المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته - مجموع رسائل ابن رجب - جـ ٤

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول في ذكر الكفَّارات

- ‌السبب الثاني من مكفّرات الذنوب: المشيُ عَلَى الأقدام إِلَى الجماعات وإلى الجُمُعات

- ‌السبب الثالث من مكفرات الذنوب الجلوس في المساجد بعد الصلوات

- ‌الفصل الثاني في ذكر الدرجات المذكورة في حديث معاذ

- ‌الفصل الثالث في ذكر الدعوات المذكورة في هذا الحديث

- ‌ومحبة الله عَلَى درجتين:

- ‌أقل ثمن المحبة بذل الروح:

- ‌الباب الأول في ذكر الإنذار بالنار والتحذير منها

- ‌الباب الثاني في ذكر الخوف من النار وأحوال الخائفين

- ‌فصل [الخوف من عذاب جهنم لا يخرج عنه أحد]

- ‌فصل [في القدر الواجب من الخوف]

- ‌فصل [من السَّلف من كان إذا رأى النار اضطرب وتغيرت حاله]

- ‌فصل من الخائفين من منعه خوف جهنم من النوم

- ‌فصل ومنهم من منعه خوف النار من الضحك

- ‌فصل ومنهم من حديث له من خوفه من النار مرض، ومنهم من مات من ذلك

- ‌فصل أحوال بعض الخائفين

- ‌الباب الثالث في ذكر تخويف جميع أصناف الخلق بالنار وخوفهم منها

- ‌فصل وهذه النار التي في الدُّنْيَا تخاف من نار جهنم:

- ‌الباب الرابع في أن البكاء من خشية النار ينجي منها وأن التعوذ بالله من النار يوجب الإعاذة منها

- ‌فصل[التعوذ من النار]

- ‌الباب الخامس في ذكر مكان جهنم

- ‌فصل [البحار تسجر يوم القيامة]

- ‌الباب السادس في ذكر طبقاتها وأدراكها وصفتها

- ‌الباب السابع في ذكر قعرها وعمقها

- ‌فصل سعة جهنم طولا وعرضًا

- ‌الباب الثامن في ذكر أبوابها وسرادقها

- ‌فصل وقد وصف الله أبوابها أنها مغلقة عَلَى أهلها

- ‌فصل [إحاطة سرادق جهنم بالكافرين]

- ‌فصل وأبواب جهنم قبل دخول أهلها إليها يوم القيامة مغلقة

- ‌الباب التاسع في ذكر ظلمتها وشدة سوادها

- ‌الباب العاشر في شدة حرها وزمهريرها

- ‌فصل [في زمهرير جهنم بيت يتميز فيه الكافر من برده]

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر سجر جهنم وتسعيرها

- ‌فصل وجهنم تسجر كل يوم نصف النهار

- ‌فصل وتسجر أحيانًا في غير نصف النهار

- ‌فصل وتسجر أيضاً يو القيامة

- ‌فصل وتسجر عَلَى أهلها بعد دخولهم إليها

- ‌الباب الثاني عشر في ذكر تغيظها وزفيرها

- ‌الباب الثالث عشر في ذكر فى دخانها وشررها ولهبها

- ‌الباب الرابع عشر في ذكر أوديتها وجبالها وآبارها وجبابها وعيونها وأنهارها

- ‌فصل [في تفسير قوله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}]

- ‌فصل [في أودية جهنم]

- ‌فصل في جهنم واد هو: جب الحزن

- ‌الباب الخامس عشر - في ذكر سلاسلها وأغلالها وأنكالها

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: ولهم مقامع من حديد

- ‌الباب السادس عشر - في ذكر حجارتها

- ‌الباب السابع عشر - في ذكر حياتها وعقاربها

- ‌الباب الثامن عشر - في ذكر طعام أهل النار وشرابهم فيها

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ}

- ‌فصل في شراب أهل النار

- ‌فصل في تنغص السَّلف عَلَى عند ذكر طعام أهل النار

- ‌الباب التاسع عشر في ذكر كسوة أهل النار ولباسهم

- ‌فصل في أن سرابيل أهل النار من قطران

- ‌فصل تفسير قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ

- ‌الباب العشرون في ذكر عظم خلق أهل النار فيها وقبح صورهم وهيئاتهم

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها

- ‌فصل في تسويد وجوه أهل النار ومد جسومهم

- ‌فصلذو الوجهين في الدُّنْيَا له وجهان من نار يوم القيامة

- ‌فصل ومنهم من تمسخ صورته عَلَى صورة قبيحة

- ‌فصل في نتن ريح أهل النار

- ‌الباب الحادي والعشرون في ذكر أنواع عذاب أهل النار فيها وتفاوتهم في العذاب بحسب أعمالهم

- ‌فصل ومن عذاب أهل النار: الصهر

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: التي تطلع عَلَى الأفئدة

- ‌فصل ومن أنواع عذابهم سحبهم في النار عَلَى وجوههم

- ‌فصل

- ‌فصل ومنهم من يدور في النار ويجر معه أمعاءه

- ‌فصل ومن أهل النار من يلقى في مكان ضيق لا يتمكن فيه من الحركة

- ‌فصل

- ‌فصل ومن أهل النار من يتأذى بعذابه أهل النار، إما من نتن ريحه، أو غيره:

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: ويأتيه الموت من كل مكان

- ‌فصل وعذاب الكفار في النار، لا يفتر عنهم، ولا ينقطع، ولا يخفف، بل هو متواصل أبدًا

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها -أجارنا الله منها

- ‌الباب الثاني والعشرون في ذكر بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم ودعائهم الَّذِي لا يستجاب لهم

- ‌فصل في طلب أهل النار الخروج منها

- ‌فصل

- ‌فصل وأما عصاة الموحدين، فربما ينفعهم الدعاء في النار

- ‌الباب الثالث والعشرون في ذكر نداء أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار وكلام بعضهم بعضًا

- ‌الباب الرابع والعشرون في ذكر خزنة جهنم وزبانيتها

- ‌فصل وقد وصف الله الملائكة الذين عَلَى النار، بالغلظة والشدة

- ‌فصل في تفسير قوله تعالى: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ

- ‌فصل تفسير قوله تعالى فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ

- ‌الباب الخامس والعشرون في ذكر مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم

- ‌الباب السادس والعشرون في ضرب الصراط عَلَى متن جهنم وهو جسر جهنم ومرور الموحدين عليه

- ‌الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته

- ‌فصل إذا وقف العبد بين يدي الله تستقبله النار

- ‌الباب الثامن والعشرون في ذكر حال الموحدين في النار وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين وشفاعة الشافعين

- ‌فصل حسن الظن بالله تعالى

- ‌الباب التاسع والعشرون في ذكر أكثر أهل النار

- ‌الباب الثلاثون في ذكر صفات أهل النار وأصنافهم وأقسامهم

- ‌فصل في ذكر أول من يدخل النار من عصاة الموحدين

- ‌الأصل العظيم

- ‌بيان معنى الباء في الآية والحديث

- ‌الحمد لله ثمن كل نعمة

- ‌بيان معنى النعم وأنّ الحمد منها

- ‌الجنة والعمل من فضل الله تعالى

- ‌الشقاء والسعادة بعدله ورحمته جلَّ وعلا

- ‌ما يجب عَلَى العبد معرفته

- ‌الاشتغال بالشكر أعظم النعم

- ‌العمل لا يوجب النجاة

- ‌الاعتراف بفضل الله عز وجل

- ‌ما عَلَى العبد للفوز والنجاة

- ‌بيان أَحَبِّ الأعمال إِلَى الله

- ‌معنى سدِّدوا وقاربوا

- ‌بيان ما تفوَّق به الصحابة

- ‌قاعدة جليلة

- ‌بيان جملة من التيسير في التشريع

- ‌معنى الغدوة والروحة وأوقاتها وفضائلها

- ‌معنى القصد في السير

- ‌سلوك صراط الله عز وجل

- ‌الأعمال بالخواتيم

- ‌فضل تقرب العبد إِلَى الله عز وجل

- ‌أنواع الوصول إِلَى الله تعالى

- ‌حال من التزم الإِسلام أو الإِيمان أو الإِحسان

- ‌فضل وَقْتَي الغَدّاة والعَشِي والمقصود بهما

- ‌حال من ركن إِلَى الآخرة ومن ركن إِلَى الدُّنْيَا

- ‌فصل في قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]

- ‌بيان ما يصير هباء منثورًا من الأعمال

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌النوع الرابع:

- ‌النوع الخامس

- ‌النوع السادس

- ‌النوع السابع

- ‌هم الدُّنْيَا وشقاء الآخرة

- ‌الحذر…الحذر

الفصل: ‌الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته

‌الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته

قَالَ الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 71 - 72].

روى إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قَالَ: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فَقَالَ لها: ما يبكيك؟

قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قَالَ: إني ذكرت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وقد علمت أني داخلها، فلا أدري، أناج منها أم لا؟ (1).

وروى ابن المبارك (2)، عن عباد المنقري، عن بكر المزني، قَالَ: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ذهب ابن روحة إِلَى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، وجاءتِ الخادمُ فبكتْ، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرته قَالَ: يا أهلاه، ما يبكيكم؟

قالوا: لا ندري، ولكنا رأيناك بكيت فبكينا، قَالَ: آية نزلت عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينبئني فيها ربي أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها [فذلك الَّذِي أبكاني](3).

وقال موسى بن عقبة، في "مغازيه": زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إِلَى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فَقَالَ: والله ما بكيت [جزعًا] من الموت ولا صبابة لكم، ولكني بكيت [جزعًا] (*) من قول الله عز وجل:

(1) أخرجه عبد الرازق في "تفسيره"(1779).

(2)

في "الزهد"(309).

(3)

زيادة من الزهد لابن المبارك.

(*) من المطبوع.

ص: 351

{وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فأيقنت أني واردها، ولا أدري أنجو منها أم لا؟ (1).

وقال حفص بن حميد، عن شمر بن عطية: كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا قرأ هذه الآية يبكي، ويقول: رب، ممن تنجي؟ أو ممن تذر فيها جثيًّا؟!.

وروى أبو إسحاق عن أبي ميسرة أنّه كان إذا أوى إِلَى فراشه، قَالَ: يا ليت أمي لم تلدني، فقالت له امرأته: يا أبا ميسرة، إن الله قد أحسن إليك هداك للإسلام، فَقَالَ: أجل، إن الله يبين لنا أنا واردو النار، ولم يبين لنا أنا صادرون منها.

وروينا من طريق سفيان بن حسين، عن الحسن، قَالَ: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا التقوا يقول الرجل منهم لصاحبه: هل أتاك أنك وارد النار، فيقول: نعم، فيقول: هل أتاك أنك خارج منها؟ فيقول: لا، فيقول: ففيم الضحك إذًا؟

وقال ابن عيينة عن رجل، عن الحسن: قَالَ رجل لأخيه، يا أخي، هل أتاك أنك وارد النار؟ قَالَ: نعم، قَالَ: هل أتاك أنك خارج منها؟ قَالَ، لا، قَالَ: ففيم الضحك إذًا؟ قَالَ: فما رؤي ضاحكًا حتى مات.

وقال الإمام أحمد: حدثثا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله عز وجل:{وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 17] قَالَ: قَالَ رجل لأخيه: قد جاءك عن الله أنك وارد في جهنم؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأيقنت بالورود؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأيقنت وصدقت بذلك؟ قَالَ: نعم، وكيف لا أصدق وقد قَالَ الله عز وجل:{وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا كانَ عَلَى رَبِّكَ حَتما مَّقْضِيًّا} [مريم: 71] قَالَ: فأيقنت أنك صادر عنها؟ قَالَ: والله ما أدري لأصدر عنها أم لا؟ قَالَ: ففيم التثاقل ففيم الضحك؟ ففيم اللعب؟

قَالَ أحمد: وحدثنا خلف بن الوليد، أنبأنا المبارك، قَالَ: سمعت الحسن

(1) أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 118) بنحوه.

ص: 352

يقول: لا والله، إن أصبح فيها مؤمن إلَاّ حزينًا، وكيف لا يحزن المؤمن، وقد جاءه عن الله، أنّه وارد جهنم، ولم يأته أنّه صادر عنها؟

قَالَ أحمد: وأنبأنا حسين بن محمد، حدثنا ابن عياش، عن عبد الله بن دينار، وإن لقمان، قَالَ لابنه: يا بني، كيف يأمن النار من هو واردها؟

وقد اختلف الصحابة ومن بعدهم في تفسير الورود، فقالت طائفة: الورود هو المرور عَلَى الصراط، وهذا قول ابن مسعود وجابر والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والكلبي وغيرهم.

وروى إسرائيل عن السدي، قَالَ: سألت مرة الهمداني، عن قول الله عز وجل:{وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا} فحدثني عن ابن مسعود أنّه حدثهم، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرد الناس النار، ثم يصدرون [منها] (*) بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كسير الرجل، ثم كمشيه" خرّجه الترمذي (1) وقال: حديث حسن.

وخرج الإمام أحمد (2) أوله، وخرّجه الحاكم (3) وقال: صحيح، ورواه شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله موقوفًا، ولم يرفعه شعبة، مع أنّه أقر بأن السدي حدثه به مرفوعًا. قَالَ الدارقطني: يحتمل أن يكون مرفوعًا.

قلت: ورواه أسباط، عن مرة الهمداني، عن عبد الله موقوفًا أيضاً، فَقَالَ: يرد الناس الصراط جميعًا، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: حتى إن آخرهم مرَّا، رجل نوره عَلَى إبهامي قدميه، يتكفأ به الصراط

(*) من سنن الترمذي.

(1)

برقم (3159) وقال أيضاً: ورواه شعبة عن السدي، فلم يرفعه.

(2)

(1/ 433) موقوفًا عن عبد الله بن مسعود، قَالَ عبد الله بن أحمد: قلت له: إسرائيل حدثه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نعم هو عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أو كلامًا هذا معناه.

وأخرجه أيضًا (1/ 435) موقوفًا.

(3)

في "المستدرك"(2/ 375).

ص: 353

والصراط دحض مزلة، عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار، يختطفون بها الناس وذكر بقية الحديث، خرّجه ابن أبي حاتم (1).

ورواه الحكم بن ظهير عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، فرفع آخر الحديث، ولفظ حديثه قَالَ عبد الله: الورود ليس بالدخول فيها، ولكنه حضورها والوقوف عليها، مثل الدابة ترد الماء ولا تدخله، ثم قَالَ عبد الله: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يضع الله الصراط عَلَى جهنم، فيجوز العباد عليه وذكر الحديث بطوله، وفي آخره: ولو قيل لأهل النار: إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدُّنْيَا سنة لرجوا، وقالوا: لا بد أنا مخرجون، ولو قيل لأهل الجنة: إنكم ماكثون في الجنة عدد كل حصاة في الدُّنْيَا سنة حزنوا، وقالوا: لا بد أنا مخرجون، ولكن الله جعل لهم الأبد، ولم يجعل لهم الأمد. والحكم بن ظهير ضعيف.

ولعل هذا الكلام في آخر الحديث موقوف عَلَى ابن مسعود، فإنه روى عنه موقوفًا، من وجه آخر بإسناد جيد.

قَالَ أبو الحسن بن البراء العبدي في كتاب "الروضة" له: حدثنا أحمد بن خالد هو الخلال، حدثنا عثمان بن عمر، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، قَالَ: لو أن أهل جهنم وعدوا يومًا من أبد أو عدد أيام الدُّنْيَا لفرحوا بذلك اليوم، لأنّ كل ما هو آت قريب.

وقد رُوي أول الحديث من طريق أبي إسحاق موقوفًا أيضاً لكن بمخالفة في الإسناد.

فروى عمرو بن طلحة القناد عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله {وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا}: قَالَ: الصراط عَلَى جهنم مثل حد السيف، فتمر الطائفة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود الإبل والبهائم، ثم يمرون والملائكة يَقُولُونَ: رب سلم سلم.

(1) انظر تفسير ابن كثير (3/ 133) فقد أورده عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود، وعزاه لابن أبي حاتم.

ص: 354

خرّجه الحاكم (1) وقال: صحيح عَلَى شرط الشيخين.

وكذا خرّجه آدم بن أبي إياس في "تفسيره" عن إسرائيل.

وخرج مسلم في صحيحه (2) من حديث روح بن عبادة، أنبأنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنّه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود، فَقَالَ: نحن (يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس)(*)، قَالَ فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك، فيقول: من تنتظرون؟ فنقول: ننتظر ربنا، فيقول: أنا ربكم، فيَقُولُونَ: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قَالَ: فينطلق بهم ويتبعونه، ويعطي كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورًا، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فينجو أول زمرة وجوههم كالقمر، وذكر بقية الحديث. كذا خرّجه مسلم عن عبيد الله بن سعيد -وهو الأشج- وإسحاق بن منصور، وكلاهما عن روح به.

وخرّجه الإمام أحمد (3)، عن روح به، وزاد فيه بعد قوله: فيتجلى لهم

(1) في "المستدرك"(2/ 375 - 376)، وأورد ابن كثير في "تفسير" (3/ 133) رواية الطبري من طريق النضر حدثنا إسرائيل به. وقال ابن كثير: ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وجابر موقوفًا، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

(2)

برقم (191).

(*) قَالَ النّووي عن هذه العبارة: هكذا وقع هذا اللفظ في جميع الأصول من صحيح مسلم، واتفق المتقدمون والمتأخرون عَلَى أنّه تصحيف وتغسر واختلاط في اللفظ. قَالَ الحافظ عبد الحق في كتابه "الجمع بين الصحيحين". هذا الَّذِي وقع في كتاب مسلم تخليط من أحد الناسخين أو كيف كان. وقال القاضي عياض: هذه صورة الحديث في جميع النسخ، وفيه تغيير كثير وتصحيف، قَالَ: وصوابه: "نجيء يوم القيامة عَلَى كوم

".

وانظر كلام ابن رجب في الصفحة القادمة.

(3)

(3/ 283).

ص: 355

يضحك قَالَ: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال "فينطلق بهم فيتبعونه"، وساق الحديث، فجعله من هذا الموضع مرفوعًا، وما قبله موقوفًا.

وقد روى محمد بن شرحبيل الصنعاني عن ابن جريح هذا الحديث، فرفع أوله أيضًا وهو ذكر التجلي والضحك.

ورواه عبد الرزاق، عن رباح بن زيد، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذكر التجلي. ورُوي عنه الحديث كله أيضاً بهذا الإسناد.

وهذا يدل عَلَى أن أول الحديث لم يكن عند ابن جريج عن أبي الزبير مرفوعًا، وإنما كان عنده كله مرفوعًا، [عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير.

وكذلك رواه أبو قرة، عن مالك، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذا كان يوم القيامة جمعت الأمم" فذكره كله مرفوعًا (*)] (1).

وكذا رواه ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قَالَ سمعت جابرًا يسأل عن الورود، فَقَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نحن يوم القيامة عَلَى كوم"(2) وذكر الحديث كله مرفوعًا، وفي حديثه زيادة بعد قوله: "ويعطى كل إنسان منهم منافق

(*) ما بين المعقوفتين من المطبوع.

(1)

أخرج أبو نعيم في "ذكر أخبار أصبهان"(1/ 91) من طريق ابن جريج، أنا زياد ابن سعد به. ولفظه: "إذا كان يوم القيامة جمعت الأمم ودُعي كل أناس بإمامهم، جئنا آخر الناس، فيقول قائل الناس: من هذه الأمة؟

الحديث".

(2)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(9075) من طرق عن ابن لهيعة به .. فذكره.

وقال ابن كثير في "تفسيره"(1/ 192): وروى الحافظ أبو بر بن مردويه وابن أبي حاتم من حديث عبد الواحد بن زياد، عن أبي مالك الأشجعي، عن المغيرة بن عتيبة بن نهاس، حدثني مكتب لنا، عن جابر بن عبد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أنا وأمتي يوم القيامة عَلَى كوم مشرفين عَلَى الخلائق ما من الناس أحد إلَاّ ود أنّه منا، وما من نبي كذبه قومه إلَاّ ونحن نشهد أنّه قد بلغ رسالة ربه عز وجل".

ص: 356

أو مؤمن نورًا أو يغشاه ظلمة".

وقوله في هذه الرواية: "نحن يوم القيامة عَلَى كوم" هذه الرواية الصحيحة.

وأما ما ورد في رواية روح، عن ابن جريج، عن كذا وكذا، فإن أصله تصحيف من الراوي للفظة "كوم" فكتب عليه كذا وكذا، لإشكال فهمه عليه، ثم كتب انظر، أي ذلك يأمر الناظر فيه بالتروي والفكر في صحة لفظه، فأدخل ذلك كله في الرواية قديمًا، ولم يقع ذلك من نسخ "صحيح مسلم" كما يظنه بعضهم فإن الحديث في مسند الإمام أحمد (1) وكتاب "السنة" لابنه عبد الله (2) كذلك.

وخرّجه الطبراني في كتاب "السنة"، من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنّه سمع جابرًا يسأل عن الورود، فَقَالَ: نحن يوم القيامة عَلَى كوم فوق الناس، فتدعى الأمم بأوثانها وذكر الحديث إِلَى قوله: فيتجلى لهم يضحك قَالَ: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حتى يبدو كذا وكذا، فينطلق بهم ويتبعونه" وذكر الحديث بتمامه. وفي سياقه أيضًا "وتغشى المنافقين ظلمة"، فظهر بهذه الرواية أن الشك والتصحيف إِنَّمَا جاء من جهة روح ابن عبادة ولعله وقع في كتابه كذلك، فحدث به كما في كتابه، والله أعلم.

لكن قد رواه محمد بن يحيى المازني عن ابن جريج، كما رواه عنه روح. خرّجه من طريقه الخلال.

ومما يستدل به عَلَى أن الورود ليس هو الدخول ما خرّجه مسلم (3)، من حديث أبي الزبير، عن جابر، قَالَ: أخبرتني أم مبشر، أنها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة:"لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها" قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَاّ

(1)(3/ 345).

(2)

برقم (457).

(3)

برقم (2496).

ص: 357

وَارِدُهَا} [مريم: 71] فَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: قد قَالَ الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72].

ورواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر بنحوه (1). وفي بعض روايات الأعمش: فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يردونها، ثم يصدرون عنها بالأعمال".

وقالت طائفة: الورود هو الدخول، وهذا هو المعروف عن ابن عباس (2): رُوي عنه من غير وجه، وكان يستدل لذلك بقوله تعالى في فرعون:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: 98].

وبقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86].

وكذلك قوله تعالى: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99].

وقد سبق عن عبد الله بن رواحة نحو هذا، إلَاّ أن الروايات عنه منقطعة.

وروى مسلم الأعور عن مجاهد "وإن منكم إلَاّ واردها" قَالَ: داخلها.

وسئل كعب عن الورود المذكور فى الآية، فَقَالَ: تمسك النار عن الناس، كأنها متن إهالة، حتى تسوى عليها أقدام الخلق كلهم برهم وفاجرهم، ثم يقول لها الرب عز وجل: خذي أصحابك ودعي أصحابي، فتخسف بكل ولي لها، وينجي الله المؤمنين ندية ثيابهم. قَالَ كعب: ألم تر إِلَى القدر الكثيرة الودك إذا بردت استوت بيضاء كالشحم؟

فإذا أوقدن النار تحتها انخسف الودك في القدر من هاهنا وهاهنا (3).

(1) أخرجه أحمد (6/ 362) من هذا الطريق قالت أم مبشر -امرأة زيد بن حارثة- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فَقَالَ: "لا يدخل النار أحد شهد بدر أو الحديبية". قالت حفصة: أليس الله عز رجل يقول: {وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] قالت: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمه، ثم ننجي الذين اتقوا".

(2)

أخرجه الطبري (16/ 110) من طريق مجاهد عنه.

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفة"(7/ 55) برقم (34172)، وأبو نعيم في "الحلية"(5/ 368)، والبيهقي في "الشعب"(372) مع اختلاف في بعض الألفاظ.

ص: 358

وفي رواية عنه قَالَ: فهي أعرف بهم من الوالد بولده.

وقال ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان: إذا دخل أهل الجنة الجنة، قالوا: ألم يعدنا ربنا أنا نرد النار؟

قالوا: بلى، ولكن مررتم عليها وهي خامدة.

وفي رواية عنه قَالَ: إذا جاز المؤمنون الصراط نادى بعضهم بعضًا: ألم يعدنا ربنا أن نمر عَلَى جسر جهنم؟.

قَالَ: فيقول: بلى ولكن مررتم عليها وهي خامدة.

وقال مسكين: سمعت أشعث الحداني يقول: بلغني أن أهل الإيمان إذا مروا بصراط جهنم، قَالَ: تقول لهم جهنم: جوزوا عني، قد بردتم وهجي، ذروني وأهلي. ولكن هذا والذي قبله قد يدلان عَلَى أن الورود هو المرور عَلَى الصراط كالقول الأول.

وروى كثير بن زياد البرساني، عن أبي سمية، قَالَ: اختلفنا في الورود، فَقَالَ بعضنا: لا يدخلها مؤمن. وقال بعضهم: يدخلونها جميعًا، وينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله، فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فَقَالَ [بعضنا] (1) يردونها جميعًا. وقال سليم بن مرة: يدخلونها، وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبقى بر ولا فاجر إلَاّ دخلها، فتكون عَلَى المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت عَلَى إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجًا من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًّا خرّجه الإمام أحمد (2)، وأبو سمية لا ندري من هو.

وفي الصحيحين (3)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

(1) من المسند.

(2)

(3/ 328) قَالَ: ثنا سليمان بن حرب، ثنا غالب بن سليمان أبو صالح، عن كثير بن زياد البرساني به

الحديث.

(3)

أخرجه البخاري (1251) ومسلم (2632).

ص: 359

"لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فتمسه النار، إلَاّ تحلة القسم".

وقد فسر عبد الرزاق وغيره تحلة القسم بالورورد لقوله: {وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} . وظاهر هذا يقتضي أن الورود هو مس النار.

وفي رواية: "فيلج النار إلَاّ تحلة القسم"(1) فجعله مستثنى من ولوجها.

وروى عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات له ثلاثة أولاد، لم يبلغوا الحنث، لم يرد النار إلَاّ عابر سبيل"(2).

وخرج الإمام أحمد (3)، من حديث ابن لهيعة ورشدين بن سعد، كلاهما عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"من حرس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعًا، لا يأخذه سلطان، لم يرد النار إلَاّ تحلة القسم"، فإن الله يقول:{وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} إسناده ضعيف.

وخرج الطبراني (4)، من حديث الواقدي، حدثنا شعيب بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أبي بكر الصديق، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّمَا حر جهنم عَلَى أمتي كحر الحمام". الواقدي متروك.

وروى منصور بن عمار، عن بشير بن طلحة، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن منية، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:"تقول جهنم للمؤمن: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي"(5) غريب وفيه نكارة.

(1) أخرجه مسلم (2632).

(2)

ذكره الهيثمي في المجمع (3/ 6 - 7) وقال: ورجاله موثقون خلا شيخ الطبراني أحمد بن مسعود المقدسي، ولم أجد من ترجمه.

(3)

(3/ 437) قَالَ الهيثمي في المجمع (5/ 287 - 288): رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني، وفي أحد إسنادي أحمد ابن لهيعة، وهو أحسن حالاً من رشدين.

(4)

في "الأوسط" برقم (6603). وقال الهيثمي في المجمع (10/ 360): وفيه محمد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف جدًّا.

(5)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(22/ 668)، والبيهفي في "الشعب"(375) =

ص: 360

وقد فسر بعضهم الورود بالحمى في الدُّنْيَا، روى مجاهد وعثمان بن الأسود، وفيه حديث مرفوع: الحمى حظ المؤمن من النار. وإسناده ضعيف.

وقالت طائفة: الورود: ليس عامًا، وإنما هو خاص بالمحضرين حوله جهنم، المذكورين في قوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} إِلَى قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 68: 71]: كأنه يقال لهؤلاء الموصوفين: وإن منكم إلَاّ واردها.

رُوي هذا التأويل عن زيد بن أسلم، وهو بعيد جدًّا.

وعن عكرمة، أنّه كان يقرأ:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ويقول: الضمير يعود إِلَى الظلمة، كذلك كنا نقرؤها.

ورُوي هذا القول، من ابن عباس من وجه منقطع. والصحيح عنه ما سبق.

=وقال: تفرد به سليم بن منصور، وهو منكر.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(9/ 329) من طريق محمد بن جعفر -صاحب منصور بن عمار- ثنا بشير بن طلحة به. وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عَلَى بن سعيد الرازى، ثنا سليم بن منصور بن عمار، ثنا أبي مثله.

وأخرجه الخطيب في "تاريخه"(5/ 193) وقال: هكذا قَالَ -أي أبو السري- عن منصور بن عمار عن خالد بن دريك. وروى هذا الحديث سليم بن منصور بن عمار، عن أبيه، واختلف عليه، فَقَالَ إسحاق بن الحسن الحربي، عن سليم عن أبيه، عن بشير بن طلحة، عن خالد بن دريك، عن يعلى، ورواه أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي، عن سليم، عن أبيه، عن هقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن خالد بن الدريك، عن بشير بن طلحة، عن يعلي بن منية، والله أعلم.

وأخرجه الخطيب أيضاً (9/ 232) وذكر خلافًا أيضًا.

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 360): رواه الطبراني وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف.

وقال العجلوني في "كشف الخفاء"(1/ 373 - 374). رواه الطبراني في "الكبير" عن يعلي بن منية رفعه، وفي سنده منصور بن عمار الواعظ ليس بالقوي، ورواه ابن عدي عن يعلى، وقال: منكر.

ص: 361