الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من مات وهو يدعو من دون الله ندا
؛ دخل النار» . رواه البخاري
ــ
الأحسن أن أكمل الثلاث في الوجه أفضل، فغسل وجهه مرتين، وهو سيرتب أي سيغسل وجهه ثم يديه؛ فوضؤه صحيح.
ولو ترك التسبيح ثلاث مرات في الركوع، وبعدما سجد قال: فوت على نفسي فضيلة، سأرجع لأجل أن أسبح ثلاث مرات؛ فتبطل صلاته؛ فالمهم أن هناك فرقا بين الوضوء والصلاة، ومن أجل هذا الفرق لا أبت فيها الآن حتى أراجع وأتأمل إن شاء الله تعالى.
قوله: (من) . هذه شرطية تفيد العموم للذكر والأنثى.
قوله: ( «يدعو من الله ندا» أي: يتخذ لله ندا سواء دعاه دعاء عبادة أم دعاء مسألة؛ لأن الدعاء ينقسم إلى قسمين:
الأول: دعاء عبادة، مثاله: الصوم، والصلاة، وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان أو صام؛ فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، وهذا في أصل الصلاة، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال.
ويدل لهذا القسم قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60] ؛ فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم كله
شرك، فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله؛ فقد كفر كفرًا مخرجًا له عن الملة، فلو ركع الإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود؛ لكان مشركًا، ولهذا «منع النبي صلى الله عليه وسلم من الانحناء عند الملاقاة لما سئل عن الرجل يلقى أخاه أن ينحني له؟ قال:(لا) » (1) .
خلافًا لما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك؛ فيجب على كل مؤمن بالله أن ينكره؛ لأنه عظمك على حساب دينه.
الثاني: دعاء المسألة؛ فهذا ليس كله شركًا، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادرًا على ذلك؛ فليس بشرك؛ كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: «من دعاكم فاجيبوه» (2) وقال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8.] .
فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني؛ أي: أعطني؛ فليس بشرك، كما قال تعالى:{فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، وأما إن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله؛ فإن دعوته شرك مخرج عن الملة.
مثال ذلك: أن تدعو إنسانًا أن ينزل الغيث معتقدًا أنه قادر على ذلك.
والمراد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو لله ندا» المراد الند في العبادة، أما الند في المسألة؛ ففيه التفصيل السابق.
ومع الأسف؛ ففي بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلانًا المقبور الذي
(1) مسند الإمام أحمد (3/198)، والترمذي: كتاب الاستئذان/ باب ما جاء في المصافحة، وقال:(حديث حسن)، وابن ماجة: كتاب الأدب/ باب في المصافحة.
(2)
مسند الإمام أحمد (2/68) ، وأبو داود (3/17) ، والنسائي (5/28) ، والحاكم
بقي جثة أو أكلته الأرض ينفع أو يضر، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد لها، وهذا -والعياذ بالله- شرك أكبر مخرج من الملة، وإقرار هذا أشد من إقرار شرب الخمر والزنا واللواط؛ لأنه إقرار على كفر، وليس إقرارًا على فسوق فقط.
قوله: (دخل النار) . أي: خالدًا، مع أن اللفظ لا يدل عليه؛ لأن دخل فعل، والفعل يدل على الإطلاق.
وأيضًا قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72.] ، وإذا حرمت الجنة؛ لزم أن يكون خالدًا في النار أبدًا، فيجب أن نخاف من الشرك ما دامت هذه عقوبته؛ فالمشرك خسر الآخرة؛ لأنه في النار خالد، وخسر الدنيا أيضًا؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وقامت عليه الحجة، وجاءه النذير، ولكنه خسر -والعياذ بالله-، ما استفاد شيئًا من الدنيا، قال تعالى:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37.]، وقال الله عز وجل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج:11-13.]، وقال تعالى:{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 15] .
فخسر نفسه؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وخسر أهله؛ لأنهم إن كانوا من المؤمنين فهم في الجنة، فلا يتمتع بهم في الآخرة، وإن كانوا في النار فكذلك؛ لأنه كلما دخلت أمة لعنت أختها، والشرك خفي جدًّا؛ فقد يكون في الإنسان وهو لا يشعر إلا بعد المحاسبة الدقيقة؛ ولهذا قال بعض السلف: (ما جاهدت