"(1).
وفي موعظة الأوزاعي للمنصور قَالَ: أخبرني يزيد بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وإن أبا ذر وسلمان قالا لعمر: سمعنا النبى صلى الله عليه وسلم يقول، فذكراه بمعناه، وقال:"هوى به في النار سبعين خريفًا"(2).
وفي "الصحيحين"(3) عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين فيها، يزل بها في النار، أبعد ما بين المشرق والمغرب".
وخرج الإمام أحمد (4) والترمذي (5) وابن ماجه (6)، من حديث أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن الرجل ليتكلم بالكلمة، لا يرى بها بأسًا، يهوي بها في النار سبعين خريفًا".
وخرج البزار (7) نحوه من حديث ابن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفي تفسير ابن جرير (8)، من رواية العوفي، عن ابن عباس، في قوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] قَالَ: ذكر أن اليهود
(1) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1591)، والطبراني في الكبير (2/ 1219)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 206): وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك.
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 138)، وفي "الحلية": حدثني يزيد بن مزيد عن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري.
(3)
أخرجه البخاري (6477)، ومسلم (2988).
(4)
(2/ 236).
(5)
برقم (2314) وقال: حسن غريب من هذا الوجه.
(6)
برقم (3970) وقال البوصيري (4/ 177): هذا إسناد ضعيف لتدليس ابن إسحاق.
(7)
في "مسنده"(1732) وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 297): فيه من لم أعرفهم.
(8)
(1/ 381).
وجدوا في التوراة مكتوبًا، وإن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة، إِلَى أن ينتهوا إِلَى شجرة الزقوم، نابتًا في أصل الجحيم.
وكان ابن عباس يقول: إن الجحيم سقر، وفيها شجرة الزقوم، فزعم أعداء الله: إذا خلا العدد الَّذِي وجدوا في كتابهم أيامًا معدودة، إِنَّمَا يعني بذلك السير الَّذِي ينتهي إِلَى أصل الجحيم، فقالوا: إذا خلا العدد انقضى الأجل، فلا عذاب، وتذهب جهنم وتهلك، فذلك قوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] يعنون بذلك الأجل.
فَقَالَ ابن عباس: لما اقتحموا من باب جهنم، ساروا في العذاب، حتى انتهوا إِلَى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة وهي أربعون ستة، فلما أكلوا من شجرة الزقوم وملؤوا البطون آخر يوم من الأيام المعدودة، قَالَ لهم خزان سقر: زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلَاّ أيامًا معدودة، وقد خلا العدد، وأنتم في الأبد، فأخذ بهم في الصعود في جهنم يرهقون.
ففي هذه الرواية عن ابن عباس، أن قعر جهنم ومسافة عمقها أربعون عامًا وأن ذلك هو معنى ما في التوراة، ولكن اليهود حرقوه، فجعلوه مسافة ما بين طرفيها، وزعموا أنها إذا انقضت هذه المدة، وإن جهنم تخرب وتهلك، وأن ذلك من كذبهم عَلَى الله، وتحريفهم التوراة.
***