الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم. . . حفظك الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتابكم الكريم المؤرخ. . . وصل، سرنا صحتك، وصحة الوالد، والأخوان، والأهل، الحمد لله على ذلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم من نعمه، ويرزقنا شكرها.هذا قد قرأت الشيخ. . . . التي أرفقتموها بكتابكم، وهي بعنوان رسالة أحكام قصر الصلاة في السفر) وهي في الحقيقة تعليق على الفتوى الصادرة مني في 23/5/1398هـ ،ولكن هذا التعليق لم يتضمن التعليق على كل ما فيها من التدليل والتعليل ،كما هو واضح لمن قارن بينها وبين الفتوى، وعلى كل فما منا إلا راد ومردود عليه ،والإنسان لا يكلف فوق طاقته التي فهم بها نصوص الشريعة، والشيخ لا يلام لا أحب من أهل العلم أن يجهد كل واحد نفسه في الرد على الآخر في المسائل الاجتهادية التي تتجاذبها الأدلة؛ لأن قول كل واحد ليس حجة على الآخر، وفهمه للنصوص ودلالاتها، وعلمه بمصادرها ومواردها لا يلزم أن يكون مساوياً للثاني، ثم إن الإنسان قد ينفر من قول سمعه لغرابته عنده،
ثم يأخذ يفكر فيه ويردده حتى يتبين له وجهه، فتطمئن نفسه إليه ويقلبه، وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه راجع أبا بكر رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة، احتج بقول النبي صلي الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله) . فقال أبو بكر (والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله (وفي رواية عقالاً) رواه قتيبة بن سعيد عن الليث قال البخاري، قال ابن بكير، وعبد الله عن الليث: عناقاً وهو أصح لقاتلتهم على منعها) . قال عمر (فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه للحق)(1) وأفيدكم بأنني لن أرد على رسالة الشيخ. . . حول الفتوى وذلك للأسباب التالية:
1-
أنني لا أحب أن يجهد الإنسان نفسه في الأخذ والرد بين إخوانه من أهل العلم في المسائل الاجتهادية التي تتجاذبها الأدلة لما في ذلك من ضياع الوقت، وفتح باب الجدل والانتصار للرأي، وإنما على المرء أن ينظر في كلام من رد عليه فإن تبين أن الصواب معه وجب عليه أن يحمد الله تعالى حيث هيأ له من يبين له الصواب ويفتح له باب الحق، ووجب عليه أن يرجع إلى الصواب، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
2-
أن الشيخ. . . . لم يعلق على جميع ما فيها من دليل وتعليل حتى يتبين لي صواب رده أو خطؤه.
3-
أن الإنسان يدين الله تعالى فيما يقول ويفتي به منطوقاً أو مكتوباً، فإذا قال أو أفتى بما يرى أنه الحق فليس عليه أن يقبل أو يرد، وربما يرى أن من نعمة الله تعالى عليه - إذا كان مخطئاً - أن ييسر له من يرد عليه حتى لا يرتكب الناس خطأه.
وأنا كلما تأملت هذه المسألة أعني مسألة انقطاع حكم السفر بتعيين مدة الإقامة لم يتبين لي فيها تفريق بين مدة ومدة، ولم أجد في النصوص ما تطمئن إليه نفسي من التفريق، فإن المقيم في بلد ما للدراسة مدة معينة كالمقيم فيها للعلاج هذه المدة إذ كل منهما ينتظر متى تنتهي مهمته، وكل منهما لو حصل أن يحجز على أول رحلة بعد انتهاء مهمته لفعل، وكل منهما لم يلق عصا التسيار بل عصاه على عاتقه ينتظر متى ينتهي فيغادر، فلا والله أجد فرقاً، وأسأل الله تعالى فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، والحاكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون أن يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
هذا ملزم، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر في 7/7/1399هـ.