الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في ذكر الخوف من النار وأحوال الخائفين
وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} إِلَى قوله: {اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 63 - 66].
وقال تعالى: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} [المعارج: 27، 28].
وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 14، 15].
وقال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 25 - 27].
قال إبراهيم التيمي: ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار، لأنّ أهل الجنة قالوا:{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34].
وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور: 26].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا يستعيذ من النار ويأمر بذلك في الصلاة وغيرها، والأحاديث في ذلك كثيرة.
وقال أنس: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" أخرجه البخاري (1).
وفي كتاب النسائي (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"اللهم إني أعوذ بك من حر جهنم".
وفي سنن أبي داود (3) وابن ماجه (4) عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حولها ندندن".
وخرّجه البزار (5) ولفظه "وهل أدندن أنا ومعاذ إلا لندخل الجنة ونعاذ من النار".
(1) برقم (4522)، وكذا مسلم (2690).
(2)
في المجتبى (8/ 278 - 279) بلفظ: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم".
(3)
برقم (792، 796).
(4)
برقم (910) قال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
(5)
أورده الهيثمي في المجمع (2/ 133) وقال: لجابر حديث في هذا رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا معاذ بن عبد الله بن حبيب، وهو ثقة لا كلام فيه.
وفي مسند الإمام أحمد (1) بإسناد منقطع عن سليم الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا سُلَيْمُ مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: إِنِّي أَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَاللهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَهَلْ تَصِيرُ دَنْدَنَتِي وَدَنْدَنَةُ (2) مُعَاذٍ إِلَّا أَنْ نَسْأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ وَنَعُوذَ بِهِ مِنَ النَّارِ؟! ".
وروينا من حديث سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّمَا يدخل الجنة من يرجوها، ويجنب النار من يخافها، وإنَّما يرحم الله من يرحم".
وخرّجه أبو نعيم (3)، وعنده:"إِنَّمَا يرحم الله من عباده الرحماء" وقال: غريب من حديث زيد مرفوعًا متصلاً، تفرد به حفص، ورواه ابن عجلان عن زيد مرسلاً، انتهى، والمرسل أشبه.
وقال عمر: لو نادى مناد من السماء: أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحدًا لخفت أن أكون أنا هو. خرجه أبو نعيم (4).
وخرج الإمام أحمد (5) من طريق عبد الله الرومي قال: بلغني أن عثمان، رضي الله عنه قال: لو أني بين الجنة والنار -ولا أدري إِلَى أيتهما يؤمر بي- لاخترت أن أكون رمادًا قبل أن أعلم إِلَى أيتهما أصير.
…
(1)(5/ 74).
(2)
الدندنة: أن يتكلم الرجل بالكلام يُسمع نغمته ولا يُفْهَم، وهو أرفع من الهينمة قليلاً، والمعنى: أي حولها ندندن وفي طلبها. (انظر "النهاية" مادة: "دندن").
(3)
في "الحلية"(3/ 225).
(4)
في "الحلية"(53).
(5)
في "الزهد، ص 160.