الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة
من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم. . . . حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتابكم إلينا من الولايات المتحدة غير المؤرخ وصل إلينا قبل أيام وفيه تطلبون الإجابة على الأسئلة الواردة فيه، فهذه هي الإجابة مرتبة حسب الأسئلة (1) نرجو الله تعالى التوفيق فيها للصواب.
جـ1:الطلبة المسافرون إلى أمريكا أو غيرها ليسوا ينوون الإقامة حتى ينتهي دراستهم فمتى انتهت رجعوا إلى بلادهم سواء طالت مدة دراستهم أم قصرت.
وقد اختلف فلا يترخصون برخص السفر من القصر، والجمع، والفطر في رمضان، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها بدلاً من يوم وليلة، أو أن حكم السفر باق في حقهم؛ لأن حد السفر ينطبق عليهم فهم غرباء في غير بلادهم، ويعتبرون أنفسهم مسافرين ما أقاموا في تلك البلاد إلا للحاجة، وعلى هذا فيترخصون برخص السفر من القصر والجمع، والفطر في رمضان، ومسح الخفين ثلاثة أيام؟
والقول الراجح عندي: أن السفر لا ينقطع حكمه في حقهم وأنهم يترخصون برخصة وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ،
وتلميذه ابن القيم، والشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرر ص 375/4،وشيخنا عبد الرحمن الناصر السعدي، والشيخ محمد رشيد رضا وذلك لأن النبي صلي الله عليه وسلم أقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة (2) ،وأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة (3) وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام أربعة قبل الخروج إلى منى، وستة بعد ذلك كما في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال (خرجنا مع النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، فسئل أقمتم بمكة شيئاً؟ قال: أقمنا بها عشراً)(4)
ولما كانت هذه الإقامات مختلفة المدد، ولم يختلف حكمها ولم ينقطع حكم السفر بها دل على أنه لا ينقطع حكم السفر بمدة وإن طالت ما دامت إقامة المسافر لحاجة، ولو كان لانقطاع حكم السفر مدة معينة لبينها الله ورسوله؛ لأن الله تعالى يعلم أن المسافرين تتفاوت مدد إقامتهم في البلاد التي سافروا إليها، والنبي صلي الله عليه وسلم يعلم ذلك وأيضاً وقد قدم عام حجة الوداع في اليوم الرابع من ذي الحجة فبقي يقصر الصلاة (5) وقد كان يعلم أن من الحجاج من يقدم قبل ذلك إما السنة، أو قبلها، أو بعدها، ولم يقل ((من قدم قبل اليوم الرابع فقد انقطع حكم سفره فليتم الصلاة) ولو كانت
شريعة الله تعالى أن المسافر إذا أقام أكثر من أربعة أيام انقطع حكم سفره ولزمه إتمام الصلاة وغيره من أحكام الإقامة لوجب على النبي صلي الله عليه وسلم أن يبلغه لأمته فلما لم يقع ذلك علم أنه ليس من الشريعة.
وأن من قدم بلداً لحاجه دينية، أو دنيوية ومن نيته أن يرجع إلى بلده بعد انقضائها فهو مسافر بدون تحديد مدة قال شيخ الإسلام ابن تيميه في رسالته (أحكام السفر والإقامة) ص 82صلي الله عليه وسلم (فمن جعل للمقام حداً من الأيام فقد قال قولاً لا دليل عليه من جهة الشرع، وهي تقديرات متقابلة تتضمن تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام مسافر، ومقيم، ومستوطن، ومقيم غير مستوطن ،وتقسيم المقيم إلى مستوطن وغيره لا دليل عليه من جهة الشرع) .قال (والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها ليس أمراً معلوماً بشرع، ولا لغة، ولا عرف) قال (والقول بأن من قدم المصر فقد خرج عن حد السفر ممنوع، بل مخالف للنص والإجماع والعرف) . ا. هـ.
إذا تبين ذلك فإن المقيمين للدراسة أو للعلاج ونحوه في أمريكا وغيرها من المسافرين يجوز لهم قصر الصلاة الرباعية إلى الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، لكن الأفضل عدم الجمع إلا من حاجة، ويجوز لهم الفطر في رمضان لكن الصوم أفضل ، ومع المشقة يؤخرونه إلى أيام الشتاء، ولا أرى أن يؤخروا صوم سنة إلى أخرى لئلا تتراكم عليهم الشهور فتثقل عليهم فيعجزوا عنها.
حرر في 10/1/1403 هـ
***