الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث عشر في ذكر فى دخانها وشررها ولهبها
قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ} [الواقعة: 41 - 44].
قالَ ابنُ عباسٍ: ظلٌّ من دخانٍ. وكذا قالَ مجاهدٌ، وعكرمةُ، وغيرُ واحدٍ.
وعن مجاهدٍ، قالَ: ظل من دخانِ جهنمَ، وهو السَّمُومُ.
وقالَ أبو مالكٌ اليحمومُ: ظلٌّ من دخانِ جهنمَ.
قالَ الحسنُ وقتادةُ، في قولهِ:{لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ} : لا باردُ المدخلِ، ولا كريمُ المنظرِ.
والسَّمُومُ: هو الريحُ الحارةُ، قالَه قتادةُ وغيرُه.
وهذه الآية، تضمنتْ ذكرَ ما يُتبردُ به في الدُّنيا، من الكربِ والحرِّ، وهو ثلاثة: الماءُ، والهواءُ، والظلُّ، فهواءُ جهنمَ: السمومُ، وهو الريحُ الحارَةُ الشديدةُ الحرِّ، وماؤُها: الحميمُ وهو الذي قدْ اشتدَّ حرُّهُ، وظلُّها: اليحمومُ، وهو قطعُ دخانِها، أجارَنا اللهُ من ذلك كلِّه بكرمِه.
وقالَ تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30].
قالَ مجاهد: هو دخانُ جهنمَ: اللهبُ الأخضرُ، والأسودُ، والأصفرُ، الذي يعلو النَّارُ، إذا أُوقِدتْ.
قالَ السديُّ، في قولهِ:{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32].
قال: زعمُوا أن شررَها ترمي به كأصولِ الشجرِ ثمَّ يرتفعُ فيمتدُّ.
وقالَ القرظيُّ: على جهنمَ سور، فما خرج من وراءِ سورِها، يخرجُ منها في
عظم القصورِ، ولونِ القارِ.
وقال الحسنُ والضحاكُ في قوله: "كالْقَصْرِ": هو كأصولِ الشجرِ العظامِ.
وقالَ مجاهد: قطعُ الشجرِ والجبلِ.
وصحَّ عن ابنِ مسعودٍ قالَ: شرر كالقصورِ والمدائنِ.
ورَوى عليٌّ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ، قالَ:"شَرَرٍ كالْقَصْرِ" يقولُ: كالقصرِ العظيم (1).
وفي "صحيح البخاريّ"(2) عن ابنِ عباس، قالَ: كنا نرفعُ من الخشبِ، بقصرِ ثلاثةَ أذرع، أو أقلَّ، نرفعُه للشتاءِ، نُسميه القصرَ.
وقولُه: "كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ" قالَ ابنُ عباسٍ: حبالُ السفنِ، يُجمَعُ بعضُها إلى بعضٍ، تكونُ كأوساطِ الرجالِ (3).
وقالَ مجاهد: هي حبالُ الجسورِ.
وقالتْ طائفة: هي الإبلُ، منهم الحسنُ وقتادةُ والضحاكُ، وقالوا: الصفرُ هي السودُ.
ورُوي عن مجاهدٍ أيضًا.
وقالَ عليٌّ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولهِ:"جِمَالَتٌ صُفْرٌ" قال: يقولُ: قِطَعُ النحاسِ (4).
قال اللَّهُ عز وجل: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35].
قال عليٌّ بنُ أبي طلحةَ عن ابنِ عباسٍ {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} يقولُ: لهبُ النَّارِ (5)
(1) أخرجه الطبري (29/ 239).
(2)
برقم (4932).
(3)
أخرجه البخاري (4933).
(4)
أخرجه الطبري (29/ 242).
(5)
أخرجه الطبري (27/ 139).
{وَنُحَاسٌ} يقول: دخانُ النَارِ (1).
وكذا قالَ سعيدُ بنُ جبيرٍ، وأبو صالح، وغيرُهما: إنَّ النحاسَ: دخانُ النَارِ.
وقالَ سعيدُ بنُ جبيرٍ، عن ابنِ عباس {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قالَ: دخانٌ.
وقال أبو صالح: الشواظُ: اللهبُ الذي فوقَ النَّارِ ودونَ الدخانِ.
قالَ منصور عن مجاهدٍ: الشواظُ: هو اللهب الأخضرُ المتقطعُ.
وعنه قالَ: الشواظُ: قطعة من النَّارِ فيها خُضرة.
قالَ الحسينُ بنُ منصورٍ: أخرج الفضيلُ بنُ عياضٍ رأسه من خوخةٍ، فقالَ منصورٌ عن مجاهدٍ:{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] ثمَّ أدخلَ رأسَه فانتحَب.
ثم أخرجَ رأسَه، فقالَ: هو اللهبُ المتقطعُ.
ولم يستطعْ أنْ يجيزَ الحديثَ.
وخرَّجَ النسائيُّ (2) والترمذيُّ (3)، من حديثِ أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"لا يجتمعُ غبار في سبيلِ اللَّهِ ودخانُ جهنمَ، في جوفِ امرئ أبدًا".
وخرج الإمام أحمد (4)، من حديث أبي الدرداء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
…
(1) أخرجه الطبري (27/ 139).
(2)
في "المجتبى"(6/ 12).
(3)
برقم (1633) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
(6/ 443) ولفظ أحمد: "ثم لا يجمع الله في جوف رجل غبارًا في سبيل الله ودخان جهنم" وفي إسناه خالد بن دريك وهو لم يدرك أبا الدرداء.