الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومنهم من يعذب بالصعود إِلَى أعلى النار، ثم يهوي فيها كذلك أبدًا، ومنهم من يكلف صعود جبل في النار والتردي منه.
وقد سبق في الباب الرابع عشر، ما ورد في تفسير قوله تعالى:{سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17].
وفي الصحيحين (1) عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها (2) في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بسم، فسمه في يده يوم القيامة، يتحساه (3) في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، [ومن تردى من جبل، فقتل نفسه فهو يتردى (4) في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا"] (*).
وروى شريك، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "القتل في سبيل الله يكفر كل شيء -أو قَالَ: يكفر الذنوب- إلَاّ الأمانة، يؤتى بصاحب الأمانة، فيقال له: أد أمانتك، فيقول: أنى يا رب وقد ذهبت الدُّنْيَا؟
فيقال: اذهبوا به إِلَى الهاوية، فيهوي فيها، حتى ينتهي إِلَى قعرها، فيجدها هناك كهيئتها، فيحملها عَلَى عنقه، فيصعد بها في نار جهنم، حتى إذا رأى أنّه قد خرج منها، زلت عن منكبيه فهوت، فهوى في إثرها أبد الآبدين". قَالَ: "والأمانة في
(1) أخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109).
(*) من المطبوع.
(2)
يطعن بها.
(3)
يشربه في تمهل، ويتجرعه.
(4)
ينزل.
الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع".
قَالَ: فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع إِلَى ما يقول أخوك عبد الله؟ قَالَ: صدق (1).
قَالَ شريك: وحدثنا عياش العامري، عن زاذان، [عن عبد الله](*)، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحو منه، ولم يذكر الأمانة في الصلاة والأمانة في كل شيء، كذا رواه إسحاق الأزرق، عن شريك مرفوعًا، ورواه منجاب بن الحارث، عن شريك موقوفًا (2).
وكذا رواه أبو الأحوص عن الأعمش، فوقفه عَلَى ابن مسعود، وزاد فيه في خصال الأمانة: الكيل والميزان والغسل من الجنابة.
وروى عاصم، عن أبي صالح، قَالَ: إذا ألقي الرجل في النار، لم يكن له
(1) أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 201)، وعزاه الهيثمي في المجمع (5/ 292 - 293) للطبراني وقال: ورجاله ثقات.
وسئل الدارقطني في العلل (5/ 77 - 78) برقم (724) عن هذا الحديث فَقَالَ: يرويه عبد الله بن السائب، عن زاذان أبي عمر، ويرويه عياش بن عمرو العامري عنه أيضًا.
ورفعه شريك، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، وعن عياش بن عمرو العامري، عن زاذان.
قَالَ ذلك إسحاق الأزرق عن شريك.
وخالفه منجاب فرواه عن شريك، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن راذان، عن عبد الله موقوفًا.
وكذلك رواه الثوري، عن عبد الله بن السائب موقوفًا أيضاً.
ويقال: إن محمد بن يحيى بن فياض رفعه عن يحيى القطان، عن الثور، حدث به ابن جوصا، عن محمد بن يحيى بن فياض.
وكذلك رواه أبو سنان سعيد بن سنان، عن عبد الله بن السائب موقوفًا أيضاً.
والموقوف هو الصواب.
(*) من المطبوع.
(2)
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 201).
منتهى حتى يبلغ قعرها، ثم تجيش به جهنم، فترفعه إِلَى أعلى جهنم، وما عَلَى عظامه مزعة لحم، فتضربه الملائكة بالمقامع، فيهوي بها في قعرها، فلا يزال كذلك. أو كما قَالَ. خرّجه البيهقي.
وفي هذا المعنى يقول ابن المبارك رحمه الله في صفة النار:
تهوي بساكنها طورًا وترفعه
…
إذا رجوا مخرجًا من عمقها قمعوا
***