الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] .
ــ
الآية الثالثة قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي} ، " من ": اسم استفهام بمعنى النفي؛ أي: لا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه.
" ذا ": هل تجعل ذا اسما موصولا كما قال ابن مالك في "الألفية"، أو لا تصح أن تكون اسما موصولا هنا لوجود الاسم الموصول " الذي "؟
الثاني هو الأقرب، وإن كان بعض المعربين قال: يجوز أن تكون " الذي " توكيدا لها.
والصحيح أن " ذا " هنا إما مركبة مع " من "، أو زائدة للتوكيد، وأيا كان الإعراب؛ فالمعنى: أنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذن الله.
وسبق أن النفي إذا جاء في سياق الاستفهام؛ فإنه يكون مضمنا معنى التحدي، أي إذا كان أحد يشفع بغير إذن الله فأت به.
قوله: " عنده "، ظرف مكان، وهو سبحانه في العلو؛ فلا يشفع أحد عنده ولو كان مقربا؛ كالملائكة المقربين؛ إلا بإذنه الكوني، والإذن لا يكون إلا بعد الرضا.
وأفادت الآية: أنه يشترط للشفاعة، إذن الله فيها لكمال سلطانه جل وعلا، فإنه كلما كمل سلطان الملك؛ فإنه لا أحد يتكلم عنده ولو كان بخير إلا بعد إذنه، ولذلك يعتبر اللغط في مجلس الكبير إهانة له ودليلا على أنه ليس كبيرا في نفوس من عنده، كان الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم كأنما على رءوسهم الطير من الوقار وعدم الكلام إلا إذا فتح الكلام؛ فإنهم يتكلمون.
وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26] .
ــ
الآية الرابعة قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} .
" كم " خبرية للتكثير، والمعنى: ما أكثر الملائكة الذين في السماء، ومع ذلك لا تغني شفاعتهم شيئا إلا بعد إذن الله ورضاه.
قوله: {إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ، فللشفاعة شرطان، هما:
1 -
الإذن من الله؛ لقوله: {أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ} .
2 -
رضاه عن الشافع والمشفوع له؛ لقوله: " ويرضى "، وكما قال تعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] ؛ فلا بد من إذنه تعالى ورضاه عن الشافع والمشفوع له؛ إلا في التخفيف عن أبي طالب، وقد سبق ذلك.
وهذه الآية في سياق بيان بطلان ألوهية اللات والعزى، قال تعالى بعد ذكر المعراج وما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم فيه:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ؛ أي: العلامات الدالة عليه عز وجل؛ فكيف به سبحانه؟ فهو أكبر وأعظم.
ثم قال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19-20] ، وهذا استفهام للتحقير؛ فبعد أن ذكر الله هذه العظمة، قال أخبروني عن هذه اللات والعزى ما عظمتها؟ وهذه غاية في التحقير، ثم قال:{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ}